المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مولد النور صلى الله عليه وسلم 10



الشيخ / خالد الجعفري
30-11-2016, 05:30 AM
*10- مولد النور صلى الله عليه وسلم...*

كان عند العرب عادة وهي أنه إذا ولد لهم مولود التمسوا له المراضع ولا ترضعه أمه، فلما ولد سيد الأكوان أحمد من حمد صلى الله عليه وسلم كانت أن سبقت حكمة المولى سبحانه وتعالى أن لا يرضع هذه الدرة اليتيمة الكريمة التي لا مثيل لها وﻻ نظير غير حليمة السعدية رضي الله عنها..

ذكر الإمام المناوي رضي الله عنه في مولده: "قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما: لما ولد محمد صلى الله عليه وسلم نادى المنادى تنبيهاً على رضاعة درته اليتيمة الفريدة، فقالت الملائكة: ربنا مرنا أن نحمله إلى السماوات ونقوم بتربيته حق القيام؛ وقال الغمام: ربنا مرنا أن نحمله معنا إلى جوانب الأرض الشرقية والغربية؛ وقالت الوحوش: ربنا مرنا أن نحمله إلى أوكارنا؛ وقالت الطيور: ربنا مرنا أن نحمله إلى أعشاشنا ونلتزم بكفالته حق الإلتزام؛ فخرج النداء بلسان حال القدرة الإلهية:
معاشر الخلائق قد جعله الله رضيعاً لحليمة؛ فكان لها بذلك الحظ الأوفر والإغتناء..

وكانت حليمة في ضيق من العيش فلما أراد الله لها السعادة الأبدية، أقحط بلادها فكانت تكثر من الحمد في النور والظلام، فرأت فى منامها رجلاً أخذ بيدها إلى نهر أشد بياضاً من اللبن وأحلى من الأشربة العسلية وقال:
اشربى يا حليمة فشربت وقالت له:
من أنت ؟!، قال:
أنا الحمد الذى كنت تحمدين الله به فى الشدائد والخطوب العظام، يا حليمة لك البشرى برضاعة سيد المرسلين وخير البرية، فأكتمى أمرك ولا تظهرى شأنك..
فانتبهت مسرورة من رؤيا المنام، كانت حاملاً فوضعت حملها وهى تأكل من نبات الأرض وأعشابها الطرية، وكانت مع ذلك في غاية الصبر ونهاية الشكر والرضا بالقضاء والقدر والإستسلام، فخرجت ذات يوم مع نسوة لبني سعد في طلب النبات من البقاع الجبلية ، فسمعن منادياً يقول ولد بمكة مولود فهنيئاً لثدي أرضعه وطوبى لعبد كفله ويا نعم المولود ويا له من غلام ، فلما رجعن أخبرن أزواجهن بما سمعنه في الأماكن البرية، فعزموا على الرحيل إلى مكة البلد الحرام..
فلما أصبحوا تجهزوا للمسير فخرجت حليمة معهم على أتان ضعيفة غير قوية، فلما وصلوا إلى مكة عرض عليهم نبينا صلى الله عليه وسلم فأعرضوا عنه ليتمه وكانت حليمة في عقب الأقوام، فلما وصلت رأت عبدالمطلب واقفاً بباب دار أمه آمنة الوهبية، فسألته عن مولود فقال لها:
عندي مولود لكنه يتيم ومات أبوه وهو في اجتنان الأرحام ثم عرض على المراضع فأعرضن عنه ليتمه وفقر حال أمه، فقالت:
رضيت به، فقال:
ما الإسم ؟، قالت:
حليمة السعدية، فقال لها:
حلم وسعد ادخلي عليه..
فدخلت فرأته قمراً منيراً ونظرت إلى وجهه فوجدته مشتملاً على بشر وابتسام، فحملته بين يديها وأعطته ثديها الأيمن فشرب ثم حولته إلى الأيسر فأبى وذلك من شرائعه العدلية، فقد أعلمه الله أن له شريكاً وهو أخوه من الرضاعة فترك له ثديها الأيسر ليتغذى منه على الدوام، وأقامت حليمة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم عند أمه آمنة المرضية، فعظمها عبدالمطلب غاية التعظيم وأكرمها غاية الإكرام "..

وجاء في كتاب [النفحات البهية في مولد خير البرية] للشيخ أمين محمد البطاوي رضي الله عنه:
"قالت حليمة السعدية مرضعة الذات الكريمة البهية، قد اعتراني المرض والسقم وكنت في غاية الألم، وكان عندي دابة ضعيفة جئت عليها إلى مكة الشريفة، وسبقني النساء لضعفها وقلة سيرها، وجئت فلم أجد لي رضيعاً فمررت بعبدالمطلب بن هاشم سريعاً، وسألته عن رضيع لديه فأرضعه وأحافظ عليه، فتبسم ضاحكاً وقال:
يا حليمة ألديك صدق في العزيمة ونفس أبية كريمة في إرضاع ذات هاشمية يتيمة، ولك البشرى والسعادة الكبرى، قالت حليمة:
فاستشرت بعلي الهمام فقال:
أريني هذا الغلام..
فذهبنا إلى بيته لنشاهده فإذا بأمه وهي سيدة ماجدة، وعليها نور وإجلال ومهابة وكمال، فطلبنا منها ولدها وفلذة كبدها، فأتت بالمصطفى الجليل وعليه حلل التعظيم والتبجيل، وتحته حريرة سندسية خضراء ومدرج في ثياب صوفية بيضاء، ووجهه أزهر ورائحته أطيب من المسك الأذفر، فتعطرنا من رائحته الزكية وتبوأنا من أنواره الكريمة البهية، وتحيرت عقولنا ودهشت أفكارنا، فنظرنا إليه فتبسم صلى الله عليه وسلم وأشرقت الأنوار المحمدية من قمر الهداية الكونية وخير الخلائق البشرية، فانشرحت برؤيته صدورنا واطمأنت بمحياه قلوبنا..
وقال زوجي:
يا حليمة هذا هو الكنز الثمين والسعادة بيقين، قالت حليمة:
ولكنه يتيم فمن أين لنا النعيم ؟! ، فقال:
هذا هو الغنى هذا هو غاية المنى، هذا هو الخير العميم والفضل العظيم "..

وتضيف السيدة الجليلة حليمة السعدية رضي الله عنها كما ذكره أيضاً الشيخ أمين محمد البطاوي رضي الله عنه في ذات الكتاب:
"فلما تشرفت بتلك الطلعة البهية والذات السنية، دهشت من جمالها وحسن بهائها، فحملته صلى الله عليه وسلم فزال المرض والسقم وحصل لي الشفا ببركة المصطفى سيد الأمم..
ثم ركبت الدابة الضعيفة فسارت كالجواد بسرعة لينة ظريفة، حتى أدركت من سبقن من النساء قبل انقضاء النهار وقدوم المساء..
ثم لما أرضعته الثدي اليمين ثار اللبن وتبدد وكان ولدي يبكي من الجوع ويتنهد، وترك الثدي الآخر لأخيه فامتلأ وصار يكفيه، وكنت لا أمر به على شجرة قد يبست إلا اخضرت في الحال وأثمرت"..

يقول مولانا الإمام فخرالدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه:
هو رحمة والأمهات به اقتدت
رب رحيم ربه سماه
هو قرة الأعيان وهو قرارها
قرت عيون الكون في مرآه

يتبع..


📚 دكتور بهاء الدين ماهر - علوم وثقافة منقول

زكريا السماحي
02-12-2016, 02:00 AM
بارك الله فيكم على الطرح الطيب والسيرة العطرة جزاكم الله كل خير

كارم المحمدى
06-12-2016, 10:06 AM
شكرا شيخ خالد على السيرة الطيبة العطرة وكل عام وانتم بخير

ظفار العدوى
14-12-2016, 09:47 PM
شكرا على الطرح الطيب بارك الله فيكم

طلعت شكرى
22-12-2016, 07:22 AM
شكرا على الموضوع العطر جزاكم الله كل خير

سامر
28-12-2016, 11:18 AM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه