المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلام شيخ الاسلام ابن تيميه عن القوى النفسانيه وخوارق العادات



ماجد
03-04-2016, 09:29 AM
كلام شيخ الاسلام ابن تيميه عن القوى النفسانيه وخوارق العادات

يقول شيخ الاسلام رحمه الله:
وأيضا فهؤلاء يقولون أن المقتضي لخوارق العادات إما أن يكون قوى نفسانية أو جسمانية وإن كانت جسمانية فإما أن تكون جسمانية عنصرية أو جسمانية فلكية فالخوارق الحاصل من التأثيرات النفسانية هي عندهم من المعجزات والكرامات والسحريات والحاصلة من القوى العنصرية كجذب المغناطيس وهي النيرنجيات والحاصلة من القوى الفلكية هي الطلسمات والقوى الفلكية لا تؤثر في الخارق إلا عند انضمام القوى العنصرية القابلة أو القوى النفسانية الأرضية الفاعلة وهذا هوالطلسمات
ومن أعظمهم إثباتا لخوارق العادات ابن سينا وقد ذكر أسباب الخوارق في أربعة أمور في سبب التمكن من ترك الغذاء مدة وهو أن النفس تشتغل بما يعرض لها من معرفة أو محبة وخوف ونحو ذلك حتى لا تجوع بسب أن القوى الهاضمة مشتغلة عن تحليل الغذاء وفي سبب التمكن من الأفعال الشاقة مثل أن يطيق العارف فعلا أو حركة تخرج عن وسع مثله وهذا كما أن النفس إذا حصل لها غضب وفرح أو انتشاء ما بسكر معتدل وأمثاله حصل لها قوة لم تكن قبل ذلك وكذلك إذا حصل لها من أحوال العارفين ما يقويها وفي سبب التمكن من الإخبار عن الغيوب ومضمونه أنه قد يعلم الغيب في اليقظة كما يعلمه في النوم وادعوا أن سبب ذلك أن العلم بالحوادث منتقش في العقل الفعال أو النفس الفلكية فإذا اتصلت النفس الناطقة بذلك علمت ذلك ثم تارة يصوره الخيال في المثال وتارة لا يصوره والسبب الموجب لاتصال النفس ضعف تعلقها بالبدن والضعف تارة يكون لجنون أو مرض كما يصيب أهل المرة السوداء وتارة يكون لفرط الجوع أو التعب أو غير ذلك من الأحوال وتارة يكون لرياضة النفس وهذه الأقسام الثلاثة الصبر عن الأكل مدة وقوة البدن والإنذار بالمنامات وما يجري مجراها أمر يحصل للمسلم والكافر والبر والفاجر فيكون سبب الخوارق وتصرفها في العناصر فإن النفس كما أثرت في بدن نفسها بالتحريك والتحويل من حال إلى حال جاز أن تؤثر في عنصر العالم ويكون كالبدن لها فتؤثر بالزلزلة وإنزال المطر ونحو ذلك قال فالذي يقع له هذا في جبلة النفس ويكون رشيدا مزكيا لنفسه فهو ذو معجزة من الأنبياء وكرامة من الأولياء والذي يقع له هذا ويكون شريرا

ويستعمله في الشر فهو الساحر الخبيث قال والإصابة بالعين تكاد أن تكون من هذا القبيل
قال وإنما يستبعد هذا من يفرض أن يكون المؤثر في الأجسام ملاقيا أو مرسل جزءا ومنفذ كيفية بواسطة ومن تأمل ما وصفناه استسقط هذا الشرط عن درجة الاعتبار فهذا ملخص كلامهم في هذا الباب ومعلوم أن جميع ما ذكروه هو أمر معتاد كثير ليس من خوارق العادات ولا من جنس المعجزات ولهذا قال ابن سينا بعد ذكر ذلك وذكر ما تقدم حكايته من أنه من لم يصدق بالجملة هان عليه التفصيل ثم قال ولعلك قد بلغك عن بعض العارفين أخبار تكاد تأتي بتقلب العادة فتبادر إلى التكذيب وذلك مثل ما يقال أن نبيا ربما استسقى للناس فسقوا أو استشفى فشفوا أو دعا عليهم فخسف بهم وزلزلوا أو هلكوا بوجه آخر ودعا لهم فصرف عنهم الوباء والموتان أو السيل أو الطوفان أو خشع لبعضهم سبع أو لم ينفر عنه طير أو مثل ذلك مما لا يأخذ في طريق الممتنع الصريح فتوقف ولا تعجل فإن لأمثال هذه أسبابا من أسرار الطبيعة وربما تأتي لي أن أقص بعضها عليك ثم ذكر أن ذلك قد يكون سببه من قوة النفس فإنها إذا كانت تتصرف في بدنها جاز أن تتصرف في غيره ومعلوم أن ما ذكروه لا يفيد الجزم بما قالوه وإنما غايته إمكان ذلك وجوازه بأن يقال إذا جاز أن يرى الإنسان مناما يدل على أمور غائبة أمكن أن يكون العلم بجميع الأمور الغائبة من هذا الباب وإذا جاز أن تؤثر النفس في بدنها وفي شيء صغير جاز أن تؤثر في مجموع الهواء والماء والتراب والنار وإذا جاز أن تقوى النفس على بعض الأفعال جاز أن تقوى على الطيران في الهواء والمشي على الماء وقلب قرى قوم لوط وفلق البحر وإنزال المن والسلوى وتفجير اثنى عشر عينا من الحجر وقلب العصا حية وإخراج القمل والضفادع وإنزال المائدة عليها خبز وسمك وزيتون وأمثال ذلك ومن المعلوم أن هذا لا يدل على نوع هذا الممكن بلا ريب فلم قلتم أن هذا هو الواقع وكلامهم في هذا مثل كلامهم في إضافة سائر أنواع الصرع إلى الخلط السوادي والبلغمي فإن هذا إنما يصح أن لو لم تكن الجن موجودين والأطباء ليس عندهم دليل على نفي الجن ولا في صناعتهم ما يمنع وجود الجن وقدماء الأطباء كأبقراط وغيره معترفون بذلك ولكن يقولون ليس في صناعتهم ما يدل على ثبوت الجن وعدم العلم ليس علما بالعدم وعدم الدليل ليس علما بعدم المدلول عليه فإن عدم ما يدل على الشيء المعين لا يقتضي انتفاؤه فكيف إذا علم بالدلائل الكثيرة أن الجن قد تصرع الإنس كما قال عبدالله بن أحمد بن حنبل قلت لأبي أن الأطباء يقولون أن الجني لا يدخل بدن الإنسي فقال يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه وهذا أمر قد باشرناه نحن وغيرنا غير مرة ولنا في ذلك من العلوم الحسيات رؤية وسماعا ما لا يمكن معه الشك لكن المقصود هنا أن نبين أنهم ينفون الشيء بلا علم والنافي عليه الدليل كما على المثبت الدليل فهم ليس معهم في كون هذه الآيات حادثة عن القوى النفسانية إلا مجرد التجويز والإمكان إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون سورة الانعام 116 وأيضا فلا دلالة لهم على إمكان كون النفوس تؤثر في مثل هذا أصلا إلا مجرد قياس بعيد لا يقتضي ذلك فهذا أول الوجوه أن يقال أنتم لا دليل لكم بكون هذه الآثار من قوى النفوس
الوجه الثاني أن يقال من هذه الآثار أمور كثيرة تعترفون أنتم بأنه يمتنع كونها من آثار النفوس كما تقدم التنبيه عليه فبطل قولكم أن الآثار المعلومة عند المسلمين واليهود والنصارى من آثار النفوس فإن مجموع ما ذكروه ليس فيه ما يكاد يخرج عن قياس الأمور المعتادة إلا حوادث الأكوان كنزول المطر وشفاء المريض وزلزلة الأرض والخسف وصرف السيل والوباء ورجوع السبع والطير وهذه الأمور يحصل جنسها بأسباب معتادة فإن المطر ينزل بأسباب متعددة وكذلك شفاء المريض وحدوث الخسف والهلاك يحصل بأسباب معتادة كما يحصل نوعه بأسباب معتادة وهذا بخلاف انفلاق البحر اثنى عشر فرقا كل فرق كالطود العظيم وانقلاب العصا حية ونزول المن والسلوى وانفجار اثنتي عشرة عينا من الحجارة ومثل نبع الماء من بين الأصابع وتكثير الطعام والشراب حتى يكفي أضعاف من كان يكفيه وانقلاع الشجرة ثم عودها إلى مكانها ثابتة فهذه الأمور وأمثالها لا يصدر جنسها عن سبب معتاد .

ماجد
03-04-2016, 09:30 AM
فهذه خارقة للعادة بخلاف ما يكون خارقا للعادة في قدره لا في جنسه وهذا الجنس هم يمنعون حصوله في العالم لا بقوي نفس ولا غيرها والعلم بحصول مثل ذلك إما بالمعاينة وإما بالأخبار الصادقة يبين فساد أصلهم وهذا مما ينبغي للعاقل أن يتدبره فإن القدر الذي بينوا سببه من الغرائب ليس من جنس خوارق العادات بل هو من جنس الأمور المعتادة وعلى هذا فيكونون منكرين لجنس الخوارق وهذا هو أصلهم الفاسد الذي يعلم فساده بدلائل كثيرة ولكن ابن سينا سلك طريقة أراد أن يجمع فيها بين أصولهم الفاسدة وبين التصديق بنوع من الغرائب وأن يجعل الكرامات والمعجزات من هذا النمط فإن السحر هو من الأمور المعتادة كالأسباب التي يحصل بها المرض والموت ونحو ذلك ومنه أمور تخالف العادة والطبيعة ولكن هو مما اعتيد أنه يحصل بالشياطين لكن مقرونا بما يدل على كذبه وفجوره فلا يشبه كرامات الصالحين فضلا عن المعجزات والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع
والمقصود هنا بيان فساد قول من جعل المعجزات قوى نفسانية

الوجه الثالث أن يقال الخوارق ثلاثة أنواع منها ما هو من جنس الغناء عن الحاجات البشرية ومنها ما هو من جنس العلم الخارج عن قوى البشر ومنها ما هو من جنس المقدورات الخارجة عن قدرة البشر ولهذا قال نوح عليه السلام وهو أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك سورة هود 31 وقال الله تعالى لخاتم الرسل قال لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك سورة الأنعام 50 فالغناء من جنس الاستغناء عن الأكل والشرب مدة والعلم من جنس الإخبار عن الغيوب والقدرة من جنس الأفعال الشاقة ببدنه والتصرف في العناصر بالاستحالة والزلزلة ونحو ذلك فهم إنما ذكروا سبب مثل هذا أما سبب انقلاب العصا حية وخروج الناقة من الأرض وأمثال ذلك فهم معترفون بأنه غير ممكن ولا يمكنهم إحالة سببه على قوى النفس
الوجه الرابع أن يقال النوع الذي يقولون عنه أنه لقوى النفس يؤثر تأثيرا لا يدعون أن تأثيره يبلغ إلى أن ينزل ماء الطوفان الذي غرق أهل الأرض ولا أن يرسل الريح العقيم سبع ليال وثمانية أيام حسوما التي أهلكت عادا ولا أن تقتلع قرى قوم لوط وتقلبها حتى هلك كل من فيها واتبعوا بحجارة تتبع الشارد منهم ولا ترسل طيرا أبابيل بحجارة من سجيل تنزل على أصحاب الفيل واحدا واحدا مع كل طير ثلاثة أحجار صغار حجر في منقاره وحجران في رجليه حتى هلك أصحاب الفيل وصار كيدهم في تضليل حتى أرسل عليهم حجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول ولا في قوى النفس أنها صبيحة كل يوم ينزل المن والسلوى الذي يكفي عسكر موسى وتظللهم بالغمام حيثما ساروا وتطيل الثبات معهم كلما طالوا وتفجر الماء كل يوم من الحجر اثنتي عشرة عينا لكل سبط عين ولا يفرق البحر اثنى عشر فرقا كل فرق كالطود العظيم حتى إذا خرج منه عسكر موسى ودخله عسكر فرعون انطبق عليهم فأغرقهم كلهم وكذلك أيضا من الخوارق الخارجة عن قوى النفوس إحياء الموتى من الآدميين والبهائم وقد ذكر الله ذلك في غير موضع من كتابه فذكره في خمسة مواضع في سورة البقرة وقال تعالى وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حختى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون سورة البقرة 55 56 وقال تعالى فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون سورة البقرة 73 وقال تعالى ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم سورة البقرة

للأنبياء وأنها خارجة عن قوى النفس فإن الفلاسفة وسائر العقلاء متفقون على أن قوى النفوس لا تفعل مثل هذا بل ولا شيء من القوى المعروفة في العالم العلوي والسفلي الثاني أن في ذلك إثبات أن الله فاعل مختار يفعل بمشيئته وقدرته يحدث ما يشاء بحسب مشيئته وحكمته ليس موجبا بالذات فإن الموجب بالذات مستلزم لآثاره فيمتنع أن تتغير أفعاله عن القانون الطبيعي
والأشكال الفلكية والاتصالات الكوكبية وإن كانت تحدث بها أنواع من الغرائب في هذا العالم فلا بد من استعداد القوابل ولا بد أن تكون تلك الإتصالات جارية علىالقانون المعتاد عندهم وكلاهما منتف في هذه الخوارق فالمادة السفلية لا تقبل مثل هذا في العادة والاتصالات الفلكية لا يحدث عنها مثل هذا ولهذا كان ما يحدث من الغرائب بسبب تمزيج القوى الفعالة السماوية أو القوى المنفعلة الأرضية ليس هو من هذا الباب بل هو مما اعتيد نظيره مثل دفع بعض الحيوان عن مكان أو جذبهم إليه أو أمراض بعض الأبدان أو موتها أو غير ذلك من الأمور الثالث أن هذا من أعظم الدلالة على إمكان معاد الأبدان وإعادة الأرواح إليها فإنه لا أدل على إمكان الشيء من وقوعه أو وقوع نظيره فلما كان هذا واقعا علم أنه ممكن وكذلك
إنزال عيسى عليه السلام المائدة من السماء كل يوم عليها زيتون وسمك وغير ذلك هو من الأمور الخارجة عن قوى النفس فإن تأثير النفس في هيولي العالم إنما هو بحسب ما يقبل الهيولي وتعليق هذا في الهواء ليس هو مما يقبله الهواء وأيضا فتأثير النفس في البسيط يكون بسيطا لا يكون فيه من التركيب مثل هذا كما أن النفس ليس في قواها توليد حيوان من بطن أمه من غير جماع إلى أمثال ذلك من خوارق العادات التي يعترفون هم أن قوى النفس وإن كانت لها تأثير في الجنس العالي من ذلك فلا يبلغ تأثيرها إلى هذا الحد وهذا كما أن قوى البدن معروفة من المشي والهرولة ونحو ذلك وليس في قوى بدن أحد أن يحمل جبلا ولا ست مدائن على كاهله ولا في قوى بدنه أن يطير في الهواء وأمثال ذلك فتبين أنهم معترفون أن هذه الأمور لا يمكن إضافتها إلى قوى النفس
الوجه الخامس أن يقال نحن لا ننكر أن النفس يحصل لها نوع من الكشف أما يقظة وإما مناما بسبب قلة علاقتها مع البدن إما برياضة أو بغيرها وهذا هوالكشف النفساني لكن قد ثبت أيضا بالدلائل العقلية مع الشرعية وجود الجن وأنها تخبر الناس بأخبار غائبة عنهم كما للكهان المصروعين وغيرهم والناس يسمعون من المصروع من أنواع الكلام والأخبار عن الغائبات واللغة الغريبة التي يعلمون باضطرار أنها ليست في قوة ذلك الإنسان وكذلك أهل العبادات ...للاستزادة
243 - وقال تعالى أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف نشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير سورة البقرة 259 وقد ذكر الله سبحانه إحياءالمسيح للموتى بإذن الله وذكر سبحانه قصة أصحاب الكهف ومكثهم ثلاثمائة سنة شمسية وهي ثلاثمائة وتسع سنين قمرية نياما لا يأكلون ولا يشربون وقال تعالى وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها سورة الكهف 21 وهذه الأمور التي قصها الله من أحياء الآدميين من بعد موتهم مرة بعد مرة ومن إحياء الحمار ومن إبقاء الطعام والشراب مائة عام لم يتغير ومن إبقاء النيام ثلاثمائة وتسع سنين ومن تمزيق الطيور الأربعة وجعلهن أربعة أجزاء على الجبال ثم أتيانهن سعيا لما دعاهن إبراهيم الخليل عليه السلام فيها أنواع من الاعتبار منها تثبيت المعجزات

ماجد
03-04-2016, 09:31 AM
وإذا كانت " الرؤيا " على " ثلاثة أقسام " : رؤيا من الله . [ ص: 613 ] ورؤيا من حديث النفس . ورؤيا من الشيطان فكذلك ما يلقى في نفس الإنسان في حال يقظته " ثلاثة أقسام " ولهذا كانت الأحوال " ثلاثة " رحماني ونفساني وشيطاني . وما يحصل من نوع المكاشفة والتصرف " ثلاثة أصناف " ملكي ونفسي وشيطاني فإن الملك له قوة والنفس لها قوة والشيطان له قوة وقلب المؤمن له قوة . فما كان من الملك ومن قلب المؤمن فهو حق وما كان من الشيطان ووسوسة النفس فهو باطل وقد اشتبه هذا بهذا على طوائف كثيرة فلم يفرقوا بين أولياء الله وأعداء الله بل صاروا يظنون في من هو من جنس المشركين والكفار - أهل الكتاب من وجوه كثيرة - أنه من أولياء الله المتقين . والكلام في هذا مبسوط في موضع آخر .

مسألة: من الجزء العاشر من فتاوي الشيخ إبن تيمية.

[ ص: 549 ] قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى فصل حدثني أبي عن محيي الدين بن النحاس ; وأظني سمعتها منه أنه رأى الشيخ عبد القادر في منامه وهو يقول : إخبارا عن الحق تعالى : " من جاءنا تلقيناه من البعيد ومن تصرف بحولنا ألنا له الحديد ومن اتبع مرادنا أردنا ما يريد ومن ترك من أجلنا أعطيناه فوق المزيد " . قلت : هذا من جهة الرب تبارك وتعالى . فالأوليان : العبادة والاستعانة . والآخرتان : الطاعة والمعصية . فالذهاب إلى الله هي عبادته وحده كما قال تعالى : " { من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة } " . والتقرب بحوله هو الاستعانة والتوكل عليه ; فإنه لا حول ولا [ ص: 550 ] قوة إلا بالله . وفي الأثر : " { من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله } " . وعن سعيد بن جبير : " التوكل جماع الإيمان " وقال تعالى : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } وقال : { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم } وهذا على أصح القولين في أن التوكل عليه - بمنزلة الدعاء على أصح القولين أيضا - سبب لجلب المنافع ودفع المضار فإنه يفيد قوة العبد وتصريف الكون ولهذا هو الغالب على ذوي الأحوال متشرعهم وغير متشرعهم وبه يتصرفون ويؤثرون " تارة " بما يوافق الأمر . و " تارة " بما يخالفه .

وقوله : " ومن اتبع مرادنا " يعني المراد الشرعي كقوله : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } وقوله : { يريد الله أن يخفف عنكم } وقوله : { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم } هذا هو طاعة أمره وقد جاء في الحديث : " { وأنت يا عمر لو أطعت الله لأطاعك } " . وفي الحديث الصحيح : " { ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه } " وقد قال تعالى : { ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله } .

وقوله : " ومن ترك من أجلنا أعطينا فوق المزيد " يعني ترك ما كره الله من المحرم والمكروه لأجل الله : رجاء ومحبة وخشية أعطيناه . فوق المزيد ; لأن هذا مقام الصبر . وقد قال تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } .

بو حمد
03-04-2016, 10:38 AM
بارك الله فيك اخى على المواضيع القيمة والمفيدة جزاك الله كل خير

خلود العنزى
04-04-2016, 12:03 AM
شكرا على الموضوع المميز والمعلومات القيمة

سامر
04-04-2016, 12:19 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

حنين
04-04-2016, 12:59 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

يسرى عاكف
04-04-2016, 01:45 AM
شكرا جزيلا على المقالات القيمة والمعلومات المفيدة

نور الهدى
04-04-2016, 02:02 AM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه على الافادة والمعلومات القيمة

كارم المحمدى
06-04-2016, 12:30 AM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

عهود المالكى
06-04-2016, 12:42 AM
شكرا على الطرح والافادات المهمة بارك الله فيكم وفى مجهوداتكم