السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم

الكتاب الاول

* * * * * * *




الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا اله إلا الله المتعالي عن جميع العبارات والإشارات الذي

منه بدء الوجود واليه أمره يعود واشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله المعظم ونبيه المكرم وحبيبه

الأفخم وصراطه الأقوم وخليفته الأعظم في خلقه منتهي الأسماء والصفات , مهبط الأنوار الإلهية


الحاوي لأسرار الملكوت , و حقائق اللاهوت , و منبع رقائق الناسوت , و مظهر الكمال ومقتضي

الجمال والجلال  وعلي آله وأصحابه القائمين عنه في أحواله النائبين له في أفعاله وأقواله في كل

زمان .
اسأل الله  من كريم فضله وإحسانه أن يعصمنا و إياكم من الحيرة وأن يقدر لنا من جميل

عونه دليلا هاديا الي طاعته , ومن محض جوده وكرمه نسأله أن لا يكلنا الي أنفسنا طرفة عين أو

اقل من ذلك ولا الي ضعف عزائمنا وخور قوانا وضعف بنيتنا وتحير أرائنا وسوء اختيارنا وقلة


تميزنا وفساد أهوائنا وأن لا يحملنا ما لا طاقة لنا به . آمين .


وبعد ،،،
إن المعرفة الإلهية وطريقها اجل من أن تعرف دون معاناة لدقة معانيها وجلالتها و بعد مضي

شهور من سلوكنا الطريق التجانية استبان لنا ما في كثير من العلائق ، وبان منها ما كان غير

لائق وما كان ظننا فيه خاليا من حظوظ نفوس ، وإنها لله بمراد وصله موصولة ، وعلي أواصر

حبه مجدوله ، ولما دعي الداعي ونادي المنادي هلم يا عبادي هنا الوصل داني في الطريق التجاني

، وتحركت كوامن الشوق إليه واستجابة الأرواح إليه ، بعد أن استوفي الطريق بما عليه فسلكت

الطريق إليه ، فما دقائق بل ثواني وبدون تواني أشرقت الأنوار ، وبانت كثير من الأسرار بعد أن

كانت مغلفه بالأستار, لان معارف التحقيق المنوطة بالإلهام والتوفيق حرما آمنا ، يتخطف الناس

من حوله بالموانع والتعويق , قفاره محفوفة بالغلطات والتزليق , وبحاره مشوبة بالهلكات

والتغريق , وصراطه أدق من الشعر الدقيق وأقطع من الحسام الرقيق لا يكاد المسافر أن يهتدي فيه الي سواء الطريق إلا إذا كان بصحبة العارف الرفيق الشفيق.

و أصبح واضحا لنا في هذا الزمان أن طلب المريدين للأولياء المرشدين وأخذ طرقهم لنيل متاع

الدنيا فقط وتسهيل أمورها بل صار مقياس السير إلى الله  في الغالب الأعم إن المريد الموفق هو

الذي يكون كثير المال صاحب الاستثمارات قليل الابتلاء والسالم من آفات الدنيا كالفقر و الأمراض

وغيرها بخلاف ما كان عليه أهل هذا الشأن من الصوفية . وفي هذا السياق أأكد أنني اجتهدت أن لا


أورد قولا في هذا الكتاب إلا ما شاهدته وأدركته بنفسي أو حدثني به ثقات أهل زماني من إخوان



الصدق الذين شهدوا علي فساد العصر وتعزر السير الي الله  في كثير من الطرق مستدلا في

ذلك بما جري لي ولبعض الإخوان علي سبيل الحقيقة لا متفننا في ذلك ولا مزايدا بل موردا لما

يحضرني فيما جري وحسب وقوعه وحيث انتهي حفظي وقد اسمي من لا ضرر في تسميته حتى

لا يلحقنا والمسمي أذي من ذلك وقدوتي في ذلك أهل العرفان  أجمعين , خاصة قدوتنا وملاذنا


سلطان العارفين شيخنا أحمد بن محمد التجاني الشريفي الحسني المغربي الفاسي قدس اللهم سره

ونور ضريحه وجعل البركة في ذريته وخلفائه وأتباعه آمين . و مرادي من كل ما أورده الحض علي طاعة الله  .
وفي هذا المقام لا بد لي من ذكر من غمرونا بنوالهم وكرمهم من العلوم و الفهوم

والفيوضات والتحققات واخص القطب الكامل ملقن الورد التجاني سيدي الشيخ عبد المجيد موسي

حسين التجاني  والمقدم البركة الهمام ملقن الورد التجاني سيدي الطيب حماد محمد علي حسين

حفيد الشريف حمد أبو دنانه وصاحب الأنوار الظاهرة والأسرار الباهرة سيدي الشريف الفاتح

بن الشريف يوسف التجاني  الدال علي الله بأقواله وأفعاله وأحواله , رزقنا الله والإخوان معه

حسن الصحبة وكمال الأدب والذي سأل الله  بحضرتي أن لا يوصل الي بابه إلا من كان صادقا

في أحواله وطالبا الله  في كل مقاصده وهذا ما يفسر عندي حرمان كثير من الذين صحبوه في

فترات ماضية داخل السودان وخارجه بالرغم من شهادة كل من عاصره بأنه آية من آيات الله 

في العلم والمعرفة والرسوخ والتمكين والورع والتقوى والولاية التى لم يشاركه بكمال الظهور

الذى ظهر به أحد من معاصريه فيما شاهده الأصحاب وشاهدته بنفسي طول حياتي معه .

وقد سئل الشيخ محمد الصابونابي  منذ أكثر من ثلاثين عاما ومن قبل أن يغلق باب إعطاء

الطريق وتسليك المريد الي الحضرة الإلهية عن الحلال من الرزق فأجاب  : اليوم صار الحرام

دواء ( وعند ما تعجب الحضور من ذلك ) أردف قائلا الأمر تعدي الحرام الي السحت ..وقد كانت

الزراعة حلالا ( وكان وقتئذ إدخال الزراعة الآلية في المنطقة ) عندما كان المزارع يزرع ويحصد

بيده فكان ينظف العيش ويبيعه أما اليوم الدقاقة (( آلة تحصد الذرة السودانية )) تحصد العيش


ويلمم بترابه وبعض أجزائه من قصب وخلافه ويباع علي انه عيش . وأما سبب فساد العصر

وانحلال القيم الاخلاقيه والاجتماعية والبعد عن الله وأكثر من ذلك والعياذ بالله كما بينه لنا

مولانا الشريف الفاتح  هو المطعم الحرام والغيبة .

فانظر أخي إلي ورع هؤلاء الأكابر وتحققهم بالتقوى فكيف الأمر اليوم مع وجود أموال


البنوك الربويه في كل مجالات الحياة بل كيف يكون هناك سير الي الله  مع علمنا التام أن جميع

الطرق الصوفية الموصلة الي المعرفة الإلهية من أهم شروط التسليك فيها أكل الحلال وتقوي الله
وهذا بعد توفر أركان الطريق الصوفي الثلاثـــة وهي :

الأول : وجود الشيخ المرشد الكامل الحي صاحب الإذن الإلهي وهو الذي يوصل المريد الي المعرفة الإلهية .
الثاني : وجود تسليك المريد وهو سيره الي الله  .


الثالث : انقياد المريد بالتسليم و إلتزام شروط الطريق.