المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح سيدي الحاج مَحمد بن عبد الواحد النظيفي على جوهرة الكمال



تبارك
30-11-2014, 12:14 AM
شرح سيدي الحاج مَحمد بن عبد الواحد النظيفي على جوهرة الكمال

تعد جوهرة الكمال من الأوراد اللازمة في الطريقة التجانية، وهي من صيغ الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، واسمها الكامل: "جوهرة الكمال في مدح سيد الرجال".

اللَّهُـمَّ صَـلِّ وَسَلِّـمْ عَـلَى عَيْـنِ الـرَّحْـمَـةِ الرَّبَّــانِـيَـةِ
وَاليَاقُـوتَـةِ المُتَـحَقِّـقَـةِ الحَـائِطَةِ بِمَـرْكَزِ الفُـهُومِ والمَعَـانِي،
وَنُـورِ الأَكْـوَانِ المُتَـكَوِّنَـةِ الآدَمِـي صَـاحِبِ الحَـقِّ الـرَّبَّانِي،
البَرْقِ الأَسْطَعِ بِمُزُونِ الأَرْبَاحِ المَالِئَةِ لِكُلِّ مُتَعَرِّضٍ مِنَ البُحُورِ وَالأَوَانِي،
وَنُـورِكَ اللاَّمِعِ الـذِي مَـلأْتَ بِهِ كَوْنَكَ الحَـائِطِ بِأَمْكِنَةِ المَـكَانِي،
اللَّهُـمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَيْنِ الحَقِّ التِي تَتَجَلَّى مِنْهَا عُرُوشُ الحَقَـائِقِ.
عَيْــنِ المَـعَارِفِ الأَقْـوَمِ صِـرَاطِـكَ التَّـــامِّ الأَسْـقَــمِ.
اللَّهُـمَّ صَـلِّ وَسَلِّـمْ عَلَى طَلْعَةِ الحَـقِّ بَالحَـقِّ الكَـنْزِ الأَعْـظَمِ.
إِفَـاضَتِـكَ مِنْـكَ إِلَيْــكَ إِحَـاطَـةِ النُّـورِ المُطَــلْسَــمِ.
صَلَّـى اللهُ عَلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـهِ، صَـلاَةً تُعَرِّفُنَـا بِـهَا إِيَّـــاهُ.


شرح جوهرة الكمال في مدح سيد الرجال
للعلامة سيدي الحاج مَحمد بن عبد الواحد النظيفي


اعلم أن بعض الإخوان رحمه الله ورضي عنه سئل هل هي من تأليف سيدنا أبي الفيض رضي الله عنه وعنا به آمين أم لا فأجابه بأنها من إملائه صلى الله عليه وسلم على سيدنا الشيخ رضي الله عنه وعنا به آمين كما سأل منه بعض الإخوان ذكر بعض ما لها من معان فقال مستعينا بالرحمن:
(اللهم) أي يا الله،
(صل) قد مر أن صلاة الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم توقيفية وأنها وصف قائم بذاته تعالى على الحد الذي يليق بعظمته وجلاله وهو أمر فوق ما يدرك ويعقل فلا تفسر بشيء راجع ما مر،
(وسلم) السلام الأمان من الله تعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم دنيا وأخرى،
(على) سيدنا ومولانا محمد،
(عين) أي حقيقة وذات،
(الرحمة) المفاضة على جميع الوجود فردا فردا،
(الربانية) نسبة إلى الرب سبحانه وتعالى وإنما أضيفت إلى الحضرة الربانية لأن هذه الرحمة المفاضة على سائر الوجود ذرة ذرة قطعة من النور الإلهي اقتطعها الحق سبحانه من نوره الأزلي،
(والياقوتة) من التشبيه البليغ وإنما شبه بالياقوتة لكونها غاية ما يدرك الناس في الصفاء والشرف والعلو وإن كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم أشرف وأصفى وأعلى وأغلى من الياقوت تقريبا للأفهام ورحم الله من قال:
مـــحـمــد بـــشـر لا كـــالـــبــشــر



بل هـو كـالـيـاقـوت بـيـن الـحجـر

(المتحققة) بجميع الصفات والأسماء الإلهية التي يتوقف عليها وجود الكون وبقي وراءها من الأسماء والصفات ما لا توقف لوجود الكون عليه،
(الحائطة) من حاط الشيء صانه وحفظه،
(بمركز) بفتح كاف1 وسط الشيء وموضعه وأصله،
(الفهوم) التي قسمها الله تعالى لخلقه في جميع الكتب الإلهية،
(و) مركز،
(المعاني) أي معاني الأحكام الإلهية ومعاني الأسماء والصفات والمعارف والأسرار الربانية فهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصل ذلك كله ومركزه ومحيط بجميع ما شذ عليه منه شيء،
(ونور) بالجر عطفا على عين أي اللهم صل وسلم على نور جميع،
(الأكوان) المخلوقات،
(المتكونة) بكسر الواو نعت للأكوان أي التي تتكون شيئا بعد شيء على وفق المشيئة الأزلية ويقابلها ما بقي في طي العدم سبق في علم الله أنها تبقى في العدم فهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم نور الأكوان البارزة للوجود وغير البارزة فنوره صلى الله عليه وعلى آله وسلم محيط بالجميع فردا فردا،
(الآدمي) بهمزة ممدودة نسبة لآدم عليه السلام وبحذفها بعد نقل فتحتها للام تخفيفا نعت النور،
(صاحب) نعت له أيضا،
(الحق) هو ما قرره الحق سبحانه وتعالى في شرعه الذي حكم به على خلقه أمرا ونهيا وكيفية وابتداء وغاية فهو صاحبه صلى الله عليه وسلم المقرر له والناهي عنه والمنفذ له ،
(الرباني) نعت للحق أي الحق المنسوب للرب سبحانه وتعالى،
(البرق) نعت للنور المراد به الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وسلم،
(الأسطع) نعت للبرق أي الأرفع والأظهر على جميع الوجود ذرة ذرة،
(بمزون) بضم الميم جمع مزن كجند وجنود،
(الأرباح) بموحدة جمع ربح وهي الرحمات الإلهية والحاصل أن البرق استعير للحقيقة المحمدية صلى الله عليه وسلم والمزن لانصباب الرحمات الإلهية على جميع الوجود لأن البرق ملازم لمزن الأمطار كما أن الحقيقة المحمدية ملازمة للرحمة الإلهية،
(المالئة) بهمزة بعد اللام من ملأ الإناء يملؤه نعت لمزون،
(لكل متعرض) والتعرض تارة يكون بالتوجه إلى الله تعالى والتهيء والاستعداد وتارة بالاقتطاع الإلهي،
(من البحور) هي قلوب أكابر العارفين كالأنبياء،
(والأواني) هي قلوب الأوليا،
وكـلــهـم مــن رســـول الله مـلـتـمـــس



غـرفا مـن البـحـر أو رشــفا مـن الـديم
وواقـــفـون لــديـــه عـــنـد حـــــدهـــم



مـن نقـطــة العـلم أو مـن شـكلـة الحكم

(ونورك) بالجر عطفا على عين أيضا أي اللهم صل وسلم على نورك،
(اللامع) من لمع أضاء نعت للنور،
(الذي) نعت له أيضا،
(ملأت به) ضميره يعود إلى الذي،
(كونك) بالنصب مفعول ملأت،
(الحائط) بالنصب نعت للكون يعني أن الكون الحائط هو الأمر الإلهي الذي أقام الله فيه ظواهر الوجود فذلك الأمر مملوء به صلى الله عليه وسلم،
(بأمكنة) جمع مكان متعلق بالحائط،
(المكاني) بتخفيف ياء النسب للسجع نسبة إلى المكان والمراد هذا الذات التي منه تحل وتستقر في مكانها والمعنى ونورك اللامع الذي ملأت به مكوناتك الحائط بأمكنة كل مكان فإن الكون كله مملوء به صلى الله عليه وسلم بل الكون كله شعرة من شعراته صلى الله عليه وعلى آله وسلم،
(اللهم صل وسلم على عين) أي حقيقة،
(الحق) اعلم أن عين الحق له إطلاقان الأول إطلاق الحق من حيث الذات العلية المقدسة وهذا لا يطلق إلا على الله تعالى والثاني إطلاق الحق من حيث صفة الذات العلية المقدسة وهو العدل القائم بصورة العلم الأزلي والحكم الإلهي النافذ في كل شيء وهذا العدل هو الساري في آثار جميع الأسماء والصفات الإلهية وهو كله مجموع في الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلذا أطلق عليها عين الحق من هذا الاعتبار فكلها حق لا تنحرف عن ميزان العدل الإلهي الذي هو صفة من صفاته تعالى،
(التي) أنث نظرا إلى معنى عين الذي هو الذات،
(تتجلى) تظهر لأن التجلي هو الظهور،
(منها) الضمير يعود إلى عين،
(عروش) جمع عرش فاعل تتجلى،
(الحقائق) جمع حقيقة من إضافة المشبه به للمشبه مبالغة في التشبيه والمعنى اللهم صل وسلم على عين الحق التي تتجلى منها الحقائق التي هي كالعروش لأنها لما كانت كل حقيقة منطوية على ما لا غاية له من العلوم والمعارف والأسرار والمواهب والفيوض شبهت بالعروش لأن العرش محيط بما في جوفه من جميع المخلوقات،
(عين) بالجر نعت ثان لعين الحق أي حقيقة ومنبع ومركز،
(المعارف) الإلهية المفاضة على سائر البرية يعني أنه لما كانت المعارف الإلهية المفاضة على الخاصة العليا من النبيين والمرسلين والأقطاب والصديقين والأولياء كلها فائضة من الحقيقة المحمدية وليس شيء منها خارجا عن الحقيقة المحمدية فهو صلى الله عليه وسلم خزانة الكل وينبوعه فلذا أطلق عليه صلى الله عليه وسلم عين المعارف،
(الأقوم) بالجر نعت ثالث له معنيان الأول الاستقامة وهو المعتدل في التقويم بلا اعوجاج وهو معنى الاسم الثاني اسم تفضيل أي أنه صلى الله عليه وسلم أكمل كل من قام بأمر الله تعالى وتوفيته بالقيام بحقوق الله سبحانه وتعالى،
(صراطك) بالجر نعت رابع لعين الحق،
(التام) بالجر نعت لصراطك من التمام بمعنى الكمال استعير له صلى الله عليه وسلم اسم الصراط لكونه صراطا بين يدي الحق لا عبور لأحد إلى حضرة الحق إلا عليه صلى الله عليه وسلم فمن خرج عنه انقطع عن حضرة الحق وانفصل،
(الأسقم) بالجر نعت لِعَيْنِ أو للتام أي الكامل في الاستقامة بلا اعوجاج وهو اسم تفضيل مبني من استقام السداسي بعد حذف الألف والتاء الزائدتين والألف المنقلبة من الواو التي هي عين الكلمة وأبقيت السين مع زيادتها لتدل على أنه من استقام،
(اللهم صلي وسلم على) سيدنا ومولانا محمد،
(طلعة) أي مطلع ومظهر،
(الحق) وهو الله تعالى بذاته سبحانه وتعالى وتجليه،
(بالحق) أي بذاته لا بشيء دونها أو على مطلع ومظهر الحق الذي هو صفاتك وأسماؤك وجميع ما تفرع عنها من الأحكام الإلهية والمقادير الربانية واللوازم والمقتضيات الملازمة لتلك الصفات والأسماء فهو صلى الله عليه وسلم الجامع لحقائقها وأحكامها ومقتضياتها ولوازمها التي كان طلوعها في الحقيقة المحمدية بالحق عن مادة أسرار الصفات والأسماء الإلهية،
(الكنز) بالجر نعت لطلعة الحق،
(الأعظم) نعت للكنز يعني أنه صلى الله عليه وسلم جامع لجميع الأسرار والعلوم والمعارف والفتوحات والفيوض والتجليات الذاتية والصفاتية والأسمائية والفعلية والصورية فلما كملت فيه صلى الله عليه وسلم هذه الجمعية كان هو الكنز الأعظم إذ بسبب ذلك تستفاد منه جميع المطالب والمنح والفيوض الدينية والدنيوية والأخروية من العلوم والمعارف والأسرار والأنوار والأعمال والأحوال والمشاهدات والتوحيد واليقين والإيمان وآداب الحضرة الإلهية إذ هو المفيض لجميعها على جميع الوجود جملة وتفصيلا فردا فردا من غير شذوذ ذرة عن ذلك،
(إفاضتك)بالجر نعت ثان لطلعة الحق أي التي هي مورد الألطاف الذي سألته،
(منك) عندما تجليت بنفسك وأوصافك وسألت ذاتك بذاتك ذلك فتلقيت ذلك السؤال منك بالقبول والإسعاف وكان قوامه راجعا،
(إليك) فأوجدت ذلك المورد الذي هو الحقيقة المحمدية من حضرة علمك فكانت عيونا وأنهارا ثم سلخت العالم كله منها واقتطعته كله تفصيلا على تلك الصورة الآدمية الإنسانية فهو صلى الله عليه وسلم أول كل موجود وأصله وببركته وجد وبه استمد. الله أعلم حيث يجعل رسالاته،
(إحاطة) بالجر نعت ثالث مصدر وصف به مبالغة،
(النور) أي المحيط بالنور،
(المطلسم) بالجر نعت للنور أي المكتوم يعني أن النور المطلسم هو سر الألوهية المكتوم وكان هذا السر قسمه الحق سبحانه قسمين قسم استبد به بعلمه لا يطلع عليه غيره وقسم اختار أن يطلع عليه غيره من خلقه من ذوي الاختصاص وكان لكل واحد منهم ما قدر له في الأزل وكان صلى الله عليه وسلم هو المحيط بذلك كله علما وذوقا،
(صلى الله) تعالى (عليه وعلى آله) لحديث إياكم والصلاة البتراء قيل وما الصلاة البتراء قال أن تصلوا علي دون آلي،
(صلاة) معمول لصلى الماضي ولصل في المواضع الثلاثة وحذف في الأول لدلالة الآخر عليها،
(تعرفنا) صفة لصلاة،
(بها) أي بالصلاة،
(إياه) أي نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم المعرفة الأبدية بمحض العناية الصمدية آمين.

المرجع: الدرة الخريدة شرح الياقوتة الفريدة
ج: 2 ص: 57



انظر شرح "جوهرة الكمال في مدح سيد الرجال" للعارف بالله سيدي محمد الحافظ المصري رضي الله عنه
وللعلامة سيدي عبد الغني حجيج رضي الله عنه




الهوامش:
------------------------------------------------
[1] - كمقعد وبكسرها كمسجد

شمس ابراهيم
30-11-2014, 12:05 PM
شكرا وبارك الله فيك

لطائف الله
16-01-2015, 01:29 PM
جزاكم الله كل خير على الطرح الطيب العطر

ياسر فتحى
31-01-2015, 01:33 PM
جزاك الله خيرا

محب التيجانية
24-02-2015, 03:50 PM
جزاكى الله كل خير اخت تبارك وبارك الله فى السادة التيجانية وفى انفاسهم العطرة وبركاتهم الممتدة