المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب قوة التحكم في الذات ( للكاتب والمحاضر العالمي د. ابراهيم الفقّي )7



نسائم الرحمن
10-12-2016, 06:00 PM
قوة التحكم في الذات ( للكاتب والمحاضر العالمي د. ابراهيم الفقّي ) 7
(6) السلوك

الطريق للفعل

"من يفهم الناس فهو حكيم ، ومن يفهم نفسه فهو متفتّح الذهن "
لاوتسو

كانت نادية مشهورة بعمل السمك المقلي ، وفي أحد الأيام قامت بدعوة صديقتها نبيلة على العشاء لتقدم لها أكلتها المشهورة ، وطلبت منها نبيلة أن تحضر إعداد هذه الأكلة لتتعلّم منها سرّ الطريقة الرائعة التي تطهو بها السمك . وبدأت نادية بقطع رأس وذيل السمكة ثم قامت برشّ الدقيق عليها ثم وضعتها في الزيت المغلي ، فسألت نبيلة صديقتها نادية عن السبب في قطع الرأس والذيل ، فكان ردّ نادية " أنا لا أعرف بالضبط ، ولكن هذه هي الطريقة التي تعلّمتها من أمي " ... فطلبت منها نبيلة إذا كان من الممكن أن تتصل بأمها لكي تعرف السرّ في ذلك ، ووافقت نادية ، وأتصلت بأمها تليفونيا ، وقامت نبيلة بتقديم نفسها ، وقالت أن نادية قد قامت بدعوتها على وجبة السمك المقلي الشهيرة وأثناء الإعداد قامت بقطع الرأس والذيل ، ولمّا سألتها عن السر قالت أنها تعلمت هذه الطريقة منك ، وأنا أريد أن أعرف السر في قطع الرأس والذيل ...فكان جواب الأم " أنا لا أعرف بالضبط لماذا ، ولكن هذه هي الطريقة التي تعلّمتها من أمي منذ أكثر من أربعين سنة ". وزاد حب الأستطلاع عند نبيلة ، وسألت الأم إذا كان من الممكن أن تتصل بجدة نادية حتى تقف على السر في هذا ، وأعطتها الأم رقم التليفون ، واتصلت بالجدة وقد زاد شغفها لمعرفة السر وراء قطع الرأس والذيل . ولمّا ردت الجدة على المكالمة شرحت لها نبيلة الموقف وطلبت منها معرفة السر فضحكت الجدة وقالت " لا يوجد هناك سر يا إبنتي ، ولكني كنت أضطر لقطع الرأس والذيل حيث أن الوعاء الذي كنت أقلي فيه السمك كان صغيرا" ولا يمكنني وضع السمكة كاملة فيه " !!

هذه القصة تبيّن لنا أنه من بداية وجودنا في الحياة فإننا نتبرمج على طريق الآخرين ، ويظل سلوكنا وتصرّفاتنا وطريقة كلامنا مثلهم ، وذلك بدون أن نسأل ما إذا كانت هذه البرمجة مفيدة لنا وتساعدنا على النمو والتقدّم في الحياة أو إذا كانت تحدّ من تقدّمنا لبلوغ ما نتمنّاه .

في إحدى المرّات جاءني شاب في عيادتي في مونتريال وقال لي " أنا لم أبكي أي مرّة في حياتي ولا أظن أنني أعرف حتى كيف اقوم بذلك " ... ولما سألته عن السبب الذي جعله يعتقد ذلك ، كان جوابه " أنا لم أرى والدي يبكي ولا مرّة في حياته وكان دائما" ما يقول لي أن البكاء ليس من سمة الرجال ". وفي نفس اليوم قابلت شابا" آخر وقال لي " أنا أحتاج لمساعدتك فأنا أبكي بسهولة جدا" وأخشى أن يظن الناس أنني ضعيف "... فسألته عن سرّ هذا البكاء ، فكان ردّه " كان أبي وأمي يبكيان بسهولة سواء في حالة الفرح أو الحزن وكانا دائما" ما يرددان لي أن البكاء هو تنفيس عن العواطف ".

هكذا نرى أن أحد الشابين قد جاءني ليتعلّم كيف يبكي ، والثاني ليتعلّم كيف يتوقف عن البكاء ، وقد تعلّم كل منهما هذا السلوك عن طريق والديه .

قال فيليب زيمباردو في كتابه ضروريات علم النفس والحياة " نحن نتعلّم في صغرنا القواعد العامة للحياة وطرق السلوك من نماذج الكبار المحيطون بنا "... فالأطفال يراقبون ويتذكرون ويتحمّسون لتقليد سلوك الكبار كما أن لديهم القدرة أن يذهبوا لمكان أبعد من الذي يقومون بملاحظته وسماعه .

ما هو السلوك ؟ ومن أين يأتي ؟ وهل في استطاعتنا تغييره ؟

ما هو السلوك ؟

طبقا" لكلام د. تشاد هلمستتر مؤلف كتاب ماذا تقول عندما تحدث نفسك " السلوك هو ما نفعله أو ما لا نفعله " ... فالسلوك معناه التصرّف ، كيف نتصرّف ؟ أو كيف لا نتصرّف ؟ ... وهو العامل المباشر المتحكّم في نجاحنا أو فشلنا ، بمعنى أنك اذا كنت تحب عملك فسيكون أداءك على درجة الامتياز ، وإذا لم تكن تحب عملك فستكون ضعيف الأداء . وإذا أردت مثلا" ان تتحدث بلغة جيدة فإنك ستقوم بالتصرّف وستتعلم كيف تجيد الحديث بتلك اللغة ... وينطبق نفس الشيء على الموسيقى والقراءة والرياضة وفن الطهي ، والنتيجة التي تصل إليها هي عبارة عن انعكاس لتصرفاتك وسلوكك ، فإذا كان سلوكك إيجابيا" فالنتيجة ستكون إيجابية أما إذا كان سلوكك ذو صبغة سلبية فستكون النتيجة حتما" سلبية ... فمثلا" إذا كان هناك أزمة في المرور تسببت في تأخيرك وخروجك من أعصابك فإنك ستحمّل نفسك اكثر من طاقتها بدون أي داعي ، أما إذا انتهزت فرصة ذلك الموقف وأمضيت الوقت في سماع موسيقاك المفضلة أو شريطا" به معلومات قد تفيدك وتمدّك بأفكار إيجابية فالنتيجة ستكون مختلفة تماما" .

مصادر السلوك :

أولا" : المؤثرات الخارجية :

كما ذكرنا من قبل فمن الممكن أن يكون للمؤثرات الخارجية تأثيرا" على اعتقادك وسلوكك ونظرتك تجاه الأشياء والمواقف .

1- برمجة عن طريق الوالدين : فإذا لاحظت أنهما يدخنان فغالبا" ما ستقوم بتقليد هذا السلوك وتتعوّد على التدخين أنت أيضا" .وإذا نصحوك بالاّ تثق في أحد وأن تحذر الناس لأنهم عبارة عن وحوش فغالبا" ما ستكون النتيجة انك لا تثق في أحد حولك وتشك في جميع المحيطين بك .

2- وفي نفس الوقت إذا كان والداك يتصرّفان بطريق إيجابية وحماس في مواجهة التحدّيات فغالبا" ما ستشب على هذه الطريقة وتحاكيهم في ذلك .

3- كنت في طريقي مرة لمدينة كيبيك بكندا لإلقاء إحدى المحاضرات هناك ، وفي منتصف الطريق أحسست بالعطش فتوقفت لأشتري احد المشروبات من الماكينة الأتوماتيكية ، فوجدت طفلا" في حوالي الثاني عشرة من عمره يقف أمامي ليشتري إحدى العلب فوضع النقود وضرب الماكينة بقدميه ، وبعد أن سقطت العلبة وجذبها بيده وهمّ بالأنصراف ... فاقتربت منه وسألته " هل من الممكن أن تقول لي لماذا قمت بركل الماكينة ؟"... فكان رده طبعا" لأني اريد أن اشتري شيئا" اشربه "... وعندما ذكرت له انني أيضا" أريد شراء أحد المشروبات فهل لا بد أن أضع النقود ثم أركل الماكينة بقدمي أنا ايضا" ؟ .. وكان رده " طبعا" ، وهذه الطريقة دائما" هي الطريقة السليمة ، ولم أفشل فيها ولو مرّة واحدة ، ثم أن ابي ايضا" يقوم بعمل نفس الشيء " ... فوضعت النقود وانتظرت بهدوء بدون أن أضرب الماكينة بقدمي وسقطت علبة المشروب بالطريقة العادية وتناولتها وسط اندهاش الطفل الذي لم يصدق عينيه .

2-برمجة عن طريق المدرسة :فمثلا" إذا لم تكن تحب مدرّس الرياضيات فإنك غالبا" ما ستكون ضعيفا" في هذه المادة وسيكون سلوكك تجاهها سلوكا" سلبيا" . والطريقة التي يتصرّف بها الآخرون في المدرسة غالبا" ما سيكون لها الأثر الفعّال على سلوكك أنت شخصيا" ... فمثلا" كنت من الأوائل في اللغة الإنجليزية حيث أن مدرّس هذه المادة كان من النوع الذي يقوم بإشعال الحماس في التلاميذ ويدفعهم للاستذكار ، دائما" ما يشجعني انا وجميع الطلاّب ، وكانت النتيجة أن ارتفع مستوى الفصل ، وكان في المتوسط بنسبة 90% ... وهذا بعكس الوضع في الكيمياء لأن مدرس هذه المادة كان نقده لاذعا" للغاية ودائما" كان يسخر من اخطائنا ، وكان سريع العقاب ، اما التشجيع فلم يكن يخطر أبدا" على باله ... من كل هذا يتبن لنا أن المدرسة من المؤثرات الرئيسية التي توجه سلوكنا .

3- برمجة عن طريق الأصدقاء : اذا اخترت مجموعة أصدقائك من المدخنين فأنك ستتاثر بهم وستقوم بالتعّود على التدخين والعكس بالعكس ... فإذا قرّر أحد الأطفال الهروب من المدرسة أو تعاطي الخمور أو المخدرات فإن ذلك غالبا" ما يكون بتأثير الأصدقاء لأن لهم أكبر الأثر على السلوك .

4- برمجة عن طريق وسائل الإعلام : إذا كان نجمك المفضّل يتعاطى الخمور أو المخدرات ، فمن الممكن أن تتأثر به وتسلك نفس السلوك . وقد حدث أن ذكر لي أحد الأصدقاء أن ابنته قد قرّرت أن تترك الدراسة نهائيا" ، فلمّا سألته عن السبب قال لي أنها كانت تشاهد إحدى نجماتها المفضّلات في مقابلة تليفزيونية حيث ذكرت أنها قد تركت الدراسة وأصبحت نجمة مشهورة في اقل من خمس سنوات !!... وهناك كثير من الأمثلة التي تؤيد أن لوسائل الإعلام أكبر الأثر على السلوك ، وبالتالي على مدى قدراتنا على تحقيق أهدافنا .

ثانيا" : التجارب والخبرات :

قام بعض الباحثون بإجراء تجربة على كيفية اكتساب السلوك ، فوضعوا فأرا" في متاهة ن ووضعوا في آخر المتاهة قطعة من الجبن ، وعلى بعد عشرين سنتميترا" من بداية المتاهة قاموا بتثبيت أحد الأسلاك ، وقاموا بتوصيله بالتيار الكهربائي ... وبتأثير من الصدمة الكهربائية كان الفأر يقفز ويقوم بعمل دورة في الهواء ثم يجري ناحية قطعة الجبن . وقام الباحثون بتكرار نفس التجربة لمدة سبع ايام ، ثم قاموا بإزالة السلك الموصّل بالتيار الكهربائي ووضعوا الفأر مرة أخر في المتاهة ، وجرى الفأر ناحية قطعة الجبن ، وعندما وصل إلى المكان الذي من المفروض أن يأخذ فيه الصدمة الكهربائية كما تعوّد قفز وعمل دورة في الهواء ثم جرى إلى قطعة الجبن ... هذه التجربة تبين لنا أنه بالرغم من عدم وجود الصدمة الكهربائية إلاّ أن الفأر كان قد تبرمج على سلوك معيّن عن طريق تجربته .

زارني أحد الأشخاص في عيادتي وقال لي " أنا لا أستطيع أن أثق في أي أمرأة وهذا شيئا" مؤلما" " ... ولمّا سألته عن السبب قال لي " كنت متزوجا" وعندي طفلين ، وكانت حياتنا ممتازة للغاية إلى أن تركتني زوجتي لارتباطها برجل آخر واخذت معها الأطفال وأنا الآن أشعر بالوحدة ولكني مع ذلك أخشى أن أرتبط بامرأة أخرى حتى لا أمرّ بنفس التجربة ، هذا شيئا" مؤلما" " . ما حدث لهذا الشخص هو أن حكمه وتقديره بخصوص المرأة كان نابعا" من تجربته ، وبالتالي كان له اثرا" على أحساساته وسلوكه .

ثالثا" : عزّة النفس :

هناك تأثيرا" كبيرا" على سلوكك ينبع من تقديرك وتقييمك لنفسك ، وأيضا" مدى ثقتك وأحترامك لها ... وقد قال ناتانييل براندن مؤلف كتاب كيف ترفع من عزّة نفسك " إن شعورنا تجاه أنفسنا يؤثر بطريقة حاسمة على كل مظهر من مظاهر تصرّفاتنا " ... فإذا كانت درجة عزّة النفس عند أحد الأشخاص منخفضة فإن هذا الشخص سيقوم بتعويض هذا النقص في الأكل بشراهة مثلا" أو مشاهدة التليفزيون ليلا" ونهارا ، ومن الممكن لهذا الشخص أن يشعر بعدم الكفاءة وعدم الأمان ويشك ايضا" في قدراته على النجاح ، والعكس بالنسبة للشخص الذي يشعر بتقدير كبير تجاه نفسه ودرجة احترامه لها عالية فإنه يتصرّف بثقة وجرأة ويحقق دائما" نتائج أفضل ويعيش حياة أفضل .

في إحدى محاضراتي في دالاس بأمريكا تقدمت لي شابة في أوائل العشرينات من عمرها وقالت " كل ما قلته في المحاضرة يادكتور إبراهيم منطقي جدا" ، ولكني ما زلت اكره نفسي ، وأكره شعري ، وأكره أنفي ولا أريد ان أرى وجهي في المرآة حتى لا أشاهد نفسي" ... فسألتها عن موقفها في مكان العمل ، فقالت " لقد فصلوني في الأسبوع الماضي بحجة أنني منطوية جدا" على نفسي وأن أنتاجي ضعيف " ... وسألتها عن حياتها الشخصية وكيف تعيش ، فقالت " أنا اعيش بمفردي ".
إذا أردنا تحليل وضع هذه الشابة فنجد أن درجة عزّة النفس عندها كانت منخفضة ، وكانت تحتاج اساسا" إلى تغيير نظرتها لنفسها ،وأن تبني عزّة نفسها من جديد وايضا" تقديرها لنفسها ... وأكتشفت أثناء علاجي لها أن والدها قد توفي وهي في التاسعة من عمرها ، وتزوجت أمها من رجل آخر ، وكان زوج الأم يعاملها معاملة سيئة ، وهذا هو جوهر المشكلة لديها ... وأثناء فترة العلاج لمساعدتها على رفع درجة عزّة النفس لديها بدأ سلوكها في التغيير تجاه أن يكون إيجابيا" وبنّاءا . وقد قال في ذلك جيمس ماكونيل في كتابه فهم السلوك الإنساني " النتائج التي نحصل عليها من أفعالنا هي التي تحدد سلوكنا ".

رابعا" : النظرة الذاتية :

إن الطريقة التي ترى بها نفسك أي أن الصورة التي في ذهنك عن نفسك لها أكبر الأثر على سلوكك ، وفي ذلك قال د. ماكسويل مولتز في كتابه سيكو سيبرنتك " أن النظرة الذاتية هي المفتاح لشخصية الأنسان وسلوكه ، فإذا قمت بتغيير النظرة الذاتية فإنك ستغير الشخصية والسلوك "... وقال أيضا" " أن كل تصرّفاتك واحساساتك وسلوكك وحتى قدراتك دائما" ما تكون طبقا" لنظرتك الذاتية ".

وإذا اخذنا مثالا" لتوضيح ذلك نجد أن البائعون الذين يتقاضون نسبة على البيع قد تصل إلى حوالي 2000 دولار في الشهر ، يقومون بالعمل باجتهاد حتى يحصلون على هذا المبلغ ... ولنفرض أن أحد البائعون قد وصل دخله إلى 1500 دولار في أول 10 أيام في الشهر ، فسنجد انه في الغالب سيعمل بجهد أقل وببطء أثناء باقي الشهر ( 20 يوما" ) حتى يحصل على ال 500 دولارا" الباقية ، وذلك لأن هذا البائع لا يرى نفسه يستطيع أن يقوم بكسب أكثر من المبلغ الذي تعوّد عليه كل شهر ، ويرى أنه لو كسب أكثر من ذلك فإنه سيشعر بشعور غير الذي تعوّد عليه دائما" ، وربما يبدأ في الصرف بدون حساب ويهدم نجاحه.
ونفس الشيء من الممكن أن يحدث لأحد الشخاص الذين يريدون إنقاص وزنهم فإنه يتبع نظاما" معينا" في الأكل فينقص وزنه ، ولكن بما أن نظرته لنفسه أنه بدين فسيعود وزنه إلى الزيادة مرة أخرى ن وفي كل مرّة ينقص وزنه سيعود مرّة أخرى لعاداته القديمة ويتناول طعاما" غير صحيا" ولن يمارس أي رياضة .

وقد قامت مجموعة من الباحثين بإجراء تجربة على تلاميذ المدارس الثانوية حتى يقفوا على مدى تأثير النظرة الذاتية على ادائهم في الدراسة ،فقالوا للتلاميذ أن الأشخاص ذوو الأعين الملوّنة تكون درجة الذكاء عندهم أعلى ويحققون نتائج أحسن من الأشخاص ذوو الأعين غير الملوّنة . وفي أقل من شهرين اتضح التفوّق في الأشخاص ذوو الأعين الملوّنة والعكس كان في حالة الأشخاص ذوو الأعين الغير ملوّنة حيث تدهورت دراجاتهم في الدراسة . وبعد فترة قام المشرفون على البحث بإخبار التلاميذ بأنهم قد أرتكبوا خطأ حيث أن الأشخاص ذوو الأعين الغير ملوّنة تكون درجة ذكائهم أعلى من الأشخاص ذوو الأعين الملوّنة ... هل تعرف ماذا حدث ؟ ارتفعت درجات التلاميذ ذوو الأعين غير الملوّنة وانخفضت درجات الآخرين ... نخلص من ذلك أن الصورة التي في ذهنك عن نفسك تؤثر على سلوكك وتصرّفاتك.

خامسا" : النتائج :

اعتقاداتك عن نفسك تؤثّر على نتائجك كما أن النتائج أيضا" تضيف الى اعتقاداتك وتؤثر فيها ... فالمصدران يؤثران على سلوكك في المستقبل . ولتوضيح ذلك نأخذ مثلا" إمكانية الانزلاق على الجليد ... فإذا مارس أحد الأشخاص هذه الرياضة ثم وقع وأصيب بكسر في ساقه مثلا" ثم لاحظ أن كثيرا" من الناس أيضا" يقعون أثناء ممارستهم لها فإن هذا الشخص سيكون أكثر حذرا" في المستقبل ، وربما يصل خوفه إلى درجة الابتعاد كلية عن هذه الرياضة . وإذا كان عندك اعتقاد بأنك غير قادر على الانزلاق على الجليد ، ولكن بتأثير من اصدقائك أقتنعت أن تخوض هذه التجربة ، وكانت تجربة ناجحة فإن ذلك سيولّد عندك الاعتقاد الجديد بأنك قادرا على ممارسة هذه الرياضة ، ومن المحتمل أن تمارسها مرّات عديدة بعد ذلك ... فالنتائج التي تحصل عليها يكون لها تأثيرا" على سلوكك .


سادسا" : التفسير الشخصي للمواقف :

إن الطريقة التي تدرك بها المواقف وتفسرها تؤثر على حكمك عليها وبالتالي على سلوكك . ويحضرني قصة ذلك الرجل الذي ذهب إلى الطبيب حيث كان مصابا" بالبرد الشديد وقال له الطبيب " أنا متأكد أن لدي الحل لمشكلتك " ... فقال له المريض " اتعشّم ذلك يادكتور وياليتني كنت قد جئتك من قبل "... فسأله الطبيب " وماهو السبب في عدم حضورك من مدة "... فقال المريض " لقد ذهبت إلى صاحب الصيدلية وطلبت منه النصيحة "... فسأله الطبيب بتهكّم " وما هي هذه النصيحة الفاشلة التي نصحك بها الصيدلي ؟" ... فأبتسم المريض وقال " لقد نصحني بأن أحضر لزيارتك أنت يادكتور " !! هل تذكر كم مرّة كان لمثل هذه الإدراكات والتفسيرات التأثير على سلوكك ؟... عندما ندرك أي موقف ونحكم عليه بالسلبية أو الإيجابية فغندما نميل إلى أن يكون سلوكنا طبقا" لحكمنا ، فإدراكنا لأي موقف أو فهمنا لأي شخص بطريقة معينة عادة ما يكون له كبير الأثر على سلوكنا تجاه ذلك الموقف أو ذاك الشخص.

بعد أن تحدثنا عن المصادر الستة للسلوك ، وحتى نمهّد للحديث عن أمكانية تغيير السلوك إليك هذه السئلة التوضيحية :

- تخيل أنك ذهبت إلى أحد الشوارع المزدحمة وسط المدينة ولحسن الحظ وجدت مكانا" لركن سيارتك ، وأثناء محاولتك لوضع السيارة جاء أحد الأشخاص ودخل بسرعة ووضع سيارته في نفس المكان ، ماذا سيكون تصرّفك في هذه الحالة ؟

- هل حدث ان ركلت سيارتك بقدمك حيث أن محرّكها لم يدور ؟ أو هل ثرت على جهاز الكمبيوتر حين تعطّل ؟

- ألم يحدث أن دفعت بعيدا" عنك ماكينة التصوير حيث أنها قرّرت التوقف عن العمل ؟ أو قمت بسب ماكينة الفاكس حيث أنها رفضت إرسال التقرير الهام الذي قمت بتجهيزه ؟

- هل تعتبر نفسك خجولا" ؟ جريئا" ؟ متفتحا" ؟

- أن إجاباتك على هذه الأسئلة ستحدد سلوكك .

لقد أعجبني ما كتبه ليس براون في كتابه عش إحلامك حيث قال " هل حدث أن أدرت محرّك السيارة ووضعتها على السرعة المطلوبة ، وضغطت على مكان البنزين لآخر درجة ، ومع ذلك لم تتحرّك السيارة ، فتملكك الغضب ، ثم أكتشفت أن فرامل اليد كانت مرفوعة ؟" ... مثل هذه المواقف تحدث كثيرا" في حياتنا اليومية ، وهناك كثير من الناس الذين لا يعيشون أحلامهم حيث أنهم يقيدون أنفسهم بفراملهم الخاصة ... فرامل السلوك السلبي .
أنا وأنت من الممكن أن نقوم بإحداث تغييرات كبيرة في حياتنا وحياة الآخرين عندما نقرّر أن نغيّر سلوكنا السلبي الذي يحدّ من تصرّفاتنا ونحوّله إلى سلوك إيجابي ، وذلك عن طريق تخطي الحدود التي نشعر بالراحة داخلها ونقوم بتوسيع مداركنا .

ألم يحن الوقت حتى نبطل السلوك السلبي ونحوّله إلى سلوك إيجابي؟

ألم يحن الوقت لأن نتوقف عن الحكم على الاخرين ونركّز جهودنا على الطريقة التي من الممكن أن تؤدي بنا إلى السعادة ؟

ألم يحن الوقت حتى نتوقف عن رؤية أنفسنا في صورة سلبية ؟

ألم يحن الوقت لكي نبدأ في سلك السلوك الجديد الملئ بالحب لأنفسنا وللأخرين ؟
أعتقد أن الوقت قد حان ... أليس كذلك ؟



يتبع ...

ميمونة
11-12-2016, 03:30 PM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

داليا
12-12-2016, 08:43 PM
شكرا اختى نسائم على مواضيعك القيمة والمفيدة

جنة
13-12-2016, 11:07 PM
شكرا لموضوعاتك القيمة والمفيدة اختى نسايم ونتمنى المزيد