ومنها ما ذكره شيخنا رضي الله عنه أنه قال : من مكفرات الذنوب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ثمانين مرة بصلاة الفاتح لما أغلق إلخ لمن یحفظها ، وبغيرها لمن لم یحفظها . فإنها تكفر ذنوب مائتي سنة بالتثنية متقدمة ومائتي سنة كذلك متأخرة ، وما دمتم تقدرون على صلاة الفاتح لما أغلق فلا تؤثرون عليها شيئا في تكفير الذنوب ولو مرة واحدة فتستغرق ذنوب العبد في جميع عمره وتزید عليه أضعافا مضاعفة ، ولوأتى بجميع ذنوب العباد استغرقتها مرة واحدة من صلاة الفاتح لما أغلق ، ذلك فضل الله یؤتيه من یشاء . فإذا كانت هذه الخصال العظيمة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فالواجب على العبد أن یعكف على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ویجعلها هجيراه كناء الليل وأطراف النهار ، ویجعلها محبة فيه ولا یقصد بها سوى محبته صلى الله عليه وسلم وإجلالا وتعظيما وتوقيرا، وقدره أهل لذلك صلى الله عليه وسلم . قال بعضهم لا یتوهم المصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاتنا عليه شفاعة منا له عند الله تعالى في زیادة رفعته وبلوغ أمنيته ، فإن مثلنا لا یشفع له لعظيم القدر عند ربه ، ولكن الله سبحانه أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا وأنعم علينا ، ولما أحسن إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحسانا لم یحسن أحد إلينا مثله، ولا أكرمنا مخلوق مثل إكرامه ، وكنا عاجزین عن مكافأة سيد المرسلين وحبيب رب العالمين ، أمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نرغب إليه أن یصلي هوعليه لتكون صلاة مولانا عليه مكافأة له منه سبحانه لإحسانه إلينا وإفضا له علينا ، إذ لا إحسان أفضل من إحسانه إلا إحسان خالقه المنعم ببعثته رحمة إلى خلقه صلى الله عليه وسلم . قال ابن عطاء الله في كتابه تاج العروس : ومن قارب فراغ عمره ویرید أن یستدرك ما فاته فليذكر بالأذكار الجامعة ، فإنه إذا فعل ذلك صار العمر القصير طویلا . قال : ومن فاته كثرة القيام والصيام فليشغل نفسه بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنك لوفعلت في عمرك كل طاعة ثم صلى الله عليك صلاة واحدة رجحت تلك الصلاة الواحدة بكل ما عملت في عمرك اله من جميع الطاعات، لأنك تصلي على قد ر وسعك، وهوسبحانه یصلي على حسب ربوبيته ، هذا إذا كانت صلاة واحدة فكيف إذا صلى عليك عشرا بكل صلاة كما في الحدیث . فما أحسن العيش إذا أطعت الله فيه بذكر الله أوصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم انبسط جاهه صلى الله عليه وسلم حتى بلغ المصلي عليه لهذ ا القدر العظيم ،وإلا فمتى كان یصلي الله عليك ؟ وفي بغية السالك للساحلي : إن من أعظم الثمرات وأجل الفوائد المكتسبات بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم انطباع صورته الكریمة في النفس انطباعا ثابتا متصلا متأصلا ، وذلك بالمداومة على الصلاة عليه بإخلاص القصد وتحصيل الشروط والآداب، وتدبر المعاني حتى یتمكن فيه من الباطن تمكنا صادقا خالصا، یصل بين نفس الذاكر ونفس النبي صلى الله عليه وسلم، ویؤلف بينهما في محل القرب والصفا تأليفا بحسب تمكن النفس ، فالمرء مع من أحب . والحب یوجب الإتباع للمحبوب والإتباع یؤذن بالوصال .
المفضلات