المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب النوم



نسائم الرحمن
25-06-2015, 11:35 AM
آداب النوم

للنوم آداب قبل الذهاب إلى الفراش ، وعند الاضطجاع ؛ وتفصيلها كالتالي :


آداب قبل الذهاب إلى الفراش

هاهنا آداب جمعها حديثا جابر وعبد الله بن سرجس ؛ ففي الصحيحين عن جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :

" أَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ بِاللَّيْلِ ، وَأَطْفِئُوا السُّرُجَ ، وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهِ بِعُودٍ " ، وفيرواية:" وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ ، وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ ، وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ ، وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ شَيْئًا " ، وفي أخرى : " أَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ ، وَأَوْكِئُوا الْأَسْقِيَةَ ، وَخَمِّرُوا الْإِنَاءَ ، وَأَطْفِئُوا السُّرُجَ ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غُلُقًا ، وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً ، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ " ، وفي أخرى : " وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتْ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ الْبَيْتَ " ، وفي لفظ : " وَاكْفِئُوا الإِنَاءَ " ( [1] ) .

وحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :

" لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْجُحْرِ ، وَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ فَإِنَّ الْفَأْرَةَ تَأْخُذُ الْفَتِيلَةَ فَتَحْرِقُ أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَأَوْكِئُوا الْأَسْقِيَةَ ، وَخَمِّرُوا الشَّرَابَ ، وَغَلِّقُوا الْأَبْوَابَ بِاللَّيْلِ " ( [2] )
.
قال القرطبي في ( المفهم ) :

تضمنت جملة هذه الأحاديث أن الله تعالى قد أطلع نبيَّه صلى الله عليه وسلم على ما يكون في هذه الأوقات من المضارِّ من جهة الشياطين والفأر والوباء ؛ وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يُتَّقى به ذلك ، فليبادر الإنسان إلى فعل تلك الأمور ذاكرًا الله تعالى ، مُمتثلاً أمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم ؛ فمن فعل ذلك لم يصبه من شيء من ذلك ضررٌ بحول الله وقوته ، وبركة امتثال أوامره e ( [3] ) . وفي هذا بيان واضح إلى أن حفظ الإنسان ورعاية سلامته من قواعد الشرع .

وقال النووي - - في شرح حديث جابر رضي الله عنه :

هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير والأدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا ؛ فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان ، وجعل الله تعالى هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه ، فلا يقدر على كشف إناء ، ولا حل سقاء ، ولا فتح باب ، ولا إيذاء صبي وغيره ، إذا وجدت هذه الأسباب ؛ وهذا كما جاء في الحديث الصحيح ( [4] ) أن العبد إذا سمى عند دخول بيته ، قال الشيطان : ( لاَ مَبِيتَ ) أي : لا سلطان لنا على المبيت عند هؤلاء ، وكذلك إذا قال الرجل عند جماع أهله : " بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا " ( 5 )كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان ، وكذلك شبه هذا مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة ؛ وفى هذا الحديث الحث على ذكر الله تعالى في هذه المواضع ، ويلحق بها ما في معناها ( [6] ) ؛ قال ابن عبد البر - : في هذا الحديث من العلم - أيضًا - أن الشيطان لم يعط - مع ما به من القوة - أن يفتح غلقًا ، ولا يحل وكاءً ، ولا يكشف إناء ، رحمة من الله تعالى بعباده ورفقا بهم .ا.هـ ( [7] ) .


وإليك تفصيل هذه الآداب :


1 - إغلاق الباب مع ذكر اسم الله

لقوله صلى الله عليه وسلم : " أَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ بِاللَّيْلِ " ، " وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ " وفي رواية " وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ " ، يقال : أجفت الباب إذا أغلقته ؛ والعلة في ذلك ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم : " فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غُلُقًا " ، ولذكر الله تعالى هنا فائدة عظيمة ، فاسم الله هو السور الطويل العريض ، والحجاب الغليظ المنيع من كل سوء .

ومن فوائد هذا الأدب - أيضًا - لئلا يدخل عدو أو سارق أو حية أو عقرب ؛ وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الشيطان هنا لأنه خفي لا يرى ، فلا ينتبه الإنسان إلى دخوله وإفساده ، أما ما هو ظاهر فيحترز منه المرء ، والعلم عند الله تعالى .

2 - إطفاء السرج

وما في معناها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه :

" وَأَطْفِئُوا السُّرُجَ " ، " وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ " ، وفي رواية : " وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتْ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ " ،

وفي أخرى : " فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ " ، وفي حديث ابن سرجس: " وَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ ، فَإِنَّ الْفَأْرَةَ تَأْخُذُ الْفَتِيلَةَ فَتَحْرِقُ أَهْلَ الْبَيْتِ " ، ومعنى " وَإِذَا نِمْتُمْ " أي: إذا أردتم النوم؛ والسرج جمع سراج ، وهومصباح كان له فتيل يشعل بالزيت ونحوه فيضيء ؛ والمراد بالفويسقة : الفأرة لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها ؛ وتضرم، أي: تحرق سريعًا ؛ وذلك أنها إذا تناولت طرف الفتيلة وفيها النار فلعلها تمر بثياب أو بحطب فتشعل النار فيها ، فيلتهب البيت على أهله ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

احْتَرَقَ بَيْتٌ عَلَى أَهْلِهِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا حُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَأْنِهِمْ قَالَ :

" إنَّ هَذِهِ النَّارَ إنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ " ( [8] ) ، قال ابن العربي - :

معنى كون النار عدوًا لنا أنها تنافي أبداننا وأموالنا منافاة العدو ، وإن كانت لنا بها منفعة ، لكن لا يحصل لنا منها إلا بواسطة ، فأطلق أنها عدو لنا لوجود معنى العداوة فيها ؛ والله أعلم ( [9] ) .
وروى البخاري في ( الأدب المفرد ) ، وأبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - - قَالَ : جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ ، فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ e عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا ، فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ ؛ فَقَالَ : " إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتَحْرِقَكُمْ " ( [10] ) ، قال ابن حجر - : في هذا الحديث بيان سبب الأمر - أيضًا - وبيان الحامل للفويسقة ( وهي الفأرة ) على جر الفتيلة وهو الشيطان ، فيستعين - وهو عدو الإنسان - عليه بعدو آخر وهي النار ، أعاذنا الله بكرمه من كيد الأعداء ، إنه رءوف رحيم ( [11] ) .
وفي الصحيحين عَنِ ابن عمرَ - - عَنِ النَّبِيِّ e قَالَ : " لاَ تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ " ( [12] ) ، وفي رواية لأحمد : " لَا تَبِيتَنَّ النَّارُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّهَا عَدُوٌّ " ( [13] ) ؛ قال النووي - : هذا عام تدخل فيه نار السراج وغيرها، وأما القناديل المعلقة في المساجد وغيرها فإن خيف حريق بسببها دخلت في الأمر بالإطفاء ، وإن أمن ذلك - كما هو الغالب - فالظاهر أنه لا بأس بها ، لانتفاء العلة ؛ لأن النبي e علل الأمر بالإطفاء في الحديث السابق بأن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم ، فإذا انتفت العلة زال المنع ( [14] ) .
ويمكن الإشارة هنا إلى أن إطفاء مصابيح الكهرباء قبل النوم نوع من ترشيد استهلاك الطاقة ، والاقتصاد في استعمالها .

3 - إيكاء السقاء ، وتغطية الإناء ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :

" وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهِ بِعُودٍ " ، " وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ " ، " وَأَوْكِئُوا الْأَسْقِيَةَ ، وَخَمِّرُوا الْإِنَاءَ " ، وإيكاء السِّقاء : شَدُّهُ بالخيط ، وهو الوكاء ، وهو اسم لما يسد به فم القربة ؛ والمعنى : اربطوها وشدوها ، وقوله : " وَخَمِّرُوا الْإِنَاءَ " أي : غطوه واستروه .

وعلة ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غُلُقًا ، وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً ، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً "، وعلة أخرى وهي السلامة من نزول الداء في الآنية المكشوفة ؛ فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ :

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :

" غَطُّوا الإِنَاءَ ، وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ ، لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَمْ يُغَطَّ ، وَلاَ سِقَاءٍ لَمْ يُوكَ ، إِلاَّ وَقَعَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ "،وفي رواية:

" خَمِّرُوا الإِنَاءَ ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ ، فَإِنَّ ِللهِ تعالى دَاءٌ يَنْزِلُ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً ، لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ ، لَمْ يُخَمَّرْ ، أَوْ سِقَاءٍ ، لَمْ يُوكَأْ ، إِلاَّ وَقَعَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّاءِ"، وفي رواية:

" وَاكْفِئُوا الإِنَاءَ" ؛ قَالَ اللَّيْثُ : فَالأَعَاجِمُ عِنْدَنَا يَتَّقُونَ ذَلِكَ فِي كَانُونَ الأَوَّلِ ( [15] ) ، وكانون الأول هو الشهر المعروف في السنة الميلادية بديسمبر ؛ وقوله : " وَاكْفِئُوا الإِنَاءَ " أي : اقلبوه إذا كان فارغًا ، لا تدعوه مفتوحًا للعق الشيطان والهوام المؤذية .

وذِكْرُ اسم الله على ذلك كله هو السر الدافع والحجاب المنيع بين الشيطان والإنسان - كما تقدم ؛ وقوله : " وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهِ " أي : تضعوا عليه عرضًا ، " بِعُودٍ " أي : على رأس الإناء ، والمعنى: إن لم تغطه فلا أقل من ذلك.

ومن فوائد هذا الأدب أيضًا - ما أشار إليه القاضي عياض – من مخافة ما عساه يدخله من الهوام والحشرات المؤذية إذا لم يغط ، ولعل صاحبه يقوم إليه من الليل فيشرب منه ، ولا يعلم ما فيه ( [16] ) .

4 - الوضوء :

الوضوء من الآداب التي تسبق الذهاب إلى الفراش ، وقد جاء الندب إليه وبيان فضله في أحاديث كثيرة ؛ ففي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

« إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ .. " الحديث ، وسيأتي بتمامه إن شاء الله ( [17] ) ؛ وبوب له البخاري ( بَاب إِذَا بَاتَ طَاهِرًا )؛قال ابن حجر - رحمه الله:

الأمرفيه للندب؛ وله فوائد : منها أن يبيت على طهارة لئلا يبغته الموت فيكون على هيئة كاملة ، ويؤخذ منه الندب إلى الاستعداد للموت بطهارة القلب ، لأنه أولى من طهارة البدن ، وقد أخرج عبد الرزاق من طريق مجاهد قال :
قال لي ابن عباس :

لا تبيتن إلا على وضوء ، فإن الأرواح تبعث على ما قبضت عليه . ورجاله ثقات إلا أبا يحيى القتات هو صدوق فيه كلام .ا.هـ ( [18] ) .
ومما جاء في فضله :

1 - ما رواه أحمد وأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ من حَدِيث مُعَاذ رضي الله عنه رَفَعَهُ : " مَا مِنْ مُسْلِم يَبِيت عَلَى ذِكْر وَطَهَارَة فَيَتَعَارّ مِنْ اللَّيْل فَيَسْأَل اللَّه خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ " ( [19] ) ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ : " مَنْ أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ طَاهِرًا ، يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى يُدرِكَهُ النُّعاس ، لَمْ يَتَقَلَّبْ ساعةً مِنَ اللَّيلِ يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ ، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ " ( [20] ) ، ورواه النسائي في ( الكبرى ) والطبراني في الأوسط عن عمرو بن عبسة ( [21] ) .

2 - وَأَخْرَجَ الطبراني واِبْن حِبَّانَ عَنْ اِبْن عُمَر رضي الله عنه رَفَعَهُ : "

مَنْ بَاتَ طَاهِرًا بَاتَ فِي شِعَاره مَلَك فَلَمْ يَسْتَيْقِظ إِلَّا قَالَ الْمَلَك : اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِعَبْدِك فُلَان ، فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِرًا " ( [22] ) ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي ( الْأَوْسَط ) عنِ ابْن عَبَّاس - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" طَهِّرُوا هذِهِ الأَجْسَادَ طَهَّرَكُمُ الله ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٌ يَبِيتُ طَاهِرًا إلاَّ بَاتَ مَعَهُ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ ، لاَ يَنْقَلِبُ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ إلاَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِعَبْدِك ، فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِرًا " ( [23] ) .

قوله صلى الله عليه وسلم :

" طَهِّرُوا هذِهِ الأَجْسَادَ " أي : من الحدثين والخبث عند النوم ، " طَهَّرَكُمُ الله " دعاء منه e لمن فعل ذلك ، والشعار بكسر الشين ، هو ما يلي بدن الإنسان من ثوب وغيره ؛ والملائكة أجسام نورانية فلا يلزم أن العبد يحس بالملك ولا أن يسمع دعاءه .

والطهارة عند النوم قسمان ؛ طهارة الظاهر وهي معروفة ، وطهارة الباطن وهي بالتوبة ، وهي آكد من الظاهرة ، فربما مات في نومه وهو متلوث بأوساخ الذنوب ؛ فيتعين عليه التوبة ، وأن يزيل من قلبه كل حقد وغل وغش ومكروه لكل مسلم .

وضوء الجنب : يستحب للجنب - إن لم يغتسل - أن يتوضأ قبل أن ينام ؛ لما في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ - - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ ؛ وفي رواية :

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ ( [24] ) ، وَفِي رِوَايَة لمسلم أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَانَ جُنُبًا رُبَّمَا اِغْتَسَلَ فَنَامَ ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ ( [25] ) ؛ وفي الصحيحين أن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ ؟ قَالَ :

" نَعَمْ ، إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ " ، وفي رواية : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ : اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ ؟قَالَ : "

نَعَمْ ، إِذَا تَوَضَّأَ " ، وفي أخرى : ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنْ اللَّيْلِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :

" تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ " ( [26] ) ؛ وعَنْ جَابِرِ رضي الله عنه قَالَ :

سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجُنُبِ : هَلْ يَنَامُ ، أَوْ يَأْكُلُ ، أَوْ يَشْرَبُ ؟ قَالَ :

" نَعَمْ ، إِذَا تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ " ( [27] ) .


وَبيِّنٌ من الأحاديث أن الْمُرَاد بِالْوُضُوءِ وُضُوء الصَّلَاة الْكَامِل ؛ والحكمة فيه أنه يخفف الحدث ؛ وقيل :

الحكمة فيه أنه إحدى الطهارتين ، فعلى هذا يقوم التيمم مقامه، وقد روى البيهقي بإسناد حسن عن عائشة - رضي الله عنها - أنه e كان إذا أجنب فأراد أن ينام توضأ أو تيمم ( [28] ) ، ويحتمل أن يكون التيمم هنا عند عسر وجود الماء ؛ وَقِيلَ: بَلْ لَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَط إِلَى الْغُسْل إِذَا نَالَ الْمَاء أَعْضَاءَهُ ( [29] ) .

وفي الأحاديث استحباب التنظيف عند النوم ، قال ابن الجوزي : والحكمة فيه أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة ، بخلاف الشياطين فإنها تقرب من ذلك ، والله أعلم ( [30] ) .

ولا فرق في نوم الجنب بين نوم الليل والنهار ؛ حكاه إسحاق بنِ راهويه عَن بعض العلماء ؛ ذكره ابن رجب في ( شرح البخاري ) ثم قال :

واختلفوا : هل المرأة في ذَلِكَ كالرجل ، أم لا ؟ فقالت طائفة : هما سواء ، وَهوَ قول الليث ، وحُكي رواية عَن أحمد ، وقد نص على التسوية بينهما في الوضوء للأكل . والثاني أن الكراهة تختص بالرجل دونَ المرأة ، وَهوَ المنصوص عَن أحمد ؛ ولعله يستدل بأن عائشة لَم تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ يأمرها بالوضوء ، وإنما أخبرت عَن وضوئه لنفسه ( [31] ) .

وهل ينسحب هذا الحكم على الحائض ؟

قال ابن دقيق العيد : نص الشافعي - رحمه الله - على أن ذلك ليس على الحائض ، لأنها لو اغتسلت لم يرتفع حدثها بخلاف الجنب ، لكن إذا انقطع دمها استحب لها ذلك ( [32] ) ؛وقَالَ الْمَازِرِيُّ :

وَيَجْرِي هَذَا الْخِلَاف فِي وُضُوء الْحَائِض قَبْل أَنْ تَنَام ، فَمَنْ عَلَّلَ بِالْمَبِيتِ عَلَى طَهَارَة اِسْتَحَبَّهُ لَهَا .ا.هـ. قال النووي بعد نقله : هَذَا كَلَام الْمَازِرِيّ ؛ وَأَمَّا أَصْحَابنَا فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوء لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاء ؛ لِأَنَّ الْوُضُوء لَا يُؤَثِّر فِي حَدَثِهِمَا ، فَإِنْ كَانَتْ الْحَائِض قَدْ اِنْقَطَعَتْ حَيْضَتهَا صَارَتْ كَالْجُنُبِ ؛ وَاللَّهُ أَعْلَم ( [33] ) .





[1]- رواه أحمد : 3 / 374 ، 386 ، 388 ، 395 ، والبخاري ( 3106 ، 3138 ، 5300 ، 5937 ) ، ومسلم ( 2012 ) ، وأبو داود ( 2604 ) ، والترمذي ( 2857 ) ، وابن ماجة ( 3410 ) .

[2]- رواه أحمد : 5 / 82 ، وأبو داود ( 5247 ) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ، وصحيح الجامع ( 817 ) ..

[3] - انظر ( المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ) : 7 / 378 ، باختصار .

[4]- رواه مسلم ( 2018 ) عن أبي جابر .

[5] - البخاري ( 141 ، 3271 ) ، ومسلم ( 1434 ) .

[6]- انظر ( شرح النووي على مسلم ) : 13 / 185 .

[7]- التمهيد : 12 / 176.

[8] - البخاري ( 5936 ) ، ومسلم ( 2016 ) .

[9] - نقلا عن ( فتح الباري ) لابن حجر : 11 / 86 .

[10]- الأدب المفرد ( 1222 ) ، وأبو داود ( 5247 ) ، وصححه الألباني في ( صحيح الأدب ) ، و ( صحيح سنن أبي داود ) ، والصحيحة ( 1426 ) .

[11]- انظر ( فتح الباري ) : 11 / 86 .

[12]- البخاري ( 5935 ) ، ومسلم ( 2015 ) .

[13]- أحمد : 2 / 71 ، ورواه الحاكم ( 7765 ) وزاد : قال نافع : فما كان ابن عمر يرقد حتى لا يدع في البيت نارًا إلا أطفأها ، و كان آخر أهل البيت رقادا ، كان يصلي فإذا فرغ لم ينم حتى يطفئ السراج . ثم قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي .

[14]- شرح النووي على مسلم - (13 / 187) .

[15]- رواه أحمد : 3 / 355 ، ومسلم ( 5303 ) .

[16]- انظر ( إكمال المعلم شرح صحيح مسلم ) : 6 / 246 .

[17] - البخاري ( 247 ، 6311 ) ، ومسلم ( 2710 ) .

[18] - انظر ( فتح الباري ) : 11 / 110 ، وأثر ابن عباس رواه عبد الرزاق ( 19844 ) ، وعنه أبو نعيم في الحلية : 3 / 295 ، والبيهقي في شعب الإيمان ( 4711 ) .

[19]- أحمد : 5 / 234 ، وأبو داود ( 5042 ) ، والنسائي في الكبرى ( 10642 ) ، وابن ماجة ( 3881 ) ، وصححه الألباني .

[20] - الترمذى ( 3526 ) وحسنه .

[21]- النسائي في ( الكبرى ) رقم 10644 ، والطبراني في الأوسط ( 1505 ) .

[22] - الطبراني في الكبير : 12 / 446 ( 13620 ، 13621 ) ، وابن حبان ( 1051 ) واللفظ له ، وحسنه الألباني في الصحيحة ( 2539 ) ، وفي صحيح الجامع الصغير ( 3936 ) ، وقال في صحيح الترغيب ( 597 ) : حسن لغيره .

[23] - الطبراني في الأوسط ( 5087 ) ، وحسن إسناده الهيثمى في (مجمعالزوائد:10/128)؛وجوَّدإسنادهالمنذريفي( الترغيب : 1 / 231 ) والحافظ في ( الفتح ) : 11/109) وقال الألباني في صحيح الترغيب ( 599 ) : حسن لغيره .

[24]- البخاري ( 384 ) ، مسلم ( 305 ) واللفظ له .

[25]- مسلم ( 307 ) .

[26]- البخاري ( 283 ، 285 ، 286 ) ، ومسلم ( 306 ) .

[27]- ابن ماجه ( 592 ) ، وصححه الألباني لغيره ، ورواه ابن خزيمة في صحيحه ( 217 ) .

[28]- رواه البيهقي في ( الكبرى ) رقم ( 915 ) ؛ وروى ابن أبي شيبة ( 676 ) عن عائشة في الرجل تصيبه جنابة من الليل فيريد أن ينام ، قالت : يتوضأ أو يتيمم .

[29]- انظر ( فتح الباري ) : 1 / 394 ، 395 ، و ( شرح النووي على مسلم ) : 3 / 218 .

[30]- نقلا عن ( فتح الباري ) : 1 / 395 .

[31]- انظر ( فتح الباري ) لابن رجب : 1 / 358 .

[32]- نقلا عن فتح الباري : 1 / 395 .

[33]- انظر ( شرح النووي على مسلم ) : 3 / 218

نجوان
26-06-2015, 10:43 AM
شكرا جزيلا على الموضوع القيم

بديعة فؤاد
21-07-2015, 05:58 AM
شكرا جزيلا على الطرح القيم والمجهوادت الكبيرة اختى نسائم

جيهان
23-07-2015, 12:52 PM
شكرا جزيلا على الموضوع القيم

ماهيتاب السويدى
24-09-2015, 07:16 PM
شكرا على الطرح الطيب وجزاكم الله كل خير

وداد مريم
26-09-2015, 04:52 PM
شكرا على الموضوع والمعلومات جزاكم الله كل خير

زهرة الوادى
28-09-2015, 09:04 PM
شكرا على الطرح الطيب وجزاكم الله كل خير

المغربية
10-10-2015, 09:41 AM
شكرا وبارك الله فيك على الطرح الطيب

بلبلة
13-10-2015, 02:46 PM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

قطر الندى
10-11-2015, 02:33 PM
شكرا على الطرح الطيب وجزاكم الله كل خير

هيام العسال
30-11-2015, 03:53 PM
شكرا وجزاكم الله كل خير على الموضوع القيم