زخارى
23-12-2014, 04:16 AM
كشف الأسرار
رسائل مختارة لصوفيّ يهودي
رابي رامي م. شابيرو
هذه المختارات مستقاة من كتاب صغير من تأليف رامي م. شابيرو – الرباني والشاعر والمؤلف – لتعريف طلابه بالتعاليم اللاثنوية للقباله. ولقد صاغ النص كأنه كُتِب لوالد والده (جدِّه /زيده/) بقلم رِبْ يراشميل بن يتسرائيل. ومع أن الرباني شخصية متخيَّلة، فإن تعاليمه أصيلة. والتقديم يمثل قلب سرَّانية القباله.
19 تفيت 5636
عزيزي أهارون هرشل،
تسألني عن الله: أن أعرِّف باللامسمَّى، أن أضع في راحتك آخر الأسرار. لا تتخيل أنه محجوب في مكان ما بعيداً عنك. فآخر الأسرار هو أكثرها انكشافاً. ها هوذا: الله هو الكل.
يغريني أن أكتفي بما أفصحت – أن أغلق هذه الرسالة وأوقع اسمي وأتركك وهذه الحقيقة البسيطة. بيد أني أخشى أنك لن تفهم. اعلم من البداية أن كل ما يلي ليس إلا توسعاً في هذا الواقع البسيط أن الله هو الكل.
ماذا يعني أن يكون الشيء هو الكل؟ الله هو الحق. الله هو ينبوع وجوهر كل الأشياء واللاشيء. ما من شيء أو شعور أو خاطر إلا وهو الله، حتى فكرة أن الله غير موجود! فتلك ماهية أن يكون الشيء هو الكل: على الله أن يحيط حتى بنفي الله نفسه.
أصِخ السمع من جديد: الله هو ينبوع وجوهر كل شيء. ما من شيء خارج الله. هكذا فإننا نقرأ: "أنا الربّ وليس من ربٍّ آخر [أين أود]، ليس من دوني إله" (أشعيا 45: 5). لا تقرأ "ليس من ربٍّ آخر" وحسب، بل بالحري "ليس من شيء آخر" – ليس أنه لا إله إلا الله، بل أنه لا شيء إلا الله.
دعني أبيِّن مقصدي. لقد هطل المطر غزيراً طوال الليل، والشارع مغطى بطين كثيف. مشيت باتجاه الـبيت مدراش (دار العلم) هذا الصباح وتوقفت أرقب ثلة من الأطفال الصغار يلعبون بالطين. لقد طفقوا، ناسين البلل، يصنعون عشرات من هيئات الطين: بيوتاً وحيوانات وأبراجاً. ومن حديثهم كان واضحاً أنهم يتخيلون هويةً لكل منها. لقد أعطوا الهيئات أسماء وقصُّوا حكاياتها. ولوهلة بدا وكأن لهيئات الطين وجوداً مستقلاً. لكنها كانت كلها مجرد طين. كان الطين أصلها وكان جوهرها. من منظور الأطفال، كان لمخلوقات الطين التي صنعوها ذوات منفصلة. أما من منظور الطين، فمن البيِّن أن مثل هذا الاستقلال كان وهماً – إذ كانت المخلوقات كلها مجرد طين.
الأمر عينه ينطبق علينا وعلى الله: "فاعلم اليوم وردِّد في قلبك أن الربَّ هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من تحت وأن ليس سواه" (تثنية الاشتراع 4: 39). ليس سواه، بما يعني أنه ما من شيء في السماء أو على الأرض سوى الله.
هل يعقل أن يكون هذا؟ عندما أنظر إلى العالم، لا أرى الله. أرى أشجاراً من مختلف الأنواع، أناساً من كل الأنماط، بيوتاً، حقولاً، أبقاراً، خيولاً، دجاجات، إلى ما هنالك. وإذ أنا أفعل، أكون أشبه بالأطفال يلعبون، يرون هيئات حقيقية، وليس مجرد طين. أين الله في كل هذا؟ السؤال نفسه مضلِّل. الله ليس "في" هذا؛ الله هو هذا.
تفكَّر ملياً فيما قلت. ففيه مفتاح أسرار الحياة كلها.
بشالوم
***
17 شفاط 5636
عزيزي أهارون هرشل،
أنت على حق في سؤالك عن الآية من تثنية الاشتراع: " فاعلم اليوم وردِّد في قلبك أنـ[ـه] الإله [...] وأن ليس سواه" (4: 39). لقد علَّمني معلِّمي مجِّد متسِرِخ، تقدَّس ذكره، فيما يخص هذه الآية، ولسوف أفعل ما بوسعي لنقل حكمته إليك.
من غير المعقول أن تقول التوراة إنه لا إله آخر، إذ إن مجرد قول هذا من قبيل الحشو. عوضاً عن هذا، تقول التوراة إنه ما من حقيقة أخرى سوى الله. الجسماني والروحاني كلاهما مظهر لله، الحق الواحد الأحد.
قد يحاجج بعضهم بأن الله شرارة إلهية داخل كل كائن. وقد يحاجج غيرهم أن الله فوق الخلق وخارجه. من جانبي لا أعلِّم أياً من المذهبين. الله ليس داخل أو خارج. الله هو الشيء عينه! وماذا عندما لا يوجد شيء إلا الفضاء الخاوي؟ الله هو ذلك أيضاً.
تصور وعاءً في ذهنك. حدِّد الوعاء. هل الفخار وحده هو الذي يشكِّل جدرانه؟ أم أنه الفضاء الفارغ الذي يمتلئ بالحساء؟ بدون الفضاء، الوعاء غير ذي نفع. بدون الجدران، الوعاء غير ذي نفع. فأيهما الوعاء إذن؟ الجواب هو كلاهما. حتى يكون الشيء وعاءً، يجب أن يكون له كلا الوجود (الجدران) والفراغ (الفضاء).
الأمر نفسه يصح على الله. فلكي يكون الله الله، ولكي يكون الله هو الكل، يجب أن يتجلَّى الله بوصفه كلا الوجود (يش) والفراغ (أين).
يش هو تجلِّي الله الذي يظهر لنا على أنه كيانات منفصلة – جسمانية وروحانية ونفسانية. أين هو تجلِّي الله الذي يكشف عن كون كل انفصال وهماً: كل شيء هو ببساطة الله في أشكال مختلفة. الله هو الكل، وليس من شيء سواه (أين ود).
هذا التعليم يدعى شلِموت، كمال الله. فحتى يكون شلِموت، على الله أن يحوي كل الممكنات والأضداد. وحتى يكون شلِموت، على الله أن يتعالى على مفهوم الأضداد ويكشف عن كل شيء بوصفه متكاملاً.
على الله أن يكون كلا يش وأين، الوجود والفراغ، في آنٍ معاً. يش وأين كلاهما منطوٍ في كمال الله وتعبير عن هذا الكمال (شلِموت). لا غنى عن هذه المصطلحات الثلاثة لفهم الله وكل شيء آخر تقريباً. وإنه لحيوي أن تفهم هذه الكلمات الثلاث لكي تستوعب كل ما سوف نناقشه. إنها المفتاح لصحوتك وسكينتك الروحيتين. فتعلَّمها جيداً.
بشالوم.
***
17 إيار 5636
عزيزي أهارون هرشل،
يبدو أن رسالتي الأخيرة شوَّشتك أكثر مما نوَّرتك. لكن هذا ليس سيئاً، إذ إننا نتعلَّم بالمساءلة. دع الإجابات التي أقدمها ترافقك عبر الحياة. ومع الوقت، قد يتبيَّن لك معناها. فلنأتِ الآن إلى استفسارك الحالي: لماذا خلق الله العالم؟ وما هو القصد من الخلق؟
لماذا خلق الله العالم؟ لأن من طبيعة الله أن يجلِّي شلِموت، الكمال الإلهي والممكن اللانهائي. الممكن اللانهائي يجب أن ينطوي على يش وأين، الوجود والفراغ. هكذا، كما قلت لك، هاتان الكلمتان سوف تعودان مراراً. فكل شيء يمكن أن يُفهَم عبرهما.
لا تتصور الله ككائن منفصل بمنأى عن الخلق يقرر أن يخلق. فالله لا يقرر كما نقرر نحن. فإرادة الله ما هي إلا تحقيق طبيعة الله، وطبيعة الله هي أن يجلِّي يش وأين، الوجود والفراغ. فهذه طبيعة الله، هذه ماهية الله: ينبوع وجوهر الكل واللاشيء.
استعِدْ مقايستي عن المغناطيس. تذكَّر كيف أن القطبين، الموجب والسالب، يترافقان، فلا يوجد مغناطيس إلا عندما يكونان معاً. هل يمكننا القول إن أحد القطبين يسبق الآخر؟ هل يمكننا القول إن أحد القطبين يخلق الآخر؟
لا. فكل قطب ينبثق مع الآخر. كل قطب يتَّكل على الآخر. ما من أول وثانٍ، ما من صدارة لأحدهما على الآخر. هناك انبثاق معاً وتواكل وحسب. المغناطيس لا يقرر جعل هذا يحدث؛ فهذه ببساطة ماهية المغناطيس: قطبان تضمُّهما وحدة أعظم. فمن طبيعة المغناطيس أن يضمَّ هذين القطبين المتضادين في وحدة أعظم؛ والمغناطيس لا يمكن أن يكون غير ذلك.
كذلك الأمر بخصوص الله. يش (الوجود) وأين (الفراغ) هما قطبا الله. فالله لا يمكن أن يكون الله بدونهما، وكل منهما لا يمكن أن يكون نفسه بدون الآخر وبدون الله. بذلك فإن الجميع ينبثقون. هذا هو المقصود بـشلِموت الله، كمال الله. شلِموت الله يقتضي يش وأين كليهما. وتجلِّي يش وأين هو الإفصاح عن طبيعة الله.
بذلك فإن الذين يخبرونك بأن عالمنا اليومي، العالم الذي نراه من منظور يش، عالم وهمي لا قيمة له مخطئون. هذا العالم اليومي ذو قيمة عليا، من حيث إنه – بما لا يقل عن أين – من الله.
عالمنا هش وعارض، لكن عالم يش الزمني الزائل ضروري للكشف عن حضور أين القوي الأبدي. وكلاهما ضروري للتعبير عن كمال الله.
الأمر، شأنه دوماً، أمر كمال: وحدانية الله معبّراً عنها من خلال قطبية يش وأين. تفكَّر جيداً في هذا.
بشالوم.
رسائل مختارة لصوفيّ يهودي
رابي رامي م. شابيرو
هذه المختارات مستقاة من كتاب صغير من تأليف رامي م. شابيرو – الرباني والشاعر والمؤلف – لتعريف طلابه بالتعاليم اللاثنوية للقباله. ولقد صاغ النص كأنه كُتِب لوالد والده (جدِّه /زيده/) بقلم رِبْ يراشميل بن يتسرائيل. ومع أن الرباني شخصية متخيَّلة، فإن تعاليمه أصيلة. والتقديم يمثل قلب سرَّانية القباله.
19 تفيت 5636
عزيزي أهارون هرشل،
تسألني عن الله: أن أعرِّف باللامسمَّى، أن أضع في راحتك آخر الأسرار. لا تتخيل أنه محجوب في مكان ما بعيداً عنك. فآخر الأسرار هو أكثرها انكشافاً. ها هوذا: الله هو الكل.
يغريني أن أكتفي بما أفصحت – أن أغلق هذه الرسالة وأوقع اسمي وأتركك وهذه الحقيقة البسيطة. بيد أني أخشى أنك لن تفهم. اعلم من البداية أن كل ما يلي ليس إلا توسعاً في هذا الواقع البسيط أن الله هو الكل.
ماذا يعني أن يكون الشيء هو الكل؟ الله هو الحق. الله هو ينبوع وجوهر كل الأشياء واللاشيء. ما من شيء أو شعور أو خاطر إلا وهو الله، حتى فكرة أن الله غير موجود! فتلك ماهية أن يكون الشيء هو الكل: على الله أن يحيط حتى بنفي الله نفسه.
أصِخ السمع من جديد: الله هو ينبوع وجوهر كل شيء. ما من شيء خارج الله. هكذا فإننا نقرأ: "أنا الربّ وليس من ربٍّ آخر [أين أود]، ليس من دوني إله" (أشعيا 45: 5). لا تقرأ "ليس من ربٍّ آخر" وحسب، بل بالحري "ليس من شيء آخر" – ليس أنه لا إله إلا الله، بل أنه لا شيء إلا الله.
دعني أبيِّن مقصدي. لقد هطل المطر غزيراً طوال الليل، والشارع مغطى بطين كثيف. مشيت باتجاه الـبيت مدراش (دار العلم) هذا الصباح وتوقفت أرقب ثلة من الأطفال الصغار يلعبون بالطين. لقد طفقوا، ناسين البلل، يصنعون عشرات من هيئات الطين: بيوتاً وحيوانات وأبراجاً. ومن حديثهم كان واضحاً أنهم يتخيلون هويةً لكل منها. لقد أعطوا الهيئات أسماء وقصُّوا حكاياتها. ولوهلة بدا وكأن لهيئات الطين وجوداً مستقلاً. لكنها كانت كلها مجرد طين. كان الطين أصلها وكان جوهرها. من منظور الأطفال، كان لمخلوقات الطين التي صنعوها ذوات منفصلة. أما من منظور الطين، فمن البيِّن أن مثل هذا الاستقلال كان وهماً – إذ كانت المخلوقات كلها مجرد طين.
الأمر عينه ينطبق علينا وعلى الله: "فاعلم اليوم وردِّد في قلبك أن الربَّ هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من تحت وأن ليس سواه" (تثنية الاشتراع 4: 39). ليس سواه، بما يعني أنه ما من شيء في السماء أو على الأرض سوى الله.
هل يعقل أن يكون هذا؟ عندما أنظر إلى العالم، لا أرى الله. أرى أشجاراً من مختلف الأنواع، أناساً من كل الأنماط، بيوتاً، حقولاً، أبقاراً، خيولاً، دجاجات، إلى ما هنالك. وإذ أنا أفعل، أكون أشبه بالأطفال يلعبون، يرون هيئات حقيقية، وليس مجرد طين. أين الله في كل هذا؟ السؤال نفسه مضلِّل. الله ليس "في" هذا؛ الله هو هذا.
تفكَّر ملياً فيما قلت. ففيه مفتاح أسرار الحياة كلها.
بشالوم
***
17 شفاط 5636
عزيزي أهارون هرشل،
أنت على حق في سؤالك عن الآية من تثنية الاشتراع: " فاعلم اليوم وردِّد في قلبك أنـ[ـه] الإله [...] وأن ليس سواه" (4: 39). لقد علَّمني معلِّمي مجِّد متسِرِخ، تقدَّس ذكره، فيما يخص هذه الآية، ولسوف أفعل ما بوسعي لنقل حكمته إليك.
من غير المعقول أن تقول التوراة إنه لا إله آخر، إذ إن مجرد قول هذا من قبيل الحشو. عوضاً عن هذا، تقول التوراة إنه ما من حقيقة أخرى سوى الله. الجسماني والروحاني كلاهما مظهر لله، الحق الواحد الأحد.
قد يحاجج بعضهم بأن الله شرارة إلهية داخل كل كائن. وقد يحاجج غيرهم أن الله فوق الخلق وخارجه. من جانبي لا أعلِّم أياً من المذهبين. الله ليس داخل أو خارج. الله هو الشيء عينه! وماذا عندما لا يوجد شيء إلا الفضاء الخاوي؟ الله هو ذلك أيضاً.
تصور وعاءً في ذهنك. حدِّد الوعاء. هل الفخار وحده هو الذي يشكِّل جدرانه؟ أم أنه الفضاء الفارغ الذي يمتلئ بالحساء؟ بدون الفضاء، الوعاء غير ذي نفع. بدون الجدران، الوعاء غير ذي نفع. فأيهما الوعاء إذن؟ الجواب هو كلاهما. حتى يكون الشيء وعاءً، يجب أن يكون له كلا الوجود (الجدران) والفراغ (الفضاء).
الأمر نفسه يصح على الله. فلكي يكون الله الله، ولكي يكون الله هو الكل، يجب أن يتجلَّى الله بوصفه كلا الوجود (يش) والفراغ (أين).
يش هو تجلِّي الله الذي يظهر لنا على أنه كيانات منفصلة – جسمانية وروحانية ونفسانية. أين هو تجلِّي الله الذي يكشف عن كون كل انفصال وهماً: كل شيء هو ببساطة الله في أشكال مختلفة. الله هو الكل، وليس من شيء سواه (أين ود).
هذا التعليم يدعى شلِموت، كمال الله. فحتى يكون شلِموت، على الله أن يحوي كل الممكنات والأضداد. وحتى يكون شلِموت، على الله أن يتعالى على مفهوم الأضداد ويكشف عن كل شيء بوصفه متكاملاً.
على الله أن يكون كلا يش وأين، الوجود والفراغ، في آنٍ معاً. يش وأين كلاهما منطوٍ في كمال الله وتعبير عن هذا الكمال (شلِموت). لا غنى عن هذه المصطلحات الثلاثة لفهم الله وكل شيء آخر تقريباً. وإنه لحيوي أن تفهم هذه الكلمات الثلاث لكي تستوعب كل ما سوف نناقشه. إنها المفتاح لصحوتك وسكينتك الروحيتين. فتعلَّمها جيداً.
بشالوم.
***
17 إيار 5636
عزيزي أهارون هرشل،
يبدو أن رسالتي الأخيرة شوَّشتك أكثر مما نوَّرتك. لكن هذا ليس سيئاً، إذ إننا نتعلَّم بالمساءلة. دع الإجابات التي أقدمها ترافقك عبر الحياة. ومع الوقت، قد يتبيَّن لك معناها. فلنأتِ الآن إلى استفسارك الحالي: لماذا خلق الله العالم؟ وما هو القصد من الخلق؟
لماذا خلق الله العالم؟ لأن من طبيعة الله أن يجلِّي شلِموت، الكمال الإلهي والممكن اللانهائي. الممكن اللانهائي يجب أن ينطوي على يش وأين، الوجود والفراغ. هكذا، كما قلت لك، هاتان الكلمتان سوف تعودان مراراً. فكل شيء يمكن أن يُفهَم عبرهما.
لا تتصور الله ككائن منفصل بمنأى عن الخلق يقرر أن يخلق. فالله لا يقرر كما نقرر نحن. فإرادة الله ما هي إلا تحقيق طبيعة الله، وطبيعة الله هي أن يجلِّي يش وأين، الوجود والفراغ. فهذه طبيعة الله، هذه ماهية الله: ينبوع وجوهر الكل واللاشيء.
استعِدْ مقايستي عن المغناطيس. تذكَّر كيف أن القطبين، الموجب والسالب، يترافقان، فلا يوجد مغناطيس إلا عندما يكونان معاً. هل يمكننا القول إن أحد القطبين يسبق الآخر؟ هل يمكننا القول إن أحد القطبين يخلق الآخر؟
لا. فكل قطب ينبثق مع الآخر. كل قطب يتَّكل على الآخر. ما من أول وثانٍ، ما من صدارة لأحدهما على الآخر. هناك انبثاق معاً وتواكل وحسب. المغناطيس لا يقرر جعل هذا يحدث؛ فهذه ببساطة ماهية المغناطيس: قطبان تضمُّهما وحدة أعظم. فمن طبيعة المغناطيس أن يضمَّ هذين القطبين المتضادين في وحدة أعظم؛ والمغناطيس لا يمكن أن يكون غير ذلك.
كذلك الأمر بخصوص الله. يش (الوجود) وأين (الفراغ) هما قطبا الله. فالله لا يمكن أن يكون الله بدونهما، وكل منهما لا يمكن أن يكون نفسه بدون الآخر وبدون الله. بذلك فإن الجميع ينبثقون. هذا هو المقصود بـشلِموت الله، كمال الله. شلِموت الله يقتضي يش وأين كليهما. وتجلِّي يش وأين هو الإفصاح عن طبيعة الله.
بذلك فإن الذين يخبرونك بأن عالمنا اليومي، العالم الذي نراه من منظور يش، عالم وهمي لا قيمة له مخطئون. هذا العالم اليومي ذو قيمة عليا، من حيث إنه – بما لا يقل عن أين – من الله.
عالمنا هش وعارض، لكن عالم يش الزمني الزائل ضروري للكشف عن حضور أين القوي الأبدي. وكلاهما ضروري للتعبير عن كمال الله.
الأمر، شأنه دوماً، أمر كمال: وحدانية الله معبّراً عنها من خلال قطبية يش وأين. تفكَّر جيداً في هذا.
بشالوم.