المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الملائكة



داليا
16-12-2014, 11:42 PM
عند البحث في الشبكة العنكبوتيه كما يطلقون عليها وقع نظري على موضوع شيق يتكلم عن الملائكة عليهم السلام
والامانه ليس فضل الا النقل للاستفاده والله الموفق
اصل الملائكة

===============



الملائـكــة : جمع ملأك ,, نقلت حركة الهمزة فيه إلى الســاكن قبله ,, ثم حذفـت الألـف تخفيفـا فصـارت ملكـا وهـو مشـتق من كلمة الألوكـة التي هي الرســالة ,, والجمع ملائك وملائـكــة

أصل المادة التي خلقت منها الملائكة هي ( النـور ) فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( خـلـقـت الملائـكة مـن نـور و خلق الجــان من نــار وخلق آدم ممـا وصــف لكــم ))

وأخرج ابن جرير وأبو حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي العالية قال : " إن الله تعالى خلق الملائكـة يوم الأربعاء وخلق الجـان يوم الخميـس ,, وخلق آدم يوم الجمعة ,, فكفر قوم من الجن ,, فكانت الملائكـة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم فكانت الدماء وكان الفسـاد في الأرض ,, فمن ثم قالوا : ( أتجعل فيها من يفســد فيها ويســفك الدمـاء ) "

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " إن الله تعالى خلق الجنة قبل النار ,, وخلق رحمته قبل غضبه ,, وخلق السماء قبل الأرض ,, وخلق الشمس والقمر قبل الكواكب ,, وخلق النهار قبل الليل ,, وخلق البحر قبل البر ,, وخلق البر والأرض قبل الجبال ,, وخلق الملائكـة قبل الجن ,, وخلق الجن قبل الإنـس ,, وخلق الذكـر قبـل الأنثـى "



الملائكة وآدم عليه الصلاة والســلام


قال تعالى : (( وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون * وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون * وإذ قلنا للملائكة اســجدوا لآدم فسجدوا إلا إبلـيـــس أبى واســتكبر وكــان من الكافـــرين ))

من خلال هذه الآيات الكريمات أمــور لابد من بيانها وهي :

الامر الاول

نسمع من بعض الناس يقولون ( إن الإنسان خليفة الله في الأرض ) ويستدلون لقولهم هذا بقول الله تعالى :
(( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة )) ,, وهذا استدلال خاطئ بالآية الكريمة وذلك أن الخليفة هو من يقوم عن المخلوف عنه في حال غيابه أو موته وهذا المعنى لا يتحقق في حق الله سبحانه قطعا ,, بل الصواب أن الله تعالى هو الذي يخلف الإنسان إذا غاب كما كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء السفر : (( اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهــل )) ,, ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن المسيح الدجال قال لهم : (( إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه , وان يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم )) ولما ولى أبوبكر الصديق رضي الله عنه الخلافة قال بعض الصحابة : ( يا خليفة الله !! فقال أبوبكر رضي الله عنه : بل يا خليفة رسول الله وحسبكم ذلك )



أما معنى قوله تعالى : (( إني جاعل في الأرض خليفة )) فقد قال ابن كثير رحمه الله : " أي قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل كما قال تعالى : ( هو الذي جعلكم خلائف الأرض ) وقال : ( ويجعلكم خلفاء الأرض )
وقال : (( لو نشاء لجعلنـا منكم ملائـكة في الأرض يخلفـون )) وقال : (( فخلف من بعدهم خلف )) وليس المراد ههنا بالخليفة آدم عليه السلام فقط كما يقوله طائفة من المفســـرين "



الأمر الثاني :

متعلق بقول الملائكة لرب العزة : (( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )) قال القاسمي رحمه الله : " فإن قلت : من أين عرف الملائكة ذلك حتى تعجبوا منه , وإنما هو غيب ؟ أجيب : بأنهم عرفوه إما بعلم خاص أو بما فهموه من الطبيعة البشرية . فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف (( من صلصال من حمأ مسنون ))
أو فهموا من ( الخليفة ) أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ويردعهم عن المحارم والمآثم

قال العلامة ابن برهان الدين في تفسيره : " وما يقال من أنه كان قبل آدم عليه السلام من الأرض خلق يعصون , قاس عليهم الملائكة حال آدم عليه السلام كلام لا أصل له . بل آدم أول ساكنيها بنفسه "

قال ابن كثير رحمه الله : " وقول الملائكة هذا ليس على وجه الإعتراض على الله ولا على وجه الحسد لبني آدم كما يتوهمه بعض المفسرين , وقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول " أي : لا يسألونه شيئا لم يأذن لهم فيه وههنا لما أعلمهم بأنه سيخلق في الأرض خلقا .. قال قتاده : وقد تقدم إليهم أنهم يفسدون فيها . فقالوا (( أتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماء )) ,, وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك يقولون : يا ربنا ما الحكمة من خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ,, فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك , أي : نصلي لك .. أي : ولا يصدر منا شيء من ذلك وهلا وقع الإقتصار علينا ؟ قال الله تعالى مجيبا لهم عن هذا السؤال : (( إني أعلم ما لا تعلمون )) أي : أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم ,, فإني سأجعل فيهم الأنبياء وأرسل فيهم الرسل ,, ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزُهَّاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رســله صلـوات الله وسـلامه عليـهـم "



الأمر الثالث :

متعلق بقول الله تعالى : (( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين . قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم . قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمــون ))

قال ابن كثير رحمه الله تعالى : " هذا مقام ذكرالله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة بما اختصه من علم أسماء كل شيء دونهم وهذا كان بعد سجودهم له ,, وإنما قدم هذا الفصل على ذاك لمناسبة ما بين هذا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة حين سألا عن ذلك فأخبرهم تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون ,, ولهذا ذكر الله هذا المقام عقب هذا ليبين لهم شرف آدم بما فُضِّلَ به عليهم في العلم .. فقال تعالى : (( وعلم آدم الأســــمـاء كلــــها ))

قال القرطبي : اختلف العلماء في هذا الباب أيهما أفضل الملائكة أم بنــو آدم ؟؟ على قوليــن :

فذهب قول إلى أن الرسل من البشر أفضل من الرسل من الملائكة ,, والأولياء من البشر أفضل من الأولياء من الملائكة ,, وذهب آخرون إلى أن الملأ الأعلى أفضل .. احتج من فضل الملائكة بأنهم (( عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون )) ,, (( لا يعصـون الله مـا أمــرهم ويفعلون ما يؤمرون )) وقوله : (( لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربـون )) وقوله : (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك )) ,, وفي البخاري يقول الله عز وجل : ( من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) ,, وهذا نص .. واحتج من فضل بني آدم بقوله تعالى : (( إن الذين آمنـوا وعملوا الصالحات أولئـك هم خيـر البـرية )) بالهمز من برأ الله الخلق ,, وقوله عليه السلام : (( إن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم )) الحديث ,, وبما جاء في أحاديث من أن الله تعالى يباهي بأهل عرفات الملائكة , ولا يباهي إلا بالأفضل .. والله تعالى أعلم

وقال بعض العلماء : " ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة ولا القطع بأن الملائكة خير منهم
لأن طريق ذلك خبر الله تعالى وخبر رسوله أو إجماع الأمة وليس هاهنا شيء من ذلك "
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن صالحي البشر أفضل من الملائكــــة

وطالما أن هذه المسألة لم يرد نص قاطع يحسم الخلاف فيها كما قال القرطبي ,, فأن الإمساك عليها أولى من الخوض فيها ولا سيما أنها مسألة لا يتوقف عليها عمل بالنسبة للمسلم .. والله تعالى أعلم
وهذا ما ذهب إليه شارح الطحاوية فقد قال : " وقد تكلم الناس في المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر ,, وينسب إلى أهل السنة تفضيل صالحي البشر والأنبياء فقط على الملائكة ,, والى المعتزلة تفضيل الملائكة . وأتباع الأشعري على قولين : منهم من يفضل الأنبياء والأولياء ,, ومنهم من يقف ولا يقطع في ذلك قولا .. وحكى ذلك عن غيرهم من أهل السنة وبعض الصوفية ,, وقالت الشيعة : إن جميع الأئمة أفضل من جميع الملائكة . ومن الناس من فصَّل تفصيلا آخر ولم يقل أحد ممن له قول يؤثر إن الملائكة أفضل من بعض الأنبياء دون بعض .

والشيخ رحمه الله لم يتعرض إلى هذه المسألة بنفي ولا إثبات , ولعله يكون قد ترك الكلام فيها قصدا , فإن الإمام
أبا حنيفة رضي الله عنه وقف في الجواب عنها على ما ذكره في " مآل الفتاوى " فأنه ذكر مسائل لم يقطع أبوحنيفة فيها بجواب , وعدّ منها : التفضيل بين الملائكة والأنبياء وهذا هو الحق , فأن الواجب علينا الإيمان بالملائكة والنبيين وليس علينا أن نعتقد أي الطريقين أفضل فإن هذا لو كان من الواجب لبين لنا نصا وقد قال تعالى : (( اليوم أكملت
لكم دينكم )) (( وما كان ربك نســيا )) ,, فالسكوت عن الكلام في هذه المسألة نفيا وإثباتا والحالة هذه أولى .....


الأمر الرابع :



الامر الرابع

متعلق بقول الله تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) فما معنى السجود المذكور في الآية ؟؟
والجواب : أن السجود كان لآدم بأمر الله , وهذا إكرام من الله لآدم بأن أسجد له ملائكته , فكانت الطاعة لله والسجدة لآدم إكراما له .. وقد خالف البعض فيما ذكر وذكروا أقوالا أخرى ولكنها كلها ضعيفة مردودة
قال الألوسي رحمه الله : " السجود في الأصل تذلل مع انخفاض بانحناء وغيره , وفي الشرع : وضع الجبهة على قصد العبادة وفي المعنى المأمور به هنا خلاف , فقيل : المعنى الشرعي , والسجود له في الحقيقة هو الله تعالى , وآدم إما قِبّـله أو سبب واعترض بأن لو كان ما امتنع إبليس , وبأنه لا يدل على تفضيله عليه السلام عليهم

وقوله تعالى : (( أرأيتـك هــذا الــذي كــرمــت عــليّ ))
يدل عليه . ألا ترى أن الكعبة ليست بأكرم ممن سجد إليها , وأجيب بالتباس الأمر على إبليس , وبأن التكريم يجعله جهة لهذه العبادة دونهم ولا يخفى ما فيه من الدلالة على عظمة الشأن , كما في جعل الكعبة قبلة من بين سائر الأماكن ,, ومن الناس من جوّز كون المسجود له آدم عليه السلام حقيقة مدعيا أن السجود للمخلوق إنما منع في شرعنا ,, وفيه أن السجود الشرعي عبادة , وعبادة غيره سبحانه شرك محرم في جميع الأديان والأزمان , ولا أراها حلت في عصر من الإعصار

وقيل : المعنى اللغوي , ولم يكن فيه وضع الجباه ,, بل كان مجرد تذلل وانقياد , فاللام إما باقية على ظاهرها , وإما بمعنى إلى مثلها في قول حسان رضي الله عنه :

أليــس أول مـن صلى لقبلـتكم وأعــرف النـاس بالقـرآن والسـنن

أو للسببية , مثلها في قوله تعالى : (( أقـم الصـلاة لـدلـوك الشـمـس )) ,, وحكمة الأمر بالسجود إظهار الاعتراف بفضله عليه السـلام .. قال ابن كثير رحمه الله : " قال قتادة في قوله تعالى : (( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم )) فكانت الطاعة لله والسـجدة لآدم أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته " .. وقال بعض الناس : " كان هذا سجود تحية وسلام وإكرام كما قال تعالى : (( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا )) , وقد كان هذا مشروعا في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا " .. قال معاذ : " قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لأساقفتهم وعلمائهم فأنت يا رسول الله أحق أن يسجد لك , فقال : ( لا : لو كنت آمرا بشرا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ) " .. ورجحه الرازي . وقال بعضهم : " بل كانت السجدة لله وآدم قبلة فيها كما قال تعالى : (( أقم الصــلاة لـدلـوك الشــمـس )) , وفي هذا التنظير نظر والأظهر أن القول الأول أولى والسجدة لآدم إكراما وإعظاما واحتراما وسلاما وهي طاعة لله عز و جل ,, لأنها امتثال لأمره تعالى . وقد قواه الرازي في تفسيره وضعف ما عداه من القولين الآخرين وهما كونه جعل قبله إذ لا يظهر فيه شرف , والآخر أن المراد بالسجود الخضوع لا الانحناء ووضع الجبهة على الأرض وهو ضعيف كما قال " .. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما السجود فشريعة من الشرائع ,, إذ أمرنا الله تعالى أن نسجد له ولو أمرنا أن نسجد لأحد من خلقه غيره لسجدنا لذلك الغير ,, طاعة لله عز و جل . إذ أحب أن نعظم من سجدنا له , ولو لم يفرض علينا السجود لم يجب البتة فعله ,, فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة له , وقربة يتقربون بها إليه ,, وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم "





الأمر الخامس :

هــل كــان إبليــس مــن الملائــكــة ؟؟

ذهب البعض إلى أن إبليس كان من الملائكة , ودليلهم على ذلك : أن الله قد استثناه من الملائكة في قوله : (( وإذ قلنـا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر )) ,, وذكر بعضهم أن إبليس كان طاووس الملائكة , وأنه كان من الملائكة ,, ذوي الأجنحة الأربعة وكان من أشراف الملائكة ,, وأنه كان من أفضل صنف من الملائكة يقال لهم الجنّة , وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما , وكان اسمه عزازيل ثم أبلس بعده إلى آخـر مـا ذكــروا

والصواب : " أن إبليس . لعنه الله . لم يكن من الملائكة قط , وذلك للنصوص المصرحة بأصل خلقته وأنه خلق من نار وان الملائكة خلقت من نـور ,, فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( خلقت الملائكة من نـور وخلق الجـان من نـار وخلق آدم ممـا وصف لكـم )) وقال تعالى : (( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه )) ففي هذه الآية بيّن الله عز و جل أن إبليس من الجن وليس من الملائكة

وقال الحسن البصري : " ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وانه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنــس "
وقال الزهري : " ابليـس مـن الجن وهو أبـو الجـن كما أن آدم مـن النـاس وهـو أبـو النــاس "
وأما استثناء إبليس من عموم الملائكة ,, فذلك لأن الأمر بالسجود كان موجها إلى الملائكة والجن , وإنما جاء القرآن بذكر الملائكة فقط اكتفاء بذلك الأشرف , وذلك كما تقول : سـار خلف نعش الزعيم الوزراء والأمراء والكبراء مع أن هذا لا ينفي أنه سار خلفه طبقات العمال والفلاحين والتلاميذ

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن إبليس كان من الملائكة باعتبار صورته وليس منهم باعتبار أصله ولا باعتبار مثاله ,, وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي فيه : (( فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ومالي لا أبكي أنا أحق بالبكاء لعلي ابتلى بما ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة وما أدري لعلي ابتلى بمثل ما ابتلي به هاروت وماروت , قال فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل عليه السلام .. )) إلى آخر الحديث فهذا حديث ضعيف لا تقوم به حجة ,, فقد قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلام الطويل وهو مجمع على ضعفه

مــن أركــان عقيــدة المـؤمــن
الإيـمـــان بالملائـكـــة
=======================


قبل البحث في هذا الركن من أركان العقيدة نقدم بيان الحقائق الثـلاث التاليـة :

الأولى : أن الكون كله ينقسـم إلى غيـب ,, وشــهادة .

فالغيب : ما غـاب من الموجودات عن أعين الناظرين ,, وإن كانت حقيقة مخصلة في صدورهم لا تغيب عن خواطرهم وذلك ككل الموجودات الأرضيـة والســماوية ..
والشـهادة : خلاف الغيب وهي كل ما كان من الموجودات أمام نظر الإنســان يشـاهده ويراه ,, أو كان بحيث يدركه بإحدى حواسه التي هي الســمع , والبصـر , واللمـس , والشــم , والذوق

الثانية : أن الإنسـان بحكم طبيعة الحياة مقدر له الإيمان بالغيب مفروض عليه

,, لا يسـتطيع التخلص منه بحال من الأحوال اللهم إلا إذا سَـفِه نفسه ,, وأراد التخلي عن كرمته الآدمية ,, وعن شرفه الإنساني ليصبح بعد ذلك حيوانا هابطا لا خير فيه ,, أو آلة صماء لا وعي لها ,, ولا إدراك !!! وذلك لأن الإنسان كائن متحيز متى وُجد في مكان استحال عليه أن يوجد في مكان آخر مع بقائه في مكانه الذي هو فيه ,, ومن هنا ستصبح سائر الأمكنة التي تخلو منه بعده عنها غيبا له ,, وليست بشهادة عنده ولا بد له من أن يؤمن بها ,, وبما فيها من أشياء جواهر وأعراض ,, متى وجدت آثار تدل على ذلك ,, أو أخبار صادقة تنبىء به ... ثم إن حواس الإنسان التي يحصل له العلم بها محدودة القوة محصورة الإدراك في مجال معين لا تتعداه ,, فسمعه مقيد في السماع بالأصوات العالية فإذا انخفضت إلى درجة معينة تعذر عليه أن يسمع ,, وبصره مقيد برؤية الأجسام الكبيرة فإذا صغرت ودقت وبلغت حدا معينا من الصغر والدقة عجز عن رؤيتها ,, ولمسه كذلك فإنه يحس بالأجسام الكثيفة ,, فإذا خفت انقطع إحساسه بها ,, وحتى عقله فإنه يكل عن إدراك أشــياء معقولة ,, ويعيا عن تصورها تماما

من هنا كان لا بد للإنسان من الإيمان والتصديق بأشياء لم يشاهدها ولم يحس بها بأية حاسة من حواسه ولم يدرك حتى تصورها بعقله ولا خيار له في ذلك إذا أراد أن يقيم لكرامته وزنا ولقيمته قدرا من الاحترام والتقدير وكيف تُنكر
هذه الحقيقة ونحن نرى أن الإنسان يعيش في بلد ما ولم يخرج منه أبدا وهو يؤمن بعشرات البلاد ويصدق بوجودها وهو لم يرها ولم يـر مـن رآهـا قـط كما نرى إنسانا آخر لم ير الفيل طول حياته وهو يؤمن بوجود هذا الحيوان الذي لم يره ولم ير من رآه أبدا ونرى ثالثا يؤمن بالجاذبية إيمانا جازما ومن المعلوم أن الجاذبية مما لا يُرى ولا يشاهد أبدا
ونجد رابعا وُلد ولم يعرف والده لموته قبل ولادته وهو يؤمن بأن له والدا ولا ينكر ذلك بحال ,, ولذا كان من المضحكات
أن يدعى إنسان أنه لا يؤمن بالغيب أو أنه يستطيع أن يعيش في هذه الحياة بدون الإيمان بالغيب

الثالثـة : أن الإنسـان يكتسـب علمه بالموجودات عن طريق عقله وحواسه معا

, فبعقله يدرك سائر التصورات العقلية وبالحواس يدرك سائر الماديات من مرئي ومسموع ومحسوس ومشموم ومطعوم ,, فبالعقل أدرك فضيلة الصدق ورذيلة الكذب وبالعقل أدرك المستحيلات ككون الشيء إذا وجد في مكان لا يوجد في غيره , والواجبات ككون الجسم لا بد له من حيز يشغله وككون المصنوع لا بد له من صانع ,, والجائزات ككون المريض قد يشفى وقد لا يشفى والغائب قد يعود وقد لا يعود

وبحاسة البصر أدرك المرئيات أطوالها وأعراضها وصفاتها ,,, وبالسمع أدرك الأصوات وفرّق بينها وأدرك الأخبار ومدلولاتها وبالذوق أدرك سائر الطعوم وعرف حلوها ومرها وحامضها وسامجها ,, وبالشم أدرك سائر الروائح طيبها وكريهها وباللمس أدرك الأجسام وفرق بين خشنها وناعمها وخارها وباردها

هذه طرق اكتساب الإنسان لعلومه ومعارفه ( العقل والحواس ) وهو مستعد دائما للحصول على المعارف بواسطتها إن الإنسان يتعقل الشيء ثم يصدر حكمه عليه بالإثبات أو بالنفي , بالوجوب أو الاستحالة أو الجواز ,, وينظر إلى الشيء فيحكم عليه بالطول أو القصر , بالبياض أو السواد ويسمع الصوت فيحكم بأن المسموع صوت كذا وكذا ... الخ



وهكذا يتحصل الإنسان على معرفته بالموجودات بقسميها : الغيب والشهادة بواسطة العقل والحواس بيد أن ما كان من الموجودات غيبا محضا فإن طريق الحصول علة معرفته والإيمان به هو السماع به أو مشاهد آثاره الدالة عليه
فالمرء إذا أخبره أحد أن فلانا مات , أو سافر , أو قدم من سفر , وكان بعيدا عنه لا تمكنه رؤيته حصل له العلم بحاله من موت أو سفر أو قدوم منه ,, حصل بواسطة الخبر الذي تلقاه عن غيره من عقلاء الناس ,, والمرء قد يمر بأرض فيجد بها سيولا تجري , وشعابا طافحة بالماء فيعلم فورا أن مطرا قد نزل بتلك الأرض ,, وإن لم يشاهد نزوله ولم يخبره بنزوله أحد ,, وإنما حصل له علم به بواسطة الأثر ,, وهو سيلان الأودية وامتلاء الشعاب ,, وقد يمر الإنسان بمكان ما فيشم روائح طيبة فيعلم أن هناك عطارا , أو أشجارا من ذوات الروائح الطيبة ,, وإن لم ير ذلك بعينه ,, ولم يخبره به أحد من الناس ,, وهكذا يؤمن الإنسان بالغيب , ويحصل فيه على اليقين الكامل بواسطة خبر الثقات , أو آثار الأشياء التي آمن بها , وصدق بوجودها لدلالة آثـارهــا عليــها

ومن هنا كان الإيمان بوجود الملائـكــة أمرا معقولا ,, ومطلبا سهلا ميسـورا ,, فالملائـكــة وإن كانوا غيبا فقد دل على وجودهم الدليل الذي تثبت به كل الموجودات الغيبية عند الإنسان ,, والذي هو خبر الثقات , وآثار الموجودات , ونزيد هذه الحقيقة توضيـحــا فنـقــول :
أليس الإنسان العاقل يخبره ذو صدق بحدوث كذا أو كذا من الممكنات فيصدقه في خبره , ويعتقد صحة ما أخبره به ؟
أليس الإنسان العاقل يسمع صوتا بعيدا عنه لم ير مصدره فيؤمن بذي الصوت , ويصدق بوجوده كأنه رآه وشاهده ؟
أليس الإنسان العاقل يجد كرسيا قد وضع في غرفة فيعلم أن هناك أحدا قد وضع هذا الكرسي وأعده للجلوس عليه وإن لم ير من فعل ذلك ؟ أليس الإنسان العاقل إذا رأى كتابا يعلم فورا أن هناك أحدا أملى هذا الكتاب وأن آلة قد طبعته ولا يشك في ذلك ولا يتردد أبدا ؟

وحصول هذه التقنيات له كانت كلها من طريق الخبر والأثر ,, وهما الدليل العقلي للإيمان بكل الغيوب ,, ولهذا سوف نتكلم عن الملائكة بملء الفم ونقرر أن وجودهم يقيني ,, وحقيقة ثابتة لا يقوي عاقل على إبطالها أو نفيها ,, أما الذين كفروا بربهم وتنكروا لعقولهم وهبطوا من سماء كرامة آدميتهم فأصبحوا لا يؤمنون بشيء حتى بوجودهم فإنا لا نقيم لهم وزنا آمنوا أو كفروا صدقوا أو كذبوا ,,, وهذا هو دليل وجود الملائكة عليهم السلام وهو الدليل الذي قدمنا أنه بواسطته آمن العقلاء بكل غيب تعذر أن يكون من قسم الشهادة , والدليل كما سبق أن عرفناه يتكون من عنصرين : الأول : الأخبار , والثاني : الآثـار

داليا
16-12-2014, 11:46 PM
الإخبـــــار


أولا : أخبار الله تعالى رب العالمين وخالق الملائـكــة والجن والناس أجمعين وكفى بما يخبر به تعالى دليـلا إذ الخالق أعلـم بـمــا خلـق ,, ومن إخبــاره تعالى قــولــه :
(( وإذ قـال ربـك للملائـكــة إني جاعــل في الأرض خليفــة قـالــوا أتجعل فيها من يفســد فيها ويســفك الدمــاء ونحـن نســـبح بحمـدك ونـقــدس لك ))
فقد تضمن هذا الخبر وجود الملائكة ومخاطبة الله تعالى لهم ومخاطبتهم له سبحانه وتعالى وهو دليل قاطع على وجود الملائكة .
وقــولــه تـعـالـى :
(( وإذ قلنا للملائـكــة اسجـدوا لآدم فسـجدوا إلا إبليـس أبى واسـتكبر وكان من الكـافـرين ))
ففي هذا الخبر أن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم , وأنهم سجدوا إلا إبليس أبى وهل يؤمر ويمتثل غير موجود ؟!
وقـولـه تـعـالــى :
(( لن يسـتنكف المسـيح أن يكون عبـدا لله ولا الملائـكــة المقـربــون ))
ففي هذا الخبر أن الملائكـة المقربين لا يستنكفون من عبادة الله ولا يستكبرون وهل يستنكف ويتكبر غير موجود ؟؟
وقـولـه تـعـالــى :
(( وجعلــوا الملائـكــة الذين هـم عبـاد الرحمـن إنـاثـا أشـهدوا خلقـهــم ))
وفي هذا الخبر ينكر تعالى ,, ويعيب على المشركين دعواهم أن الملائكة إناث حيث قالا ما ليس لهم به علم ,, فهل يعقل أن يعاب أو ينــكـر على غيــر موجــود ؟
وقـولـه تـعـالــى :
(( وكم من ملك في السماوات لا تغني شــفاعتهم شــيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشــاء ويـرضــى ))
ففي هذا الخبر أن كثيرا من الملائكة لا تغني شفاعتهم عن أحد شيئا ,, وهل يشفع أو لا يشفع غير موجــود ؟

وأخيــرا فهل هذه الأخبار الإلهية عن الملائكة وهي كثيرة جدا ,, وكلها تتحدث عن صفاتهم وأحوالهم وعباداتهم وأعمالهم لا تدل على وجود الملائـكــة ,, دلالة تُكـســب اليقيـن ,, اللهم بلى

ثانيــا : أخبار الرسـل عليهم الصلاة والسلام , وتحدثهم عنهم , ووصفهم لهم , وتلقيهم الوحي بواسطتهم وهي كثيرة فلنكتف منها بما تواتر عن خاتم الرسـل وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم قوله : ( لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صـورة ) ,,, وقوله : ( إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنـو آدم ) , وقوله : ( إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام ) وقال : ( إذا أمن الإمام فأمنوا فإن الملائكة تؤمن , فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) ,,, وكان يقول في دعائه : ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل , فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة , أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون , إهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشــاء إلى صــراط مســتقيـم )
كما أخبر صلى الله عليه وسلم ,, وتحدث عن ملك الموت وأعوانه , وعن الروح وعن ملكي القبر , وعن الحفظة والكرام الكاتبين , وعن رضوان خازن الجنان , وعن مالك خازن النيران , وغيرهم من الملائكة في أحاديث متواترة صحيحة , فكيف يسوغ عقلا , أو يصح منطقا وذوقا أن تبلغ الإنسان هذه الأخبار الإلهية والنبوية , وهي أصح خبر في الوجود ولا يؤمن بالملائكــة ولا يصـدق بوجــودهــم ... اللهم لا ! ؟



الآثـــــار


آثار الملائكة الدالة عليهم دلالة قطعية كثيرة جدا نكتفي بطرف منها فنقول : هذا القرآن الكريم كتاب الله بين أيدينا سوره العديدة وآياته الكثيرة , وعلومه ومعارفه وإعجازه أثر من آثار الملائكة إذ تلقاه المنزل عليه صلى الله عليه وسلم بواسطة ,, ولم يكن من الله مباشرة فما هي الواسطة ؟ إنها جبريل عليه السلام كما أخبر بذلك مرسله ومنزله في قوله : ( وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبـك لتكــون من المنـذرين بلســان عربـي مبيـن )
وهذا ملك الموت الذي يتخطفنا يوميا فيأخذ أرواحنا ,, وينهي بأخذها حياتنا ,, ويفصلها عن أجسامنا فتعدم الحياة فهل يشترط للتصديق به رؤيتنا له ؟ وآثار فعله فينا لا تنكر ؟ اللهم لا .. ولو سألنا خالقنا وقلنا من يتوفانا ؟ لكان الجواب :
(( قل يتوفاكــم ملك المــوت الذي وكـل بكـم ثم إلى ربكــم ترجعــون ))

ثم إن كلا من جبريل وملك الموت عليهما السلام قد رؤيا عيانا غير مرة وهما من أعاظم الملائكة فجبريل قد دخل مرة المسجد وعشرات المصلين حاضرون ,, فانتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس فجلس إليه , وأسند ركبتيه إلى ركبتيه , ووضع يديه على فخذيه , وأخذ يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجيبه , فسأله عن الإيمان والإسلام والإحسان وأشراط الساعة ,, وكان ساعتئذ في صورة رجل ,,, كما أن ملك الموت قد تواترت الأخبار برؤيته عند دونه من المريض لقبض روحه ,, فكم من مريض تحدث بذلك , وأخبر به قبل وفاته بفترة زمنية ثم يمــوت

وبعد فإنه لم يبق بنا حاجة إلى سرد المزيد من الأدلة على وجود الملائكة , فلذا نشرع الآن في تقرير كون الإيمان بالملائكة ركنا من أركان عقيدة المؤمن فنقول : لقد ذكر الله تعالى أركان العقيدة الإسلامية في عدة آيات من كتابه وذكر من بينها عقيدة الإيمان بالملائكة وذلك في قوله تعالى : (( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكــة والكتــاب والنبيـن )) ,,, وفي قوله : (( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسـله )) ,,, وفي قوله : (( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيــدا ))

كما ذكر الرسـول صلى الله عليه وسلم في حديث عمر المعروف بحديث جبريل أركان الإيمان الستة وذكر من بينها الإيمان بالملائكة وأقره جبريل عليه السلام على ذلك ,, وصدقه إذ كان هو السائل له في محضر مئات الصحابة وهو في صورة رجل , وبعد انصرافه أعلن الرسـول صلى الله عليه وسلم لأصحابه أن السـائل كان جبـريـل عليه السلام

وبهذا كان الإيمان بالملائكة ركنا من أركان عقيدة المؤمن التي لا تتم إلا به ,, وكان من شـك فيه ,, أو حاول التشـكيك كاذبا لا حظ له في الإســلام ,, ولا مقام له بين المسـلمين ,, لتكــذيبه لله تعالى ,, ورسـوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ولإنكــاره لقضــايـا العقــول ,, ومســلماتـها البـديهيــة





أعـــــداد المــلائـــكة
====================



الملائكة خلق كثير ولا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم قال تعالى : (( وما يعلم جنـود ربـك إلا هــو ))
وقد وردت بعض النصوص التي تفيد كثرة أعدادهم فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء بعد مجاورته إلى السماء السابعة ( ثـم رفع بي إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه آخر ما عليهم ) وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( يـؤتى بجـهـنم يومئـذ لها سـبعون ألـف زحـام ,, مع كل زحـام سـبعون ألف ملك يجرونـها ))
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه إذ قال لهم : (( تسمعون ما أسمع ؟ قالـوا : ما نسمع من شيء ! قال : إني لأسـمع أطيط السماء وما تلام أن تئط وما فيها شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم ))

****************


أســــماء المــلائــكة

ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة أسماء بعض الملائكة فمن ذلك :

جبــريــل عليــه الســلام

قال تعالى : (( قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافــرين ))
وجبريل عليه السلام هو الأمين على وحي الله تعالى يرسله الله به إلى الأنبياء والرسل ,, وقد أثنى الله عليه في القرآن أحسن الثناء ووصفه بأجمل الصفات .. فقال تعالى : (( فلا أقسم بالخنس . الجوار الكنس . والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس . إنه لقول رسول كريم . ذي قوة عند ذي العرش مكين . مطاع ثم أمين )) ,, فوصفه بأنه رسول وأنه كريم عنده ,, وأنه ذو قوة ومكانة عند ربه ســبحانه ,, وأنه مطاع في الســماوات ,, وأنه أمـين على الوحــي ,, فمن كرمه على ربه : أنه أقرب الملائكة إليه .. وقال بعض السلف : " منزلته من ربه منزلة الحاجب من الملك "
ومن قوته : " أنه رفع مدائن قوم لوط على جناحه ,, ثم قلبها عليهم ,, فهو قوي على تنفيذ ما يؤمر به غير عاجز عنه إذ تطيعه أملاك السماوات فيما يأمرهم به عن الله تعالى .. ووصفه بالأمانة يقتضي صدقه ونصحه ,, والقاءه إلى الرسل ما أمر به من غير زيادة ولا نقصان ولا كتمان وقد جمع له بين المكانة والأمانة والقوة والقرب من الله تعالى

وقال تعالى في وصفه : (( علــمه شــديـد القــوى . ذو مــرة فاســتوى ))

قال ابن عباس رضي الله عنهما : " ذو منظر حسن ,, وقال قتادة : " ذو خلق حسن ,, وقال ابن جرير : " عنى بالمرَّة صحة الجسم وســلامته من الآفات والعاهات , والجسم إذا كان كذلك من الإنسان كان قويا " .. وكان جبريل عليه السلام يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا في صورة الصحابي الجليل " دحية الكلبي " ,, وأتاه مرة في صورة أعرابي كما في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي رواه مسلم .. وكانت اليهود عليهم لعائن الله يعادون هذا الرسول الكريم فعاداهم الله بسبب عداوتهم لـه .. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا أبا القاسم انا نسألك عن خمسة أشــياء فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قالوا الله على ما نقول وكيل ,, قال : " هاتـوا " ,, قالوا : أخبرنا عن علامة النبي ؟ قال : ( تنام عيناه ولا ينام قلبه ) ,, قالوا : أخبرنا كيف تؤنّث المرأة وكيف تذكّر ؟ قال : ( يلتقي الماآن فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت ,, وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل آنثت ) قالوا : أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه ؟ قال :
( كان يشتكي عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمه إلا ألبان كذا وكذا " قال بعضهم : يعني : الإبل فحرم لحومها ) قالوا : صدقت ,, قالوا : أخبرنا ما هذا الرعد ؟ قال : ( ملك من ملائكة الله عزوجل موكل بالسحاب بيده أو في يده مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمر الله ) ,, قالوا : فما هذا الصوت الذي يُسمع ؟ قال : ( صوته ) ,, قالوا : صدقت إنما بقيت واحدة وهي التي نبايعك إن أخبرتنا بها فإنه ليس من نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك ؟ قال : ( جبـريـل عليـه الســلام ) ,, قالوا : جبريل ,, ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان ... فأنزل الله عزوجل : ( من كان عدوا لجبريل ) إلى آخر الآية الكريمة .. وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في صورته التي خلق عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق ,,, فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( رأيت جبريل صلى الله عليه وسلم وله ستمائة جنــاح ينتثـر من ريشــه التهاويــل الـدر واليـاقــوت )) ,, وعنه رضي الله عنه قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريـل وله ستمائة جنــاح ,, وعنه رضي الله عنه قال : (( رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته وله ستمائة جناح كل جناح منها سدّ الأفق يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليـم ))



ميـــكائــيـل

قال تعالى : (( من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافــرين ))
وميكائيل عليه الســلام هـو الموكـل بالقطـر أي : بالمطـر والنبـات

إســــــرافيــل

وهو الموكل بالنفـخ في الصور عند قيام الســاعة وبعث الخلق ,, وهؤلاء الأملاك الثلاثة هم رؤساء الملائكة ,, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( اللهم رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل , فاطر السماوات والأرض , عالم الغيب والشهادة , أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون , اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم )) قال ابن القيم : " فتوسل إليه سبحانه بربوبيته العامة والخاصة لهؤلاء الأملاك الثلاثة الموكلين بالحياة ,, فجبريل موكل بالوحي الذي به حياة القلوب والأرواح ,, وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة الأرض والنبات والحيوان ,, واسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي به حياة الخلق بعد مماتهم ,, فسأله رسوله بربوبيته لهؤلاء أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه لما في ذلك من الحياة النافعة ))

مـــــالــــك

وهو الموكل بالنـار وهو خازن النار ,, قال تعالى : (( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثـــون ))



منــكر ونــكيــر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا قُبـر الميت " أو قال أحدكم " أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير ,, فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول ما كان يقول : هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ,, فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول هذا ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ثم ينور له فيه ,, ثم يقال له : نم ,, فيقول : أرجع إلى أهلي فأخبرهم ؟ فيقولان : نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ,, حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك وان كان منافقا قال : سمعت الناس يقولون فقلت مثله . لا أدري ,, فيقولان : قد كنا نعلم انك تقول ذلك ,, فيقال للأرض : التئمي عليه فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه ,, فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعــه ذلــك



هـــاروت و مـــاروت

قال تعالى : (( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بأذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخــرة مــن خــلاق ولبئـــس مـا شـــروا بـه أنـفـســـهم لــو كــانــوا يعلمـــون ))

هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله من السماء إلى الأرض وأذن لهما في تعليم السحر اختبارا لعباده وامتحانا بعد أن بين لعباده أن ذلك مما ينهي عنه على ألسـنة الرسل ,, وقد امتثل هاروت وماروت لأمر الله لهما فكان الرجل إذا أتى إليهما ليتعلم منهما السحر نهياه أشد النهي وقالا له : (( إنما نحن فتنة فلا تكفر )) ,, وأقاما عليه الحجة بذلك حتى إذا أصر على تعلم السحر منهما فيكون قد هلك عن بينة .. وهذا ما ذهب إليه الإمام الطبري في تفسيره وقد استغرب الحافظ ابن كثير ما ذهب إليه الطبري وقال : " ذهب كثير من السلف إلى أنهما كانا ملكين من السماء وأنهما أنزلا إلى الأرض فكان من أمرهما ما كان , وقد ورد في ذلك حديث رواه الإمام أحمد في مسنده رحمه الله وعلى هذا فيكون الجمع بين هذا وبين ما ورد من الدلائل على عصمة الملائكة أن هذين سبق في علم الله لهما هذا فيكون تخصيصا لهما فلا تعارض حينئذ ,, كما سبق في علمه من أمر إبليس مما سبق ,, وفي قول إنه كان من الملائــكة " وعلى كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى ملاحظتان :

الأولى : أن القول بأن إبليس كان من الملائكة قول ضعيف لا يصح كما سبق بيانه

الثانية : أن الحديث الذي أشار إليه الحافظ ابن كثير هو ما رواه الإمام أحمد في مسنده : عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن آدم عليه السلام لما أهبطه الله إلى الأرض قالت الملائكة أي رب ( أتجعل فيها من يفسـد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمـون ) قالوا : ربنا نحن أطوع لك من بني آدم قال الله تعالى للملائكة : هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان قالوا : ربنا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت : لا والله ؟ حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك , فقالا : لا نشرك بالله شيئا أبدا ,, فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها ,, فقالت : لا والله حتى تقتلا هذا الصبي ,, فقالا : لا والله لا نقتله أبدا فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله فسألاها نفسها فقالت : لا والله حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي ,, فلما أفاقا قالت المرأة : والله ما تركتما شيئا أبيتماه علي إلا فعلتماه حين سكرتما ,, فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا )) وهذا الحديث ضعيف لا يصح كما بين ذلك شيخنا الألباني حفظه الله تعالى .. وقد أشار ابن كثير نفسه إلى ضعف الحديث بقوله : هذا حديث غريب من هذا الوجه

وقال أبو حيان الأندلسي : " هذا كله لا يصح فيه شيء والملائكة معصومون (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) (( لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسـرون . يســبحون الليل والنهار لا يفتــرون ))
وقد روي عن ابن عمر أنه كان إذا رأى الزهرة سبّها ,, وقال : كانت صاحبـة هـاروت ومـاروت
قال القرطبي : " وهذا كله ضعيف وبعيد عن ابن عمر وغيره لا يصح منه شيء ,, فإنه تدفعه الأصول ,, والملائكة الذين هم أمناء الله على وحيه وسفرائه إلى رسله (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) (( بل عباد مكرمون . لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون )) (( يســــبحون الليل والنهار لا يفتــرون )) ,, وأما العقل فلا ينكر وقوع المعصية من الملائكة , ويوجد منهم خلاف ما كلفوه ويخلق فيهم الشهوات , إذ في قدرة الله تعالى كل موهوم , ومن هذا خوف الأنبياء والأولياء الفضلاء العلماء , لكن وقوع هذا الجائز لا يدرك إلا بالسمع ولم يصـح "
وقال الألباني : " وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين كمجاهد والسدي والحسن البصري وقتادة وأبو العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم , وقصّها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى , وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فيها , فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى والله أعلم بحقيقة الحال " .. وقد زعمت امرأة من أهل دومة الجندل أنها رأتهما معلقين بأرجلهما ببابل وأنها تعلمت منهما السحر وهما في هذه الحال , في قصة طويلة حكتها لعائشة ولكن المرأة مجهولة فلا يوثق بخبرها ..
وقال الألوسي رحمه الله : " والإقدام على تكذيب مثل هذه المرأة الدوجندية أولى من اتهام العقل في قبول هذه الحكاية التي لم يصح فيها شيء عن رسول رب البرية صلى الله عليه وسلم "


الحكمة من إنــزال الله تعالى لهاروت وماروت

قال الطبري : " فإن التبس على ذي غباء ما قلنا , فقال : وكيف يجوز لملائكة الله أن تعلم الناس التفريق بين المرء وزوجه ؟ أم كيف يجوز أن يضاف إلى الله تبارك وتعالى إنزال ذلك على الملائكة ؟ قيل له : ( إن الله جل ثناؤه عَرّفَ عباده جميع ما أمرهم به , وجميع ما نهاهم عنه , ثم أمرهم ونهاهم بعد العلم منهم بما يؤمرون به وينهون عنه , ولو كان الأمر على غير ذلك لما كان الأمر والنهي معنى مفهوم ,, فالسحر مما قد نهى عباده من بني آدم عنه , فغير منكر أن يكون جل ثناؤه علّمه الملكين الذين سماهما في تنزيله وجعلهما فتنة لعباده من بني آدم كما أخبر عنهما أنهما يقولان لمن يتعلم ذلك منهما (( إنما نحن فتنة فلا تكــفر )) ليختبر بهما عباده الذين نهاهم عن التفريق بين المرء وزوجه وعن الســحر .. فيمحص المؤمن بتركه التعلم منهما ,, ويخزي الكافر بتعلمه السحر والكفر منهما ويكون الملكان في تعليمهما من علما ذلك لله مطيعين ,, إذا كانا عن إذن الله لهما بتعليم ذلك من علماه يعلمان ,, وقد عبد من دون الله جماعة من أولياء الله , فلم يكن ذلك ضائرا , إذ لم يكن ذلك بأمرهم إياهم به ,, بل عبد بعضهم , والمعبود عنه ناه , فكذلك الملكان غير ضائرهما سحر من سحر ممن تعلم ذلك منهما بعد نهيهما إياه عنه ,, وعظمتهما له بقولهما (( إنما نحن فتنة فلا تكفر )) إذ كانا قد أديا ما أمرا به بقيلهما ذلك "

وقال الرازي : " السبب في إنزالهما ( أي هاروت وماروت ) وجـــــوه :
أحدهما : أن السحرة كثرت في ذلك الزمان واستنبطت أبوابا غريبة من السحر وكانوا يدعون النبوة ويتحدون الناس بها ,, فبعث الله تعالى هذين الملكين لأجل أن يعلما الناس أبواب السحر حتى يتمكنوا من معارضة أولئك الذين كانوا يدعون النبوة كذبا ولا شك أن هذا من أحسن الأغراض والمقاصــد

وثانيهما : أن العلم بكون المعجزة مخالفة للسحر متوقف على العلم بماهية المعجزة وماهية السحر والناس كانوا جاهلين بماهية السحر فلا جرم هذا تعذرت عليهم معرفة حقيقة المعجزة فبعث الله هذين الملكين لتعريف ماهية السحر لأجل هذا الغرض

وأما بابل المذكورة في الآية فهي بابل العراق ,, وهذا ما رجحه الحافظ ابن كثير في تفسيره ,, واستدل على ذلك ما رواه أبو داود أن عليا مر ببابل وهو يسير فجاءه المؤذن يؤذنه بصلاة العصر ,, فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة , فلما فرغ قال : ( إن حبيبي نهاني أن أصلي في المقبرة ونهاني أن أصلي بأرض بابل فإنها ملعونة ) قال ابن كثير : " وهذا الحديث حسن عند الإمام أبي داود لأنه رواه وسكت عليه .. ففيه من الفقه كراهية الصلاة بأرض بابل كما تكره بديار ثمود الذين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدخول إلى منازلهم إلا أن يكونوا باكيــن "
صــفــات المــلائــكــة
=================



للملائكة أجنحــة

قال تعالى : (( الحمد لله فـاطـر الســماوات والأرض جاعل المـلائـكة رســلا أولي أجنحة مثنى وثـلاث وربـاع يـزيـد في الخـلـق ما يشـــاء إن الله على كــل شيء قديــــر ))

قال ابن كثير رحمه الله . قوله تعالى : (( جاعل الملائكة رســلا )) أي : بينه وبين أنبيائه (( أولي أجنحة )) أي : يطيرون بها ليبلغوا ما أمروا به سريعا ,, (( مثنى وثلاث ورباع )) أي : منهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة ومنهم من له أربعة ومنهم من له أكثر من ذلك كما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام ليلة الإسراء وله ستمائة جناح بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب ,, ولهذا قال جل وعلا : (( يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير )) ,, قال السدي : " يــزيــد في الأجـنحـة وخــلـقـهم مــا يشاء "



الملائــكــة لا يــأكــلــون

قال الله تعالى : (( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين . إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون . فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين . فقربه إليهم قال ألا تأكلون . فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليـم ))
وقال تعالى : (( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ . فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف انا أرسـلنـا إلى قــوم لـوط ))

قال ابن كثير . رحمه الله : ( وأوجس منهم خيفة ) وذلك أن الملائكة لا همة لهم إلى الطعام ولا يشتهونه ولا يأكلونه فلهذا رأى حالهم معرضين عما جاءهم به فارغين عنه بالكلية فعند ذلك نكرهم . وقال القرطبي : قال علماؤنا : ولم يأكلوا لأن الملائكة لا تأكل



الملائــكة لا يوصــفون بالذكــورة والأنــوثـــة

كان المشركون يعتقدون أن الملائكة هم بنات الرحمن وذلك في الوقت الذي كانوا يأبون فيه نسبة البنات إليهم !!
قال تعالى (( فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون . أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون . ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون . أصطفى البنات على البنين . مالكم كيف تحكمون . أفلا تذكرون . أم لكم سلطان مبين . فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين ))
وقال تعالى : (( وجعلوا الملائــكة الذين هم عبــاد الرحمــن إناثا أشــهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسـألـون ))

قال ابن كثير : " يقول الله تعالى منكرا على هؤلاء المشركين في جعلهم لله تعالى البنات سبحانه ,, ولهم ما يشتهون أي : من الذكور أي : يودون لأنفسهم الجيد ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهم كظيم ) أي : يسوؤه ذلك ولا يختار لنفسه إلا البنين , يقول عز وجل : فكيف نسبوا إلى الله تعالى الِقسْم الذي لا يختارونه لأنفسهم ولهذا قال تعالى ( فاستفتهم ) أي : سلهم على سبيل الإنكار عليهم ( ألربك البنات ولهم البنون ) كقوله عز وجل
( ألكم الذكر وله الأنثى . تلك إذا قسمة ضيزى ) وقوله تبارك وتعالى : ( أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شــاهدون ) أي : كيف حكموا على الملائكة أنهم إناث وما شاهدوا خلقهم ,, كقوله جل وعلا ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون ) أي : يسألون عن ذلك يوم القيامة ,, وقوله جلت عظمته ( ألا إنهم من إفكهم ) أي : من كذبهم ( ليقولون ولد الله ) أي : صدر منه الولد ( وإنهم لكاذبون ) فذكر الله تعالى عنهم في الملائكة ثلاثة أقوال في غاية الكفر والكذب ,, فأولا جعلوهم بنات لله فجعلوا لله ولدا تعالى وتقدس ,, وجعلوا ذلك الولد أنثى ثم عبدوهم من دون الله تعالى وتقدس ,, وكل منها كاف في التخليد في نار جهنم ثم قال تعالى منكرا عليهم
(( أصطفى البنات على البنــين )) أي : أي شيء يحمله على أن يختار البنات دون البنين كقوله عز وجل
(( أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما )) ولهذا قال تبارك وتعالى (( ما لكم كيف تحكمون )) أي : ما لكم عقول تتدبرون بها ما تقولون ( أفلا تذكرون . أم لكم سلطان مبين ) أي : حجة على ما تقولونه ؟ ( فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين ) أي : هاتوا برهانا على ذلك يكون مستندا إلى كتاب منزل من السماء عن الله تعالى أنه اتخذ ما تقولونه فإن ما تقولونه لا يمكن استناده إلى عقل بل لا يجوزه العقل بالكليـــة "





الملائــكــة لا تتعــب ولا تفتــر مـن عبــادتهم لله عز وجــلّ

قال تعالى : (( وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون )) ,, وقال تعالى : (( فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون ))

قال ابن كثير . رحمه الله : " فهم دائبون في العمل ليلا ونهارا ,, مطيعون قصدا وعملا ,, قادرون عليه ,, كما قال سبحانه وتعالى (( لا يعصــون الله مـا أمــرهم ويفــعلون مــا يــؤمــرون ))



الملائكــة يقــفـون عنــد ربــهم في صفــوف منتــظمـة

عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ألا تُصــفُّـون كما تُصَفُّ الملائكــة عند ربهم عـز وجــلّ ؟ قلنا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم ؟ قال : " يُتِمُّــون الصفوف المتقدمة ويتراصون في الصــف ))
وعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فضلنا على الناس بثـلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ,, وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا ,, وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لــم نــجد المـــاء ))
وقال تعالى : (( والصــــــــــــافــــــــــــات صـــــــــفـــــــــــا ))
قال ابن كثير : " هي الملائكة .. قال قتادة : " الملائكة صفوف في الســــــــماء "








الملائــكــة تتــــأذى مــن الرائــحة الخبيــثة

عن جابر بن عبد الله قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث ,, فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها فقال : (( مـن أكـل مـن هـذه المنتنـة فـلا يقربن مســجدنـا ,, فإن الملائكة تتأذى مـمـا يـتـــأذى مـنــه الإنــــــس ))
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أكل من هذه البقلة , الثوم ) وقال مرة : ( من أكل البصل والثوم والكراث ) فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منــه بنــو آدم ))



الملائــكة لا يعصــون الله مــا أمــرهم ويفعــلون ما يؤمــرون

قال الله تعالى : (( يــا أيــها الذيــن آمنــوا قــوا أنفســكم وأهليــكم نــارا وقودها النـاس والحجارة عليــها ملائــكة غــلاظ شــداد لا يعصـــون الله مــا أمـــرهم ويــفـعــلــون مــا يــؤمــــرون )) ,, وقال تعالى : (( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مــكرمون لا يسبقــونـه بالقــول وهـم بـأمـره يـــعـملون ))

قال ابن كثير . رحمه الله : " يقول تعالى ردا على من زعم أن له تعالى وتقدس ولدا من الملائكة كمن قال ذلك من العرب إن الملائكة بنات الله ,, فقال سبحانه : ( بل عباد مكرمون ) أي : الملائكة عباد الله مكرمون عنده في منازل عالية ومقامات سامية وهم له في غاية الطاعة قولا وفعلا ( لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) أي : لا يتقدمون بين يديه بأمر ولا يخالفونه فيما أمرهم به بل يبادرون إلى فعله وهو تعالى علمه محيط بهم فلا يخفى عليهم منهم خافيـــة "




الملائــكة لا تــدخـل بيــتا فيــه صــورة ولا كلـــب

عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في ساعة يأتيه فيها فجاءت تلك الساعة ولم يأته ,, وفي يده عصا فألقاها من يده ,, وقال : " ما يخلف الله وعده ولا رسله " , ثم التفت فإذا جرو كلب تحت سريره فقال : " يا عائشة متى دخل هذا الكلب ههنا ؟ " فقالت : والله ما دريت ,, فأمر به فأخرج فجاء جبريل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( واعدتــني فجلســت فلم تــأت )) فقال : " منعني الكلب الذي كان في بيتك , إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صــورة " .. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أخبرتني ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوما واجما ,, فقالت ميمونة : يا رسول الله ,, لقد استنكرت هيئتك منذ اليوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني أم والله مـا أخلفنــي )) قال : فظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومه ذلك على ذلك ,, ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا فأمر به فأخرج ,, ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه ,, فلما أمسى لقيه جبريل ,, فقال له : (( قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة )) قال : " أجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة ,, فأصبح رسول الله يومئذ فأمر بقتل الكلاب حتى إنه يأمر بقتل كلب الحائط الصغير ويترك كلب الحائط الكبير " .. وعن ابن عباس عن أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وســــلم قــال : (( لا تـــدخـــــل الملائـــكـــة بـيــتـا فيــــه كـــلـــب ولا صـــــورة ))

وعن القاسم بن محمد عن عائشة ,, أنها اشترت نُـمْرقَـة فيها تصاوير ,, فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل ,, فعرفت في وجهه الكراهية ,, فقالت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوب إلى الله وإلى رسوله ,, فماذا أذنبت ؟؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما بال هذه النمرقة ؟ )) فقالت : اشتريتها لك تقعد عليها وتوسدها ,, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن أصحاب هذه الصور يعذبون ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم ,, ثم قال : إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة ))

قال النووي . رحمه الله : " قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : " تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم ,, وهو من الكبائر ,, لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره ,, فصنعته حرام بكل حال ,, لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى ,, وسواء ما كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرهما ,, وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام ,, هذا حكم نفس التصوير ,, وأما اتخاذ المصور فيه صورة حيوان فإن كان معلقا على حائط أو ثوبا ملبوسا أو عمامة أو نحو ذلك مما لا يعد ممتهنا فهو حرام وان كان في بساط يداس ومخدة ووسادة ونحوها مما يمتهن فليس بحرام ,, ولكن هل يمنع دخول ملائكة الرحمة ذلك البيت ؟؟ فيه كلام نذكره قريبا إن شاء الله تعالى ولا فرق في هذا كله بين ما له ظل وما لا ظل له : هذا تلخيص مذهبنا في المسألة وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وهو مذهب الثوري ومالك وأبي حنيفة وغيرهم وقال بعض السلف : إنما ينهي عمَّـا كان له ظل ولا بأس بالصور التي ليس لها ظل وهذا مذهب باطل فإن الستر الذي أنكر النبي صلى الله عليه وسلم الصورة فيه لا يشك أحد أنه مذموم , وليس لصورته ظل , مع باقي الأحاديث المطلقة في كل صورة ,, وقال الزهري : النهي في الصورة على العموم وكذلك استعمال ما هي فيه ودخول البيت الذي هي فيه , سواء كانت رقما في ثوب أو غير رقم , وسواء كانت في حائط أو ثوب أو بساط ممتهن أو غير ممتهن عملا بظاهر الأحاديث لا سيما حديث النمرقة الذي ذكره مسلم وهذا مذهب قـوي

قوله صلى الله عليه وســــلم :
(( لا تـــدخـــل الملائــكـــة بـــيـــتــا فيـــه كلـــب أو صـــورة ))

قال العلماء : سبب امتناعهم من بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة ,, وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى ,, وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى ,, وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب لكثرة أكله النجاسات ,, ولأن بعضها يسمى شيطانا كما جاء به الحديث والملائكة ضد الشياطين ,, ولقبح رائحة الكلب ,, والملائكة تكره الرائحة القبيحة ,, ولأنها منهي عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته وصلاتها فيه ,, واسـتغفارها لــه ,, وتبريكها عليه وفي بيته ,, ودفعها أذى الشيطان

وأما هؤلاء الملائكة الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب أو صورة فهم ملائكة يطوفون بالرحمة والتبريك والإستغفار ,, وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت ,, ولا يفارقون بني آدم في كل حال لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم وكتابتها ,,, قال الخطابي : وإنما لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة مما يحرم اقتناؤها من الكلاب والصور ,, فأما ما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع والماشية والصورة التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرهما فلا يمنع دخول الملائكة بسببه وأشار القاضي إلى نحو ما قاله الخطابي ,, والأظهر أنه عام في كل كلب وكل صورة ,, وأنهم يمتنعون من الجميع لإطلاق الأحاديث ,, ولأن الجرو الذي كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم تحت السرير كان له عذر ظاهر ,, فإنه لم يعلم به ,, ومع هذا امتنع جبريل عليه السلام من دخول البيت وعلل بالجرو ,, ولو كان العذر في وجود الصورة والكلب لا يمنعهم لم يمتنع جبريل عليه السلام .. والله تعالى أعلم "
حمــل عـــرش الرحــمــن

أعظم الأعمال التي تقوم به الملائكة هو حمل عرش الرحمن
قال تعالى : (( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت الســماء فهي يومئـذ واهيـة * والملك على أرجائـها ويحمل عرش ربك فوقهـم يـومئــذ ثــمانيــة ))

قال ابن كثير . رحمه الله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) أي : يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي قال : كتب إلى أحمد بن حفص بن عبد الله النيسابوري حدثنا أبي حدثنا إبراهيم ابن طهمان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أذن لي أن أحدثكم عن ملك من حملة العرش بعد ما بين شحمة أذنه وعنقه بخفق الطير سبعمائة عام ) ,, وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات وقد رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ) لفظ أبي داود

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة والعرش على منكبيه وهو يقول : سبحانك أين كنت وأين تكـــون ؟ )) ,, والمنكب بفتح الميم وسكون النون وكسر الكاف : مجتمع ما بين العضد والكتف ,, وهما منكبان لأنهما في الجانبين .. وحملة العرش من الملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للمؤمنين كما قال تعالى : (( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك . وقهم عذاب الجحيم . ربنا إنك أنت العزيز الحكيم . وقهم السيئات ومـن تـق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك الفوز العظيم ))

قال ابن كثير . رحمه الله : " يخبر تعالى عن الملائكة المقربين من حملة العرش ,, بأنهم يسبحون بحمد ربهم أي : يتقربون بين التسبيح الدال على نفي النقائص والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح ( ويؤمنون به ) أي : خاشعون له أذلاء بين يديه وأنهم ( يستغفرون للذين آمنـوا ) أي : من أهل الأرض ممن آمن بالغيب فقيض الله تعالى ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب ,, ولما كان هذا من سجايا الملائكة عليهم الصلاة والسلام كانوا يؤمنون على دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب ,, كما ثبت في صحيح مسلم : (( إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك آمين ولك بمثله )) . ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) أي : رحمتك تسع ذنوبهم وخطاياهم وعلمك محيط بجميع أعمالهم وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم ( فاغفر للذين تابوا واتبعوا ســبيـلك ) أي : فاصفح عن المسيئين إذا تـابـوا وأنـابـوا عمَّا كانـوا فيه واتبعوا ما أمرتهم به من فعل الخيرات وترك المنكرات ( وقـهـم عــذاب الجــحـيــم ) وزحزهم عن عــذاب الجحيــم ,, وهو العذاب الموجع الأليــم ( ربنا وأدخلهم جـنـات عـدن التي وعـدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ) أي : اجمع بينهم وبينهم لتقرَّ بذلك أعينهم بالاجتماع في منازل متجاورة كما قال تبارك وتعالى : (( والذين آمنـوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتانهم من عملهم من شــيء )) أي : ساوينا بين الكل في المنزلة لتقرَّ أعينهم وما نقصنا العالي حتى يساوي الداني بل رفعنا ناقص العمل فساويناه بكثير العمل تفضلا منا ومِـنّة وقوله تبارك وتعالى ( إنك أنت العزيـز الحكيـم ) أي : الذي لا يمانع ولا يغالب وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن الحكيم في أقوالك وأفعالك من شرعك وقدرك ( وقهم السيئات ) أي : فعلها أو وبالها ممن وقعت منه
( ومن تق السيئات يومئذ ) أي : يوم القيامة (فقد رحمتـه) أي : لطفت به ونجيته من العقوبة (وذلك هو الفوز الـعظيم)



الملائــكـــة يــراقبــون أعمــال بنـي آدم

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ,, ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم ,, كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلــون )) قال النووي : " ومعنى ( يتعاقبون ) تأتي طائفة بعد طائفة ,, وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين وتكرمه لهم بأن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم ,, فيكون شهادتهم لهم بما شـاهدوه من الخيــر ..

وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي ) ,, فهذا السؤال على ظاهره وهو تعبد منه لملائكته كما أمرهم بكتب الأعمال وهو أعلم بالجميع .. قال القاضي عياض رحمه الله : " الأظهر وقول الأكثرين أن هؤلاء الملائكة هم الحفظة الكُتَّاب ,, قال : وقيل يحتمل أن يكونوا من جملة الملائكة بجملة الناس غير الحفظة " ,, وقال القرطبي : " الأظهر عندي أنهم غيرهم ويقويه أنه لم ينقل أن الحفظة يفارقون العبد ولا أن حفظة الليل غير حفظة النهار ,, وبأنهم لو كانوا هم الحفظة لم يقع الاكتفاء في السؤال منهم عن حالة الترك دون غيرها في قوله ( كيف تركتـم عبــادي



الملائــكــة يكــتبـون أعـمــال بني آدم

عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها .. قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قال الله عز وجل : إذا تَحَدَّثَ عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له ما لم يعمل فإذا عملها فأنا أكتبها بعشـر أمثالها وإذا تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها ,, فإذا عملها فأنا اكتبها له بمثلها )) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الملائكة : " رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة ( وهو أبصر به ) فقال : ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها ,, وإن تركها فاكتبوها له حسنة ,, إنما تركها من جَرَّاي " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قال الله عز وجل : إذا هَمَّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه ,, فإن عملها فاكتبوها سيئة وإذا هَمَّ بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة فإن عملها فاكتبوها عشرا )) قال النووي : " قال الإمام أبو جعفر الطحاوي : في هذه الأحاديث دليل على أن الحفظة يكتبون أعمال القلوب وعقدها خلافا لمن قال إنها لا تكتب إلا الأعمال الظاهرة والله أعلم

وقال تعالى : (( وإن عليـكم لحـافـظين . كــرامـا كــاتبين . يعلــمون ما تفعلــون ))
قال ابن كثير . رحمه الله : " يعني وإن عليكم لملائكة حفظة كراما فلا تقابلوهم بالقبائح فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم "

وقال تعالى : (( إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد . ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ))
قال ابن كثير . رحمه الله : ( إذ يتلقى المتلقيان ) يعني : الملكين الذين يكتبان عمل الإنسان ,, ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) أي : مترصد ,, ( ما يلفظ ) أي : ابن آدم ( من قول ) أي : ما يتكلم بكلمة ( إلا لديه رقيب عتيد ) أي : ولها من يرقبها معَدّ لذلك يكتبها لا يترك كلمة ولا حركة ,, كما قال تعالى : (( وإن عليكم لحافظين . كراما كاتبين . يعلمون ما تفعلون ))

وقد اختلف العلماء هل يكتب الملك كل شيء من الكـــلام ؟؟

وهو قول الحسـن وقتادة ,, أو إنما يكتب ما فيه ثواب وعقاب كما هو قول ابن عباس رضي الله عنهما ؟ على قولين وظاهر الآية الأول لعموم قوله تبارك وتعالى ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ,, وقد قال الإمام أحمد عن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل بها رضوانه إلى يوم يلقاه ,, وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن ما بلغت يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه ) ,, قال : " فكان علقمة يقول كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث " ..



الملائــكــة يقــبـضون أرواح بـني آدم

قال تعالى : (( قــل يتــوفــاكــم مـلك المــوت الـذي وُكِّــل بـكم ثـم إلى ربـكم ترجعـــون ))

وهذا الملك عرف عند كثير من الناس باسم " عزرائـيل " وهذا الإسم لم يرد في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه نقل عن أشــعث بن ســليم ,, وملك الموت له أعوان " ينتزعون الأرواح من سائر الجسد حتى إذا بلغت الحلقوم تناولها ملك المــوت " وهم صنفان : ملائكــة رحمــة وملائكة عــذاب ..

قال تعالى : (( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يـقولـون ســلام عليكم ادخلـوا الجنــة بمـا كنتم تعملــون ))
وقال تعالى في شأن الكافرين : ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ) وقال تعالى في شأن المنافقين : (( فـكـيف إذا تـوفـتـهـم المـلائـكة يـضربـون وجـوهـهـم وأدبـارهـم ))

وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ,, فانتهينا إلى القبر ولمَّا يلحد ,, فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم [ مستقبل القبلة ] وجلسنا حوله ,, وكأن على رؤوسنا الطير ,, وفي يده عود ينكت في الأرض [ فجعل ينظر إلى السماء وينظر إلى الأرض وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثا ] فقال : " استعيذوا بالله من عذاب القبر " مرتين أو ثلاثا ,, [ ثم قال : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر [ ثلاثا ] ثم قال : إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ,, نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنـوط ( بفتح المهملة ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة ) من حنوط الجنة ,, حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة ( وفي رواية : المطمئنة ) أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ,, قال : فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء ,, فيأخذها ( وفي رواية : حتى إذا أخرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء ,, وفتحت له أبواب السماء ,, ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يُعرج بروحه من قِبَلهم ) ,, فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن ,, وفي ذلك الحنوط ,, { فذلك قوله تعالى : ( توفته رسلنا وهم لا يفطرون ) ,, ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وُجدت على وجه الأرض ,, قال : فيصعدون بها فلا يمرون .. يعني : بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هـذا الـروح الطيب ؟ فيقولون : فلان ابن فلان . بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ,, حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا ,, فيسـتفتحون له , فيفتح لهم ,, فيشيعه من كل سـماء مقربوها ,, إلى السـماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل : { اكـتـبـوا كـتـاب عـبـدي فـي عـلـيـيـن } ,, (( وما أدراك ما عليون . كتاب مرقوم . يشهده المقربون )) فيكتب كتابه في عليين ,, ثم يقال : أعيدوه إلى الأرض ,, فإني [ وعدتهم أني ] منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى قال : فـ [ يُـرد إلى الأرض , و ] تعاد روحه في جسده [ قال : فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولّوا عنه ][مدبرين ] فيأتيه ملكان [ شديدا الانتهار ] فـ [ ينتهرانه و ] يجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ,, فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ,, فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ,, فيقولان له : وما عملك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت [ فينتهره فيقول : من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن ,, فذلك حين يقول الله عز وجل : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ) فيقول : ربي الله وديني الإسلام ونبي محمد صلى الله عليه وسلم فينادي مناد في السماء : أن صدق عبدي ,, فافرشوه من الجنة ,, وألبسوه من الجنة ,, وافتحوا له بابا إلى الجنة قال : فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مُدَّ بصره ,, قال : ويأتيه [ وفي رواية يمثل له ] رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح ,, فيقول : أبشر بالذي يسرك [ أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم ] هذا يومك الذي كنت توعد ,, فيقول له : [وأنت فبشرك الله بخير ] من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير ,, فيقول : أنا عملك الصالح [ فو الله ما عملت إلا كنت سريعا في طاعة الله بطيئا في معصية الله ,, فجزاك الله خيرا ] ,, ثم يفتح له باب من الجنة , وباب من النار ,, فيقال : هذا منزلك لو عصيت الله ,, أبدلك الله به هذا فإذا رأى ما في الجنة , قال : رب عجل قيام الساعة ,, كيما أرجع إلى أهلي ومالي [ فيقال له : اسـكن ] ,,, قال : وإن العبد الكافر [ وفي رواية : الفاجر ] إذا كان في انقطاع من الدنيا , وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة [ غلاظ شداد ] سـود الوجوه معهم المسوح
( جمع المسح , بكسر الميم , وهو ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للبدن ) ,, [ من النار ] فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب ,, قال : فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود [ الكثير الشعب ] من الصوف المبلول [ فتقطع معها العروق والعصب ] ,, [ فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء وتغلق أبواب السماء ,, ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم ] فيأخذها ,, فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسـوح ,, ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وُجدت على وجه الأرض ,, فيصعدون بها ,, فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون : فلان ابن فلان ,, بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ,, حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له ,, فلا يُفتح له ,, ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) فيقول الله عز وجل : { اكتبوا كتابه في سجين ,, في الأرض السفلى [ ثم يقال : أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم ,, وفيها أعيدهم ,, ومنها أخرجهم تارة أخرى ] } ,, فتطرح روحه [ من السماء ] طرحا [ حتى تقطع في جسده ] ثم قرأ :
( ومن يشرك بالله فكأنما خـرَّ من السـماء فتخطفه الطيـر أو تهوي به الريح في مكان سـحيق ) ,, فتعاد روحه في جسده [ قال : فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه ] ويأتيه ملكان [ شديدا الانتهار فينتهرانه , و ] يجلسانه فيقولان له : من ربك ؟؟ [ فيقول : هاه هاه لا أدري ,, فيقولان له : ما دينك ؟؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ] فيقولان له : فماذا تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟؟ فلا يهتد لإسمه ,, فيقال : محمد ,, فيقول هاه هاه لا أدري [ سمعت الناس يقول ذاك ,, قال : فيقال : لا دريت ] , [ ولا تلوت ] فينادي مناد في السماء أن كذب ,, فافرشوا له من النار وافتحوا له بابا إلى النار ,, فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه ( وفي رواية : يمثل له ) رجل قبيح الوجه ,, قبيح الثياب ,, منتن الريح فيقول : أبشر الذي يسوؤك ,, هذا يومك الذي كنت توعد فيقول : [ وأنت فبشرك الله بالشر ] من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر فيقول : أنا عملك الخبيث [ فوالله ما علمت إلا كنت بطيئا عن طاعة الله سريعا إلى معصية الله ] [ فجزاك الله شــرا ,, ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان ترابا فيضربه ضربة حتى يصير بها ترابا ثم يعيده الله كما كان فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين ثم يفتح له بابا من النار ويمهد من فرش النار ] فيقول : " رب لا تُقِم الساعة " ..

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن المؤمن إذا احتضـر أتتـه ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء ,, فيقولون : اخرجي راضية مرضية عنك إلى روح الله وريحان ورب غيـر غضبـان ,, فتخرج كأطيب ريح المسـك ,, حتى إنهم ليتناوله بعضـهم بعضـا يشـمونه حتى يأتـوا به باب السـماء ,, فيقولون : مـا أطيـب هذه الريح التي جائتـكم من الأرض فكلما أتـوا سـماء قالوا ذلك ,, حتى يأتـوا به أرواح المؤمنين ,, قال : فلهم أفرح به من أحدكم بغائبه إذا قدم عليه ,, قال : فيسـألونه ما فعل فلان ,, قال : فيقولون : دعوه حتى يسـتريح فإنه كان في غم الدنيا فإذا قال لهم أمـا أتاكم فإنه قد مـات ,, قال : فيقولون : ذهب به إلى أمه الهاوية ,, قال : وأما الكافر فإن ملائكة العذاب تأتيه فتقول : اخرجي ساخطة مسخوط عليك إلى عذاب الله وسخطه ,, فيخرج كأنتن ريح جيفة فينطلقون به إلى باب الأرض ,, فيقولون : ما أنتن هذه الريـح ,, كلما أتـوا على الأرض قالـوا ذلك حتى يأتـوا بـه أرواح الكــفــار

داليا
16-12-2014, 11:49 PM
الملائـكــة ومجـالـــس الـذكـــر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسـون أهل الذكر ,, فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنـادوا هَلمُّـوا إلى حاجتكم ,, قال : فيحفونهم بأجنحتهم إلى السـماء الدنيا , قال : فيســألهم ربهم عز وجل وهو أعلم منهم : مـا يقول عبادي : قال : تقول : يسـبحونك ويكبـرونك ويحمدونك ويمجدونك ,, قال : فيقول : هـل رأوني ؟ قال : فيقولون : لا والله ما رأوك ,, قال : فيقول : كيف لو رأوني ؟ قال : يقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة ,, وأشد لك تمجيدا ,, وأكثر لك تسبيحا ,, قال : يقول : فما يسـألوني ؟ قال : يسـألونك الجنـة ,, قال : يقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا والله يا رب ما رأوها ,, قال : فيقول : فكيف لو أنهم رأوها ؟ قال : يقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة ,, قال : يقول : فمم يتعوذون ؟ قال : يقولون : من النار ,, قال : يقول : وهل رأوها ؟ قال : فيقولون : لا والله يا رب ما رأوها ,, قال : يقول : فكيف لو رأوها ؟ قال : يقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة قال : فيقول : فأشـهدكم أني قد غفرت لهم قال : يقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة قال : هم الجلساء لا يشقى جليسهم ))

وهـؤلاء الملائكة " زائدون على الحفظة وغيـرهـم من المرتبين مع الخلائق لا وظيـفـة لهـم إلا حلق الذكــر "
قال النووي : " وفي هذا الحديث فضيلة الذكر وفضيلة مجالسه ,, والجلوس مع أهله وإن لم يشاركهم ,, وفضل مجالسة الصالحين وبركتــهم " والله تعالى أعلم ..

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من نَـفَـسَّ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نَـفَـسَّ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ,, ومن يَـسَّـرَ على معسـر يَسَّـرَ الله عليه في الدنيا والآخـرة ,, ومن سـتر مسـلماً سـتره الله في الدنيا والآخـرة ,, والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ,, ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علما سَـهَّـل الله به طريقا إلى الجنـة ,, وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ,, ومن بَطَّـأ به عَمَله لم يسرع به نسبه ))



الملائـكـــة يصـلـون على العبد إذا جلس ينتظر الصــلاة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( صـلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته ,, وصـلاته في سوقه بضعا وعشرين درجه وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسـن الوضوء ثم أتى المسـجد ,, لا ينهزه إلا الصـلاة ,, لا يريد إلا الصلاة ,, فلم يخط خطوة إلا رُفع له بها درجة وحُطَّ عنه بها خطيئته ,, حتى يدخل المسجد ,, فإذا دخل المسـجد كان في الصـلاة ما كانت الصـلاة هي تحبسـه ,, والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صَـلَّى فيه يـقـولـون : اللهم ارحمـه ,, اللهم اغـفـر لـه ,, اللهم تـب عليــه ,, مـا لـم يُـحدث فيــه ))

وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الملائكــة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه ,, تقول : اللهم اغفر له , اللهم ارحمه , ما لم يحدث ,, وأحدكم في صلاة ما كانت الصــلاة تحبســـه ))

وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يـزال العبد في صـلاة ما كان في مُصلاه ينتظر الصـلاة ,, وتقول الملائكة : " اللهم اغفر له , اللهم ارحمه " , حتى ينصرف أو يحدث ؟ قال : يَفسُو أو يَضْرِط ))

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أحدكم ما قعد ينتظر الصلاة في صلاة ما لم يحدث تـدعو له الملائكـة : " اللهـم اغـفــر لــه ,,, اللـهـم ارحــمــه " ))



الملائكــة يبلـغـون النبي صلى الله عليه وسلم ســلام أمتـه عليـه

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن لله ملائكـة سباحيـن فـي الأرض يبــلغــوني مــن أمـتــي الســـلام ))


الملائـكـة تصلي على من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم

عن عبد الله بن عامر يحدث عن أبيه قال : سمعت رسـول الله صلى الله عليه وسلم يخطـب ويـقــول :
(( من صـلى عليَّ صـلاة لـم تـزل المـلائـكــة تصلي عليه ما صلى عليَّ ,, فليقـل عبـد مـن ذلك أو ليكثر ))


الملائـكــة تضـرب مثــلا للنبي صلى الله عليه وسلم

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم ,, فقال بعضهم : إنه نائم وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان ,, قالـوا : إن لصاحبكم هذا مثلا ,, قال فاضـربـوا له مثـلا ,, فقال بعضهم : إنه نائـم ,, وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان ,, فقالوا : مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ,, ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فقالوا : أولوها له يفقهها ,, فقال بعضهم : إنه نائم ,, وقال بعضهم : إن العين نائمة والقلب يقظان ,, قالوا فالدار الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وســلم فمن أطاع محمدا صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله ,,, ومن عصى محمدا صلى الله عليه وســلم فقد عصى الله ومـحـمد فــرقُ بيــن النـــاس ))



الملائكــة يكتبــون أســماء الذين يذهبــون إلى صـلاة الجمعة مبـكرا

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المســجد ملائكـة يكتبـون الأول ,, فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يسـتمعون الذكــر ,, ومثل المُـهَـجِّر كمثل الذي يهدي البدنة ,, ثم كالذي يهدي بقرة ,, ثم كالذي يهدي الكبش ,, ثم كالذي يهدي الدجاجة ,, ثم كالذي يهدي البيـضة ))



الملائكــة تحف طالب العلم وتظلـه بأجنحتها

عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله إني جئت أطلب العلم ,, قال : (( مرحبا بطالب العلم إن طالب العلم لتحف به الملائكة وتظله بأجنحتها فيـركـب بعضـهم بعضـا حتى تبلغ السـماء الدنيا من حبهم لما يطلب ))

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله له طريقا إلى الجنة ,, وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ,, وإن العالم ليسـتغفر له من في السماوات ومن في الأرض ,, حتى الحيتان في الماء ,, وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لـم يورثـوا ديـنارا ولا درهــما إنمـا ورثـوا العلم ,, فمن أخذ بـه أخذ بحـظ وافــر



الملائكــة والأجنـّـة في الأرحــام

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصـادق المصـدوق : (( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ,, ثم يكون في ذلك علقه مثل ذلك ,, ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ثم يُرسَل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات : يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ,, فو الذي لا إله إلا غيـره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ,, وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ))

وعن حذيفة بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعيـن ليـلة ,, فيقول : يـا رب أشقي أو سـعيـد ؟ فيكتبان ,, فيقول : أي رب أذكر أو أنثـى ؟ فيكتبان ويكتب عمله وأثــره وأجلــه ورزقــه ,, ثـم تطــوى الصـحـف فلا يـزاد فيـها ولا ينقـص ))

عن أبي الزبيـر المـكي , عن عامر بن واثلة حدثه أنه سمع عبد الله بن مسعود قال : الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وُعِـظ بغيره ,, فأتى رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري فحدثه بذلك من قول ابن مسعود فقال : " وكيف يشقي رجل بغير عمل ؟ فقال له الرجل : أتعجب من ذلك ؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا مَـرَّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة ,, بعث الله إليه ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ,, ثم قال : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شـاء ,, ويكتب الملك ثم يقول : يا رب أجله , فيقول : ربك ما شاء ,, ويكتب الملك ,, ثم يقول : يا رب رزقه ,, فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ,, ثم يخرج بالصحيفة في يده ,, فلا يزيد على ما أمر ولا ينــقــص ) ,,, وعن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول : (( إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم يتصور عليها الملك )) ,, قال زهير : حسبته قال : الذي يخلقها ( فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى ثم يقول : يا رب أسوي أم غير سوي ؟ ثم يقول : يا رب ما رزقه ؟ مـا أجلـه ؟ مـا خلقـه ؟ ثـم يجعلـه الله شـقيـا أو سـعيـدا



قال النووي : " قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : ( ثم يرسل الملك ) ظاهره أن إرساله يكون بعد مائة وعشرين يوما وفي الرواية التي بعد هذا ( يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة فيقول : يا رب أشقي أم سعيد ) وفي الرواية الثالثة ( إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليه ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ) وفي رواية حذيفة بن أسيد ( إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ,, ثم يتصور عليها الملك ) وفي رواية ( إن ملكا موكلا بالرحم إذا أراد يخلق شيئا بإذن الله لبضع وأربعين ليلة وذكر الحديث "

وفي رواية أنس : ( إن الله قد وكل بالرحم ملكا , فيقول : أي رب نطفة , أي رب علقه , أي رب مضغة ) قال العلماء : طريق الجمع بين هذه الروايات أن للملك ملازمة ومراعاة لحال النطفة , وإنه يقول : يا رب هذه علقه , هذه مضغة في أوقاتها , فكل وقت يقول فيه ما صارت إليه بأمر الله تعالى وهو أعلم سبحانه , ولكلام الملك وتصرفه أوقات , أحدها : حين يخلقها الله تعالى نطفة , ثم ينقلها علقة , وهو أول علم للملك بأنه ولد , لأنه ليس كل نطفة تصير ولدا , وذلك عقب الأربعين الأولى , وحينئذ يكتب رزقه وأجله وعمله وشقاوته أو سعادته , ثم للملك فيه تصرف آخر في وقت آخر وهو تصويره وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظمه وكونه ذكرا أم أنثى , وذلك إنما يكون في الأربعين الثالثة وهي مدة المضغة , وقبل انقضاء هذه الأربعين وقبل نفخ الروح فيه لأن نفخ الروح لا يكون إلا بعد تمام صورته

أما قوله في إحدى الروايات : ( فإذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها وعظامها ثم قال : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك , ثم يقول : يا رب أجله , فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك وذكــر رزقــه ) ,,, قال القاضي وغيره : " ليس هو على ظاهره , بل المراد بتصويرها وخلق سمعها إلى آخره أن يكتب ذلك ثم يفعله في وقت آخر ,, لأن التصوير عقب الأربعين الأولى غير موجود في العادة وإنما يقع في الأربعين الثالثة وهي مدة المضغة كما قال الله تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة . فخلقنا العلقة مضغة . فخلقنا المضغة عظاما . فكسونا العظام لحما ) ,, ثم يكون للملك فيه تصوير آخر وهو وقت نفــخ الروح عقب الأربعين الثالثة حين يكمل له أربعة اشـــهر .. واتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة اشهر ,, ووقع في رواية البخاري : ( إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ,, ثم يكون علقه مثله ,, ثم يكون مضغة مثله ,, ثم يبعث إليه الملك فيؤذن بأربع كلمات ,, فيكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد ,, ثم ينفخ فيه : ثم يبعث ) ,, بحرف " ثم " يقتضي تأخير كتب الملك هذه الأمور إلى بعد الأربعين الثالثة ,, والأحاديث الباقية تقتضي الكتب بعد الأربعين الأولى ,, وجوابه : أن قوله : ( ثم يبعث إليه الملك فيؤذن فيكتب ) معطوف على قوله : ( يجمع في بطن أمه ) ومتعلق به لا بما قبله وهو قوله : ( ثم يكون مضغة مثله ) ويكون قوله : ( ثم يكون علقه ومثله ثم يكون مضغة مثله ) معترضا بين المعطوف والمعطوف عليه ,, وذلك جائز موجود في القرآن والحديث الصحيح وغيره من كلام العرب ,, قال القاضي وغيره : والمراد بإرسال الملك في هذه الأشياء أمره بها ,, والتصرف فيها بهذه الأفعال ,, وإلا فقد صرح في الحديث بأنه موكل بالرحم وأنه يقول : يا رب نطفة يا رب علقه قال القاضي : وقوله في حديث أنس : وإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال : يا رب أذكر أم أنثى ؟ شقي أم سعيد ؟ لا يخالف ما قدمناه ,, ولا يلزم منه أن يكون ذلك بعد المضغة بل ابتداء للكلام ,, وإخبار عن حالة أخرى فأخبر أولا بحال الملك مع النطفة , ثم أخبر أن الله تعالى إذا أراد إظهار خلق النطفة علقه كان كذا وكذا ,, ثم المراد بجميع ما ذكر من الرزق والأجل والشقاوة والسعادة والعمل والذكورة والأنوثة أنه يُظهر ذلك للملك ,, ويأمره بإنقاذه وكتابته وإلا فقضاء الله تعالى ســابق على ذلك , وعلمه وإرادته لكل موجـود في الأول ... والله تعالى أعلــم .



الرعــد ملك من ملائكــة الله عز وجل موكــل بالســـحاب

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا أبا القاســم إنا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك ,, فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قالوا : الله على ما نقول وكيل , قال : " هاتـوا " ,, ,, قالوا : أخبرنا عن علامة النبي ؟ قال : ( تنام عيناه ولا ينام قلبه ) قالوا : أخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر ؟ قال : ( يلتقي الماآن فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت ,, وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل آنثت ) قالوا : أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه ؟ قال : ( كان يشتكي عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمه إلا ألبان كذا وكذا .. " قال بعضهم : يعني : الإبل فحرم لحومها ) ,, قالوا : صدقت ,, قالوا : أخبرنا ما هذا الرعد ؟ قال : ( ملك من ملائكة الله عزوجل موكل بالسحاب بيده أو في يده مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمر الله ) قالوا : فما هذا الصوت الذي يُسمع ؟ قال : ( صوته ) ,, قالوا : صدقت ,, إنما بقيت واحدة وهي التي نبايعك إن أخبرتنا بها فإنه ليس من نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك ؟ قال : ( جبـريـل عليـه الســلام ) ,, قالوا : جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا ,, لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان ... فأنزل الله عزوجل : ( من كان عدوا لجبريل ) إلى آخر الآية الكريمة




الملك المـوكــل بالجــبــال

عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله هـل أتى عليك يوم كان أشـد من يوم أحـد ؟ فقال : ( لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ,, إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت ,, فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ,, فلم أستفق إلا بقرن الثعالب ,, فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فتاداني فقال : إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم قال : فناداني ملك الجبال وسلَّم عليَّ ثم قال : يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك , وأنا ملك الجبال , وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت ؟ إن شئت أن أطبق عليه الأخشبين , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا )




الملائــكــة تظــل الشـــهيد بأجنحتــها

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : ( جيء بأبي يوم أحد قد مُـثِّـلَ به حتى وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سُـجِّـيَ ثوبا ,, فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي ,, ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفِع ,, فسمع صوت صائحة فقال : من هذه ؟ فقالوا : ابنة عمرو . أو أخت عمرو قال : فلم تبكي ؟ تـبكي أو لا تبـكي فما زالـت الملائـكــة تُـظَـلِّـلُـه بأجنـحتـها حـتى رفــع )




الملائـكــة يؤمنــون على دعـاء من حضــر الميــت

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا حضرتم المريض أو الميت ,, فقولوا خيـرا ,, فإن الملائـكــة يؤمنـون على مـا تقولــون ) ,, قالت أم سلمة : فلما مات أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن أبا سلمة قد مات ,, قال : قولي : ( اللهم اغفر لي وله واعقبني منه عقبة حسنة )
قالــت : " فأعقبــني الله مـن هـو خيــر لي منــه محمـدا صلى الله عليـه وســلم "



الملائـكــة يؤمنـون على دعـاء المســلم لأخيـه بظهـر الغيـب

عن أم الدرداء . عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مـا مـن عبـد مسـلم يدعـو لأخيه بظهـر الغيـب إلا قـال ملك ولك بمثــل ) ... وعنها رضي الله عنها قالت : حدثني سيدي ( تعني زوجها أبا الدرداء ) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من دعـا لأخيه بظهـر الغيـب , قال الملك الموكل به " آمين ولك بمثـل " ))

وعن صفوان ( وهو ابن عبد الله بن صفوان ) وكانت تحته أم الدرداء قال : قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء , فقالت : أتريد الحج العام ؟ فقلت : نعم .. قالت : فادع الله لنا بخيـر ,, فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : (( دعـوة المـرء المسـلم لأخيه بظهر الغيب مسـتجابة عند رأسـه ملك موكل ,, كلما دعـا لأخيـه بخيــر قال الملك الموكل به : آميـن ولك بمثـل )) ,, قال : فخرجت إلى السـوق فلقيـت أبا الدرداء ,, فقال لي مثـل ذلك يـرويـه عـن النبــي صـلى الله عليـه وســـلم ..



الملائـكــة تبســط أجنحتـها على بــلاد الشــام

عن ابن شماسة أنه سمع زيد بن ثابت يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن عنده : ( طوبى للشام ) قــال : (( إن ملائـكــة الرحمــن لبـاســـطة أجنحتـــها عليــه ))



الملائـكـــة تحـرس مكـة والمدينــة مـن الدجــال

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ليس من بلد إلا سـيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكــة صافين يحرسـونها ,, ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفـات فيـخرج الله كــل كــافـر ومـنـا فـق )) .. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( على أنقــاب المديـنة ملائـكــة لا يدخلها الطاعــون ولا الدجـــال ))

وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الإيمــان يمان والكـفر من قبل المشرق وإن السكينة في أهـل الغنـم وإن الريـاء والفخر في أهل الفدَّادين أهل الوبر وأهل الخيل ويأتي المسـيح " أي : الدجال ) من قبل المشرق وهمته المدينة حتى إذا جاء دبر أُحد تلقته الملائكـة فضربت وجهه قبل الشام هنالك يهلك هنالك يهـلك



الملائـكــة يؤمنــون خلـف الإمـام

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد ,, فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُـفِر له مـا تقـدم مـن ذنبــه )) وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا أمَّنَ الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ))

وعن أبي هريـرة رضي الله عنه أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا قال أحدكم في الصـلاة آمين والملائكة في الســماء آميـن ,, فوافق إحداهما الأخـرى ,, غفـر له مـا تقدم من ذنـبـه )) .. وعنه رضي الله عنه أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا قال القارئ غيـر المغضـوب عليهم ولا الضــاليـن )) فقال من خلفه : آميـن ,, فوافـق قـوله قـول أهـل الســماء غفر له ما تقـدم مـن ذنـبـه )) .. وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين ,, فإن الملائكة تقول آمين وإن الإمام يقول آميـن ,, فمــن وافـق تأميـنه تأميـن الملائـكــة غفـر له مـا تقــدم مـن ذنبــه ))

قال الحافظ ابن حجر : " وهو دال على أن المراد الموافقة في القول والزمان خلافا لمن قال : المراد الموافقة في الإخلاص والخشوع كابن حبان : فإنه لما ذكر الحديث قال : يريد موافقة الملائكة في الإخلاص بغير إعجاب ,, وكذا جنح إليه غيره ,, فقال نحو ذلك من الصفات المحمودة , أو في إجابة الدعاء ,, أو في الدعاء بالطاعة خاصة أو المراد بتأمين الملائكة استغفارهم للمؤمنين ,, وقال ابن المنير : الحكمة في إيثار الموافقة في القول والزمان أن يكون المأموم على يقظة للإتيان بالوظيفة في محلها ,, لأن الملائكة لا غفلة عندهم ,, فمن وافقهم كان متيقظا ,, ثم أن ظاهره المراد بالملائكة جميعهم واختاره ابن بزبزة وقيل : الحفظة منهم ,, وقيل : الذين يتعاقبون منهم إذا قلنا غير الحفظة ,, والذي يظهر أن المراد بهم من يشهد تلك الصلاة من الملائكة ممن في الأرض أو في الســماء ... قوله : ( غفر له ما تقدم من ذنبه ) ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية وهو محمول عند العلماء على الصغائر ,, وأما الكبائر فـلا تُكفَّـرُ إلا بالتوبـة



الملائـكــة تلعـن المــرأة التي تغضـب زوجــها

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رســول الله صلى الله عليه وسلم
(( إذا دعـا الرجـل امرأتـه إلى فـراشــه فأبت ,, فبات غضـبان عليـها لعنتـها الملائـكــة حتى تصبـح ))




الملائـكــة تـرد الســلام على آدم عليـه الســلام

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( خلق الله آدم وطوله سـتون ذراعـا ,, ثم قال : اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة ,, فاستمع ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك ,, قال : فذهب ,, فقال : السلام عليكم فقالوا : السلام عليك ورحمة الله ,, قال : فزادوه : ورحمة الله ,, قال : فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ,, وطوله ستون ذراعا ,, فلم يـزل الخلـق ينقـص بعـده حتى الآن ))




الملائـكــة تلعــن من أشــار بالســلاح إلى مســلم

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال أبو القاسم : (( من أشـــار إلى أخيـه بحديـدة ,, فإن الملائـكة تلعـنـه حتى وإن كان أخـاه لأبيـه وأمـه ))
أعمـــال الملائــكـــة
======================



الملائكـــة تقاتــل مع المســـلمين في غـــزوة بـــدر


عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : حدثني عمر بن الخطاب قال : لَـمَّّـا كان يوم بدر ,, نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف ,, وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا ,, فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مَدَّ يديه فجعل يهتف بربه : ( اللهم أنجز لي ما وعدتني ,, اللهم آت ما وعدتني ,, اللهم إن تُهلِك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض ) فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه ,, فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من وراءه ,, وقال يا نبي الله كذاك مناشدتك ربَّك ,, فإنه سينجز لك ما وعدك ,, فأنزل الله عز وجل :
(( إذ تســـــتغيثـون ربكـم فاســتجاب لكـم أني ممدكـم بألــف مـن الملائــكــة مردفـيــن ))
فأمده الله بالملائكة ,, قال أبو زُمَيْل : فحدثني ابن عباس قال : بينهما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثَرِ رجل من المشركين أمامه ,, إذ سمع ضربة بالسوط فوقه ,, وصوت الفارس يقول : أقدم حَيْزُومُ ,, فنظر إلى المشرك أمامه فَخَرَّ مستلقيا ,, فنظر إليه فإذا هو قد خُطم أنفه ,, وشُقَّ وجهه كضربة السوط فاخْضَـرَّ ذلك أجمع ,, فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول اله صلى الله عليه وسلم فقال : ( صــدقــت . ذلك مـن مـدد الســـماء الثالثة ,, فقتلوا يومئذ سـبعين وأسـروا سبعين )
( وهــؤلاء الملائـكـــة الـذيـن قـاتـلوا فـي بـدر هــم أفضـــل الملائــكـــة )

فعن معاذ بن رفاعة بن رافع الزُّرقيِّ عن أبيه , وكان أبوه من أهل بدر , قال : ( جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ قال : " من افضل المسلمين " قال : وكذلك من شــهد بــدرا مـن الملائـكــة )




الملائكــة تذكَّـر أهـل الخيـر بأفعـالهـم


عن حذيفة رضي اله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم فقالوا : أعملت من الخير شيئا ؟ قال : لا , قالوا : تذكر , قال : كنت أداين الناس ,, فآمُرُ فتياتي أن ينظروا المعسر ويتجوزوا عن الموسر , قال : قال الله عز وجل تجوزوا عنه )


الملائكـــة تغســل آدم عليه الســـلام بعد موته


عن أبي كعب عن النبي صلى الله عليـه وســلم قال : ( لمـَّا تـوفي آدم غســـلته الملائـكـــة بالمــاء وتـرا ولحـدوا له وقالوا هذه سنة آدم في ولـــده )


الملائـكــة الـذين حملــوا التــابــوت


قال الله تعالى : (( ألم تـر إلى الملأ من بني إسـرائيـل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسـيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين * وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم * وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ))

قال ابن كثير : " يقول لهم نبيهم إن علامة بركة ملك طالوت عليكم أن يرد الله عليكم التابوت الذي كان أخذ منكم ( فيه سكينة من ربكم ) قيل معناه : فيه وقار وجلالة ,, وقوله : ( وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ) عن ابن عباس : قال : عصاه ورضاض الألواح ,, وقوله : ( تحمله الملائكة ) قال ابن جريج : قال ابن عباس : جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظــرون "




نـزول عيسـى عليه السـلام في آخـر الزمـان واضـعا كفيه على أجنحة ملكــين


عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفَّض فيه ورفّع حتى ظنناه في طائفة النخل ,, فانصرفنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رحنا إليه ,, فعرف ذلك فينا ,, فقال : " ما شأنكم ؟ " فقلنا : يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفّضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل ,, فقال : ( غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم , إنه شاب قطط عينه طائفة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن ,, فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج خَـلَّة بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتـوا ) ,, قلنا يا رسول الله : وما لبثه في الأرض ؟ قال : ( أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم ) ,, قلنا يا رسول الله : فذاك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال : ( لا اقدروا له قدره ) ,, قلنا يا رسول الله : وما إسراعه في الأرض ؟ قال : ( كالغيث استدبرته الريح فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له , فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليه سارحتهم أطول ما كانت ذرى وأسبغه ضروعا وأمده خواصر ,, ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله ,, فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة ,, فيقول له : أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلا شابا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ,, ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك ,, فبينما هو كذلك إذ بعث الله المســيح ابن مريـم ,, فينـزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهروتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر ,, وإذا رفعه تحدر منه جمان كالؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله )




الملائـكــة تنـزل عنـد قـراءة القــرآن


عن أبي سعيد الخدري حدّث أن أسيد بن حضير بينما هو ليلة يقرأ في مربده إذ جالت فرسه فقرأ ثم جالت أخرى فقرأ ثم جالت أيضا . قال أسيد : فخشيت أن تطأ يحيى ,, فقمت إليها فإذا مثل الظلة فوق رأسي فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها , قال : فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي ,, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أقرأ ابن حضير ) قال : فقرأت ثم جالت أيضا ,, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أقرأ ابن حضير ) قال : فقرأت ثم جالت أيضا ,, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أقرأ ابن حضير ) قال : فانصرفت ,, وكان يحيى قريبا منها خشيت أن تطأه فرأيت مثل الظلة ,, فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها ,, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تلك الملائكة كانت تستمع لك ,, ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم ) ... قال الحافظ ابن حجر : " قال النووي : في هذا الحديث جواز رؤية آحاد الأمة للملائكة ,, كذا أطلق وهو صحيح لكن الذي يظهر التقييد بالصالح مثلا والحسن ,, قال : وفيه فضيلة القراءة وأنها سبب نزول الرحمة وحضور الملائكة "

الحكم المذكور أعم من الدليل ,, فالذي في الرواية إنما نشأ عن قراءة خاصة من صورة خاصة بصفة خاصة , ويحتمل من الخصوصية ما لم يذكر وإلا لو كان على الإطلاق لحصل ذلك لكل قاريء ,, وقد أشار في آخر الحديث بقوله : " ما يتوارى منهم "إلا أن الملائكة لاستغراقهم في الاستماع كانوا يستمرون على عدم الاختفاء الذي هو من شأنهم وفيه منقبة لأسيد بن حضير




قتـال جبـريل وميـكائـيل عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد


عن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض وما رأيتهما قبل ولا بعد ,, يعني جبريل وميكائيل عليهما الســـلام ..

قال النووي : " فيه بيان كرامة النبي صلى الله عليه وسلم على الله تعالى ,, وإكرامه إياه بإنزال الملائكة تقاتل معه وبيان الملائكة تقاتل ,, وأن قتالهم لم يختص بيوم بدر ,, وهذا هو الصواب خلافا لمن زعم اختصاصه ,, فهذا صريح في الرد عليه , وفيه فضيلة الثياب البيض وأن رؤية الملائكة لا تختص بالأنبياء , بل يراهم الصحابة والأولياء وفيه منقبة لسعد بن أبي وقاص الذي رأى الملائكة ,,, والله تعالى أعلم "



موسى عليه السلام يفقأ عين ملك الموت


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : ( جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له : أجب ربك قال : فلطم موسى عليه السلام عين ملك الموت ففقأها ,, قال : فرجع الملك إلى الله تعالى ,, فقال : إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني ,, قال : فرد الله إليه عينه ,, وقال : ارجع إلى عبدي فقل : الحياة تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور ,, فما توارت يدك من شعره فإنك تعيش بها سنة ,, قال : ثم مه ؟ قال : ثم تموت . قال : فالآن من قريب ,, رب أمتني من الأرض المقدسة رمية بحجر ,, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والله لو أني عنده لأريتكم قبة إلى جــانـب الطــريـق عـنــد الـكــثـيـب الأحـمــر )

قال الحافظ ابن حجر : " قال ابن خزيمة : أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث , وقالوا : إن كان موسى عرفه فقد استخف به , وإن كان لم يعرفه فكيف لم يقتص له من فقأ عينه ؟ والجواب : أن الله لم يبعث ملك الموت لموسى وهو يريد قبض روحه حينئذ ,, وإنما بعثه إليه اختبارا ,, وإنما لطم موسى ملك الموت لأنه رأى آدميا دخل داره بغير إذنه ولم يعلم أنه ملك الموت ,, وقد أباح الشارع فقء عين الناظر في دار المسلم بغير إذن ,, وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفهم ابتداء ,, ولو عرفهم إبراهيم لما قَـدَّم لهم المأكول ,, ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومهم .. وعلى تقدير أن يكون عرفه فمن أين لهذا المبتدع مشروعية القصاص بين الملائكة والبشر ؟ ثم من أين له أن ملك الموت طلب القصاص من موسى فلم يقتص له ؟ ولخَّص الخطابي كلام ابن خزيمة وزاد فيه : أن موسى دفعه عن نفسه لما ركب فيه من الحدة , وأن الله ردَّ عين ملك الموت ليعلم موسى أنه جاءه من عند الله , فلهذا استسلم حينئذ .. وقال النووي : لا يمتنع أن يأذن الله لموسى في هذه اللطمة امتحانا للملطوم ,, وقال غيره : إنما لطمه لأنه جاء لقبض روحه من قبل أن يخيره ,, لما ثبت أنه لم يقبض نبي حتى يخيـر ,, فلهـذا لما خيره في المرة الثانية أذعن , قيل : وهذا أولى الأقوال بالصواب ,, وفيه نظر لأنه يعود أصل السؤال فيقال : لم أقدم ملك الموت على قبض نبي الله وأخلَّ بالشرط ؟ فيعود الجواب أن ذلك وقع امتحانا .. وزعم بعضهم أن معنى قوله : " فقأ عينه " أي : أبطل حجته وهو مردود بقوله في نفس الحديث .. " فرد الله عينه " ,, وبقوله : " لطمه وصكه " وغير ذلك من قرائن السياق .. قال ابن قتيبة : إنما فقأ موسى العين التي هي تخييل وتمثيل وليست عينا حقيقية ,, ومعنى رد الله عينه أي : أعاده إلى خلقته الحقيقية , وقيل على ظاهره , ورد الله إلى ملك الموت عينه البشرية ليرجع إلى موسى على كمال الصورة فيكون ذلك أقوى في اعتباره ,, وهذا هو المعتمد .. وجوَّز ابن عقيل أن يكون موسى أُذن له أن يفعل ذلك بملك الموت وأمر ملك الموت بالصبر على ذلك كما أمر موسى بالصبر على ما يصنع الخضر ,, وفيه أن الملك يتمثل بصورة الإنسان وقد جاء في ذلك عــدة أحاديـث " ...




اختـصام ملائكـة الرحمـة وملائكـة العـذاب في التـائب من القـتل


عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسـأل عن أعلم أهل الأرض فَدُلَّ على راهب , فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل لي من توبة ؟ فقال : لا , فقتله , فكمّل به مائة ,, ثم سـأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم , فقال : إنه قتل مائة نفس . فهل لي من توبة ؟ فقال : نعم ,, ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسـاً يعبدون الله فاعبد الله معهم ,, ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض ســوء ,, فانطلق حتى نصف الطريق أتاه ملك الموت ,, فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائبا مقبلا إلى الله , وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط .. فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم ,, فقال : قيسـوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له ,, فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض الـتي أراد فــقــبــضــتــه مــلائــكـــة الــرحــمـــة )

قال الحافظ ابن حجر : " في الحديث مشروعية التوبة من جميع الكبائر حتى من قتل الأنفس , ويحمل على أن الله تعالى إذا قبل توبة القاتل تكفل برضا خصمه , وفيه أن المفتي قد يجيب بالخطأ ,, وغفل من زعم أنه إنما قتل الأخير على سبيل التأويل لكونه أفتاه بغير علم ,, لأن السياق يقتضي أنه كان غير عالم بالحكم حتى استمر يستفتي ,, وأن الذي أفتاه استبعد أن تصح توبته بعد قتله لمن ذكر أنه قتله بغير حق ,, وأنه إنما قتله بناء على العمل بفتواه ,, لأن ذلك اقتضى عنده ألا نجاة له فيئس من الرحمة ,, ثم تداركه الله فندم على ما صنع فرجع يسـأل ,, وفيه إشارة إلى قلة فطنة الراهب ,, لأنه كان من حقه التحرر ممن اجترأ على القتل حتى صار له عادة بألا يواجهه بخلاف مراده وأن يستعمل معه المعاريض مداراة عن نفسه ,, هذا ولو كان الحكم عنده صريحا في عدم قبول توبة القاتل فضلا عن أن الحكم لم يكن عنده إلا مظنونا , وفيه أن الملائكة الموكلين ببني آدم يختلف اجتهادهم في حقهم بالنسبة إلى من يكتبونه مطيعا أو عاصيا , وأنهم يختصمون في ذلك حتى يقضي الله بينهم , وفيه فضل التحول من الأرض التي يصيب الإنسان فيها إلى المعصية لما يغلب بحكم العادة على مثل ذلك إما لتذكرة أفعاله الصادرة قبل ذلك والفتنة بها وإما لوجود من كان يعينه على ذلك ويحضه عليه "

وقال النووي : " وأما قياس الملائكة ما بين القريتين وحكم الملك الذي جعلوه بينهم بذلك فهذا محمول على أن الله تعالى أمرهم عند اشتباه أمره عليهم واختلافهم فيه أن يحكموا رجلا ممن يمر بهم فمرَّ الملك في صورة رجل فحكم بذلك "



اختصام الملأ الأعلى من الملائكة في الأعمال التي يتقرب بها بنو آدم إلى الله عز وجل


عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عَيْنَ الشمس ,, فخرج سريعا فثوب بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجوز في صلاته ,, فلما سلم دعا بصوته قال لنا : ( على مصافكم كما أنتم ) ثم انفتل إلينا ثم قال : ( أما إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة : إني قمت من الليل فتوضأت فصليت ما قُـدِّرَ لي فنعست في صلاتي حتى استثقلت ,, فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة ,, فقال : يا محمد , قلت : لبيك رب , قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : لا أدري ,, قالها ثلاثا ,, قال : فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت بَرد أنامله بين ثديي ,, فتجلى لي كل شيء وعرفت ,, فقال : يا محمد , قلت : لبيك رب , قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : في الكفَّـارات ,, قال : ما هن ؟ قلت : مشي الأقدام إلى الحسنات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء حين الكريهات ,, قال : فيم ؟ قلت : إطعام الطعام , ولين الكلام , والصلاة بالليل والناس نيام ,, قال : سل ,, قال :
اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين ,, وأن تغفر لي وترحمني ,, وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون ,, أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقرب إلى حبك ,, قال رسول الله صلى الله عليـه وســـلم :
إنــها حــق فادرســوهــا ثـم تعلمــوهــا )

أعلم أخي الحبيب : " أن ما تضمنه هذا الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه : ( فرأيته وضع كفيه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي ,, فتجلى لي كل شيء وعرفت ) ,, فهذا الوصف من النبي صلى الله عليه وسلم لربه يجب الإيمان به , ولا يسأل عنه بكيف ,, إذ أن الله عز وجل : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) "

قال الحافظ : " وأما وصف النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل به فهو حق وصدق يجب الإيمان والتصديق به كما وصف الله عز وجل به نفســه مع نفي التمثيل عنه " ,, وقال : " وفيه دلالة ( أي : الحديث ) على أن الملأ الأعلى وهم الملائكة أو المقربون منهم يختصمون فيما بينهم ويتراجعون القول في الأعمال التي تقرب بني آدم إلى الله عز وجل وتكفر بها عنهم خطاياهم ,, وقد أخبر الله عنهم بأنهم يســتغفرون للذين آمنــوا ويدعــون لهــم "

وفي الحديث الصحيح : (( إن الله إذا أحب عبدا نادى إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبـريل ثم ينادي في السـماء إن الله يحب فلانـا فأحبــوه فيحبه أهــل الســماء ثم يوضــع له القبــول في الأرض ))




الملائـكــة تصلي على من يُطعـم أخــاه المســـلم


عن أنس أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن على سعد بن عبادة فقال : السلام عليكم ورحمة الله ,, فقال سعد : وعليك السلام ورحمة الله ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا ورد عليه سعد ثلاثا ولم يسمعه فرجع النبي صلى الله عليه وسلم واتبعه سعد فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما سلمت تسليمة إلا هي بأذني ولقد رددت عليك ولم أسمعك أحببت أن استكثر من سلامك ومن البركة ثم أدخله البيت فقرب إليه زبيبا فأكل نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ قال:
(( أكـل طعامكــم الأبـرار وصلّـت عليكــم الملائـكــة وأفـطر عنـدكــم الصــائمــون ))







الملائـكــة و الحســاب يـوم القيـامــة


عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أول ما يحاســب به العبـد يوم القيامـة صلاتـه ,, فإن أكملها كتبت له نافلة ,, فإن لم يكن أكملها ,, قال الله ســبحانه لملائكته : " انظروا , هل تجدون لعبدي من تطوع ؟ فأكملوا بها ما ضَـيَّعَ من فـريضته " ثم تؤخذ الأعمـال على حســب ذلك )





الملائكة يخـرجـون العصاة من النار يوم القيامة بأمر الله لهم


عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن ناسا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ,, هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هل تُضَارُّون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا يا رسول الله ,, قال : هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله ,, قال : فإنكم ترونه كذلك ,, يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه ,, فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ,, ويتبع من كان يعبد القمر القمر ,, ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت ,, وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ,, فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون ,, فيقول : أنا ربكم ,, فيقولون : نعوذ بالله منك ,, هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه ,, فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون ,, فيقول : أنا ربكم ,, فيقولون : أنت ربنا ,, فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهري جهنم ,, فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ,, ودعوى الرسل يومئذ : اللهم سلم , سلم , سلم , وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان , هل رأيتم السعدان ؟ قالوا : نعم يا رسول الله . قال : فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله , تخطف الناس بأعمالهم ,, فمنهم المؤمن بقى بعمله ,, ومنهم المجازي حتى ينجي ,, حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد ,, وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار ,, أمر الملائكة أن يُخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله تعالى أن يرحمه ممن يقول : لا إله إلا الله ,, فيعرفونهم في النار ,, يعرفونهم بأثر السجود ,, تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود ,, حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ,, فيخرجون من النار وقد امتحشوا فَيُصَبُّ عليهم ماء الحياة ,, فينبتون منه كمــا تنبـت الحبــة في حميــل الســـيـل ) .. الحديث




الملائـكــة يشــفعون للمؤمنيـن عنـد ربـهم يـوم القيـامــة


عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله ,, هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعم ,, قال : هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب ؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب قالوا : لا يا رسول الله ,, قال : ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما ,, إذا كان يوم القيامة أَذَّنَ مؤذن : ليتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد من بر وفاجر وَغُبَّـر أهل الكتاب فيدعى اليهود ,, فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزير ابن الله ,, فيقال : كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ,, فماذا تبغون ؟ قالوا : عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار إليهم : ألا تردون ؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار ,, ثم يدعى النصارى , فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد المسيح ابن الله ,, فيقال لهم : كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ,, فيقال لهم : ماذا تبغون ؟ فيقولون : عطشنا يا ربنا فاسقنا , قال : فيشار إليهم : ألا تردون ؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا ,, فيتساقطون في النار ,, حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها ,, قال : فما تنظرون ؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد ,, قالوا : يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليك ولم نصاحبهم ,, فيقول : أنا ربكم فيقولون : نعوذ بالله منك ,, لا نشرك بالله شيئا ( مرتين أو ثلاثا ) حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب , فيقول : هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها ؟ فيقولون : نعم ,, فيكشف عن ساق ,, فلا يبقى من كان يسجد اتقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه ,, ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه أول مرة ,, فقال : أنا ربكم ,, فيقولون : أنت ربـنا ,, ثم يضرب الجسـر على جهنم ,, وتحل الشفاعة ,, ويقولون : اللهم سلم سلم ,, قيل : يا رسول الله وما الجسر ؟ قال : دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك ,, تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس ,, فهي نار جهنم ,, حتى إذا خلص المؤمنون من النار ,, فو الذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد منا شدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم في النار , يقولون : ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون معنا ويحجون معنا ,, فيقال لهم : أخرجوا من عرفتم , فتحرم صورتهم على النار , فيخرجون خلقا كثيرا وقد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه ,, ثم يقولون : ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به , فيقول : ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه ,, فيخرجون خلقا كثيرا , ثم يقولون : رينا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا ,, ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا ,, ثم يقول : ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا ,, ثم يقول : ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ,, ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها خيرا ,, وكان أبو سعيد الخدري يقول : إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم : (( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما )) ,, يقول الله عز وجل : شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد ادوا حُمَما ,, فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة ,, فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل الســيل .. ) الحديث


الملائـكــة تحمل جنـازة سـعد بن معـاذ رضي الله عنه


عن أنس رضي الله عنه قال : لما حُمِلت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون : ما أخف جنازته ,, وذلك لحكمه في بني قريظة ,, فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن المــلائـكــة كـانت تحـمــله )




الملائكــة تغســل الصحابي حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه


عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى بعضهم إلى دون الأعراض إلى جبل بناحية المدينة ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان حنظلة بن عامر التقي هو وأبو سفيان بن حرب ,, فلما استعلاه حنظلة رآه شداد بن الأسود ,, فعلاه شداد بالسيف حتى قتله ,, وقد كاد يقتل أبا سفيان ,, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن صاحبكم حنظلة تغســله الملائـكــة ,, فســلوا صاحبتـه ) فقالت : خرج وهو جنب لما ســمع الهائـعـة ,, فقال رســول الله صلى الله عليـه وســلم : ( فـذاك قـد غســلته الملائـكـــة )




الملائـكــة تغســل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه


عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لمَّا أصيب حمزة بن عبد المطلب وحنظلة ابن الراهب وهما جنبان ,,, فقال رســول الله صلى الله عليـه وســـلم : ( رأيـت الـملائـكـــة تغســـلهمـــا )





الملائـكــة تطيــر في الجنـة بأجنحتهـا


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رأيــت جعفـر بـن أبـي طـالـب مـلكـا يـطيــر فـي الجنــة مـع الملائـكـــة بـجـنـاحيـــه )




الملائـكــة تأتي يوم القيامـة في ظلل من الغمـام


قال الله تعالى : { هل تنظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمــور }

قال ابن كثير : " يقول الله تعالى مهددا للكافرين بمحمد صلوات الله وسلامه عليه : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) يعني : يوم القيامة لفصل القضاء بين الأولين والآخرين فيجزي كل عامل بعمله إن خيرا فخير ,, وإن شرا فشر ,, ولهذا قال تعالى : ( وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ) كما قال تعالى : ( كلا إذا دكت الأرض دكا . وجاء ربك والملك صفا صفا . وجيء يومئذ بجهنم . يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ) وقال : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربـك ) ,, وقال القاسمي : ( إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ) جمع ظلة كقلل جمع قلَّة , أي : في ظلة داخل ظلة ,, وهي ما يستر من الشمس فهي في غاية الإظلام والهول والمهابة لما لها من الكثافة التي تغم على الرائي ما فيها .. ثم قال : " وصفه تعالى نفسه بالإتيان في ظلل من الغمام كوصفه بالمجيء في آيات أخر ونحوهما مما وصف به نفسه في كتابه أو صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم ,,, والقول في جميع ذلك من جنس واحد وهو مذهب سلف الأمة وأئمتها : إنهم يصفونه سبحانه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ,, والقول في صفاته كالقول في ذاته ,, والله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ,, ولا في أفعاله .. فلو سأل سائل : كيف يجيء سبحانه أو كيف يأتي .. ؟ فليقل له : كيف هو في نفسه ؟ فإذا قال : لا أعلم كيفية ذاته فليقل له : وكذلك لا نعلم كيفية صفاته .. فإن العلم بكيفية الصفة يتبع العلم بكيفية الموصوف .. وقد أطلق غير واحد ممن حكى إجماع السـلف ,, منهم الخطابي : مذهب السلف أن صفاته تعالى تجري على ظاهرها مع نفي الكيفية والتشــبيه عنـها ..

قال الحافظ ابن عبد البر : " أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها ,, وحملها على الحقيقة لا على المجاز ,, إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة ,, وأما أهل البدع الجهمية والمعتزلة والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة , ويزعم أن من أقر بها شبه ,, وهم عند من أقر بها نافون للمعبود , والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله ,, وهم أئمة الجماعة "

وقال القاضي أبو يعلى في كتاب ( إبطال التأويل ) : " لا يجوز رد هذه الأخبار ولا التشاغل بتأويلها والواجب حملها على ظاهرها وأنها صفات الله لا تشبه بسائر الموصوفين بها من الخلق ,, ولا يعتقد التشبيه فيها "

وقال عبد الله بن المبارك : " إذا نطق الكتاب بشيء قلنا به ,, وإذا جاءت الآثار جسرنا عليه ,, واعلم أنه ليس في العقل الصحيح ولا في النقل الصريح ما يوجب مخالفة الطريقة السلفية ,, والمخالفون للكتاب والسنة وسلف الأمة من المتأولين لهذا الباب في أمر مريج وسبحان الله بأي عقل يوزن الكتاب والســــنة ... ؟ "




الملائـكــة تخـاطب مريـم عليـها الســلام


قال الله تعالى : { وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نســاء العالميــن }
وقال تعالى : [ إذ قـالـت المـلائـكــة يـا مـريـم إن الله يبشــرك بكلمـة منــه اســمه المســيح عيســى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربيــن ]

وقد اختلف أهل العلم في مريم عليها السلام هل هي نبية ام لا ؟ وذلك بسبب تكليم الملائكة لها !!
فذهب القرطبي إلى أنها كانت نبيـة ,, قال رحمه الله : " والصحيح أن مريم نبية ,, لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك كما أوحى إلى سـائر النبيين .. ومن قال لم تكن نبية قال : رؤيتها للملك كما رؤي جبريل عليه السلام في صفة دحية الكلبي حين سؤاله عن الإسـلام والإيمان ولم تكن الصحابة بذلك أنبياء ,, والأول أظهر وعليه الأكثر والله تعالى أعلــم "
وهذا القول الذي رجحه القرطبي ليس هو الراجح ,, فلا يوجد دليل صريح على هذا القول ,, ولهذا قال القاضي عياض : " إن الجمهور على أنها ليست بنبية " ,,, وقال الحسن البصري : " ليس في النساء نبية ولا في الجن " والله تعالى أعلـم ..

المــلائـكــة و المشـــركــون
======================




اتخذ بعض المشركين الملائكة أربابا من دون الله تعالى ,, وذلك أنهم كانوا يعبدون الأنداد التي على صور الملائكة وقد فعل المشركون هذا الشرك القبيح دون أن تطلب المــلائـكـة منـهـم ذلك وقد حذر الله عباده أن يقعوا في هذا الشرك

قال تعالى : [ لا يأمركم أن تتخذوا الملائـكــة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مســلمــون ]

ويوم يبعث الله عباده يوم القيامة ويحشـرهم لفصل القضاء بينهم يسـأل ملائكته عن هؤلاء المشركين ,, فتتبرأ الملائكة منهم ومن شــركهم ويعلنــون الوحــدانيــة لله عــز و جـــلّ

قال تعالى : [ ويوم يحشــرهـم جميعا ثم يقول للملائـكــة أهؤلاء إياكم كانــوا يعبدون * قالوا ســبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانــوا يعبــدون الجــن أكثــرهم بـهم مؤمنــون ]

قال ابن كثير : " يخبر الله تعالى أنه يقرع المشركين يوم القيامة على رؤوس الخلائق فيسـأل الملائكة الذين كان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الأنداد التي هي على صورهم ليقربوهم إلى الله زلفى فيقول للملائكة : ( أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ) أي : أنتم أمرتم هؤلاء بعبادتكم كما قال تعالى في سورة الفرقان : ( أأنتم أضللتم عبادي أم هم ضلـوا الســبيل ) وكما يقول لعيسى عليه الصلاة والسلام ( أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ) وهكذا تقول الملائكة : ( ســبحانـك ) أي : تعاليت وتقدست على أن يكون معك إله ( أنت ولينا من دونـهم ) أي : نحن عبيدك ونبرأ إليك من هؤلاء ( بل كانـوا يعبـدون الجـن ) يعنـون الشـياطين ,, لأنهم هم الذين زيـنـوا لهم عبــادة الأوثـــان وأضــلــوهــم "




هــــل تمـــوت الملائـكـــة

نعــم ,, تمــوت الملائـكــة كما يمــوت الإنــس والجــن
قال تعالى : [ ونفـخ في الصــور فصـعـق مـن فـي الســماوات ومـن فـي الأرض إلا مـن شـــاء الله ثـم نفــخ فـيــه أخــرى فـإذا هــم قيــام ينــظــرون ]

قال ابن كثير : " يقول الله تبارك وتعالى مخبـرا عن هول يـوم القيـامـة وما يكـون فيـه من الآيات العظيمة والزلازل الهائلة فقوله تعالى : ( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شـــاء الله ) هذه النفخة هي النفخة الثانية وهي نفخة الصعق ,, وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض إلا من شاء كما جاء مصرحا به مفسرا في حديث الصور المشهور ,, ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت وينفرد الحي القيوم الذي كان أولا وهو الباقي آخرا بالديمومة والبقاء ويقول : ( لمن الملك اليـوم ) ؟! ثلاث مرات ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول : ( لله الــواحــد الــقــهــار ) أنا الذي كنت وحدي وقد قهرت كل شيء ,, وحكمت بالفناء على كل شيء ثم يحيي إسرافيل ويأمره أن ينفخ في الصـور أخرى وهي النفخة الثالثة نفخة البعث ,, قال الله عز وجل : ( ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) أي : أحياء بعد ما كانوا عظاما ورفاتا صاروا أحياء ينظرون إلى أهوال يوم القيامة "

( لله الــواحــد الــقــهــار ) أنا الذي كنت وحدي وقد قهرت كل شيء ,, وحكمت بالفناء على كل شيء ,, ثم يحيي إســرافيــل ويأمره أن ينفخ في الصـور أخرى وهي النفخة الثالثة نفخة البعث ,, قال الله عز وجل : ( ثم نفخ فيه أخرى فإذا هـم قـيــام ينــظرون ) أي : أحياء بعد ما كانوا عظاما ورفاتا صاروا أحياء ينظرون إلى أهوال يوم القيامة "

أبو_كريم
17-12-2014, 02:40 AM
سبحان الله, سلمت اناملك