المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مفهوم المسجد في القرآن الكريم



الشيخ / خالد الجعفري
05-10-2015, 04:30 PM
المسجد في*القرآن

*

كما رأينا السجود الحقيقي لا يكون شكلياً وسطحياً ولكن هو في الأساس طاعة الله سبحانه وتعالى. ومن يضع ناصيته على الأرض و لكن لا يطيع الله فسجوده ليس حقيقياً.

*

قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا [الإسراء-107]

*

هل هذه طريقة سجود أغلب الناس؟ هل يسجدون للأذقان؟ في*الواقع من*المستحيل أن يخر الإنسان للذقن والناصية في نفس*الوقت. إذا لو فسرنا السجود على أنه مجرد فعل جسدي فيجب*علينا السجود للأذقان وليس للناصية. أما لو فسرنا الآية بطريقة مجازية فذلك يعني أن السجود ليس*مجرد فعل جسدي ولكنه طاعة الله سبحانه وتعالى. إذا في*الحالتين ما يعتقده أغلب الناس من أن السجود مجرد فعل جسدي للناصية هو غير صحيح.

*

زيادة في*التأكيد قارن بين رد*فعل الذين يخرون سجدا و الذين*يفعلون عكس ذلك:

*

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ**[لقمان-7]

*

وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ [الإنشقاق-21]

*

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا**[الكهف-57]

*

وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ*[الأعراف-161-162]

*

نرى أن عكس السجود هو التولي باستكبار والإعراض عن آيات الله وتبديل القول الذي*قيل لهم*.*كل*هذه الأعمال هي*عكس السمع و الطاعة و ليست عكس فعل جسدي*سطحي بـوضع الناصية على الأرض. المنافقون ليس*عندهم أي مشكلة في*فعل أي شيء جسدي سطحي ولكن*عندهم*مشكلة في*طاعة الله.

*

وبما إن السجود ليس*مجرد فعل جسدي*سطحي وإنما هو أساسا الطاعة إذا بالتالي المسجد ليس مجرد مبنى ولكن هو أساسا مؤسسة للطاعة.

*

هذه الآية الكريمة توضح بما لا يدع أي مجال للشك أن المسجد ليس مجرد بنيان مادي، وإلا لما أصبح هناك معنى للنزاع:

*

وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم*بُنْيَانًا*رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم*مَّسْجِدًا**[الكهف-21]

*

و على الرغم من كل الفساد الذي دخل علينا فإن المعنى الأصلي لكلمة مسجد مازال شائعاً في لغتنا الدارجة. و لذلك لا يوجد إنسان عاقل حين يسمع من صديقه أن المسجد الأزهر أصدر فتوى يفهم أن مبنى الأزهر أصدر فتوى. لماذا يفهم أغلب الناس كلام صديق عادي بتعقل وعمق من ناحية،* ثم يفهمون كلام الله سبحانه وتعالى بسطحية وسذاجة من ناحية أخرى، بأنه تعالى عندما يتحدث عن مسجد يقصد مجرد مبنى؟*و بـالإضافة إلى الأدلة من القرآن واللغة والعقل والمنطق في التاريخ أيضًا لم يكن المسجد أبدا مجرد مبنى. المسجد كان مركز الحكم، وهو ما نعرفه اليوم بالحكومة.* فالحكومة ليست مبنى ولكنها سلطة أو مؤسسة تطاع.*المساجد أو ما نعرفه اليوم بـمؤسساتنا الحكومية يجب ان يكون اساسها التقوى وليس مجرد مبان اساسها خرسانة ومسلح وحيطان وسقف:

*

لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ**[التوبة-108]

*

كما رأينا مسبقا فإن الشيطان يعتمد في*تضليلنا على تحويل الأسماء الفطرية التي علمها لنا الله إلى أسماء علم باطلة لا تعبر عن حقيقة الأشياء. وللأسف لقد نجح في*تحويل المسجد الحرام إلى مجرد إسم باطل وبالتالي فقد ذلك المفهوم العام معناه الحقيقي. ولكن بكل سهولة عندما نزيل غشاوة أسماء العلم الباطلة وننظر إلى معنى المسجد الحرام نجد أن معناه بكل بساطة*ينقسم إلى شقين. أولا المسجد معناه مؤسسة للطاعة. ثانيا الحرام ليس*معناه المقدس ولكن معناه*الشيء الذي لا يجب إنتهاكه مثل قتل الأولاد و قتل النفس و أكل مال اليتيم إلى آخره من*المحرمات التي*لا*يجب*انتهاكها:

*

قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ

وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا*فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام-151-153]

*

إذا حين نضع هذين المصطلحين سويا نجد بكل*سهولة أن المسجد الحرام معناه مؤسسة الطاعة التي لا يجب انتهاكها.

*

و لكن كيف نتوجه إلى قبلة مؤسسة الطاعة التي لا يجب إنتهاكها؟

*

سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءإِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ

*

القرآن ليس كتابا نظريا ولكنه كتاب ينطق بالحق و يطبق عمليا في حياتنا. تعال نعمل تجربة بسيطة ونطبق الآية الكريمة السابقة لكي نعلم علم اليقين من السفهاء ومن الذين هداهم الله*إلى صراط مستقيم:

*

إذهب إلى*أي جامع و حين يقف الناس في الصف ويواجهون قبلتهم لا تفعل مثلهم وتولى عن قبلتهم و اتجه في أي جهة غير التي عليها الناس. أكيد الناس سوف تندهش وكما*تقول*الآية الكريمة ستسألك ما معناه:"ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها؟"

*

ماذا سوف يكون جوابك اذا كنت مؤمنا بالله وبالتالي مؤمنا بأنه سبحانه وتعالى ليس فقط في مكان معين سواء كان المدينة المسماة مكة أو القدس أو أي مكان آخر؟ أكيد سوف يكون جوابك إن الله في كل مكان (لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) وإن طريق التقرب إلى الله هو*الصراط المستقيم*وليس طريق مادي إلى مكة أو إلى القدس أو إلى أي مدينة أخرى (يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى*صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم).*وهذا ما تؤكده الآيات التالية:

*

وَلِلّهِ*الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ*فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة-115]

*

لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ*الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ*وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ**[البقرة-177]

*

كما نرى من آيات الله فإن التوجه الجسدي إلى جهة مادية معينة ليس*له*أي قيمة. نفس الكلام عن المشرق والمغرب أي الاتجاهات المادية يقوله من يتبع الرسول في هذا الموقف:

*

سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ*الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ*يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى*صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ*[البقرة-142]

*

حين يرى السفهاء من الناس أن الذين يتبعون الرسول تولوا عن القبلة المادية التي كانوا عليها سوف يسألونهم عن السبب. إجابة من يتبع الرسول تقول بما معناه إن جميع الجهات المادية لله وإن الاتجاه المهم هو*الصراط المستقيم. كما رأينا نفس هذا الموقف يقينا سيواجهه أي شخص لو دخل جامعا و توجه في اتجاه غير كل الناس. وهنا صعوبة الامتحان الذي يمكن أن نواجهه:

*

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ**[البقرة-143]

*

القبلة المادية القديمة كبيرة أو مهمة إلا بالنسبة للذين هدي الله. اليهودي مثلا عنده القبلة المادية في اتجاه القدس كبيرة ومهمة. وكذلك عند الوثني القبلة المادية في اتجاه معبده أو صنمه أو الشروق الشتوي كبيرة. وكذلك عند السني والشيعي القبلة المادية في اتجه المكعب الذي في مكة كبيرة. و لذلك ستجد الاتجاه المادي شيء كبير عند الضالين من*الناس وتجدهم يحرصون أشد الحرص على التوجه في*اتجاه معين. ليس من الصعب أن يلغي الإنسان عقله و يتبع قبلة مادية مثل كل هؤلاء*الناس. الامتحان الصعب هو ألا يقلد الإنسان كل هؤلاء الناس و لا يهتم بـالاتجاه المادي و يتولى عنه. هذا هو الامتحان الصعب الذي يبين من هو المؤمن الذي لا يخاف الناس ويخاف الله ويؤمن حقا أن الله في كل مكان ولا يحتاج الشخص إلى جهة مادية لكي يتجه إليه ولكن الذي يقربنا من الله هو أن نكون على*الصراط المستقيم.

*

حين يحاول شخص أن يولي وجهه في*اتجاه أي مكان مادي تحت*خط*الأفق وبسبب كروية الأرض فإنه فيالواقع يواجه نقطا عشوائية في*السماء. و بما أن الأرض تدور حول نفسها (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ) فإن ذلك يؤدي إلى تقلب هذه الوجهة المادية. إذا*تقلب الاتجاه المادي في السماء هو بالضبط ما يحدث حين يحاول أي شخص أن يولي وجهه المادي في اتجاه أي مبنى تحت الأفق. وهذا التوجه المادي هو ما لم يكن الرسول راض عنه:

*

قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ*أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ*وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [البقرة-144]

*

الرسول لم**يكن*راض عن القبلة المادية. قبلة المؤمنين هي المسجد الحرام وحين نكون على هذه القبلة نكون على*الصراط المستقيم. لذلك يجب ان نكون على هذه القبلة حيثما كنا وليس فقط أثناء الصلاة أو في الجامع. والله سبحانه وتعالى يقول لنا بكل وضوح إن المسجد الحرام ما هو إلا الحق من ربنا.

*

المسجد ليس مبني ولكن هو مؤسسة متكاملة لطاعة الله. ممكن نقول إن المسجد الحرام هو السلطة التنفيذية التي تطبق الحق من ربنا. ولذلك الذين أوتوا الكتاب يعلمون المسجد الحرام وليس الذين أوتوا خريطة أو سجادة صنعت في الصين عليها صورة مكعب و بوصلة. وعلى الرغم من أن الذين أوتوا الكتاب يعلمون أن القبلة هي المسجد الحرام الذي هو الحق من ربهم فإنهم يصرون على قبلتهم المادية.

*

وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ [البقرة-145]

*

وحتى الذين أوتوا الكتاب حين يتجهون إلى قبلتهم المادية فهم لا يتبعون حقا قبلة بعض. حتي لو وقف اثنان من الزملاء جنبا إلى جنب في الجامع في اتجاه قبلتهم المادية فهم لا يتبعون حقا قبلة بعض. ذلك لأنه إذا كان هناك فرق 0.01 درجة في اتجاههما فإن هذا الفرق البسيط عبر المسافات البعيدة سيصبح فرقا من عشرات الكيلومترات وواحد منهم سوف يكون في مواجهة جدة والآخر في اتجاه الطائف. هذا هو الحق الواقع.

*

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ [البقرة-146-147]

*

هل أي شخص يعرف أي مبنى في مكة أو غير مكة كما يعرف ابناءه؟*بالطبع لا.

*

وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة-148]

*

عندما يتخيل أي شخص أنه يواجه مكعبا في*مكة هل هذا استباق للخيرات؟ من جهة أخرى توجهنا للمسجد الحرام الحقيقي الذي هو مؤسسة طاعة الله بتطبيق الحق*من*ربنا وعدم انتهاك ما حرمه من ظلم وقتل النفس إلى آخره بالتأكيد يكون فيه استباق للخيرات.*و لذلك التوجه للقبلة الحقيقية التي هي المسجد الحرام يضعنا على*الصراط المستقيم*الذي هو دين الإسلام.

*

قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى*صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ*دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ***[الأنعام-161]

*

و لذلك نفس صيغة الكلام عن اتباع القبلة نسمعه عن اتباع الملة:

*

وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى*وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ*[البقرة-120]

*

وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ*وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ*[البقرة-145]

*

ونرى القتال في*المسجد الحرام**والقتال في*الدين متوازيين:

*

وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى*يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ*فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ [البقرة-191]

*

إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ*قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ*وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الصف-9]

*

و نرى نفس التوازي*بين**المسجد الحرام و الدين في*الآية التالية:

*

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة-217]

*

المشركون يقاتلون الذين آمنوا و يخرجونهم من*المسجد الحرام لكي يردوهم عن دينهم.

*

المسجد الحرام هو مؤسسة لطاعة الله بتطبيق تحريم ما حرم الله وعدم انتهاكه.

*

ماذا عن المسجد الأقصى؟

*

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الإسراء-1]

*

من*المعروف تاريخيا أن ما يسمى حاليا بالمسجد الأقصى بني في*عهد عمر بن*الخطاب بعد نزول هذه الآية الكريمة وبعد*وفاة الرسول بسنين. قبل*ذلك لم*يكن*هناك*وجود*لمبنى في*هذا*المكان. وكان الرومان يتخذونه مقلبا للزبالة. وفي*عهد*الأمويين تم**بناء ما يسمى بـالمسجد*الأقصى وقبة الصخرة على النحو الذيهم*عليه الآن. وبالطبع كل ذلك يؤدي بنا إلى تساؤل بديهي وهو بما أن المسجد الأقصى تم بنأه بعد نزول الآية ووفاة الرسول بسنين إذا كيف تتحدث الآية عن مبنى لم يكن له وجود وقت نزولها؟ طبعا هذا مستحيل.مرة أخرى نجد الإجابة أمام أعيننا مباشرة في*القرآن حيث نقرأ نفس الكلام عن أن الرسول رأى آيات ربه في الآية التالية:

*

لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى [النجم-18]

*

هذه الآية الكريمة تأتي في*سياق ما رآه الرسول من*آيات عند سدرة المنتهى عند جنة المأوى.

*

أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى

إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى [النجم-12-18]

*

بما أن المسجد*مؤسسة لطاعة الله إذا المسجد الأقصي هو مؤسسة طاعة الله القصوى يعني أقصى طاعة لله أو الطاعة المطلقة لله. ومؤسسة الطاعة المطلقة لله هي عندما يكون المخلوق قريب عند*ربه.*

*

إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ [الأعراف-206]

*

المسجد الأقصى ليس مبنى من*أربع حيطان وسقف و لكنه مؤسسة طاعة الله القصوى. ومؤسسة طاعة اللهالقصوى ليست*في*القدس و لكنها عند الجنة حيث رأى الرسول آيات ربه الكبرى.

*

ماذا عن البيت*الحرام؟

*

المسجد الحرام هو مؤسسة الطاعة التي لا يجب انتهاكها أما البيت الحرام فهو المكان الذي لا*يجب انتهاكه. و هذا المكان هو لا ينتهك لأن الغرض من مكانه هو**أن يكون آمنا* يجتمع فيه*الناس*دون*خوف.

*

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ*مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً*وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [البقرة-125]

*

و الآية التالية تتحدث**بوضوح عن*أول*بيت*.إذا معنى ذلك أن هناك ثانيا*وثالثا*ورابعا و... بيوتا*كثيرة*وليسبيتا واحدا فقط*في*مكة أو غير مكة.

*

إِنَّ*أَوَّلَ بَيْتٍ*وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ [آل عمران-96]

*

و مكان أول بيت في*واد*غير*ذي زرع:

*

رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ* [إبراهيم-37]

*

كلمة زرع في اللغة العربيه تعني "ما زرعه الناس". إذاً فالوادي لم يكن مزروعا من الناس في هذا الوقت. هذا لا يعني أنه لم يوجد فيه نباتات طبيعية وأنه صحراء جرداء كما يظن البعض. وهذا أيضاً ما تؤكده أيات كثيرة. على سبيل المثال الآيات التالية التي تشير إلى بلد الرسول في سياق نبات التين والزيتون:

*

والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين [التين-1-3]

*

و من المعروف أن التين والزيتون نبات طبيعي في شمال الجزيرة العربية ولا وجود له في المدينة المسماة بـمكة ولا حتى وسط الجزيرة العربية كله.

*

القرآن دائما يتحدث عن قوم الرسول أنهم متمدنون وأن مجتمع الرسول مجتمع حضر متعدد الثقافات يشتغل بزراعة الزيتون والنخل والعنب والتجارة، ويسكن مدينة مهمة ومعروفة وليس مجتمعا بدويا رحالا يسكن الصحراء.

*

هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ

يُنبِتُ لَكُم*بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [النحل-10-11]

*

وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ*كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ*[الأنعام-141]

*

أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا

وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَّتَاعًا*لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُم*[عبس-25-32]

*

و لا يوجد أي ذكر لمدينة إسمها مكة في الجغرافيا أو التاريخ المدون قبل القرن الثامن الميلادي. وكلمة مكَّة على وزن فعلة مثل نكبة أو أزمة. وعندما نبحث عن معناها في*قاموس اللغة العربية الفصحى نجد التالي:

*

مَكَّهُ (القاموس المحيط(

مَكَّهُ: أهْلَكَهُ، ونَقَصَهُ

ومنه: مَكَّةُ: للبَلَدِ الحَرَامِ، أو للحَرَمِ كُلِّه، لأَنَّها تَنْقُصُ الذُّنوبَ أو تُفْنيها، أو تُهْلِكُ من ظَلَمَ فيها.

وتَمَكَّكَ على الغَرِيمِ: ألَحَّ.

*

*

صورة من قاموس المحيط صفحة 954 توضح معنى كلمة مكة

*

مكة بـمعنى الهلاك أو الإلحاح على الغريم في*اللغة*العربية الفصحى يتفق تماما مع سياق الحرب في الآية الكريمة:

*

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم*بِبَطْنِ مَكَّةَ*مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا [الفتح-24]

*

هنا يفهم من السياق أن*ببطن مكة*تعني*بـقلب الهلاك*أو بقلب الإلحاح على الغريم وليس إسم لمدينة لم يسمع أحد بها حتى القرن الثامن الميلادي.

*

كما*رأينا فإن الأدلة المادية من*القرآن واللغة العربية وغياب أي*ذكر*لمدينة إسمها مكة من*التاريخ المدون تؤكد أن المدينة المسماة مكة هي بدعة حديثة من القرن الثامن الميلادي. وهذا يثير قضايا مهمة. على سبيل المثال لقد كان أسهل بكثير لعبدة الحجارة أن يضيفوا إسم أي مدينة وثنية للقرآن بدلا من ان يضطروا إلى سرقة كلمة من*القرآن وتحويلها إلى إسم علم يسموا به مدينتهم ليمنحوها الشرعية المفتقدة. بـالتالي فإن ذلك يؤكد بالأدلة المادية أن الله سبحانه وتعالى يقينا حفظ القرآن.

*

و الله سبحانه وتعالى حدد لنا بكل وضوح مكان البيت الحقيقي:

*

وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ*مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا*وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [الحج-26]

*

الآية تقول بكل وضوح إن مكان البيت هو حيث لا يشرك فيه بالله. إذاً فمكان البيت هو ليس المدينة المسماة بـمكة أو القدس أو أي مكان*آخر فيه*شرك فاحش ولكن**مكان*البيت*الحقيقي هو أي مكان لا يوجد فيه شرك من تقديس للحجارة أو الأشخاص الأحياء منهم أو الأموات* إلى آخرضروب**الرجس. والمكعب الذي يسمى حاليا بالكعبة هو إسم باطل لأن الله*سبحانه*و تعالى يقول*لنا*بكل*وضوح أن الكعبة هي*البيت*الحرامكله و ليست*مكعب*حجمه 8 في 10 متر:

*

جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ*قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ*[المائدة-97]

*

و زيادة في التأكيد يقول*الله*سبحانه*وتعالى أن الهدي يجب أن يبلغ الكعبة:

*

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ*هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ*أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ*[المائدة-95]

*

هل الذبيحة تبلغ المكعب ال- 8 في 10 ؟ لا طبعاً . إذا المنطقي هو أن الكعبة ليست هي المكعب ال- 8 في 10 و- لكن هي البيت الحرام كله مثل ما قال الله حرفيا. ولذلك نجد نفس الكلام يتكرر والله يقول*أن محلها البيت يعني الكعبة:

*

لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج-33]

*

كل هذا أيضاً يؤكده قوله تعالى:

*

فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران-97]

*

لا يوجد أي آيات داخل المكعب ولا يدخل المكعب*غير أصدقاء آل سعود المقربين من زعماء الدول الطغاة من الملوك*والرؤساء وأتباعهم. وبالمنطق لا يمكن أن يكون مكعب 10 في 8 بدون نوافذ وله باب عال لا يدخله إلا الباشوات مكانا آمنا. الله سبحانه و تعالى لا يدعونا أبدا لتقديس الحجارة وتقبيلها و التمسح فيها. بما أن الكعبة*هي*البيت*الحرام*كله*وليس*المكعب. إذا المكعب الذي*يتمسح*فيه*الناس ما هو إلا وثن*باطل ورجس يجب اجتنابه.

*

ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج-30]

*

وبالفطرة لو كنت تسيرفي الشارع الذي*تسكن*فيه ووجدت مجموعة من الناس عاكفين على مكعب 8 في 10 واضعين في ركنه حجرا اسود في فتحة ويقومون باللف*حوله متدافعين يدوسون على بعضهم البعض لكي يتمسحوا ويقبلوا في حجارته بشغف، ماذا سوف تقول عليهم؟ أكيد بالفطرة سوف تقول عليهم مجانين، وسوف يقول كل من لديه ذرة من عقل نفس الشئ. الحجارة التي*لا تضر ولا تنفع واحدة والفعل واحد. ولكن الغرور يعمي*الناس عن فطرة الله.

*

من*الناحية التاريخية نجد أن المكعب هو صنم اللات إلهة الخصوبة عند العرب. و لذلك كان العرب قديما يعطون الشكل المكعب في بعض الأحيان ملامح أنثى كما*نرى في الصورة التالية:

*

*

صنم اللات

*

والقرآن يؤكد أن العرب كانوا يعبدون آلهة مؤنثة:

*

أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَوةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى [النجم-19-20]

*

العرب كانوا يتخذون المكعب رمزا للات و تجسيدا لها. و يصف كتاب الأصنام لابن الكلبي المكعب بأنه صنم اللات و يقول كانت صخرة مربعة. و بـالإضافة إلى المكعب الذي في مكة يوجد مكعبات أخرى في الجزيرة العربية و كلها ترمز للألهة الوثنية عند العرب. والعرب يسمون تلك الحجارة المكعبة "صخور الجن".

*

***

*

صخور الجن

*

والقرآن يؤكد أن المشركين يعبدون*الجن:

*

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ

قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ*كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ*أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ [سبأ-40-41]

*

من*الملاحظ أن الحجر الأسود بالتحديد يواجه الشروق الشتوي بكل*دقة. والشروق الشتوي هو موقع شروق الشمس في أقصر يوم في العام حين تولد الشمس من*جديد وترمز ولادتها إلى ولادة الهة الخصوبة عند الوثنيين. وكان*العرب الوثنيون*يحتفلون بولادة اللات في*السبوع الذي هو عادة قديمة وثنية ترجع إلى قبل العهد الإسلامي. في السبوع يتم الدوران بالمولود وهو في اللفة سبع مرات احتفالاً بولادته. كذلك كان يقوم الوثنيون بـالدوران حول مكعب اللات سبع مرات بينما الوثني يرتدي "لفة" غير مخاطة مثل*المولود.

*

كل هذه الطقوس والرموز خارجة عن القرآن وليس لها أي صلة بالحج المذكور بكل وضوح في القرآن الكريم وهي في الحقيقة وثنية. وباختصار شديد كلها متصلة باحتفال ولادة وثني:

*

1-*الدوران 7 مرات هو احد الطقوس الوثنية المعروفة من قديم الزمان للاحتفال بالميلاد حتى يومنا هذا في السبوع.

*

2-*الهرولة رمزاً للبحث عن ماء لمولود.

*

3-*اللات كانت إلهة خصوبة ولذلك هي مرتبطة بالشمس رمز الخصوبة عند الوثنيين. ولهذا نجد أن الحجر الأسود موجه بالضبط في اتجاه شروق الشمس الشتوي أي يوم ولادة الشمس من جديد.

*

4-*أنظر إلى صورة الحجر الأسود وسوف ترى أنه يبرز من فتحة طولية ترمز للعضو التناسلي المؤنث لحظة بروز رأس المولود المتمثلة في الحجر الأسود. قارن ذلك الشكل التشريحى المميز برسم علمي توضيحي من كتب طب النساء يبيبن لحظة بروز رأس المولود:

*

*

صورة*توضح*الشكل التشريحي*المميز للحجر الأسود و الفتحة التي*يبرز*منها مقارنة برسم علمي من كتب طب النساء يبين لحظة بروز رأس المولود عند الولادة و هي المعروفة طبيا بإسم*Crowning

*

5-*من المعروف عند العرب أن "تقبيل الرأس" هو رمز لطلب السماح والمغفرة . فالناس تقبل رأس الوثن المولود كما جرت العادة عند العرب لكي يغفر لهم ذنوبهم و يرجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم.

*

6-*الشخص الذي عاد كيوم ولدته أمه يرتدي "لفة" غير مخيطة ويلف 7 مرات احتفالا بالولادة مثل ما يفعل المولود في السبوع.

*

7- بينما كان العرب الوثنيون يقدسون الحجارة التي ترمز للات إلهة الخصوبة المؤنثة نجدهم يرجمون العمود المدبب رمز الذكورة.

*

8- عند المعابد الوثنية نجد*آثار قدمين توضع بـجانب معابد إلهة الخصوبة. وآثار القدمين هذه ترمز إلى خروج إلهة الخصوبة من المعبد في الربيع ولذلك تزين بالورود. ولو دققنا النظر عن قرب في صورة النقوش التي تزين الصنم المسمى باطلا مقام إبراهيم سنرى أنها أيضا مزينة برسم للورود.

*

***

*

صنم أثار القدمين بجوار معبد بودجايا الهندوسي مقارنة بالصنم المسمى باطلا مقام إبراهيم

*

أرجو أن يلاحظ القاريء أن كل هذه الطقوس والرموز ليست في القرآن العظيم من قريب أو بعيد. مثلاً الله سبحانه و تعالى لا يقول أبداً إن من يحج يغفر ذنبه كله ويرجع كيوم ولدته أمه. أي شخص عنده ذرة من الفطرة والتقوى باقية يجب أن ينزعج من منظر هذا الحجر الأسود الوثن النجس الذي يتمسح فيه الناس و يقبلونه وبالتأكيد سوف يتذكر الآيات التالية من سورة الحج:

*

ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ*فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ*وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ

حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [الحج-30-31]

*

الغريب أن من*يقدسون*الحجر الأسود هم أجهل الناس به. أولا تسمية الحجر الأسود غير*دقيقة لأنه في الواقع مجموعة حجارة صغيرة سوداء ملزوق بعضها ببعض بطمي كما نرى بأعيننا في هذه الصورة المقربة:

*

****

*

الحجارة السوداء الصغيرة الملزوقة بـبعضها لخداع الناس بـما يسمى بالحجر الأسود

*

ثانيا هذه الحجارة السوداء الصغيرة نوعها معروف واسمها العلمي*Tektites*ويمكن لأي شخص أن يشتريها من على النت بشوية دولارات و يقعد يبوس و يتمسح فيها على مزاجه.

*

و للأسف فإن الشيطان استطاع أن يستفز كثيرا من*الناس. ولقد اتبع كثير من**الرجال والنساء خطوات الشيطان، فعندما يتقدم بهم العمر يفعلون تلك الطقوس الوثنية ويقدسون الرجس من*الأوثان بـالتمسح بها وتقبيلها ظنا منهم أنهم بذلك يرجعون بلا ذنوب كيوم ولدتهم أمهاتهم. بينما هم في*الحقيقة كانوا يرتكبون الشرك الفاحش والذنب الوحيد الذي لا يغتفر ويجعلون من*أنفسهم وقود جهنم هم والحجارة التي يقدسونها. يا حسرة على الذين ضاعوا من*أجدادنا و أحبابنا ويكفي ما فرطنا في*جنب الله. لقد آن الأوان لكي نضع حد لهذا الشرك الفاحش ونقي أنفسنا واهلينا وأولادنا نار جهنم.

*

وذلك يقودنا إلى السؤال التالي. إذا كانت طقوس ما يسمى باطلا بالحج هي طقوس وثنية وليس*لها*علاقة بالقرآن إذا ما هو الحج الحقيقي من*القرآن؟

منقول

نسائم الرحمن
05-10-2015, 07:37 PM
مشكور اخي الفاضل على الطرح الطيب جزاك الله خيرا

ابو طلال
05-10-2015, 08:04 PM
شكرا على الموضوع القيم جزاكم الله كل خير

حسنة
08-10-2015, 11:37 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير

ماهيتاب السويدى
09-10-2015, 02:52 AM
شكرا على الموضوع القيم جزاكم الله كل خير

ايمن صديق
10-10-2015, 02:26 AM
جزاك الله اخي الفاضل ومتعك بالصحة والعافية

ترنيم
13-10-2015, 06:37 AM
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا على طرح هذا الموضوع الطيب

تبارك
14-10-2015, 07:19 PM
شكرا على الطرح الطيب العطر وجزاكم الله كل خير ونرجو المزيد

راجى عفو ربه
20-10-2015, 09:59 AM
نفعنا الله واياكم بما قرأنا