فبينما أنا كذلك وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم تسليما ً يهنيني ويقول هنيئاً لك يا عابد السلام كل ذلك (بمد العين) فقلت لماذا يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: بهذا العلم الذي فوق رأسك. فرفعت رأسي ونظرت فإذا أنا بعلم كبير على رأسي وتحته خلق كثير منهم من أعرفه ومنهم من لا أعرفه مكتوباً عليه بالنور نصر من الله وفتح قريب لعابد السلام بن سليم ومن معه من المريدين والفقراء الصادقين.
فلما انتشر العلم فوق رأسي رأيت تحته من الخلائق ما لا يحصى عددهم وهم يمشون حتى دخلنا الجنة ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
إخواني: ومما أنعم الله له على كنت من صغري مستغرق الأوقات في تعلمي علم الظاهر حتى حصلت منه ما يسره الله سبحانه وتعالى، وحصل لي به في بلادي وغيرها صيت عظيم وجاه في الخلق ثم إن الله تعالى أخذني إليه وغسل من قلبي الأدران ولم تقف همتي على شئ دونه وحسبني فيه ورفع همتي إليه وشغلني به عن ما سواه، واستوى عندي منه العز والذل والفقر والغنى وغير ذلك من الأضداد فكل ما يفعله في استحليه وأتلذذ به وهكذا كله على سبيل الاضطرار لا على سبيل الاختيار.
ثم كنس وجودي وأفناني عن شهودي بغيتي في مشهودي تارة بكشف صفاته وتارة بمشاهدة عظيم ذاته واستوى على باطني أمر الحق تعالى وتقدس حتى لم يبق هاجس ولا وسواس وكادت تستوي على الغيبة على الإحساس ثم ردني للوجود وأبقاني به لبعض مصالح عباده فأنا مع الخلق بالحق نشاهد الجميع في بساط الفراق.
ومما أنعم الله به علي مواظبتي والوظيفة الزروقية بعد صلاة الصبح وبعد العصر. ومما أنعم الله به على مواظبتي لقراءة سورة الملك بعد الدعاء النبوي. ومما أنعم الله به علي بعد الوظيفتين المذكورتين مواظبتي على أحزابي الأربعة وأحزاب الشيخ الشاذلي الأربعة وهي الكبير وحزب البحر وحزب الفتح وحزب النصر.
ومما أنعم الله به علي أحفظ من أحزاب الشاذلي أربعين حزباً ونقرؤها كراً في ليلة الجمعة في السحر قبل صلاة الفجر بعد ختم القرآن والصلاة على النبي المطلوبة عشراً وهي:
اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وأزواجه وذريته بحر أنوارك ومعدن أسرارك ولسان حجتك وإمام حضرتك وعروس مملكتك وطراز ملكك وخزائن رحمتك وطريق شريعتك المتلذذ بمشاهدتك إنسان عين الوجود والسبب في كل موجود عين أعيان خلقك المقتبس من نور ضيائك صلاة تحل بها عقدتنا وتفرج بها كربتنا صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يا رب العالمين عدد ما أحاط به علمك وأحصاه كتابك وجرى به قلمك عدد الأقطار والبحار والأشجار وملائكة الجبار وجميع ما خلق مولانا من أول الزمان إلى آخر الزمان.
ومما أنعم الله به علي مواظبتي للصلاة العلوية والبكرية وحزب الشيخ الجزولي المعروف بحزب الفلاح بعد صلاة المغرب عقب وظائفي والحمد لله على ذلك.
ولقنت دعاء يقرأ ليلة نصف من شعبان مع سورة يس بعد البسملة والتصلية ثلاثة مرات الأولى بنية طول العمر والثانية بنية سعة الرزق والثالثة بنية رفع البليات ثم أقول:
اللهم يا ذا المن ولا يمن عليه يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول والأنعام لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين وجار المستجيرين وأمان الخائفين اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً أو مطروداً أو مغتراً على في الرزق فأمح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي واكتبني عندك سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل يمح الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب إلهي بالتجلي الأعظم في ليلة نصف من شهر شعبان المكرم التي يفرق فيه كل أمر حكيم ويبرم كشف عنا من البلاء ما نعمل وما لا نعلم إنك أنت الأعز الأكرم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم إنك على كل شئ قدير يا نعم المولى ويا نعم النصير أسألك يا الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
انتهى هذا السر المبارك الإلهي كما وجد هكذا منسوباً بالنقل سلالة النبي الأواه سيدنا ومولانا وشفيعنا محمد بن عبدالله وهو الأستاذ الأكبر سيد أولياء الله الشيخ سيدي عبدالسلام بن سليم مرفوع الجاه.
اللهم أدرجنا في سلك اتباعه واتباع أجداده وخذ بأيدنا إذا عثرنا وأنعم علينا بجاههم عندك بالقول وحسن الختام بحق الواسطة العظمى والسبب الأسنى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام وعلى آله وأصحابه أولى الفضل والإكرام آمين.
تم بعون الله الملك القدير نسخ هذا التأليف المبارك المنير وكان وقت تمامه بعد صلاة العصر من يوم الجمعة السابع من شهر الله ربيع الأول سنة 1354 أربع وخمسين بعد الثلاثمائة والألف على يد أفقر الأنام محمد ناجي بن محمد بن عمران الظفيري الفيتوري والكتب ليس له أه.
ثم نسخه العبد الفقير لله تعالى محمد بن على الشريف زغوان لإخوانه الفقراء العروسين خدمة الله تعالى ورغبة في صاحب هذا التأليف عامله الله وجميع إخوانه المسلمين بما عامل به عباده الصالحين آمين.
وكان تمام نسخه ضحوة الثلاثاء الموافق الثامن من شهر جمادى الثانية سنة 1279 وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم عدد ما في علم الله صلاة دائمة بدوائم الله وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين أه.
وجاء به من طرابلس وقام بطبعه راجي رحمة ربه صالح الجعفري في رجب عام 1384ه راجياً دعوة الخير من كل من قرأه من الإخوان وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم.
ورضي الله عن سيدنا عبدالسلام وعن أجداده الكرام ومشائخه الأعلام آمين.

قال صالح الجعفري يمدح سيدي عبدالسلام الأسمر رضي الله عنه:

عبدالسلام لك السلام تحية = مني فأنت الغوث للأحباب
وعليك من ربي رضاء دائم = يبقى مدى الأيام والأحقاب
نسل الكرام السادة الأمجاد = من آل النبي الصادق الأواب
لما أتيت بجدة وكسوتني = ثوب المهابة فيه خير مآب
ودعوتني لزيارة يا سيدي = لبيت قولك نحو خير رحاب
فأتيت نحوك زائراً متردداً = ورأيت عندك مجمع الأقطاب
ورأيت روضتك التي قد هيئت = للزائرين وخيرة الأصحاب
الذكر يتلى والحديث معنعناً = والعلم والتفسير للطلاب
جنات خلد والملائك حولها = يتلون قرآناً بخير كتاب
عبدالسلام بك البلاد تشرفت = وتباركت بالذكر للوهاب
حلقات ذكر لا تزال منيرة = والذاكرون بها أولو الألباب
يكفيهموا فخراً بأنك حاضر = أهل القلوب رأوا بغير حجاب
يا أيها الأسد الذي بزئيره = ردع العدو كذا أسود الغاب
أنظر إلى بنظره مرضية = أنحو بها من فتنة وعذاب
ثم الصلاة على النبي وآله = وكذا السلام ومعشر الأصحاب
ما الجعفري يقول في منظومة = عبد السلام الغوث للأحباب