المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلم المرفوع المبحث الثاني



محب التيجانية
08-10-2016, 11:23 AM
العلم المرفوع
رابط المبحث الاول (http://alchamel114.org/vb/showthread.php?t=26168)

المبحث الثاني

ما هو العلم؟ ومن هو العالم؟

ورد الشرع بمدح العلم والعلماء وأهل العلم وتعلم العلم في آيات وأحاديث كثيرة, فما هو هذا العلم الذي تشمله تلك الفضائل الكثيرة؟ هل هو مجرد الحصول على المعلومات في سائر الفنون أم أن هناك شيئا آخر وراء ذلك؟

يجيبنا عن ذلك الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول: (العلم علمان علم في القلب فذاك العلم النافع وعلم على اللسان فتلك حجة الله على عباده)اه رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (7/82) بسنده عن الحسن مرفوعا, قال العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (1/114): (أخرجه الترمذي الحكيم في النوادر وابن عبد البر من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح, وأسنده الخطيب في التاريخ من رواية الحسن عن جابر بإسناد جيد)اه

ويجيبنا الإمام الشاطبي عن ذلك بقوله في الموافقات (1/61): (وكل علم لا يفيد عملا فليس في الشرع ما يدل على استحسانه ولو كان له غاية أخرى شرعية لكان مستحسنا شرعا ولو كان مستحسنا شرعا لبحث عنه الأولون من الصحابة والتابعين)اه

وقال في الموافقات أيضا (1/69): (العلم الذي هو العلم المعتبر شرعاً أعنى الذي مدح الله ورسوله أهله على الإطلاق هو العلم الباعث على العمل, الذي لا يخلي صاحبه جارياً مع هواه كيفما كان بل هو المقيد لصاحبه بمقتضاه, الحامل له على قوانينه طوعاً أو كرهاً)اه

وقال ابن جماعة في تذكرة السامع والمتكلم ص13: (واعلم أن جميع ما ذُكر من فضيلة العلم والعلماء إنما هو في حق العلماء العاملين الأبرار المتقين الذي قصدوا به وجه الله الكريم والزلفى لديه في جنات النعيم. لا من طلبه لسوء نية أو خبث طوية أو لأغراض دنيوية من جاه أو مال أو مكاثرة في الأتباع والطلاب)اه

وقبله قال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين عمن اهتم بالعلوم الظاهرة ونسي العلم الحقيقي (5/230): (فقد ترك العلوم التي هي أهم وهو غافل مغرور وسبب غروره ما سمع في الشرع من تعظيم الفقه ولم يدر أن ذلك الفقه هو الفقه عن الله ومعرفة صفاته المخوفة والمرجوة ليستشعر القلب الخوف ويلازم التقوى... وإنما العلم المهم هو معرفة سلوك الطريق وقطع عقبات القلب التي هي الصفات المذمومة فهي الحجاب بين العبد وبين الله تعالى وإذا مات ملوثا بتلك الصفات كان محجوبا عن الله)اه

وقبله قال الإمام أبو طالب المكي في قوت القلوب 1/475: (اعلم أن كلّ علم من العلوم قد يتأتى حفظه ونشره لمنافق أو مبتدع أو مشرك إذا رغب فيه وحرص عليه؛ لأنه نتيجة الذهن وثمرة العقل إلا علم الإيمان واليقين فإنه لا يتأتى ظهور مشاهدته والكلام في حقائقه إلا لمؤمن موقن من قِبَل أن ذلك تقرير مزيد الإيمان وحقيقة العلم والإيمان)اه

وقال ابن قدامة المقدسي في مختصر منهاج القاصدين (صCool: (فأما علم المعاملة وهو علم أحوال القلب، كالخوف، والرجاء، والرضى، والصدق، والإخلاص وغير ذلك، فهذا العلم ارتفع به كبار العلماء، وبتحقيقه اشتهرت أذكارهم، كسفيان، وأبى حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد. وإنما انحطت رتبة المسمين بالفقهاء والعلماء عن تلك المقامات، لتشاغلهم بصورة العلم من غير أخذ على النفس أن تبلغ إلى حقائقه وتعمل بخفاياه.

وأنت تجد الفقيه يتكلم في الِّظهار، واللِّعان، والسبع، والرمي، ويفرع التفريعات التي تمضى الدهور فيها ولا يحتاج إلى مسألة منها، ولا يتكلم في الإخلاص، ولا يحذر من الرياء، وهذا عليه فرض عين، لأن في إهماله هلاكه، والأول فرض كفاية.

ولو أنه سئل عن علة ترك المناقشة للنفس في الإخلاص والرياء لم يكن له جواب. ولو سئل عن علة تشاغله بمسائل اللعان والرمي، لقال: هذا فرض كفاية، ولقد صدق، ولكن خفي عليه أن الحساب فرض كفاية أيضاً، فهلا تشاغل به، وإنما تبهرج عليه النفس، لأن مقصودها من الرياء والسمعة يحصل بالمناظرة، لا بالحساب !)اه

بعض الآيات القرآنية التي تبين أن العلم هو علم القلب وعلم الخشية:

الآية الأولى:

قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) [الإسراء: 107 - 109]

في هذه الآية يخبر الله تعالى أن أهل العلم إذا سمعوا القرآن يخرون ساجدين لله مسبحين خاشعين باكين, قال الإمام القرطبي في تفسيره 10/296: (ويخرون للأذقان يبكون) وحق لكل من توسم بالعلم وحصل منه شيئا أن يجري إلى هذه المرتبة فيخشع عند استماع القرآن ويتواضع ويذل, وفي مسند الدارمي أبي محمد عن التيمي قال: من أوتي من العلم ما لم يبكه لخليق ألا يكون أوتي علما لأن الله تعالى نعت العلماء ثم تلا هذه الآية وذكره الطبري أيضا)اه

الآية الثانية:

قال الله سبحانه: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر : 9]

وفي هذه الآية يخبر الله تعالى أن أهل العلم شأنهم القنوت بالليل بالقيام والسجود والخوف والرجاء, قال الألوسي في تفسيره (17/434): (هَلْ يَسْتوي الَّذينَ يَعْلُمونَ) فيعملون بمقتضى علمهم ويقنتون الليل سجداً وركعاً يحذرون الآخرة ويرجون رحمة ربهم (والذين لاَ يَعْلَمُونَ)اه
وقال القرطبي في تفسيره (10/322): (هل يستوي الذين يعلمون) هم الذين ينتفعون بعلمهم ويعملون به، فأما من لم ينتفع بعلمه ولم يعمل به فهو بمنزلة من لم يعلم)اه

الآية الثالثة:

قال الله عز وجل: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) [فاطر:28]
وفي هذه الآية يخبر سبحانه أن أهل العلم شأنهم الخشية له تعالى, وأن من لم يخش الله تعالى فليس بعالم, قال السهروردي في عوارف المعارف ص40: (قال تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ذكر بكلمة (إنما) فينتفي العلم عمن لا يخشى الله, كما إذا قال: إنما يدخل الدار بغدادي فينتفي دخول غير البغدادي الدار, فلاح لعلماء الآخرة أن الطريق مسدود إلى أنصبة المعارف ومقامات القرب إلا بالزهد والتقوى)اه

وقد تواترت أقوال أهل التفسير وأهل العلم من الصحابة والسلف ومن بعدهم على أن من لم يخش الله فليس بعالم, وهذه طائفة من أقوالهم في ذلك, قال السيوطي في الدر المنثور (8/273) في تفسير هذه الآية:

- (أخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: (إنما يخشى الله من عباده العلماء ) قال: العلماء بالله الذين يخافونه .

- وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ليس العلم من كثرة الحديث، ولكن العلم من الخشية .

- وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير قال : العالم من خشي الله .

- وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي حيان التيمي عن رجل قال: كان يقال العلماء ثلاثة. عالم بالله وعالم بأمر الله وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله. فالعالم بالله وبأمر الله: الذي يخشى الله، ويعلم الحدود والفرائض. والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله: الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض، والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى الله .

- وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : إن العلم ليس بكثرة الرواية ، إنما العلم نور يقذفه الله في القلب .

- وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كفى بخشية الله علماً ، وكفى باغترار المرء جهلاً .

- وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الفقيه من يخاف الله.)اه.

- وفي تفسير القرطبي (10/119): ( قال الربيع بن أنس: من لم يخش الله تعالى فليس بعالِم.

وقال مجاهد: إنما العالِم من خشي الله عز وجل. وقيل لسعد بن إبراهيم: مَن أفقه أهل المدينة؟ قال أتقاهم لربه عز وجل.)اه

- وفي تفسير البغوي (6/419): (قال رجل للشعبي: أفتني أيها العالم، فقال الشعبي: إنما العالم من خشي الله عز وجل.)اه

- وروى أبو خيثمة في كتاب العلم ص9: بسنده (عن حذيفة قال: بحسب المرء من العلم أن يخشى الله عز وجل, وبحسبه من الكذب أن يقول: استغفر الله وأتوب إليه ثم يعود

- وبسنده (عن مسروق قال: بحسب الرجل من العلم أن يخشى الله عز وجل وبحسب الرجل من الجهل أن يعجب بعلمه)اه

- وفي تفسير ابن كثير 3/729: (عن أحمد بن صالح المصري قال: الخشية لا تدرك بكثرة الرواية)اه


الآثار عن السلف في أن العلم الحقيقي هو علم القلب وعلم الخشية:

تواترت الآثار عن الصحابة والسلف ومن بعدهم من أهل العلم على أن العلم في الحقيقة هو علم القلب وعلم الخشية, وإليك طائفة من أقوالهم في ذلك إضافة إلى ما سبق:

- في الموافقات للشاطبي (1/77): (قال مالك بن أنس: الحكمة والعلم نور يهدي به الله من يشاء وليس بكثرة المسائل ولكن عليه علامة ظاهرة وهي: التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود)اه

- وفي قوت القلوب 1/391: (وروينا عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنه قال لما مات عمر رضي اللّه عنه: إني لأحسب هذا الرجل قد ذهب بتسعة أعشار العلم, فقيل له: تقول هذا وأصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم متوافرون فقال: إني لست أعني العلم الذي تذهبون إليه إنما أعني العلم باللّه عز وجلّ)اه

- وفي طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/382 وقوت القلوب 1/426: (ذكر في مجلس أحمد معروف الكرخي فقال بعض من حضره: هو قصير العلم قال احمد: أمسك عافاك الله وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف, وقال المعافى بن زكريا الجريري حدثت عن عبدالله بن احمد بن حنبل أنه قال: قلت لأبي: هل كان مع معروف شيء من العلم؟ فقال لي: يا بني كان معه رأس العلم خشية الله تعالى) اه

- وفي اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (ص/123): (عن الشعبي قال: إنا لسنا بالفقهاء، ولكنا سمعنا الحديث فرويناه، ولكن الفقيه من إذا علم عمل)اه

- وفي اقتضاء العلم العمل (ص/137): (عن نعيم ابن حماد قال: سألت ابن عيينة أو سأله إنسان : من العالم ؟ فقال : الذي يعطي كل حديث حقه [أي من العمل])اه

- وفي اقتضاء العلم العمل (ص/ 11): (عن علي رضي الله عنه قال: يا حملة العلم اعملوا به، فإنما العالم من عمل، وسيكون قوم يحملون العلم، يباهي بعضهم بعضا حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره، أولئك لا تصعد أعمالهم إلى السماء)اه

- وفي اقتضاء العلم العمل (ص/ 45): (عن فضيل بن عياض قال: لا يزال العالم جاهلا بما علم حتى يعمل به، فإذا عمل به كان عالما, وعنه في قول الله تعالى: (وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم) قال: عُلِمتم فعَلمْتم ولم تعملوا فوالله ما ذلكم بعلم)اه

- وفي الموافقات للشاطبي (1/75): (عن الحسن قال: العالم الذي وافق علمُه عملَه ومن خالف علمُه عملَه فذلك راوية حديث سمع شيئاً فقاله)اه

- وفي عوارف المعارف ص31: (قال بعضهم: أجهل الناس من ترك العمل بما يعلم وأعلم الناس من عمل بما يعلم وأفضل الناس أخشعهم لله) قال السهروردي: (وهذا قول صحيح يحكم بأن العالم إذا لم يعمل بعلمه فليس بعالم فلا يغرنكم تشدقه واستطالته وحاقته وقوته في المناظرة والمجادلة فإنه جاهل وليس بعالم )اه

الصحابة والسلف كان من شأنهم تعلم الهدي قبل تعلم العلم:

لقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم رضي الله عنهم يتزكون قبل أن يتعلموا, ويتعلمون الهدي قبل أن يتعلموا العلم, ففي مستدرك الحاكم 1/91 : (عن القاسم بن عوف الشيباني قال: سمعت ابن عمر يقول: لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدثنا يؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده فيها كما تعلمون أنتم القرآن ثم قال : لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما أمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه ينثره نثر الدقل)اه

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لا أعرف له علة ولم يخرجاه, وقال الذهبي في التلخيص: على شرطهما ولا علة له

وفي سنن البيهقي 3/120: (عن أبي عمران الجوني عن جندب قال: كنا غلمانا حزاورة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيعلمنا الإيمان قبل القرآن ثم يعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا وإنكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان)اه

وهكذا كان دأب السلف الصالح قال عبد الرحمن بن القاسم: (صحبت مالكا عشرين سنة فكان منها سنتان في العلم وثمانية عشر سنة في تعليم الأدب فيا ليتني جعلت المدة كلها أدبا, وقال الشافعي رحمه الله: قال لي مالك: يا محمد اجعل علمك ملحا وأدبك دقيقا)اه العهود المحمدية 278

وفي قوت القلوب1/451: (عن أبي عبيد قال: ما قرعت على عالم قط بابه كنت أجيء إلى منزله فأقعد على بابه انتظر خروجه من قبل نفسه, أتأوّل قول اللّه عزّ وجلّ: (وَلَوْ أنَّهُمْ صبَرُوا حتّى تََخْرُجَ إليْهِمْ لكانَ خيْراً لَهمْ) وقد روينا مثل هذا عن ابن عباس رضي اللّه عنهما) اه

وفي العهود المحمدية ص267: (وكان سفيان الثوري يقول: والله لقد أدركنا أقواما يروضون الطالب سنين كثيرة ولا يعلمونه شيئا من العلم حتى يظهر لهم صلاح نيته في العلم)اه

وفي العهود المحمدية ص265: (وكان سفيان بن عيينة يقول: إذا رأيتم طالب العلم كلما ازداد علما ازداد جدالا ورغبة في الدنيا فلاتعلموه)اه

وتعلم القرآن والعلم قبل تعلم الهدي والتزكية أو من دون تعلم الهدي والتزكية يؤدي إلى الفظاظة والغلظة والعنف والشدة والتطرف والتكفير, فقد روى البزار في مسنده برقم (175): (عن حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن مما أتخوف عليكم رجُل قرأ القرآن، حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان رِدْء الإسلام اعتراه إلى ما شاء الله، انسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف، ورماه بالشرك. قال: قلت: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك: المرمي أو الرامي؟ قال: بل الرامي)اه قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/188): (إسناده حسن)اه. ورواه أبو يعلى الموصلي في مسندهكما في تفسير ابن كثير (3/509) قال ابن كثير بعد حكايته مسندا : (هذا إسناد جيد.)اه

من صفات علماء الآخرة:

قال ابن قدامة المقدسي في مختصر منهاج القاصدين (ص15):

- (من صفات علماء الآخرة: أن يعلموا أن الدنيا حقيرة، وأن الآخرة شريفة. وأنهما كالضرتين، فهم يؤثرون الآخرة، ولا تخالف أفعالهم أقوالهم، ويكون ميلهم إلى العلم النافع فى الآخرة، ويجتنبون العلوم التي يقل نفعها إيثاراً لما يعظم نفعه

- ومن صفات علماء الآخرة: أن يكونوا منقبضين عن السلاطين، محترزين من مخالطتهم. قال حذيفة رضى الله عنه: إياكم ومواقف الفتن. قيل: وما هي؟ قال: أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه. وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء، فاحذروا منه فإنه لص. وقال بعض السلف: إنك لا تصيب من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينك أفضل منه.

- ومن صفات علماء الآخرة: أن لا يسترعوا إلى الفتوى، وأن لا يفتوا إلا بما يتيقنون صحته. وقد كان السلف يتدافعون الفتوى حتى ترجع إلى الأول. وقال عبد الرحمن بن أبى ليلى رحمه الله: أدركت في هذا المسجد مائة وعشرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما أحد يسأل عن حديث أو فتوى إلا وَدَّ أن أخاه كفاه ذلك. ثم قال آل الأمر إلى إقدام أقوام يدعون العلم اليوم، يقدمون على الجواب في مسائل لو عرضت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع أهل بدر. واستشارهم.

- ومن صفاتهم: أن يكون أكثر بحثهم في علم الأعمال عما يفسدها ويكدر القلوب ويهيج الوساوس، فإن صور الأعمال قريبة سهلة، وإنما التعب في تصفيتها. وأصل الدين: التوقي من الشر، ولا يصح أن يتوقى حتى يعرف.

- ومن صفاتهم: البحث عن أسرار الأعمال الشرعية، والملاحظة لحكمها. فان عجز عن الاطلاع على العلة كفاه التسليم للشرع)اه

جناية المصطلحات على الحقائق في هذا الباب:

كثير من الألفاظ التي ورد مدحها ومدح أهلها في الآيات والأحاديث والآثار عن الصحاب والسلف رضي الله عنهم قد صارت في زماننا تطلق على غير المراد منها, مما أدى أن انعكاس الأمر وانتكاس الفِكْر, قال ابن قدامة المقدسي في مختصر منهاج القاصدين (ص9): (واعلم: أنه بدلت ألفاظ وحرفت، ونُقلت إلى معان لم يردها السلف الصالح:

- فمن ذلك: الفقه: فإنهم تصرفوا فيه بالتخصيص فخصوه بمعرفة الفروع وعللها، ولقد كان اسم الفقه في العصر الأول منطلقاً على علم طريق الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفوس، ومفسدات الأعمال، وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا، وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة، واستيلاء الخوف على القلب. ولذلك قال الحسن رحمه الله: إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه، الوَرِع الكافُّ عن أعراض المسلمين، العفيف عن أموالهم، الناصح لهم. فكان إطلاقهم اسم الفقه على علم الآخرة أكثر، لأنه لم يكن متناولاً للفتاوى، ولكن كان متناولاً لذلك بطريق العموم والشمول، فثار من هذا التخصيص تلبيس بعث الناس على التجرد لعلم الفتاوى الظاهرة، والإِعراض عن علم المعاملة للآخرة.

- اللفظ الثاني: العلم: فقد كان ذلك يطلق على العلم بالله تعالى وبآياته، أي: نعمه وأفعاله في عباده، فخصوه وسموا به الغالب المناظر في مسائل الفقه وإن كان جاهلاً بالتفسير والأخبار.

- اللفظ الثالث: التوحيد: وقد كان ذلك إشارة إلى أن ترى الأمور كلها من الله تعالى رؤية تقطع الالتفات إلى الأسباب والوسائط، فيثمر ذلك التوكل والرضى وقد جعل الآن عبارة عن صناعة الكلام في الأصول، وذلك من المنكرات عند السلف.

- اللفظ الرابع: التذكير والذكر: قال تعالى: (وَذكَّرْ َفإنَّ الذَّكْرَى تْنَفعُ الُمْؤمنينَ) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر" فنقلوا ذلك إلى القصص وما يحتوى عليه اليوم مجلس القاص من الشطح والطامات. ومن تشاغل في وعظه بذكر قصص الأولين

- اللفظ الخامس: الحكمة: والحكمة: العلم والعمل به. قال ابن قتيبة رحمة الله: لا يكون الرجل حكيما حتى يجمع العلم والعمل. وقد صار هذا الاسم يطلق في هذا الزمان على الطبيب والُمنِّجم)اه



للموضوع بقية

بهاء الدين
08-10-2016, 07:46 PM
مشكور وجزاك الله كل خير على الطرح الطيب

روضة العامودى
10-10-2016, 05:06 AM
شكرا على الطرح والافادات القيمة بارك الله فيكم

نور الهدى
11-10-2016, 06:10 PM
شكرا على الطرح الطيب بارك الله فيكم

tafouket
12-10-2016, 07:10 PM
شكرا على الطرح الطيب وجزاكم الله كل خير

هاشم
18-10-2016, 03:01 AM
شكرا اخى محب التيجانية على مساهماتك القيمة ونرجو المزيد

جمال الرصافي
21-10-2016, 08:37 PM
شكرا على المواضيع القيمة فى السير والسلوك وجزاكم الله كل خير

جنة
24-10-2016, 05:07 AM
شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير

جيهان
03-11-2016, 02:48 PM
شكرا على الموضوع والافادة

رشيدة
06-11-2016, 09:15 AM
شكرا على الطرح العرفانى الجميل بارك الله فيكم

ظفار العدوى
08-11-2016, 06:50 AM
شكرا على الموضوع القيم فى السير والسلوك

الفرغل ابو الرجال
16-11-2016, 01:48 AM
مشكور وجزاك الله كل خير اخى على الطرح القيم

ابو حاتم
20-11-2016, 06:30 PM
شكرا على الموضوع والافادة بارك الله فيكم

بلال
23-11-2016, 02:21 AM
شكرا على الموضوع القيم ونتمنى المزيد منك اخى محب التيجانية