المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصوفية في أفريقيا



نسائم الرحمن
06-11-2016, 10:12 PM
http://www.aljazeera.net/File/GetImageCustom/da92668d-3097-423d-9159-0e390c1ac27c/555/313

تشكل قصة التصوف الجزء الأكبر من قصة الإسلام في أفريقيا جنوب الصحراء، فقد لعبت فيها الطرق الصوفية أكثر الأدوار محورية وشهدت أكثر اللحظات مفصلية في تاريخ مسلمي القارة. وكانت الطريقة القادرية أول تلك الطرق وصولا، وقد وصلت إلى غرب أفريقيا مع قبيلة كنتة العربية بدايات القرن 16.

ولعبت قبيلة كنتة دورا مهما في نشر الطريقة القادرية في منطقة حوض نهر النيجر (من نيجيريا إلى غينيا مرورا بالنيجر ومالي)، ثم وصلت الطريقة مع التجار العرب إلى سواحل شرق أفريقيا، فصارت مقديشيو وهرار (شمال أثيوبيا) وغيرهما مراكز كبرى للإسلام. ثم لحقت بالقادرية الطريقتان الشاذلية والرفاعية، فسبقتاها إلى تانزانيا وأوغندا وزامبيا وموزمبيق وغيرها.

وفي نهاية القرن السابع عشر، وصل التصوف إلى جنوب أفريقيا، مع الطريقة الخلوتية التي جاء بها مجاهدو وعلماء إندونيسيا الذين نفتهم السلطات الاستعمارية إلى رأس الرجاء الصالح، والذين كانوا أول من دعا إلى الإسلام وأول من بنى مسجدا في الجزء الجنوبي من القارة.

وبعدها بقرن تقريبا ظهرت الطريقة التيجانية في الجزائر والمغرب أواخر القرن 18، وسرعان ما انتشرت جنوبا وتسلمت المشعل من القادرية، لتصير عنوانا لاعتناق الإسلام في غرب أفريقيا.

وتنتشر في أفريقيا عشرات الطرق الصوفية، غير أن بضعة منها فقط تصدرت واستقرت في قلوب المسلمين الأفارقة، وأهمها حسب الانتشار الجغرافي: في غرب أفريقيا نجد الطريقة التيجانية (ويبلغ تعداد أتباعها عشرات الملايين)، ثم المريدية (ويقدر أتباعها بستة ملايين) وبعدهما تأتي القادرية بحضور ضعيف. أما في شرق أفريقيا فنجد القادرية والشاذلية وتعداد أتباعهما كذلك يقدر بعشرات الملايين، أما في منطقة جنوب أفريقيا فنجد الطريقة الخلوتية والقادرية والسنوسية والعلوية وغيرها..

http://www.aljazeera.net/file/getcustom/1dbad81d-24a4-496b-9bad-1f0cb5634b20/b527fc0f-2967-4de2-9883-1db8b78c2b80

مقاومة الاستعمار

وقد لعبت الطرق الصوفية دورا هاما في الدفاع عن الإسلام والمسلمين ضد الحملات الاستعمارية الأوروبية، ففي غرب أفريقيا أواسط القرن 19، قاد الشيخ عمر الفوتي ضد الفرنسيين قرابة ثمانين معركة، وكان خليفة الطريقة التيجانية في بلاد السودان، وقد عمل على توحيد القبائل المتصارعة ضد الفرنسيين وأسس مملكة توكولور التي امتدت رقعتها لتشمل أجزاء من مالي والسينغال وغينيا وغيرها.


أما في شرق أفريقيا فقد قام الإمام الجراني بتوحيد القبائل الصومالية لمواجهة الغزو الحبشي، وتمكن من بسط نفوذه على بلاد الحبشة كلها أواسط القرن السادس عشر، قبل أن ينهزم أمام البرتغاليين في وقت لاحق.


وفي حوض الكونغو قام المسلمون بقيادة الشيخ المرجبي بمقاومة غزو ملك بلجيكا ليوبولد وقد بذلوا من أرواحهم في مواجهته قرابة 600 ألف شهيد.
أما في جنوب أفريقيا، فقد تصدر قادة الطرق الصوفية حركة مناهضة نظام الفصل العنصري، وقد برز منهم زعماء وطنيون كبار كالشيخ عبد الله هارون الذي استشهد تحت التعذيب في سجون نظام الفصل العنصري.


http://www.aljazeera.net/file/getcustom/90633cf0-097e-4c2d-8055-926d0a0dabd8/b527fc0f-2967-4de2-9883-1db8b78c2b80

الاقتصاد

لعبت ولا تزال الحركات الصوفية في أفريقيا دورا اقتصاديا مهما، ففي فترة تاريخية طبعت فيها أحوال المسلمين بالتخلف والضعف حتى صارت التقوى مرادفة للدروشة والإيمان مرادفا للتواكل، قامت حركات صوفية ببعث روح العمل والإنتاج في الأتباع، وحثهم على الكسب والاجتهاد، فما لبثت أن تحولت إلى قوى اقتصادية لا يستهان بها.


وفي فترة تاريخية طبعها غياب الدولة ومؤسساتها، سواء بسبب الفوضى وكثرة الإمارات المتحاربة وفقدان الناس الثقة في الحكام، أو بسبب الاستعمار، قامت الطرق الصوفية بدور المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، فكانت تجمع الزكاة والصدقات من الأتباع الذين يدينون لها بالثقة والولاء، ثم تستثمرها في التجارة والزراعة، مما يمكنها من القيام بأدوار اجتماعية مهمة، كالتعليم وكفالة الأيتام وتمكين الفقراء من أسباب الاسترزاق، وبناء المساجد وإقامة "الرباطات"، وتأطير الأتباع للدفاع عن الأمة بالمقاومة والجهاد.

http://www.aljazeera.net/file/getcustom/f962e4d8-478c-4397-8bdb-43c6648b1ba3/00000000-0000-0000-0000-000000000000
الاحتفال سنة 1994 بمرور 3 قرون على وصول الشيخ يوسف المكسري إلى كيبتاون

السياسة

ونتيجة لهذا الحضور القوي الذي تتمتع به الطرق الصوفية في ضمائر ملايين المواطنين المسلمين في مختلف الدول الأفريقية، ونتيجة كذلك لحضورها الاقتصادي المؤثر في كثير من الدول، كان من الطبيعي أن يصير لها تأثير كبير على الساحة السياسية، إذ يحرص السياسيون على كسب ودها طمعا في الفوز بأصوات أتباعها.

كما تلعب الطرق الصوفية أدوارا مهمة لإرساء السلام الاجتماعي بين مختلف الطوائف والتدخل لحل بعض الإشكالات التي تعجز عنها مؤسسات الدولة، كما أنها تتخذ أحيانا مواقف معارضة لبعض السياسات والقوانين التي تراها في غير صالح المجتمع، وباتساع جغرافية انتشارها فإن دائرة تأثيرها السياسي تتسع تبعا لذلك لتشمل قضايا إقليمية وأحيانا دولية.

الراعى
07-11-2016, 09:34 PM
جزاك الله خيرا اختي

ماجد
09-11-2016, 09:23 AM
شكرا على الموضوع القيم

تاج الدين
26-11-2016, 03:10 AM
شكرا على الطرح العرفانى الجميل وجزاكم الله كل خير

رشاد عزام
30-11-2016, 06:38 PM
شكرا على المواضيع العرفانية القيمة فى التصوف

كارم المحمدى
03-12-2016, 01:35 PM
شكرا وجزاكم الله كل خير على الطرح الطيب

مروان التيفاشى
11-12-2016, 02:01 PM
شكرا والله يعطيكم الف عافية

عثمان
20-12-2016, 09:30 PM
مشكورين وجزاكم الله كل خير

ابو حاتم
23-12-2016, 03:41 AM
شكرا على المواضيع الصوفية الجميلة

طلعت شكرى
02-01-2017, 01:34 PM
جزاكم الله كل خير وجعلها فى ميزان حسناتكم