المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما المقصود من الآداب الباطنية لتلاوة القرآن؟



تميم الشاوى
27-11-2016, 12:19 AM
ما المقصود من الآداب الباطنية لتلاوة القرآن؟



قد نستطيع أن نقسم آداب تلاوة القرآن إلى آداب ظاهرية و آداب معنوية أو باطنية. في الآداب الظاهرية يجب مراعاة بعض المقدمات و الشرائط التي قد ذكرت في محلها.

أما الآداب الباطنية فيمكن استنباطها من خلال نفس آيات القرآن و الروايات. لقد أوصى القرآن عدة مرات إلى من يتلو القرآن أن يرتله و يتدبره. لقد قال القرآن: (ورتل القرآن ترتيلا)[1] و قال في آية أخرى: (الَّذينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ و مَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُون‏)[2]

على أساس بعض الروايات، إن هذه الآيتين تشير إلى بعض الآداب الظاهرية و في نفس الوقت تشير إلى بعض الآداب الباطنية لتلاوة القرآن. و قد وردت رواية في ذيل الآية 121 من سورة البقرة جاء فيها أنه سئل الإمام الصادق (ع) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ و جَلَّ "الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ" قَالَ هُمُ الْأَئِمَّةُ.[3]

بالتأكيد إن الأمام الصادق قد حدّد المصداق الحقيقي لتالي القرآن، و ما أكثر المؤمنين الذين ينالون مرتبة حق التلاوة من خلال مراعاة الآداب الظاهرية و الباطنية لتلاوة القرآن. لذلك يقول الإمام الصادق (ع) في بيان قوله تعالى (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِه):[4] يرتّلون آياته، و يتفقّهون به، و يعملون بأحكامه، و يرجون وعده، و يخافون وعيده، و يعتبرون بقصصه، و يأتمرون بأوامره، و ينتهون بنواهيه، ما هو و اللّه حفظ آياته و درس حروفه، و تلاوة سوره و درس أعشاره و أخماسه، حفظوا حروفه و أضاعوا حدوده، و إنّما هو تدبّر آياته و العمل بأركانه، قال اللّه تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ.[5] إذن على أساس هذه الرواية الشريفة يمكن عدّ الآداب الباطنية لتلاوة القرآن كالتالي:

1. كلما يصل إلى وعد، يرجو أن يناله و كلما يصل إلى وعيد يخافه. فکلما یمرّ من آيات الجنة أو النار، يتوقف و يسأل الله الجنة و يعوذ به من النار. [6] لقد قال أمير المؤمنين (ع) حول خصائص المتقين: " أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالِينَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلًا يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ و يَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً و تَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً و ظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ و إِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ و ظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ و شَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ فَهُمْ حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ و أَكُفِّهِمْ و رُكَبِهِمْ و أَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ يَطْلُبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِم‏"[7]

2. من الآداب الباطنية الأخرى لتلاوة القرآن هو فهم القرآن و التدبر في آياته مضافا إلى العلم و العمل بالأحكام الإلهية. روى الإمام الصادق (ع) عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "أَلَا لَا خَيْرَ فِي قِرَاءَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَدَبُّر".[8]

3. الانتباه إلى أن القرآن ليس بكلام بشر، و التوجه إلى عظمة الله، فإن تعظيم الكلام في الواقع تعظيم للمتكلم.

4. من الآداب الباطنية الأخرى لتلاوة القرآن، التحلية، يعني أن يتناغم و ينسجم مع كل آية يتلوها، فإذا تلا قصص الأنبياء لابد أن يأخذ الدروس و العبر، و إذا تلا الآيات المشيرة إلى أسماء الله و صفاته لابد أن يتأمل في مصاديقها.[9]

5. التخلية هي الأخرى من آداب تلاوة القرآن لمن أراد أن يتعلم شيئا منه. الإنسان الذي يراجع القرآن لابد أن يتخلّى عن خلفياته و شبهاته الذهنية لكي لا تؤثر هذه الخلفيات على فهمه من القرآن.[10]

6. و من جملة الآداب الباطنية لتلاوة القرآن الكريم، إزالة الصفات السيئة و لاسيما الكبر و الرياء[11] و الحسد و الطمع، إذ ما دام الإنسان يأتي إلى القرآن بقلب ملوث بهذه الصفات، لا يتجلى معنى و مفهوم كلام الله في وجوده.

7. من أفضل الآداب المعنوية لتلاوة القرآن هو الطهارة الروحية و المعنوية. ما لم يتطهر الإنسان لن يكشف القرآن له حقيقته، حيث إن القرآن قد قال: لا يمسه إلا المطهرون.[12]

8. من الآداب المعنوية الأخرى لتلاوة القرآن هو أن يقرأ القارئ القرآن لا بصفته نصا و حسب، بل بصفته وصفة شافية، و أن يتوقع منه هذه النتيجة. و قد ورد في الرواية أن بعض الناس هكذا ينظرون إلى القرآن و يطلبون منه دواء دائهم، فبهم يرفع الله البلاء عن الناس و ينزل عليهم غيث رحمته. [13]




[1] المزمل،4.

[2] البقرة، 121.

[3] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج1، ص 215، دار الکتب الاسلامیه، طهران، 1365 ش.

[4] سورة ص، 29.

[5]. مكارم شيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 1، ص 363، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، قم، 1421ق.

[6] مشهدی، محمد، تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏2، ص 132، سازمان انتشارات و زارت ارشاد، تهران، 1368ش.

[7] نهج البلاغه، صبحى صالح، صفحه‏ى 304.

[8] کافی، ج1، ص 36.

[9] کاشفی سبزواری، ملا حسین، جواهر التفسیر، ص 270، دفتر نشر میراث مکتوب، طهران، بی تا.

[10] المصدر نفسه مع تصرف.

[11] إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ فُلَانٌ قَارِئٌ و مِنْهُمْ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لِيَطْلُبَ بِهِ الدُّنْيَا و لَا خَيْرَ فِي‏ ذَلِكَ و مِنْهُمْ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ و لَيْلِهِ و نَهَارِهِ . راجع: الحر العاملي، محمد بن حسن، وسائل ‏الشيعة، ج 6، ص182، آل البیت (ع)، قم، 1409ق.

[12] الواقعة، 79.

[13] و رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَوَضَعَ دَوَاءَ الْقُرْآنِ عَلَى دَاءِ قَلْبِهِ فَأَسْهَرَ بِهِ لَيْلَهُ و أَظْمَأَ بِهِ نَهَارَهُ و قَامَ بِهِ فِي مَسَاجِدِهِ و تَجَافَى بِهِ عَنْ فِرَاشِهِ فَبِأُولَئِكَ يَدْفَعُ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْبَلَاءَ و بِأُولَئِكَ يُدِيلُ اللَّهُ عَزَّ و جَلَّ مِنَ الْأَعْدَاءِ و بِأُولَئِكَ يُنَزِّلُ اللَّهُ عَزَّ و جَلَّ الْغَيْثَ مِنَ السَّمَاءِ فَوَ اللَّهِ لَهَؤُلَاءِ فِي قُرَّاءِ الْقُرْآنِ أَعَزُّ مِنَ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ . الكافي، ج2، ص 627.

هديل اليمام
01-12-2016, 06:12 PM
شكرا جزيلا اخي الفاضل

جعفر محمد
02-12-2016, 09:37 AM
شكرا على الطرح الطيب بارك الله فيكم

ماجد
10-12-2016, 04:12 PM
شكرا على الطرح الطيب بارك الله فيكم

سامر
14-12-2016, 01:35 AM
شكرا على الطرح الطيب بارك الله فيكم

ظفار العدوى
18-12-2016, 08:51 PM
شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير

رشاد عزام
02-01-2017, 02:02 AM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه