سامر سويلم
21-12-2015, 03:09 PM
يروى أنه كان هناك سارق ماهر في سرقة الجواهر الثمينة.. وكان بارعا في تحيُّن الفرص من متابعة أخبار التجار وكبار الزبائن ومواعيد عقد الصفقات وما إلى ذلك..
وفي إحدى المرات علم بقدوم زبون يريد اقتناء أضخم وأثمن جوهرة في السوق آنذاك.. فترصده وتابع كل حركاته وسكناته إلى أن انتهى ذلك الشخص من عملية الشراء وقفل راجعا إلى بلدته بواسطة القطار.. ونظراً لشساعة البلد فإن الرحلة تدوم 3 أيام، استغلها سارقنا في تخطيط استراتيجية محكمة للظفر بالجوهرة النادرة..
لكن وللأسف الشديد، ورغم كل الحيل والتكتيكات والمقالب ورغم أنه فتش كل ما يمكنه تفتيشه من حقائب الرجل إلى ثيابه إلى كل مكان انتقل إليه، إلا أنه أخفق في العثور على الجوهرة..
وبعد وصول القطار، نزل ذلك الرجل متوجها إلى المحطة.. فتبعه اللص المحترف وهو يضرب كفا على كف.. فهذه أول مرة في حياته يخيب مسعاه بهذا الشكل.. وأخيرا قرر أن يصارح الرجل، فقط لمعرفة سبب فشله.. فلحقه وروى له القصة بكاملها طالبا منه أن يقول له فقط أين وضع الجوهرة..
حينئذ التفت إليه الرجل مبتسما ودون أن يمنحه وقتا للحركة أدخل يده في جيب السارق وأخرج الجوهرة قائلا: "طبعا هذا آخر مكان كنت ستفتش فيه.. أليس كذلك؟" وانطلق مهرولا ومقهقها..
***
تذكرت هذه القصة الطريفة وأنا أطالع إحدى رسائل شيخنا الجليل في "كتاب الكتب"، يردّ بها على أحد مراسليه.. وهي هذه :
***
بسم الله الرحمن الرحيم
من فلان إلى فلان، سلام عليك..
أما بعد..
يا أخي فإن العيون ثلاث: عين الوجه وقيْدُه بالجهة.. وعين العقل وقيده بالفكر.. وعين القلب وقيده بالكشف..
فكلّ عين مقيدة وهو لا يتقيد.. فبأي عين تراه؟
عين القلب مجاله في الغيب.. وعين الوجه مجاله في الشهادة.. وعين العقل مجاله في الطلب..
وهو خالق الغيب والشهادة والطلب.. وما ثَمَّ عين رابعة.. فأين العين التي تدركه؟
يا أخي مشهودك فيك وهو صورتك.. لكنك لا تراها إلا فيه.. وإن لم ترَه لم ترَها (فلا تعْلَمُ نفْسٌ ما أُخْفِيَ لهم من قُرّةِ أعيُنٍ) [السجدة - 17]..
فيك أخفى مطلوبَك وأنت حاملُه أبداً ولا تعرِف.. فابحثْ على هذا المشهد الذي نبهتُك عليه.. فلقد دَلَلْتُك على أمر عظيم..
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
***
ولعل أبلغ بيت قرأته للشيخ في هذا المعنى، وهو جامع مانع من "كتاب الإسرا" هو هذا:
يا طالباً لطــريق السرِّ تقصِــدُه *** ارجِعْ وراك ففيك السرُّ أجمعُه
عبد الحكيم
وفي إحدى المرات علم بقدوم زبون يريد اقتناء أضخم وأثمن جوهرة في السوق آنذاك.. فترصده وتابع كل حركاته وسكناته إلى أن انتهى ذلك الشخص من عملية الشراء وقفل راجعا إلى بلدته بواسطة القطار.. ونظراً لشساعة البلد فإن الرحلة تدوم 3 أيام، استغلها سارقنا في تخطيط استراتيجية محكمة للظفر بالجوهرة النادرة..
لكن وللأسف الشديد، ورغم كل الحيل والتكتيكات والمقالب ورغم أنه فتش كل ما يمكنه تفتيشه من حقائب الرجل إلى ثيابه إلى كل مكان انتقل إليه، إلا أنه أخفق في العثور على الجوهرة..
وبعد وصول القطار، نزل ذلك الرجل متوجها إلى المحطة.. فتبعه اللص المحترف وهو يضرب كفا على كف.. فهذه أول مرة في حياته يخيب مسعاه بهذا الشكل.. وأخيرا قرر أن يصارح الرجل، فقط لمعرفة سبب فشله.. فلحقه وروى له القصة بكاملها طالبا منه أن يقول له فقط أين وضع الجوهرة..
حينئذ التفت إليه الرجل مبتسما ودون أن يمنحه وقتا للحركة أدخل يده في جيب السارق وأخرج الجوهرة قائلا: "طبعا هذا آخر مكان كنت ستفتش فيه.. أليس كذلك؟" وانطلق مهرولا ومقهقها..
***
تذكرت هذه القصة الطريفة وأنا أطالع إحدى رسائل شيخنا الجليل في "كتاب الكتب"، يردّ بها على أحد مراسليه.. وهي هذه :
***
بسم الله الرحمن الرحيم
من فلان إلى فلان، سلام عليك..
أما بعد..
يا أخي فإن العيون ثلاث: عين الوجه وقيْدُه بالجهة.. وعين العقل وقيده بالفكر.. وعين القلب وقيده بالكشف..
فكلّ عين مقيدة وهو لا يتقيد.. فبأي عين تراه؟
عين القلب مجاله في الغيب.. وعين الوجه مجاله في الشهادة.. وعين العقل مجاله في الطلب..
وهو خالق الغيب والشهادة والطلب.. وما ثَمَّ عين رابعة.. فأين العين التي تدركه؟
يا أخي مشهودك فيك وهو صورتك.. لكنك لا تراها إلا فيه.. وإن لم ترَه لم ترَها (فلا تعْلَمُ نفْسٌ ما أُخْفِيَ لهم من قُرّةِ أعيُنٍ) [السجدة - 17]..
فيك أخفى مطلوبَك وأنت حاملُه أبداً ولا تعرِف.. فابحثْ على هذا المشهد الذي نبهتُك عليه.. فلقد دَلَلْتُك على أمر عظيم..
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
***
ولعل أبلغ بيت قرأته للشيخ في هذا المعنى، وهو جامع مانع من "كتاب الإسرا" هو هذا:
يا طالباً لطــريق السرِّ تقصِــدُه *** ارجِعْ وراك ففيك السرُّ أجمعُه
عبد الحكيم