المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ومن أذكار النوم



نسائم الرحمن
25-06-2015, 12:31 PM
ومن أذكار النوم

7 - ولأبي داود عَنْ أَبِى الأَزْهَرِ الأَنْمَارِىِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ :

" بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي ، وَفُكَّ رِهَانِي ، وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الأَعْلَى " ( [1] ) .

وقوله : " وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي " أي : اجعله خاسئًا ، أي : مطرودًا ؛ " وَفُكَّ رِهَانِي"أي: خلصني من عقال ما اقترفت نفسي من الأعمال التي لا ترتضيها بالعفو عنها ؛ والرهان كسهام الرهن ، وهو ما يجعل وثيقة بالدين ؛ والمراد هنا نفس الإنسان لأنها مرهونة بعملها ، ] كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [ [ الطور : 21 ] ؛ وقوله :

" وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الأَعْلَى " أي : الملأ الأعلى من الملائكة ، والندي : القوم المجتمعون في مجلس ، ومنه النادي ؛ وهذا دعاء يجمع خيري الدنيا والآخرة فتتأكد المواظبة عليه كلما أريد النوم ( [2] ) .


8 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - - عَنِ النَّبيِِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :

" خَصْلَتَانِ أَوْ خَلَّتَانِ لاَ يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ ؛ يُسَبِّحُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا ، وَيَحْمَدُ عَشْرًا ، وَيُكَبِّرُ عَشْرًا ؛ فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ ؛ وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ ، وَيَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ، وَيُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ؛ فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ ، وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ " ؛ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ ؟ قَالَ : " يَأْتِي أَحَدَكُمْ - يَعْنِى الشَّيْطَانَ - فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلاَتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا " ( [3] ) .

9 – وفي الصحيحين عَنِ عَلِىٍّ t أَنَّ فَاطِمَةَ اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى فِي يَدِهَا ، وَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ ، وَلَقِيَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ إِلَيْهَا ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :

" عَلَى مَكَانِكُمَا " ، فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمِهِ عَلَى صَدْرِي،ثُمَّ قَالَ:

" أَلاَ أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَا ؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَنْ تُكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ ، وَتُسَبِّحَاهُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ، وَتَحْمَدَاهُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ؛ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ " واللفظ لمسلم ( [4] )

، قال ابن القيم - - في ( الوابل الصيب ) :

قيل : إن من داوم على ذلك وجد قوة في يومه مغنيه عن خادم .ا.هـ ( [5] ) ؛ قال ابن حجر :

وفيه أن من واظب على هذا الذكر عند النوم لم يصبه إعياء ، لأن فاطمة شكت التعب من العمل فأحالها e على ذلك ، كذا أفاده ابن تيمية ؛ وفيه نظر ، ولا يتعين رفع التعب ، بل يحتمل أن يكون من واظب عليه لا يتضرر بكثرة العمل ، ولا يشق عليه ولو حصل له التعب ، والله أعلم ( [6] ) . قلت : الذي نقله ابن القيم في ( الوابل الصيب ) عن شيخه أنه قال : بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات لم يأخذه إعياء فيما يعانيه من شغل ومن غيره .ا.هـ ( [7] ) ؛ وفرق بين (لم يصبه إعياء ) ، وبين ( لم يأخذه إعياء ) ، فاللفظة الأولى فيها النظر الذي ذكره الحافظ ، أما الثانية ففيها المعنى الذي ذكره الحافظ ، فليتأمل .

10 - عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِنَوْفَلٍ : " اقْرَأْ ] قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [ ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا ، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ " ( [8] )، وروى أحمد والنسائي عَنْ جَبَلَةَ بن حَارِثَةَ t أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ : [ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ] حَتَّى تَمُرَّ بِآخِرِهَا ، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ " ( [9] ) .

11 - عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ الْمُسَبِّحَاتِ قَبْلَ أَنْ يَرْقُدَ ، وَقَالَ : " إِنَّ فِيهِنَّ آيَةً أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ " ( [10] )؛ والمسبحات ستًا : الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى ؛ قال ابن كثير - : والآية المشار إليها في الحديث هي - والله أعلم - قوله تعالى :

[ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ] [ الحديد : 3 ] ( [11] ) .



[1] - أبو داود ( 5054 ) ، وصححه الألباني ؛ ورواه الطبراني في الكبير : 16 / 162 ( 18210 ) .

[2] - انظر ( فيض القدير ) للمناوي : 5 / 91 ، 92 .

[3] - أحمد : 2 / 204 ، وأبو داود ( 5065 ) ، والترمذي ( 3410 ) وصححه ، والنسائي ( 1348 ) ، وصححه الألباني .

[4] - البخاري ( 2945 ) ، ومسلم ( 2727 ) ، ورواه مسلم عن أبي هريرة ( 2728 ).

[5] - ص 106 ، عند الفائدة الحادية والستين .

[6] - انظر ( فتح الباري ) : 11 / 124 ، 125 ؛ وما ذكره عن ابن تيمية أورده ابن القيم في ( الوابل الصيب ص 131 ) قال : قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه : بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات لم يأخذه إعياء فيما يعانيه من شغل ومن غيره .

[7] - انظر ( الوابل الصيب ) ص 131 .

[8] - أحمد : 5 / 456 ، وأبو داود ( 5055 ) ، والترمذي ( 3403 ) والنسائي ( في الكبرى ( 10637 ، 11709 ) ، وابن حبان ( 790 ، 5526 ) ، والحاكم : 1 / 565 وصححه ووافقه الذهبي ، وصححه الألبان في صحيح التغيب ( 607 ) .

[9] - أحمد : 5 / 222 ، والنسائي في الكبرى ( 10636 ) ، وصححه ابن حجر في الإصابة : 1 / 223 .

[10] - أحمد : 4 / 128 ، وأبو داود ( 5057 ) ، والترمذي ( 2921 ) ، 3406 ) وحسنه ، والنسائي في الكبرى ( 8026 ، 10549 ) .

[11] - انظر تقدمته لسورة الحديد من تفسيره .


ومن أذكار النوم كذلك


12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

" من قال حين يأوي إلى فراشه : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ؛ غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر " ( [1] ) .

13 - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" إذا أوى الرجلُ إلى فراشِهِ أتاه ملكٌ وشيطانٌ ، فيقولُ الملكُ : اختمْ بخيرٍ ، ويقول الشيطانُ : اختمْ بشرٍّ ، فإذا ذكر الله ثم نام ، ذهب الشيطانُ وبات يكلؤه الملكُ ؛ فإذا استيقظ ابتدره ملكٌ وشيطانٌ ، قال الملك : افتحْ بخير ، وقال الشيطانُ : افتحْ بشرٍّ ؛ فإن قال إذا قام : الحمدُ لله الذي رد على نفسي ولم يُمِتْها في منامها ، الحمدُ لله الذي يُمْسِكُ السماءَ أن تقع على الأرضِ إلا بإذنِهِ إن الله بالناس لرءوفٌ رحيمٌ ، الحمد لله الذي يمسك السمواتِ والأرضَ أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده إنه كان حليمًا غفورًا ، الحمد لله الذي يحيى الموتى وهو على كلِّ شيء قديرٌ ؛ فإن وقع عن سريره فمات دخل الجنةَ ، فإن قام فصلى صلى في فضائلِ " ( [2] ) ؛ ومعنى يكلؤه : يحرسه ويحفظه .

14 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :

وَكَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ : وَاللهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

، قَالَ : إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ ، قَالَ : فَخَلَّيْتُ عَنْهُ ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :

" يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ ؟ " قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، قَالَ :

" أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ

" فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّهُ سَيَعُودُ ، فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ :

لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ ؛ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :

" يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ ؟ " قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، قَالَ :

" أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ " فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ : لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ، وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ ، قَالَ :

دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهَا ، قُلْتُ :

مَا هُوَ ؟ قَالَ : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ : [اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ] حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ ، وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ؛ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ " قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ؛ قَالَ : " مَا هِيَ ؟ " قُلْتُ : قَالَ لِي : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ :[ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ] وَقَالَ لِي : لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ؛ وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ " قَالَ : لَا ، قَالَ : " ذَاكَ شَيْطَانٌ " ( [3] ) .

15 - وفى الصحيحين عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :

" إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ؛ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ " قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا بَلَغْتُ :

" اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ " قُلْتُ :

وَرَسُولِكَ ، قَالَ :

" لَا ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ " لفظ البخاري ، وفي رواية : "

وَقُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ " ، وفي رواية :

" فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيْرًا " ( [4] ).

قال ابن القيم - رحمه الله: لما كان النائمُ بمنزلة الميت ، كان النائم محتاجًا إلى مَن يحرُس نفسه ، ويحفظُها مما يَعْرِضُ لها من الآفات ، ويحرُسُ بدنه أيضاً من طوارق الآفات ، وكان ربُّه وفاطرُه تعالى هو المتولي لذلك وحدَه، علَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم النائمَ أن يقولَ كلماتِ التفويضِ والالتجاء ، والرغبة والرهبة ، ليَستدعىَ بها كمال حفظِ الله له ، وحراسته لنفسه وبدنه ، وأرشده مع ذلك إلى أن يَستذكِرَ الإيمانَ ، وينامَ عليه ، ويجعلَ التكلُّمَ به آخرَ كلامه ، فإنه ربما توفاه الله في منامه ، فإذا كان الإيمانُ آخِرَ كلامه دخل الجنَّة ، فتضمَّن هذا الهَدْىُ في المنام مصالحَ القلب والبدن والروح في النوم واليقظة ، والدنيا والآخرة ، فصلواتُ الله وسلامُه على مَن نالتْ به أُمتُه كُلَّ خير ( [5] ) . وقال الطيبي – :

في نظم هذا الذكر عجائب لا يعرفها إلا المتقن من أهل البيان ، فأشار بقوله :

" أسلمت نفسي " إلى أن جوارحه منقادة لله تعالى في أوامره ونواهيه ، وبقوله :

" وجهت وجهي"

إلى أن ذاته مخلصة له بريئة من النفاق ، وبقوله : " فوضت أمري " إلى أن أموره الخارجة والداخلة مفوضة إليه لا مدبر لها غيره ، وبقوله : " ألجأت ظهري " إلى أنه بعد التفويض يلتجئ إليه مما يضره ويؤذيه من الأسباب كلها ؛ قال : وقوله رغبة ورهبة منصوبان على المفعول له على طريق اللف والنشر ، أي : فوضت أموري إليك رغبة وألجأت ظهري إليك رهبة ( [6] ) ؛ وقال الكرماني :

هذا الحديث يشتمل على الإيمان بكل ما يجب الإيمان به إجمالا من الكتب والرسل من الإلهيات والنبوات ، وعلى إسناد الكل إلى الله من الذوات والصفات والأفعال ، لذكر الوجه والنفس والأمر وإسناد الظهر مع ما فيه من التوكل على الله والرضا بقضائه، وهذا كله بحسب المعاش ، وعلى الاعتراف بالثواب والعقاب خيرًا وشرًا وهذا بحسب المعاد ( [7] ) .

وهذا شرح إجمالي لهذه المعاني الجليلة الموجودة في الحديث :

قوله : " اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ " وفي رواية : " أَسْلَمْتُ نَفْسِي " أي : جعلتُها مُسلَّمَةً لك تسليمَ العبدِ المملوك نفسَه إلى سيده ومالكه ؛ فمعنى أسلم ، أي : استسلم وانقاد ، والمعنى : جعلت نفسي منقادة لك ، تابعة لحكمك ، إذ لا قدرة لي على تدبيرها ، ولا على جلب ما ينفعها إليها ، ولا دفع ما يضرها عنها .

وقوله : " وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ " أي : رددت أمري كله إليك ،وذلك يُوجب سُكون القلب وطمأنينته ، والرِّضى بما يقضيه ويختارُه لهم مايحبه ويرضاه، والتفويضُ من أشرف مقامات العبودية .
وقوله : " وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ " فيه معنى التوجُّهِ والقصد ؛ ويتضمَّن إقبالَه بالكلِّية على ربه ، وإخلاص القصد والإرادة له ، وإقراره بالخضوع والذلوالانقياد ، قال تعالى : [ فَإنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ] آل عمران : 20 ] .

وقوله :

" وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ " أي : اعتمدت في أموري عليك ، لتعينني على ما ينفعني ؛ لأن من استند إلى شيء تقوى به واستعان به ، وخصه بالظهر لأن العادة جرت أن الإنسان يعتمد بظهره إلى ما يستند إليه ؛ فإلجاءُ الظَّهر إليه سبحانه يَتضَمَّنُ قوةَ الاعتماد عليه ، والثقة به ، والسكونَ إليه ، والتوكلَ عليه، فإنَّ مَن أسند ظهره إلى ركن وثيقٍ ، لم يخف السقوطَ .

ولَمَّا كان للقلب قوَّتان : قوة الطلب ، وهى الرغبة ؛ وقوة الهرب ، وهى الرهبة ، وكان العبد طالبًا لمصالحه ، هاربًا من مضارِّه ، جمع الأمرين في هذا التفويض والتوجُّه ، فقال : " رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ " أي : رغبة في رفدك وثوابك ، وخوفا من غضبك ومن عقابك.

ثم أثنى على ربه ، بأنه لا مَلجأ للعبد سواه ، ولا منجا له منه غيره ، فهو الذي يلجأ إليه العبدُ ليُنجِيَه من نفسه، كما في الحديث الآخر : " أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِن سَخَطِكَ ، وبمُعَافَاتِكَ من عُقُوبَتِكَ ، وأعوذُ بِكَ مِنْكَ " ، فهو سبحانه الذي يُعيذ عبدَه ويُنجيه من بأسه الذي هوبمشيئته وقُدرته،فمنه البلاءُ،ومنه الإعانةُ، ومنه ما يُطلب النجاةُ منه ، وإليه الالتجاءُ في النجاة ، فهو الذي يُلجأ إليه في أن يُنجيَ مما منه ، ويُستعاذُ به مما منه ، فهو ربُّ كل شيء ، ولا يكون شيء إلا بمشيئته : [ وَإن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إلاَّ هُوَ ] [ الأنعام : 17 ]، [قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللهِ إنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً] [ الأحزاب : 17 ] .


ثُمَّ ختم الدعاءَ بالإقرار بالإيمان بكتابه ورسوله الذي هو مَلاكُ النجاة ، والفوز في الدنيا والآخرة .

وقوله : " فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ " أي : على الدين القويم ملة إبراهيم ، فإنه u أسلم واستسلم ، قال الله تعالى عنه : [ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ] [ الصافات : 84 ]، وقال عنه :
[ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ] [ البقرة : 131 ] ؛ وقيل : المراد بالفطرة هنا دين الإسلام ، وهو بمعنى الحديث الآخر " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " ؛ وقوله : " وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيْرًا " أي : صلاحًا في المال ، وزيادة في الأعمال .

وأولى ما قيل في الحكمة في رده صلى الله عليه وسلم على من قال ( الرسول ) بدل ( النبي ) أن ألفاظ الأذكار توقيفية ، ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس ، فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به ؛ وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف ، ولعله أُوحي إليه بهذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها ( [8] ) .


تنبيه :


لا يلزم المسلم أن يجمع بين هذه الأذكار كلِّها عند اضطجاعه ، بل يختار منها ما يناسب حاله ، فإن جمعها كلها فهو خير عظيم ، والمقصود أن ينام على ذكر الله تعالى ؛ فلا يزال المسلم يذكر الله على فراشه حتى يغلبه النوم وهو يذكر الله ، فيكون منامه عبادة وزيادة له في قربه من الله تعالى .
هذا والعلم عند الله تعالى .



[1]- رواه ابن أبي شيبة ( 26527 ) ، والنسائي في عمل اليوم والليلة ( 722 ) ، وابن حبان ( 5528 ) .

[2] - أخرجه النسائي في الكبرى ( 10689 ) ، وأبو يعلى ( 1791 ) ، وقال الهيثمي (10/120) : رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج الشامي ، وهو ثقة . ا.هـ . وأخرجه ابن حبان ( 5533 ) ، والحاكم ( 2011 ) ، وصححه على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي .


[3] - البخاري ( 2311 ، 3275 ، 5010 ) معلقا بصيغة الجـزم ، ووصله النسائي في الكبرى ( 10795 ) ، وفي عمل اليوم والليلة ( 965 ) ، ورواه ابن خزيمة ( 2424 ) ، والبيهقي في الشعب ( 2388 ) موصولا .

[4] - البخاري ( 247 ، 6311 ، 7050 ) ، ومسلم ( 2710 ) .

[5]- انظر زاد المعاد : 4 / 219 ، باختصار .

[6]- نقلا عن 0 فتح الباري ) : 11 / 111 .

[7]- انظر فتح الباري : 11 / 113 .

[8]- انظر : زاد المعاد : 4 / 219 ، 220 ، وفتح الباري : 11 / 112 ، 113 ، فقد جمعت هذا الشرح منهما ، وألفت بين كلامهما مع الاختصار والتصرف .

ابوعافيه المصري
25-06-2015, 07:53 PM
شكرا وجزاك الله خير

حنين
09-07-2015, 04:08 AM
جزاكى الله كل خير اختى نسائم على الطرح الطيب والاذكار العطرة بارك الله فيكى وفى مجهوداتك

يارا حسان
10-07-2015, 06:56 PM
جــــــــ الله خير الجزاء ــــــــزاك ...........

رقية نامى
13-09-2015, 01:38 PM
بارك الله فيك و جزاك الله كل الخير على الموضوع القيم والمعلومات المفيدة

دعد الرايدى
14-09-2015, 10:04 AM
جزاكى الله كل خير اختى نسائم على الطرح الطيب والاذكار العطرة بارك الله فيكى وفى مجهوداتك

دعاء البشرى
22-09-2015, 06:51 AM
بارك الله فيكم و جزاكم الله كل خير

ماهيتاب السويدى
09-10-2015, 02:59 AM
شكرا على مواضيعك القيمة اختى نسايم بارك الله فيكى

صفاء السعدى
23-10-2015, 05:19 PM
شكرا على النصايح المفيدة جزاكم الله كل خير

جيهان
29-11-2015, 12:49 PM
شكرا على الطرح والافادة جزاكم الله كل خير

ترنيم
06-12-2015, 01:03 PM
شكرا على الطرح الطيب وجزاكم الله كل خير