نسائم الرحمن
25-06-2015, 11:03 AM
أنواع النوم بحسب حال النائم
النوم بحسب حال النائم يتنوع إلى ثلاثة أيضًا :
الاضطجاع على أحد الشقين ، والاستلقاء ، والانبطاح .
1 - الاضطجاع على أحد الشقين الأيمن أو الأيسر
والسنة أن ينام على شقه الأيمن ابتداء ، كما سيأتي إن شاء الله ؛
وقد قيل : إنَّ الحكمة في النوم على الجانب الأيمن أن لا يستغرقَ النائم في نومه ، لأن القلب فيه ميلٌ إلى جهة اليسار، فإذا نام على جنبه الأيمن طلب القلبُ مُستقَرَّه من الجانب الأيسر ، وذلك يمنع من استقرار النائم واستثقاله في نومه ، بخلاف قراره في النوم على اليسار ، فإنه مُستقَرُّه ، فيحصُل بذلك الدَّعةُ التامة ، فيستغرق الإنسان في نومه ، ويَستثقِل ، فيفوتُه مصالح دينه ودنياه ( [1] )؛
وقال ابن حجر - : وخص الأيمن لفوائد : منها أنه أسرع إلى الانتباه ، ومنها أن القلب متعلق إلى جهة اليمين فلا يثقل بالنوم ، ومنها ما قال ابن الجوزي : هذه الهيئة نص الأطباء على أنها أصلح للبدن ، قالوا : يبدأ بالاضطجاع على الجانب الأيمن ساعة ثم ينقلب إلى الأيسر ؛ لأن الأول سبب لانحدار الطعام ، والنوم على اليسار يهضم لاشتمال الكبد على المعدة ( [2] )
وقوله : ( ومنها أن القلب متعلق إلى جهة اليمين فلا يثقل بالنوم ) ذلك لأن مستقر القلب من الجانب الأيسر فإذا نام الإنسان على الشق الأيمن تعلق القلب فلا يثقل بالنوم .
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى قَتَادَةَ رحمه الله قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَعَرَّسَ بِلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ ، وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَهُ وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفِّهِ( [3] ) ، وفي رواية لأحمد : كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَرَّسَ بِلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ ، وَإِذَا عَرَّسَ قَبْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَيْهِ وَوَضَعَ رَأْسَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ ( [4] )
التعريس : نزول آخر الليل ؛ وقَالَ العلماءُ : إنَّمَا نَصَبَ ذِرَاعَهُ لِئَلا يَسْتَغْرِقَ في النَّومِ ، فَتَفُوتَ صَلاَةُ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا ، أَوْ عَنْ أوَّلِ وَقْتِهَا ؛ وفي ذلك التنبيه على ترك ما يكون سببًا في فوات الطاعة .
2 - الاستلقاء
وهو النوم على القفا ووضع الظهر على الفراش ، ولم يأت نهي مطلق عنه ، وإنما جاء النهي عن الاستلقاء على القفا ووضع الرجل على الأخرى مخافة أن تنكشف العورة ؛ فعَنْ جَابِرِ رحمه الله أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ ، وَالاِحْتِبَاءِ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ ، وَأَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ ( [5] ) ؛ وفي الصحيحين عن عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ مُسْتَلْقِيًا وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى([6])؛قال ابن حجر - : قال الخطابي : فيه أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ ، أو يحمل النهي حيث يخشى أن تبدو العورة والجواز حيث يؤمن ذلك .ا.هـ . قلت : الثاني أولى من ادعاء النسخ ؛ لأنه لا يثبت بالاحتمال ، وممن جزم به البيهقي والبغوي وغيرهما من المحدثين ( [7] ) . وهذا القول هو الراجح جمعا بين حديث جابر رحمه الله وحديث عباد بن تميم .
وحديث عباد رواه البخاري في مواضع ، منها كتاب ( اللباس ) ، وبوب له : ( باب الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى )
قال ابن حجر - : وجه دخول هذه الترجمة في كتاب اللباس من جهة أن الذي يفعل ذلك لا يأمن من الانكشاف ، ولا سيما الاستلقاء يستدعي النوم ، والنائم لا يتحفظ ، فكأنه أشار إلى أن من فعل ذلك ينبغي له أن يتحفظ لئلا ينكشف .ا.هـ .
قال مقيده - عفا الله عنه :وضع إحدى الرجلين على الأخرى يكون على صفتين ؛ إحداهما : أن تكون الرجلان ممدودتين إحداهما فوق الأخرى ؛ ولا بأس بهذا فإنه لا ينكشف من العورة بهذه الصفة شيء ؛ والثانية : أن تكون إحدى الرجلين منصوبة الساق ويضع الرجل الأخرى على ركبتها ؛ وهذا الصفة يمكن أن تنكشف بها العورة إلا أن يكون على صاحبها سراويل ، أو يكون إزاره أو ذيله طويلين لا تنكشف معهما العورة .
وروى الطبراني عن أبي قرصافة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مستلقيًا على قفاه واضعًا إحدى رجليه على الأخرى ( [8] ) .
وعلى ذلك فيحمل النهي حيث يخشى بدو العورة ، والجواز حيث يؤمن ذلك ؛ والعلم عند الله تعالى .
3 - الانبطاح ،
وهو النوم على البطن ؛ وهي هيئة مكروهة عند النوم
فعن أبي ذررضي الله عنه قال :
مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع على بطني ، فركضني برجله وقال : " يَا جُنَيْدِبُ ، إنما هَذِهِ ضِجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ " ( [9] ) ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عليه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا مُضْطَجِعًا عَلَى بَطْنِهِ فَقَالَ :
" إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ لَا يُحِبُّهَا اللَّهُ " ( [10] ) . وعَنْ أَبِي طِخْفَةَ الْغِفَارِيِّtقَالَ:أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ ضَافَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ نَفَرٍ ، قَالَ : فَبِتْنَا عِنْدَهُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ اللَّيْلِ يَطَّلِعُ ، فَرَآهُ مُنْبَطِحًا عَلَى وَجْهِهِ ، فَرَكَضَهُ بِرِجْلِهِ، فَأَيْقَظَهُ وَقَالَ : " هَذِهِ ضِجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ"،
وفي رواية : " إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ يَبْغَضُهَا اللَّهُ " ( [11] ) ؛ وفي رواية : وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى وَجْهِي ( [12] ) ، وفي أخرى : " لا تضطجع هكذا ، فَإِنهَا ضِجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ " ( [13] ) ؛ وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ نَائِمٍ فِي الْمَسْجِدِ ، مُنْبَطِحٍ عَلَى وَجْهِهِ ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : " قُمْ ، وَاقْعُدْ فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ " ( [14] ).
قال ابن القيم - : وأنفعُ النوم :
أن ينامَ على الشِّق الأيمن ، ليستقرَّ الطعام بهذه الهيئة في المَعِدَة استقرارًا حسنًا ، فإن المَعِدَة أميَلُ إلى الجانب الأيسر قليلاً ، ثم يَتحوَّل إلى الشِّق الأيسر قليلاً ليُسرعَ الهضم بذلك ، لاستمالة المَعِدَة على الكَبِد ، ثم يَستقرُّ نومُه على الجانب الأيمن ، ليكون الغِذاء أسرعَ انحدارًا عن المَعِدَة ، فيكونُ النوم على الجانب الأيمن بداءة نومه ونهايتَه ، وكثرةُ النوم على الجانب الأيسر مضرٌ بالقلب بسبب ميل الأعضاء إليه ، فتنصبُّ إليه المواد .
وأردأُ النومِ النومُ على الظهر ، ولا يَضرُّ الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم ، وأردأُ منه أن ينامَ منبطحًا على وجهه ، وفى المسند وسنن ابن ماجه عن أبى أُمامةَ t قال : مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على رجُلٍ نائم في المسجد منبطح على وجهه ، فضرَبه برجله ، وقال : " قُمْ أوِ اقْعُدْ فإنَّهَا نومةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ " .
والنومُ المعتدل ممكِّنٌ للقُوَى الطبيعية من أفعالها ، مريحٌ للقوة النفسانية ، مُكْثرٌ من جوهر حاملها ، حتى إنه ربَّما عاد بإرخائه مانعًا من تحلُّل الأرواح ( [15] ) .
[1] - انظر ( زاد المعاد ) لابن القيم : 4 / 219 .
[2]- انظر فتح الباري : 11 / 110.
[3] - مسلم ( 683 ) .
[4] - أحمد : 5 / 309 ، ورواه ابن حبان ( 6438 ) ، والحاكم ( 1631 ) بنحوه .
[5] - رواه مسلم ( 2099 ) .
[6] - البخاري ( 463 ، 5624 ، 5929 ) ، ومسلم ( 2100 ) .
[7] - انظر فتح الباري : 1 / 563 ، والسنن الكبرى للبيهقي : 2 / 224 ، 225 – دار الباز – مكة المكرمة ؛ وشرح السنة للبغوي:2/378.
[8] - المعجم الكبير : 3 / 18 ( 2515 ) .
[9] - ابن ماجة ( 3724 ) ، وصححه الألباني .
[10] - رواه أحمد : 2 / 304 ، والترمذي ( 2768 ) ، ورواه ابن حبان ( 5549 ) ، والحاكم : 4 / 302 ( 7709 ) وقال : صحيح على شرط مسلم .
[11] - رواه أحمد : 3 / 429 ، 430 ؛ 5 / 426 ، وأبو داود ( 5040 ) ، وابن ماجه ( 3723) .
[12] - رواها الطيالسي ( 1339 ) – دار المعرفة – بيروت .
[13] - أخرجه الطبراني : 8/327 ( 8226 ) .
[14] - رواه البخاري في الأدب المفرد (1188) ، وابن ماجة (3725) ، والطبراني : 8 /234(7914) ؛ وقال البوصيري في (مصباح الزجاجة : 2 / 252 ) : هذا إسناد فيه مقال ؛ الوليد بن جميل لينه أبوزرعة ، وقال أبو حاتم: شيخ يروي عن القاسم أحاديث منكرة ؛ وقال أبو داود : ليس به بأس ؛ وذكره ابن حبان في الثقات ؛ وسلمة بن رجاء ويعقوب بن حميد مختلف فيهما ؛ وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه ابن حبان في صحيحه .
[15] - انظر زاد المعاد : 4 / 220 ، 221 .
النوم بحسب حال النائم يتنوع إلى ثلاثة أيضًا :
الاضطجاع على أحد الشقين ، والاستلقاء ، والانبطاح .
1 - الاضطجاع على أحد الشقين الأيمن أو الأيسر
والسنة أن ينام على شقه الأيمن ابتداء ، كما سيأتي إن شاء الله ؛
وقد قيل : إنَّ الحكمة في النوم على الجانب الأيمن أن لا يستغرقَ النائم في نومه ، لأن القلب فيه ميلٌ إلى جهة اليسار، فإذا نام على جنبه الأيمن طلب القلبُ مُستقَرَّه من الجانب الأيسر ، وذلك يمنع من استقرار النائم واستثقاله في نومه ، بخلاف قراره في النوم على اليسار ، فإنه مُستقَرُّه ، فيحصُل بذلك الدَّعةُ التامة ، فيستغرق الإنسان في نومه ، ويَستثقِل ، فيفوتُه مصالح دينه ودنياه ( [1] )؛
وقال ابن حجر - : وخص الأيمن لفوائد : منها أنه أسرع إلى الانتباه ، ومنها أن القلب متعلق إلى جهة اليمين فلا يثقل بالنوم ، ومنها ما قال ابن الجوزي : هذه الهيئة نص الأطباء على أنها أصلح للبدن ، قالوا : يبدأ بالاضطجاع على الجانب الأيمن ساعة ثم ينقلب إلى الأيسر ؛ لأن الأول سبب لانحدار الطعام ، والنوم على اليسار يهضم لاشتمال الكبد على المعدة ( [2] )
وقوله : ( ومنها أن القلب متعلق إلى جهة اليمين فلا يثقل بالنوم ) ذلك لأن مستقر القلب من الجانب الأيسر فإذا نام الإنسان على الشق الأيمن تعلق القلب فلا يثقل بالنوم .
وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى قَتَادَةَ رحمه الله قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَعَرَّسَ بِلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ ، وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَهُ وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفِّهِ( [3] ) ، وفي رواية لأحمد : كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَرَّسَ بِلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ ، وَإِذَا عَرَّسَ قَبْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَيْهِ وَوَضَعَ رَأْسَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ ( [4] )
التعريس : نزول آخر الليل ؛ وقَالَ العلماءُ : إنَّمَا نَصَبَ ذِرَاعَهُ لِئَلا يَسْتَغْرِقَ في النَّومِ ، فَتَفُوتَ صَلاَةُ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا ، أَوْ عَنْ أوَّلِ وَقْتِهَا ؛ وفي ذلك التنبيه على ترك ما يكون سببًا في فوات الطاعة .
2 - الاستلقاء
وهو النوم على القفا ووضع الظهر على الفراش ، ولم يأت نهي مطلق عنه ، وإنما جاء النهي عن الاستلقاء على القفا ووضع الرجل على الأخرى مخافة أن تنكشف العورة ؛ فعَنْ جَابِرِ رحمه الله أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ ، وَالاِحْتِبَاءِ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ ، وَأَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ ( [5] ) ؛ وفي الصحيحين عن عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ مُسْتَلْقِيًا وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى([6])؛قال ابن حجر - : قال الخطابي : فيه أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ ، أو يحمل النهي حيث يخشى أن تبدو العورة والجواز حيث يؤمن ذلك .ا.هـ . قلت : الثاني أولى من ادعاء النسخ ؛ لأنه لا يثبت بالاحتمال ، وممن جزم به البيهقي والبغوي وغيرهما من المحدثين ( [7] ) . وهذا القول هو الراجح جمعا بين حديث جابر رحمه الله وحديث عباد بن تميم .
وحديث عباد رواه البخاري في مواضع ، منها كتاب ( اللباس ) ، وبوب له : ( باب الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى )
قال ابن حجر - : وجه دخول هذه الترجمة في كتاب اللباس من جهة أن الذي يفعل ذلك لا يأمن من الانكشاف ، ولا سيما الاستلقاء يستدعي النوم ، والنائم لا يتحفظ ، فكأنه أشار إلى أن من فعل ذلك ينبغي له أن يتحفظ لئلا ينكشف .ا.هـ .
قال مقيده - عفا الله عنه :وضع إحدى الرجلين على الأخرى يكون على صفتين ؛ إحداهما : أن تكون الرجلان ممدودتين إحداهما فوق الأخرى ؛ ولا بأس بهذا فإنه لا ينكشف من العورة بهذه الصفة شيء ؛ والثانية : أن تكون إحدى الرجلين منصوبة الساق ويضع الرجل الأخرى على ركبتها ؛ وهذا الصفة يمكن أن تنكشف بها العورة إلا أن يكون على صاحبها سراويل ، أو يكون إزاره أو ذيله طويلين لا تنكشف معهما العورة .
وروى الطبراني عن أبي قرصافة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مستلقيًا على قفاه واضعًا إحدى رجليه على الأخرى ( [8] ) .
وعلى ذلك فيحمل النهي حيث يخشى بدو العورة ، والجواز حيث يؤمن ذلك ؛ والعلم عند الله تعالى .
3 - الانبطاح ،
وهو النوم على البطن ؛ وهي هيئة مكروهة عند النوم
فعن أبي ذررضي الله عنه قال :
مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع على بطني ، فركضني برجله وقال : " يَا جُنَيْدِبُ ، إنما هَذِهِ ضِجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ " ( [9] ) ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عليه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا مُضْطَجِعًا عَلَى بَطْنِهِ فَقَالَ :
" إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ لَا يُحِبُّهَا اللَّهُ " ( [10] ) . وعَنْ أَبِي طِخْفَةَ الْغِفَارِيِّtقَالَ:أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ ضَافَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ نَفَرٍ ، قَالَ : فَبِتْنَا عِنْدَهُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ اللَّيْلِ يَطَّلِعُ ، فَرَآهُ مُنْبَطِحًا عَلَى وَجْهِهِ ، فَرَكَضَهُ بِرِجْلِهِ، فَأَيْقَظَهُ وَقَالَ : " هَذِهِ ضِجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ"،
وفي رواية : " إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ يَبْغَضُهَا اللَّهُ " ( [11] ) ؛ وفي رواية : وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى وَجْهِي ( [12] ) ، وفي أخرى : " لا تضطجع هكذا ، فَإِنهَا ضِجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ " ( [13] ) ؛ وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ نَائِمٍ فِي الْمَسْجِدِ ، مُنْبَطِحٍ عَلَى وَجْهِهِ ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : " قُمْ ، وَاقْعُدْ فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ " ( [14] ).
قال ابن القيم - : وأنفعُ النوم :
أن ينامَ على الشِّق الأيمن ، ليستقرَّ الطعام بهذه الهيئة في المَعِدَة استقرارًا حسنًا ، فإن المَعِدَة أميَلُ إلى الجانب الأيسر قليلاً ، ثم يَتحوَّل إلى الشِّق الأيسر قليلاً ليُسرعَ الهضم بذلك ، لاستمالة المَعِدَة على الكَبِد ، ثم يَستقرُّ نومُه على الجانب الأيمن ، ليكون الغِذاء أسرعَ انحدارًا عن المَعِدَة ، فيكونُ النوم على الجانب الأيمن بداءة نومه ونهايتَه ، وكثرةُ النوم على الجانب الأيسر مضرٌ بالقلب بسبب ميل الأعضاء إليه ، فتنصبُّ إليه المواد .
وأردأُ النومِ النومُ على الظهر ، ولا يَضرُّ الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم ، وأردأُ منه أن ينامَ منبطحًا على وجهه ، وفى المسند وسنن ابن ماجه عن أبى أُمامةَ t قال : مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على رجُلٍ نائم في المسجد منبطح على وجهه ، فضرَبه برجله ، وقال : " قُمْ أوِ اقْعُدْ فإنَّهَا نومةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ " .
والنومُ المعتدل ممكِّنٌ للقُوَى الطبيعية من أفعالها ، مريحٌ للقوة النفسانية ، مُكْثرٌ من جوهر حاملها ، حتى إنه ربَّما عاد بإرخائه مانعًا من تحلُّل الأرواح ( [15] ) .
[1] - انظر ( زاد المعاد ) لابن القيم : 4 / 219 .
[2]- انظر فتح الباري : 11 / 110.
[3] - مسلم ( 683 ) .
[4] - أحمد : 5 / 309 ، ورواه ابن حبان ( 6438 ) ، والحاكم ( 1631 ) بنحوه .
[5] - رواه مسلم ( 2099 ) .
[6] - البخاري ( 463 ، 5624 ، 5929 ) ، ومسلم ( 2100 ) .
[7] - انظر فتح الباري : 1 / 563 ، والسنن الكبرى للبيهقي : 2 / 224 ، 225 – دار الباز – مكة المكرمة ؛ وشرح السنة للبغوي:2/378.
[8] - المعجم الكبير : 3 / 18 ( 2515 ) .
[9] - ابن ماجة ( 3724 ) ، وصححه الألباني .
[10] - رواه أحمد : 2 / 304 ، والترمذي ( 2768 ) ، ورواه ابن حبان ( 5549 ) ، والحاكم : 4 / 302 ( 7709 ) وقال : صحيح على شرط مسلم .
[11] - رواه أحمد : 3 / 429 ، 430 ؛ 5 / 426 ، وأبو داود ( 5040 ) ، وابن ماجه ( 3723) .
[12] - رواها الطيالسي ( 1339 ) – دار المعرفة – بيروت .
[13] - أخرجه الطبراني : 8/327 ( 8226 ) .
[14] - رواه البخاري في الأدب المفرد (1188) ، وابن ماجة (3725) ، والطبراني : 8 /234(7914) ؛ وقال البوصيري في (مصباح الزجاجة : 2 / 252 ) : هذا إسناد فيه مقال ؛ الوليد بن جميل لينه أبوزرعة ، وقال أبو حاتم: شيخ يروي عن القاسم أحاديث منكرة ؛ وقال أبو داود : ليس به بأس ؛ وذكره ابن حبان في الثقات ؛ وسلمة بن رجاء ويعقوب بن حميد مختلف فيهما ؛ وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه ابن حبان في صحيحه .
[15] - انظر زاد المعاد : 4 / 220 ، 221 .