المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صلاة الليل في تكامل الشخصية



orphan
06-05-2012, 01:18 PM
صلاة الليل في تكامل الشخصية

إن الخطابات القرآنية المتوجهة للنبي (ص)، هي متوجهة لكل المؤمنين: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}، لأنه لو كان هذا الخطاب خاصاً بين الله وبين نبيه، لما أنزلها آية في القرآن الكريم!.. يقول العلماء في فضل صلاة الليل: يكفي أن القرآن أبهم الجزاء!.. فلم يذكر جزاءً محددا: لم يذكر حوراً، ولا قصوراًً.. بل أبهم الأمر فقال: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}، واستعمال النكرة هنا لتفخيم الأمر!.. لم يقل: المقام المعلوم، ولم يقل: مقعد الصدق عند المليك المقتدر.. بل جعله مفتوحاً ليتزود كل واحد منا من هذا المقام المحمود، بحسب إتقانه لصلاة الليل.. وصلاة الليل التي كان يقوم بها النبي الأكرم -صلى الله عليه وآله وسلم- لا تقاس بصلاة ليلنا نحن!.. وبلغ من أهمية صلاة الليل في حياة الملحقين بالأئمة (ع) كمولاتنا زينب الكبرى (ع)، أنها في ليلة الحادي عشر من المحرم، وقد رأت ما رأت من المصائب والرزايا، ومع ذلك تجلس على صعيد كربلاء،


إن الإنسان في الحياة الدنيا لديه طموحات فوق القدرات الظاهرية، فلماذا في كف الآخرة لا يكون لنا مثل هذا الطموح؟.. وخاصة أن القرآن الكريم، يتعمد ذكر عينات في تاريخ الأنبياء والأمم السالفة، ممن ليسوا بأنبياء ولا بأوصياء.. فآسيا زوجة فرعون من فراعنة العصر، وأما مريم امرأة فضلها أن أمها نذرت ما في بطنها محرراً.. ولكن الله -عز وجل- تقبلها وأنبتها نباتاً حسناً، وجعل لها أستاذاً.. وللذين يشكلون أن الحركة لا يمكن من دون أستاذ، نقول: بأن رب العالمين هو المربي، وهو الذي يلقي في الروع، ويربط على القلب، كما حدث مع أهل الكهف {فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}، فهؤلاء الفتية عندما آمنوا، زادهم الله هدى، ولم يبعث لهم أنبياء ومرسلين.. وكان يرافقهم كلب لهم، فهذا الكلب أيضاً شملته الكرامة الإلهية، فنام معهم تلك النومة.. فأهل الكهف هم {فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ}، ولكنهم تحركوا: آمنوا واعتزلوا قومهم.. {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِه ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا}، فهؤلاء صدقوا في الحركة.


بعض النقاط العملية في هذا المجال:
أولاً: النية.. إن على الإنسان أن يعزم على القيام لصلاة الليل؟!.. والنية من أبسط الأمور في هذه الدنيا، ولا تحتاج إلى حركة.. فقط بإمكان الإنسان أن يقول: "يا رب!.. إن أيقظتني هذه الليلة لصلاة الليل، فلك عليّ أن أصلي لك".. فلو نوى الإنسان هذه النية أربعين سنة، فإنه -بإذن الله تعالى- سيحشر يوم القيامة، وقد كتب في ديوان عمله صلاة الليل.. وذلك بناء على ما قاله النبي (ص): (نية المرء، خير من عمله).. وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -تبارك وتعالى- قال: (إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك: فمن هم بحسنة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة.. وإن هم بها فعملها، كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة...).


- إن الذي ينوي قيام صلاة الليل، أو صلاة الفجر، فيستيقظ وهو متألم؛ فإنه سيعطى من الأجر ما لا يعطى الذي قام الليل.. وذلك لأن الله –عز وجل- يقول: (يا آدم!.. أنين المذنبين أحب إلينا من تسبيح المرائيين).. فهذا الإنسان عندما يستيقظ صباحاً، وينظر إلى الشمس الطالعة، فينكس رأسه ويقول: يا رب اغفر لي!.. لعلك البارحة رأيت مني شيئاً، فحرمتني صلاة الليل!.. جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين (ع) فقال: إني قد حُرمت الصلاة بالليل، فقال (ع): (أنت رجل قيدتك ذنوبك).. وعن أبي عبد الله (ع): (إن الرجل ليكذب الكذبة، فيحرم بها صلاة الليل.. فإذا حرم صلاة الليل، حرم بها الرزق).. ورب العالمين لا يُحب للإنسان أن يكون عاطلا عن العمل، ويعز عليه -عز وجل- أن يرى عبده المؤمن، وهو يعيش ذلة المعيشة، ويمد يديه إلى الغير، ويشكو أمره إلى لئام الناس.. فالمؤمن شأنه عند الله أعظم من الكعبة، وقد ورد: (إذا رأيت قساوة في قلبك، ووهنا في بدنك، وحرمانا في رزقك.. فاعلم أنك تكلمت فيما لا يعنيك).. إذا كان الإنسان عبدا لله -عز وجل-، كما أن الجنين عبد في تقلباته: مستسلماً لله -عز وجل-، لا يعصي الله في بطن أمه: لا يرى حراماً، ولا يسمع حراماً، ولا ينطق بحرامٍ، وإنما وجودٌ طاهر مطهر.. ومن هنا رزق في بطن أمه من خلال المشيمة، والحليب في ثديي أمه؛ لأنه نور بريء معصوم بمثل هذه العصمة، وهذه البراءة.

ثانياً: عدم تحميل النفس ما لا تطيق.. إن سياسة الشريعة قائمة على التيسير {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، فالنبي (ص) جاء بالشريعة السمحة السهلة.. فمثلا: الإنسان المسافر: لا يصوم، ويقصر في صلاته.. إذا أردت أن تستذوق صلاة الليل، وكنت تستكثر الركعات الطويلة بحسب الظاهر!.. حاول أن تكتفي بالشفع والوتر، وحاول أن تُحسن من كيفية هذه الصلاة لا من كمها.. أي إنك في قنوت صلاة الليل، انطلق في الحديث مع الله -عز وجل- من خلال الدعاء المأثور، تلاوةً من كتاب الدعاء، أو حفظا.. ثم كلمه بما تُحب.. فهو أقرب إلينا من حبل الوريد!..



ثالثا: إطالة السجود.. حاولوا أن توجدوا أُنساً لصلاة الليل من خلال إطالة السجود، عن أبي عبد الله -عليه السلام- أنّه قال: (مرَّ بالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- رجل وهو يعالج بعض حجراته، فقال: يا رسول الله، ألا أكفيك؟.. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: شأنك، فلما فرغ، قال له رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: حاجتك؟.. قال: الجنة، فأطرق رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ثم قال: نعم، فلمّا ولى قال له: يا عبدالله، أعنا بطول السجود).

- إن سلمان الذي هو أفضل صحابة النبي (ص)، والشخصية الأولى في الإسلام، والذي قال عنه النبي (ص): (سلمان منا أهل البيت).. يقول: (لولا السجود لله، ومجالسة قوم يتلفظون طيب الكلام، كما يتلفظ طيب التمر.. لتمنيت الموت).. يقول عليٌّ -عليه السلام- في نهج البلاغة: (ولولا الآجل الذي كتب الله عليهم، لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرف عين أبدا)!.. فالمؤمن وهو في الحياة الدنيا، يرى بعض صور النعيم (هم والجنة كمن قد رآها، فهم فيها منعمون)، والمؤمن لا يأنس إلا بالله، أو بالمؤمن.

رابعا: الاستغفار.. إن هناك محطتين للاستغفار في اليوم: استغفار صلاة العصر سبعين مرة في المحطة النهارية، والاستغفار سبعين مرة في جوف الليل في الوتر.. قال رسول الله (ص): (لكل داء دواء، ودواء الذنوب الاستغفار).. فالاستغفار يمحو الذنوب، وإن لم يقصده العبد لذنب معين.. فهو كالاستحمام الذي يذهب الدرن، ولو لم يكن صاحبه قاصدا ذلك.. والمؤمن الذي يلتزم بهاتين المحطتين، يخرج نظيفاً، ويبقى على طهارةٍ دائمةٍ.

خامسا: قضاء صلاة الليل.. إن الإنسان الذي فاتته صلاة الليل، يستحب له أن يقضيها، ولو على مستوى الشفع والوتر.. وإذا لم يكن لديه مزاجٌ أن يصلي صلاة الليل، فليقرأ القرآن، أو ليتفكر ويتدبر!.. وليقرأ هذا الدعاء: (إلهي!.. تعرض لك في هذا الليل المتعرضون، وقصدك فيه القاصدون، وأمّل فضلك ومعروفك الطالبون.. ولك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا ومواهب، تمن بها على من تشاء من عبادك، وتمنعها من لم تسبق له العناية منك.. وها أنا ذا عبدك الفقير إليك، المؤمل فضلك ومعروفك.. فإن كنت يا مولاي تفضلت في هذه الليلة على أحد من خلقك، وعدت عليه بعائدة من عطفك.. فصلّ على محمد وآله الطيبين الطاهرين الخيرين الفاضلين، وجد علي بطولك ومعروفك يا رب العالمين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين، الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا.. إن الله حميد مجيد.. اللهم إني أدعوك كما أمرت، فاستجب لي كما وعدت، إنك لا تخلف الميعاد).. ثم فليقل: "يا رب!.. في هذه الليلة إمامنا صاحب الأمر والزمان، صلى صلاة الليل، فأشركني في صلاته"، ويدعو له بالفرج!.. يقول أحد العلماء: التزموا بالدعاء لفرج الإمام مع كل آذان، لأن أبواب السماء تفتح مع كل آذان.. ويطلب منه أن يشركه في صلاته، فالنبي الأكرم (ص) شارك صحابي في مقامه في الجنة بعد قيامه بأمرٍ بسيط.. فكيف بإمامنا صاحب الأمر -عليه السلام-، ألا يُشركه في عمله إذا كان من الباكين عليه، والنادبين له في صلاة الجمعة، والداعين له في كل قنوت، والمقيمين لعزاء جده الحسين -عليه السلام-؟!.. لابد أن الرعاية سوف تشمل هذا الإنسان الموالي!.

سادسا: مستحبات القيام لصلاة الليل.. إن من التوصيات للتوفيق لقيام الليل: هو قراءة الآية الأخيرة من سورة الكهف قبل النوم: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.. وقال النبي (ص): (من أراد شيئاً من قيام الليل، وأخذ مضجعه فليقل: "بسم الله، اللهم!.. لا تؤمني مكرك، ولا تنسني ذكرك، ولا تجعلني من الغافلين.. أقوم ساعة كذا وكذا".. إلا وكل الله -عز وجل- به ملكاً نبهه تلك الساعة)؛ أي بمشيئة الله يلقن نفسه، أن يستيقظ في الساعة الكذائية.. وعلى فرض أنه لم ينتبه، ثم قضى صلاة الليل بالنهار؛ أيضا سيكون من الفائزين، إذا علم الله -عز وجل- ذلك من نيته.. ومن مستحبات ما قبل النوم: الوضوء، وقراءة آية الكرسي، وقراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات، وقراءة سورة الفاتحة أربع مرات.. وبهذه الحركات الذكية، يحول الإنسان نومه في كل ليلة إلى عبادة.. نعم، فكما قال الهادي (ع): (الدنيا سوق: ربح فيها قوم، وخسر آخرون).

ثابت السنوسى
07-05-2012, 05:36 AM
بارك الله فيك استاذ اورفان وجعل ما تقوم به في المنتدى صدقة جارية لك ولوالديك ليوم الدين

نسائم الرحمن
07-05-2012, 08:21 AM
قال رسول الله(ص): (إن العبد إذا خلا بسيده في جوف الليل المظلم وناجاه أثبت الله النور في قلبه ....ثم يقول لملائكته: (ملائكتي انظروا إلى عبدي فقد تخلى بي في جوف الليل المظلم والبطالون لا هون, والغافلون نيام, اشهدوا أني غفرت له)


غفر الله لك ولوالديك استاذ اورفان وزاد الله في ميزان حسناتك

روضة العامودى
07-05-2012, 10:55 AM
جزيل الشكر و الإمتنان لهذه النفحات الإيمانية بارك الله فيك و عليك و رحم الله بها والديك

orphan
07-05-2012, 12:24 PM
قال رسول الله(ص): (إن العبد إذا خلا بسيده في جوف الليل المظلم وناجاه أثبت الله النور في قلبه ....ثم يقول لملائكته: (ملائكتي انظروا إلى عبدي فقد تخلى بي في جوف الليل المظلم والبطالون لا هون, والغافلون نيام, اشهدوا أني غفرت له)


غفر الله لك ولوالديك استاذ اورفان وزاد الله في ميزان حسناتك

مشكووورة استاذ علي مرورك الطيب في موضوعي والله يفتح لك الف باب من ابواب الخير ويعطيكم الصحة و العافية

orphan
07-05-2012, 12:27 PM
جزيل الشكر و الإمتنان لهذه النفحات الإيمانية بارك الله فيك و عليك و رحم الله بها والديك



مشكووورة استاذ ابتهال علي علي مرورك الطيب واسأل الله ان يوسع عليكم من رحمة ويقربكم من ذكرة وشكرة في الليل والنهار امين

orphan
07-05-2012, 12:28 PM
بارك الله فيك استاذ اورفان وجعل ما تقوم به في المنتدى صدقة جارية لك ولوالديك ليوم الدين



مشكووور يا ثابت السنوسي واسال ان يتبك بالقول الثابت يوم تغير فيه الاحوال ويشملك برحمتة الواسع ويفتح لك ابواب الخير

هنا
07-05-2012, 04:59 PM
جزيل الشكر و الإمتنان لهذه النفحات الإيمانية بارك الله فيك و عليك و رحم الله بها والديك

الشيخ درويش عبود المغربى
08-05-2012, 12:55 PM
جزيل الشكر والتقدير للاستاذ اورفان على انتقاءاته المنتخبة بعناية فائقة وبدقة والافادة الجمة التى تصب فى صالح الاعضاء واثراؤهم بالنفحات الايمانية المتجددة جعلها الله لك ذخرا يوم تلقاه اللهم امين

غانم العمروسى
08-05-2012, 01:07 PM
غفر الله لك ولوالديك استاذ اورفان وزاد الله في ميزان حسناتك

قدرية توفيق
10-05-2012, 12:27 AM
مشكور وبارك الله فيك استاذ اورفان

orphan
10-05-2012, 11:43 AM
مشكوورة هناء ويا قدرية وجميع الاعضاء من مرو في موضوعي وتعطيرة واتمني لكم التوفيق في الحياة

orphan
10-05-2012, 11:44 AM
مشكوووور يا شيخنا الغالي علي مرورك الطيب في موضوعي والله يعطيك الف عافية

ظفار العدوى
11-05-2012, 12:57 AM
بارك الله فيك استاذ اورفان وجعل ما تقوم به في المنتدى صدقة جارية لك ولوالديك ليوم الدين

فايق عزب
12-05-2012, 08:08 AM
غفر الله لك ولوالديك استاذ اورفان وزاد الله في ميزان حسناتك

orphan
13-05-2012, 12:18 PM
مشكووور علي مرورك الطيب والله يحفظك بحق محمد واله الطيبين الطاهرين

كارم المحمدى
13-05-2012, 02:33 PM
غفر الله لك ولوالديك استاذ اورفان وزاد الله في ميزان حسناتك

خليفة بن حمد
14-05-2012, 12:59 AM
مشكور استاذ اورفان على الشرح جزاك الله الف خير ورحم الله والديك دنيا واخرة

orphan
16-05-2012, 12:02 PM
مشكور استاذ اورفان على الشرح جزاك الله الف خير ورحم الله والديك دنيا واخرة

مشكووور ياخليفة يابتهال وياهنادي وياقدرية على مروركم الطيب بتعطيركم موضوعي واسال الله ان يعطيكم خير الدنيا والاخرة