المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التّصوفُ والسُّلطة في الهند: المبحث الثالث: علاقة الصوفية السهروردية مع سلاطين دهلي



نسائم الرحمن
05-01-2017, 11:33 PM
المبحث الثالث: علاقة الصوفية السهروردية مع سلاطين دهلي

نشأة الطريقة الصوفية السهروردية[112]: وبعد وصول وانتشار الطريقة الچشتية وصلت الطريقة السهروردية إلى الهند، وتفيد المصادر بأن مؤسس هذه الطريقة الشيخ سهاب الدين السهروردي كان يقول:”خلفائي في الهند كثيرون”.[113] ومع أن بعض خلفائه وصلوا إلى الهند ومنهم على سبيل المثال الشيخ نور الدين مبارك الغزنوي، والشيخ مجد الدين حاجي، والقاضي حميد الدين الناگوري، إلا أنه أسهم الشيخ بهاء الدين زكريا الملتاني (578-661هـ/1182-1262م) في توطيد دعائم هذه الطريقة حيث إنه قام بإنشاء الخانقاوات السهروردية في الملتان وأوچه، وفي الأماكن الأخرى في السند والملتان[114].

وتأتي أسماء كل من الشيخ ركن الدين أبي الفتح الملتاني، والسيد جلال الدين البخاري الملقب بمخدوم جهانيان، والشيخ سماء الدين، ومولانا جمالي وغيرها. فهؤلاء الشيوخ لهم يد طولى في نشر وترويج تعاليم هذه الطريقة[115]، فمثلًا قام خلفاء الشيخ مخدوم جهانيان بإنشاء الخانقاوات في الگجرات ونشر تعاليم هذه الطريقة، وشارك كل من الشيخ قطب عالم (ت1453م) والشيخ شاه عالم (ت1475م) في نشر هذه الطريقة. أما البنگال فقام الشيخ جلال الدين تبريزي[116]، وهكذا دواليك[117]، وتجدر الإشارة إلى أنه قد اقتصر نطاق سيادة الطريقة السهروردية وتأثيرها في الپنجاب والسند، إلى أن ذاع صيت كل من الشيخ بهاء الدين زكريا الملتاني والشيخ ركن الدين الملتاني والمخدوم جهانيان وانتشرت أفكارهم خارج الهند في الدول الإسلامية المجاورة خصوصًا في تركستان.[118]

علاقة السلطان شمس الدين إيلتتمش مع الصوفية السهروردية:

يعتبر الشيخ بهاء الدين زكريا الملتاني المؤسس الحقيقي للطريقة السهروردية في الهند، حيث إنه بذل مجهودًا كبيرًا في توطيد دعائم هذه الطريقة. وكان لا يرى أي بأس في تقوية العلاقات مع سلاطين دهلي عكس سياسة الطريقة الچشتية، بل إنه كان يشارك في الحياة السياسية على حسب الظروف والمواقف. وكان ملك قباچة يحكم مستقلًا في ملتان آنذاك حيث موطن الشيخ بهاء الدين زكريا الذي كان يفضل السلطان إيلتتمش على قباجة، فحدث مرة أنه قام بمؤامرة سياسية ضد قباچة مع التعاون بقاضي ملتان مولانا شرف الدين فكتب رسالة إلى السلطان إيلتتمش داعيًا ومحرزًا على تفعيل العملية العسكرية ضد قباچة وإلحاق ملتان وما حولها بسلطنة دهلي. وقد وقعت الرسالة بيد قباچة، فطلبهما قباچة وحقق معهما، فرد الشيخ أنه قام بذلك بموجب حكم الله، ولم يقم قباچة بعقاب ضد الشيخ بهاء الدين زكريا ولكن قتل القاضي. وكان السبب في عدم اتخاذ أي موقف عدواني ضد الشيخ هو شهرته وتعظيم الناس إياه، وكان أيضًا يخاف من مبادرة الجيش السلطاني إلى الدخول إلى ملتان تحت ذريعة الحد القائم ضد الشيخ.[119]

ويعتبر الشيخ نظام الدين أولياء أقدم راوٍ لهذه الواقعة ولكنه لم يذكر الأسباب التي أدت إلى سوء العلاقات بين الشيخ وقباچة، وذكر بعض الباحثين أن قباچة كان يفكر في عملية عسكرية ضد سلطنة دهلي، ولم يعجب الشيخ بذلك وبالتالي بلغ الشيخ السلطان إيلتتمش بما يحدث في ملتان ضد الحكومة.[120] و أيًا كان السبب، وفي الواقع قد تعاون الشيخ السلطان إيلتتمش على إدخال هذه الإمارة المستقلة إلى حوزة سلطنة دهلي في وقت قصير، ولم يقم الشيخ بتقوية صلاته بالسلطان فحسب؛ بل قبل رتبة المشيخة، وأصبح شيخ الإسلام.[121]

وتفيد بعض المصادر أنه لعب دورًا كبيرًا في حل بعض القضايا السياسية والعسكرية كدبلوماسي، حيث ذكر بعض الباحثين أن الملك شمس الدين وسالي نويين هاجم ملتان، فكان الوالي من جانب السلطان جنكير خان قد أرسل الشيخ بهاء الدين إلى الملك شمس الدين لمنعه من العمليات العسكرية، وقد نجح الشيخ في عمليته الدبلوماسية وأقنع الملك على التراجع من تلك الحملة العسكرية.[122]

علاقة السلطان إيلتتمش مع القاضي حميد الدين الناگوري السهروردي (ت678هـ)[123]:

كان الشيخ القاضي حميد الدين الناگوري خليفة للشيخ شهاب الدين السهروردي وصديقًا للشيخ قطب الدين بختيار الكعكي، وكان شيخًا صوفيًا وعالمًا في عصره. وكان يحب السماع جدًا، بل يقال إنه هو الذي روج السماع في دهلي[124]. وكان السلطان إيلتتمش يعتقد فيه ويحترمه وكلما كان يحضر البلاط يرحب السلطان قيامًا وقعودًا[125]. وكان بعض العلماء في دهلي مثل القاضي سعد وقاضي عماد يخالف السماع، وقدم الشكوى ضد القاضي حميد الدين حول ذلك لكي يمنع القاضي من السماع. وطلب السلطان العلماء لتوضيح هذه المسألة الخلافية وجاء القاضي الناگوري أيضًا، ولدى وصوله قام السلطان وقبل يديه وأجلسه بجواره بإعزاز وإجلال. وقال القاضي الناگوري حول مشروعية السماع أنه جائز لأهل حال أي المتصوفة، ولا يجوز لأهل قال أي الفقهاء. ثم روى القصة التي وقعت في بغداد مع السلطان إيلتتمش لما كان مواليًا. ثم نظر إلى السلطان وقال: جرى بخلد السلطان أنه ذات ليلة في بغداد وكان الدراويش وأهل الحال يقومون بالسماع، وقمت أنت بأمر صاحبك في هذه الليلة بخدمة أهل المجلس، وبكيت عند السماع، ونظر إليك المتصوفة، وقد بلغت إلى هذا السلطان ببركة تلك النظرة، ففكر السلطان بذلك الأمر، ورق قلبه وخر يقبل قدميه، وأكرمه، بعد أن حقق من السماع ما يريد وكان يعتقد في نفع المتصوفة.[126] وتفيد بعض المصادر بذهاب السلطان مع الشيخ بعد هذا المجلس إلى بيته، حيث حضر السماع وأكل الطعام في الوليمة رتبها الشيخ.[127] وتفيد المصادر أيضًا أن السلطان إيلتتمش أشار على ابن أخته بدخوله إلى زمرة مريدي الشيخ.[128]

علاقة السلطان علاء الدين مع الشيخ ركن الدين أبي الفتح ملتاني (ت735هـ/1325م[129]:


كان الشيخ حفيدا لشيخ بهاء الدين زكريا وكان من مشاهير الشيوخ في عصره. تفيد بعض المصادر أن الناس القاطنين في منطقة السند كانوا بصلة وثيقة بالشيخ فكانوا يقطعون المسافات الطويلة لزيارته والدخول إلى زمرة مريديه.[130] وكان السلطان يعظمه ويوقره جدًا. وعلى حسب بعض المصادر زار الشيخ العاصمة دهلي مرتين في عهد السلطان علاء الدين الخلجي وقطع السلطان مسافة طويلة لاستقباله وجاء به إلى المدينة بتوقير واحتـرام وقدم له أموالا كثيرة وزعها الشيخ في ساعته.[131]



علاقة الصوفية السهروردية مع السلطان قطب الدين مبارك خلجي:

فكر السلطان في تقليل شأن الشيخ نظام الدين أولياء عن طريق جعل الناس يسيئون ظنهم به. وقرر في إنشاء الخانقاه الكبير لتحويل قبلة الناس إليها بدلا من جماعت خانه للشيخ وذلك لتقليل شئون الشيخ الروحانية والدينية وذلك على حساب الطريقة السهروردية. فطلب من الشيخ ركن الدين الملتاني من الملتان تنفيذ خطته الجهنمية وإيجاد صراع بين الطريقتين. وكان الشيخ ركن الدين بصلة قوية مع سلاطين دهلي ومنهم مبارك شاه خلجي وذلك لأنهم ما كانوا يرون أي بأس في إيجاد وتقوية العلاقات مع الدولة الحاكمة ولكنهم في الوقت نفسه يحترمون الشيوخ الچشتية وكانت بينهم علاقات وطيدة عبر العصور. ومنهم الشيخ ركن الدين الذي ما كان يستطيع أن يكدر علاقته مع الشيخ لإرضاء السلطان وشفاء غليله، ومن هنا لدى الوصول والمقابلة مع السلطان عبر عن رأيه في الشيخ والطريقة الچشتية بطريقة إيجابية جدًا مما جعل السلطان لم يعبر عما كان يريده من هذا اللقاء. فسأل السلطان الشيخ ركن الدين عن أول شخص قابله لدى وصوله إلى دهلي فرد الشيخ قائلًا الشخص الذي يعد من الرجال الصالحين ومن كبار المرجعيات الدينية في دهلي أي شيخ المشايخ نظام الدين. ولما يئس السلطان منه اختار الشيخ زادة جام وكان من المعارضين للشيخ وللخانقاه ومنع الناس عن زيارة جماعت خانه ولكن لم ينجح في ذلك بل وقد حدث أن زيارة الناس للشيخ وجماعت خانه زادت آنذاك وهكذا فشل السلطان في خطته.[132]

علاقة السلطان محمد بن تغلق مع الصوفية السهروردية:

كانت ملتان التي تقع فيها أكبر خانقاه للطريقة السهروردية، مركـزًا مهمًا لسلاطين دهلي بسبب موقعها الجغرافي ودورها السياسي والحضاري. وقد نجح السلطان محمد بن تغلق في السيطرة على الحياة الخانقاهية السهروردية وجعلها تابعة للإدارة[133]، وتم كل ذلك في عهد الشيخ ركن الدين أبو الفتح حيث منحه السلطان مائة قرية لصرف ريعها على الخانقاه.[134] ولما خرج بهرام ايبه كشلوخان على السلطان فساعد الشيخ ركن الدين وأخوه عماد الدين السلطان ضده، وقد استشهد أخوه المذكور في ساحة الحرب.[135]وتفيد المصادر المعاصرة أن الشيخ ما كان يسمح لأي أحد أن يلجأ أو يمكث في الخانقاه دون الحصول على الإذن من الوالي، ولم تذكر هذه المصادر ما إذا كان أخذ الشيخ هذا القرار بنفسه أم أجبر السلطان على ذلك وعلى كل حال كان لهذا التقيد والالتـزام تأثير سلبي للغاية على حرية الحياة الدينية والروحانية للصوفية السهروردية. وقد نجح الشيخ إلى حد بعيد في ضبط وإدارة شئون الطريقة السهروردية ونظام الخانقاوات إلى أن تغيرت الأوضاع بعد وفاته سيما بعد دخول أفراد أهله إلى النـزاع الطويل حول مسألة تعيين الوارث في مكانه وقد وصلت هذه الخلافات إلى درجة أنهم اضطروا إلى تقديمها في بلاط السلطان وحكم الأخيـر في صالح شيخ هود فأعطى له المشيخة حسب وصية الشيخ ركن الدين المرحوم. وأكرمه السلطان وأمر بتعظيمه وإكرامه، وبتضييفه في كل منـزل يحله وأن يخرج في استقباله أهل البلد من الولاة والشيوخ والعلماء يمر به إلى أن يصل إلى ملتان، علمًا أن المسافة بين دولة آباد العاصمة الثانية وبين ملتان ثمانين يومًا حسب ابن بطوطة الذي يقول:”فلما وصل الشيخ إلى العاصمة خرج الفقهاء والقضاة والمشايخ والأعيان لاستقباله، وكنت فيمن خرج إليه، فلقيناه وهو راكب في دولة أي في المحفة يحملها الرجال…ودخل الحضرة وصنعت له بها دعوة أي عـزومة كبيرة أنفق فيها من مال السلطان عددًا كثيرًا وحضر القضاة والمشايخ والفقهاء في الدعوة…وبعد الطعام أعطيت الدراهم لكل من حضر على قدر استحقاقه…ثم انصرف الشيخ هود إلى بلده ومعه الشيخ نور الدين الشيرازي بعثه السلطان ليجلسه على سجادة جده بزاويته ويصنع له العـزومة الكبيرة هناك من مال السلطان…”[136]

وكانت هذه الواقعة مهمة جدًا في تاريخ السلطان السياسي، حيث كان يحاول وبشتى طرق في إتيان الطرق الصوفية كلها تحت رعايته وإدارته ولكنه ما كان يرى نجاحًا كبيرًا في ذلك، ولكن أعطت له هذه الواقعة أملًا كبيرًا بعد ما دخلت الطريقة السهروردية في رعايته، وقام هو بإعطاء المشيخة لمن يحبه ويرضاه. ومن الصعب الحكم على تحقيق أهداف السلطان من خلال السيطرة على الطريقة السهروردية ما إذا كانت قد تحققت أم لا ولكن في الواقع قد أدى ذلك إلى تحطيم نظام الطريقة السهروردية تحطيمًا كاملًا، حيث غير مسار الطريقة الروحانية والإصلاحية إلى الاهتمام والتـركيز على الحصول على المال والجاه والسلطة. وقد عبر عن ذلك بعض المشايخ قائلاً:”يتردد العلماء والمشايخ هذه الأيام على السلاطين والأمراء ويذلون أنفسهم.”[137]

وعلى كلٍ فقد أسند إلى الشيخ هود مسئولية الخانقاه السهروردية تحت الرعاية السلطانية، وورث الشيخ كل ما أعطي الشيخ ركن الدين من الأموال والعقارات والأراضي والقرى. ولم تستمر علاقاته الجيدة مع السلطان، يروي ابن بطوطة، وقد استقر الشيخ هود بـزاويته وأقام بها أعوامًا ثم إن عماد الملك أمير بلاد السند كتب إلى السلطان يذكر أن الشيخ وأهله يشتغلون بجمع الأموال وإنفاقها في الشهوات أي يعبثون بها ولا يطعمون أحدًا بالـزاوية، فنفذ الأمر بمطالبتهم بالأموال، فطلبهم عماد الملك بها، وسجن بعضهم وضرب بعضًا، وصار يأخذ منهم كل يوم عشرين ألف دينار مدة حتى استخلص ما كان عندهم ووجد لهم كثيرًا من الأموال والذخائر من جملتها نعلان مرصعان بالجوهر والياقوت بيعا بسبعة آلاف دينار وقيل إنهما كانتا لبنت الشيخ هود وقيل لسرية له، فلما اشتدت الحال على الشيخ هرب يريد بلاد الأتراك، فتم القبض عليه، وكتب عماد الملك بذلك إلى السلطان فأمره أن يبعث به..ولما وصل الشيخ في البلاط السلطاني سأله أين أردت أن تفر؟ فاعتذر بعذر، فقال له السلطان إنما أردت أن تذهب إلى الأتراك فتقول أنا ابن الشيخ بهاء الدين زكريا الملتاني، وقد فعل السلطان معي كذا وتستعين بهم ضدي. وأمر بضرب عنقه فتم على الفور.[138] فكان ذلك أول قتل حدث حول الصراع على مسألة السجادة والوراثة في تاريخ الصوفية في الهند.

علاقة الصوفية السهروردية مع السلطان فيروز شاه تغلق:

كما أسلفت أن الصوفية السهروردية كانوا يتبادرون إلى توطيد العلاقات وتطويرها مع سلاطين دهلي عبر تاريخ سلطنة دهلي كله. وفي عهد السلطان محمد بن تغلق هم قبلوا ما طلب منهم السلطان وكانت لهم صولات وجولات في الحياة السياسية والاجتماعية في العاصمة وفي السند والملتان. ولدى وفاة السلطان محمد بن تغلق كان الشيخ السيد جلال الدين بخارى مخدوم جهانيان يدير المشيخة السهروردية في هذه المناطق الهندية الغربية. وكان مسافرًا إلى الحجاز ولما عاد إلى الهند بعد أداء فريضة الحج، ذهب إلى بلاط السلطان فيروز شاه تغلق وسرعان ما تمت الصداقة والمودة بينهما.[139]

وجاء الشيخ مرارًا إلى دهلي في عهد السلطان فيروز شاه. وحضر آخر مرة عام 787هـ/1358م حيث توفي بعد عام من تلك الزيارة الأخيرة. وكان السلطان يستقبله بحفاوة بالغة، وكان يوفر له السكن في قصر من القصور الملكية[140]، وكان يزوره بنفسه، ولو جاء وحده إلى البلاط فيقوم السلطان في استقباله ويجلسه بجواره في البلاط السلطاني. وكان يزوره خلاله وجوده في دهلي كثير من خلق الله من المساكين والفقراء ومن أهل الاحتياجات الخاصة ويسجل خادمه طلباتهم ولدى زيارة السلطان تقدم قائمة الطلبات له، وكان السلطان يشعر بالسعادة البالغة في تحقيق تلك المطالب[141]. وتقول بعض المصادر إنه سافر مرة من أوچه إلى دهلي للحصول على المال لأحد أبناء شيخه الذي كان بصدد تـزويج أخواته البنات[142]. وكان قد قبل الوظيفة الرسمية للمشيخة السهروردية، حيث كانت الإدارة أوقفت عليها القرى والضياع لسد احتياجاتها.[143] وكان للشيخ مخدوم جهانيان مكانة عالية وسلطة كاملة في السند. وكان السلطان قد استغل نفوذه ومكانته العلمية والدينية في حل بعض القضايا السياسية العالقة، سيما فيما يتعلق ببعض الثورات قام بها جام جونا وبن بهنيا بمساعدة المنغول في حدود الگجرات والپنجاب. فتدخل الشيخ في هذا الأمر وأقنعهم على قبول تبعية سلطنة دهلي. بجانب ذلك كان له من النفوذ والمكانة والسطوة لدى الإقطاعيين، وبالتالي يستعين الوالي به على الحصول على الخراج.[144] وعلى رغم هذه العلاقات الوطيدة كان الشيخ ينتقد بعض الأحيان في كثير من النشاطات الحكومية غير الشرعية. وهنا نجد تناقضًا شديدًا، حيث كان يعتبر الملك عضوضًا وفي الوقت نفسه كان السلطان يغدق عليه وعلى الخانقاوات السهروردية أموالًا طائلًا. وقد سأله مرة شخص:”هل يجوز أن نأكل طعام السلاطين في هذا الزمن؟” فرد قائلًا:”جاء في فتاوى خانية أنه لا يجوز أكل طعام السلاطين والملوك لأن معظم الضرائب والمحاصيل تؤخذ بظلم وسخط، مثل الضرائب على السوق، والجـزارين، والسماسرة، والحفلات الشعبية والمراقص، وعلى بيع الأزهار، والتنبول…وذكر الشيخ أكثر من 28 ضرائب تؤخذ آنذاك والقائمة طويلة[145]. ويبدو أن كلامه وصل إلى السلطان لأن معظم الضرائب التي أعفي عنها ذكرها الشيخ في كلامه هذا.[146] وبناءً على ذلك أمر السلطان بالإدارة وبيت المال عبر القنوات الشرعية مع وضع الضرائب الشرعية المذكورة في الكتاب والسنة.[147] وكذلك كان السلطان يحافظ على علاقة سلطنة مع أسر الشيوخ السهروردية السابقة من خلال توظيفهم وإغداق الأموال والضياع عليهم. وتفيد المصادر أنه جعل الشيخ صدر الدين حفيد الشيخ بهاء الدين زكريا الملتاني شيخًا للإسلام، وكان يكرمه ويحترمه جدًا.[148]

هذا، ونستطيع أن نقول من خلال ما ذكرناه حول علاقة السهروردية بسلاطين دهلي أن الشيوخ في الطريقة السهروردية يعتقدون في إيجاد وتوطيد العلاقات مع السلاطين والإدارة لكي يتسنى لهم المشاركة في الشئون الإدارية مما جعلهم ينصحون سلاطين دهلي في إدارة الشئون الدينية وتحقيق مصالح العامة. وبجانب ذلك ساعدوا سلاطين دهلي على توسيع نطاق السيادة داخليًا من ناحية والحفاظ على الحدود من الهجمات المنغولية من ناحية أخرى. ولم يترددوا في قبول المناصب الرسمية والألقاب الديوانية بجانب الهدايا في شكل الأموال والضياع والقرى المقدمة من جانب الإدارة الحكومية لصرف ريعها على سد احتياجات الخانقاوات ونشاطاتها الدينية والفكرية. وتجدر الإشارة إلى أنه كانت هناك علاقات التعاون هذه في بعض الأحيان تؤدي إلى تدخل بعض السلاطين في شئون الخانقاه ونشاطاتها، وكان السلاطين هم من يحلون الخلافات الناجمة عن التوريث بين أبناء الشيوخ البارزين في الطريقة السهروردية.

تابع

ابو حاتم
06-01-2017, 05:22 PM
شكرا على الموضوع والافادة القيمة بارك الله فيكم

مصطفى شوقى
08-01-2017, 12:06 PM
بارك الله فيكم

ضاحى العربى
09-01-2017, 02:12 PM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

خالد الغمرى
10-01-2017, 09:58 PM
شكرا وجزاكم الله كل خير

ابراهيم الدالى
12-01-2017, 10:45 PM
شكرا على المعلومات والافادات القيمة

ادهم
13-01-2017, 07:39 AM
شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير

الفرغل ابو الرجال
14-01-2017, 09:54 PM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة
بارك الله فيكم وجعلها فى ميزان حسناتكم

ابو على
15-01-2017, 10:57 PM
شكرا على الموضوع والافادة والمعلومات القيمة

بلال
16-01-2017, 10:05 PM
شكرا على الطرح والافادة والمعلومات القيمة جزاكم الله كل خير

قويدار السيد
19-01-2017, 11:34 PM
شكرا على الموضوع والافادة والمعلومات القيمة

يمانى عزوز
20-01-2017, 02:42 PM
شكرا على الافادات القيمة وجزاكم الله كل خير

جمال الرصافي
25-01-2017, 03:05 PM
شكرا على الموضوع والافادة جزاكم الله كل خير