المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضرورة البحث عن آليات العمل الصلاة الخاشعة



orphan
18-05-2012, 01:11 PM
ضرورة البحث عن آليات العمل


كان حديثنا فيما مضى حول السفر إلى الله تعالى ، وقلنا بأننا في سفر قهري ، فمنذ سقطنا من بطون أمهاتنا ونحن في حركة دائبة -شئنا أم أبينا- إلى أن يأتي ذلك اليوم الذي نقف فيه أمام الله عزوجل ، ليحاسب الجميع على ما اقترفت يداه ، وهل أنه أحسن الاستفادة والتزود من هذه الفترة العمرية في حياته الدنيا أم لا..قال تعالى مقرراً لذلك اللقاء الحتمي: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا }..
وقلنا بأنه ما دام هنالك حركة قهرية فلماذا لا نجعلها حركة اختيارية ، وضربنا مثال : لو أن إنساناً لديه محاكمة مصيرية عند سلطان ، وهو بين أن يعفى عنه أو يعدم.. فمن العقل أن يحاول -قبل أن يلتقي بهذا السلطان-أن يتزلف ويتودد إليه ويصبح من حاشيته ، حتى إذا ما جاء وقت المحاكمة فإنه يستفيد من مزايا ذلك القرب.. فهذه حركة عقلائية..
نحن في حركة إلى الله تعالى ، وسيأتي يوم القيامة الذي ينادي فيه رب العالمين {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}؟.. فلا مجيب إلا هو جل جلاله: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.. والموقف رهيب ومخيف ، وكلنا بين يدي رب الأرباب..
ولو تدبرنا في القرآن الكريم فإنه مليء بالآيات التي تدعونا إلى السير إليه تعالى وترك الانحدار والتثاقل ، فهو - سبحانه وتعالى- لا يرضى لعباده إلا بالحياة الأبدية في نعيمه المقيم..
فمثلاً في قوله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ }..وكأنه الرب تعالى في حركة استعطافية يستقرض من عباده -وهو الغني- بل ويمنيهم أيضاً بالأجر المضاعف ، مع أن المال ماله ، بل كل وجود الإنسان وعوارضه ملك له سبحانه ، وهذا منتهى الحنان واللطف!..
ونلاحظ في آية أخرى أنه يعرض علينا المتاجرة معه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }..ليربحنا بتفضله ، وينعمنا بنعيمه ، ويدخلنا جناته ، وينجينا من النار الحريق ، وكأنه أيضاً نحن المتفضلون عليه: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ *يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}..
فالرب تعالى يحبنا ، ويدعونا إلى طريق النجاة ، إلى ما فيه صلاحنا ، وهو الغني المطلق ، وليس بحاجة إلى عبادتنا أصلاً وما قيمة أعمالنا قبالة تفضله وتحننه علينا؟!..ألا نقرأ في دعاء الافتتاح: (فَلَمْ أََرى مَوْلاً كَريماً أصْبَرَ عَلى عَبْد لَئيم مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ ، إنَّكَ تَدْعُوني فَأوَلّي عَنْكَ ، وَتَتَحَبَّبُ إلَيَّ فَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ ، وَتَتَوَدَّدُ إلَيَّ فَلا أقْبَلُ مِنْكَ ، كَأَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لي ، وَالإحْسانِ إلَيَّ ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ..)..

- لابد أن يصل الإنسان إلى مستوى الأنس من رب العالمين ، وعلامة ذلك الأنس هو تمني الموت ، ومن هنا فإن رب العالمين يتحدى اليهود في ادعائهم قائلاً : {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }..فعلامة القرب من الله عزوجل والأنس به لا عدم الخوف من الموت وإنما التمني..
فلو أن عريساً في دولة وعروسته في دولة أخرى ، تراه وهو في المطار يتحرق شوقاً لذلك اللقاء ، ولو سمح له أن يطير في الفضاء لطار فرحاً ، لأنه سيواجه من يحب بعد رحلة ساعة أو ساعتين..ولو رأيته على العكس بأن كان شكله كئيباً وخائفاً قلقا ، فإنك تحدس قطعاً أنه في مقام طلاق لا زواج ، لأنه لو كان مشتاقاً إلى لقائها ، فلم هذا الاضطراب والقلق والخوف؟!..
إن بعض الناس يخاف الموت ويضطرب من ذكره ، فلا يذهب للمقابر لئلا يذكره ذلك بالموت ، وعندما يرى كفنا يعرض بوجهه لأن الكفن يذكره بالموت ، رائحة الكافور تذكره بالموت ، لا بل لا يزور أعز أصدقائه في غرفة الإنعاش ، لأن غرفة الإنعاش محط زيارة عزرائيل أكثر من باقي أقسام المستشفى!..
فالإنسان الذي يعيش هذا الجو عليه أن يراجع نفسه ، لئلا يتضمنه هذا العتاب الإلهي:{وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }..وهذا الكلام ليس خاصاً باليهود ، وإنما المقياس مقياس عام ، والذي يخاف الموت فإن هذا الإنسان لا يعد ولياً..
أحد عمالقة الأخلاق الكبار الميرزا جواد الملكي التبريزي -صاحب كتاب: (المراقبات) ، و(أسرار الصلاة) ، و(لقاء الله)- زاره أحد العلماء ، فسأله عن قبر الشيخ محمد البهاري في همدان هل صار مزاراً ، فقال: العالم نعم.. وإذا به يشير إشارة بأنه على موعد معه فى الخميس.. العالم لم يفهم هذه الإشارة ، فكيف ذاك العالم متوفي منذ سنوات وهذا حي يرزق..ما معنى هذا الكلام؟.. ولعله كان يمزح ، أو أن معه موعد معه في المنام مثلاً!..وفي يوم الخميس ذهب إلى دار الشيخ فتفاجأ بخبر وفاته.. وكأنه على ميعاد ، وخبر وفاته خبر عابر ، وليس خبرا ملفتا ، لا بل إن يوم الخميس كان بالنسبة له هو يوم اللقاء!..وقد يقول قائل الموت لا يعلمه إلا الله ؟..نعم العلم عند الله تعالى ، ولكن إذا شاء أن يخبر وليه وعبده أخبره ، العلم الذاتي لله تعالى كما في علوم الغيب ، والعَرَض لعبده..
- قلنا بأنه الذي يريد أن يكون موفقاً في سفره فليبدأ بإتقان صلاته.. فالذي يتقن صلاته اليومية بالمعنى الأعم الكامل قلباً وقالباً -ظاهراً وباطناً ، فقهاً وعرفاناً- فليعلم أنه في أول الطريق ، وسوف يصل هذا يوماً من الأيام إلى اللقاء الإلهي ، لأن الصلاة في الواقع عنوان اللقاء ، وهذا العنوان إذا جعلنا فيه المعنون تمت الخواص

كما قال تعالى :{ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ }.. أي الذين أعطيناهم حكومة الإسلام ، وأصبحوا حكاماً على الأرض ، فإن أول وظائف الحاكم الشرعي -عندما يجلس على منصة الحكم- أن يقيم الصلاة في الأمة.. وهذه من الآيات الغريبة العجيبة ، حيث جعل أول وظيفة هي إقامة الصلاة ، ولم يقل إقامة العدالة ، ونشر الحرية ، وغيره من واجبات الحاكم.

- من المعلوم أن النبي الأكرم (ص) شبه الصلاة بالنهر الجاري ، حيث قال: (أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟.. قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فكذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا)..
فالنبي (ص) عندما قال: (يغتسل) أي أنه يدخل النهر ، أما الذي يستلقي على شاطئ النهر ويتشمس ، أو ينظر إلى النهر ، أو يجعل رجليه إلى الساق في النهر ، فإن هذا الإنسان لا يرجع بالطهارة أبداً ، والدرن هو الدرن.. كالطفل الكسول ، فهو عندما تأمره أمه بالاستحمام ، تراه يدخل الحمام ويخرج مدعياً الاستحمام ، إلا أن الأم من السهل عليها أن تكشف خداع ولدها ، تأتي وتشم رائحة العرق النتن على جسده وثيابه ، فتعلم أنه لم يتحمم ، ولو أنه يقسم لها بأنه دخل الحمام ، إلا أن رائحة النتن دليل قاطع على عدم تحممه..إذن، هذا الولد تشبه بالمتحممين.
فالإنسان الذي يدخل المساجد ، ويدخل المشاهد ، ويذهب الحج والعمرة ، تقريباً حالته كحال هذا الصبي ، فهو يتشبه بالطائفين ، يتشبه بالمصلين ، يتشبه بالزائرين..وعلامة ذلك هو عدم صدقه ، حيث يرجع من المشهد ، ولا شيء له من نور ذلك المقام..

نسائم الرحمن
18-05-2012, 04:17 PM
اقف اجلالا واحتراما وتوقيرا لطرحك الراقي
جعل الله كل ما تقوم به في ميزان حسناتك

ثابت السنوسى
18-05-2012, 05:35 PM
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز

وكل التوفيق لك يا رب

قدرى العلى
18-05-2012, 05:39 PM
شكرا وبارك الله فيك على هذه النفحات الايمانية جعلها الله ذخرا لك يوم تلقاه

تغريد الامانى
18-05-2012, 05:54 PM
شكرا جزيلا على الطرح الرائع وبارك الله فيكم جميعا

شكرى
18-05-2012, 07:38 PM
جميل ما شاء الله عليك اخى الكريم ونحن من المتابعين لمواضيعك بشغف

رقية نامى
19-05-2012, 07:09 PM
مشكور استاذ اورفان على مواضييعك المنتقاة والنفحات الايمانية المملوءة بها جزاك الله عنا خير الجزاء

دواء القلوب
20-05-2012, 05:39 AM
شكـــــــ وبارك الله فيك وعليك ـــــــــــــــرا ...........

الشيخ درويش عبود المغربى
21-05-2012, 07:49 AM
مشكور استاذ اورفان على الطرح المميز وبارك الله فيك

orphan
21-05-2012, 01:23 PM
مشكورررة يا نسائم الرحمن وياثابت ويا قدري ويا بلاي امل وياشكري ويارقية ويا دواء القلوب علي تعطيركم للموضوعي واتمني من الله العزيز ان يفتح عليكم بركات ونفحات الايمانية في شهر رجب ويعطيكم خير الدنيا والاخرة بحق محمد واله الطيبين الطاهرين

orphan
21-05-2012, 01:24 PM
مشكووور يا شيخنا الغالي علي مرورك الطيب والله يحفظك

ثابت السنوسى
22-05-2012, 02:24 AM
شكرا جزيلا على الطرح الطيب بارك الله فيكم

نهلة
24-05-2012, 12:55 AM
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز

وكل التوفيق لك يا رب

عسران الجيار
25-05-2012, 07:34 AM
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز

وكل التوفيق لك يا رب

ورد الشام
26-05-2012, 02:42 AM
مشكور استاذ اورفان على الطرح المميز وبارك الله فيك ونتظر منك المزيد انشاء الله

يارا حسان
26-05-2012, 02:19 PM
شكرا وبارك الله فيك على هذه النفحات الايمانية جعلها الله ذخرا لك يوم تلقاه

غادة عبد الكريم
27-05-2012, 06:02 AM
شكرا وبارك الله فيك على هذه النفحات الايمانية جعلها الله ذخرا لك يوم تلقاه

قدرى العلى
30-05-2012, 07:29 AM
شكرا جزيلا على الطرح الطيب بارك الله فيكم

orphan
31-05-2012, 10:54 PM
مشكووورين يا اعضاء الشيخ الغالي علي مروركم الطيب والله يوفقكم لكل خير انشاء الله