تميم الشاوى
25-11-2016, 09:23 PM
الحكمة الثالثة
( لا يخرجك من شهود الوهم والخيال ، إلا كثرة ذكر الله بالصدق والابتهال )
قلت به ناسجاً لما أنطوت عليه هذه الحكمة : لا يخرجك أيها السالك طريق القوم من شهود الوهم والخيال الذى هو عين الأغيار إلا كثرة ذكر الله . فاذا أكثرت أيها العبد من ذكر الله تعالى . لزم من ذلك الخشية من الله تعالى ، والمعرفة بالله تعالى ، فاذا دوامت على ذلك ، كشف الله عن قلبك حجاب الوهم والخيال .
فتشهد بعد ذلك فعلك وهماً وخيالاً ، وحياتك وهماً وخيالاً ، ووجودك وهماً وخيالاً .
وأعلم أن كثرة الذكر لله تعالى من غير إخلاص وحضور لا تنتج نتيجة الذكر بالإخلاص والحضور مع الله بالله لله ، فان الله سبحانه وتعالى غيور لا يحب أن يرى في قلب الذاكر غيره .
قال سيدي الشيخ عبدالوهاب الشعراني :
أقرب الطرق إلى الله مدوامة كثرة ذكر الله تعالى ، لأن الاسم لا يفارق مسماه ، فلا يزال العبد يذكر ربه ، والحجب تنخرق له شيئا بعد شيء حتى يقع الشهود للقلب ، فإذا حصل الشهود استغنى القلب عن الذكر بمشاهدة المذكور ، فإن ذكر العبد ربه فى تلك الحضرة غير لائق بالأدب . جاء في الاحاديث القدسية أنه تعالى قال :
ياعبدى إذا رأيتني فاصمت ، وإن لم ترني ، فلا تفارق اسمى . أفهم تغنم .
وقال الإمام القشيري في كتابه ((ثمرات الأعمال )) : من حافظ على قول لا إله إلا الله ظاهراً وداوم على ذكرها ، وجعل لسانه مستغرقاً فيها ، فتح الله على قلبه نوراً يكشف له عن سرها ، فتستغرقه أنوارها ، ويشغف قلبه بذكرها ، وتصطلحه أنوارها وثمراتها ، فيشهد بها من عجائب الملكوات مالا تستطيع العبارة أن تجد له وصفا أو نعتا .
وتلك نتائجها .
ثم تنعكس أذكارها الظاهرة على باطنه ، وكلما دوام الذكر ، غلب باطنه على ظاهره ، فيقوى ذكرى الباطن ، وفتر الذكر في الظاهر ، إلى أن يقوى سلطان القلب على حركة اللسان ، فتبطل حركة اللسان بالذكر ويتعود القلب الذكر اهـ .
ثم قال فيه أيضاً ، وقال السهروردى رحمه الله :
إذا استولت الكلمة على اللسان تشربها القلب ، ثم تتجوهر في القلب ، وبتجوهرها يسكن نور اليقين في القلب ، حتى إذا ذهبت صورة الكلمة من اللسان والقلب لم يزل نورها لتجوهرها ، وهذا الذكر هو المكاشفة والمعاينة ، وهذا هو المقصود الأعلى الأقصى ، حتى إن الذاكر الصادق يغيب عن المحسوسات بحيث لو دخل عليه داخل من الناس أو غيرهم لا يعلم به لغيبته في الذكر كالنائم ، قلت : وقد حكى لي الولي الصالح ابن الفقيه حمد بن المجذوب أن هذه الكيفية حاصلة معه بعدما وهب الاسم الأعظم .
وأعلم أيها الراغب في طريق الله أن الذكر مطلوب ومأمور به من الله تعالى ، قال في كتابه العزيز :
((واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون ))
وقال :
((ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيراً )) ، وقال ((اذكروني أذكركم )).
قال بعضهم في تفسير هذه الآية : اذكروني بالتوحيد والإيمان أذكركم بالدرجات في الجنان ، وقال بعضهم : اذكروني بالقلوب ، أذكركم بكشف الكروب ، وقال بعضهم : اذكرونى بالافتقار ، أذكركم بالاقتدار ، وقال بعضهم : اذكروني ذكرا فانيا ، اذكركم ذكرا باقيا.
وورد في بعض الاحاديث القدسية :
أهل ذكرى في ضيافتي ، وأهل شكري في زيادتي ؛ وقال بعضهم : اذكرونى بالندم أذكركم بالكرم ، واذكروني بالإخلاص ، أذكركم بالاختصاص ، وفي الخبر أن جبريل قال : يارسول الله أعطيت أمتك مالم تعط أمة من الامم .
ولم يقل هذا لأحد غير هذه الامة .
قال ثابت البنانى رحمه الله : إني أعلم متى يذكرني ربي ، ففزعوا منه وقالوا: كيف تعلم ذلك ؟ قال : إن الله تعالى يقول : ((ذكروني أذكركم )) ، فإذا ذكرته ذكرني .
وقال الله : (يا ابن ادم إنك إذا ذكرتني شكرتني وإذا نسيتني كفرتني.) قلت : فمن يذكر الله فقد كفر بنعمته عليه .
والمقصود فى الذكر الأدب حال الذكر ، والادب على قسمين : خاص وعام .
فالادب العام هو اتباع ما أمر الله به ، واجتناب ما نهى عنه .
والأدب الخاص هو الأدب مع الله في عباداته على وجه الحياء منه والحضور معه .
قال الشيخ عبدالوهاب الشعراني في رسالته : أجمع الأشياخ على أن العبد يصل بعبادته إلى حصول الثواب ، ودخول الجنة ، ولكن لا يصل إلى حضرة ربه إلا أن يصحبه الأدب في تلك العبادة .
ومعلوم أن مقصود القوم القرب من حضرة الله الخاصة والبقاء فيها من غير حجاب .
قال : وقد عد الأشياخ للذكر ألف أدب ، ثم قالوا ويجمع خلاصة تلك الآداب كلها عشرون أدباً ، من يتحقق بها فإنها تقرب عليه الفتح ، خمسة منها سابقة على الذكر ، واثنا عشر حالة الذكر ، وثلاثة بعد الذكر .
( لا يخرجك من شهود الوهم والخيال ، إلا كثرة ذكر الله بالصدق والابتهال )
قلت به ناسجاً لما أنطوت عليه هذه الحكمة : لا يخرجك أيها السالك طريق القوم من شهود الوهم والخيال الذى هو عين الأغيار إلا كثرة ذكر الله . فاذا أكثرت أيها العبد من ذكر الله تعالى . لزم من ذلك الخشية من الله تعالى ، والمعرفة بالله تعالى ، فاذا دوامت على ذلك ، كشف الله عن قلبك حجاب الوهم والخيال .
فتشهد بعد ذلك فعلك وهماً وخيالاً ، وحياتك وهماً وخيالاً ، ووجودك وهماً وخيالاً .
وأعلم أن كثرة الذكر لله تعالى من غير إخلاص وحضور لا تنتج نتيجة الذكر بالإخلاص والحضور مع الله بالله لله ، فان الله سبحانه وتعالى غيور لا يحب أن يرى في قلب الذاكر غيره .
قال سيدي الشيخ عبدالوهاب الشعراني :
أقرب الطرق إلى الله مدوامة كثرة ذكر الله تعالى ، لأن الاسم لا يفارق مسماه ، فلا يزال العبد يذكر ربه ، والحجب تنخرق له شيئا بعد شيء حتى يقع الشهود للقلب ، فإذا حصل الشهود استغنى القلب عن الذكر بمشاهدة المذكور ، فإن ذكر العبد ربه فى تلك الحضرة غير لائق بالأدب . جاء في الاحاديث القدسية أنه تعالى قال :
ياعبدى إذا رأيتني فاصمت ، وإن لم ترني ، فلا تفارق اسمى . أفهم تغنم .
وقال الإمام القشيري في كتابه ((ثمرات الأعمال )) : من حافظ على قول لا إله إلا الله ظاهراً وداوم على ذكرها ، وجعل لسانه مستغرقاً فيها ، فتح الله على قلبه نوراً يكشف له عن سرها ، فتستغرقه أنوارها ، ويشغف قلبه بذكرها ، وتصطلحه أنوارها وثمراتها ، فيشهد بها من عجائب الملكوات مالا تستطيع العبارة أن تجد له وصفا أو نعتا .
وتلك نتائجها .
ثم تنعكس أذكارها الظاهرة على باطنه ، وكلما دوام الذكر ، غلب باطنه على ظاهره ، فيقوى ذكرى الباطن ، وفتر الذكر في الظاهر ، إلى أن يقوى سلطان القلب على حركة اللسان ، فتبطل حركة اللسان بالذكر ويتعود القلب الذكر اهـ .
ثم قال فيه أيضاً ، وقال السهروردى رحمه الله :
إذا استولت الكلمة على اللسان تشربها القلب ، ثم تتجوهر في القلب ، وبتجوهرها يسكن نور اليقين في القلب ، حتى إذا ذهبت صورة الكلمة من اللسان والقلب لم يزل نورها لتجوهرها ، وهذا الذكر هو المكاشفة والمعاينة ، وهذا هو المقصود الأعلى الأقصى ، حتى إن الذاكر الصادق يغيب عن المحسوسات بحيث لو دخل عليه داخل من الناس أو غيرهم لا يعلم به لغيبته في الذكر كالنائم ، قلت : وقد حكى لي الولي الصالح ابن الفقيه حمد بن المجذوب أن هذه الكيفية حاصلة معه بعدما وهب الاسم الأعظم .
وأعلم أيها الراغب في طريق الله أن الذكر مطلوب ومأمور به من الله تعالى ، قال في كتابه العزيز :
((واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون ))
وقال :
((ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيراً )) ، وقال ((اذكروني أذكركم )).
قال بعضهم في تفسير هذه الآية : اذكروني بالتوحيد والإيمان أذكركم بالدرجات في الجنان ، وقال بعضهم : اذكروني بالقلوب ، أذكركم بكشف الكروب ، وقال بعضهم : اذكرونى بالافتقار ، أذكركم بالاقتدار ، وقال بعضهم : اذكروني ذكرا فانيا ، اذكركم ذكرا باقيا.
وورد في بعض الاحاديث القدسية :
أهل ذكرى في ضيافتي ، وأهل شكري في زيادتي ؛ وقال بعضهم : اذكرونى بالندم أذكركم بالكرم ، واذكروني بالإخلاص ، أذكركم بالاختصاص ، وفي الخبر أن جبريل قال : يارسول الله أعطيت أمتك مالم تعط أمة من الامم .
ولم يقل هذا لأحد غير هذه الامة .
قال ثابت البنانى رحمه الله : إني أعلم متى يذكرني ربي ، ففزعوا منه وقالوا: كيف تعلم ذلك ؟ قال : إن الله تعالى يقول : ((ذكروني أذكركم )) ، فإذا ذكرته ذكرني .
وقال الله : (يا ابن ادم إنك إذا ذكرتني شكرتني وإذا نسيتني كفرتني.) قلت : فمن يذكر الله فقد كفر بنعمته عليه .
والمقصود فى الذكر الأدب حال الذكر ، والادب على قسمين : خاص وعام .
فالادب العام هو اتباع ما أمر الله به ، واجتناب ما نهى عنه .
والأدب الخاص هو الأدب مع الله في عباداته على وجه الحياء منه والحضور معه .
قال الشيخ عبدالوهاب الشعراني في رسالته : أجمع الأشياخ على أن العبد يصل بعبادته إلى حصول الثواب ، ودخول الجنة ، ولكن لا يصل إلى حضرة ربه إلا أن يصحبه الأدب في تلك العبادة .
ومعلوم أن مقصود القوم القرب من حضرة الله الخاصة والبقاء فيها من غير حجاب .
قال : وقد عد الأشياخ للذكر ألف أدب ، ثم قالوا ويجمع خلاصة تلك الآداب كلها عشرون أدباً ، من يتحقق بها فإنها تقرب عليه الفتح ، خمسة منها سابقة على الذكر ، واثنا عشر حالة الذكر ، وثلاثة بعد الذكر .