المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفات المربي جزء التاني



هداية الله المغربى
15-02-2016, 03:39 PM
الأسئلة


بيان سوء تصرف بعض المدرسين في خطابهم لتلاميذهم

السؤال: ما رأيكم في بعض الإخوة المدرسين الذين يخاطبون الشباب بألفاظ سوقية ساقطة لا تليق بإنسان، فضلاً عن كونه مدرساً معلماً؟الجواب: هذه صورة لا تليق أبداً، وصورة من غرس الخلق السيئ عند الناس، إن المعلم يستطيع أن يتحدث كثيراً مع طلابه عن الخلق الحسن، وعن حسن الخلق، لكنه سرعان ما يهدم هذا بكلمة واحدة يقولها حين يغضب، فيواجه هذا الطالب بكلمات نابية، أو -بمصطلح شرعي- بكلمات فاحشة.لقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذن، فقال: (ائذنوا له بئس أخو العشيرة، فلما دخل هش له النبي صلى الله عليه وسلم وبش، فسألته عائشة عن ذلك، فقال: يا عائشة ! متى عهدتني فاحشاً؟!) أي: هل علمت مني الفحش في القول؟! وفي رواية أخرى قال: (يا عائشة ! شر الناس من ودعه الناس اتقاء فحشه).إن من يتركه الناس حتى لا يغلظ عليهم، وحتى لا يفحش شره عليهم من شر الناس وسوء الناس، عافانا الله وإياكم، فحين يهاب الناس لسانك وسلاطته، فاعلم أن هذا أمارة على أنك من شرار الناس، عافانا الله وإياكم، وذلك لا يليق أبداً بالمربي. نحن نريد أن نربي طلابنا على الحلم، والأناة، وحسن الخلق، لكننا أحياناً لأجل قضية تافهة -كما لو أن هذا الطالب ما أدى الواجب، أو ما حفظ، أو تأخر، أو حصل منه أي خطأ- لا نفترض في الطالب إلا أن يقع في الخطأ، فتجد المدرس أحياناً يغضب، وقد يتكلم بكلمات غير لائقة، ويخرج عن الحدود فعلاً، وعن الأدب الذي يليق بالإنسان، فضلاً عن المسلم، فضلاً عمن يتصدى ويوجه للتربية، وأحرى بهؤلاء أن يُربَّو فضلاً عن أن يكونوا مربين للجيل.

مكانة الضرب البدني في العملية التربوية

السؤال: نريد توضيحاً شافياً لقضية استخدام العقاب البدني في التربية من منظور الشرع، ونرجو إلقاء الضوء على ثمرة التعاون بين المربين والمعلمين خاصة، ونسأل الله أن يثيبكم؟الجواب: أولاً: الشرع جاء بالضرب كوسيلة للتربية في الحدود، فهناك من الحدود ما يستوجب الجلد، كما في حد القاذف، والزاني البكر، وشارب الخمر، وجاء الشرع بالإذن بالضرب في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله).والصحيح في قوله: (حد من حدود الله) أن المقصود به: أوامر الله ومعاصيه، وليس المقصود بذلك الحد العقوبة المقدرة، وإلا فلا يجوز أن يعزر الإنسان بأكثر من عشرة أسواط، فحينما يقع الشخص في خطأ يجوز أن يعاقب، لكن لا يجوز أن يزاد على عشرة أسواط إلا إذا كان في حد من حدود الله، أي: مخالفة لأمر الله، كما قال تبارك وتعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا [البقرة:229].وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بضرب الأولاد حين يمتنعون عن الصلاة لعشر سنين، بل في القرآن أخبر الله تبارك وتعالى أن من الأساليب التي قد يستخدمها الزوج مع زوجته أن يضربها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاضربوهن ضرباً غير مبرح).فنقول: حينما يأتي الشرع بتقرير هذه العقوبة لا يجوز أن نلغيها أبداً، وحينما نقول: إن الضرب ليس وسيلة تربوية وإنه لا يصلح؛ فإن هذا اعتراض على شرع الله، والله هو الذي خلق الإنسان، ويعلم تبارك وتعالى نفسه وعواطفه، أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14].لكن القضية الأخرى: هل الضرب هو الوسيلة المناسبة في كل وقت وكل حين؟ هنا السؤال مهم، وهذا الخطأ الذي نقع فيه أيها الإخوة، فالخطأ الذي نقع فيه ليس أننا نضرب، إنما لأننا نضرب في موطن لا يستوجب الضرب، ونضرب في موطن لا يستحق ذلك، وحين نضرب لا نضرب ونعاقب بالطريقة المناسبة أيضاً.والنبي صلى الله عليه وسلم الذي علمنا ذلك عامل من خدمه عشر سنين صلى الله عليه وسلم، فلم يقل لشيء فعله: لم فعلته؟ ولم يقل لشيء لم يفعله: ألا فعلته؟ فهو صلى الله عليه وسلم يشهد بذلك، وهو الذي شرع لنا صلى الله عليه وسلم ضرب الزوجة في بعض المواطن وقال: (فاضربوهن ضرباً غير مبرح)، ثم حكى عن أولئك الذين يضربون أزواجهم فقال: (إنهم ليسوا بخيارهم).فهذا يدل على أن القاعدة والأصل خلاف ذلك، فالعقوبة -أيها الإخوة- أياً كانت -سواء كانت عقوبة بدنية أو غيرها- إنما هي حينما لا يجدي غيرها، والأصل هو الإقناع، والأمر، والتربية، والتوجيه، ثم نتدرج في العقوبة إذا شعرنا حينها أن الضرب هو العقوبة المناسبة، فعلينا حينئذٍ أن نضرب بأسلوب مناسب، ثم إذا ضربنا نضرب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاضربوهن ضرباً غير مبرح) ضرباً لا يقترن بالانتقام والتشفي.وهناك قضية أخرى مهمة أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إذا زنت أمة أحدكم فليجدلها الحد، ولا يثرب) أي: يجلدها ولكن لا يلومها ولا يؤنبها؛ لأن هذا الجلد هو العقوبة التي استحقتها، فنحن نضرب أحياناً التلميذ والابن، ونؤنبه، ونثرب عليه، وفي كل مناسبة نذكره بهذا الخطأ الذي وقع فيه، فحين نضرب يجب أن نقتصر على هذه العقوبة فقط، ونتجاوزها بعد ذلك، ولا نكثر من اللوم والتأنيب، وإذا كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن التثريب على هذه الأمة وقد وقعت في كبيرة من السبع الم.وبقات؛ فكيف بما دون ذلك؟!

حدود المزاح المطلوب من المدرس مع الطلاب

السؤال: أنا مدرس للمواد الشرعية، وأنا أكثر من المزاح مع الطلاب؛ لكي أجلب قلوبهم، وأحببهم إلى هذه المواد من غير أن يطغى ذلك على شخصيتي، أو يكون ذلك مدعاة للفوضى أو الشغب بين الطلاب، فهل تنصحني بذلك؟الجواب: المزاح حين يكون أمراً طبيعياً وغير متكلف، وليس سمة للإنسان ليس فيه إشكال، بل مطلوب، فقد كان السلف أحياناً في بعض مجالسهم إذا ملوا يقولون: ذكرونا بالشعر، فإن الأذن مجت، والقلب حمض. فيتحدثون بالشعر، لكن حينما يكون سجية للإنسان، فيصير الإنسان كأنه صاحب طرفة ودعابة، ويشتهر بذلك؛ فشأن المسلم والمربي أكبر من ذلك.

خطأ ترك ميدان التربية بدعوى مقارفة المعصية

السؤال: المربي كغيره من البشر يصيب ويخطئ، بل ويقع في المعصية تلو المعصية مما قد يؤخره إلى الوراء، فيبتعد عن مقاعد المربين، ويرضى بالدون، بدعوى أنه عاصٍ، فهل هذا الفعل صحيح؟الجواب: هل هناك مسلم لا يقع في المعصية أصلاً؟! إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم)، وقال: (كل بني آدم خطاء)، فإذا كنا نريد من المربي ألا يذنب ولا يقع في الذنب؛ فحينئذٍ لن نجد أحداً يربي على الإطلاق. لئن لم يعظ الناس من هو مذنب فمن يعظ العاصين بعد محمد

توجيه للوالدين في القيام بدورهما في البيت

السؤال: يحدث أحياناً أن أطلب من زوجتي زرع بعض السلوكيات في أولادي، وأطلب منها الاهتمام بذلك، ولكنها تقول: أفعل ذلك أنت، وأبين لها أنها أفضل مني، فهي تقضي معظم الوقت معهم، بينما أكون خارج المنزل، لذا أرجو توجيه النصح لزوجتي خاصة، وإلى النساء عامة، وجزاك الله خيراً؟ الجواب: أولاً: أوجه النصيحة لك ولنفسي، فإنه يجب أن تقضي جزءاً من الوقت مع أولادك، وتهتم بذلك، وليس بصحيح أن نهمل أولادنا، فنحن نحتاج إلى أن نقضي جزءاً من أوقاتنا معهم، هذا جانب.الجانب الثاني: أن قضية التربية مسئولية مشتركة على الأم والأب، وهناك أدوار، والله عز وجل حكيم جعل الأم يغلب عليها جانب العاطفة والرحمة والشفقة، والأب يغلب عليه الجانب الآخر؛ لتكون القضية متكاملة، ويؤدي الجميع دوراً متكاملاً، وحينما تكون التربية من الأب وحده والأم وحدها؛ لن تكون تربية سليمة ومستقيمة؛ فهي دور مشترك على الجميع.

كتب في التربية

السؤال: هل هناك كتب حول هذا الموضوع، أرجو منكم ذكرها، وجزاكم الله خيراً؟الجواب: هناك كتب كثيرة تتحدث عن قضية التربية بصفة عامة وعن المربي، وكتب السلف كثيرة في أدب العالم والمتعلم، ككتاب ابن عبد البر ، وكتاب الخطيب (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)، والآجري في (أخلاق العلماء)، والرامهرمزي في (المحدث الفاصل بين الراوي والواعي)، وغيرها.فكتب آداب العالم والمتعلم معروفة، وفيها جوانب من أخلاق وآداب المربي، وهناك كتب -معاصرة -أيضاً- اهتمت بهذه القضية من أهمها كتاب صدر حديثاً عنوانه: (علم النفس الدعوي) للدكتور عبد العزيز المغيمشي ، وهو كتاب ذكر فيه بعض الجوانب والخصائص التي ينبغي أن توجد عند المربي.

المربي بين الغلظة واللين

السؤال: يوجد كثير من الموجهين والمربين ممن يستخدم الواحد منهم مع طلابه أسلوب الغلظة لإبراز الشخصية، ويوجد من المربين من يستخدم الأسلوب العكسي تماماً، فأي الفريقين أقرب للصواب؟ الجواب: نحن ذكرنا من صفات المربي: أن يكون عنده اتزان وتوازن، لا هذا ولا ذاك، كلاهما بعيد عن الصواب، فالغلظة والقسوة والفظاظة ليست من صفات المؤمن، وإهمال الحق وترك الحق، والسير وراء العواطف صفة لا تليق بالمربي.فالمربي الأقرب إلى الصواب هو الذي يقف في الوسط، فيضع العاطفة والحب والمشاعر حين يحتاج إليها، ويستعمل القسوة والحزم حين يحتاج إليه.

الموقف من الناصح المقصر

السؤال: ما رأيك فيمن عنده شيء من العلم، ولكن يرى عليه أثر المعاصي، وهو ينصح الناس، وإذا قلت له: يا فلان! اترك هذه المعصية قبل أن توجه الناس، يقول: خذ من علمي، ولا تنظر إلى عملي، فنرجو التوجيه؟الجواب: أولاً: بالنسبة لك أنت خذ من علمه فعلاً، يعني: إذا وجدت علماً عند أحد من الناس -ولو كان صاحب معصية، ولو كان مقصراً، ولو كان فاسقاً- فخذ من علمه، فالحق يؤخذ ممن أتى به مهما كان، والحق ضالة المؤمن. وأما هو فينبغي أن يتذكر قول الله عز وجل: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:44]، والوعيد الشديد الذي ذكره صلى الله عليه وسلم للرجل الذي يلقى في النار، عافانا الله وإياكم، قال: (فتندلق أقتاب بطنه فيها، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: يا فلان! ما لك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: بلى، كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه) عافانا الله وإياكم.

بيان أصل الانحراف في حياة الأبناء

السؤال: إذا كان الأب لا ينصح ولده، والولد ضائع في الشوارع مع أصحاب السوء، فهل هذا من صفات المربي؟ أم أن ذلك ضعف في التربية؟الجواب: هذه الصورة من صور الإهمال، فالأب قد يشكو من ولده، وأن ولده ضائع، فتسأله: هل جلست يوماً من الأيام معه، وتحدثت معه بهدوء ووعظته؟ فيجيبك بقوله: (لا). فنحن لا نعرف أحياناً من التربية إلا أسلوباً نخطئ فيه فقط، ولا نعرف التربية إلا عندما يقع المرء منا في الخطأ، فيشعر الأب بدوره في التربية، فهو لما يرى ابنه -مثلاً- ما صلى ينهاه ويزجره، ولما يرى ابنه وقع في الكذب يزجره، ولما يرى ابنه وقع في خطأ ينهاه، وهذا واجب شرعي على الأب، لكن قبل ذلك يجب أن تعظه أصلاً، وتربيه، وتغرس عنده الخير، ونسأل: هل بيوتنا الآن تغرس الإيمان، وتربي الإيمان عند الأبناء، أم أننا نشعر أن التربية فقط هي مجرد الأمر والنهي؟!إننا نقرأ في القرآن: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] هذه الوصايا العظيمة التي كان يوصي بها ابنه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم من تحته، فقد علم الحسن دعاء القنوت صلى الله عليه وسلم، وكان أصحابه صلى الله عليه وسلم يعلمون من تحتهم، فمنهم من كان يجلس فيعلم أبناءه القرآن، ومنهم من كان يعلمهم المغازي ويقول: هذه مغازي النبي صلى الله عليه وسلم، لقد كانت بيوت مليئة بالإيمان والعلم والتربية.فقبل أن نسأل عن الانحراف يجب أن نسأل عن الأصل، فالقضية أن الأصل أن نبني ونوجه، ونغرس عندهم الحب، لا أن تكون التربية مجرد علاج أخطاء، فالتربية ليست علاج أخطاء، فحينما يقع في الخطأ قد لا تستطيع أن تعالجه؛ لأن الخطأ كان نتيجة إهمال وتقصير، حينما تكتشف أن الابن أو التلميذ أو فلاناً من الناس قد وقع في الخطأ، وصار عنده انحراف، فتأتي لتعالجه قد لا تستطيع، وتأتيني تستشيرني فأقول لك: يا أخي! ليس الأمر بيدي، كنت تملك الحل قبل أن يقع الخطأ، أما بعد أن يقع الخطأ فليس بالضرورة أن يكون ذلك في مقدورهم.ولو شعر بذلك فلا ييأس، فينبغي للمربي -مهما كان خطأ الابن أو البنت- ألا ييأس، وأن يسأل الله له الهداية، وأن يجتهد في بذل الأسباب.

طرق اكتساب صفات المربي

السؤال: ما الطرق التي يتمكن من خلالها المسلم أن يكتسب صفات المربي التي ذكرتها؟الجواب: انظر إلى الناس الذين علموك، فأنت مررت بمرحلة في الدراسة ذات سنوات عديدة، وعدد كبير من المدرسين، ففكر فيهم، وانظر من الشخص الذي كان مؤثراً عليك بدرجة كبيرة؟ ومن الشخص الذي شعرت أن توجيهاته كانت تترك أثراً عليك؟انظر إلى الناس حولك، مَنْ مِنَ الناس يعجبك تعامله وتأثيره؟ استفد من تجارب الناس، ولا تحتقر شيئاً، قد يكون هذا الرجل ناجحاً في أسلوب غرس المحبة بينه وبين أبنائه، والثاني ناجحاً في أسلوب آخر، والثالث في أسلوب آخر، فتجمع ما عند الناس، فهذا مصدر مهم، وأن تستفيد من أخطائك وتجاربك مصدر آخر، وكذلك القراءة والاطلاع، بأن نكلف أنفسنا ونبحث ونقرأ في كتب السلف، وفي الكتب المعاصرة، وفي الكتب التي اهتمت بشأن التربية.ووالله! لو سألت أي أب، أو أي معلم: ماذا قرأت أنت فيما يتعلق بالتربية؟ وما عندك من الكتب التي تهتم بالتربية؟ لوجدت عجباً، إنه يمكن أن نجد في بيوتنا أحياناً كتب الطبخ أكثر من الكتب التي تعنى بالتربية، فهل معقول أن الأم دورها واهتمامها أن تعد الطبخات؟! فأين حاجتها لتربية الأبناء؟!إننا نقرأ في الصحف أحياناً والمجلات أكثر بكثير مما نقرأ في هذه الكتب التي تعيننا ونستفيد منها، والحق ضالة المؤمن، فقد تجد -مثلاً- من الكفار أحياناً من يحسن نوعاً من أنواع التربية، وليس المطلوب أن تأخذ كل ما عنده، فقد يحسن أن يقنع ابنه، ويحسن أن ينقل ما عنده لابنه، فتستفيد من كل ما عند الناس، والحق ضالة المؤمن.

ضرورة الصدق في توجيه المربي

السؤال: أنا أعمل مدرساً، وأحياناً آمر الطلاب بأشياء طيبة لا أستطيع أن أفعلها أنا، فهل هذا نوع من أنواع النفاق، مع أن نصيحتي لهم تكون خالصة لوجه الله؟ الجواب: لا، ليس هذا من النفاق، يعني: أنت قد تقول لهم: ينبغي أن تحرصوا على قيام الليل، وأنت تجد أنك ما تستطيع أن تقوم الليل كل وقت، وقد يكون فيك تقصير، وقد تدعوهم إلى الحرص على ذكر الله، لكنك لا تستطيع أن تقوم بذلك كما ينبغي، فلا حرج في ذلك، المهم أن تكون صادقاً ومخلصاً، النصيحة التي تقولها ليس فيها نفاق، بل صادقة، ثم تجتهد في أن يكون هذا عاملاً لأن تسأل نفسك: كيف أدعو الناس إلى أمر وأنا لا أعمل به؟!

أمثلة على صفة القدرة على العطاء

السؤال: هل لك أن تعطي أمثلة على الصفة الثالثة، وهي: القدرة على العطاء؟ الجواب: أحياناً يكون الشخص -مثلاً- عنده معلومات كثيرة، لكن ما يستطيع أن يوصلها إلى الناس أصلاً، فنسمع بعض الناس أحياناً يقول: الفكرة واضحة في ذهني، لكن لا أستطيع أن أعبر عنها. فلا يستطيع أن يوصلها إلى الناس بطريقة مناسبة، فهو يعرف ظاهرة معينة، ويعرف الحل لمشكلة معينة، ولا يستطيع أن يعطي. قد تجد إنساناً قدوة في عبادته وفي أخلاقه وفي سلوكه، قد جمع المواصفات التي تتمنى أن تكون موجودة عند الناس، لكن لو أردته أن يربي فقد لا يستطيع بالضرورة أن يربي، وإن كان قد يترك أثراً على الناس بسلوكه فقط، لكن أن يعطي وأن يؤثر على الناس؛ فليس بالضرورة فعل ذلك، فليس كل من يعجبنا ما عنده يكون بالضرورة مؤهلاً لأن يربي.

توجيه في تقصير بعض المربين في القيام بدورهم تجاه أبنائهم

السؤال: هناك بعض المربين يكونون عند غير أهليهم في كامل قوة التوجيه والإعداد الجيد في التربية، ولكنهم -في المقابل- أمام أبنائهم ضعاف لا يستطيعون توجيه أبنائهم إلا بالضرب والقسوة، فهل من كلمة توجيهية إلى هؤلاء الأشخاص؟ الجواب: هؤلاء أقرب شيء إليهم أبناؤهم، وقد قال تعالى: قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الرجل راعٍ في أهل بيته ومسئول عن رعيته). ونحن بحاجة إلى أن نعيد النظر كثيراً في حالنا في بيوتنا، وفي طبيعة علاقاتنا مع أبنائنا، وفي حسن علاقتنا معهم؛ إذ كيف نستطيع أن نؤثر على الآخرين ولا نؤثر على أبنائنا؟! وهذا دليل أنه ليست المشكلة تعود إلى قدراتنا، فنحن نملك القدرة، لكن الإنسان أحياناً يعيش في جو من الراحة والطمأنينة في خارج بيته، لكن إذا جاء إلى بيته فإنه يعيش في سجن وفي قفص يتمنى أن يخرج منه.

الموقف من إساءة الوالد إلى ولده

السؤال: ماذا تقول للوالد الذي يجتهد أبناؤه في رضاه وبره بكل وسيلة، ولكن هذا الأب -مع الأسف- يقابل ذلك بشيء من الجفاء، وافتعال مواقف يعاملهم فيها بشيء من عدم الاحترام والتحقير بناءً على سوء الظن عند هذا الأب، الأمر الذي يجعل الأبناء يشعرون بالإحباط، إذ كيف يقابل الإحسان بالنكران؟! وهل من حقهم أن ينتقلوا من بيت أبيهم إلى بيت قريب لتفادي كثرة هذه المواقف مع حرصهم على طاعة والدهم؟ الجواب: مهما كان فقد يقع عند بعض الآباء هذا الحال، نتيجة جهله، وقد يكون حريصاً، ومن الحرص ما يقتل، فيؤتى الإنسان من حرصه، وليس كل حريص يجيد الأسلوب المناسب، ولكن مهما بدر -أيها الإخوة- من الآباء، فحقهم علينا أعظم بكثير، فيجب أن نصبر، وأن نحتمل، وأن نسعى إلى إحسان معاملتهم وعشرتهم مهما بدر.فيا أخي! ليس هناك شيء أعظم من الشرك، وقد قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] حتى لو جاهداك على الشرك فإنك تصاحبهما في الدنيا معروفا.فمهما كان من الخطأ والقسوة وسوء المعاملة وسوء التربية من الأب، فلا يسوغ بحال أبداً أن نسيء إليهم، وأن نغمطهم حقهم، فـ (الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فاحفظ هذا الباب أو أضعه).

دور المحفزات المادية في التربية

السؤال: هل لكم أن تحدثونا عن دور الأشياء التشجيعية في التربية كالهدية والجائزة؟الجواب: هذه قضية مهمة جداً ونغفلها أحياناً، وهي التشجيع والثناء، والتشجيع والثناء أحياناً قد يكون مادياً، وقد يكون معنوياً أكثر، وهو أسلوب كان يستعمله النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً في حث الناس، فقد سأله أبو هريرة فقال: (أي الناس أسعد بشفاعتك؟ قال: لقد ظننت أن لا يسألني أحد عن هذا الحديث قبلك)، لما علم من حرصه على الحديث، وهذا ثناء عظيم يثني به صلى الله عليه وسلم على أبي هريرة فيدفع أبا هريرة إلى التعلم.ولما سأل أبي بن كعب عن أعظم آية في كتاب الله قال: (ليهنك العلم أبا المنذر).وفي غزوة ذي قرد أردف النبي صلى الله عليه وسلم سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وراءه، وقال: (خير فرساننا اليوم أبو قتادة ، وخير رجالتنا سلمة). فهذا الثناء يترك أثراً كبيراً وتشجيعاً، وله دور كبير في التربية، وأثر في التربية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمله كثيراً في الثناء والتشجيع، وليكن كلمة حسنة، وليس بالضرورة أن تكون الأمور التشجيعية مادية، فقد تكون مادية، وقد تكون ثناء معنوياً، وقد تكون، المهم أن لها دوراً، وينبغي أن نعتني بها ونكثر منها، لكن ينبغي ألا تكون دائماً هي الأصل، وأن يتعود المرء على أنه لا يعمل لأجل هذا الثناء، ولا يعمل ليجد مثل هذه الجائزة والمكافأة، لا، ينبغي أن تكون ذلك دافعاً فقط، أما أن يكون كل شيء فلا؛ لأنه بعد ذلك سيتوقف أثر السلوك على هذا التشجيع، وتصبح القضية معاوضة، وتتحول إلى عقود المعاوضات بعد أن كانت من عقود التبرعات.أسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يصلح شباب المسلمين وفتياتهم وجيلهم إنه سمع مجيب.هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

فيصل
16-02-2016, 08:57 PM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

على خليفة
21-02-2016, 12:56 AM
جزاك الله كل خير

بلال
22-02-2016, 01:04 PM
شكرا وبارك الله فيكم على المواضيع العطرة

ام عقيلة
23-02-2016, 05:01 PM
جزاك الله كل خير

ذكوان
05-03-2016, 07:21 PM
جزاكم الله كل خير على الموضوع القيم

شذى الورود
07-03-2016, 06:47 PM
شكرا على الموضوع القيم

ترنيم
08-03-2016, 11:38 PM
شكرا على الطرح الطيب الله يعطيكم الف عافية

كارم المحمدى
18-03-2016, 11:41 PM
بارك الله فيكم شكرا على الطرح الطيب

جنة
20-03-2016, 01:36 PM
بارك الله فيكم شكرا على الطرح الطيب

خلود العنزى
25-03-2016, 02:31 PM
شكرا على المواضيع الذوقية الجميلة بارك الله فيكم

طلعت شكرى
09-04-2016, 05:11 AM
مشكوووووورين والله يعطيكم الف عافيه