المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لقاءات لم تتمّ



نسائم الرحمن
10-08-2016, 04:12 PM
لقاءات لم تتمّ

باولو كويلو

قد يحدث أن تتقابل مع شخص غريب، ولو مرة واحدة في الأسبوع، نشعر بالارتياح للحديث إليه، لكن تنقصنا الجرأة لأن نفعل ذلك. فقد وصلتني رسالة بهذا المعنى من قارئ سأسمّيه مجازاً أنطونيو، وسوف الخّص ما حدث له وسأتبع ذلك بتجربتي الشخصية (تجربة لم تكن نهايتها سعيدة)

المتسوّلة التي قابلتها في مدريد (مقتطفات من رسالة أنطونيو)

كنت أسير في شارع "غران واي" عندما رأيت امرأة ضئيلة الحجم فاتحة البشرة أنيقة الملبس، تتسوّل المال من المارة. وعندما اقتربت منها طلبت مني بعض النقود لشراء "ساندويتش". في البرازيل اعتدت أن أشاهد متسوّلين بملابس رثة وقذرة للغاية، ولذلك قررت ألا أعطيها أي شيء وواصلت السير. غير أن النظرة التي رمقتني بها، تركت إحساساً غريباً في داخلي.

توجهت إلى الفندق، وشعرت برغبة ملحّة في العودة إليها لأعطيها بعض المال، فقد كنت في إجازة، وكنت قد تناولت غدائي للتوّ، ولا يزال في جيبي بعض النقود، وشعرت أنه من المخزي أن أتركها تتسوّل في الطريق ليحدّق فيها المارة.

عدتُ إلى المكان الذي رأيتها فيه، لكنني لم أجدها، وبحثتُ عنها في الشوارع القريبة فلم أجد لها أثراً. وفي اليوم التالي كررتُ الأمر نفسه، لكن من دون جدوى، وبعد هذا اليوم أصبح نومي متقطعاً. عدتُ إلى البرازيل وأبلغتُ صديقتي بتجربتي، وقالت لي إنني فشلتُ في إقامة صلة مهمة، وطلبت منى أن أسأل الله العون؛ صليتُ وشعرتُ وكأنني أسمع صوتاً يقول لي إنني في حاجة إلى أن أعثر على تلك المتسوّلة مرة أخرى. عجزت عن النوم طوال الليل، وأصابتني بعض التشنّجات وأدركت انه من المستحيل الاستمرار على هذه الحال، أخذتُ المال اللازم لشراء تذكرة الطائر، والعود إلى مدريد، كي أبحث عن المتوسلة من جديد.

بدأت رحلة لا نهاية لها وكرّست نفسي للبحث عنها، وأخذ الوقت يمرّ وقارب المال على النفاد، وكان عليّ العودة إلى مكتب الطيران لتغبير موعد العودة لبلدي، بعد أن قررتُ ألّا أعود إلى البرازيل، قبل أعطي تلك المرأة النقود التي رفضتُ إعطاءها لها في اللقاء الأول.

وعند خروجي من مكتب الطيران، تعثرت قدماي على السلم، وارتطمت بشخص ما؛ كانت هي المرأة التي أبحث عنها. تلقائياً وضعتُ يدي في جيبي وأخرجت كل ما فيه من نقود وأعطيته لها. شعرتُ بسلام داخلي وشكرت الله على اللقاء الصامت الثاني، أو على تلك الفرصة الثانية.

زرتُ إسبانيا مرات عدّة بعد ذلك، وكنتُ أعلم أنني لن أقابلها مرة أخرى، لكني فعلت ما أملاه علي قلبي.

الزوجان الباسمان (لندن 1977)

تزوجت من سيسيليا ماكدويل في فترة من فترات حياتي، عندما قررت أن أقلع عن أي شيء لم أعد أشعر بحماس له، وذهبنا للعيش في لندن. عشنا في شقة صغيرة بالطابق الثاني بشارع "الاس" وواجهتنا صعوبة كبيرة في تكوين صداقات جديدة. لكن كان هناك زوجان شابان يخرجان من الحانة المجاورة كل ليلة ويمران بجوار نافذتنا ويدعوننا للنزول.

كنت قلقا للغاية من أن أتسبّب في قلق للجيران، ولذلك لم أنزل قطّ، وكنت أدّعي أنني لم أنتبه إلى ندائهما. لكن استمرّ الزوجان ينادياننا، حتى وإن لم يكن أحدنا يطلّ برأسه من النافذة.

وفي إحدى الليالي نزلت للشارع لأشكو من الضوضاء التي يحدثانها، فتحولت ضحكاتهما فجأة إلى حزن، واعتذرا ثم انصرفا من المكان. في تلك الليلة أدركت أنه رغم حاجتنا الشديدة لإقامة صداقات جديدة، كان اهتمامي الأكبر بما سيقوله الجيران.



قررت في المرة القادمة أن أدعو الزوجين لتناول مشروب معنا، وانتظرت طيلة أسبوع كامل بالقرب من النافذة في الوقت الذي اعتادا المرور فيه إلا أنهم لم يعودا البتة. بدأت ازور الحانة على أمل رؤيتهما، لكن مالك الحانة ادّعى أنه لا يعرفهما.

علقتُ ورقة على النافذة قلت فيها "زورانا مرة أخرى"، وكل ما حققته الملاحظة التي دونتها هي أنه في إحدى الليالي مرّت مجموعة من السكارى أسفل النافذة ورددت أفظع الشتائم الممكنة، وقام - جارنا الذي طالما حرصنا على عدم إزعاجه – بالشكوى إلى صاحب البيت.

ولم أر الزوجين بعدها البتة.

ترجمتها من البرتغالية مارغريت جيل كوستا

ادهم
10-08-2016, 09:43 PM
جزاكم الله كل خير على الافادات والمعلومات القيمة

بدر التمام
11-08-2016, 05:02 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات القيمة

خلود العنزى
11-08-2016, 05:44 PM
شكرا على الطرح والافادات القيمة بارك الله فيكم

ماجد
12-08-2016, 04:45 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

نور الهدى
15-08-2016, 01:34 PM
شكرا على الطرح والافادات القيمة