المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشبسترى



سامر سويلم
03-05-2016, 10:56 PM
سعد الدين محمود الشبسترى ، نسبة إلى شبستر التى ولد بها بإيران ، بالقرب من تبريز ، سنة 1250 م ، ووفاته بتبريز سنة 1320 م ، وديوانه " كلشن راز " قيل فيه إنه من أهم الأشعار الصوفية ، ويعتبر من الكلاسيكيات التى يعتد بها فى الأدب الصوفى ، وله رسالتان نشريتان بعنوان : " حق اليقين " ، و " مرآة المحققين " ، والرسالة الأولى تستمل على ثمانية أبواب تلكم فيها عن مسائل المبدأ والمعاد ، والوحدة والكثرة ، والجبر والقدر ، والسلوك ، والفناء والبقاء ، وبرغم أنها رسالة صغيرة إلا أنه جمع فيها رؤوس المسائل الصوفية جميعها . وأما الرسالة الثانية فضمنها شروحه على معرفة النفس ، وعلم معرفة الله ، ومعرفى بقاء الحق بواسطة صنائع وبدائع وعجائب وغرائب قدرته فى الآفاق والأنفس .

والشبسترى بديوانه " كلشن راز " أو حديقة الورد يبلغ الذروة فى المعرفة بعقائد التصوف وتفسير لغة الصوفية وحقائق التصوف بلغة أهل العلم والفلسفة والوجدان .

وترجم الكتاب إلى اللغات الأوروبية بدءاً من سنة 1700 م ، اعتقاداً من الأوروبيين أنه تنصر . وهذه مجموعة من أشعاره : ــ

خُلق عالم الخلق والأمر فى لمحة واحدة

وعاد فى اللحظة التى أتى فيها

ولكن ليس فى المنام من مجئ وعودة

ولو أنعمت النظر لرأيت أن الذهاب ليس إلا الإياب

تعالى الله القديم الذى هو فى لحظة واحدة

يبدأ إنشاء العالم وإنهاءه

لقد أصبح عالم الخلق والأمر حين هنالك واحداً

وصار الواحد كثيراً والكثرة قلة !

وهذه الصورة المغايرة هى وهجك

فإن النقطة دائرة من سرعة السير

والأنبياء فى هذا السبيل كالحداة

أدلاء القوافل وهداتها

وسيدنا من بينهم أمسى آمراً للركب

فهو الأول وهو الآخر فى هذه المهمة

والفرق بين أحمد وأحد هو ميم واحدة

وغرق العالم فى تلك الميم

والأنبياء فى هذا الطريق من خلف وأمام

يدلّون الناس على منازلهم

وحين وافق الكلام المنازل

وقع المشكل فى أفهام الخلائق

والكلام لا يستوعب المعانى أبداً

لأن بحر القلزم لا يستوعبه إناء


ونحن من كلامنا فى ضيق وشدة

فلماذا نزيد نزيد عليه كلاماً آخر

و الخرابات هى من العالم غير المثالى

وهى مقام العشاق الذين لا يبالون

هناك جماعة ليست لهم أقدام ورءوس

وكلهم ليسوا بمؤمنين وليسوا بكافرين

فحينا يستقبلون الجدار لسواد وجوههم

وحينا يستقبلون المشانق لاحمرار وجوههم

أخرجوا من رءوسهم الدلقة ذات الطيات العشر

وتجردوا من كل لون ورائحة

وأمسكوا بديل الفتيان الخمّارين

واعتزلوا الشيخية والمريدية

ما هذه القيود من الشيخية والمريدية

أى معنى للزهد والتقوى وما هذا الرياء

إذا اتجهت فى عملك إلى الصغير والكبير

فالصنم والزنار والنصرانية خير لك حينئذ

لما كانت الأشياء مظاهر للوجود

فلا جرم ان يكون الصنم من جملتها أيضاً

فكر جيداً أيها العقل

فالصنم ليس بباطل فى عالم الحقيقة

وأينما يكون الوجود فإنه غير محض

فإن تكن فيه شرور فهى من غيره

ولو علم المسلم ماذا هو الصنم

لتيقن أن الدين هو فى عبادة الأصنام

ولو كان الشرك مطلّعاً على الدين

لما وقع فى ضلال دينه

ولم ير من الصنم إلا الخَلْق الخارجى

فكفر بالشرع لهذه العلة

فإن لم تر أنت منه الشرع الخفى

فلا يدعوك فى الشرع مسلماً

لقد نظر من الإسلام المجازى

إذا ظهر منه الكفر الحقيقى

وفى جوف كل صنم روح خفية

وتحت الكفر إيمان خفى

من ذا الذى زيّن وجه الصنم بهذه الزينة

فمن كان يعبد الصنم إذا لم يشأ الله

هو الذى فعل وهو الذى قال وهو الذى كان

قال حُسناً وفعل حَسَناً وكان حَسَناً

أنظر واحداً واعلم واحداً واقرأ واحداً

فلقد اختتم بهذا أصل القرآن وفرعه

ولمّا كان الشهود يتحققون بالوحدة

اتجهت النظرة الأولى إلى نور الوجود

والقلب الذى شاهد بالمعرفة النور والضياء

شاهد الله قبل كل شئ أراد مشاهدته

ما أجهل ذاك الذى يبحث عن الشمس الطالعة

بنور الشمعة فى الصحراء

أعرف أن العالم كله شعاع نور الحق

والحق قد اختفى فيه لفرط ظهوره

والتفكير فى ذات الله باطل

وتحصيل الحاصل محال محض

والآيات استنارت بالذات

ولكن ذاته لا تستنار بنور الآيات

والمظاهر لا تستوعب نور الحق

وسيمات جلاله قاهرة

وكلما اقترب المُبصر من البصر

يعجز البصر عن أن يدركه

ولما كان عين الرأس لا تطيق الشعاع

لذا يمكن رؤية الشمس الساطعة فى المساء

والعدم مرآة الوجود المطلق

الذى يظهر منه انعكاس نور الحق

شاهد العالم بأسره فى نفسك

وابدأ بالرؤية لكل ما يأتيه فى النهاية

ولما جرى الوجود المطلق بالعبارة

أشاروا إليه بلفظ أنا

وأنا وأنت من عوارض ذات الوجود

وشباك مشكاة الشهود

فاعرف أن الأبدان والأرواح نور واحد

يظهرتارة فى المرآة وتارة فى المصباح

وأنا وأنت أفضل من الروح والجسد

لأن كليهما يعملان بأمرى

والوجود جنة والإمكان جحيم

وأنا وأنت بينهما كالبرزخ

فإذا أزيح عن وجهك هذا الستار

فلا يقى عندئذ حكم للمذهب والدين

وإذا جاز قول " أنا الحق " من شجرة

فلم لا يجوز هذه القول من رجل سعيد ؟

والحلول والإتحاد هنا محال

والإثنينية فى الوحدة عين الضلال

والتعّين لم يتجزأ عن الوجود

فلا صار العبد حقاً ولا صار الحق عبداً

وليس سوى الحق ، وليس بوجود آخر إلا الحق

فسواء قولك هو الحق أو أنا الحق

ووصال الحق هو أمر غير الخلق

والتخلى عن النفس هو المعرفة

فإذا نفض الممكن غبار الإمكان عن نفسه

فلن يبقى حينئذ إلا الواجب

فاسمع منى الحديث الصحيح الكامل

إنك ابتعدت عن نفسك بقربك

فما خوفك من نار الجحيم ؟

وقد تطهر جسمك وروحك عن الوجود

وليس أمامك شئ سواك ... فاتق نفسك

وتزعم أن لك الإختيار

وتقول جسمى مركب وروحى راكبها

فاعلم أن هذه هى طريق عبادة النار

وكلآفة النحس من الوجود

ووجودك كله كالعدم

فقل لنا من أين جاءك الإختيار

فالمؤثر هو الزمن فى كل مكان

فلا تضع قدمك عن الحد المرسوم .

شمس ابراهيم
04-05-2016, 01:53 AM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

مركوش
04-05-2016, 07:24 AM
رائع جدا واحسنت اخى سامر على افراد ترجمة لهذا الشيخ والتعريف به وان شاء الله اقرا مصنفاته والتى تفضلتم بانزالها فى قسم كتب التصوف جزاكم الله عنا كل خير ونرجو المزيد من روائعك يا الطيب

خلود العنزى
04-05-2016, 08:46 AM
شكرا على الترجمة الوافية

جنة
05-05-2016, 02:14 PM
شكرا استاذ سامر على الترجمة الوافية والتعريف باولياء الله الصالحين فى مكان وزمان بارك الله فيكم وفى مجهوداتكم ونرجو المزيد