بو حمد
21-02-2016, 05:25 PM
مؤلفات في علم الفلك
القانون المسعودي
أحد المؤلفات الكبرى في علم الفلك والأرصاد التي ظهرت في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي. وقد أهداه مؤلفه أبو الريحان البيروني إلى السلطان مسعود بن محمود الغزنوي.
والكتاب يعتني بكل ما توصل إليه العلماء في الحضارات السابقة وكذلك المعاصرون له مع نقد مطلع وتفنيد الآراء دون تحيز أو محاباة. وقد انتهج البيروني منهجا خاصا هو ألا يأخذ النظريات والأرصاد قضية مسلما بها بل ناقش البراهين والأدلة وأضاف إليها من علمه وأعاد الأرصاد أكثر من مرة لكي يتأكد من صحة النتائج التي ذكرها في كتابه. فيقول البيروني: "ولم أسلك فيه مسلك من تقدمني من أفاضل المجتهدين من طالع أعمالهم واستعمل زيجاتهم على مطايا الترديد إلى قضايا التقليد باقتصارهم على الأوضاع الزيجية وتعميتهم خير ما زاولوه من عمل وطيهم عنهم كيفية ما أصابوه من أصل حتى أحوجوا المتأخر عنهم في بعضها إلى استئناف التعليل وفي بعضها إلى تكلف الانتقاد والتضليل إذ كان خلد فيها كل سهو بدر منهم لسبب انسلاخه عن الحجة وقلة اهتداء مستعمليها بعدهم إلى المحجة وإنما فعلت ما هو واجب على كل إنسان أن يعمله في صناعته من تقبل اجتهاد من تقدمه بالمنة وتصحيح خلل إن عثر عليه بالحشمة وخاصة فيما يمتنع إدراك صميم الحقيقة فيه من مقادير الحركات وتخليد ما يلوح له فيها تذكرة لمن تأخر عنه بالزمان وأتى بعده وقرنت بكل عمل في كل باب من علله وذاك ما توليت من عمله ما يبعد به المتأمل عن تقليدي فيه ويفتح له باب الاستصواب لما أصبت فيه أو الإصلاح لما زللت عنه أو سهوت في حسابه".
محتويات الكتاب
يشتمل الكتاب على إحدى عشرة مقالة جاءت موزعة على ثلاثة أجزاء. وقد قسمت كل مقالة إلى عدد من الأبواب، بلغت في مجموعها مائة واثنين وأربعين بابا. فجاء الكتاب على النحو التالي:
الجزء الأول وتشمل الخمس مقالات الأولى، وتتناول هيئة الموجودات الكلية في العالم بإجمال وإيجاز للتوطئة، وعن العالم بكليته كجرم مستدير الشكل، وعن الأثير والعالم المتحرك والعناصر الأربعة، وعن المباحث الستة من كتاب المجسطي، وعن كرية الأرض وكرية السماء، وعن الكسوف . كما تناول في الأب واب الأخرى لهذه المقالة الأيام والشهور وسنة القمر ، وسنة الشمس ، وغير ذلك. ثم يقدم عرضا موجزا لتواريخ الأنبياء، والملوك من عهد سيدنا آدم عليه السلام حتى ملوك عصره وذلك للصلة الوثيقة بينها وبين التقاويم المختلفة والتواريخ المشهورة مع الإشارة إلى أصلها والأسباب التي جعلت منها عيدا دينيا أو مناسبة مشهورة. ثم ينتقل للحديث عن الجوانب النظرية في جداول حساب المثلثات التي تعتمد عليها النظريات والأرصاد والحسابات الفلكية. وينتقل بعد ذلك إلى الناحية التطبيقية فيبين زاوية تقاطع معدل النهار مع منطقة البروج في خط الاستواء ودرجة الكواكب وعرضه، ومعرفة عروض البلدان بارتفاعات الأشخاص وسعة المشارق والمغارب، ودرجة طلوع الكواكب وغروبها ومعرفة الوقت من الليل بقياس الكواكب الثابتة، والماضي من النهار قبل سمت الشمس أو عكسه.
الجزء الثاني ويشتمل على أربع مقالات من الخامسة حتى الثامنة. ويتناول فيها المسائل الأرضية المتصلة بالظواهر الفلكية كتعيين خطوط الطول والعرض للبلدان واتجاه مكان بالنسبة لمكان آخر وقياس حجم الأرض أو محيطها وخصائص الكرة السماوية في خطوط العرض المختلفة ووصف موجز لجغرافية الأرض مع جدول لخطوط الطول والعرض جمع فيه ما يزيد على ستمائة بلد ومكان. ثم يتحدث عن كيفية الوقوف على أوقات الاعتدالات وتصور الحركة في الأفلاك التي يظن أنها متقاطعة، وحركة الشمس الوسطى بالطريقة التي استخرجها بها بطليموس ومقدار حركة الأوج ( مصطلح فلكي ) وغير ذلك.
ويتحدث عن حركات القمر وبعد القمر عن الأرض واختلاف منظر القمر، وعن أحوال الكسوف واختلاف مناظره. وكذلك كسوف القمر ومداري البحرين ومنازل القمر.
الجزء الثالث ويشمل المقالات الثلاث الأخيرة، ويتناول في أبوابها الفرق بين الكواكب الثابتة والسيارة وتقسيم الكواكب الثابتة وجداول الثوابت وصور الدب الأكبر والأصغر والتنين والعقاب والثور والعذراء والسمكتين وقيطس والنهر والأرنب وقنطورس والسمع وتشريق الكواكب وتغريبها، والجداول وتقويم الكواكب بها وجداول حركات زحل والمشترى والزهرة و عطارد والمريخ واستخراج المقامات وغاية تباعد الزهرة وعطارد عن الشمس ، وتناظر الكواكب وال بروج وتحاويل سني العالم، والمواليد وشهورها، وتقسيط القوى بحسب المواضع، ومعرفة الطاقات في كل واحد من فلكي الأوج والتدوير ولوازمها وصعود الكواكب وهبوطها وقرانات الكواكب العلوية إلى غير ذلك. والكتاب مزين بالعديد من الأشكال والرسوم المختلفة والجداول الكثيرة.
النسخ المحققة
طبع كتاب القانون المسعودي لأول مرة بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد الدكن بالهند عام 1373هـ / 1954 م. ولقد بذلت فيه دائرة المعارف مجهودا ضخما في سبيل طبع هذا الكتاب النفيس حيث بقي في الخفاء مدة طويلة من الزمان وقد تمت المقارنة بين النسخ السبعة والاعتماد على النسخة المخطوطة الرابعة الموجودة في مكتبة بايزيد بإستانبول أساسا للطبع. وتقع هذه الطبعة في ثلاثة أجزاء في نحو ألف وخمسمائة صفحة، عدا المقدمات والفهارس. وقد أعاد تحقيق المقالة الثالثة منه إمام إبراهيم أحمد، ونشرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة عام 1384 / 1965.
رسالة في العلة الفاعلة للمد والجزر
واحدة من أهم رسائل أبي يعقوب الكندي ، التي ألفها في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي. يبدأ فيها الكلام عن المد وأنواعه- الطبيعي والعرضي- ويستطرد من ذلك إلى الكلام عن عيون الماء وأنواعها، وكيفية تكوينها، وعن أنواع المياه الظاهرة على وجه الأرض والباطنة فيها، وعن أحوالها وقوانين نشأتها واستحالتها، ثم يتكلم عن بعض الأجرام السماوية وسرعتها وأحجامها وبعدها عن الأرض، وعن فعلها فيما على ظهر الأرض، ويتكلم عن المد وأنواعه وأنواع الاضطراب الناشئة في المياه البحرية والبرية بسبب التعفن والنتن، وينتهي بالكلام عن المد والجزر بمعناهما العادي.
وبعد الانتهاء من تعريف المد ينتقل إلى أنواعه فيذكر نوعين من المد هما:
المد الطبيعي: وهو "استحالة الماء من صغر الجسم إلى عظمه".
المد العرضي: وهو "زيادة الماء بانصباب مواد فيه"، كما في الأنهار والأودية والفيوض التي أصلها من الأنهار.
كما يتحدث عن حركة الأشخاص العالية على الجرم الأوسط أي الأرض والماء، وما تسببه المتحركات حول الأرض، ويؤكد على حركة القمر بالذات وذلك لأنه أقرب المتحركات إلى الأرض، ويذكر معلومات عن سرعته ودورته والزمان الذي يستغرقه، وكذلك يذكر معلومات عن الشمس والزمان الذي تستغرقه في دورانها حول الأرض، وعن سرعة حركتها، وكذلك زحل، وهو يركز على تأثير كل من الشمس والقمر في الأرض، فالشمس تؤثر على وجه الخصوص في الهواء والنار أكثر من تأثيرها على الماء والأرض، أما القمر فإن فعله في الأرض والماء أوضح، ولكن فعله في الماء أكثر وضوحا وذلك لسيلان الماء وانقياده لحركة القمر، وتعرض الرسالة لأقوال القدماء عن القمر، فمن قائل بالمائية، ومن قائل بالأرضية. ثم يوضح السبب في ذلك، وهو أن القمر يولد حرارة أثناء مروره بجو الأرض، هذا إلى جانب حرارة الشمس، وطبقا لقانون تمدد الأجسام فإن الحرارة تزيد حجم الهواء، وبالتالي حجم ماء البحر الذي يمر به القمر.
ثم تتبع الرسالة في التفصيل في أنواع المد البحري الطبيعي ويقصد به مد البحار وجزرها وهو على ثلاثة أنواع: المد السنوي، والمد الشهري، والمد اليومي. والمد السنوي للبحار هو الزيادة في مياه البحار في وقت محدود من السنة في موضع دون موضع، حسب حركة الأجرام العليا، ويشار في ذلك بين قانون التمدد وعلاقته بالرياح وعلاقة ذلك بالمد والجزر. ويحدث تبادل للمد والجزر السنوي فعند انتقال الشمس إلى جهة الجنوب يحدث مد في جهة الشمال وجزر في جهة الجنوب وهكذا، وعلى ذلك يتضح أن المد السنوي يكون في الجهة المخالفة، أي التي ليست فيها الشمس، والعكس يكون الجزر السنوي، وكلما ازدادت حرارة الشمس يكون المد السنوي والجزر السنوي أشد وأكبر.
أما المد الشهري واليومي حيث تظهر أهمية العلاقة بين القمر والأرض في هذين النوعين، واختلاف شدة أو ضعف المد والجزر، بحسب تغير أوضاع القمر في دورته حول الأرض، فتعرض الرسالة عدة حالات تختلف فيها مواضع القمر بالنسبة للأرض والشمس مما يؤثر على عملية وكمية المد والجزر. وفي ذلك تحديد لأربعة مواضع رئيسية للقمر أثناء دورانه خلال الشهر، وبين هذه المواضع الأربعة الرئيسية تقع أربعة مواضع أخرى فرعية، ويمكن تفصيلها كما يلي:
أولا: المواضع الرئيسية:
الموضع الأول: الاجتماع وفيه يقع القمر على سمت واحد بين الشمس والأرض فيزيد المد السنوي والشهري في تلك المدة، وزيادته تكون أكبر للمد السنوي ويفسر الكندي ذلك التأثير بسبب اضمحلال نور القمر وانعكاسه إلى جهة الشمس بعيدا عن الأرض، وهذا الوضع يسمى في العلم الحديث بوضع المحاق، حيث يقع القمر بين الأرض والشمس ويتجه الجانب المضيء من القمر جهة الشمس.
الموضع الثاني: الامتلاء أو المقابلة وفيه تكون الأرض في موقع متوسط بين القمر والشمس، وعلى سمت واحد، ويسبب هذا الوضع زيادة واضحة في المد الشهري. ويقابل في هذا الوضع في العلم الحديث "البدر" حيث تقع الأرض بين الشمس والقمر، ويكون الجانب المضيء هو المواجه للأرض.
الموضع الثالث والرابع: التربيع الأول والتربيع الثاني، ويكون القمر عن يمين الشمس وذلك في التربيع الأول وعن يسارها في التربيع الثاني، وفي هذين الوضعين يزيد المد الشهري أو يقل تبعا لوضع القمر في فلك دورانه، ويسمى ذلك في العلم الحديث الربع الأول والربع الأخير، حيث يكون كل من الشمس والقمر متعامدا بالنسبة للأرض، أي يصنع الخطان الواصلان من كل منهما للأرض زاوية قائمة.
ثانيا: المواضع الفرعية:
وفيه أربعة مواضع أخرى فرعية للقمر أثناء دورانه في فلكه حول الأرض، وهي المواضع التي تقع في النصف فيما بين الأوضاع الأربعة الرئيسية السابق ذكرها، فإذا وقع القمر في المناصفة بين إحدى هذه المواضع يكون نقص الماء، أي جزره الشهري أشد ما يكون وأكبر ما يكون. وتذكر الرسالة أن أفضل جزر يكون في المواضع الأربعة يقع في الموضعين اللذين يليان الامتلاء، أي الذي قبل الامتلاء والذي بعد الامتلاء.
وفي ذلك الوضع أكبر تأثير للقمر يقع في المد والجزر اليومي، بسبب حركة القمر اليومية، وتحدد الرسالة أن كل موضع من الأرض يظهر فيه المد والجزر اليومي، يظهر فيه المد حين يبتدئ طلوع القمر عليه، ويبتدئ جزره حين يبتدئ زوال القمر عنه.
أما المد العرضي وهو "زيادة الماء بانصباب مواد فيه أصلها مما ارتفع من الأرض والبحار". وأهم ما في رسالة الكندي هذه هو تركيزها على الجانب التجريبي فالرسالة غنية بالتجارب العلمية ومن أهمها تجربته لإثبات تحول أن الأجسام تتمدد بالحرارة، وتجربته لإثبات أن الحرارة تتولد من الحركة، وتجربة القليب، وتجربة القنينة لإثبات تحول الهواء ماء، إلى غير ذلك من التجارب.
النسخ المحققة:
حققت الرسالة ضمن مجموعة رسائل الكندي الفلسفية، بعناية محمد عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة: دار الفكر العربي، عام 1308 هـ / 1891 م-1311هـ / 1894 م- 1369 هـ / 1950 م-1372هـ / 1953 م.
كتاب المباحث الشرقية
يعد كتاب المباحث الشرقية من أهم الموسوعات العلمية العربية القديمة، وقد ألفه فخر الدين الرازي في القرن السادس الهجري الثالث عشر الميلادي، وهذا الكتاب يضارع كتاب: المعتبر في الحكمة للعالم ابن ملكا البغدادي ، ويضم الكتاب بين دفتيه آراء فخر الدين الرازي النظرية، بأسلوب فلسفي جدلي في عدة علوم يجمعها في رأيه في علمين: علم الوجود الطبيعي في علومه الكيميائية والفيزيائية والطبية وغيرها، والعلم الإلهي، وقد اعتبره الرازي بطريقته الجدلية علما يمكن أن يسمى بالفلسفة الأولى.
وقد أكثر الكلام في مباحث الأمور العامة بأسلوب لم يسبقه إليه أحد، فكان يبحث في المسائل الخلافية ويذكر الآراء فيها ويحققها، ويذكر الصواب فيها، وكذلك بحث في أكثر المسائل الفلكية والمسائل الطبيعية وعلم الفلك، وعلم الرياضيات، والهندسة المستوية، وعلم النبات، وعلم الأرض.
وقد أعلن فخر الدين الرازي في كتابه آراء خالف بها رأي ابن سينا ، ومنها أن علم المنطق علم مستقل بذاته، وليس آلة يستخدمها العقل في تحصيل الأمور الموجودة في العالم، وليس مدخلا للعلوم الأخرى. وأن علم الكيمياء علم صحيح وحقيقي، وليس علما باطلا كما يذكر ابن سينا.
المحتويات
ويقع كتاب المباحث الشرقية في مقدمة تحدث فيها عن هدف الكتاب ومنهجه، ومجموعة كتب منقسمة إلى مباحث. وتنقسم تلك الكتب إلى فنون وأبواب وينقسم كلاهما إلى فصول.
وفي الكتاب الأول عالج فخر الدين الرازي الأمور العامة في خمسة أبواب، وعالج في الباب الأول عبر عشرة فصول قضايا الوجود المادي والذهني وقضايا الماهية والوجود، وقضايا الموجود والمعدوم، وعلاقة الوجود بالماهية.
ويعالج الباب الثاني من الكتاب الأول في عشرين فصلا قضايا الماهية، ولواحقها، أقسامها، وأجزائها، وبسائطها، ومركباتها الذهنية والخارجية، وما يتصل بها من الجواهر والأعراض، وكونها مركبة من الجنس والفصل، والفروق التي تميز بين المادة والجنس والفصل والصورة.
وفي الكتاب الثاني بحث فخر الدين الرازي عبر مقدمة وجملتين عن أحكام الجواهر والأعراض وعن حقيقة الجوهر والعرض، وتحدث في المقدمة عن بيان حقيقة الجوهر والعرض من خلال خمسة عشر فصلا. والجملة الأولى: عن أحكام الأعراض وبها مقدمة وخمسة فنون. والمقدمة في بيان عدد المقولات وبها أربعة مباحث الثلاثة الأول منه ا عن أن كل واحدة من هذه المقولات جنس، وعن أن المقولات العشر أجناس عالية، ولا مقولة أخرى خارج المقولات العشر، وعن كيفية انقسام هذه المقولات إلى أنواع.
وبعد هذه المقدمة أورد فخر الدين الرازي فنونه الخمسة: الفن الأول في قضايا الكم وبه أربعة وعشرون فصلا. والفن الثاني في قضايا الكيف في مقدمة بها فصلان، عن رسم الكيف وتقسيمه، ثم عقد أقساما أربع في قضايا الكيف. القسم الأول في الكيفيات المحسوسة، وفيه خمسة أبواب: الباب الأول عن أمور كلية بهذا القسم في أربعة فصول. والباب الثاني في أحد عشر فصلا عن الكيفيات الملموسة من: حرارة وبرودة، ورطوبة ويبوسة، ولطافة وكثافة، وبلة وجفاف، ولزوجة وهشاشة، وثقل وخفة. والباب الثالث في تسعة فصول عن الكيفيات المبصرة من: نور وظلمة، وضوء وشعاع، وبريق ولون. والباب الرابع في ستة فصول عن الكيفيات المسموعة من صوت وصدى، وثقل الصوت وحدته وسبب الصوت. والباب الخامس في ثلاثة فصول عن الكيفيات المذوقة والمشمومة من طعوم وروائح.
والقسم الثاني من الفن الثاني فصول عن القوة واللاقوة، واللين والصلابة.
والقسم الثالث من الفن الثاني عن الكيفيات المختصة بذات الأنفس، ويقع في أربعة أبواب. الباب الأول منها: في العلم وأحكامه، ويتعلق العلم بثلاثة أطراف: العلم، والعالم، والمعلوم. الطرف الأول عن العلم وقضاياه في ثمانية وعشرين فصلا عن قضايا العلم الفلسفية، والطرف الثاني عن العالم أو العاقل وقضايا التعقل في ستة فصول. والطرف الثالث عن المعلوم أو المعقول في ثلاثة فصول عن حقائق الأشياء ودرجات المعلومات. والباب الثاني من القسم الثالث في خمسة فصول عن القوى والأخلاق. والباب الثالث من القسم الثالث في خمسة فصول عن الألم واللذة. والباب الرابع من القسم الثالث في سبعة فصول عن الكيفيات النفسانية من صحة ومرض، وفرح وحزن، ونشاط وخمول، وقسوة ورحمة، وتسامح وحقد.
والقسم الرابع من الفن الثاني في مقدمة وثلاث أبواب عن الكيفيات المختصة بالكميات. والمقدمة عن بيان حقيقة الكيفيات وأقسامها. والباب الأول من هذا القسم في سبعة فصول عن الاستقامة والاستدارة في الأشكال. والباب الثاني في ستة فصول عن الشكل والزاوية، وإثبات الكرة والأسطوانة والمخروط. والباب الثالث في فصلين عن الخلقة وخواص الأعداد.
والفن الثالث في بقية المقولات، وفيه بابان: الباب الأول في خمسة عشر فصلا في المضاف، وخواص المضاف ين، وكيفية تحصيل الإضافة النوعي والصنفي والشخصي، وتقسيم الإضافات. وفي الجزئي والكلي. وفي المتقدم والمتأخر. وفي التام والناقص. والباب الثاني في خمسة فصول عن: أين. متى. الوضع. الملك. وفي أن يفعل وأن ينفعل.
والفن الرابع في العلل والمعلولات وفيه مقدمة وأربعة أقسام. والمقدمة في بيان حقيقة العلة وأقسامها. والقسم الأول في ثمانية عشر فصلا في العلة الفاعلة. والقسم الثاني في ستة فصول في العلة المادية. والقسم الثالث في ثلاثة فصول في العلة الصورية. والقسم الرابع في اثني عشر فصلا في العلة الغائية.
والفن الخامس في اثنين وسبعين فصلا عن الحركة والزمان.
والجملة الثانية في الجواهر وفي هذه الجملة فنون ثلاثة: الفن الأول عن الأجسام وفيه أربعة أبواب: الباب الأول في ثمانية عشر فصلا عن تجوهر الأجسام. والباب الثاني عن أحكام الأجسام البسيطة وبه مقدمة وقسمان وخاتمة. المقدمة عن حقيقة البسيط والمركب. والقسم الأول في عشرين فصلا عن الأجسام الفلكية. والقسم الثاني في ثلاثة عشر فصلا عن الأجرام العنصرية: ترتيب العناصر، وطفو الأجسام، وحركة القمر ، والنار، والهواء، والبحر، وملوحة الماء، وحركة البحر. والخاتمة في ثلاثة فصول عن الأجرام البسيطة وعن أن العالم واحد، وأن الأجسام أقدم العناصر الأرضية. والباب الثالث في تسعة عشر فصلا عن المزاج وكيفية الفعل والانفعال. والباب الرابع عن الكائنات التي لا نفس لها، وفيه أقسام: القسم الأول في ستة فصول عن ما يتكون فوق الأرض من البخار من السحاب والمطر والثلج والبرد والطل والصقيع و الهالة ، و قوس قزح وشعاع السراج وقوس القمر والشميسات والنيازك والعصي. أما القسم الثاني من الباب الرابع ففيما يتكون من الدخان فوق الأرض ، وفيه سبعة فصول عن الرعد والبرق والصاعقة والأنوار التي تشاهد بالليل في بعض المواضع والكواكب المنقضة وما يشبهها واشتعال النار وانطفائها والحريق والريح. والقسم الثالث من الباب الرابع فيما يحدث على وجه الأرض وما تحتها وفيه خمسة فصول عن سبب ارتفاع اليابس من الأرض عن الماء والبلدان وأمزجتها والحر والبرد ومنابع المياه والزلزلة. والقسم الرابع من الباب الرابع عن العناصر المركبة وفيه تسعة فصول عن الأحجار و الجبال والطين والمعدنيات والطوفانات وصنعة الكيمياء.
والفن الثاني من الجملة الثانية -جملة الجواهر- في علم النفس وفيه ثمانية أبواب: الباب الأول عن الأحكام الكلية للنفس، وفيه خمسة فصول في تعريف النفس وماهيتها وجوهريتها وقواها واختلاف أفاعيلها. والباب الثاني وبه اثنان وعشرون فصلا عن القوى النباتية وأحكامها. والباب الثالث وفيه ثلاثة عشر فصلا عن المدركات، وهي: اللمس، والذوق، والشم، والسمع، والبصر. وتحدث فيها عن المحسوسات المشتركة. والباب الرابع فيه فصلان تحدث فيهما عن الإدراكات الباطنة. والباب الخامس وفيه أحد عشر فصلا عن بيان تجرد النفس وحدوثها وبقائها وعلاقة النفس بالبدن، وتناول فيها آراء القدماء وعلق عليها. والباب السادس وفيه أحد عشر فصلا عن شرح أفعال النفس وخواصها. والباب السابع فيه ثلاثة فصول عن حال النفس بعد مفارقة الجسد. أما الباب الثامن والأخير فعن النفوس السماوية.
والكتاب الثالث من الجملة الثانية -جملة الجواهر- في الإلهيات المحضة، وفيه أربعة أبواب. الباب الأول وفيه ستة فصول عن إثبات واجب الوجود ووحدانيته وتنزهه عن مشابهة الجواهر والأعراض. والباب الثاني من الكتاب الثالث من الجملة الثانية فيه عشرة فصول عن إحصاء صفات الله. أما الباب الثالث من الكتاب الثالث من هذه الجملة ففيه ستة فصول عن أفعال الله. والباب الرابع والأخير من الكتاب الثالث من هذه الجملة عن النبوات وتوابعها وضرورة النبوة، وهو في فصل واحد قصير.
النسخ المحققة
وقد نشر كتاب المباحث الشرقية في حيدر آباد بدائرة المعارف العثمانية عام 1343هـ / 1924 م في مجلدين مع ترجمة للمؤلف والمصنف.
الزيج الصابئ
أحد أشهر المؤلفات في مجال علم الأزياج من فروع علم الفلك، وتأتي شهرته أن مؤلفه البتاني قد وضع فيه معلومات صحيحة ودقيقة كان لها أثرها في تطور علم الفلك طوال العصور الوسطى عند المسلمين وأوائل عصر النهضة في أوروبا. والكتاب دراسة في القوانين الفلكية من خلال مقدمة وسبعة وخمسين بابا، أورد في المقدمة المنهجية التي كتبها لكتابه وصفا لأهمية هذا العلم، ومكانته بين العلوم، وسبب وضعه هذا الكتاب فيقول:
"إنه من أشرف العلوم منزلة، وأسناها مرتبة، وأحسنها حلية، وأعلقها بالقلوب، وألمعها بالنفوس وأشدها تحديدا للفكر والنظر وتذكية للفهم ورياضة للعقل بعد العلم، بما لا يسع الإنسان جهله من شرائع الدين وسنته، علم صناعة النجوم . لما في ذلك من جسيم الحظ وعظيم الانتفاع بمعرفة مدة السنين والشهور والمواقيت وفصول الأزمان وزيادة النهار والليل ونقصانها، ومواضيع النيرين( الشمس و القمر ) وكسوفهما، ومسير الكواكب في استقامتها ورجوعها وتبدل أشكالها ومراتب أفلاكها وسائر مناسبتها، إلى ما يدرك بذلك مَن أنعم النظر وأدام الفكر فيه من إثبات التوحيد ومعرفة كنه عظمة الخالق وسعة حكمته، وجليل قدرته ولطيف صنعته".
وقال أيضا:- "لما أطلت النظر في هذا العلم وأدمنت الفكر فيه ووقفت على اختلاف الكتب الموضوعة لحركات النجوم، وما تهيأ على بعض واضعيها من الخلل في ما أصلوه فيها من الأعمال وما ابتنوها(بنوها) عليه، وما اجتمع أيضا في حركات النجوم على طول الزمان - لمّا قيست أرصادها إلى الأرصاد القديمة - وما وجد في ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار من التقارب، وما تغير بتغيره من أصناف الحساب وأقدار أزمان السنين وأوقات الفصول واتصالات النيرين التي يستدل عليها بأزمان الكسوفات وأوقاتها أجريت في تصحيح ذلك كله وإحكامه على مذهب بطليموس في الكتاب المعروف بالمجسطي بعد إنعام النظر وطول الفكر والرؤية مقتفيا أثره متبعا ما رسمه إذ كان قد تقصى ذلك من وجوهه ودل على العلل والأسباب العارضة فيه بالبرهان الهندسي والعددي الذي لا تُدفع صحته ولا يشك في حقيقته فأمر بالمحنة والاعتبار بعده وذكر أنه قد يجوز أن يستدرك عليه في أرصاده على طول ا لزمان كما استدرك هو على إبرخس وغيره من نظرائه لجلالة الصناعة ولأنها سماوية جسيمة لا تدرك إلا بالتقريب. ووضعت في ذلك كتابا أوضحت فيه ما استعجم، وفتحت ما استغلق، وبينت ما أشكل من أصول هذا العلم، وشذ من فروعه، وسهلت به سبيل الهداية لمن يأثر به ويعمل عليه في صناعة النجوم، وصححت فيه حركات الكواكب ومواضعها من منطقة فلك البروج على نحو ما وجدتها بالرصد وحساب الكسوفين وسائر ما يحتاج إليه من الأعمال، وأضفت إلى غيره مما يحتاج إليه، وجعلت استخراج حركات الكواكب فيه من الجداول لوقت انتصاف النهار من اليوم الذي يحسب فيه بمدينة الرقة، وبها كان الرصد والامتحان على تحذيق ذلك كله إن شاء الله تعالى وبه التوفيق".
محتويات الكتاب
أورد البتاني في الثلاثة الأولى منها طريقة العمليات الحسابية في النظام الستيني وأوتار الدائرة، والكرة السماوية ودوائرها. وقياس الزمن برصد ارتفاع الشمس. كما تناول في الأبواب التسعة التالية موضوع الكواكب الثابتة ومعرفة أوضاعها بالنسبة للدوائر السماوية، وطول السنة الشمسية عن طريق الرصد، والاختلاف في حركة الشمس وعدم انتظام سرعتها بين يوم وآخر على مدار السنة، وحركات القمر والكسوف والخسوف وبعد الشمس والقمر عن الأرض وأسباب أوجه القمر، وتناول الكواكب ومساراتها، وقدم مقارنة للتقاويم المختلفة عند العرب والروم والفرس والقبط، ودرس منازل القمر وقسمها إلى ثمان وعشرين منزلة كما كانت عند العرب قبل أن يطلعوا على التقسيم الهندي، ولكنه استخدم في تقسيمه الأصول الهندسية والفلكية. وبحث بعد ذلك مسار القمر ونقطتي تقاطعه مع مسار الأرض ورؤية الهلال والخسوف وكذلك تناول كسوف الشمس وأحوال ومواضع وحركات المجموعات الشمسية. واختتم الكتاب بثلاثة أبواب أحدهما خصصه لإرصاداته التي قام بها للنجوم. وبابين خصصهما لوصف الآلات الفلكية وطريقة صنعها والأخطاء التي يمكن أن يقع فيها علم الفلك.
وقد نال هذا الكتاب حظوة كبيرة عند علماء الفلك المسلمين الذين جاءوا بعد البتاني من أمثال البوزجاني ، والصاغاني ، والصوفي ، والبيروني ، وأيدوه في كثير مما جاء به.
النسخ المترجمة
نال الكتاب أهمية كبيرة في الغرب الأوروبي فتمت عدة محاولات لترجمة الكتاب إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي، وطبعت إحدى هذه الترجمات وهي ترجمة بلاتو تيفوك في نورمبرج عام 943هـ / 1537 م. كما نشر كارلو نلينو الأصل العربي منقولا عن النسخة المحفوظة بمكتبة الأسكوريال في ثلاث مجلدات بروما عام 1316هـ / 1899 م مصحوبا بترجمة لاتينية وتعليق على بعض النصوص.
المعتبر في الحكمة
من أجل وأشهر كتب الحكمة التي ظهرت في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي. وهو كتاب جليل الشأن عظيم القدر تفرد به مصنفه أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البغدادي ، بأسلوبه وعبارته الموجزة الشافية، وتفوق به على أغلب الكتب المتناولة لهذا العلم، ووقف على كتب المتقدمين والمتأخرين في هذا الشأن، فعرف العلماء قدره وأعطوه حقه من الإكرام والتبجيل.
وفي مقدمة الكتاب بين المؤلف ما دعاه لتأليفه، والمنهج الذي سلكه وما يحويه الكتاب فقال: "أما بعد حمدا لله على نعمه التي حمده من أفضلها وشكره على آلائه التي شكره من أتمها وأكملها، فإنني أقول مفتتحا لكتابي هذا إن عادة القدماء من العلماء الحكماء كانت جارية في تعليم العلوم لمن يتعلمها منهم وينقلها عنهم بالمشافهة والرواية دون الكتابة والقراءة فكانوا يقولون ويذكرون من العلم ما يقولونه ويذكرونه لمن يصلح من المتعلمين والسائلين في وقت صلاحه كما يصلح... فلما كثرت تلك الأوراق وتحصل فيها من العلوم ما لا يسهل تضييعه مع تكرار الالتماس ممن يتعين إجابتهم أجبتهم إلى تصنيف هذا الكتاب في العلوم الحكمية الوجودية الطبيعية والإلهية وسميته بالكتاب المعتبر لأني ضمنته ما عرفته واعتبرته وحققت النظر فيه، وتممته لا ما نقلته من غير فهم، أو فهمته وقبلته من غير نظر واعتبار ولم أوافق فيما اعتمدت عليه فيه من الآراء والمذاهب كبيرا لكبره ولا خالفت صغيرا لصغره بل كان الحق من ذلك هو الغرض والموافقة والمخالفة فيه بالغرض".
ولقد رتب ابن ملكا الأجزاء والمقالات والمسائل والمطلوبات في الكتاب على نحو ما فعل أرسطوطاليس في كتبه المنطقية والطبيعية والإلهية وذكر في كل مسألة آراء المعتبرين من الحكماء، وأثبت رأيه بالدليل والبرهان.
محتويات الكتاب
يحتوي الكتاب على ثلاثة أنواع من فنون العلم: المنطق، والطبيعيات، والإلهيات جاءت في ثلاثة أجزاء منفصلة.
الجزء الأول في المنطق، ويحتوي على ثمانية مقالات وكل مقالة تنقسم إلى فصول. المقالة الأولى: في الحدود ومقدمتها ويعبر عنها بالمعارف وتصور المعاني بالحدود والرسوم، ويبين فيها منفعة المنطق وغرضه وموضوعه ومطالبه ونسبة الألفاظ إلى معانيها ومفهوماتها واختلاف أوضاعها ودلالاتها، والمناسبة بين موجودات الأعيان ومتصورات الأذهان، وتعريف الكليات الخمس وذلك في ستة عشر فصلا.
المقالة الثانية: في العلوم وما له وبه يكون التصديق والتكذيب وهي في سبعة فصول، ويتناول فيه المحصورات والمهملات والمخصوصات من القضايا، وجهات القضايا، والقضايا الكلية والجزئية، وذكر المناسبات بين القضايا في الصدق والكذب، والمادة والجهة، واشتراك القضايا وتباينها وتضادها وتناقضها.
المقالة الثالثة: في علم القياس وهي في سبعة عشر فصلا ويتعرض فيها إلى تأليف القضايا بعضها مع بعض على صورة يستفاد بعلمها الحاصل علم بمجهول، وفي الأشكال وطرق نتائجها، وعكوس المقدمات وما يلزم صدقه فيها من صدق أصولها، والقرائن القياسية، والقياسات المركبة، واكتساب المقدمات، واستقرار النتائج وإنتاج الصادق من الكاذب، وبيان الدور وعكس القياس، وقياس الخلف، والاستقراء والتمثيل والمقاومة والرأى والعلامة.
المقالة الرابعة: في علم البرهان وفيها ذكر أقسام المقدمات ومطالب العلوم، وكيفية معرفة المقدمات الأولية وعلى أي وجه يعلمها العالم بعد جهله بها، وشرائط مقدمات البرهان، وترتيب العلوم الحكمية وما تشترك فيه وما تفترق به، ومبادئ البراهين وكيف يتعرف الإنسان ما لا يعرفه منها، وذلك في سبعة فصول.
المقالة الخامسة: في علم الجدل، وهي في سبعة فصول وتتناول القياسات الجدلية، والآلات التي تستنبط بها المواضع الجدلية، والمواضع الخاصة بالعرض العام والجنس والأثر والأفضل، والمواضع الخاصة بالفصل والخاصة، والمواضع الخاصة بالحد، والوصايا التي ينتفع بها المجادل.
المقالة السادسة: في أقاويل السوفسطقية وهي قياسات المغالطين وأقاويلهم.
المقالة السابعة: في القياسات الخطابية وفيها فصلان: الأول في الأمور الكلية من الخطابة، والثاني في الأنواع الجزئية من الخطابة.
المقالة الثامنة: في القياسات والأقاويل الشعرية، وتحتوي على فصل في صناعة الشعر ومقاصد الشعراء.
الجزء الثاني: في الطبيعيات، ويتكون من ستة أجزاء:
الأول: في مطالب السماع الطبيعي وتحقيق النظر فيها وهو في ثمانية وعشرين فصلا تتناول تعليم العلوم وتعلمها، وتعريف الطبيعة والطبع وما يش تق منهما وما ينسب إليها وموضوع العلم الطبيعي، والمبادئ والأسباب والعلل، وتحقيق القول في وحدة الجسم، والحركة، وإثبات المحرك لكل متحرك، والمكان والزمان، والخلاء وما قيل فيه، والنهاية واللانهاية في المكان والزمان وغيرهما، ووحدة الحركة وكثرتها وتقابلها وتضادها، والحركة المتقدمة بالطبع وباقي خواص الحركات، والعلل المحركة والمناسبة بينها وبين المتحركات.
الثاني: وهو في عشرة فصول وتشتمل على صور الأجسام وخواصها وقواها، وطبائع الكواكب ومحركاتها وغاياتها، والمبادئ والقوى المحركة والمسكنة للأجسام التي في داخل الفلك، وكيفية اتصال الأجسام وانفصالها ووحدتها وكثرتها بالذات والعرض، وأسباب الحركة العرضية والسكون للأجسام العنصرية.
الثالث: وفيه أحد عشر فصلا ويتناول فيها التغير والاستحالة والكون والفساد، والمزاج والامتزاج، وإعداد الأمزجة المختلفة لأصناف الممتزجات للقوى الفعالة، كما يبين أنواع الكائنات واختلافها في كونها وفسادها، والحرارة الطبيعية المزاجية والغريزية الموجودة في النبات والحيوان، والحر والبرد الزمانيين وأسبابهما، والجبال والبحار والأدوية والأنهار والعيون والآبار.
الرابع: ويشتمل على المعاني والأعراض وفيه خمسة فصول، يتحدث فيها عن السحاب والمطر والثلج والبرد، والرياح والزلازل والرعد والبرق والصواعق، وأحداث الجو الأعلى مثل الشهب وكواكب الأذناب والجراب والشموس والمصابيح ونحوها، ويعقد فصلا للحديث عن المعادن والمعدنيات، وما ينسب إلى العلم الطبيعي من الكيمياء وأحكام النجوم .
الخامس: ويشتمل على المعاني والأعراض في النبات والحيوان وتحقيق النظر فيها وهي في اثني عشر فصلا، وتتناول ما يشترك فيه النبات والحيوان من الخواص، وتولد النبات واختلافه بحسب البقاع، وخواص الحيوان التي يتميز بها عن النبات، وأصناف الأعضاء ومنافعها، والأعضاء الآلية، وآلات التناسل، والأخلاط، واشتراك الحيوانات واختلافها في الخلق والأخلاق، والحكمة المستفادة من النبات والحيوان، ثم يعرض للكلام عن الجن والأرواح.
السادس: ويشتمل على المعاني والأعراض للنفس وبه ثلاثون فصلا، ويتناول القوى الفعالة في الأجسام وأصنافها، والنفس وماهيتها، وتعديل الأفعال النفسانية ونسبتها إلى القوى، وكذلك الادراكات النفسانية وتحقي قهما، وما قيل في البصر والإبصار بالشعاع والانطباع، وما قيل في السمع، وتعلق النفوس بالأبدان وآليتها في أفعالها، والقول في النفس من أنها جوهر أو عرض، وتحقيق القول في كون النفس جوهر قائم بنفسه موجود لا في موضوع ، وبيان حال النفس قبل تعلقها بالبدن، وما يقال من قدمها وحدوثها، وعن وحدة النفوس الإنسانية أو كثرتها بالشخص أو بالنوع، وذكر العلة أو العلل الفاعلية للنفوس الإنسانية، والمعرفة والعلم، وفي كون مدرك العقليات فينا واحد بعينه، وما يقال من العقل بالقوة وفي العقل الفعال، وكذلك إبطال ما قيل من أن العقل لا يدرك الجزئيات والمحسوسات، والرؤيا والمنام وما يراه الإنسان في الأحلام، وكذلك الأحوال الأصلية والاكتسابية للنفوس الإنسانية، والخير والشر والسعادة والشقاوة للنفوس الإنسانية، وخواص النفوس الشريفة من النفوس الإنسانية ونوادر أحوالها، وحالة النفوس بعد مفارقة الأبدان، والسعادة والشقاوة الأخريين للنفوس الإنسانية.
الجزء الثالث: في العلم الإلهي، ويتكون هذا الجزء من مقالتين: المقالة الأولى: في ما بعد الطبيعة وهي في أربعة وعشرين فصلا وتتناول غرض العلم وموضوعه وما يختص به نظره، والعلم الإلهي والإلهيات، ومنفعة علم ما بعد الطبيعة، وكذلك أجناس الجواهر والأعراض، وعن الوجود والموجود وانقسامهما إلى الواجب والممكن، ومعرفة العلل والمعلولات من الأعيان الوجودية، وصفات المبدأ الأول، وشرح كلام من قال إن الله لا يحيط علمه بالموجودات، وكيفية علم الله ومعرفته بالأشياء، وما يعارض به هذا القول من أقاويل القدماء والجواب عنه، ثم إثبات الصفات الذاتية لله تعالى، وإثبات الغاية والعلة الغائية للموجودات، والكلام في تناهى العلل، والطرق العلمية التي ينتهي منها الإنسان بعلمه إلى معرفة الله، ويختم المقالة بالتفريق بين الهيولى والنفس والعقل من جهة ما يحلها من الصور والأعراض.
المقالة الثانية: وفيها ثلاثة عشر فصلا وتتحدث عن بداية الخلق والإيجاد، وذكر رأى الفلاسفة في بداية الخلق، وتتبع ما قيل في بداية الخلق من العقول المفارقة ونفوس الأفلاك وأجرامها ، وذكر ما أدى إليه النظر من بداية الخلق والاحتجاج عليه، وتكلم عن الحركة وما يشبهها، واتصال العلل والمعلولات الدائمة بالحو ادث، والقضاء والقدر، والرأي المعتبر في القضاء والقدر، والهيولى والصورة، ويختم المقالة بكلام عن النفس الإنسانية.
النسخ المحققة
طبع الكتاب في مطبعة حيدر آباد الدكن، دائرة المعارف العثمانية، 1357هـ / 1938 م، 3 أجزاء.
منقووول
ويتبع
القانون المسعودي
أحد المؤلفات الكبرى في علم الفلك والأرصاد التي ظهرت في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي. وقد أهداه مؤلفه أبو الريحان البيروني إلى السلطان مسعود بن محمود الغزنوي.
والكتاب يعتني بكل ما توصل إليه العلماء في الحضارات السابقة وكذلك المعاصرون له مع نقد مطلع وتفنيد الآراء دون تحيز أو محاباة. وقد انتهج البيروني منهجا خاصا هو ألا يأخذ النظريات والأرصاد قضية مسلما بها بل ناقش البراهين والأدلة وأضاف إليها من علمه وأعاد الأرصاد أكثر من مرة لكي يتأكد من صحة النتائج التي ذكرها في كتابه. فيقول البيروني: "ولم أسلك فيه مسلك من تقدمني من أفاضل المجتهدين من طالع أعمالهم واستعمل زيجاتهم على مطايا الترديد إلى قضايا التقليد باقتصارهم على الأوضاع الزيجية وتعميتهم خير ما زاولوه من عمل وطيهم عنهم كيفية ما أصابوه من أصل حتى أحوجوا المتأخر عنهم في بعضها إلى استئناف التعليل وفي بعضها إلى تكلف الانتقاد والتضليل إذ كان خلد فيها كل سهو بدر منهم لسبب انسلاخه عن الحجة وقلة اهتداء مستعمليها بعدهم إلى المحجة وإنما فعلت ما هو واجب على كل إنسان أن يعمله في صناعته من تقبل اجتهاد من تقدمه بالمنة وتصحيح خلل إن عثر عليه بالحشمة وخاصة فيما يمتنع إدراك صميم الحقيقة فيه من مقادير الحركات وتخليد ما يلوح له فيها تذكرة لمن تأخر عنه بالزمان وأتى بعده وقرنت بكل عمل في كل باب من علله وذاك ما توليت من عمله ما يبعد به المتأمل عن تقليدي فيه ويفتح له باب الاستصواب لما أصبت فيه أو الإصلاح لما زللت عنه أو سهوت في حسابه".
محتويات الكتاب
يشتمل الكتاب على إحدى عشرة مقالة جاءت موزعة على ثلاثة أجزاء. وقد قسمت كل مقالة إلى عدد من الأبواب، بلغت في مجموعها مائة واثنين وأربعين بابا. فجاء الكتاب على النحو التالي:
الجزء الأول وتشمل الخمس مقالات الأولى، وتتناول هيئة الموجودات الكلية في العالم بإجمال وإيجاز للتوطئة، وعن العالم بكليته كجرم مستدير الشكل، وعن الأثير والعالم المتحرك والعناصر الأربعة، وعن المباحث الستة من كتاب المجسطي، وعن كرية الأرض وكرية السماء، وعن الكسوف . كما تناول في الأب واب الأخرى لهذه المقالة الأيام والشهور وسنة القمر ، وسنة الشمس ، وغير ذلك. ثم يقدم عرضا موجزا لتواريخ الأنبياء، والملوك من عهد سيدنا آدم عليه السلام حتى ملوك عصره وذلك للصلة الوثيقة بينها وبين التقاويم المختلفة والتواريخ المشهورة مع الإشارة إلى أصلها والأسباب التي جعلت منها عيدا دينيا أو مناسبة مشهورة. ثم ينتقل للحديث عن الجوانب النظرية في جداول حساب المثلثات التي تعتمد عليها النظريات والأرصاد والحسابات الفلكية. وينتقل بعد ذلك إلى الناحية التطبيقية فيبين زاوية تقاطع معدل النهار مع منطقة البروج في خط الاستواء ودرجة الكواكب وعرضه، ومعرفة عروض البلدان بارتفاعات الأشخاص وسعة المشارق والمغارب، ودرجة طلوع الكواكب وغروبها ومعرفة الوقت من الليل بقياس الكواكب الثابتة، والماضي من النهار قبل سمت الشمس أو عكسه.
الجزء الثاني ويشتمل على أربع مقالات من الخامسة حتى الثامنة. ويتناول فيها المسائل الأرضية المتصلة بالظواهر الفلكية كتعيين خطوط الطول والعرض للبلدان واتجاه مكان بالنسبة لمكان آخر وقياس حجم الأرض أو محيطها وخصائص الكرة السماوية في خطوط العرض المختلفة ووصف موجز لجغرافية الأرض مع جدول لخطوط الطول والعرض جمع فيه ما يزيد على ستمائة بلد ومكان. ثم يتحدث عن كيفية الوقوف على أوقات الاعتدالات وتصور الحركة في الأفلاك التي يظن أنها متقاطعة، وحركة الشمس الوسطى بالطريقة التي استخرجها بها بطليموس ومقدار حركة الأوج ( مصطلح فلكي ) وغير ذلك.
ويتحدث عن حركات القمر وبعد القمر عن الأرض واختلاف منظر القمر، وعن أحوال الكسوف واختلاف مناظره. وكذلك كسوف القمر ومداري البحرين ومنازل القمر.
الجزء الثالث ويشمل المقالات الثلاث الأخيرة، ويتناول في أبوابها الفرق بين الكواكب الثابتة والسيارة وتقسيم الكواكب الثابتة وجداول الثوابت وصور الدب الأكبر والأصغر والتنين والعقاب والثور والعذراء والسمكتين وقيطس والنهر والأرنب وقنطورس والسمع وتشريق الكواكب وتغريبها، والجداول وتقويم الكواكب بها وجداول حركات زحل والمشترى والزهرة و عطارد والمريخ واستخراج المقامات وغاية تباعد الزهرة وعطارد عن الشمس ، وتناظر الكواكب وال بروج وتحاويل سني العالم، والمواليد وشهورها، وتقسيط القوى بحسب المواضع، ومعرفة الطاقات في كل واحد من فلكي الأوج والتدوير ولوازمها وصعود الكواكب وهبوطها وقرانات الكواكب العلوية إلى غير ذلك. والكتاب مزين بالعديد من الأشكال والرسوم المختلفة والجداول الكثيرة.
النسخ المحققة
طبع كتاب القانون المسعودي لأول مرة بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد الدكن بالهند عام 1373هـ / 1954 م. ولقد بذلت فيه دائرة المعارف مجهودا ضخما في سبيل طبع هذا الكتاب النفيس حيث بقي في الخفاء مدة طويلة من الزمان وقد تمت المقارنة بين النسخ السبعة والاعتماد على النسخة المخطوطة الرابعة الموجودة في مكتبة بايزيد بإستانبول أساسا للطبع. وتقع هذه الطبعة في ثلاثة أجزاء في نحو ألف وخمسمائة صفحة، عدا المقدمات والفهارس. وقد أعاد تحقيق المقالة الثالثة منه إمام إبراهيم أحمد، ونشرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة عام 1384 / 1965.
رسالة في العلة الفاعلة للمد والجزر
واحدة من أهم رسائل أبي يعقوب الكندي ، التي ألفها في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي. يبدأ فيها الكلام عن المد وأنواعه- الطبيعي والعرضي- ويستطرد من ذلك إلى الكلام عن عيون الماء وأنواعها، وكيفية تكوينها، وعن أنواع المياه الظاهرة على وجه الأرض والباطنة فيها، وعن أحوالها وقوانين نشأتها واستحالتها، ثم يتكلم عن بعض الأجرام السماوية وسرعتها وأحجامها وبعدها عن الأرض، وعن فعلها فيما على ظهر الأرض، ويتكلم عن المد وأنواعه وأنواع الاضطراب الناشئة في المياه البحرية والبرية بسبب التعفن والنتن، وينتهي بالكلام عن المد والجزر بمعناهما العادي.
وبعد الانتهاء من تعريف المد ينتقل إلى أنواعه فيذكر نوعين من المد هما:
المد الطبيعي: وهو "استحالة الماء من صغر الجسم إلى عظمه".
المد العرضي: وهو "زيادة الماء بانصباب مواد فيه"، كما في الأنهار والأودية والفيوض التي أصلها من الأنهار.
كما يتحدث عن حركة الأشخاص العالية على الجرم الأوسط أي الأرض والماء، وما تسببه المتحركات حول الأرض، ويؤكد على حركة القمر بالذات وذلك لأنه أقرب المتحركات إلى الأرض، ويذكر معلومات عن سرعته ودورته والزمان الذي يستغرقه، وكذلك يذكر معلومات عن الشمس والزمان الذي تستغرقه في دورانها حول الأرض، وعن سرعة حركتها، وكذلك زحل، وهو يركز على تأثير كل من الشمس والقمر في الأرض، فالشمس تؤثر على وجه الخصوص في الهواء والنار أكثر من تأثيرها على الماء والأرض، أما القمر فإن فعله في الأرض والماء أوضح، ولكن فعله في الماء أكثر وضوحا وذلك لسيلان الماء وانقياده لحركة القمر، وتعرض الرسالة لأقوال القدماء عن القمر، فمن قائل بالمائية، ومن قائل بالأرضية. ثم يوضح السبب في ذلك، وهو أن القمر يولد حرارة أثناء مروره بجو الأرض، هذا إلى جانب حرارة الشمس، وطبقا لقانون تمدد الأجسام فإن الحرارة تزيد حجم الهواء، وبالتالي حجم ماء البحر الذي يمر به القمر.
ثم تتبع الرسالة في التفصيل في أنواع المد البحري الطبيعي ويقصد به مد البحار وجزرها وهو على ثلاثة أنواع: المد السنوي، والمد الشهري، والمد اليومي. والمد السنوي للبحار هو الزيادة في مياه البحار في وقت محدود من السنة في موضع دون موضع، حسب حركة الأجرام العليا، ويشار في ذلك بين قانون التمدد وعلاقته بالرياح وعلاقة ذلك بالمد والجزر. ويحدث تبادل للمد والجزر السنوي فعند انتقال الشمس إلى جهة الجنوب يحدث مد في جهة الشمال وجزر في جهة الجنوب وهكذا، وعلى ذلك يتضح أن المد السنوي يكون في الجهة المخالفة، أي التي ليست فيها الشمس، والعكس يكون الجزر السنوي، وكلما ازدادت حرارة الشمس يكون المد السنوي والجزر السنوي أشد وأكبر.
أما المد الشهري واليومي حيث تظهر أهمية العلاقة بين القمر والأرض في هذين النوعين، واختلاف شدة أو ضعف المد والجزر، بحسب تغير أوضاع القمر في دورته حول الأرض، فتعرض الرسالة عدة حالات تختلف فيها مواضع القمر بالنسبة للأرض والشمس مما يؤثر على عملية وكمية المد والجزر. وفي ذلك تحديد لأربعة مواضع رئيسية للقمر أثناء دورانه خلال الشهر، وبين هذه المواضع الأربعة الرئيسية تقع أربعة مواضع أخرى فرعية، ويمكن تفصيلها كما يلي:
أولا: المواضع الرئيسية:
الموضع الأول: الاجتماع وفيه يقع القمر على سمت واحد بين الشمس والأرض فيزيد المد السنوي والشهري في تلك المدة، وزيادته تكون أكبر للمد السنوي ويفسر الكندي ذلك التأثير بسبب اضمحلال نور القمر وانعكاسه إلى جهة الشمس بعيدا عن الأرض، وهذا الوضع يسمى في العلم الحديث بوضع المحاق، حيث يقع القمر بين الأرض والشمس ويتجه الجانب المضيء من القمر جهة الشمس.
الموضع الثاني: الامتلاء أو المقابلة وفيه تكون الأرض في موقع متوسط بين القمر والشمس، وعلى سمت واحد، ويسبب هذا الوضع زيادة واضحة في المد الشهري. ويقابل في هذا الوضع في العلم الحديث "البدر" حيث تقع الأرض بين الشمس والقمر، ويكون الجانب المضيء هو المواجه للأرض.
الموضع الثالث والرابع: التربيع الأول والتربيع الثاني، ويكون القمر عن يمين الشمس وذلك في التربيع الأول وعن يسارها في التربيع الثاني، وفي هذين الوضعين يزيد المد الشهري أو يقل تبعا لوضع القمر في فلك دورانه، ويسمى ذلك في العلم الحديث الربع الأول والربع الأخير، حيث يكون كل من الشمس والقمر متعامدا بالنسبة للأرض، أي يصنع الخطان الواصلان من كل منهما للأرض زاوية قائمة.
ثانيا: المواضع الفرعية:
وفيه أربعة مواضع أخرى فرعية للقمر أثناء دورانه في فلكه حول الأرض، وهي المواضع التي تقع في النصف فيما بين الأوضاع الأربعة الرئيسية السابق ذكرها، فإذا وقع القمر في المناصفة بين إحدى هذه المواضع يكون نقص الماء، أي جزره الشهري أشد ما يكون وأكبر ما يكون. وتذكر الرسالة أن أفضل جزر يكون في المواضع الأربعة يقع في الموضعين اللذين يليان الامتلاء، أي الذي قبل الامتلاء والذي بعد الامتلاء.
وفي ذلك الوضع أكبر تأثير للقمر يقع في المد والجزر اليومي، بسبب حركة القمر اليومية، وتحدد الرسالة أن كل موضع من الأرض يظهر فيه المد والجزر اليومي، يظهر فيه المد حين يبتدئ طلوع القمر عليه، ويبتدئ جزره حين يبتدئ زوال القمر عنه.
أما المد العرضي وهو "زيادة الماء بانصباب مواد فيه أصلها مما ارتفع من الأرض والبحار". وأهم ما في رسالة الكندي هذه هو تركيزها على الجانب التجريبي فالرسالة غنية بالتجارب العلمية ومن أهمها تجربته لإثبات تحول أن الأجسام تتمدد بالحرارة، وتجربته لإثبات أن الحرارة تتولد من الحركة، وتجربة القليب، وتجربة القنينة لإثبات تحول الهواء ماء، إلى غير ذلك من التجارب.
النسخ المحققة:
حققت الرسالة ضمن مجموعة رسائل الكندي الفلسفية، بعناية محمد عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة: دار الفكر العربي، عام 1308 هـ / 1891 م-1311هـ / 1894 م- 1369 هـ / 1950 م-1372هـ / 1953 م.
كتاب المباحث الشرقية
يعد كتاب المباحث الشرقية من أهم الموسوعات العلمية العربية القديمة، وقد ألفه فخر الدين الرازي في القرن السادس الهجري الثالث عشر الميلادي، وهذا الكتاب يضارع كتاب: المعتبر في الحكمة للعالم ابن ملكا البغدادي ، ويضم الكتاب بين دفتيه آراء فخر الدين الرازي النظرية، بأسلوب فلسفي جدلي في عدة علوم يجمعها في رأيه في علمين: علم الوجود الطبيعي في علومه الكيميائية والفيزيائية والطبية وغيرها، والعلم الإلهي، وقد اعتبره الرازي بطريقته الجدلية علما يمكن أن يسمى بالفلسفة الأولى.
وقد أكثر الكلام في مباحث الأمور العامة بأسلوب لم يسبقه إليه أحد، فكان يبحث في المسائل الخلافية ويذكر الآراء فيها ويحققها، ويذكر الصواب فيها، وكذلك بحث في أكثر المسائل الفلكية والمسائل الطبيعية وعلم الفلك، وعلم الرياضيات، والهندسة المستوية، وعلم النبات، وعلم الأرض.
وقد أعلن فخر الدين الرازي في كتابه آراء خالف بها رأي ابن سينا ، ومنها أن علم المنطق علم مستقل بذاته، وليس آلة يستخدمها العقل في تحصيل الأمور الموجودة في العالم، وليس مدخلا للعلوم الأخرى. وأن علم الكيمياء علم صحيح وحقيقي، وليس علما باطلا كما يذكر ابن سينا.
المحتويات
ويقع كتاب المباحث الشرقية في مقدمة تحدث فيها عن هدف الكتاب ومنهجه، ومجموعة كتب منقسمة إلى مباحث. وتنقسم تلك الكتب إلى فنون وأبواب وينقسم كلاهما إلى فصول.
وفي الكتاب الأول عالج فخر الدين الرازي الأمور العامة في خمسة أبواب، وعالج في الباب الأول عبر عشرة فصول قضايا الوجود المادي والذهني وقضايا الماهية والوجود، وقضايا الموجود والمعدوم، وعلاقة الوجود بالماهية.
ويعالج الباب الثاني من الكتاب الأول في عشرين فصلا قضايا الماهية، ولواحقها، أقسامها، وأجزائها، وبسائطها، ومركباتها الذهنية والخارجية، وما يتصل بها من الجواهر والأعراض، وكونها مركبة من الجنس والفصل، والفروق التي تميز بين المادة والجنس والفصل والصورة.
وفي الكتاب الثاني بحث فخر الدين الرازي عبر مقدمة وجملتين عن أحكام الجواهر والأعراض وعن حقيقة الجوهر والعرض، وتحدث في المقدمة عن بيان حقيقة الجوهر والعرض من خلال خمسة عشر فصلا. والجملة الأولى: عن أحكام الأعراض وبها مقدمة وخمسة فنون. والمقدمة في بيان عدد المقولات وبها أربعة مباحث الثلاثة الأول منه ا عن أن كل واحدة من هذه المقولات جنس، وعن أن المقولات العشر أجناس عالية، ولا مقولة أخرى خارج المقولات العشر، وعن كيفية انقسام هذه المقولات إلى أنواع.
وبعد هذه المقدمة أورد فخر الدين الرازي فنونه الخمسة: الفن الأول في قضايا الكم وبه أربعة وعشرون فصلا. والفن الثاني في قضايا الكيف في مقدمة بها فصلان، عن رسم الكيف وتقسيمه، ثم عقد أقساما أربع في قضايا الكيف. القسم الأول في الكيفيات المحسوسة، وفيه خمسة أبواب: الباب الأول عن أمور كلية بهذا القسم في أربعة فصول. والباب الثاني في أحد عشر فصلا عن الكيفيات الملموسة من: حرارة وبرودة، ورطوبة ويبوسة، ولطافة وكثافة، وبلة وجفاف، ولزوجة وهشاشة، وثقل وخفة. والباب الثالث في تسعة فصول عن الكيفيات المبصرة من: نور وظلمة، وضوء وشعاع، وبريق ولون. والباب الرابع في ستة فصول عن الكيفيات المسموعة من صوت وصدى، وثقل الصوت وحدته وسبب الصوت. والباب الخامس في ثلاثة فصول عن الكيفيات المذوقة والمشمومة من طعوم وروائح.
والقسم الثاني من الفن الثاني فصول عن القوة واللاقوة، واللين والصلابة.
والقسم الثالث من الفن الثاني عن الكيفيات المختصة بذات الأنفس، ويقع في أربعة أبواب. الباب الأول منها: في العلم وأحكامه، ويتعلق العلم بثلاثة أطراف: العلم، والعالم، والمعلوم. الطرف الأول عن العلم وقضاياه في ثمانية وعشرين فصلا عن قضايا العلم الفلسفية، والطرف الثاني عن العالم أو العاقل وقضايا التعقل في ستة فصول. والطرف الثالث عن المعلوم أو المعقول في ثلاثة فصول عن حقائق الأشياء ودرجات المعلومات. والباب الثاني من القسم الثالث في خمسة فصول عن القوى والأخلاق. والباب الثالث من القسم الثالث في خمسة فصول عن الألم واللذة. والباب الرابع من القسم الثالث في سبعة فصول عن الكيفيات النفسانية من صحة ومرض، وفرح وحزن، ونشاط وخمول، وقسوة ورحمة، وتسامح وحقد.
والقسم الرابع من الفن الثاني في مقدمة وثلاث أبواب عن الكيفيات المختصة بالكميات. والمقدمة عن بيان حقيقة الكيفيات وأقسامها. والباب الأول من هذا القسم في سبعة فصول عن الاستقامة والاستدارة في الأشكال. والباب الثاني في ستة فصول عن الشكل والزاوية، وإثبات الكرة والأسطوانة والمخروط. والباب الثالث في فصلين عن الخلقة وخواص الأعداد.
والفن الثالث في بقية المقولات، وفيه بابان: الباب الأول في خمسة عشر فصلا في المضاف، وخواص المضاف ين، وكيفية تحصيل الإضافة النوعي والصنفي والشخصي، وتقسيم الإضافات. وفي الجزئي والكلي. وفي المتقدم والمتأخر. وفي التام والناقص. والباب الثاني في خمسة فصول عن: أين. متى. الوضع. الملك. وفي أن يفعل وأن ينفعل.
والفن الرابع في العلل والمعلولات وفيه مقدمة وأربعة أقسام. والمقدمة في بيان حقيقة العلة وأقسامها. والقسم الأول في ثمانية عشر فصلا في العلة الفاعلة. والقسم الثاني في ستة فصول في العلة المادية. والقسم الثالث في ثلاثة فصول في العلة الصورية. والقسم الرابع في اثني عشر فصلا في العلة الغائية.
والفن الخامس في اثنين وسبعين فصلا عن الحركة والزمان.
والجملة الثانية في الجواهر وفي هذه الجملة فنون ثلاثة: الفن الأول عن الأجسام وفيه أربعة أبواب: الباب الأول في ثمانية عشر فصلا عن تجوهر الأجسام. والباب الثاني عن أحكام الأجسام البسيطة وبه مقدمة وقسمان وخاتمة. المقدمة عن حقيقة البسيط والمركب. والقسم الأول في عشرين فصلا عن الأجسام الفلكية. والقسم الثاني في ثلاثة عشر فصلا عن الأجرام العنصرية: ترتيب العناصر، وطفو الأجسام، وحركة القمر ، والنار، والهواء، والبحر، وملوحة الماء، وحركة البحر. والخاتمة في ثلاثة فصول عن الأجرام البسيطة وعن أن العالم واحد، وأن الأجسام أقدم العناصر الأرضية. والباب الثالث في تسعة عشر فصلا عن المزاج وكيفية الفعل والانفعال. والباب الرابع عن الكائنات التي لا نفس لها، وفيه أقسام: القسم الأول في ستة فصول عن ما يتكون فوق الأرض من البخار من السحاب والمطر والثلج والبرد والطل والصقيع و الهالة ، و قوس قزح وشعاع السراج وقوس القمر والشميسات والنيازك والعصي. أما القسم الثاني من الباب الرابع ففيما يتكون من الدخان فوق الأرض ، وفيه سبعة فصول عن الرعد والبرق والصاعقة والأنوار التي تشاهد بالليل في بعض المواضع والكواكب المنقضة وما يشبهها واشتعال النار وانطفائها والحريق والريح. والقسم الثالث من الباب الرابع فيما يحدث على وجه الأرض وما تحتها وفيه خمسة فصول عن سبب ارتفاع اليابس من الأرض عن الماء والبلدان وأمزجتها والحر والبرد ومنابع المياه والزلزلة. والقسم الرابع من الباب الرابع عن العناصر المركبة وفيه تسعة فصول عن الأحجار و الجبال والطين والمعدنيات والطوفانات وصنعة الكيمياء.
والفن الثاني من الجملة الثانية -جملة الجواهر- في علم النفس وفيه ثمانية أبواب: الباب الأول عن الأحكام الكلية للنفس، وفيه خمسة فصول في تعريف النفس وماهيتها وجوهريتها وقواها واختلاف أفاعيلها. والباب الثاني وبه اثنان وعشرون فصلا عن القوى النباتية وأحكامها. والباب الثالث وفيه ثلاثة عشر فصلا عن المدركات، وهي: اللمس، والذوق، والشم، والسمع، والبصر. وتحدث فيها عن المحسوسات المشتركة. والباب الرابع فيه فصلان تحدث فيهما عن الإدراكات الباطنة. والباب الخامس وفيه أحد عشر فصلا عن بيان تجرد النفس وحدوثها وبقائها وعلاقة النفس بالبدن، وتناول فيها آراء القدماء وعلق عليها. والباب السادس وفيه أحد عشر فصلا عن شرح أفعال النفس وخواصها. والباب السابع فيه ثلاثة فصول عن حال النفس بعد مفارقة الجسد. أما الباب الثامن والأخير فعن النفوس السماوية.
والكتاب الثالث من الجملة الثانية -جملة الجواهر- في الإلهيات المحضة، وفيه أربعة أبواب. الباب الأول وفيه ستة فصول عن إثبات واجب الوجود ووحدانيته وتنزهه عن مشابهة الجواهر والأعراض. والباب الثاني من الكتاب الثالث من الجملة الثانية فيه عشرة فصول عن إحصاء صفات الله. أما الباب الثالث من الكتاب الثالث من هذه الجملة ففيه ستة فصول عن أفعال الله. والباب الرابع والأخير من الكتاب الثالث من هذه الجملة عن النبوات وتوابعها وضرورة النبوة، وهو في فصل واحد قصير.
النسخ المحققة
وقد نشر كتاب المباحث الشرقية في حيدر آباد بدائرة المعارف العثمانية عام 1343هـ / 1924 م في مجلدين مع ترجمة للمؤلف والمصنف.
الزيج الصابئ
أحد أشهر المؤلفات في مجال علم الأزياج من فروع علم الفلك، وتأتي شهرته أن مؤلفه البتاني قد وضع فيه معلومات صحيحة ودقيقة كان لها أثرها في تطور علم الفلك طوال العصور الوسطى عند المسلمين وأوائل عصر النهضة في أوروبا. والكتاب دراسة في القوانين الفلكية من خلال مقدمة وسبعة وخمسين بابا، أورد في المقدمة المنهجية التي كتبها لكتابه وصفا لأهمية هذا العلم، ومكانته بين العلوم، وسبب وضعه هذا الكتاب فيقول:
"إنه من أشرف العلوم منزلة، وأسناها مرتبة، وأحسنها حلية، وأعلقها بالقلوب، وألمعها بالنفوس وأشدها تحديدا للفكر والنظر وتذكية للفهم ورياضة للعقل بعد العلم، بما لا يسع الإنسان جهله من شرائع الدين وسنته، علم صناعة النجوم . لما في ذلك من جسيم الحظ وعظيم الانتفاع بمعرفة مدة السنين والشهور والمواقيت وفصول الأزمان وزيادة النهار والليل ونقصانها، ومواضيع النيرين( الشمس و القمر ) وكسوفهما، ومسير الكواكب في استقامتها ورجوعها وتبدل أشكالها ومراتب أفلاكها وسائر مناسبتها، إلى ما يدرك بذلك مَن أنعم النظر وأدام الفكر فيه من إثبات التوحيد ومعرفة كنه عظمة الخالق وسعة حكمته، وجليل قدرته ولطيف صنعته".
وقال أيضا:- "لما أطلت النظر في هذا العلم وأدمنت الفكر فيه ووقفت على اختلاف الكتب الموضوعة لحركات النجوم، وما تهيأ على بعض واضعيها من الخلل في ما أصلوه فيها من الأعمال وما ابتنوها(بنوها) عليه، وما اجتمع أيضا في حركات النجوم على طول الزمان - لمّا قيست أرصادها إلى الأرصاد القديمة - وما وجد في ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار من التقارب، وما تغير بتغيره من أصناف الحساب وأقدار أزمان السنين وأوقات الفصول واتصالات النيرين التي يستدل عليها بأزمان الكسوفات وأوقاتها أجريت في تصحيح ذلك كله وإحكامه على مذهب بطليموس في الكتاب المعروف بالمجسطي بعد إنعام النظر وطول الفكر والرؤية مقتفيا أثره متبعا ما رسمه إذ كان قد تقصى ذلك من وجوهه ودل على العلل والأسباب العارضة فيه بالبرهان الهندسي والعددي الذي لا تُدفع صحته ولا يشك في حقيقته فأمر بالمحنة والاعتبار بعده وذكر أنه قد يجوز أن يستدرك عليه في أرصاده على طول ا لزمان كما استدرك هو على إبرخس وغيره من نظرائه لجلالة الصناعة ولأنها سماوية جسيمة لا تدرك إلا بالتقريب. ووضعت في ذلك كتابا أوضحت فيه ما استعجم، وفتحت ما استغلق، وبينت ما أشكل من أصول هذا العلم، وشذ من فروعه، وسهلت به سبيل الهداية لمن يأثر به ويعمل عليه في صناعة النجوم، وصححت فيه حركات الكواكب ومواضعها من منطقة فلك البروج على نحو ما وجدتها بالرصد وحساب الكسوفين وسائر ما يحتاج إليه من الأعمال، وأضفت إلى غيره مما يحتاج إليه، وجعلت استخراج حركات الكواكب فيه من الجداول لوقت انتصاف النهار من اليوم الذي يحسب فيه بمدينة الرقة، وبها كان الرصد والامتحان على تحذيق ذلك كله إن شاء الله تعالى وبه التوفيق".
محتويات الكتاب
أورد البتاني في الثلاثة الأولى منها طريقة العمليات الحسابية في النظام الستيني وأوتار الدائرة، والكرة السماوية ودوائرها. وقياس الزمن برصد ارتفاع الشمس. كما تناول في الأبواب التسعة التالية موضوع الكواكب الثابتة ومعرفة أوضاعها بالنسبة للدوائر السماوية، وطول السنة الشمسية عن طريق الرصد، والاختلاف في حركة الشمس وعدم انتظام سرعتها بين يوم وآخر على مدار السنة، وحركات القمر والكسوف والخسوف وبعد الشمس والقمر عن الأرض وأسباب أوجه القمر، وتناول الكواكب ومساراتها، وقدم مقارنة للتقاويم المختلفة عند العرب والروم والفرس والقبط، ودرس منازل القمر وقسمها إلى ثمان وعشرين منزلة كما كانت عند العرب قبل أن يطلعوا على التقسيم الهندي، ولكنه استخدم في تقسيمه الأصول الهندسية والفلكية. وبحث بعد ذلك مسار القمر ونقطتي تقاطعه مع مسار الأرض ورؤية الهلال والخسوف وكذلك تناول كسوف الشمس وأحوال ومواضع وحركات المجموعات الشمسية. واختتم الكتاب بثلاثة أبواب أحدهما خصصه لإرصاداته التي قام بها للنجوم. وبابين خصصهما لوصف الآلات الفلكية وطريقة صنعها والأخطاء التي يمكن أن يقع فيها علم الفلك.
وقد نال هذا الكتاب حظوة كبيرة عند علماء الفلك المسلمين الذين جاءوا بعد البتاني من أمثال البوزجاني ، والصاغاني ، والصوفي ، والبيروني ، وأيدوه في كثير مما جاء به.
النسخ المترجمة
نال الكتاب أهمية كبيرة في الغرب الأوروبي فتمت عدة محاولات لترجمة الكتاب إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي، وطبعت إحدى هذه الترجمات وهي ترجمة بلاتو تيفوك في نورمبرج عام 943هـ / 1537 م. كما نشر كارلو نلينو الأصل العربي منقولا عن النسخة المحفوظة بمكتبة الأسكوريال في ثلاث مجلدات بروما عام 1316هـ / 1899 م مصحوبا بترجمة لاتينية وتعليق على بعض النصوص.
المعتبر في الحكمة
من أجل وأشهر كتب الحكمة التي ظهرت في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي. وهو كتاب جليل الشأن عظيم القدر تفرد به مصنفه أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البغدادي ، بأسلوبه وعبارته الموجزة الشافية، وتفوق به على أغلب الكتب المتناولة لهذا العلم، ووقف على كتب المتقدمين والمتأخرين في هذا الشأن، فعرف العلماء قدره وأعطوه حقه من الإكرام والتبجيل.
وفي مقدمة الكتاب بين المؤلف ما دعاه لتأليفه، والمنهج الذي سلكه وما يحويه الكتاب فقال: "أما بعد حمدا لله على نعمه التي حمده من أفضلها وشكره على آلائه التي شكره من أتمها وأكملها، فإنني أقول مفتتحا لكتابي هذا إن عادة القدماء من العلماء الحكماء كانت جارية في تعليم العلوم لمن يتعلمها منهم وينقلها عنهم بالمشافهة والرواية دون الكتابة والقراءة فكانوا يقولون ويذكرون من العلم ما يقولونه ويذكرونه لمن يصلح من المتعلمين والسائلين في وقت صلاحه كما يصلح... فلما كثرت تلك الأوراق وتحصل فيها من العلوم ما لا يسهل تضييعه مع تكرار الالتماس ممن يتعين إجابتهم أجبتهم إلى تصنيف هذا الكتاب في العلوم الحكمية الوجودية الطبيعية والإلهية وسميته بالكتاب المعتبر لأني ضمنته ما عرفته واعتبرته وحققت النظر فيه، وتممته لا ما نقلته من غير فهم، أو فهمته وقبلته من غير نظر واعتبار ولم أوافق فيما اعتمدت عليه فيه من الآراء والمذاهب كبيرا لكبره ولا خالفت صغيرا لصغره بل كان الحق من ذلك هو الغرض والموافقة والمخالفة فيه بالغرض".
ولقد رتب ابن ملكا الأجزاء والمقالات والمسائل والمطلوبات في الكتاب على نحو ما فعل أرسطوطاليس في كتبه المنطقية والطبيعية والإلهية وذكر في كل مسألة آراء المعتبرين من الحكماء، وأثبت رأيه بالدليل والبرهان.
محتويات الكتاب
يحتوي الكتاب على ثلاثة أنواع من فنون العلم: المنطق، والطبيعيات، والإلهيات جاءت في ثلاثة أجزاء منفصلة.
الجزء الأول في المنطق، ويحتوي على ثمانية مقالات وكل مقالة تنقسم إلى فصول. المقالة الأولى: في الحدود ومقدمتها ويعبر عنها بالمعارف وتصور المعاني بالحدود والرسوم، ويبين فيها منفعة المنطق وغرضه وموضوعه ومطالبه ونسبة الألفاظ إلى معانيها ومفهوماتها واختلاف أوضاعها ودلالاتها، والمناسبة بين موجودات الأعيان ومتصورات الأذهان، وتعريف الكليات الخمس وذلك في ستة عشر فصلا.
المقالة الثانية: في العلوم وما له وبه يكون التصديق والتكذيب وهي في سبعة فصول، ويتناول فيه المحصورات والمهملات والمخصوصات من القضايا، وجهات القضايا، والقضايا الكلية والجزئية، وذكر المناسبات بين القضايا في الصدق والكذب، والمادة والجهة، واشتراك القضايا وتباينها وتضادها وتناقضها.
المقالة الثالثة: في علم القياس وهي في سبعة عشر فصلا ويتعرض فيها إلى تأليف القضايا بعضها مع بعض على صورة يستفاد بعلمها الحاصل علم بمجهول، وفي الأشكال وطرق نتائجها، وعكوس المقدمات وما يلزم صدقه فيها من صدق أصولها، والقرائن القياسية، والقياسات المركبة، واكتساب المقدمات، واستقرار النتائج وإنتاج الصادق من الكاذب، وبيان الدور وعكس القياس، وقياس الخلف، والاستقراء والتمثيل والمقاومة والرأى والعلامة.
المقالة الرابعة: في علم البرهان وفيها ذكر أقسام المقدمات ومطالب العلوم، وكيفية معرفة المقدمات الأولية وعلى أي وجه يعلمها العالم بعد جهله بها، وشرائط مقدمات البرهان، وترتيب العلوم الحكمية وما تشترك فيه وما تفترق به، ومبادئ البراهين وكيف يتعرف الإنسان ما لا يعرفه منها، وذلك في سبعة فصول.
المقالة الخامسة: في علم الجدل، وهي في سبعة فصول وتتناول القياسات الجدلية، والآلات التي تستنبط بها المواضع الجدلية، والمواضع الخاصة بالعرض العام والجنس والأثر والأفضل، والمواضع الخاصة بالفصل والخاصة، والمواضع الخاصة بالحد، والوصايا التي ينتفع بها المجادل.
المقالة السادسة: في أقاويل السوفسطقية وهي قياسات المغالطين وأقاويلهم.
المقالة السابعة: في القياسات الخطابية وفيها فصلان: الأول في الأمور الكلية من الخطابة، والثاني في الأنواع الجزئية من الخطابة.
المقالة الثامنة: في القياسات والأقاويل الشعرية، وتحتوي على فصل في صناعة الشعر ومقاصد الشعراء.
الجزء الثاني: في الطبيعيات، ويتكون من ستة أجزاء:
الأول: في مطالب السماع الطبيعي وتحقيق النظر فيها وهو في ثمانية وعشرين فصلا تتناول تعليم العلوم وتعلمها، وتعريف الطبيعة والطبع وما يش تق منهما وما ينسب إليها وموضوع العلم الطبيعي، والمبادئ والأسباب والعلل، وتحقيق القول في وحدة الجسم، والحركة، وإثبات المحرك لكل متحرك، والمكان والزمان، والخلاء وما قيل فيه، والنهاية واللانهاية في المكان والزمان وغيرهما، ووحدة الحركة وكثرتها وتقابلها وتضادها، والحركة المتقدمة بالطبع وباقي خواص الحركات، والعلل المحركة والمناسبة بينها وبين المتحركات.
الثاني: وهو في عشرة فصول وتشتمل على صور الأجسام وخواصها وقواها، وطبائع الكواكب ومحركاتها وغاياتها، والمبادئ والقوى المحركة والمسكنة للأجسام التي في داخل الفلك، وكيفية اتصال الأجسام وانفصالها ووحدتها وكثرتها بالذات والعرض، وأسباب الحركة العرضية والسكون للأجسام العنصرية.
الثالث: وفيه أحد عشر فصلا ويتناول فيها التغير والاستحالة والكون والفساد، والمزاج والامتزاج، وإعداد الأمزجة المختلفة لأصناف الممتزجات للقوى الفعالة، كما يبين أنواع الكائنات واختلافها في كونها وفسادها، والحرارة الطبيعية المزاجية والغريزية الموجودة في النبات والحيوان، والحر والبرد الزمانيين وأسبابهما، والجبال والبحار والأدوية والأنهار والعيون والآبار.
الرابع: ويشتمل على المعاني والأعراض وفيه خمسة فصول، يتحدث فيها عن السحاب والمطر والثلج والبرد، والرياح والزلازل والرعد والبرق والصواعق، وأحداث الجو الأعلى مثل الشهب وكواكب الأذناب والجراب والشموس والمصابيح ونحوها، ويعقد فصلا للحديث عن المعادن والمعدنيات، وما ينسب إلى العلم الطبيعي من الكيمياء وأحكام النجوم .
الخامس: ويشتمل على المعاني والأعراض في النبات والحيوان وتحقيق النظر فيها وهي في اثني عشر فصلا، وتتناول ما يشترك فيه النبات والحيوان من الخواص، وتولد النبات واختلافه بحسب البقاع، وخواص الحيوان التي يتميز بها عن النبات، وأصناف الأعضاء ومنافعها، والأعضاء الآلية، وآلات التناسل، والأخلاط، واشتراك الحيوانات واختلافها في الخلق والأخلاق، والحكمة المستفادة من النبات والحيوان، ثم يعرض للكلام عن الجن والأرواح.
السادس: ويشتمل على المعاني والأعراض للنفس وبه ثلاثون فصلا، ويتناول القوى الفعالة في الأجسام وأصنافها، والنفس وماهيتها، وتعديل الأفعال النفسانية ونسبتها إلى القوى، وكذلك الادراكات النفسانية وتحقي قهما، وما قيل في البصر والإبصار بالشعاع والانطباع، وما قيل في السمع، وتعلق النفوس بالأبدان وآليتها في أفعالها، والقول في النفس من أنها جوهر أو عرض، وتحقيق القول في كون النفس جوهر قائم بنفسه موجود لا في موضوع ، وبيان حال النفس قبل تعلقها بالبدن، وما يقال من قدمها وحدوثها، وعن وحدة النفوس الإنسانية أو كثرتها بالشخص أو بالنوع، وذكر العلة أو العلل الفاعلية للنفوس الإنسانية، والمعرفة والعلم، وفي كون مدرك العقليات فينا واحد بعينه، وما يقال من العقل بالقوة وفي العقل الفعال، وكذلك إبطال ما قيل من أن العقل لا يدرك الجزئيات والمحسوسات، والرؤيا والمنام وما يراه الإنسان في الأحلام، وكذلك الأحوال الأصلية والاكتسابية للنفوس الإنسانية، والخير والشر والسعادة والشقاوة للنفوس الإنسانية، وخواص النفوس الشريفة من النفوس الإنسانية ونوادر أحوالها، وحالة النفوس بعد مفارقة الأبدان، والسعادة والشقاوة الأخريين للنفوس الإنسانية.
الجزء الثالث: في العلم الإلهي، ويتكون هذا الجزء من مقالتين: المقالة الأولى: في ما بعد الطبيعة وهي في أربعة وعشرين فصلا وتتناول غرض العلم وموضوعه وما يختص به نظره، والعلم الإلهي والإلهيات، ومنفعة علم ما بعد الطبيعة، وكذلك أجناس الجواهر والأعراض، وعن الوجود والموجود وانقسامهما إلى الواجب والممكن، ومعرفة العلل والمعلولات من الأعيان الوجودية، وصفات المبدأ الأول، وشرح كلام من قال إن الله لا يحيط علمه بالموجودات، وكيفية علم الله ومعرفته بالأشياء، وما يعارض به هذا القول من أقاويل القدماء والجواب عنه، ثم إثبات الصفات الذاتية لله تعالى، وإثبات الغاية والعلة الغائية للموجودات، والكلام في تناهى العلل، والطرق العلمية التي ينتهي منها الإنسان بعلمه إلى معرفة الله، ويختم المقالة بالتفريق بين الهيولى والنفس والعقل من جهة ما يحلها من الصور والأعراض.
المقالة الثانية: وفيها ثلاثة عشر فصلا وتتحدث عن بداية الخلق والإيجاد، وذكر رأى الفلاسفة في بداية الخلق، وتتبع ما قيل في بداية الخلق من العقول المفارقة ونفوس الأفلاك وأجرامها ، وذكر ما أدى إليه النظر من بداية الخلق والاحتجاج عليه، وتكلم عن الحركة وما يشبهها، واتصال العلل والمعلولات الدائمة بالحو ادث، والقضاء والقدر، والرأي المعتبر في القضاء والقدر، والهيولى والصورة، ويختم المقالة بكلام عن النفس الإنسانية.
النسخ المحققة
طبع الكتاب في مطبعة حيدر آباد الدكن، دائرة المعارف العثمانية، 1357هـ / 1938 م، 3 أجزاء.
منقووول
ويتبع