المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلم المرفوع المبحث الاول



محب التيجانية
08-10-2016, 11:14 AM
العلم المرفوع


عبد الفتاح بن صالح قُدَيش اليافعي
بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ومن اهتدى بهداه, وبعد:

ففي سنن الترمذي (5/31): (عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فشخص ببصره إلى السماء ثم قال: هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء, فقال زياد بن لبيد الأنصاري: كيف يختلس العلم منا وقد قرأنا القرآن؟! فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا, فقال: ثكلتك أمك يا زياد إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم؟!

قال جبير: فلقيت عبادة بن الصامت فقلت: ألا تسمع إلى ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ فأخبرته بالذي قاله أبو الدرداء فقال: صدق أبو الدرداء إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس:

(الخشوع) يوشك أن تدخل مسجد جماعة فلا ترى فيه رجلا خاشعا)اه قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب, ورواه الحاكم (1/179) وقال: إسناد صحيح, ووافقه الذهبي
وإخبار عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- بأن أول علم يرفع من الأمة هو الخشوع له حكم الرفع لأنه لا يقال من قبيل الرأي, ومع ذلك فقد جاء مرفوعا صريحا ففي معجم الطبراني الكبير (7/295): (عن شداد بن أوس رضي الله عنه: أن رسول الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أول ما يرفع من الناس الخشوع)اه

ولما كان الخشوعُ أبرزَ أحوالِ صفاء القلوب وزكاة النفوس وسمو الأرواح؛ كان المقصود بالخشوع هو علم التزكية والسلوك؛ لأن الخشوع أثر من آثاره وثمرة من ثماره, قال الشاطبي في الموافقات في المرتبة الثالثة من مراتب العلماء (1/76) : (حاصلها يرجع إلى أن العلماء هم العاملون... ويتصدى النظر هنا في تحقيق هذه المرتبة وما هي؟ والقول في ذلك على الاختصار: أنها أمر باطن وهو الذي عُبر عنه بالخشية في حديث ابن مسعود وهو راجع إلى معنى الآية: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وعنه عُبر في الحديث: ( أول ما يرفع من العلم الخشوع)اه

المبحث الأول

أهمية علم التزكية والسلوك

لقد وقع مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , فيكاد يُرفع هذا العلم (التزكية) حتى إننا الآن لا نكاد نجد من أنفسنا اهتماما به مع أنه أولى ما يهتم به؛ لأنه سبيل الوصول إلى معرفة الله, ومعرفة الله هي الغاية التي من أجلها خلقنا الله, قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) قال مجاهد وابن جريج وغيرهما من المفسرين: (يعني: إلا ليعرفون)انظر تفسير القرطبي (17/50) وتفسير ابن كثير (4/ 303), وفسروا العبادة بالمعرفة لأن العبادة هي طريق المعرفة, والمعرفة هي ثمرة العبادة.

وقال سبحانه: (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما) قال الشوكاني في فتح القدير (5/346):
(واللام في قوله: (لتعلموا أن الله على كل شيء قدير) متعلق بـ(خلق) أو بـ(يتنزل) أو بمقدر: أي فعل ذلك لتعلموا كمال قدرته وإحاطته بالأشياء)اه

وجاء في بعض الكتب السماوية السابقة: (يا ابن آدم خلقت الأشياء كلها من أجلك وخلقتك من أجلي فلا تشتغل بما هو لك عمن أنت له)اه انظر شرح الحكم العطائية (ص163)
وفي بعض الآثار: (أن موسى عليه السلام قال: يا رب لماذا خلقت الخلق؟, فقال الله: يا موسى كنت سرا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق ليعرفوني) وليس له أصل مرفوع ولكنه متداول وذكره الكثير من أهل العلم والآية تدل عليه, وفي كشف الخفاء (2/1011): (قال القاري: لكن معناه صحيح مستفاد من قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) أي ليعرفوني كما فسره ابن عباس رضي الله عنهما!)اه
ومقام المعرفة هو مقام الإحسان الوارد في حديث جبريل المشهور: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وهو المقام الذي تحقق به حارثة بن مالك, فعن حارثة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال له: (كيف أصبحت يا حارثة ؟) قال: أصبحتُ مؤمناً حقاً، قال: (انظر ما تقولُ، فإنَّ لكلِّ قولٍ حقيقةً)، قال: يا رسول الله، عزفَتْ نفسي عن الدُّنيا ، فأسهرتُ ليلي، وأظمأتُ نهاري، وكأنِّي أنظرُ إلى عرشِ ربِّي بارزاً، وكأنِّي أنظرُ إلى أهلِ الجنَّةِ في الجَنَّةِ كيف يتزاورونَ فيها، وكأنِّي أنظرُ إلى أهلِ النَّارِ كيفَ يتعاوَوْنَ فيها. قال: (أبصرتَ فالزمْ، عبدٌ نوَّرَ الله الإيمانَ في قلبه)اه رواه الطبراني في الكبير (3/266) والبيهقي في الشعب (7/363) وعبد الرزاق في تفسيره (3/235) من حديث الحارث بن مالك رضي الله عنه, ورواه البزار برقم (32) والبيهقي في شُعب الإيمان برقم (10590) من حديث أنس رضي الله عنه.
إخواني الكرام ألسنا نشكو هذا الأيام من قسوة القلوب؟! ألسنا نشكو من جفاف العيون؟! ألسنا نشكو من ضعف الخشوع؟! ألسنا نشكو من فشو أمراض القلوب من رياء وعجب وكبر وحسد وتعلق بالدنيا وضعف في التوكل و..؟! ألسنا نشكو من آفات اللسان؟! ألسنا نشكو من سوء الأخلاق؟! ألسنا نشكو من البعد عن الله؟! ألسنا نشكو من كثير من الأمراض؟! ألسنا.. ألسنا..؟!
إن علاج كل الأمراض الظاهرة والباطنة هو في السلوك والتزكية, فجدير بمن ينتسب إلى العلم أن يهتم بتربية نفسه وتزكيتها بالعلم والعمل والتخلية والتحلية حتى يصل إلى مقام الإحسان الذي هو لب الدين وروحه والذي يعبر عنه أهل السلوك والتزكية بالوصول إلى الله وهو أن يكون الشخص في حضور دائم مع الله تعالى في كل حال

علم التزكية هو الطريق إلى جنة الدنيا والآخرة

أطيب ما في الحياة الدنيا هو معرفة الله تعالى والأنس به والقرب منه والتلذذ بمناجاته, وذلك هو جنة الدنيا, روى أبو نعيمفي حلية الأولياء 2/358: بسنده (عن مالك بن دينار قال: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها قالوا وما هو يا أبا يحيى قال: معرفة الله تعالى)اه
وفي قوت القلوب لأبي طالب المكي 1/423: (عن يحيى بن معاذ الرازي قال: في الدنيا جنة من دخلها لم يشتق إلى شيء ولم يستوحش، قيل: وما هي؟ قال: معرفة اللّه تعالى)اه
وقال ابن القيم في المدارج 3/163: (لو فرضت لذات أهل الدنيا بأجمعها حاصلة لرجل لم يكن لها نسبة إلى لذة جمعية قلبه على الله وفرحه به وأنسه بقربه وشوقه إلى لقائه وهذا أمر لا يصدق به إلا من ذاقه, فإنما يصدقك من أشرق فيه ما أشرق فيك ولله در القائل:

أيا صاحبي ما ترى نارهم؟ فقـال تريـني مـا لا أرى
سقاك الغرام ولم يسـقني فأبصرتَ ما لم أكن مبصرا)اه

وعلم التزكية والسلوك ليس بعلم نظري, بل هو أعمال ووظائف ومجاهدات في الظاهر والباطن تورث بإذن الله معارف وأنوارا وأحوالا في قلب السالك من ذاقها ذاق طعم الإيمان ودخل جنة القلوب, يذوقها المرء ولا يستطيع أن يعبر عنها لأن العبارة تعجز عنها, قال العز بن عبد السلام في كتابه القواعد 2/114: (ومن أطلعه الله على أوصاف غير هذه الأوصاف, فنشأت عنها أحوال تناسبها غير هذه الأحوال لا يمكنهم العبارة عنها, إذ لم توضع عبارة عليها ولا الإشارة إليها, فإن دلالة الإشارة دون دلالة العبارة)اه

وقال ابن القيم في مدارج السالكين 3/326 عن ذلك: (لم تف العبارة بكشفه فإن اللفظ لملوم والعبارة فتانة إما أن تزيغ إلى زيادة مفسدة أو نقص مخل أو تعدل بالمعنى إلى غيره فيظن أنه هو الذي تمكن العبارة عنه)اه

وقال ابن القيم 3/327: (وما أظنك تصدق بهذا وأنه يصير له وجود آخر وتقول هذا خيال ووهم!! فلا تعجل بإنكار ما لم تحط بعلمه فضلا عن ذوق حاله وأعط القوس باريها وخل المطايا وحاديها)اه

وقال أيضا في المدارج 1/159 مشددا على من ينكر ذلك: (وإنما يعرف قدر هذا من اجتاز القفار واقتحم البحار وعرض له ما يعرض لسالك القفر وراكب البحر, ومن لم يسافر ولم يخرج عن وطن طبعه ومرباه وما ألف عليه أصحابه وأهل زمانه فهو بمعزل عن هذا, فإن عرف قدره وكفى الناس شره فهذا يرجى له السلامة, وإن عدا طوره وأنكر ما لم يعرفه وكذب بما لم يحط به علما ثم تجاوز إلى تكفير من خالفه ولم يقلد شيوخه ويرضى بما رضي هو به لنفسه فذلك الظالم الجاهل الذي ما ضر إلا نفسه ولا أضاع إلا حظه)اه

علم التزكية سبب للفتح في العلوم الظاهرة:

من اهتم بتزكية نفسه وتطهيرها فسيفتح الله تعالى على قلبه -لا محالة- صنوفا من العلوم الباطنة والظاهرة ما لا يخطر على بال, لم يكن ليفتحها الله عليه لولا تزكية نفسه وتطهيرها, روى أبو نعيم في حلية الأولياء (10/15): بسنده (عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من عمل بما يعلم ورثه الله علم ما لم يعلم)اه

وفي صحيح البخاري (5/2384): (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب, وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت, عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه, فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه)اه

أي إن الطريق إلى محبة الله تعالى يكون بتزكية النفس بالمداومة على النوافل بعد الفرائض, ومن كان من أهل المحبوبية لديه سبحانه كان من أهل التسديد والتوفيق والإعانة في كل أموره ويكون وليا من أولياء الله تعالى ويكون مجاب الدعوة
وقال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين (1/138): (المجاهدة تفضي إلى المشاهدة ودقائق علوم القلب وتنفجر بها ينابيع الحكمة من القلب, وأما الكتب والتعليم فلا تفي بذلك, بل الحكمة الخارجة عن الحصر والعد إنما تتفتح بالمجاهدة والمراقبة ومباشرة الأعمال الظاهرة والباطنة والجلوس مع الله عز وجل في الخلوة مع حضور القلب بصافي الفكرة والانقطاع إلى الله تعالى عما سواه, فذلك مفتاح الإلهام ومنبع الكشف, فكم من متعلم طال تعلمه ولم يقدر على مجاوزة مسموعه بكلمة, وكم من مقتصر على المهم في التعلم ومتوفر على العمل ومراقبة القلب فتح الله له من لطائف الحكمة ما تحار فيه عقول ذوي الألباب)اه

ثم قال الإمام الغزالي: (وكم من معان دقيقة من أسرار القرآن تخطر على قلب المتجردين للذكر والفكر تخلو عنها كتب التفاسير ولا يطلع عليها أفاضل المفسرين وإذا انكشف ذلك للمريد المراقب وعرض على المفسرين استحسنوه وعلموا أن ذلك من تنبيهات القلوب الزكية وألطاف الله تعالى بالهمم العالية المتوجهة إليه وكذلك في علوم المكاشفة وأسرار علوم المعاملة ودقائق خواطر القلوب)اه

وقال الإمام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (13/245): (وأما العلم اللدني فلا ريب أن الله يفتح على قلوب أوليائه المتقين وعباده الصالحين -بسبب طهارة قلوبهم عما يكرهه واتباعهم ما يحبه- ما لا يفتح به على غيرهم, وهذا كما قال علي: (إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه) وفى الأثر: (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) وقد دل القرآن على ذلك في غير موضع)اه ثم ذكر الآيات الدال على ذلك

وقال أيضا كما في مجموع الفتاوى (7/235): (كلما تذكر الإنسان ما عرفه قبل ذلك وعمل به حصل له معرفة شيء آخر لم يكن عرفه قبل ذلك وعرف من معاني أسماء الله وآياته ما لم يكن عرفه قبل ذلك كما في الأثر: (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) وهذا أمر يجده في نفسه كل مؤمن)اه

وقد كان علماء الظاهر يرجعون لأهل التزكية والصفاء عند المشكلات, قال الإمام أبو طالب المكي في قوت القلوب 1/437: (وقد كان علماء الظاهر إذا أشكل عليهم العلم في مسألة لاختلاف الأدلة سألوا أهل العلم باللّه؛ لأنهم أقرب إلى التوفيق عندهم وأبعد من الهوى والمعصية منهم: الشافعي رحمه اللّه تعالى كان إذا اشتبهت عليه المسألة لاختلاف أقوال العلماء فيها وتكافؤ الاستدلال عليها رجع إلى علماء أهل المعرفة فسألهم, قال: وكان يجلس بين يدي شيبان الراعي كما يجلس الصبي بين يدي المكتب ويسأله: كيف يفعل في كذا؟ وكيف يصنع في كذا؟ فيقال له: مثلك يا أبا عبد اللّه في علمك وفقهك تسأل هذا البدوي؟ فيقول: إن هذا وفق لما علمناه)اه

العلم بغير تزكية قد يكون حجابا بين المرء وربه

العلم بغير تزكية قد يؤدي إلى العجب والكبر والغرور والتعالي وغير ذلك من الآفات, وقد يكون سببا في قسوة القلوب وسببا للعداوة بين المنتسبين إليه, ففي سير أعلام النبلاء 7/183: (عن محمد بن عبادة المعافري قال: كنا عند أبي شريح رحمه الله فكثرت المسائل فقال: قد درنت قلوبكم فقوموا إلى خالد بن حميد المهري استقلوا قلوبكم وتعلموا هذه الرغائب والرقائق فإنها تجدد العبادة وتورت الزهادة وتجر الصداقة, وأقلوا المسائل فإنها في غير ما نزل تقسي القلب وتورث العداوة, قال الذهبي قلت: صدق والله)اه

وفي جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (ج3/ص268) بسنده إلى أحمد بن عبد الله بن أبي الحواري قال: قلت لأبي بكر بن عياش: حدِّثْنا, فقال: (دعونا من الحديث؛ فإنا قد كبرنا ونسينا الحديث، جيئونا بذكر المعاد والمقابر...)اه

وفي جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (ج3/ص286): بسنده عن يحيى بن سعيد القطان قال: سمعت شعبة يقول: (إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون)اه ورواه الخطيب في الجامع 1/217 بلفظ مقارب
وفي طبقات الحنابلة (ج1/ص98): ( قال أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله سمعت شعبة بن الحجاج يقول: إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة وعن صلة الرحم فهل أنتم منتهون, قال: فأطرق ساعة ثم قال: أما نحن فلا نعرف هذا من أنفسنا فإن كان شعبة يعرف من نفسه شيئاً فهو أعلم)اه

رحم الله الإمام أحمد فشعبه يحكي واقع من اشتغل بالحديث عن الذكر والصلاة والحقوق, ولم يقل أنه هو كذلك, وأحمد لم يشغله الحديث عن تلك الأمور فإنه كان من المهتمين بالعبادة
وفي جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (ج3/ص264): بسنده إلى أبي خالد الأحمر قال:

(يأتي على الناس زمان تعطل فيه المصاحف، لا يقرأ فيها، يطلبون الحديث والرأي، ثم قال: إياكم وذلك؛ فإنه يصفق الوجه ويكثر الكلام ويشغل القلب)اه

وفي جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (ج3/ص271) بسنده عن الضحاك بن مزاحم قال: (يأتي على الناس زمان يعلقون المصحف حتى يعشش فيه العنكبوت، لا ينتفع بما فيه، وتكون أعمال الناس بالروايات والحديث)اه

وفي جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (ج3/ص296): بسنده إلى حمزة بن محمد بن علي الكناني قال: خرجت حديثا واحدا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مائتي طريق قال: فداخلني من ذلك من الفرح غير قليل وأعجبت بذلك
قال: فرأيت ليلة من الليالي يحيى بن معين في المنام فقلت له: يا أبا زكريا خرجت حديثا واحدا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مائتي طريق, قال: فسكت عني ساعة ثم قال: أخشى أن يدخل هذا تحت ألهاكم التكاثر)اه

وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى11/27: (وطريق الله لا تتم إلا بعلم وعمل يكون كلاهما موافقا الشريعة, فالسالك طريق الفقر والتصوف والزهد والعبادة إن لم يسلك بعلم يوافق الشريعة وإلا كان ضالا عن الطريق, وكان ما يفسده أكثر مما يصلحه, والسالك من الفقه والعلم والنظر والكلام إن لم يتابع الشريعة ويعمل بعلمه وإلا كان فاجرا ضالا عن الطريق ) اه

ولنضرب لذلك مثلا ذكره الإمام السهروردي في كتابه عوارف المعارف وهو:

أنه لو فرض أن طالب عالم أو داعية كان في صدر مجلس بعض الوجهاء يحدث الناس ويعظهم أو يعلمهم, وبينما هو كذلك إذ دخل طالب علم أو داعية آخر فقدمه صاحب المجلس ورفعه عليه
فأما طالب العلم والداعية الذي يهتم بتزكية نفسه فلا إشكال عنده في الأمر بل سيقول: الحمد لله الذي كفاني المؤنة بغيري, ولو فرض أن الشيطان سيلقي على قلبه خواطر الحسد فإنه سيستعيذ بالله من تلك الخواطر وسيفعل ما يضاد ذلك من الثناء على ذلك الآخر وخدمته والتواضع له ..إلخ
وأما طالب العلم والداعية الذي لا يهتم بتزكية نفسه فإن الحسد سيحرق قلبه, وقد يفعل ما يظهر ذلك الحسد الكامن في قلبه كأن يخرج من المجلس أو يذم ذلك الآخر أو يغضب على صاحب المجلس.. إلخ, فقس نفسك أيها المنتسب للعلم والدعوة بهذا الميزان, وأجب نفسك بصدق ماذا لو كنت أنت ذلك الشخص فماذا سيكون موقفك؟.. ومن السهل أن يقول الواحد منا باللسان: إن موقفي سيكون كذا, ولكن نريد الجواب بالفعل -وليس بالقول- عند التعرض لمثل الموقف السابق ماذا ستفعل؟



للموضوع بقية

بهاء الدين
08-10-2016, 07:47 PM
مشكور وجزاك الله كل خير على الطرح الطيب

روضة العامودى
10-10-2016, 05:05 AM
شكرا على الطرح والافادات القيمة بارك الله فيكم

نور الهدى
11-10-2016, 06:10 PM
شكرا على الطرح الطيب بارك الله فيكم

tafouket
12-10-2016, 07:10 PM
شكرا على الطرح الطيب وجزاكم الله كل خير

هاشم
18-10-2016, 03:00 AM
شكرا اخى محب التيجانية على مساهماتك القيمة ونرجو المزيد

جمال الرصافي
21-10-2016, 08:36 PM
شكرا على المواضيع القيمة فى السير والسلوك وجزاكم الله كل خير

جنة
24-10-2016, 05:07 AM
شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير

سامر سويلم
24-10-2016, 10:00 PM
نتمنى المزيد من مواضيعك القيمة

جيهان
03-11-2016, 02:45 PM
شكرا على الموضوع والافادة

رشيدة
06-11-2016, 09:16 AM
شكرا على الطرح العرفانى الجميل بارك الله فيكم

الفرغل ابو الرجال
16-11-2016, 01:49 AM
مشكور وجزاك الله كل خير اخى على الطرح القيم

ابو حاتم
20-11-2016, 06:30 PM
شكرا على الموضوع والافادة بارك الله فيكم

بلال
23-11-2016, 02:21 AM
شكرا على الموضوع القيم ونتمنى المزيد منك اخى محب التيجانية