المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متي ليلة القدر



الشيخ / خالد الجعفري
06-10-2015, 09:42 AM
السؤال المتبقي من الباب الماضي*كان عن "متى الحج". وربما يكون من المدهش بالنسبة للقاريء أن الإجابة عن هذا السؤال سوف تحتاج إلى الإجابة عن توقيت ليلة*القدر وشهر رمضان، فكل التساؤلات سواء عن توقيت الحج أو عن ليلة*القدر متصلة ببعضها. وحين نقترب من الإجابة الصحيحة فإن هذا التواصل يبدأ في الوضوح ويتبلور في تناسق مدهش في القرآن كله.

*

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ

تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ

*

رغم أن القرآن يشير إلى أهمية ليلة القدر فلا يوجد إجماع على متى تقع ليلة القدر. فهناك تخبط واضح في هذا الموضوع. وهذا التخبط راجع لعدة أسباب منها على سبيل المثال أن الروايات في كتب الأحاديث من العصر العباسي وقت كان التقويم الهجري معروف ومستخدم. أما واقع الأمر فهو أن ليلة القدر في الأصل حدثت قبل ابتداع التقويم الهجري بل وقبل الهجرة نفسها.

*

كل عام جرت العادة على حدوث خلاف يصل في بعض الأحيان إلى الشجار بين البلاد التي تسمي بالإسلامية وحتى في نفس البلد بين الطوائف على توقيت شهر رمضان. وهذا العام كالمعتاد كان ما يسمى بـشهر رمضان متأخرا و متقدما**بيوم بين الناس.

*

تتوقف بداية شهر رمضان في العام الهجري على رؤية الهلال الجديد. هذه الرؤية غاية في الصعوبة حتى بالنسبة* للمتخصصين في علم الفلك وتحت أحسن الظروف المناخية. ولذلك عاش الغالبية العظمى من الناس وماتوا ولم يشهدوا هذا الهلال الجديد طوال حياتهم ولا يرون سوى الهلال بعد أن يكون عمره يوما أو إثنين. من المعروف أن تلك الصعوبة في رؤية الهلال هي السبب الأساسي للخلاف السنوي المعتاد على توقيت شهر رمضان. ما لا يعرفه أغلب الناس هو أن توقيت شهر رمضان الحالي يتوقف على عدة عوامل أخرى بجانب رؤية الهلال الجديد.

*

تحدثنا كتب التراث أن التاريخ الهجري الحالي قد ابتدع في عهد عمر بن الخطاب بعد وفاة الرسول بسنين. وقصة ابتداع التقويم الهجري باختصار هي كالتالي:

*

بعث أبو موسى الأشعري بخطاب إلى عمر بن الخطاب يقول فيه: "يا أمير المؤمنين إنك ترسل لنا كتبا يكون فيها الأمر من أمرك (يعني يقول افعل كذا بعد عشرة أيام أو* بعد خمسة عشرة* يوما)* يقول وليس فيها تاريخ فنحن لا ندري متى كتبتها وهل تأخر فيها الرسول أم تقدم فيشق ذلك علينا".

وفي يوم أيضا اقبل رجل إلى عمر بن الخطاب وكان* قد اختلف مع آخر في سداد دين..فنظر عمر إلى الصحيفة التي بينهما فإذا السداد في شهر شعبان فقال عمر شعبان القادم القريب أم شعبان الماضي الذي مضى أم شعبان الذي بعد سنة ..فاختلف المتكلمان كل واحد يريد أن يجر شعبان إلى السنة التي تخدمه هو وفي مصلحته..فشعر عمر بأهمية أن يجمع المسلمين على تاريخ معين. عندها جمع الصحابة وجعلوا يتحدثون ويبحثون عن حال من الأحوال أو موقف من المواقف أو تاريخ للمسلمين يستحق أن يستند التاريخ عليه..فقال بعضهم يا أمير المؤمنين نؤرخ بتاريخ الروم.....لماذا لا نؤرخ بتاريخهم ..الروم الآن يؤرخون وقد* وصلوا إلى سنة مثلا ثلاث مئة أربع مائه خمس مائه..نؤرخ بتاريخ الروم نصبح نحن والروم سواء..

.قال عمر... لا.. لا نحن نختلف عن الروم نحن مسلمون و نعبد الله وأولئك نصارى وكفار ..لا....أعطوني أمرا آخر

فقال بعضهم

نؤرخ يا أمير المؤمنين بتاريخ الملوك كلما ولي علينا ملك أو أمير نبدأ التاريخ من تاريخ ولايته.

فرفض عمر ذلك...فقال آخر نؤرخ من مولد رسول الله صل الله عليه وسلم ..فإذا بهم لم يتفقوا على تاريخ اليوم المحدد الذي ولد فيه النبي .. فلم يجمعوا عليه..فقالوا نؤرخ بوفاة النبي عليه الصلاة والسلام...فإذا هو تاريخ يعرفونه جميعا لكنه موقف حزين بالنسبة إليهم أن نؤرخ بوفاة النبي عليه الصلاة والسلام..فلم يرض عمر بذلك

فقال علي : من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وترك أرض الشرك (يعني يوم هاجر) ، فوافقه عمر

ثم قال عمر : بأي شهر نبدأ ؟ فقال قوم : من رجب ، وقال قائل : من رمضان ، فقال عثمان : أرخوا من المحرم فإنه شهر حرام وهو أول السنة ومنصرف الناس من الحج ، ففعله عمر.

*

وهكذا بدأ التاريخ الهجري.

*

وبغض النظر عن مدى صحة تلك الروايات والتي يتضح فيها التخبط والعشوائية، فالواضح أن توقيت ما يسمى حاليا بشهر رمضان يتوقف، إلى جانب رؤية الهلال الجديد، على عدة عوامل:

*

1-*العامل الاول هو بداية التأريخ والانتقال من السنة الشمسية إلى السنة القمرية. من المعروف أن السنة القمرية تتأخر شهرا كل ثلاث سنوات عن السنة الشمسية. ولذلك إذا كانت بداية السنة القمرية قد حدثت قبل ثلاث سنوات لأصبح ما نسميه حاليا رمضان يقع في وقت ما نسميه الآن شعبان. ولو حدثت بعد ثلاث سنوات لأصبح رمضان ما نسميه الان شوال وهكذا. لذلك تحديد بداية العمل بهذا التأريخ مثلا بالهجرة أو بآخر سنة في حياة الرسول سوف يغير متى يقع رمضان الآن. ولو افترضنا أن الانتقال قد حدث في سنة غيرسنة بداية التأريخ مثل ما يفترضه البعض وهو أن الانتقال للسنة القمرية حدث قبل وفاة الرسول مباشرة وأن التقويم قد بدأ بالهجرة اذا معنى ذلك أن هؤلاء الجماعة يقولون بطريق غير مباشر إن الرسول كان يصوم طول عمره في وقت خطأ*!

*

2-*عامل ثان يتوقف عليه توقيت شهر رمضان الحالي وهو متى تم تبني أسماء الشهور الإثنا عشرة و بأي شهر ابتدأت السنة. مثلا لو كانت السنة أبكر بشهر لأصبح رمضان أبكر بشهر. ولو كان رمضان هو الشهر رقم واحد لكنا صمنا ما نسميه الآن محرم.

*

3-*عامل ثالث يتوقف عليه توقيت شهر رمضان الحالي وهو ترتيب الشهور. مثلا كانت فصول السنة عند العرب في الجاهلية تنقسم إلى ستة أجزاء بالترتيب التالي: شتاء -* ربيع الاول - صيف - قيظ - ربيع الثاني - خريف. فان الملاحظ أن ربيع الاول وربيع الثاني لم يكونا متتاليين كما هو الحال الآن.

وفي الغالب تمت إعادة ترتيب الشهور بعد فصل التاريخ عن السنة الشمسية حين اصبحت تلك الاسماء بدون معنى ولا ترتبط بفصول السنة. ولذلك فليس من المستغرب أن ترتيب الشهور يتعارض مع القرآن. مثلا من الواضح من القرآن أن الاشهر الحرام متتابعة:

*

فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [التوبة-5]

*

من الواضح من تعبير "انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ" أن الأشهر الحرم وحدة متتابعة وليست متفرقة كما هوالحال في التقويم الهجري حيث رجب متأخر لحاله.

*

كما رأينا بالإضافة إلى رؤية الهلال الجديد ما نسميه حاليا بشهر رمضان يتوقف توقيته على ثلاث عوامل أخرى عشوائية تماما متوقفة على قرارات بشرية عشوائية مئة بالمئة. إذا من الناحية الواقعية والمنطقية فإن ما يسمى حاليا بشهر رمضان عشوائي ولا يوجد اختلاف بينه وبين صوم أي شهر عشوائي في السنة.

*

المشكلة في تحديد توقيت شهر رمضان بناء على قرارات بشرية عشوائية هي نفس المشكلة التي تواجه اليهود والمسيحيين في تحديد يومهم الأسبوعي المقدس. ما يجهله اغلب اليهود والمسيحيون هو أن الأسبوع لم يكن دائماً سبعة أيام في الماضي، فمثلًا كان الأسبوع في عهد قدماء المصريين عشرة أيام. وكانت وحدة تقسيم الايام تحدد بعدد الايام بين يوم السوق ويوم السوق الذي يليه. ولذلك كان الأسبوع يتراوح في العادة ما بين أربعة أيام وبين عشرين يوما، وهذا يعطي فرصة للزراع والصناع لتجديد مخزون سلعهم.

*

وتقسيم الأسبوع إلى وحدة مكونة من سبعة أيام بدأ باليهود لأنهم يعتقدون أن الله استراح في اليوم السابع، وأيضًا بالرومان الوثنيين الذين كانوا يقدسون خمسة كواكب إلى جانب الشمس والقمر ولذلك سموا الأيام بها. ولم يكن عند العرب في الجاهلية يوم من* أيام الأسبوع إسمه يوم الجمعة. ولذلك متى يقع اليوم المسمى حاليا بالجمعة أو السبت أوالأحد يتوقف على متى تم عشوائيا تبني الأسبوع ذي السبعة أيام وبأي يوم عشوائي بدأ وترتيب ايامه الذي هو أيضًا عشوائي. اذاً فتوقيت أيام الإسبوع هو بدعة عشوائية مائة بالمائة من صنع الإنسان والله سبحانه و تعالى بريء منها.

*

ولا بأس من تبني توقيت بشري عشوائي في أحوال الدنيا ولكن المشكلة هي في الإفتراء على الله بالكذب أنه أمرنا ان نصوم في توقيت عشوائي من صنع البشر أو أن نأخذ أجازة في يوم عشوائي كما يفعل اليهود. مثلا يوم الجمعة ليس يوم محدد في الأسبوع و لكنه أي وقت يكون الناس فيه مجتمعين مثل يوم السوق أو للتجهيز للحرب أو في جنازة. هذا هو معنى يوم الجمعة. أما ما ورد من معتقدات بخصوص يوم محدد من أيام الأسبوع مثلًا أن يوم الجمعة خلق فيه‏ ‏آدم وفيه تقوم الساعة إلى آخره من البدع التي تعج بها الروايات فهي افتراء كاذب على الله وافتراض بأن الله سبحانه وتعالى يخضع لقرارات البشر العشوائية*.

*

مشكلة أخرى في أي توقيت عشوائي هي أن الأخطاء التي تحدث في بداية تبنيها تكبر مع الوقت. ولذلك فإن التوقيت الفعال يجب أن يكون منضبطا تلقائياً بغض النظر عن أي قرارات بشرية،* وأن يسمح للذين آمنوا في أي زمان وأي مكان أن يطيعوا الله بشكل صحيح بصرف النظر عن ما فعله أو لم يفعله أسلافهم. كما رأينا هذا مستحيل في التقويم الهجري الحالي الذي يتوقف على عدة قرارات عشوائية مئة بالمئة من صنع البشر. مشكلة أخرى هي أن الناس عموما سواء في الماضي أو الحاضر يستخدمون تقويمات مختلفة. ولذلك فإن أي أمر صالح لكل زمان ومكان يجب أن يكون على أساس ظواهر كونية واضحة وليس على أساس التقويمات العشوائية التي من صنع الإنسان.

*

والآن بعد أن قدمنا المشكلة ، دعونا ننظر معا في القرآن لإيجاد الحل إن شاء الله.

*

شهر رمضان:

*

شَهْرُ رَمَضَانَ*الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة-185]

*

مفتاح فهم هذه الآية الكريمة هو فهم معنى تعبير "شهر رمضان". هذا ما يقوله لسان العرب عن المعنى الأصلي لكلمة شهر:

*

شهر (لسان العرب: )

والشَّهْرُ القَمَر، سمي بذلك لشُهرته وظُهوره، وقيل: إِذا ظهر وقارَب الكمال.

*

من الواضح من لسان العرب أن المعنى الأصلي لكلمة "شهر" ليس له علاقة بما يسمى الآن شهرا في التقويم الهجري أو الميلادي ولكن معناه هو أكثر الظواهر الكونية وضوحا في السماء وهو القمر حين يظهر و يكتمل. بالإضافة إلى هذا هناك معان أخرى من لسان العرب كلها تتفق مع هذا المعنى و تؤكده:

*

الشُّهْرَة وُضُوح الأَمر

ورجل شَهِير ومشهور: معروف المكان مذكور

وامرأَة شَهِيرة: وهي العَرِيضة الضخمة

*

كما نري عن طريق دراسة أصل الكلمة نستطيع ان نجزم بأن الشهر هو القمر الكامل الواضح المعروف لكل الناس والعريض الضخم و ليس الهلال الوليد الغير واضح والنحيف الذي لا يراه أبداً الغالبية العظمى من الناس طوال حياتهم.

*

والله سبحانه وتعالى يقول لنا بكل تحديد كيف نشهد القمر الكامل أي الشهر كما هو واضح في الايات التالية:

*

فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ**[الإنشقاق-16]

*

الشفق يحدث بعد الغروب في جهة غروب الشمس حيث يأخذ الأفق اللون الأحمر.

*

وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ**[الإنشقاق-17]

*

و من الجهة المقابلة من الشفق يأتي ظلام الليل.

*

وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ**[الإنشقاق-18]

*

بعد الغروب ومن هذه الجهة بالضبط في مقابل جهة الغروب يشهد القمر الكامل المتسق أي الشهر.

*

كما أشرنا من قبل ، مفتاح فهم هذه الاية الكريمة هو فهم معنى "شهر رمضان". وللأسف يتخذ الناس كلمة "رمضان" كإسم علم فارغ لا معنى له بشكل تلقائي وبدون أدنى تفكير.* فلفظ "رمضان" مشتق من "رمض" وهذا ما يقوله لسان العرب عن معنى "رمض" ومشتقاتها:

*

والرَّمَضُ حَرُّ الحجارة من شدّة حَرّ الشمس

والرَّمَضُ شدة وَقْع الشمس على الرمل وغيره: والأَرضُ رَمْضاءُ.

والحَصى رَمِضٌ، والرِّيحُ ساكنةٌ، والظِّلُّ مُعْتَدِلُ

ورَمِضَتْ قَدَمُه من الرمْضاءِ أَي احترَقَتْ.

لما نقلوا أَسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأَزمنة التي هي فيها فوافَقَ رمضانُ أَيامَ رَمَضِ الحرّ وشدّته فسمّي به.

*

كما نرى فإن مفهوم "رمضان" هو شدة الحر وارتفاع الشمس حين يكون الظل معتدلا. بالإضافة إلى هذا* فإن لفظ "رمضان" يدل أيضًا على احمرار العين حين تلتهب كما نرى من المعاني التالية من لسان العرب:

*

فلم تَكْتَحِلْ حتى كادَتْ عيناها تَرْمَضانِ

تَشَكَّتْ عَيْنَيْها حتى كادتْ تَرْمَضُ

*

من القرآن يمكن أن نتأكد من أن رمضان له علاقة بالوقت الحار من السنة:

*

فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ*لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ*قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ

فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ

فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ

وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ

وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ

وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ*أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ*[التوبة-81-86]

*

من الايات البينات نرى بوضوح أن وقت إنزال سورة من القرآن كان وقت حر. و كما نعلم فإن شهر رمضان أنزل فيه القرآن.*وهنا يجب توضيح الفرق بين الإنزال والتنزيل. فالقرآن أنزل في شهر رمضان بينما التنزيل كان مستمرا على قلب الرسول.* الايات من التوبة تتحدث عن الإنزال مثل ما تتحدث سورة البقرة 185 عن الإنزال في سياق شهر رمضان.

*

السؤال التالي هو متى يبدأ الحر؟ علمياً ومن المعروف يبدأ الحر بعد الانقلاب الصيفي. وهذا هو الوقت الذي تكون الشمس فيه أكثر ارتفاعاً و الظل يكون أكثر اعتدالاً كما أشار لسان العرب في*سياق شرح رمضان:

*

والحَصى رَمِضٌ، والرِّيحُ ساكنةٌ، والظِّلُّ مُعْتَدِلُ

*

من المدهش أن القمر الكامل بعد الانقلاب الصيفي، بالإضافة إلى أنه يعلن بداية الطقس الحار، فإنه يأخذ مسارا أكثر انخفضا في السماء من بقية شهور السنة. هذه الخاصية تعطي شهر رمضان لونا أحمر مميزا أكثر من*بقية شهور السنة. بالإضافة إلى هذا فإن العقل البشري مبرمج على رؤية هذا القمر الكامل كأنه أكبر من المعتاد. إذاً هذا الشهر ذو اللون الاحمر المميز الذي يعلن بداية الحر ويبدو أكبر حجما من بقية شهور السنة هو أكثر الظواهر الكونية وضوحا في السماء وبالتالي أسهل رؤية* ويمكن أن يشهده الناس.

*

الآية الكريمة تقول بكل وضوح " فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ " ولا تقول من لم يشهد شيئا فليصمه. بهذا الفهم يمكن الآن لأي شخص أن يشهد بنفسه شهر رمضان بكل دقة وبغض النظر عن أي تقويم مبني على قرارات بشرية. بالإضافة إلى ذلك لن يحدث أبدا أي خلاف على متى يقع الشهر إذ، بعكس الهلال الجديد ، لم يختلف أثنان أبدا على القمر الكامل.

*

و السؤال التالي هو هل السنة شمسية أم قمرية؟

*

هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [يونس-5]

*

من الآية الكريمة يبدو أن الشمس والقمر لهما دور في معرفة السنين. تعالوا نقرأ آية أخرى لتوضيح الأية السابقة:

*

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً**[الإسراء-12]

*

يتوقف الليل والنهار بالطبع على الشمس وليس على القمر. إذا الاية الكريمة تشير بوضوح إلى أن السنة أساسا شمسية. والطريقة الوحيدة التي يمكن بها معرفة السنة من الليل والنهار هي أن تكون السنة الفترة مابين أقصر ليل وأطول نهار وما يليه من أقصر ليل وأطول نهار أو أقصر نهار وأطول ليل وما يليه من أقصر نهار وأطول ليل. هاتان العلامتان هما ما نعرفه بالانقلاب الصيفي والانقلاب الشتوي. كما رأينا لاحقا فإن شهر رمضان يشير إلى الانقلاب الصيفي حين يبدأ الحر. بالتالي فإن السنة في القرآن تبدأ من الانقلاب الصيفي وأول شهر فيها هو شهر رمضان وكما ذكرنا سابقا فهو أكثر الشهور وضوحا وسهولة في الرؤية.

*

ماذا عن الهلال؟

*

هذه الآية من* الآيات التي لا تفسر في كثير من الاحوال بـطريقة صحيحة:

*

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [البقرة-189]

*

أغلب الناس يظنون خطأ ان الهلال هو القمر الجديد في الدورة القمرية. في الواقع الأهلة جمع هلال وهو القمر سواء في أول الدورة القمرية أو في نهايتها.

*

ومن المستغرب أنه على الرغم من أن الآية تقول بكل وضوح إن الأهلة مواقيت للحج فإن أغلب الناس يضربون بـالآية عرض الحائط ويبدأون ما يسمونه بالحج يوم 8 من ذي الحجة وليس مع الهلال وينهونه في 13 من ذي الحجة وليس مع الهلال. إذاً التوقيت الحالي منكراً لكلام الله ولا يتبعه بل ويتجاهله كاملاً.

*

الآية التالية تتحدث عن الميقات وتوضحه:

*

وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ [الاعراف-142]

*

من الواضح من الآية أن الميقات هي فترة معينة يجب أن تتم وبالطبع إتمام الميقات يكون في نهايته. نحن أيضًا نسمع عن أن العشرة تكون تامة في الأية التالية:

*

قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [القصص-27]

*

أيضًا الأية التالية تتحدث عن أن العشرة تكون كاملة:

*

وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [البقرة-196]

*

كما نرى فالحج ثلاثة أيام لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام أما بالنسبة لمن أهله حاضرو المسجد الحرام* فواضح من الاية الكريمة أن الحج يكون عشرة أيام. نحن أيضًا نعلم أن الحج أيام معدودات:

*

وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [البقرة-203]

*

كلمة "معدودات" تدل على القلة بعكس "عديدة" التي تدل على الكثرة. و"تعجل في يومين" تدل على أن الأيام المعدودات تبدأ من ثلاثة. وكما رأينا من الاية السابقة فالحج لمن أهله حاضرو المسجد الحرام يكون عشرة أيام. إذا الأيام المعدودات هي ما بين ثلاثة وعشرة أيام. وبالتالي كمالة الأيام المعدودات تكون عشرة أيام. السؤال الآن هو كيف يتم استخدام الهلال في توقيت العشرة أيام الكاملة للحج؟*

*

في الواقع فإن الطريقة الوحيدة لاستخدام الهلال في توقيت عشرة أيام الحج هي أن تكون فترة الحج تنتهي بالهلال و تبدأ بالقمر الكامل. فمن المعروف أن القمر الكامل يأخذ في*النزول*في الحجم حتى يصبح هلالا بعد عشرة أيام. و هذا ما تصفه الآية التالية:

*

وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ*مَنَازِلَ*حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس-39]

*

هنا الأية تصف بوضوح*نزول*القمر تدريجيا في الحجم حتى يصبح شكله كالعرجون القديم وهو شكل الهلال. ومنطقيا بداية نزول حجم القمر لا تكون إلا من القمر الكامل أي الشهر. بهذا الفهم الصحيح يمكن الآن أن نرى بوضوح العلاقة بين أول الاية و بين المثل الذي يضربه الله سبحانه وتعالى لنا في الأية الكريمة:

*

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [البقرة-189]

*

باب البيت الأمامي الذي يجب أن يدخل الناس منه هو واضح بالضبط مثل القمر الكامل. أما الخروج فلا بأس أن يكون من الباب الخلفي الغير واضح مثل الهلال. من هذا المنطلق يمكن أن نرى أن الهلال أيضًا يوقت فترة الصيام:

*

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة-183-185]

*

كما رأينا سابقا فإن شهر رمضان يحدد بداية الصوم. والصوم يكون لفترة إكمال عدة أيام معدودات أي عشرة أيام أي الفترة التي يأخذها القمر الكامل في النزول في الحجم حتى يصبح هلالا.

*

ماذا عن الأشهر الحرام؟

*

يزعم بعض الناس أن السنة اصبحت قمرية لتجنب النسيء بناء على الآية التالية:

*

إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [التوبة-37]

*

في الواقع لا يوجد اتفاق فقهي على ما هو النسيء و لكن لغويا النسيء يعني التأخير:

*

نسيء (مقاييس اللغة) :

وَالنَّسيء في كتاب الله: التَّأخِير، كانُوا إذا صَدَروا عن مِنىً يقوم رجلٌ من كنانة فيقول: أنا الذي لا يُرَدُّ لي قضاء. فيقولون: أنسِئْنَا شهراً، أي أخر عَنَّا حُرمةَ المحرَّم فاجعَلْها في صَفَر.

*

و التأخير ممكن أن يحدث سواء كانت السنة شمسية أو قمرية. مثلا كما رأينا في التقويم الهجري الحالي رجب تم تأخيره خمسة شهور عن بقية الأشهر الحرم التي من المفروض أن تكون متتابعة. وذلك التأخير العشوائي هو زيادة في الكفر لانتهاك ما حرم الله. وهذه الآية الكريمة تعطي الطريقة المثلى لعد الشهور بنظام صحيح:

*

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ*[التوبة-36]

*

لنفهم المقصود من الآية يجب أولا أن نفهم أن هناك اختلافا ما بين العدة والعدد. فبينما العدد رقم مطلق (اسم) فالعدة تنطوي على فعل العد (مصدر). والله يوضح لنا هذا من الآيات التي تتحدث عن عدة النساء المطلقات.

*

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا* [الطلاق-1]

*

من الواضح كما رأينا سابقا فإن العدة تشتمل على فعل العد، ومن هنا وجب اتخاذ الدقة، ولذلك جاء الأمر "وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ". أما بالنسبة للعدد فمنطقيا مسألة الدقة غير واردة. والآيات التالية تقول لنا ما هي عدة المطلقات:

*

لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ**[البقرة-226-228]

*

قبل الطلاق يجب أن يكون هناك هدنة أو فترة لتهدئة النفوس. وهذه المرحلة الأولى هي تربص أربعة أشهر. بعد ذلك إذا مازالوا مصرين على الطلاق فيتم الطلاق.* وبعد الطلاق تتربص المطلقة بنفسها ثلاثة قروء أي ثلاث أحداث حيض. من الواضح من الآيات أن طريقة عد الأشهر هي نفس طريقة عد القروء و لذلك نفس الفعل "تربص" مستخدم في الحالتين. بمعنى أن الأشهر أحداث مثل القروء وهذا يؤكد أن الشهر هو حدث القمر الكامل و ليس فترة 28 أو 29 أو 30 أو 31 يوم.

*

إذا كيف نعد اثني عشر شهرا ؟ بالنسبة لعدة المطلقة العدة تبدأ من وقت الطلاق. كما رأينا سابقا السنة تبدأ من الانقلاب الصيفي. وبدءً من الإنقلاب الصيفي نعد 12 شهرا (أي 12 قمرا كاملا) بالضبط كل سنة. وفي السنين التي أحيانا يكون فيها 13 قمر كامل نتخطى الشهر الثالث عشر ولا نعده و نعد 12 فقط كما أمرنا الله. بهذه الطريقة تتسق الدورة القمرية مع الدورة الشمسية تلقائياً بدون أي مجهود وبكل بساطة و بدون الاعتماد على قرارات بشرية عشوائية.

*

*

وبالمقارنة نجد أن بداية العد في التقويم الهجري كانت من وقت تبنيه ولم يقف العد عند 12 كما أمر الله ولكنه مستمر حتى الآن حتى أصبح في الآلاف. كل ما يفعله التقويم الهجري هو أنه يعيد استخدام أسماء الشهور كل* 12 إسم وهي مجرد أسماء أصبحت بدون معنى على أي حال.

*

و الآن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أي الأشهر هي الأشهر الحرم؟

*

من الملاحظ أن سياق سورة التوبة هو عن قتال المشركين الذين أخرجوا المؤمنين وطعنوا في دينهم ليردوهم عنه:

*

وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ

أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ

قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ [التوبة-12-13]

*

و كما رأينا في بداية سورة التوبة تبرأ الله ورسوله من العهد الذي قطعه المؤمنون مع المشركين والذي منع المؤمنين من القتال وقت الأشهر الحرم. أما قرب نهاية التوبة نأتي إلى المعركة الكبيرة التي سوف تحدث وقت الحر وقت إنزال سورة من القرآن بخصوص إخراج المشركين للمؤمنين والطعن في دينهم ليردوهم عنه. نفس هذا السياق نراه في سورة البقرة الآية 217:

*

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ**[البقرة-217]

*

إذاً حين يسأل المؤمنون عن القتال في الشهر الحرام كان هذا بعد انسلاخ الأشهر الحرم الماضية في أول التوبة التي لم يكن هناك قتال فيها. إذاً السؤال كان عن قتال كبير في أول شهر حرام قادم بعد انسلاخ الأشهر الحرم الماضية. وكما رأينا من سورة التوبة آية 81-86* فإن هذا القتال الكبير الذي خاف منه المنافقون حدث في وقت حر وإنزال سورة وهو وقت شهر رمضان. إذاً يمكن الاستنتاج أن شهر رمضان هو أول الأشهر الحرم. إذا الأشهر الحرام هي شهر رمضان والأشهر الثالثة التي تليه. وفي الفترة المحددة بتلك الأشهر الأربعة الحرم يكون الصيد محرما:

*

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ*[المائدة-95]

*

في الوقت الحار من السنة تبدأ الحيوانات حديثة الولادة في استكشاف بيئتها. و تلك الحيوانات الصغيرة تكون عديمة الخبرة وضعيفة ولذلك يسهل صيدها. بالإضافة إلى ذلك في الوقت الحار من السنة تكون تلك الحيوانات الصغيرة مجهدة ومن شدة عطشها قد لا تلتفت للصياد حين يكون بانتظارها عند مصدر الماء. ولقد كان العرب يصطادون في وقت الرمضاء أو الحر (وهو كما رأينا مؤقت بشهر رمضان) بطريقة غير إنسانية يصفها لنا لسان العرب تحت كلمة رمض:

*

والتَّرَمُّضُ صَيْدُ الظبي في وقت الهاجرة تتبعه حتى إِذا تَفَسَّخَت قوائمُه من شدة الحر أَخذته.

وترَمَّضْنا الصيْدَ: رَمَيْناه في الرمضاء حتى احترقت قوائمُه فأَخذناه.

*

وهذه الطريقة تسمح للصياد أن ينال الصيد بسهولة بيده بدون حتى استخدام السلاح كما تصف الآية الكريمة التالية:

*

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ**[المائدة-94]

*

و لذلك فليس من المستغرب أن يتفق توقيت الأشهر الحرم مع ما نعرفه علميا عن أفضل وقت لمنع الصيد للحفاظ على توازن البيئة وحماية الحيوانات والطيور البرية. بطبيعة الحال، فإن تفسير الآيات يشير إلى أن فترة الحر وتحريم الصيد أو الأشهر الحرم ستكون مختلفة بين جنوب وشمال نصف الكرة الأرضية. هذا طبيعي لأن الهدف هو حماية الحيوانات البرية سواء كانت في جنوب نصف الكرة الأرضية أو شماله*.

*

من ناحية أخرى فمن المعلوم أن في الوقت الحر من السنة تكون الأنعام متوفرة بكثرة، كما أنه موسم حصاد الخضروات والفاكهة. وهذا يغني عن الصيد ويعطي فرصة أفضل للحاج أن يأكل ويطعم الفقير. وهذا يتفق تماما مع الهدف الرئيسي من الحج كما هو واضح من الآية 28 من سورة الحج:

*

لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ* [الحج-28]

*

لذلك فإن الحج أشهر معلومات لكل الناس في كل الحضارات والأزمنة وهي أشهر الحصاد في الوقت الحر من السنة حين تكون الأنعام والطعام متوفر بكثرة والناس يشكرون الله على ما رزقهم ويطعموا الفقراء:

*

الْحَجُّ*أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ*فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة-197]

*

كما وضحنا سابقا فإن أول شهر حرام هو شهر الصوم* وبالتالي تكون الثلاثة أشهر التالية للحج ويمكن فرض الحج في أي من هذه الأشهر. وفترة الحج هي كما رأينا هي الايام العشرة* بين الشهر (أي القمر الكامل) والهلال. وهكذا نرى كيف أن الهلال يوقت الحج.

*

الله سبحانه وتعالى أعطانا علامة شهر رمضان وهي أوضح حدث كوني في السماء ممكن أن يشهده كل الناس. توقيت شهر رمضان مستقل عن أي تقويم بشري سواء روماني أو فارسي أو هجري أو ميلادي، وبالتالي هو مستقل عن أي قرارات بشرية عشوائية. شهر رمضان الذي هو القمر الكامل أحمر اللون يأتي مباشرة بعد الانقلاب الصيفي ويبدو كبير الحجم ومن الممكن لأي شخص شهادته حتى لو كان يعيش في مجتمع بدائي ليس له القدرة على استخدام الكمبيوتر للحساب الفلكي. هذه العلامة تسمح للذين آمنوا في أي زمان أن يطيعوا الله ويصححوا التقويم بغض النظر عن ما فعله أسلافهم أو لم يفعلوه. هذا النظام التقويمي من القرآن سليم ومتين ولا يتأثر بأخطاء السلف ولا يخضع لقراراتهم العشوائية في الماضي أو الحاضر أو المستقبل.

*

بعد إتمام هذا البحث يقع كل شيء تلقائياً في المكان المناسب، ومن الممكن أن يستنتج القاريء المتابع بنفسه متى تقع ليلة القدر:

*

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا*أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ** وَمَا أَدْرَاكَ مَا*لَيْلَةُ الْقَدْرِ** لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ

تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ

*

وَالْقَمَرَ*قَدَّرْنَاهُ*مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس-39]

*

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ*هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة-185]

*

الله أنزل القرآن في ليلة تقدير نزول حجم القمر الكامل بعد الانقلاب الصيفي الذي هو شهر رمضان. لاحظ أيضًا أن ليلة القدر (أي ليلة شهر رمضان) سلام حتى مطلع الفجر:

*

سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ*الْفَجْرِ*[القدر-5]

*

نسمع أيضًا عن الفجر في الآيات التالية:

*

وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ [الفجر-1-3]

*

الفجر هو النقطة المشتركة. ولذلك نحن عندنا ليلة القدر ثم الفجر ثم عشر ليال وتلك الليال ال-11 (وتر) تحدد أيام الصيام ال-10 (شفع). أيضا في الليال العشر*ينزل القمر الكامل في*الحجم حتى يصبح كالعرجون القديم (الهلال).

*

*

*

الصيام يكون من*الفجر إلى الليل:

*

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ*ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ*وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [البقرة-187]

*

والليل يبدء من*غروب الشمس حيث يولج الله الليل في*النهار:

*

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [لقمان-29]

*

خلاصة الهدف من صيام شهر رمضان تكمن في "لعلكم تتقون".

*

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ*لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ*هُدًى*لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ*الْهُدَى*وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا*هَدَاكُمْ*وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة-183-185]

*

لاحظ أن الصيام كتب علينا أي أننا نعرفه من خلال كتاب الله وليس من خلال الاتباع الأعمى للتقويم الهجري أو الإجماع. وبالطبع فإن ليلة القدر ترتبط معرفتها بالمؤمن الحقيقي وبشائرها تكمن في معرفتها. لذلك لاحظ أيضا التأكيد على الهدى في الآيات وأن معرفة شهر رمضان والصيام وعدته هو من هدى الله. ذلك من الصعب شرحه ولكن أرجو أن يتفكر القاريء كيف يهدي الله الإنسان لفهم أفضل للقرآن يربط نزول القرآن نفسه بـتوقيت دقيق ومحدد من المستحيل معرفته عن طريق الاتباع الأعمى وبدون تدبر آيات الله في القرآن والكون. وحين نهتدي يتضح لنا أن آيات الله كلها مرتبطة ببعضها. هذا هدى الله.

منقول
*

زرقاء اليمامة
06-10-2015, 10:05 AM
شكرا على الموضوع الطيب سلمت اياديكم

نسائم الرحمن
06-10-2015, 10:40 AM
مشكور اخي الفاضل على مواضيعك الاسلامية القيمة نفعنا الله بك وفي ميزان حسناتك

شريف عرفة
06-10-2015, 11:26 AM
بارك الله فيكم وعليكم

وعد المحبة
06-10-2015, 12:09 PM
بارك الله فيك اخي الفاضل الشيخ خالد واثابك وننتظر جديدك

ايمن صديق
10-10-2015, 02:19 AM
جزاك الله اخي الفاضل ومتعك بالصحة والعافية

ترنيم
13-10-2015, 06:36 AM
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا على طرح هذا الموضوع الطيب

تبارك
14-10-2015, 07:13 PM
شكرا على الطرح الطيب العطر وجزاكم الله كل خير ونرجو المزيد

راجى عفو ربه
20-10-2015, 10:00 AM
موضوع ثري ومفيد