المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسجد الأقصى بعد الإسلام



نبيل مصطفى
23-12-2016, 06:02 PM
المسجد الأقصى بعد الإسلام


عهد النبي صلى الله عليه وسلم

أتى جبريل عليه السلام رسول الله

وسلم بالبراق وهي الدابة التي كانت تحمل الأنبياء قبله، فركبها ثم خرج به صاحبه يريه من الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء عليهم جميعا السلام، قد جُمعوا له فصلى بهم بعد أن ربط دابته (يعتقد المؤرخون أن المكان الذي ربط فيه البراق هو الحائط الغربي الذي يسميه اليهود حائط المبكى)، ثم صُعِد به عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العلا.

http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/buraq_wall.jpg



عهد الخلفاء الراشدين


دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه القدس من جهة جبل المُكَبِّر، الذي سمي بذلك لأنه عندما وقف عليه كبر وكبر المسلمون من خلفه، ويروي المؤرخون أنه بعد أن كتب العهدة العمرية، قال لصفرونيوس، كبير أساقفة النصارى: أرني موضعا أبني فيه مسجداً فقال: على الصخرة التي كلم الله عليها يعقوب، ووجد عليها ردماً كثيراً حيث كانت الإمبراطورة هيلانة قد أمرت بتدنيسها نكاية في اليهود، فشرع في ازالته، وتناوله بيده يرفعه في ثوبه، واقتدى به المسلمون كافة حتى أزالوه.

http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/omar_sm.jpg

ثم أمر رضوان الله عليه ببناء المسجد أمام الصخرة جاعلاً اياها في مؤخرته، وذلك بعد حديث دار بينه وبين كعب الأحبار، أحد الصحابة الكرام وقد كان قبل إسلامه من احبار اليهود، وكانت تلك اللبنة الأولى لمسجد عمر أو ما يسمى الآن الجامع القبلي.



العصر الأموي


في ضوء الحفريات الحديثة التي جرت في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى، كشف النقاب عن الهيكل المعماري لدار الإمارة الأموية في بيت المقدس، من خلال البقايا المعمارية والأثرية لخمسة مبان ضخمة عبارة عن قصور وقاعات كبيرة، دلت وأكدت تاريخ الأمويين العريق في بيت المقدس. ولقد غيرت هذه الاكتشافات الجديدة، نظريات وآراء عديدة فيما يخص تاريخ بعض المعالم الأثرية في الحرم الشريف، مثل الأثر الذي يعرف بإسطبل سليمان وباب الرحمة وغيرها، وكان قد علق في أذهان العديد من الباحثين والمختصين على أن تاريخ تلك المعالم يعود لفترات سبقت الفتح الإسلامي لبيت المقدس، ولكن ما أن ظهرت هذه المكتشفات الجديدة، حتى غيرت هذه الآراء والمفاهيم، فإسطبل سليمان نسبة إلى سليمان بن عبد الملك وليس إلى النبي سليمان.

http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/dome_rock_sm.jpg

http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/omar2_sm.jpg

وفي عصر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بدأت المسيرة المعمارية المباركة لتعمير بيت المقدس، فأمر ببناء قبة الصخرة المشرفة عام 66 هجرية/ 685 ميلادية، واوقف عليه خراج مصر سبع سنوات حتى صار تحفة معمارية لازال العالم يشهد لها. ثُم شرع ابنه الوليد بن عبد الملك في بناء المسجد القبلي مكان المسجد الذي حدده عمر بن الخطاب، والذي لم يمصمد طويلاً امام العوامل الطبيعية وذلك لبداءة مواد بناءه، وقد كانت مساحته حين انتهي الأموين من بناءه ضعف مساحته الحالية تقريباً، ثم حدثت هزة ارضية عام 130 هجرية فتهدم جانبه الشرقي والغربي.



عهد الدولة العباسية

تم ترميم المسجد القِبلي لأول مرة في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، لإصلاح آثار الهزة التي حدثت عام 130 هجرية، ولكنه ما لبث أن تعرض لهزة أرضية عنيفة ثانية في سنة 158 هجرية/774، أدت إلى تدمير معظم البناء، الأمر الذي جعل الخليفة العباسي المهدي، يقوم بترميمه وإعادة بنائه من جديد في سنة 163 هجرية/780 ميلادية وقد كان المسجد القِبلي في عهده يتألف من خمسة عشر رواقا، حسب ما جاء في وصف المقدسي. وقد حافظ العباسيون قدر استطاعتهم على عمارته، دون تغيير ملموس في ذلك الطابع المعماري الذي نفذه الأمويون. ففي سنة 216 هجرية / 831 ميلادية زار الخليفة العباسي المأمون (198-218 هجرية / 813-833 ميلادية) بيت المقدس وكان قد أصاب قبة الصخرة شئ من الخراب فأمر بترميمه وإصلاحه.

http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/omar3_sm.jpg

ثم تطور على ما يبدو ليصبح مشروع ترميم ضخم اشتمل على قبة الصخرة المشرفة مما حدا بالمأمون أن يضرب فلسا يحمل اسم القدس لأول مرة في تاريخ مدينة القدس وذلك في سنة 217 هجرية كذكرى لإنجاز ترميماته ذلك. وفي عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله (295-320 هجرية / 908-932 ميلادية) في سنة 301 هجرية / 913 ميلادية، تمت أعمال ترميمات خشبية في قبة الصخرة اشتملت على إصلاح قسم من السقف وكذلك عمل أربعة أبواب خشبية مذهبة بأمر من أم الخليفة المقتدر، حيث تم الكشف عن ذلك من خلال شريط كتابي مكتوب بالدهان الأسود وجد على بعض الأعمال الخشبية في القبة، حيث كتب عليها ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم، بركة من الله لعبد الله جعفر الإمام المقتدر بالله أمير المؤمنين حفظه الله لنا مما أمرت به السيدة أم المقتدر بالله نصرها الله وجرى ذلك على يد لبيد مولى السيدة، وذلك في سنة إحدى وثلاث مائة". في عهد الدويلات الإسلامية



الطولونيين والإخشيديين والفاطميين

في الفترة الفاطمية، تعرض المسجد الأقصى لهزة أرضية أخرى حدثت سنة 425 هجرية/1033 ميلادية، أدت إلى تدمير معظم ما عمر في عهد المهدي، حتى قام الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله بترميمه في سنة 426 هجرية/1043ميلادية، حيث قام باختصاره على شكله الحالي وذلك عن طريق حذف أربعة أروقة من كل جهة، الغربية والشرقية، كما قام بترميم القبة وزخارفها من الداخل. وقد أشير لترميماته هذه من خلال نقشه التذكاري الموجود والذي جاء فيه ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم نصر من الله لعبد الله ووليه أبي الحسن علي الإمام الظاهر لإعزاز دين الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين أمر بعمل هذه القبة وإذهابها سيدنا الوزير الأجل صفي أمير المؤمنين وخاصته أبو القاسم علي بن أحمد بن أحمد أيده الله ونصره وكمل جميع ذلك إلى سلخ ذي القعدة سنة ست وعشرين وأربع مائة صنعه عبد الله بن الحسن المصري المزوق".

ثم تعرضت فلسطين لهزات أرضية عنيفة سنة 407 هجرية/1016 ميلادية، وأدت إلى إصابة قبة الصخرة وإتلاف بعض أجزاء القبة الكبيرة، حيث بدئ بترميمها في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (386-411هجرية/966-1021 ميلادية) واستكمل الترميم في عهد ولده الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله (411-427 هجرية/1021-1036 ميلادية). وقد اشتملت الترميمات على القبة وزخارفها وتمت على يدي علي بن أحمد في سنة 413 هجرية/1022 ميلادية، وذلك حسب ما ورد في الشريط الكتابي الواقع في الدهليز الموجود في رقبة القبة.



تحت الاحتلال الصليبي


لما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 492 هجرية/1099ميلادية، قاموا بتغيير معالم المسجد الأقصى والذي استخدموه لأغراضهم الخاصة، منتهكين في ذلك حرمته الدينية، فقاموا بتحويل قسم منه إلى كنيسة والقسم الآخر مساكن لفرسان الهيكل، كما أضافوا إليه من الناحية الغربية بناء استخدموه مستودعا لذخائرهم. وقد زاد استهتارهم وانتهاكهم لقدسية المسجد الأقصى عندما استخدموا الأروقة الواقعة أسفل المسجد الأقصى كإسطبلات لخيولهم، وقد ظل المسجد الأقصى منتهكا بهذا الشكل طوال فترة الغزو الصليبي لبيت المقدس، وحتى حرره المسلمون سنة 583/1187 ميلادية بقيادة البطل صلاح الدين الأيوبي رحمه الله. كما عانت قبة الصخرة كثيرا مثلما عانت معظم المساجد الإسلامية في فلسطين من الاحتلال الصليبي. فعندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 493 هجرية / 1099 ميلادية، قاموا بتحويل مسجد قبة الصخرة إلى كنيسة عرفت بذلك الوقت باسم "هيكل السيد العظيم". فانتهكوا قدسيتها وبنوا فوق الصخرة مذبحا ووضعوا فيها الصور والتماثيل. مبيحين في ذلك ما حرمه الإسلام في أماكنه المقدسة. ومن الطريف بالأمر أن قساوسة ذلك الوقت اعتادوا على المتاجرة بأجزاء من الصخرة، كانوا يقتطعونها من الصخرة ليبيعوها للحجاج والزوار ليعودوا بهذه القطع إلى بلادهم بحجة التبرك والتيمن بها.

http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/dome3_sm.jpg

وعلى ما يبدو أنها كانت تجارة رابحة جدا للقساوسة حيث كانوا يبيعون تلك القطع بوزنها ذهبا، الأمر الذي حدا بملوك الفرنجة إلى كسوة الصخرة بالرخام وإحاطتها بحاجز حديدي مشبك لحمايتها والإبقاء عليها خوفا من زوالها إذا استمر القساوسة بهذه التجارة.


العهد الأيوبي


وفي سنة 583 هجرية / 1187 ميلادية، فتح الله على القائد صلاح الدين (564-589 هجرية / 1169-1193 ميلادية) باسترداد بيت المقدس وتطهير المسجد الأقصى من دنس الصليبيين حيث أمر صلاح الدين بتطهير المسجد والصخرة من الأقذار فطهرا. ثم صلى المسلمون الجمعة الأخرى في قبة الصخرة، وخطب محيي الدين بن زنكي قاضي دمشق بأمر صلاح الدين، وأتى في خطبته بعجائب من البلاغة في وصف الحال وعظمة الإسلام. ثم أقام صلاح الدين بالمسجد الصلوات الخمس إماماً وخطيباً، وأمر بعمل المنبر له فتحدثوا عنده بأن نور الدين محمود اتخذ له منبراً منذ عشرين سنة، وجمع الصناع بحلب فأحسنوا صنعته في عدد سنين فأمر بحمله ونصبه بالمسجد الأقصى.

http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/slahudeen_sm.jpg
http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/omar4.jpg

ثم أمره بعمارة المسجد واقتلاع الرخام الذي فوق الصخرة، والذي وضع في عصر الصليبيين لحماية الصخرة من القساوسة. ثم استكثر في المسجد من المصاحف ورتب فيه القرّاء، ووفر لهم الرواتب، وتقدّم ببناء الربط والمدارس فكانت من مكارمه رحمه الله تعالى. ومن أهم الترميمات التي أنجزت على يدي صلاح الدين، تجديد وتزيين محراب المسجد، حيث يشير إلى ذلك النقش التذكاري الذي يعلوه والمزخرف بالفسيفساء المذهبة حيث جاء فيه ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم أمر بتجديد هذا المحراب المقدس وعمارة المسجد الأقصى هو/على التقوى عبد الله ووليه يوسف بن أيوب أبو المظفر الملك الناصر صلاح الدين والدنيا/ عندما فتحه الله على يديه في شهور سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة/ وهو يسأل الله إذاعة شكر هذه النعمة وإجزال حظه من المغفرة والرحمة".

كان من عادة نور الدين محمود أنه كلما خرج من نصر على الصليبين فى معركة من معاركه أن يصلى لله شكرا وأن يعطى العطايا ويوزع الغنائم ويجلس إلى العلماء والخطباء والناس فيسمع ما يقولون ويسمعون ما يقول، وكان دوما يردد أن نصر الله آت قريبا لا شك – عنده- فى ذلك. وفى ذات مرة بعد معركة حارم التى أقض فيها مضاجع الصليبيين التفت إلى جلسائه وهو يقول الحمد لله اقتربنا من القدس وسوف ندخله إن شاء الله قريبا نقيم فيه الصلاة لكنه – والحضور- صمت لحظة ثم عاد يقول فى تأثر شديد : لكنهم حطموا المنابر فلنستعد بمنبر عظيم يليق بذلك اليوم العظيم يصعد فيه الخطيب ويحيى يوم النصر ويهز الجدران كما ستهتز القلوب. ثم أمر باستدعاء أمهر المهندسين وكان منهم : حميد الدين بن ظافر الحلبي، وسليمان بن معالي وطلب منهما أن يصنعا منبرا فخما مرصعا بالجواهر والدر لم يصنع مثله من قبل واستعجلهما فى الطلب حتى ظن الحاضرون أن نور الدين محمود توهم أن النصر على الأبواب وقرأ ذلك فى عيون الحاضرين،

http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/qebley/pic10.jpg
فقال لهم: إنه آت قريبا بعون الله، سوف ندخل القدس إن شاء الله مهللين مكبرين ملبين نصلى فيه صلاة الشكر ونستمع فيه إلى الخطيب البليغ وهو يرطب بكلامه قلوبنا ولابد أن يلقى خطبته العظيمة فى ذلك اليوم العظيم من فوق منبر عظيم. ثم التفت إلى المهندسين قائلا : أريد ذلك المنبر تحفة تليق بجلال الفتح المبين يتلألأ بجواهره ودرره وغالى خشبه ودقة صنعه فى وسط المسجد الأقصى، ولكن المنية عاجلت الملك المُجاهد قبل أن تُفتح القدس، وحين أتى نصر الله وتحرر المسجد الأقصى على يد الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي قال: وعيناه مغرورقتان بالدموع : (( المنبر.. منبر السلطان نور الدين محمود ابعثوا إلى حلب وأحضروه لنقيمه حيث أراد السلطان المؤمن ذلك الرجل الذى لم يشك يوما فى أن ذلك المنبر سيأخذ مكانه من القدس الشريف)).
http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/dome_masjid3.jpg

أما قبة الصخرة فقد قام صلاح الدين بتطهيرها وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الصليبيين وإزالة جميع بصماتهم التي وضعوها عليها، وقام بإزالة المذبح الذي أضافوه فوق الصخرة والبلاط الرخامي الذي كسوا به الصخرة والصور والتماثيل، وكذلك أمر بعمل صيانة وترميم لما يحتاجه المبنى، حيث تم تجديد تذهيب القبة من الداخل وذلك حسب ما نجده اليوم مكتوبا من خلال الشريط الكتابي الواقع بداخل القبة والذي فيه ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم أمر بتجديد تذهيب هذه القبة الشريفة مولانا السلطان الملك العادل العامل صلاح الدين يوسف بن أيوب تغمده الله برحمته. وذلك في شهور سنة ست وثمانين وخمسمائة". هذا ولم يغفل المجاهد صلاح الدين عن متابعة مبنى مسجد قبة الصخرة والحفاظ عليه، إذ رتب للمسجد إماما وعين لخدمته سدنة ووقف عليه الوقوفات لكي ينفق ريعها لصالح قبة الصخرة المشرفة.
وقد استمر الأيوبيون بعد صلاح الدين بالاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أن معظمهم كانوا يكنسون الصخرة بأيديهم ثم يغسلونها بماء الورد باستمرار لتظل نظيفة معطرة. كما أن الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين (589-595 هجرية / 1193-1198 ميلادية)، قام بوضع الحاجز الخشبي الذي يحيط بالصخرة لحمايتها بدلا من الحاجز الحديدي الذي وضعه الصليبيون.
وقد تابع الأيوبيون بعد صلاح الدين، اهتمامهم في الحفاظ على المسجد الأقصى، حيث قام السلطان الملك المعظم عيسى، في سنة 614 هجرية/ 1218 ميلادية، بإضافة الرواق الذي يتقدم الواجهة الشمالية للمسجد القبلي والذي يعتبر اليوم الواجهة الشمالية نفسها للمسجد. وقد أشير إلى تعميره من خلال النقش التذكاري الموجود بواجهة الرواق الأوسط منه والذي جاء فيه ما نصه:"بسم الله الرحمن الرحيم أنشأت هذه الأروقة في أيام دولة سيدنا ومولانا السلطان الملك المعظم شرف الدنيا والدين أبي العزائم عيسى بن الملك العادل سيف الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين أبي بكر بن أيوب بن شادي خليل أمير المؤمنين خلد الله ملكهما وذلك في سنة أربع عشر وستمائة للهجرة النبوية وصلى الله على محمد وآله".

http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/omar5_sm.jpg



العهد المملوكي


لقد ساهم المماليك في المحافظة على المسجد الأقصى بشكل منقطع النظير، وذلك من خلال ترميماتهم الكثيرة والمتتابعة فيه. حيث تركزت وتمت في الفترة المملوكية الواقعة ما بين (686-915 هجرية/1287-1509 ميلادية) على يدي سلاطين المماليك، وكان أشدهم اهتماماً بالعمارة السلطان الناصر محمد بن قلاوون والذي اعتبر من مشاهير سلاطين المماليك الذين اهتموا بالإنجازات المعمارية بصورة عامة، مثله مثل الوليد بن عبد الملك في الفترة الأموية، وفي فترة سلطنته الثالثة (709-741 هجرية / 1309-1340 ميلادية)، قام السلطان ابن قلاوون بأعمال صيانة وترميم عديدة في قبة الصخرة نذكر منها: تجديد وتذهيب القبة من الداخل والخارج في سنة 718 هجرية / 1318 ميلادية وذلك حسب ما ورد بالشريط الكتابي الموجود في أعلى رقبة القبة الداخلية حيث جاء ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بتجديد وتذهيب هذه القبة مع القبة الفوقانية برصاصها مولانا ظل الله في أرضه القائم بسنته وفرضه السلطان محمد بن الملك المنصور الشهيد قلاوون تغمده الله برحمته. وذلك في سنة ثمان عشرة وسبع مائة". وكما أنه قام بتبليط فناء (صحن) قبة الصخرة المشرفة الذي يحيط بها. وفي عهد السلطان الملك الظاهر برقوق وفي فترة سلطنته الأولى (784-791 هجرية/1382-1389 ميلادية)، تم تجديد دكة المؤذنين الواقعة إلى الغرب من باب المغارة مقابل الباب الجنوبي (القبلي) لقبة الصخرة، وذلك في سنة 789 هجرية/1387 ميلادية على يدي نائبه بالقدس محمد بن السيفي بهادر الظاهري نائب السلطنة الشريفة بالقدس وناظر الحرمين الشريفين، حسب ما ورد في النص التذكاري الموجود عليها. وفي عهد السلطان الملك الظاهر جقمق (842-857 هجرية/1438-1453 ميلادية)، ثم ترميم قسم من سقف قبة الصخرة الذي تعرض للحريق أثر صاعقة عنيفة. وقد حافظ سلاطين المماليك على استمرارية صيانة وترميم قبة الصخرة والحفاظ عليها إما عن طريق الترميمات الفعلية أو عن طريق الوقوفات التي كانت بمثابة الرصيد المالي الدائم لكي يضمن النفقات والمصاريف على مصلحة مسجد قبة الصخرة المشرفة. فعلى ما يبدو أنه في حال لم يكن هناك ترميمات، اهتم السلاطين برصيد الأموال اللازمة لها في حين الحاجة، فنجد السلطان الملك الأشرف برسباي (825-841 هجرية/ 1422-1437 ميلادية)، قد أمر بشراء الضياع والقرى ووقفها لرصد ريعها للنفقة على قبة الصخرة المشرفة، حيث جاء في النص الوقفي ما نصه: "جدده وأنشأه ناظر الحرمين الشريفين أثابه الله الجنة وهو مشتراه مما ثمره من مال الوقف من أجور المسقفات في كل شهر ألفا درهم خارجا عن تكملة جوامك المستحقين وما جدده وأنشأه من الحمام الخراب بحارة حواصل قرية العوجاء والنويعمة بالغور ومرتب الجرجان الواردين تمامه وأن يصرف جميع ما تحصل ذلك برسم عمارة المسجد الأقصى الشريف مهما حصل من ذلك يرصد حاصلا لصندوق الصخرة الشريفة أرصد ذلك جميعه برسم العمارة خاصة إرصادا صحيحا شرعيا بمقتضى المرسوم الشريف المعين تاريخه أعلاه ورسم أن ينقش ذلك في هذه الرخامة حسنة جارية في صحائف مولان ا السلطان الملك الأشرف برسباي خلد الله ملكه على مستمرة الدوام ما تعاقبت الشهور والأعوام فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ومضاف إلى ذلك فائض الزيت والجوالي اللهم من فضل هذا الخير وكان سبب فيه جازه الجنة والنعيم ومن غيره أو نقصه جازاه العذاب الأليم في الدنيا الآخرة".


العهد العثماني

لقد كان للعثمانيين دور هام في متابعة مسيرة المحافظة على المسجد الأقصى المبارك، حيث قام سلاطينهم بأعمال ترميمات ضخمة في المسجد الأقصى، كان أهمها ما قام به السلطان سليمان القانوني (926-974 هجرية/ 1520-1566 ميلادية)، الذي استطاع أن يصبغ قبة الصخرة بالفن العثماني من خلال مشروعه الكبير المشار إليه في نقشه التذكاري الموجود فوق الباب الشمالي لقبة الصخرة والذي اشتمل على استبدال الزخارف الفسيفسائية التي كانت تغطي واجهات التثمينة الخارجية والتي ظلت قائمة منذ الفترة الأموية، وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1293-1327 هجرية / 1876-1909 ميلادية)، تم كتابة سورة ياسين الموجودة حاليا في أعلى واجهات التثمينة الخارجية، وقد كتبت بالخط الثلث على القيشاني، كما أمر السلطان عبد الحميد بفرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بالسجاد الثمين.


http://www.emasjid.net/masajid/alaqsa/pic/dome_masjid2.jpg

تبارك
25-12-2016, 03:49 AM
شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير

بدر التمام
25-12-2016, 12:01 PM
شكرا وجزاكم الله كل خير

نهلة
26-12-2016, 03:17 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير