المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اضطرب السلوك والانحراف الجنسي



hoseen
14-09-2016, 06:29 PM
اضطرب السلوك والانحراف الجنسي


* المرض والانحراف الجنسى:

يوجد نوع من المرض النفسي لا ينطبق عليه مفهوم المرض كمصدر ألم لصاحبه، ففي هذه الحال من المرض يكون المتألم هو ممن يعانون من السلوك المرضي للمريض، أي أن المريض لا يعي ألمه ولكنه يترجمه إلى إيلام الآخرين، فهو لا يشكو من معاناة ولكنه يتسبب بها لغيره، وتسمى هذه الوسيلة الدفاعية التي يلجأ إليها ليتجنب ألم الصراع النفسي الداخلي - بحيث يتجنب المريض الوعي بألمه الذاتي بأن يدرك وجود الألم عند غيره، فيؤلم غيره ليخفف من ألمه هو.
والأمراض النفسية في الواقع، وخصوصا في المراهقين، لا تنقسم بصورة واضحة محددة إلى اضطرابات في الوعي يعي بها صاحبها، واضطرابات في السلوك يعي بها الغير. فهناك درجات متفاوتة من الجمع بين الاثنين. غير أن أساس التقسيم ينطبق على السمة الغالبة، فإذا كان الغالب هو الاضطراب في الوعي أو الألم الذاتي، وُصفت الحالة بأنها مرضية نفسية، وإذا كانت السمة الغالبة في اضطراب السلوك بما يؤلم الآخرين وصفت بأنها اضطراب سلوكي أو شخصي أو إجرام أو انحراف.



المرض والانحراف الجنسى.

فترة المراهقة والانحرافات الجنسية.

عند هذه الدرجة تتدخل الحدود بين المرض والانحراف، فالانحراف في قيم المجتمع يستوجب العقاب، بينما يستوجب المرض العلاج. وأهمية هذا التداخل تنعكس على كيفية مواجهة المشكلة. إذ في هذه الحالة قد يتطلب المعالج بعض صفات المنفذ للقانون، كأن يلجأ إلى التعنيف والعقاب، والعكس ينطبق على القانونين حيث يتطلب الأمر منهم أحيانا أن يتعاملوا مع المنحرف أو المجرم بشىء من الرأفة والتفهم كما يفعل المعالجون.
فعلى سبيل المثال: متى يعتبر الاغتصاب مرضاً، ومتى يعتبر جريمة؟ وكذلك الإدمان متى يكون ضرراً لصاحبه، ومتى يكون أذى للمجتمع؟ والأمراض عموماً تؤدي إلى اضطراب في علاقة المريض بالآخرين، وينطبق عليها مبدأ إيلام الغير، وإن كانت الوسيلة الحيلة هنا غير مباشرة، بمعنى أن المريض يؤلم نفسه ليؤلم غيره.

* فترة المراهقة والانحرافات الجنسية:
إن المشكلة عند المراهقين والبالغين هي ذات حدة خاصة، فالمراهق يعاني وفي الوقت ذاته يعجز عن حل صراعه الداخلي، ولذا فهو أكثر ميلا إلى أن يسقط متاعبه على الغير فيلومهم لعجزه ثم يوجه عدوانه وانتقامه إليهم، وإزاءه من توجد مسوغات توجيه العدوان نحوهم وهم أفراد سلطة المجتمع الممثلون في أبويه (الأب بالتحديد)، فهو يثور على أبيه ويحمله مسؤولية عجزه، أو هو يثور على المجتمع بدل أبيه.

إن أهمية إدراك الحدود هنا بين لصنفين تنعكس على الموقف الإصلاحي من المشكلة. هناك حالات تتطلب الموقف الأبوية السلطوية، وحالات تتطلب الموقف العلاجية. السلطوية تتصف بالشدة والصرامة والأمر والنهي والعقاب، بينما العلاجية تتطلب المحبة والتفهم والتسامح. الأولى تتمثل في الأب في الغالب، والثانية في الأم، وعلى مستوى المجتمع بالمؤسسات القانونية في الحالة الأولى، والمؤسسات العائلية في الأسرة في الثانية.
وقد تظهر في المجتمعات المعاصرة فئات متماسكة ثائرة رافضة، يزيدها تأكيد الظروف الاجتماعية للتنافس الفردي والاعتماد على الجهد والموهبة لبلوغ درجة من النجاح المتمثل بنوع الممتلكات الفردية وعددها، تماسكاً في رفض القيم الاجتماعية وإصراراً على فعل شىء آخر يعارض توقعات المجتمع التقليدي ويشكل القيمة الحقيقية التي ترجع للفرد أصالته المهدورة. تعتبر تلك الفئات الثورة والعنف وسيلة وحيدة لإرجاع المجتمع إلى أصالة ينابيعه الأولى، وتنظيف منظومات قيمة من التلوث المادي النفعي الذي حل بها، وإضفاء المرونة على تقاليده وأعرافه التي أضحت عمياء في خدمة قيم منحرفة شاذة تؤكد غربة الإنسان. ويغدو، بالنسبة إلى تلك الفئات، التماسك الاجتماعي الثوري المتمثل بالقيم الجديدة ضرورة لإصلاح الفساد أولاً، ونمطاً على المجتمع القديم أن يسير باتجاهه ثانيا.


تعوز فئة كبيرة من أبناء الخامسة عشرة والعشرين وما بينهم محرضات التحصيل العلمي ومهاراته، ويعجزون عن إشغال أوقات فراغهم، وينفرون من ضغوط أسرهم التي تدفعهم لسبب ما إلى المدرسة والنجاح فيها, يعزو بعض الأهل فشلهم إلى الظروف التي منعتهم من متابعة دراستهم، ويرفضون – بدفاعية قوية متسلطة – إرجاع فشلهم إلى قصورات خاصة بهم، فيستميت بعضهم لتأكيد إحساسهم المزيف بقيمة ذواتهم، فيوسعون مفهوم الذات لديهم إلى أبنائهم ويغدو نجاح الولد نجاحاً لهم يعتزون به وفشله تحطيماً للصورة التي رسموها لذواتهم فيؤنبون الناشىء الجديد وتشددون في اتخاذ قراره المهني ولا يقبلون أية مساومة لتحويله إلى مهمة أخرى بسبب ما يمثله التحول من فضح لزيف الافتراض حول ذواتهم الموسعة.
يتخذ الأهل موقفهم ذاك من الشباب دون أن يكلفوا أنفسهم عناء تفهم صعوباته وقصور إدراكه وقدراته، ويفعلون هذا بنفحة استعلائية تدلل بفشل الناشىء بمقارنة تحصيله بتحصيل أقرانه الناجحين أو بنجاحهم المهني الخاص، مما يزيد في إهمال الناشىء وتقصيره يدفعه إلى الإحساس بالقصور من طرف والبرودة العاطفية تجاه الأهل وقسوتهم واحترامهم لكل شىء إلا له. فيتشدد لدى هؤلاء المراهقين الإحساس بالبعد العاطفي والقصور والرفض، ويتهدد اعتبارهم لذواتهم وقيمتها، فيجتمعون في منعطفات الشوارع وأمام الملاهي والنوادي والمسارح في فئة متماسكة لها شعاراتها وشاراتها وتقاليدها وأعرافها ومنظومات قيمها، وقد تنقلب هذه الفئات إلى عصابات منحرفة إجرامية تدفع أعضاءها إلى السقوط في الهاوية، فيغدو من الصعب على غالبية المنتسبين إليها الرجوع إلى حياة طبيعية سوية.

مثل هؤلاء المراهقون يجدون في بعضهم لبعض عزاء نفسيا يشغلهم عتن مآسيهم الفردية المتشابهة. إن وجود تلك المجموعة يشكل بالنسبة إلى كل فرد دليلا على عمومية الفشل وشيوعه في مجتمع من الكبار أصيب أفراده بالتبلد والخمول والجمود وسوء الفهم فتعلقوا بمبادىء جوفاء، ونصبوا أنفسهم عبيداً لقيم بالية أثبتت عدم ملاءمتها لعصر الجيل الجديد. وتجسد تلك الجموع الفاشلة من المراهقين فشل الكبار في فهم الصغار وسخافة المبادىء والقيم التي يتعلقون بها. ولئن عم الفشل غالبية النشء كان ذلك دليلاً على صواب وجهة نظر هؤلاء وخطأ وجهة نظر أولياء أمورهم. عندما يتصور المراهقون خطأ نظرة الكبار وصحة نظرتهم يكبت فيهم الإحساس بالعجز والقصور والضياع وترتفع بدلاً منها إحساسات قوية بقيمة الذات واعتبارها وانكسارها في مجتمع الكبار.


تغلب في حياة المراهقين الذين جمعتهم المصيبة أحاديث البطولات الخرافية التي قاموا بها، وفعاليات بطولية يمارسونها لحظة اجتماعهم تأتي مصداقاً لتلك الأحاديث وانشغالاً عن واقع الفشل العميق الذي يهدد قناع قيمة الذات المزيفة. قد يطفو إحساس المراهقين يرفض المجتمع لهم فيتخطونه بسبب حقدهم وغضبهم على المجتمع وتقاليده ونظمه، ليحطمون الممتلكات ويسكرون ويتعاطون المخدرات ويعتدون على الناس من الجنسين. يتراخى التوتر المرافق للإحساس بالرفض لفترة في أثناء انشغال المراهقين ببطولاتهم تلك فيهدأ الجانحون إلى أنفسهم، فتشتد فيهم من جديد مشاعر الإثم لما ارتكبوه ويحسون تصارعهم مع قيم المجتمع التقليدية فيلوم كل واحد منهم بقية أعضاء المجموعة ويدور العراك وتتصاعد وتيرة الانتقام، وتكاد الجماعة تتفكك أو تتمزق. لكن في تمزق تلك المجموعة عودة المراهق إلى ذاته حيث يمكن أن يقف عارياً أمام الفشل والإحساس بالقصور والعجز لتحقيق القيم التقليدية التي يحتضنها الكبار، وهو أمر لا يطيقه.
وهكذا يندفع المراهقون الأعضاء، الذين عجزوا عن تأكيد حياة اجتماعية صاخبة بالمعاني حافلة بالإنجازات الواقعية الداعمة لاعتبار الذات وقيمها الأصلية، إلى ضلال سواء السبيل.
ويمثل المصابون بالسيكوباتية والعصابيون والمنحرفون والذهانيون وممن يعانون من الاضطرابات النمائية العصبية والعقلية والمرفوضون بصورة أو بأخرى، من مجتمع الكبار الذين تعوذهم الأنماط السوية للتقمص، ويتحول المراهق إلى السلوك الدفاعي الالتوائي الذي يزيف قيمة الذات ويسقط سبب الفشل على الراشد وتعنته.

تهيىء المدن ذات الأحزمة السكانية الفقيرة التي تعيش حياة قاسية يرهقها الإحباط الاجتماعي الحاد ويدفعها التذمر المتصاعد من تدهور شروط المعيشة إلى كراهية المجتمع والاعتداء عليه. وتقدم مثل تلك المجتمعات نماذج تقليد سيئة للناشئة فيها، مما يجعل مهمة الوالدين في غرس القيم الاجتماعية السوية لدى أبنائهم أمراً صعباً أو مستحيلاً.
المزيد عن ماهية الفقر ودور المجتمعات ..

يجد المراهق في تلك المجموعات والعصابات تنفسا لإحساسه بالقصور دون أن ينزلق كليا إلى الهاوية، وكثيرا ما يتحول إلى سلوك سواء السبيل إذا وجد بعضا من العون الذي يبصره بخبرته قبل الانتماء إلى العصابة، ويزيف أحاسيس المعاناة التي يلاقيها في العصبة، فالعصابة جنة يهرب إليها المراهق مؤقتاً من المجتمع الكبير ويقيم لنفسه مجتمعا يهبه الاعتبار والقيمة والاستحسان ويوضح له إحساسه بهويته من طريق منظومة القيم المعارضة مع قيم المجتمع الأكبر والمشابهة أو المشتقة عن قيم فئات صغيرة مرفوضة من المجتمع الكبير الذي يحتضنها. وهناك ينشىء المراهقون عالمهم الخاص الذى يمكنهم من النجاح في أدوار قد يختارونها وتتلاءم مع مواهبهم وتوفر لهم الانتماء الذي يحنون إليه والإحساس بالهوية الذي يزيف منظور الذات ويجيد تمويه الزيف، مما يبعد المرء عن بؤرة الصراع العاطفي المدمر ولو بصورة مؤقتة، يحدث هذا سواء أكانت العصابة بناءة أو هدامة، غير أن العصابة الهدامة التي تجترىء على القوانين وحياة الناس وممتلكاتهم وأعراضهم تقطع الروابط العميقة البعيدة التي تصل الفرد بأسرته ومجتمعه ومنظومات القيم السوية وتسد في وجهه منافذ العودة إلى الطريق السوي.

نغفل جانبا أساسيا من الحقيقة إن نحن أرجعنا انتماء الفرد إلى العصابة إلى مجرد توافق إحساسه بالاغتراب مع النموذج المنحرف، وسرعان ما يجد نفسه في عصابة جانحة تحقق عملاً كان يمكن للفرد أن يعتبره تافهاً لولا المشاعر المسيطرة التي تعوض الفرد عن قصوره وتملؤه إحساسا بهويته وقيمته.

وجد كلارك (1989) في دراسته لخمسمائة من أفراد عصابات الجانحين أن ثلثهم قد انتمى إلى العصابة على أثر موت الوالد أو تشتت الأسرة أو اكتشافه أنه ليس الابن الشرعي للأسرة. إن حوادث صادمة من هذا النوع تعمل على تفكيك تكامل شخصية الفرد وتدفعه إلى الفشل المدرسي والعنف والانشغال بالجنوح. وللحوادث الصدمة التي تهدد مشاعر القيمة لدى الناشىء أثر كبير في تهور الفرد وانسياقه إلى الجنوح. هذه الحوادث تعود إلى صراع عاطفي لا يحمل يفجر الفرد في جنوح عدواني مكشوف وفي ثورة جامحة على السلطة، ولا يستطيع الرجوع بعدها إلى الحالة السوية.

ولابد لاكتمال الصورة التحريضية للجنوح عند المراهقين من الإشارة إلى الأثر السييء لأفلام العنف التي تعرضها وسائل الإعلام، وإلى ارتباط نوع الجنوح بالميول العميقة الدفينة في أعماق المراهق وبنيته العضوية. يميل ذوو البنية العضوية القوية إلى عمليات النهب المباشر خلافا لذوي البنية الضعيفة فهم يفضلون سرقة الناس والهرب. ويمتهن بعض المراهقين الجانحين اغتصاب أفراد الجنس الآخر بسبب انحرافاتهم الجنسية، في حين تميل فئة ثانية إلى القتل والتحطيم استجابة لميول عميقة في شخصية أفرادها إلى العنف والتدمير.





* المراجع:
"Sexual Deviation" - "nlm.nih.gov".
"Introduction to Sexual Disorders" - "communitycounselingservices.org".
"The basis of psychotherapeutic treatment of sexual deviation" - "ncbi.nlm.nih.gov".
"SEXUAL DEVIATION AND CRIME" - "ncjrs.gov".

نشوى المياسر
15-09-2016, 04:16 AM
شكرا على مواضيع التوعية الجنسية والتعرض لها ونقاش اسبابها

رحمة
17-09-2016, 05:44 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

بديعة فؤاد
21-09-2016, 07:26 PM
شكرا على الموضوع والافادة

عبير الزهور
24-09-2016, 09:35 AM
شكرا على المقالة القيمة والمعلومات المفيدة

خلود العنزى
25-09-2016, 02:10 PM
شكرا على الموضوع والمعلومات والافادة