المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح سيدي عبد الغني حجيج على جوهرة الكمال



تبارك
30-11-2014, 12:09 AM
شرح سيدي عبد الغني حجيج على جوهرة الكمال

تعتبر "صلاة الفاتح" من أشهر الأوراد اللازمة في الطريقة التجانية، وهي من صيغ الصلاة على رسول الله عليه أزكى الصلاة والسلام، وهذا نصها مع الشرح:
اللَّهُـمَّ صَـلِّ وَسَلِّـمْ عَـلَى عَيْـنِ الـرَّحْـمَـةِ الرَّبَّــانِـيَـةِ
وَاليَاقُـوتَـةِ المُتَـحَقِّـقَـةِ الحَـائِطَةِ بِمَـرْكَزِ الفُـهُومِ والمَعَـانِي،
وَنُـورِ الأَكْـوَانِ المُتَـكَوِّنَـةِ الآدَمِـي صَـاحِبِ الحَـقِّ الـرَّبَّانِي،
البَرْقِ الأَسْطَعِ بِمُزُونِ الأَرْبَاحِ المَالِئَةِ لِكُلِّ مُتَعَرِّضٍ مِنَ البُحُورِ وَالأَوَانِي،
وَنُـورِكَ اللاَّمِعِ الـذِي مَـلأْتَ بِهِ كَوْنَكَ الحَـائِطِ بِأَمْكِنَةِ المَـكَانِي،
اللَّهُـمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَيْنِ الحَقِّ التِي تَتَجَلَّى مِنْهَا عُرُوشُ الحَقَـائِقِ.
عَيْــنِ المَـعَارِفِ الأَقْـوَمِ صِـرَاطِـكَ التَّـــامِّ الأَسْـقَــمِ.
اللَّهُـمَّ صَـلِّ وَسَلِّـمْ عَلَى طَلْعَةِ الحَـقِّ بَالحَـقِّ الكَـنْزِ الأَعْـظَمِ.
إِفَـاضَتِـكَ مِنْـكَ إِلَيْــكَ إِحَـاطَـةِ النُّـورِ المُطَــلْسَــمِ.
صَلَّـى اللهُ عَلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـهِ، صَـلاَةً تُعَرِّفُنَـا بِـهَا إِيَّـــاهُ.


هذا شرح البركة الخير العارف بربه المفتوح عليه ظاهرا وباطنا سيدي عبد الغني حجيج على صلاة الولي الصالح والقطب الواضح مولانا أحمد التجاني رضي الله عنهما. وانظر إلى هذا الشرح العجيب وما أدقه في الإشارات وفي الآيات بالإشارة أيضا. وهو، أي صاحب الشرح، أمي وذلك كله بالفتح لأنه خالط الأولياء والصالحين والمفتوح عليهم. وشيخه مولاي المهدي.....العلوي رضي الله عنه كان مشهورا بالولاية في فاس وكانت له كرامات عديدة ومزايا عظيمة وهو الذي ورث مقامه. وظهر عليه ما ظهر من هذا الشرح العجيب. وله شرح على الفاتح لما أغلق وشروح على غيرها.
وهذه الصلوات لا يشرحها إلا من كان له قدر راسخ في المعارف واطلاع واسع على كلام هؤلاء الأولياء رضي الله عنهم في جانب مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وله صلوات كثيرة ذكر بعضها في هذا الشرح، اللهم انفعنا ببركته وببركتهم أجمعين. آمين.
اللهم سلم وبارك على سيدنا محمد وآله.

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
الحمد لله الذي جعل قلوب أهل حضرته فلك شمس أنواره الأحمدية. وكحل عيونهم بنور طلعة ذاته المحمدية. وشرح صدورهم لمعرفة كمالات صفاته السنية. وأغرق أسرارهم بحر ذاته الأزلية.
والحمد لله الذي نور بصائرهم بنور العلوم اللدنية وفتق رتق ألسنتهم بلطائف أسراره الغيبية ومواهبه العلمية.
والحمد لله الذي هيم عقولهم في أحواله النبوية وبهاء كمالاته الملكية والملكوتية، ففاضت صدورهم بينابيع الحكمة الإلهية ومدائحه المصطفوية.
والحمد لله الذي أمدهم بمدد أنواره العربية واستعملهم في خدمته النبوية ومحاسنه القدسية.
والحمد لله الذي غيب أفكارهم في بحار معانيه المولوية، فأخرجوا يواقيت الحكمة الربانية وجواهر آياته الباهرة الفرقانية والقرآنية.
والحمد لله الذي سرح أرواحهم الروحانية، فاقتطفوا من زهره أنوار شمائله الملكوتية وأسراره الجبروتية، فاشتغلوا بخدمته وصحبته والصلاة عليه في السر والعلانية.
والحمد لله الذي جعل أعلامهم منشورة في سائر الأزمان ومنارهم منصوبا في سائر البلدان وسترهم عن عيون أهل الزيغ والفسوق، فلم يرهم إلا من سبقت له من الله السعادة والإحسان. فهم علماء المسلمين وأئمة المتقين. بهم في شرائع الدين يقتدون وبنورهم من ظلمات الجهالة يهتدون وبضياء علومهم في دياجي النفوس يستضيئون. جعلهم الله رحمة لعباده وعمت بركتهم أقطار بلاده، يعلمون الجاهل ويذكرون الغافل. من أتى من أبوابهم سعد وفاز. ومن خدمهم وأحبهم وتعلق بأذيالهم لخير الدنيا والآخرة حاز. ومن اقتدى بهم اهتدى، ومن اتبع آثارهم اقتدى. فهم حماة الدين وأمناء رب العالمين وأئمة المسلمين والحاملون لسر سيد المرسلين. فهم نواب عنه ومستمدون منه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ورضوا عنه. فأهل الإيمان بهم يهتدون وعلى آثارهم يقتدون. (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون).
فأسألك اللهم، يا مولانا بجاههم عندك ومحبتك فيهم وبحق السر الساري في ذوات الأنبياء والمرسلين. (أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين).
فمنهم القطب الأكبر والغوث الأشهر والكبريت الأحمر الولي المحقق والكامل المكمل الصديق الختم الجامع لمراتب الأولياء والصالحين ومرآة أهل الشهود والتعيين من الأولين والآخرين وممد حضرة العارفين والكاملين العارف الرباني والفرد الصمداني، من في بحر حقيقة سيدنا ومولانا محمد فاني، شيخنا وعمدتنا ووسيلتنا إلى ربنا سيدي ومولاي أحمد التجاني، رضي الله عنه ونفعنا ببركاته آمين حيث قال:

اللهم صل وسلم على عين الرحمة الربانية: أي المتدفقة بينابيع سر الحكمة الإلهية ونواسيت مظاهر الكمالات الإلهية وسر أسرار معاني جمال ألوهيتك على ممر الدهور والأعصار. وإن شئت قلت الجارية من بحر معاني أسرار اسمك الرحمن الرحيم المنبجسة بعلوم أسرار كمالات (ولقد أتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ) في سائر التجليات والأطوار. وإن شئت قلت الجارية من بحر معاني كمالات اسمك الله المتفجرة بعناصر تجليات أسرار (لا إله إلا الله) التي تنفد كمالات أسرارها وأنوارها، التي قلت في حقها (وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها). وإن شئت قلت، التي أغرقت أحبائك وأصفيائك في عين عينها، ثم خاطبتهم بقولك (ولكم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين)، وأنتم فيها على ممر الدهور والأعصار.

ثم قال رضي الله عنه: والياقوتة المتحققة بحقائق التوحيد والمعارف والعلوم والأسرار التي لاح شعاع نورها على أرباب أهل الجذب والسلوك من العارفين والمقربين والأبرار. قال تعالى (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)، أي وكل ما تتجلى به على وجود إلا أودعته في مرآة الشهود ومنبع الأسرار. وإن شئت قلت، وكل ما يبدو من حضرة غيب الغيب من الأسرار والأنوار إلا أودعته في هذا النبي المختار. وفي الآية إشارة إلى شهود الصرف وشهود الواحدية في الأحدية. فافهم الإشارة تقع على البشارة. فإن كثيرا من أهل الطريق ينكرون هذا المقام حيث لم يحصلوا عليه. وإن شئت قلت، شهود الوحدانية. وإن شئت قلت، شهود الوحدانية في الواحدية.

ثم قال رضي الله عنه: الحائطة بمركز الفهوم والمعاني والشؤون والنعوت وأوصاف الكمالات التي لا يدرك كنه حقائقها لأحد من الصغار والكبار. وإن شئت قلت، الحائطة بجميع معاني أسرار القلوب والأرواح والأفكار والفهوم من سائر الملات والبشر.

ثم قال رضي الله عنه: ونور الأكوان المتكونة من نور جمال ذاته المستعزة من حسن بهاء أسمائك وصفاتك المتصلة بحضرة ذات سر الأسرار. قال تعالى (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار). الذين يذكرون الله قياما بأسراره القدسية، وقعودا بأوامره الملكوتية، وعلى جنوبهم بقلوبهم اللاهوتية، ويتفكرون بعقولهم النورانية في ملكوت السماوات والأرض لإدراك كشف الربوبية.
وأيضا، يذكرون الله قياما بمشاهدة الذات وقعودا بمشاهدة الصفات وعلى جنوبهم بمشاهدة الأفعال الصنعيات. وأيضا يذكرون الله قياما بالحيرة في سناء الهوية وقعودا بالاتصاف والاتحاد في عزة الربوبية وعلى جنوبهم بالتفريد والتجريد عن علل الحدوثية ويتفكرون بعقولهم القدسية في مظاهر تجليات صفاته الأزلية. (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك)، فنزهت نفسك بنفسك في نفسك عن الحلول في الأغيار والاتساق بالأنوار. وأيضا الذين يذكرون الله أي يشاهدون فيه آثارهم النورانية مشاهدة الله بالله ويدركوا نورك في نوري ونوري في نورك لأنك مرآة الذات والصفات. منك أتجلى للصغار والكبار. وأيضا يذكرون الله في كل ذرة من العرش إلى الفرش لسر من أسرارك ونور من أنوارك، لا يشهد ذلك إلا أرباب البصائر والأبصار. وقال عليه السلام الذي يذكرون الله عند كل شجر وحجر ومدر.

الآدمي في ظاهر الملكوت وباطن الجبروت، في غيب الغيب وسر الأسرار الذي قال فيه بعض المحبين: سيدنا محمد بشر لا كالبشر وإنما نسبته من الخلق كنسبة الياقوت من الحجر. ومرآة تجلى الحق ونور البصائر والأبصار وينبوع الكرم المتدفق بمواهب العلوم والأسرار. هويته أنفاس حركة الكل ومادة اتصاله ونور ابتداء نشأته وسر جماله من له وجهة كامنة مقابلة للحق، ووجهة ظاهرة مقابلة للخلق، ووجهة مقابلة للأولية ووجهة مقابلة للأبدية، ووجهة مقابلة للمعاينة والشهود ووجهة مقابلة لاستمداد مراتب الوجود في سائر الأعصار، الذي قال تنام عيناي ولا ينام قلبي. وقال أيضا لا يعرفني حقيقة غير ربي. وأيضا لست كأحدكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني.
فطعامه صلى الله عليه وسلم الشهود والنظر، وشرابه عليه السلام المكالمة والمعارف والعلوم والأسرار. وقال تعالى: (ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) أي بظاهره وباطنه في سائر الأطوار.

صاحب الحق الرباني المتحد بشهود ذاتك وصفاتك في الجمع والفرق الذي قال: من رآني فقد رأى الحق، كما صح عنه في الخبر المطهر من رعونات النفس والهوى وسمة الحوادث وجميع الأكدار المخصوص بالإسراء والمكالمة في بساط العز والتجلي والتدلي والدنو والنظر المخاطب بقولك إياه (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر).

البرق الأسطع من حضرة ذاتك العلي بأنوار تجلياتك البهية ومعاني أسرارك العلمية في سائر الأعصار. وأيضا، البرق الأسطع من سماء علو أحديتك بمزون هبوب رحمانيتك وانفلاق أنوار وحدانيتك وسائر الأسرار.

بمزون الرحمة والمودة والرأفة والحنانة والمحبة وأنواع الطاعات والكمالات والمقامات والحالات والجذبات والزفرات والزعقات والشطحات والمكاشفات والفراسات والكرامات والمشاهدات والمعاينات والترقيات والمعرفات والصدق والإخلاص والتسليم والتفويض والرضا والشكر والصحو والتلوين والتمكين واليقين والحكمة والغيب وغيب الغيب وسر الغيب وغيب السر وسر السر والعلم اللدني والقبض والبسط والانبساط والفناء والبقاء والدهش والحيرة والطيش والذوق والعشق والشوق وسائر الأسرار.

الأرباح للمحبين والمحبوبين والمقربين والواصلين والسالكين والمجذوبين والراسخين والمهيمين في بحار الأنوار.

المالئة لكل متعرض بالفناء بمشاهدته الاستغراق في محبته والإتباع لشريعته وكثرة الصلاة عليه في سائر الأعصار.

من بحور الأواني من الأنبياء والمرسلين والصديقين والعارفين والمتحيرين والوالهين والمتحدين والمنفردين والمتجردين والمتواجدين والمطمئنين والذاكرين والصالحين والصادقين في محبته المستغرقين في مشاهدة جمال ذاته بالليل والنهار.
قال تعالى: (فإن لم تاتوني به فلا كيل لكم عندي) من خزائن الكرم والجود، (ولا تقربون) مقامات أهل المعاينة والشهود وسائر الأسرار.
وقال تعالى (وأنزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج)، أي وأنزلنا من سماء الغيوب على أرض القلوب ماء الرحمة والعناية والهداية والتوفيق والرأفة والحنانة والمنة، فأنبتنا به جناة المحبة والمراقبة والمشاهدة والمسامرة والمحادثة والمكالمة والمعاينة والمعرفة والعلوم اللدنية والأسرار الوهبية والإلهامات الربانية والواردات الإلهية والمقامات الاصطفائية وحب الطاعات وأوصاف العبودية والأحوال المرضية والهمم العلية. والنخل أي نخل الرضا والتسليم والتفويض والتوكل والثقة واليقين والزهد والورع والإخلاص والقرب والدنو ودنو الدنو وجمال الجلال والأنس والاستئناس والبسط والانبساط والتجلي الخاص واللطائف والإشارات والحقائق والعبارات رزقا لأهل الولاية والمحبة والمدانات والوصلة والمناجاة لأرواحهم وجنات لقلوبهم وجنات لعقولهم وجنات لنفوسهم وجنات لأبدانهم.
فجنة الأسرار مشاهدة الذات العلية وجنة الأرواح مشاهدة الصفات الأزلية وجنة القلوب مشاهدة الأفعال السنية وجنات العقول التدبر في المصنوعات العلوية والسفلية وجنات النفوس المناجاة في الخلوات واستهلاكا في الربوبية وجنات الأشباح وقوعها في العبودية بنعت المحبة.
أما الذين في مشاهدة الذات فهم في جنات عين العين ودنو الدنو والرضا والرضوان والصرف والعيان. أما الذين في مشاهدة الصفات فهم في جنات المحبة والقرب والأنس على دوام الطالبين للكمال بنعت الهيمان في سناء الرحمن. وأما الذين في مشاهدة رؤية الأفعال فهم في جنات تجلي أسرار الألوهية والأنوار الملكوتية في مرآة الأكوان بنعت العرفان. وأما الذين في رؤية الآيات فهم في جنات الحكمة الإلهية وتصريف أسرار الربوبية في مظاهر الحدثان فيقرؤون في آي الرحمن (كل يوم هو في شأن). وأما الذين في العبودية فهم في جنات العشق والشوق بنعت الوجد والوجود والوجدان رزقا للعباد.
فرزق الأسرار من لطائف سناء الجبروت، ورزق الأرواح من حمائم معاني أنوار الملكوت، ورزق القلوب من حسن تجلي جمال اللاهوت، ورزق العقول من الجولان في عالم الإطلاق ليدرك بهاء العظموت والرحموت، ورزق الأفكار من الغوص في بحار القدس وأنهار الأنس ليذوق حلاوة أوصاف الرحموت، ورزق الأفكار من الغوص في بحار القدس وأنهار الأنس ليذوق حلاوة أوصاف الرحموت، ورزق النفوس من الهيبة في جلال الحي الذي لا يموت، ورزق العيون من النزهة في بساتين الأنوار لتقطف حسن جماله في تلك النعوت، ورزق الألسنة المواظبة على الذكر والشكر حتى يصير له غذاء وقوتا، ورزق الأذنين التلذذ بالمخاطبة لأسرار الكتاب وآيات الرغبوت والرهبوت وشرابهم من عين هاء الهوية المتدفقة بزنجبيل أسرار الألوهية الحاملة سر ألف الأحدية الساري سره في سائر الآيات القرآنية وما فوق السماوات وتحت البهموت. (وأحيينا به بلدة ميتا) أي وأحيينا بهذا الفيض الأقدس قلوبا ميتة بأنواع الجهل والمخالفة والغفلة والشهوة والوقوف مع الطاعة وحب الثناء من المخلوقات ورؤية الأحوال الكاملة والركون إلى المقامات العلية والاستشراف على مغيبات وانتشار الكرامات ونيل الدرجات والفوز من عذاب النيران والميلان إلى الحور الحسان ودخول الجنان وسائر الأغيار.
وأيضا أحببنا به أرواحنا فانية في سطوات عظمتنا وكبريائنا فأحييناها بحياتنا وأبقيناها ببقائنا وكشفنا لها سر غيبنا وجعلناها سمعا وبصرا من بصرنا فطارت في فضاء ملكوتنا وعشقت بسناء جبروتنا، فشاهدت بنور صفاتنا عند أفول آيات قدرتنا جمال ذاتنا وتحققت في معرفتنا بعزها عن إدراك كنه أحديتنا.
وأيضا أحيينا بهذه الأسرار الغيبية والعلوم اللدنية والنفحات الإلهية والحقائق الربانية واللطائف القدسية أسرارا قدسية وأرواحا جبروتية وقلوبا لاهوتية وعقولا نورانية ونفوسا مطمئنة. وأيضا أنزلنا من بحر الذات والصفات على قلوب أهل العنايات والولايات ماء المخاطبة والمشاهدة، فطهرها من أوصاف البشرية وأحياها من موت الغفلة وعلة الطبيعية، وأنبت بها أشجار المعرفة ورياحين المحبة ونرجس العلوم اللدنية، ثم جعل قلوبهم فياضة بينابيع الحكمة الإلهية والعلوم الغيبية والمعارف الربانية فأحيى بها أشباحا ميتة وقلوبا والهة.
وأيضا أنزلنا من السماء ماء العلم والفهم والحكمة والمعرفة فأحيينا بها قلوب المريدين والسائرين فانفلقت أرض وجودهم بأنوار الخدمة وأشجار الطاعة وأزهار المحبة وكلام التهليل والتسبيح والذكر والشكر والتجهد بالليل والتضرع بالأسحار. وأيضا أنزلنا من سماء غيب غيب أحمديته على أرض أنوار محمديته ماء علوم ولطائف أسرار مواهبه فأنبتها به جنات معاني أسراره ونوافح بركاته. كذلك الخروج من أرض الطبيعة بأوصاف العبودية إلى حضرة الربوبية.
وأيضا كذلك الخروج مما دون الله لله بالله، وكذلك الخروج من أجداث النفوس والأغيار إلى جنة المعارف والأسرار.

ونورك اللامع الذي غمر عوالم جميع أهل حضرتك ومحبتك فجعلت نورا في سرائرهم ونورا في أرواحهم ونورا في عقولهم ونورا في قلوبهم ونورا في نفوسهم ونورا في عيونهم ونورا في آذانهم ونورا في أسنتهم ونورا في وجودهم.
فأما الذي في سرائرهم فيدركون به نور سبوحات جمال الذات، وأما الذي في أرواحهم فيشاهدون به نور صرف الصفات. وأما الذي في عقولهم فيذوقون به نور فعل القدرة في المصنوعات. وأما الذي في قلوبهم فيهتدون به إلى حسن الاستدلال إلى وجود الربوبية بالمخلوقات. وأما الذي في نفوسهم فيهتدون به إلى العبوديات وأنواع الطاعات واجتناب المنهيات. وأما الذي في عيونهم فيبصرون به أنوار الآيات في جميع الموجودات العلويات والسفليات. وأما الذي في آذانهم فيسمعون به الأسرار والأحكام والموعظات. وأما الذي في ألسنتهم فينطقون به كلمتي الشهادتين والأذكار والصلوات في سائر الأوقات. وأما الذي في وجودهم فيحفظون به من الزيغ والتبديل والشبهات في المعتقدات وسائر الأغيار.

ونورك اللامع الذي لمع من حضرة اللاهوت فانشق منه أنوارك: الملك والملكوت. وأيضا الذي لمع من حضرة أحديتك بإشراق شمس ديموميتك. وأيضا الذي لمع من بطون غيب غيب العماء الرباني وانتشر بمعاني أسرار العلم والفهم. وأيضا الذي لمع من حضرة "كنت كنزا لم أعرف" وأشرق بلوائح رموز معاني "فأحببت أن أعرف". وأيضا الذي ملأت عالم الملك من فيض ناسوته وملأت علم الملكوت من فيض ملكوته وملأت عالم الجبروت من نور لاهوته وملأت عالم المعنى من فيض جبروتك، فسره الساري في سائر الأسرار والأنوار. وإن شئت قلت الذي لمع لسيدنا موسى بجبل الطور فقال: (رب أرني أنظر إليك) بتلك النظرة. وإن شئت قلت الذي لمع لسيدنا آدم من الشجرة فعشق بذلك الجمال فاقتطف منها ونسي العهد فحصل له ما كان في سابق المشيئة مقضيا. وإن شئت قلت الذي لمع بأنوار تجليات كمالات الذات شاهدك به فيه سيدنا إبراهيم فقال: (هذا ربي هذا أكبر).

الذي ملأت به كونك فصار مشكاة لظهور أنوارك الساطعة من حضرة ذات اسمك الأول الظاهر الباطن العزيز الغفار. قال تعالى: (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتا يضيء ولو لم يمسسه نار) فالمشكاة ظاهر جسده المحمدي والمصباح روحه النوراني والزجاجة قلبه الطاهر المطهر الملكوتي. والشجرة المباركة الحقيقة الأحمدية واللطيفة الربانية التي هي تنزيه في تشبيه التي هي تنزيه في تشبيه وتشبيه في تنزيه. (نور على نور)، نور الذات ونور الصفات ونور الأفعال.
فالكل على قدر مقامه واستمداده ونور سره وعلو محتده في هذا النور الذي هو أصل لجميع الأنوار ( يهدي الله بنوره ما يشاء) من الصغار والكبار والعبيد والأحرار. قال تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار)، ممن يصلح لمحبته ومعرفته ومشاهدته ومكالمته من البشر في القرى والأمصار. قال تعالى: (وكل شيء عنده بمقدار) هو النور المطلق والسر الذي تكونت منه ميع الأسرار. وإن شئت قلت فهو هيول العالم وكل الكل وبدر الوجود ونو الأنوار.

الحائط بأمكنة المكان أي بجميع الأشياء الحسية والمعنوية والنورانية والظلمانية والحبوب والثمار. فهو الظاهر في جميع التنزلات الإلهية الموصوف بالأوصاف الربانية والباطن وبواطن الضمائر والعقول النورانية وسائر الأسرار الحائط بسائر تجلياته وجميع كمالاته وكيف لا يحيط بها وهي فرعه.

اللهم صل وسل على عين الحق التي برزت من بحر الحق وغرقت في ذات الحق فرأت الحق بالحق وسمعت من الحق مخاطبة الحق بسمع الحق وعرفت الحق فرأت الحق بالحق وسمعت من الحق مخاطبة الحق بسمع الحق وعرفت الحق معرفة الحق للحق وبقيت مع الحق ببقاء الحق من الحق ونظرت إلى الحق بعيون الحق فشاهدت الحق مشاهدة الحق للحق.

وأيضا اللهم صل وسلم على عين الحق التي تشاهد بها نفسك بنفسك في نفسك. قال تعالى: (إنه هو السميع البصير). وأيضا التي نبعت من بحر الذات وانهمرت بينابيع مظاهر الأسماء والصفات وسائر الأسرار. وأيضا التي تتجلى منها لنفسك بنفسك بنور سريان أسرار السمع والبصر. قال تعالى: (ألا هو الكبير المتعال). وقال: (ألا هو العزيز الغفار). وقال عليه السلام فيما يرويه عن ربه عز وجل: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني في واحد منها قصمته، كما ورد بذلك في الأخبار عن سيد البشر.
وأيضا التي لا تنكشف إلا لأهل الحق بالحق فيشاهدوها بعيون الحق لا بعيون الخلق، لأن عيون الحدثان قد تلاشت في عظمة الرحمن فأمدهم بسمع وأبصار بمادة المختار التي تتجلى منها غليها فتشاهدك بنور سرك وسر استمدادك الساري بسريان قيوميتك ونور إحاطتك وغيب هويتك بك منك فيك إليك.
وأيضا تتجلى منها لأهل البصائر والأبصار من أهل الصرف والالتباس المقربين الأخيار. وأيضا تتجلى منها ينابيع الحقائق والرقائق والمعارف والكمالات والفيوضات والتلقيات لكل عارف وولي وصديق وكامل ومحقق مالا يتجلى به لغيره من المعارف والأسرار. وفي هذا المعنى أنشدت من قبل الله عز وجل:
لا زال حقا يا فتى خمري على فيض ذاتي



إلا على امرئ فنا ولـم يـذق هـوى ذاتــي

وأيضا التي تتجلى منها مظاهر التجليات الجلاليات والجماليات على ممر الدهور والأعصار.

عروش الحقائق الحاملة أسرار الحروف العلية الموجودة من نور دائرة كاف كلمتك الفهوالية الطالعة من غيب معاني أسرار الذات الحاملة المحمولة بحسن الحسن معاني الأسماء والصفات المندرج نوره من أصل ابتداء نشأتها الساري سره في دائرة هاء هويتها. وقال تعالى: (واعلموا أن فيكم رسول الله) وقال تعالى: (وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها) وقال تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها) المستمدة من نور شمس طلعته في البطون والظهور المرقوم اسمه على جبين غرتها في الورود والصدور وسائر الأعصار.
وأحببت أن أذكر هنا صلاة لي على نبينا صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى وهي: "اللهم صل وبارك على سيدنا ونبينا ومولانا محمد ميم المملكة الحسية والمعنوية وسر أسرار كمالات أسمائك العلمية ومفتاح حضرتك القدسية، من كان نور جماله مكتتما، وحضرة عزة الربوبية، وسرا غيبيا مستورا تحت بطنان عرش القيومية، واسما مسورا في لوح العلم والمشيئة السابقة الأزلية. فلما أردت إظهار حرف اسمه النوراني وبروز رموز جمال سره القرآني في مظاهره حروف كلمات السبع المثاني، نظرت من نفسك إلى نفسك فأظهرت قبضة من نور بهاء جمالك فبقيت ساجدة سابحة في حضرة أسمائك وصفاتك مذكورة وصفاتك مذكورة ذاكرة بذكرك بك إليك، فتجليت عليها بنور اسمك العلي العظيم وخاطبتها بمعنى كلامك القديم، فانشقت بمعاني أسرار كاملات الذات وانتشرت بحسن بهاء جمال أنوار معاني الأسماء والصفات، فظهرت أشكالها متشابهات وغير متشابهات تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات".
فصل اللهم عليه وعلى آله دوي العقول الكاملات الذين شاهدوا طلعة نور جماله في كل مرآة وأصحابه الذين أفنوا أرواحهم في محبته وطاعته، فانتعشوا بتلك الحياة بحقيقة (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) وعلى آله وسلم.

عين المعارف الحقانية لمن كان له استعداد لمشاهدة هذه الأسرار الغيبية واللطائف الربانية والعلوم الوهبية والنفحات الإلهية من خاصة أصفيائك وأهل محبتك المستغرقين في مشاهدة ذاتك وسر الأقدار الملحوظين بعين عنايتك في أزلك المستهلكين في جمال هاء هويتك الذين حصل لهم المحو ومحق المحق، ثم رجعوا إلى العبودية والاضطرار.

الأقوم صراطك التام الأسقم الذي من سلكه واتبعه في أقواله وأفعاله وأخلاقه وأحواله زج في حضرتك وأفضت عليه من جزيل إحسانك وفضلك ومنحته من العلوم اللدنية والمواهب السنية والنفحات الربانية والمعارف والحقائق والدقائق التي لا حد لها ولا قرار.

اللهم صل وسلم على طلعة الحق بالحق في حظائر الأسماء والصفات وقبلة التوجهات في جميع التجليات ومرآة النظر المتوج بتاج الخلافة العظمى المطوق بأنوار بهاء الصفات والأسماء المرتدي برداء هيبتك وسلطانك المعظم بقولك إياه (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، المنغمس في بحار الأسرار.

الكنز الأعظم الذي لم تنفد نفائس ذخائره وتبر جواهره (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر) ولم تنفد تلك الأسرار. وأيضا الذي انطوت حقيقته الأحمدية على أسرار الربوبية وتجلي الفردانية بلا حد ولا قرار.

إفاضتك منك إليك الذي أظهرت نوره من نوره عظمتك واصطفيته لنفسك فيسابق علمك وتجليت عليه بنفسك في حضرة ذاتك وأسمائك وصفاتك وخاطبته بكلامك فذاب من هيبة جلالك وسلطانك، فتكونت منه جميع الأشياء بنور سريان سر قيوميتك واستمداد أسمائك وصفاتك ومشيئتك النافذة وعلمك المحيط بما كان وما يكون في سائر الأعصار، المذكور اسمه بكل لسان، المشهود وصفه في كل لسان المسمى في كل جسم بكل اسم وكناية وتصريح واستعارة ولقب وإشارة وعبارة وحقيقة وعلم ودراية وشريعة وطريقة وهداية وفي كل رسالة ونبوءة وولاية وفي كل سورة ونقطة وحرف وكلمات ورواية وفي كل معنى وتجل وإلهام وسنا مناجاة كل رسول وسر السر المكمول الذي فاض مدده فغمر جميع عوالم الحضرات من أهل الأرض والسماوات والبر والبحر.

إحاطة النور المطلسم المكتتم بالنور المتجلي في النور الظاهر للنور البادي في الأنوار المشهود بالاسم الأعظم.
وأحببت أن أذكر صلاة لي في هذا المعنى وهي: اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد نقطة دائرة الإحاطة التي أولها عين آخرها وآخرها عين أولها، فحملت في نفسها سر الألف وأنشأت منه وبدت فيه به إليه وظهر فيها إليها.
فأهل العلم بها يقرؤون بلسان السر المصون في لوح غيبها المكنون والقلم وما يسطرون وعلى آله وصحبه وسلم. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ممد نقطة الدائرة الحسية المعنوية وفاتحة فواتح كتاب الأزلية والأبدية وباء بدو وكلمة التكوين والتعينات الخلقية. وألف أول التجليات الأحدية الذاتية. وألف أول التجليات الأحدية الذاتية. وتاء التنزلات من حضرة غيب الغيب إلى ظهور أسرار الواحدية وثاء ثنائك من نفسك إلى نفسك بإبراز أنوار الواحدية وجميع جمال جلال عزة القيومية، فكان في غيب كتم مشيئتك الأزلية وأسرار الصمدانية شجرة نبوية أحمدية محمدية شريفة نورانية أصلها ثابت في عزة كمالات الديمومة وفرعها في سماء العلم والإرادة الأزلية (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) في البطون والظهور وسائر الحضرات العلمية والعينية. فهو سر الحكمة الإلهية ومطلع شمس أسرار الذات الأحدية والصفات الربانية هيول الهباء وسر استمداد ما تفرع عنها من الأنوار النورانية وخلصات أشخاص صوامع النور والقلوب المطمئنة ولطيفة لطائف اللطائف وباطن علوم الحقائق والدقائق والأسرار القدسية نور النشأة الأزلية الأصلية ومادة مدد سر سريان أسرارها الوهبية ولوائح علومها اللدنية ومعارفها الربانية. فكل دائرة لها نقطة في جوفها تقر بلسان علوم المعاني الوهبية وتخاطب جميع حروفها بلسان حالها ومقالها (واعلموا أن فيكم رسول الله).
فصل اللهم عليه وعلى آله صلاة دائمة بدوامك تنشئها قدرتك وكيفية يحبها الله تجمع معاني أسرار تجليات كلمات لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما في علانية المبتدئ في سروريته من أفلت شمس الحسن من محاسن أنواره واضمحلت في بهاء جماله وقال فيه أويس رضي الله عنه: ما رأوه إلا كالسيف في غمده. وقال تعالى في حقه: (سبحان الذي أسرى بعبده) وقال عز من قائل: (يا أيها المزمل) و(يا أيها المدثر) أي المنغمس في بحار محبتي ومشاهدة ذاتي وصفاتي، قم فأخرج مكنون مخبآتي ولطائف إشارتي ويواقيت حكمتي لأهل محبتي ومعرفتي.
(يا أيها المزمل) إنا أمددناك بقوة من قوتنا تحمل بها أسرار خطابنا ولطائف كتابنا ومعاني إشارتنا فتبلغ أسراره لقلوب أهل محبتنا وتلاوته لعبادنا فتكون متصرفا بصرفنا في جميع حضراتنا وممد مراتبهم بنور أسمائنا وصفاتنا. وأيضا إنا سنلقي في قلبك نورا من أنوارنا وسرا من أسرارنا تحمل به أسرار خطابنا ووحينا فتكون حاملا لسرنا بنا. فأنت منبع العلوم والمعارف والأسرار. ويا أيها المستور عن عيون الأغيار المنغمس في بحار الأنوار، قم فأخرج مخبئات اللطائف والأسرار لأهل المعرفة من الجهابذة الأخيار والمحققين الراسخين السادات الأطهار الذي لم يدرك كنهه ملك مقرب ولا نبي مرسل كما وردت بذلك الآثار والأخبار عن سيد البشر المنغمس في أسرار سبوحات الذات الظاهر نوره في مطالع الأسماء والصفات الذي ارتقت فيه الحقائق وتنزلت علوم الأنبياء والأولياء والملائكة والرسل الكبار سيد الأنبياء والأصفياء وممد مرتب الأحظياء والأتقياء النور الظاهر المكنون والسر الكامن الباهر المصون الذي لو بدا حسن جماله الأحمدي لاضمحلت الفهوم واندرست الرسوم واحترقت الأشجار، قلم تخطيط السر القرآني وحقيقة كمال النوع الإنساني والملكي البشري لروحاني، نور الحق وعين الحق الموصوف بصفات الحق مجلى الكمالات الإلهية ومطلع شمس أسرار الأحدية ومظهر تجليات سر حضرة الوحدة وحقيقة كمال أنوار تجليات حضرة الواحدية والمقابل للأسماء العلوية والسلفية وسائر الأسرار موقع التنزلات القدسية ومهبط الأنوار الملكوتية ولوح علوم الآيات القرآنية والفرقانية المسمى بطه ويس وق المعظم قدره في التوراة والإنجيل المنعوت وصفه في سورة الأعراف بقولك (النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر)، المرموز إليه بحم وطس وص. المشار إليه بحروف كلمات كهيعص وجميع الحروف القطعة وفواتح السور.
قال تعالى (طه) أي طويتك يا طاهر في حقيقتك الأحمدية وسائر العلوم الربانية وهديتك إلى معرفة أسرار الفردانية قبل وجود البرية. وأيضا طهرت قلبك النقي من غين غيرنا وهديتك إلى معرفة حقائق رقائق قرآن ذاتنا وصفاتنا. وأيضا طهرنا سرائر أهل محبتك عن الركون إلى مخضرات الغيوب وهديت بك كل كقرب وحب ومحبوب.
وأيضا طهرت أفئدة أهل مشاهدتك من الأغيار وهديتهم إلى ما في باطنك من الأسرار فأعجز الكبار والصغار عن رشحة من فيض بحرك الزخار. وأيضا طويت فيك يا طيب ما انتشر في مراتب الوجود من معاني أسرار أسمائي وصفاتي وهديتك إلى مشاهدة عظمتي وكبريائي فشاهدت سرك بسر سرك وانكشف لك سر دقيقتك بسر حقيقتك ونورك بنورك، فقلت بلسان سر غيبك وغيب غيبك، لا أحصي ثناء عليك، أنت، كما أثنيت على نفسك. وأيضا الطاء إشارة إلى ما طوق به من أسرار الربوبية والهاء إشارة إلى استغراقه في عين هاء الهوية.
وقال تعالى (يس) أي يا من فتحت من أجله أسرار الأزل والأبد. ويا من سنا سره سار في كل واحد، وحق ما أودعت فيك من أسرار تجلي اسمي الواحد الأحد وظهور سر الوحدة في كثرة التعداد أنك عين سر اسم الصمد والمخاطب بأسرار معاني قولي: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد). ولنا تفاسير عديدة في ها الاسم، فلينظرها مبتغيها.
قال الله تعالى (ق) أي حق ما منحتك من أسرار القيومية والمعاني القدسية والآيات القرآنية والقوة الربانية التي قدرت بها على حمل أسرار الفردانية وأيضا قربتك يا قريب قربا أحجمت عنه أكابر الأحباب و زوقت لك كؤوس الشراب و حفظتك في الذهاب والإياب وأطلعتك على ما أودعتك فيك من أسرار غيبي وغيب غيبي، فقلت: لا يعرف حقيقتي غير ربي. وأيضا: أقسم بقوتك يا قوي. وقوتك بنعت العبودية في معادن غيب هاء الهوية وسنا الديمومة وتقلبك في حضرات الأسماء والصفات الأزلية وما تجلى به عليك من أسرار الأحدية والكمالات الربانية.
قال تعالى (حم). الحاء إشارة إلى ما تحقق به من أسمائه الذاتية وصفاته الأزلية. والميم إلى محبته تعالى له. وأيضا والحاء إشارة لأن التخلق بأسماء الله لا تكون إلا لمن اتصف بصفة الحياة. والميم إشارة إلى المجد ولا مجد أتم وأكمل ممن اتصف بصفاته تعالى.
قال تعالى (طس). الطاء إشارة إلى طهارة سره عن غير مشاهدة الذات والصفات. والسين إشارة سريان سره في جميع المعلومات.
وقال تعالى (ص) كأنه قال صفي ويا سيد السر الذات والصفات وظهور في غيب الغيب وسر الغيب وغيب السر وسر الذات والصفات وظهور الصفات في الذات وتجلي الذات حتى صرت بالذات في الذات للذات.
وقال تعالى (كهيعص). الكاف إشارة إلى تجلي كنوز أسرار الذات والصفات في كاف كبريائه وكمالاته. والهاء إشارة إلى سريان سر هويته التي في كل شيء مجردة وعارية. والياء إشارة إلى يد قدرته التي اخترع بها جميع التعينات وظهرت في سائر المجودات. والعين إشارة إلى عين العين وعين كل عين. والصاد إشارة إلى سطوع صبح أسرار الأزل في عين الأبد وأبد الأبد.

ثم قال رضي الله عنه: صلى الله عليه أي صلاتك التي صليت بنفسك في أزل أزليتك من قبل أن تكون السماء والأرض والملك والبشر. اللهم صل عليه صلاتك التي صليت عليه حين أظهرت نوره من العماء الرباني فتكونت منه جميع الأنوار. اللهم صل عليه صلاتك التي صليت عليه حين أنتفق الوجود من ظلمة العماء واستنارت من نوره الشموس والأقمار. اللهم صل عليه صلاتك التي صليت عليه بألسنة جميع المخلوقات من أول الدنيا إلى ما لا حد ولا نهاية له ولا قرار.
وعلى آله الراسخين في محبته السادات الأطهار الرافلين في حلل المجد والعز والبهاء والوقار المنغمس في مشاهدة أحمديته بالليل والنهار. أيضا الراضعين من ثديه لبان محبته، السالكين على منهاجه القويم وسبيله الوهاج الآخذين عنه، اللاهجين بلطائف المعاني والعلوم والمعارف والأسرار، الوارثين لسر أحواله المنغمسين في أنوار باطنه المحمديين الأحمديين المشاهدين لأسرار الذات والأسماء والصفات الغارقين في بحار الأنوار.

صلاة تعرفنا بها إياه حتى نكون من المتحققين بقولك إياه (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) الذين قلت في حقهم (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا). وهو مشاهدة الله بالله المستدين من نور إشارتي. (واعلموا أن فيكم رسول الله) المستغرقين في مشاهدة ذاته المحمدية المتلذذين بحسن مخاطبته الأحمدية الشاربين من خمر محبته المصطفوية المتحلين بحلل شريعته السنية، المشاهدين لسريان سر قيومتك على ممر الدهور والأعصار، الموجود من عين الذات الموصوف بأوصاف الكمالات، المقابل لسائر الحضرات، المتجلي بسائر التجليات، المخاطب بقولك إياه (ألر كتاب أحكمت ثم فصلت) بسائر الأسرار. آمين آمين آمين وسلام على جميع الأنبياء والمرسلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اللهم إنا نسألك يا مولانا بحق ذاتك العلية وبصفتك الأزلية وبنعوتك السنية وبحق السر المستودع في الحقيقة الأحمدية وبحق محبتك للذات المحمدية اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وكن لنا بما كنت به لأوليائك وأصفيائك وخاصة الصديقين من خلقك واجمع بيننا الذات المحمدية آمين آمين آمين يا رب العالمين.

انظر شرح "جوهرة الكمال في مدح سيد الرجال" للعارف بالله سيدي محمد الحافظ المصري رضي الله عنه
وللعلامة الحاج مَحمد بن عبد الواحد النظيفي رضي الله عنه

شمس ابراهيم
30-11-2014, 12:03 PM
شكرا وبارك الله فيك

عبد الله
12-01-2015, 05:17 PM
شكرا على الموضوع القيم الطيب المبارك جزاكم الله عنا كل خير وجعله فى ميزان حسناتك

سامر
18-02-2015, 03:47 PM
جزاك الله خيرا

نهلة
23-03-2015, 07:34 PM
شكرا على الموضوع القيم الطيب المبارك جزاكم الله عنا كل خير وجعله فى ميزان حسناتك

ثابت السنوسى
24-03-2015, 10:07 PM
شكرا على الموضوع القيم الطيب المبارك جزاكم الله عنا كل خير وجعله فى ميزان حسناتك

mouslem
17-04-2015, 02:52 PM
بارك الله فيك

زهرة الوادى
22-08-2015, 04:47 PM
شكرا على الموضوع القيم الطيب المبارك جزاكم الله عنا كل خير وجعله فى ميزان حسناتك

سيد مختار
16-09-2015, 11:47 AM
شكرا على الموضوع القيم الطيب المبارك جزاكم الله عنا كل خير وجعله فى ميزان حسناتك

بدر التمام
24-09-2015, 02:17 PM
جزاكم الله كل خير على الطرح الطيب العطر

تبارك
25-09-2015, 03:54 PM
شكرا لمروركم وتشجعيكم الطيب

ألهامي
10-10-2015, 01:38 PM
بارك الله فيك وجزاك الله كل خير