المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أقوال ومواقف السلف في الزهد



البتول
08-03-2017, 05:27 PM
أقوال ومواقف السلف في الزهد



عن علي بن بذيمة قال: بيع متاع سلمان رضي الله تعالى عنه، فبلغ أربعة عشر درهماً. حلية الأولياء(1/ 197)

عن ميمون بن مهران قال: دخلت منزل ابن عمر، فما كان فيه ما يسوى طيلساني هذا. حلية الأولياء(1/ 301)

عن الحسن قال: خطب ابن الخطاب، وهو خليفة، وعليه إزار فيه ثنتي عشر رقعة. حلية الأولياء(1/ 53)

عن أبي ذر قال: ذو الدرهمين أشد حساباً من ذي الدرهم. حلية الأولياء(1/ 164)

قيل لسفيان الثوري: أيكون الرجل زاهداً، ويكون له المال؟ قال: نعم، إن كان: إذا ابتلي صبر، وإن أُعطي شكر. حلية الأولياء(6/ 387 - 388)

عن سلام بن أبي مطيع قال: كن لنعمة الله عليك في دينك، أشكر منك لنعمة الله عليك في دنياك. حلية الأولياء(6/ 188)

عن سفيان الثوري قال: ما أنفقت درهماً في بناء. حلية الأولياء(6/ 392) حلية الأولياء(7/ 22)

سئل سفيان الثوري: ما الزهد في الدنيا؟ قال: سقوط المنزلة. حلية الأولياء(7/ 16)

عن شعبة قال: إذا كان عندي دقيق وقصب، فما أبالي ما فاتني من الدنيا. حلية الأولياء(7/ 145)

عن عبد الواحد بن زيد قال: ما يسرني، أن لي جميع ما حوت عليه البصرة من الأموال والثمرة بفلسين. حلية الأولياء(6/ 157)

عن عمرو بن دينار قال: ما رأيت أحداً أهون عليه الدينار والدرهم من ابن شهاب، وما كانت عنده إلا مثل البعرة. حلية الأولياء(3/ 371)

عن وهيب المكي قال: الزهد في الدنيا: أن لا تأسى على ما فاتك منها، ولا تفرح بما أتاك منها. حلية الأولياء(8/ 140)

عن المسيب بن واضح قال: سألت يوسف بن أسباط عن الزهد، ما هو؟ قال: إن تزهد فيما أحل الله، فأما ما حرم الله، فإن ارتكبته، عذبك الله. حلية الأولياء(8/ 237)

عن تميم بن سلمة قال: قلت ليوسف بن أسباط: ما غاية الزهد؟ قال: لا تفرح بما أقبل، ولا تأسف على ما أدبر؛ قلت: فما غاية التواضع؟ قال: أن تخرج من بيتك، فلا تلقى أحداً، إلا رأيت أنه خير منك. حلية الأولياء(8/ 238)

عن يوسف بن أسباط قال: الزهد في الرياسة، أشد من الزهد في الدنيا. حلية الأولياء(8/ 238)

عن الشافعي قال: عليك بالزهد؛ فالزهد على الزاهد، أحسن من الحلي على الشاهد. حلية الأولياء(9/ 130)

عن عمران بن مسلم قال: كان سويد بن غفلة، إذا قيل له: أعطي فلان، وولي فلان؛ قال: حسبي كسرتي وملحي. حلية الأولياء(4/ 176)

سئل الزهري عن الزهد، فقال: من لم يمنعه الحلال شكره، ولم يغلب الحرام صبره. حلية الأولياء(7/ 287) حلية الأولياء(3/ 371)

عن أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت المضاء سأل سباعاً الموصلي، فقال: يا أبا محمد، إلى أي شيء أفضى بهم الزهد؟ فقال: إلى الأنس به. حلية الأولياء(8/ 292)

عن داود الطائي قال: من علامة المريدين الزاهدين في الدنيا: ترك كل جليس لا يريد ما يريدون. حلية الأولياء(7/ 344)

عن إبراهيم بن أدهم قال: إنما زهد الزاهدون في الدنيا، اتقاء أن يشركوا الحمقى والجهال في جهلهم. حلية الأولياء(8/ 21)

بلغ عمر بن الخطاب: أن رجلاً بنى بالآجر؛ فقال: ما كنت أحسب أن في هذه الأمة مثل فرعون. قال: يريد قوله: حلية الأولياء(ابْنِ لِي صَرْحاً) [غافر: 36]؛ و} فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ} [القصص: 38]. حلية الأولياء(7/ 304)

عن إبراهيم بن أدهم: أنه مر بأخ له كان يعرفه بالزهد، وقد اتخذ أرضاً، وغرس شجراً؛ فقال: ما هذا؟ قال: أصبناه رخيصاً؛ قال: فما كان يمنعك من الدنيا فيما مضى، إلا غلاؤها؟ حلية الأولياء(8/ 31)

قال رجل لمحمد بن واسع: أوصني؛ قال: أوصيك أن تكون ملكاً في الدنيا والآخرة؛ قال: كيف لي بذلك؟ قال: ازهد في الدنيا. حلية الأولياء(2/ 351)

عن إبراهيم بن سعد قال: كنت مع سفيان الثوري في المسجد الحرام، فكوم كومة من الحصى، فاتكأ عليه؛ ثم قال: يا إبراهيم، هذا خير من أسرتهم. حلية الأولياء(7/ 21 - 22)

وعن سفيان الثوري قال: الزهد في الدنيا: هو الزهد في الناس؛ وأول الزهد في الناس: زهدك في نفسك. حلية الأولياء(7/ 69)

عن حماد بن عيسى الجهني قال: رأيت سفيان الثوري بمكة، قد أكل شيئاً، فأدخل يده في الرمل، فدلكهما؛ قلت: يا أبا عبد الله، لو غسلتهم؛ قال: إنما هي أيام قلائل. حلية الأولياء(7/ 36)

عن عمران القصير قال: ألا صابر كريم لأيام قلائل؛ حرام على قلوبكم أن تجدوا طعم الإيمان، حتى تزهدوا في الدنيا. حلية الأولياء(6/ 177)

عن شوذب قال: كان سلمان - رضي الله عنه - يحلق رأسه زقية؛ فيقال له: ما هذا يا أبا عبد الله؟ فقال: إنما العيش عيش الآخرة. حلية الأولياء(1/ 199)

عن أبي أسامة قال: قال لي مسعر: يا أبا أسامة، من رضي بالخل والبقل، لم يستعبده الناس. حلية الأولياء(7/ 219)

عن مالك بن دينار قال: الناس يقولون: مالك بن دينار زاهد، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز: الذي أتته الدنيا، فتركها. حلية الأولياء(5/ 257)

عن أبي سليمان الداراني قال: ليس الزاهد: من ألقى غم الدنيا واستراح فيها، إنما الزاهد: من ألقى غمها، وتعب لآخرته. حلية الأولياء(9/ 273)

عن سفيان بن عيينة قال: كان هارون بن رباب يخفي الزهد، وكان يلبس الصوف تحت ثيابه. حلية الأولياء(3/ 55)

عن أبي سليمان الداراني قال: من عرف الدنيا، عرف الآخرة؛ ومن لم يعرف الدنيا، لم يعرف الآخرة؛ قال أحمد: يعني: الزهد. حلية الأولياء(9/ 262)

- عن عمر بن ذر قال: ما رأيت مثل عطاء، وما رأيت على عطاء قميصاً قط، وما رأيت عليه ثوباً يسوى خمسة دراهم. حلية الأولياء(3/ 311)


عن رجاء بن حيوة قال: قومت ثياب عمر بن عبد العزيز وهو خليفة باثني عشر درهما؛ فذكر: قميصه، ورداءه، وخباءه، وسراويله، وعمامته، وقلنسوته، وخفيه. حلية الأولياء(5/ 323)

عن ميمون بن مهران قال: ما أحب أن لي ما بين باب الرها إلى حران بخمسة دارهم. حلية الأولياء(4/ 87)

سئل سفيان بن عيينة عن الزهد؛ فقال: أن لا يغلب الحل شكرك، ولا الحرام صبرك. حلية الأولياء(9/ 316)

عن نعيم بن سلامة قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز، فوجدته يأكل ثوماً مسلوقاً بزيت وملح. حلية الأولياء(5/ 315)

عن أبي وائل - شقيق بن سلمة -، وكان له خص من قصب: فكان يكون فيه هو وفرسه؛ فإذا غزا: نقضه، وتصدق به؛ فإذا رجع: أنشأ بناه. حلية الأولياء(4/ 103)

عن يوسف بن أسباط قال: لو أن رجلاً في ترك الدنيا مثل أبي ذر، وسلمان، وأبي الدرداء؛ ما قلنا له: زاهد؛ لأن الزهد: لا يكون إلا في الحلال المحض، والحلال المحض لا يعرف اليوم. حلية الأولياء(8/ 238)

عن أيوب السختياني قال: لا أعلم القذر من الدين، يعني التقذر. حلية الأولياء(3/ 11)

عن وكيع قال: سمعت أبي يقول: رأى زبيد بن الحارث الايامي في البيت بعراً؛ فقال: ما أحب أن لي مكان كل بعرة درهما. حلية الأولياء(5/ 30)

عن أيوب السختياني قال: لأن يستر الرجل الزهد، خير له من أن يظهره. حلية الأولياء(3/ 6)

عن محمد بن المبارك قال: يزهدون في التجارة لأنفسهم، ويجعلون انقطاع النفوس إلى غيرهم. حلية الأولياء(9/ 299)

عن علي بن ثابت قال: رأيت سفيان الثوري في طريق مكة، فقومت كل شيء عليه، حتى نعليه: درهماً، وأربع دوانق. حلية الأولياء(6/ 378)

عن الحسن بن عبد الله النخعي قال: لم يترك علقمة: إلا داره، وبرذوناً، ومصحفاً؛ وأوصى به لمولى له، كان يقوم عليه في مرضه. حلية الأولياء(2/ 100)

عن أبي سليمان الداراني قال: الزاهد حقاً: لا يذم الدنيا، ولا يمدحها؛ أو: لا ينظر إليها، ولا يفرح بها إذا أقبلت، ولا يحزن عليها إذا أدبرت. حلية الأولياء(9/ 266)

وعنه قال: استجلب الزهد بقصر الأمل، وادفع أسباب الطمع بالإياس والقنوع، وتخلص إلى راحة القلب بصحة التفويض. حلية الأولياء(9/ 266)

عن أرطأة قال: كان ضمرة - بن حبيب - إذا قام إلى الصلاة؛ قلت: هذا أزهد الناس في الدنيا؛ فإذا عمل للدنيا، قلت: هذا أرغب الناس في الدنيا. حلية الأولياء(6/ 103)

عن ابن عمر، أنه سمع رجلاً يقول: أين الزاهدون في الدنيا، الراغبون في الآخرة؟ فأراه قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر؛ فقال: عن هؤلاء تسأل؟. حلية الأولياء(1/ 307)

عن عمرو بن قيس قال: قيل لعلي: يا أمير المؤمنين، لم ترقع قميصك؟ قال: يخشع القلب، ويقتدي به المؤمن. حلية الأولياء(1/ 83)

عن أبي سعيد الأزدي، وكان إماما من أئمة الأزد؛ قال: رأيت علياً أتى السوق، وقال: من عنده قميص صالح بثلاثة دراهم؟ فقال رجل: عندي؛ فجاء به، فأعجبه، قال: لعله خير من ذلك؟ قال: لا، ذاك ثمنه؛ قال: فرأيت عليا يقرض رباط الدراهم من ثوبه، فأعطاه، فلبسه؛ فإذا هو يفضل عن أطراف أصابعه، فأمر به فقطع ما فضل عن أطراف أصابعه. حلية الأولياء(1/ 83)

عن علي بن الأرقم عن أبيه، قال: رأيت علياً وهو يبيع سيفاً له في السوق، ويقول: من يشتري مني هذا السيف؟ فوالذي فلق الحبة، لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولو كان عندي ثمن إزار، ما بعته. حلية الأولياء(1/ 83)

عن علي بن أبي طالب: أنه أتى بفالوذج، فوضع قدامه بين يديه؛ فقال: إنك طيب الريح، حسن اللون، طيب الطعم؛ لكن أكره أن أعود نفسي مالم تعتده. حلية الأولياء(1/ 81)

عن الأعمش قال: سمعتهم يذكرون: أن حذيفة قال لسلمان رضي الله تعالى عنهما: يا أبا عبد الله، ألا أبني لك بيتاً؟ قال: ـ فكره ذلك ـ؛ قال: رويدك، حتى أخبرك: أني أبني لك بيتاً: إذا اضطجعت فيه رأسك من هذا الجانب، ورجلاك من الجانب الآخر؛ وإذا قمت: أصاب رأسك؛ قال سلمان: كأنك في نفسي. حلية الأولياء(1/ 202)

عن عمير بن سعد الأنصاري قال: بعثه عمر بن الخطاب عاملاً على حمص، فمكث حولاً لا يأتيه خبره، فقال عمر لكاتبه: أكتب إلى عمير، فو الله ما أراه إلا قد خاننا: إذا جاءك كتابي هذا فأقبل، وأقبل بما جبيت من فيء المسلمين حين تنظر في كتابي هذا؛ فأخذ عمير جرابه، فجعل فيه زاده وقصعته، وعلق إداوته وأخذ عنزته، ثم أقبل يمشي من حمص حتى دخل المدينة، قال: فقدم، وقد شحب لونه، واغبر وجهه، وطالت شعرته، فدخل على عمر وقال: السلام عليك يا أمير الله وبركاته، فقال عمر: ما شأنك؟ فقال عمير: ما ترى من شأني؟ ألست تراني صحيح البدن، طاهر الدم، معي الدنيا أجرها بقرنها، قال: وما معك؟ ـ فظن عمر رضي الله عنه أنه قد جاء بمال ـ فقال: معي جرابي أجعل فيه زادي وقصعتي، آكل فيها، وأغسل فيها رأسي وثيابي، وإداوتي، أحمل فيها وضوئي وشرابي، وعنزتي، أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا إن عرض، فو الله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي؛ قال عمر: فجئت تمشي؟ قال: نعم، قال: أما كان لك أحد يتبرع لك بدابة تركبها؟ قال: ما فعلوا، وما سألتهم ذلك، فقال عمر: بئس المسلمون خرجت من عندهم، فقال له عمير: اتق الله يا عمر، قد نهاك الله عن الغيبة، وقد رأيتهم يصلون صلاة الغداة، قال عمر: فأين بعثتك؟ وأي شيء صنعت؟ قال: وما سؤالك يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: سبحان الله، فقال عمير: أما لولا أني أخشى أن أغمك ما أخبرتك، بعثتني حتى أتيت البلد، فجمعت صلحاء أهلها، فوليتهم جباية فيئهم، حتى إذا جمعوه وضعته مواضعه، ولو نالك منه شيء لأتيتك به، قال: فما جئتنا بشيء؟ قال: لا، قال جددوا لعمير عهداً، قال: إن ذلك لشيء لا عملت لك، ولا لأحد بعدك، والله ما سلمت بل لم أسلم، لقد قلت لنصراني: أي أخزاك الله، فهذا ما عرضتني له يا عمر، وإن أشقى أيامي يوم خلفت معك يا عمر، فاستأذنه، فأذن له، فرجع إلى منزله؛ قال: وبينه وبين المدينة أميال، فقال عمر حين انصرف عمير: ما أراه إلا قد خاننا، فبعث رجلاً يقال له الحارث، وأعطاه مائة دينار، فقال له: انطلق إلى عمير حتى تنزل به كأنك ضيف، فإن رأيت أثر شيء فأقبل، وإن رأيت حالة شديدة فادفع إليه هذه المائة الدينار، فانطلق الحارث، فإذا هو بعمير جالس يفلي قميصه إلى جانب الحائط، فسلم عليه الرجل، فقال له عمير: انزل رحمك الله، فنزل، ثم سأله فقال: من أين جئت؟ قال: من المدينة، قال: فكيف تركت أمير المؤمنين؟ قال: صالحاً، قال فكيف تركت المسلمين؟ قال: صالحين، قال: أليس يقيم الحدود؟ قال: بلى، ضرب ابنا له أتى فاحشة فمات من ضربه، فقال عمير: اللهم أعن عمر، فإني لا أعلمه إلا شديدا حبه لك، قال: فنزل به ثلاثة أيام، وليس لهم إلا قرصة من شعير كانوا يخصونه بها ويطوون، حتى أتاهم الجهد، فقال له عمير: إنك قد أجعتنا، فإن رأيت أن تتحول عنا فافعل، قال: فأخرج الدنانير فدفعها إليه، فقال: بعث بها إليك أمير المؤمنين، فاستعن بها، قال: فصاح، وقال: لا حاجة لي فيها، ردها، فقالت له امرأته: إن احتجت إليها، وإلا فضعها مواضعها، فقال عمير: والله مالي شيء أجعلها فيه، فشقت امرأته أسفل درعها، فأعطته خرقة، فجعلها فيها، ثم خرج فقسمها بين أبناء الشهداء والفقراء، ثم رجع والرسول يظن أنه يعطيه منها شيئاً، فقال له عمير: اقرأ مني أمير المؤمنين السلام، فرجع الحارث إلى عمر، فقال: ما رأيت؟ قال: رأيت يا أمير المؤمنين حالاً شديداً، قال: فما صنع بالدنانير؟ قال: لا أدري، قال فكتب إليه عمر، إذا جاءك كتابي هذا فلا تضعه من يدك حتى تقبل، فأقبل إلى عمر رضي الله تعالى عنه فدخل عليه، فقال له عمر: ما صنعت بالدنانير؟ قال: صنعت ما صنعت، وما سؤالك عنها؟ قال: أنشد عليك لتخبرني ما صنعت بها، قال: قدمتها لنفسي، قال: رحمك الله، فأمر له بوسق من طعام وثوبين، فقال: أما الطعام، فلا حاجة لي فيه، قد تركت في المنزل صاعين من شعير، إلى أن آكل ذلك قد جاء الله تعالى بالرزق، ولم يأخذ الطعام، وأما الثوبان فقال: إن أم فلان عارية فأخذهما ورجع إلى منزله، فلم يلبث أن هلك رحمه الله، فبلغ عمر ذلك فشق عليه، وترحم عليه، فخرج يمشي ومعه المشاؤن إلى بقيع الغرقد، فقال لأصحابه: ليتمن كل رجل منكم أمنية، فقال رجل: وددت يا أمير المؤمنين أن عندي مالا، فأعتق لوجه الله عز وجل كذا وكذا، وقال آخر: وددت يا أمير المؤمنين أن عندي مالاً، فأنفق في سبيل الله، وقال آخر: وددت لو أن لي قوة، فامتح بدلو زمزم لحجاج بيت الله، فقال عمر: وددت لو أن لي رجلاً مثل عمير بن سعد أستعين به في أعمال المسلمين. حلية الأولياء(1/ 247 - 250)

عن هشام بن عروة عن أبيه، قال: دخل عمر بن الخطاب على أبي عبيدة بن الجراح، فإذا هو مضطجع على طنفسة رحله، متوسداً الحقيبة؛ فقال له عمر: ألا تتخذ ما اتخذ أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين: هذا يبلغني المقيل. وقال معمر في حديثه لما قدم عمر الشام، تلقاه الناس وعظماء أهل الأرض؛ فقال عمر: أين أخي؟ قالوا: من؟ قال: أبو عبيدة؛ قالوا: الآن يأتيك؛ فلما أتاه نزل، فأعتنقه، ثم دخل عليه بيته، فلم ير في بيته، إلا سيفه، وترسه، ورحله. حلية الأولياء(1/ 101ـ102)

عن ابن سيرين قال: إن حذيفة رضي الله تعالى عنه: لما قدم المدائن، قدم على حمار، على إكاف، وبيده رغيف، وعرق؛ وهو يأكل على الحمار. حلية الأولياء(1/ 277)

عن الحسن: أن عمر - رضي الله عنه - قال: والله، إني لو شئت، لكنت من ألينكم لباساً، وأطيبكم طعاماً، وأرقكم عيشاً؛ إني والله، ما أجهل عن كراكر، وأسنمة، وعن صلاء، وصناب، وصلايق؛ ولكني سمعت الله عز وجل غير قوماً بأمر فعلوه، فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الاحقاف: 20] الآية. حلية الأولياء(1/ 49)

عن ثابت: أن أبا ذر مر بأبي الدرداء رضي الله عنهما، وهو يبني بيتا له؛ فقال: لقد حملت الصخر على عواتق الرجال؛ فقال: إنما هو بيت أبنيه؛ فقال له أبو ذر رضي الله تعالى عنه: مثل ذلك؛ فقال: يا أخي، لعلك وجدت علي في نفسك من ذلك؛ قال: لو مررت بك وأنت في عذرة أهلك، كان أحب إلي مما رأيتك فيه. حلية الأولياء(1/ 163)

عن عبد الله بن خراش قال: رأيت أبا ذر رضي الله تعالى عنه بالربذة، في ظلة له سوداء، وتحته امرأة له سحماء، وهو جالس على قطعة جوالق؛ فقيل له: إنك امرؤ ما يبقى لك ولد؛ فقال: الحمد لله، الذي يأخذهم في دار الفناء، ويدخرهم في دار البقاء؛ قالوا: يا أبا ذر، لو اتخذت امرأة غير هذه؛ قال: لأن أتزوج امرأة تضعني، أحب إلي من امرأة ترفعني؛ فقالوا له: لو اتخذت بساطاً ألين من هذا؛ قال: اللهم غفراً، خذ مما خولت ما بدا لك. حلية الأولياء(1/ 160 - 161)

عن أبي أسماء الرحبي، أنه دخل على أبي ذر رضي الله تعالى عنه، وهو بالربذة، وعنده امرأة له سوداء شعثة، ليس عليها أثر المجاسد والخلوق؛ قال: فقال: ألا تنظرون إلى ما تأمرني به هذه السوداء؟ تأمرني أن آتي العراق، فإذا أتيت العراق، مالوا علي بدنياهم؛ وإن خليلي عهد إلي: أن دون جسر جهنم طريقاً ذا دحض ومزلة، وإنا إن نأتي عليه وفي أحمالنا اقتدار؛ أحرى أن ننجوا، من أن نأتي عليه ونحن مواقير. حلية الأولياء(1/ 161)

عن نوف البكالي قال: رأيت علي بن أبي طالب خرج، فنظر إلى النجوم؛ فقال: يا نوف، أراقد أنت أم رامق؟ قلت: بل رامق يا أمير المؤمنين؛ فقال: يا نوف، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة؛ أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطاً، وترابها فراشاً، وماءها طيباً، والقرآن والدعاء دثاراً وشعاراً؛ قرضوا الدنيا على منهاج المسيح عليه السلام؛ يا نوف، إن الله تعالى أوحى إلى عيسى: أن مر بني إسرائيل، أن لا يدخلوا بيتاً من بيوتي، إلا بقلوب طاهرة، وأبصار خاشعة، وأيد نقية؛ فإني لا أستجيب لأحد منهم، ولأحد من خلقي عنده مظلمة؛ يا نوف، لا تكن شاعراً، ولا عريفاً، ولا شرطياً، ولا جابياً، ولا عشاراً؛ فإن داود عليه السلام، قام في ساعة من الليل؛ فقال: إنها ساعة، لا يدعو عبد إلا أستجيب له فيها، إلا أن يكون: عريفاً، أو شرطياً، أو جابياً، أو عشاراً، أو صاحب عرطبة: وهو الطنبور، أو صاحب كوبة: وهو الطبل. حلية الأولياء(1/ 79)

عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عامر بن ربيعة، أنه نزل به رجل من العرب، فأكرم عامر مثواه، وكلم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فجاءه الرجل، فقال: إني استقطعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وادياً، ما في العرب واد أفضل منه، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة، تكون لك، ولعقبك من بعدك؛ قال عامر: لا حاجة لي في قطيعتك، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء:1]. حلية الأولياء(1/ 179)

عن الأعمش قال: كان علي - رضي الله عنه -: يغدي، ويعشي؛ ويأكل هو من شيء يجيئه من المدينة. حلية الأولياء(1/ 82)

عن هارون بن عنترة عن أبيه قال: دخلت على علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالخورنق، وهو يرعد تحت سمل قطيفة؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال، وأنت تصنع بنفسك ما تصنع؛ فقال: والله، ما أرزأكم من مالكم شيئاً، وإنها لقطيفتي التي خرجت بها من منزلي ـ أو قال: من المدينة ـ. حلية الأولياء(1/ 82)

عن أبي بكر بن المنكدر قال: بعث حبيب بن مسلمة ـ وهو أمير الشام ـ إلى أبي ذر بثلاثمائة دينار، وقال: استعن بها على حاجتك؛ فقال أبو ذر: ارجع بها إليه، أما وجد أحدا أغر بالله منا؛ مالنا إلا ظل نتوارى به، وثلة من غنم تروح علينا، ومولاة لنا تصدقت علينا بخدمتها؛ ثم إني لأتخوف الفضل. حلية الأولياء(1/ 161)

عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قيل له: ألا تتخذ ضيعة، كما اتخذ فلان وفلان؛ قال: وما أصنع بأن أكون أميراً؟ وإنما يكفيني كل يوم: شربة ماء أو لبن، وفي الجمعة قفيز من قمح. حلية الأولياء(1/ 162)

عن الحسن - البصري - قال: والله، لقد أدركت أقواماً، ما طوى لأحدهم في بيته ثوب قط، ولا أمر في أهله بصنعة طعام قط، وما جعل بينه وبين الأرض شيئاً قط؛ وإن كان أحدهم ليقول: لوددت أني أكلت أكلة في جوفي مثل الآجرة؛ قال: ويقول: بلغنا أن الآجرة تبقى في الماء ثلاثمائة سنة، ولقد أدركت أقواماً: إن كان أحدهم ليرث المال العظيم، قال: وإنه والله لمجهود شديد الجهد؛ قال: فيقول لأخيه: يا أخي، إني قد علمت أن ذا ميراث، وهو حلال؛ ولكني أخاف أن يفسد علي قلبي وعملي، فهو لك لا حاجة لي فيه؛ قال: فلا يرزأ منه شيء أبداً، وإنه مجهود، شديد الجهد. حلية الأولياء(2/ 146)

عن مالك بن دينار قال: من دخل بيتي، فأخذ شيئاً، فهو له حالان؛ أما أنا، فلا أحتاج إلى قفل، ولا إلى مفتاح؛ وكان يأخذ الحصاة من حلال المسجد، فيقول: لوددت أن هذه أجزأتني في الدنيا ما عشت ـ لا أزيد على مصها ـ من الطعام والشراب؛ وكان يقول: لو صلح لي، أن أعمد إلى برذ لي، فأقطعه باثنين، فأتزر بقطعة، وارتد بقطعة، لفعلت. حلية الأولياء(2/ 367)

عن خالد بن حدير الأسلمي، أنه دخل على أبي الدرداء، وتحته فراش من جلد أو صوف، وعليه كساء صوف، وسبتية صوف، وهو وجع، وقد عرق؛ فقال: لو شئت، كسيت فراشك بورق، وكساء مرعزي، مما يبعث به أمير المؤمنين؛ قال: إن لنا دارا، وإنا لنظعن إليها ولها نعمل. حلية الأولياء(1/ 222)

عن الحسن قال: كان عطاء سلمان - رضي الله عنه -: خمسة آلاف درهم، وكان أميراً على زهاء ثلاثين ألفاً من المسلمين؛ وكان يخطب الناس في عباءة، يفترش بعضها، ويلبس بعضها، وإذا خرج عطاؤه أمضاه؛ ويأكل من سفيف يده. حلية الأولياء(1/ 197 - 198)

عن شرحبيل بن مسلم: أن عثمان - رضي الله عنه - كان يطعم الناس طعام الإمارة، ويدخل بيته، فيأكل الخل والزيت. حلية الأولياء(1/ 60)

عن محمد بن كعب قال: سمعت علياً - رضي الله عنه - يقول: رأيتني أربط الحجر على بطني من شدة الجوع، على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وإن صدقتي اليوم لأربعون ألف دينار. حلية الأولياء(1/ 85 - 86)

عن الأعمش قال: بلغني، أن حذيفة - رضي الله عنه - يقول: ليس خيركم الذين يتركون الدنيا للآخرة، ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا؛ ولكن: الذين يتناولون من كل. حلية الأولياء(1/ 278)

عن عبد الملك بن شداد بن الهاد قال: رأيت عثمان بن عفان يوم الجمعة على المنبر، عليه إزار عدني غليظ، ثمنه أربعة دراهم، أو خمسة دراهم؛ وريطة كوفية ممشقة. حلية الأولياء(1/ 60)

عن أبي سعيد ـ وكان رضيعاً لعائشة ـ قال: دخلت على عائشة رضي الله تعالى عنها، وهي تخيط نقبة لها؛ قلت: يا أم المؤمنين، أليس قد أوسع الله عز وجل؟ قالت: لا جديد لمن لا خلق له. حلية الأولياء(2/ 48)

عن الحجاج بن أبي عيينة قال: كان جابر بن زيد يأتينا في مصلانا؛ فأتانا ذات يوم، عليه نعلان خلقان؛ فقال: مضى من عمري ستون سنة، نعلاي هاتان أحب إلي مما مضى، إلا يك خيراً قدمته. حلية الأولياء(3/ 88)

عن سلام بن مسكين قال: دخلت على مالك بن دينار في مرضه الذي مات فيه، فإذا البيت فيه سرير أثل، مرمول بالشريط، وعليه قطعة بورى؛ وإذا تحت رأسه قطعة كساء، وإذا ركوة وصاغرة؛ فرفع رأسه، فأخرج من تحت رأسه رغيفين يابسين، فقعد يكسر ذلك الرغيفين في الماء، حتى إذا ظن أن الخبز قد ابتل، قال: ناولني الدوخلة، فإذا دوخلة معلقة يابسة، فوضعتها، فأخرج منها صرة فيها ملح؛ وقال لي: أدن؛ فقلت: يا أبا يحيى، لا أشتهي؛ قال: فقال: هيهات هيهات، أنت ممن غذى في الماء العذب، فلا تصير في الماء المالح. حلية الأولياء(2/ 369 - 370)

عن معاوية بن عبد الكريم قال: ذكروا عند الحسن الزهد؛ فقال بعضهم: اللباس، وقال بعضهم: المطعم، وقال بعضهم: كذا؛ وقال الحسن: لستم في شيء، الزاهد: إذا رأى أحداً، قال: هو أفضل مني. حلية الأولياء(6/ 314)

عن شقيق بن إبراهيم البلخي قال: عشرة أبواب من الزهد، يسمى الرجل فيها زاهداً إذا فعلها، فإذا خالفها، سمي متزهداً، والمتزهد: الذي يتشبه بالزهاد في رؤيته، وسمعته، وخشوعه، وقوله، ومدخله، ومخرجه، ومطعمه، وملبسه، ومركبه، وفعله، وحرصه؛ وحب الدنيا يشهد عليه بخلافه، ترى رضاه رضا الراغبين، وبساطه في كلامه وعجلته بساط الراغبين، وحسده، وبغيه، وتطاوله، وكبره، وفخره، وسوء خلقه، وجفا لسانه، وطول خوضه فيما لا يعنيه؛ يدل على نفاق المتزهد، لا على خشوع الزاهد؛ فاحذر من هذه الصفة، وإذا وجدت فيمن يزعم أنه زاهد: هذه الخصال التي أصفها لك، فارج له أن يكون في بعض طريق الزهاد
إذا أسرته حسنة، وساءته سيئة، وكره أن يحمد بما لم يفعل من البر؛ فأما إذا لم يفعل، يكرهه كما يكره لحم الخنزير والميتة والدم. وإذا عرف هذه الخصال، صرف فيها نهاره وساعاته، وليلته وساعاتها، نقص أمله، وطال غمه بما أمامه. فإذا شغل نفسه بغير ما خلق له، طال حزنه، وعلم أنه مفتون، وترك من شغله عن الطاعة في تلك الساعة؛ فبهذا يجدون حلاوة الزهد، وبه يحترزون من حزب الشيطان. وإن ذكر الله عندهم: أحلى من العسل، وأبرد من البرد، وأشفى من الماء العذب الصافي عند العطشان في اليوم الصائف. وتكون مجالستهم مع من يصف لهم الزهاد ويعظهم، أحب إليهم، وأشهى عندهم: ممن يعطيهم الدنانير، والدراهم، عند الحاجة؛ وذلك بقلوبهم، لا بألسنتهم. وأن يخلو أحدهم بالبكاء على ذنوبه. وعلى الخوف الشديد: أن لا يقبل منه ما يعمل. ويظهر للناس من التبسم والنشاط، كأنه ذو رغبة، لا ذو رهبة. وأن لا يحدث نفسه: أنه خير من أحد من أهل قبلته. وأن يعرف ذنوبه، ولا يعرف ذنوب غيره. فإذا كانت فيه هذه الأبواب العشرة، كان في طريق الزهاد؛ فأرجو أن يسلكه إن شاء الله؛ وسبعة أبواب تتلو هذه الآبواب: التواضع لله بالقلب، لا بالتصنع. والخضوع للحق طوعاً، لا بالإضطرار. وحسن المعاشرة مع من ابتلي بمعاشرتهم، لا لرغبة فيما عندهم. والهرب من المنكبين على الدنيا، كهرب الحمار من البيطار؛ والنفور عنها، كنفور الحمار من زئير السبع. وطلب العافية من كل ما يخاف عقابه، ولا يرجو ثوابه. ومجالسة البكائين على الذنوب، والرحمة لنفسه ولأنفسهم. ومخاطبة العالمين بظاهره، لا بقلبه. ولا يتخوف من الكائن بعد الموت، والأهوال، والشدائد. فاذا فعل ذلك: سلك طريق الزهاد، ونال أفضل العبادة. حلية الأولياء(8/ 66 - 67)


عن كعب الأحبار قال: المؤمن الزاهد، والمملوك الصالح: آمنان من الحساب، وطوبى لهم، كيف يحفظهم الله في ديارهم؛ إن الله أذا أحب عبده المؤمن: زوى عنه الدنيا، ليرفعه درجات في الجنة؛ وإذا أبغض عبده الكافر: بسط له في الدنيا، حتى يسفله دركات في النار؛ قال كعب: ويقول الله لعباده الصابرين الراضين بالفقر: أبشروا، ولا تحزنوا، فإن الدنيا لو وزنت عند الله جناح بعوضة مما لكم عندي، ما أعطيتهم منها شيئاً. وقال كعب إذا اشتكى إلى الله عباده الفقراء الحاجة، قيل لهم: أبشروا، ولا تحزنوا، فإنكم سادة الأغنياء، والسابقون إلى الجنة يوم القيامة. حلية الأولياء(5/ 364 - 365)

عن الحسن - بن أبي الحسن - قال: والله، لقد أدركت أقواماً، ما طوى لأحدهم في بيته ثوب قط، وما أمر في أهله بصنعة طعام قط، وما جعل بينه وبين الأرض فراشاً قط؛ وإن كان أحدهم ليقول: لوددت أني أكلت أكلة، تصير في جوفي مثل الآجرة. قال: ويقول: بلغنا أن الآجرة تبقى في الماء ثلاثمائة سنة. حلية الأولياء(6/ 269)

عن حفص بن عمر الجعفي قال: كان داود الطائي، قد ورث عن أمه أربعمائة درهم؛ فمكث يتقوتها ثلاثين عاماً، فلما نفدت، جعل ينقض سقوف الدويرة فيبيعها، حتى باع الخشب، والبواري، واللبن؛ حتى بقي في نصف سقف؛ وكان حائط داره من هذا اللبن العرزمي، الذي يجعل منه الكناسات؛ وباب خلاف، مربوع، قصير، لو أن غلاما وثب، سقط إلى الدار؛ وجاء صديق له، فقال: يا أبا سليمان، لو أعطيتني هذه، فبعتها لك، لعلنا نستفضل لك فيها شيئاً تنتفع به؛ فما زال به، حتى دفعها إليه؛ ثم فكر فيها، فلقيه بعد العشاء الآخرة؛ فقال: ارددها علي، قال: ولم يا أخي؟ قال: أخاف أن يدخل فيها شيء غير طيب؛ فأخذها. حلية الأولياء(7/ 346)

عن جعفر قال: كنا نأتي فرقداً السبخي، ونحن شببة، فيعلمنا؛ فيقول: إن من ورائكم زمانا شديداً، شدوا الازار على أنصاف البطون، وصغروا اللقم، وشدوا المضغ، ومصوا الماء؛ فإذا أكل أحدكم، فلا يحلن من إزاره، فتتسع أمعاؤه؛ وإذا جلس ليأكل، فليقعد على إلييه، وليلزق فخذيه ببطنه؛ وإذا فرغ، فلا يقعد، وليجيء، وليذهب؛ واحتفوا، فإن من ورائكم زماناً شديداً. قال: ودخلت على فرقد، وهو شيخ كبير، وبين يديه خل حامض، وهو يقول باللقمة في جوفه، ثم يأكل؛ فقلت: لم تفعل هذا يا أبا يعقوب؟ قال: ليقطع عني النكاح. حلية الأولياء(6/ 289)

قال وهب بن منبه: أعون الأخلاق على الدين: الزهادة في الدنيا؛ وأسرعها ردءا: اتباع الهوى؛ ومن اتباع الهوى: حب المال والشرف؛ ومن حب المال والشرف: تنتهك المحارم؛ ومن انتهاك المحارم: يغضب الله عز وجل؛ وغضب الله ليس له دواء. حلية الأولياء(4/ 41)

قال شقيق البلخي: والزاهد والراغب: كرجلين، يريد أحدهما المشرق، والآخر يريد المغرب، هل يتفقان على أمر واحد، وبغيتهما مخالفة، هواهما شتى؟ دعاء الرغب: اللهم، ارزقني مالا، وولدا، وخيرا، وانصرني على أعدائي، وادفع عني شرورهم، وحسدهم، وبغيهم، وبلاءهم، وفنتهم؛ آمين. ودعاء الزاهد: اللهم، ارزقني علم الخائفين، وخوف العاملين، ويقين المتوكلين، وتوكل الموقنين، وشكر الصابرين، وصبر الشاكرين، وإخبات المغلبين، وإنابة المخبتين، وزهد الصادقين، وألحقني بالشهداء، والأحياء المرزوقين؛ آمين رب العالمين. هذا دعاؤه، هل من شيء من دعاء الراغب يحيط به؟ لا والله، هذا طريق، وذاك طريق. حلية الأولياء(8/ 70)

قال إبراهيم بن أدهم: الزاهد: يكتفي من الأحاديث، والقال والقيل، وما كان وما يكون، بقول الله تعالى: {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ. لِيَوْمِ الْفَصْلِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات:12ـ15]. يوم يقال: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:14]. حلية الأولياء(8/ 70)

قال إبراهيم بن أدهم: أقرب الزهاد من الله عز وجل: أشدهم خوفاً؛ وأحب الزهاد إلى الله: أحسنهم له عملاً، وأفضل الزهاد عند الله: أعظمهم فيما عنده رغبة، وأكرم الزهاد عليه: أتقاهم له، وأتم الزهاد زهداً: أسخاهم نفساً، وأسلمهم صدرا، وأكمل الزهاد زهداً: أكثرهم يقيناً. حلية الأولياء(8/ 70)

عن أبي تراب الزاهد قال: جاء رجل إلى حاتم الأصم، فقال: يا أبا عبد الرحمن، أي شيء رأس الزهد، ووسط الزهد، وآخر الزهد؟ فقال: رأس الزهد: الثقة بالله، ووسطه: الصبر، وآخره: الإخلاص.
قال حاتم: وأنا أدعو الناس إلى ثلاثة أشياء: إلى المعرفة، وإلى الثقة، وإلى التوكل. فأما معرفة القضاء: فأن تعلم: أن القضاء عدل منه، فإذا علمت أن ذلك عدل منه، فإنه لا ينبغي لك أن تشكو إلى الناس، أو تهتم، أو تسخط، ولكنه ينبغي لك: أن ترضى، وتصبر. وأما الثقة: فالأياس من المخلوقين، وعلامة الأياس: أن ترفع القضاء من المخلوقين، فإذا رفعت القضاء منهم، استرحت منهم، واستراحوا منك؛ وإذا لم ترفع القضاء منهم، فإنه لا بد لك أن تتزين لهم، وتتصنع لهم؛ فإذا فعلت ذلك، فقد وقعت في أمر عظيم، وقد وقعوا في أمر عظيم وتصنع؛ فإذا وضعت عليهم الموت، فقد رحمتهم، وأيست منهم. وأما التوكل: فطمأنية القلب بموعود الله تعالى؛ فإذا كنت مطمئناً بالموعود: استغنيت غنى لا تفتقر أبداً. قال حاتم: والزهد: اسم، والزاهد: الرجل؛ وللزهد ثلاث شرايع، أولها: الصبر بالمعرفة؛ والاستقامة على التوكل؛ والرضا بالعطاء. فأما تفسير الصبر بالمعرفة: فإذا أنزلت الشدة، أن تعلم بقلبك: أن الله عز وجل يراك على حالك، وتصبر، وتحتسب، وتعرف ثواب ذلك الصبر. ومعرفة ثواب الصبر: أن تكون مستوطن النفس في ذلك الصبر، وتعلم أن لكل شيء وقتاً؛ والوقت على وجهين: إما أن يجيء الفرج، وإما أن يجيء الموت؛ فإذا كان هذان الشيئان عندك، فأنت حينئذ: عارف صابر. وأما الاستقامة على التوكل: فالتوكل: إقرار باللسان، وتصديق بالقلب؛ فإذا كان مقراً مصدقاً أنه رازق لا شك فيه، فإنه يستقيم، والاستقامة على معنيين: أن تعلم أن شيئاً لك، وشيئاً لغيرك، وأن كل شيء لك لا يفوتك، والذي لغيرك لا تناله، ولو احتلت بكل حيلة؛ فإذا كان ما لك لا يفوتك، فينبغي لك أن تكون واثقاً ساكناً؛ فإذا علمت أنك: لا تنال ما لغيرك، فينبغي لك أن لا تطمع فيه. وعلامة صدق هذين الشيئين: أن تكون مشتغلاً بالمعروض. وأما الرضا بالعطاء: فالعطاء ينزل على وجهين: عطاء تهوى أنت، فيجب عليك الشكر، والحمد؛ وأما العطاء الذي لا تهوى: فيجب عليك: أن ترضى، وتصبر. حلية الأولياء(8/ 75 - 76)


عن يوسف بن الحسن قال: أتى رجل من أهل البصرة ذا النون، فسأله: متى تصح لي عزلة الخلق؟ قال: إذا قويت على عزلة نفسك؛ قال: فمتى يصح طلبي للزهد؟ قال: إذا كنت زاهداً في نفسك، هارباً من جميع ما يشغلك عن الله، لأن جميع ما شغلك عن الله: هي دنيا. قال يوسف: فذكرت ذلك لطاهر القدسي؛ فقال: هذا نزل أخبار المرسلين. حلية الأولياء(9/ 352)

عن عطاء عن عمر بن عبد العزيز: أنه أخر الجمعة يوماً عن وقته الذي كان يصلي فيه؛ فقلنا له: أخرت الجمعة اليوم عن وقتك، قال: إن الغلام ذهب بالثياب يغسلها، فحبس بها؛ فعرفنا أنه ليس له غيرها؛ ثم قال: أما إني قد رأيتني وأنا بالمدينة، وإني لأخاف أن يعجز ما رزقني الله عن كسوتي فقط؛ ثم قال يتمثل:
قضى ما قضى فيما مضى ثم لم تكن له عودة أخرى الليالي الغوابر حلية الأولياء(5/ 322)


عن سفيان الثوري قال: الزهد في الدنيا: قصر الأمل؛ ليس بأكل الغليظ، ولبس العبا. حلية الأولياء(6/ 386)

عن حماد بن زيد قال: كان أيوب السختياني يقول: ليتق الله عز وجل رجل، وإن زهد، فلا يجعلن زهده عذاباً على الناس؛ فلأن يخفي الرجل زهده، خير من أن يعلنه. وكان أيوب ممن يخفي زهده؛ فدخلنا عليه مرة، فإذا على فراشه محبس أحمر، فرفعته، أو رفعه بعض أصحابنا؛ فإذا خصفة محشوة بليف. حلية الأولياء(3/ 6)

عن أبي سليمان الداراني قال: يلبس أحدهم عباءة قيمتها ثلاثة دراهم ونصف، وشهوته في قلبه خمسة دراهم؛ أفما يستحي أن تجاوز شهوته لباسه. قال أبو سليمان: وإذا لم يبق في قلبه من الشهوات شيء، جاز له أن يتدرع عباءة، ويلزم الطريق؛ لأن العباءة علم من أعلام الزهد، ولو أنه ستر زهده بثوبين أبيضين بخلطة الناس، كان أسلم له. حلية الأولياء(9/ 260)

عن محمد بن معبد: أن عمر بن عبد العزيز أرسل بأسارى من أسارى الروم، ففادى بهم أسارى من أسارى المسلمين؛ قال: فكنت إذا دخلت على ملك الروم، فدخلت عليه عظماء الروم، خرجت؛ قال: فدخلت يوماً، فإذا هو جالس في الأرض، مكتئباً، حزيناً؛ فقلت: ما شأن الملك؟ قال: وما تدري ما حدث؟ قلت: وما حدث؟ قال: مات الرجل الصالح؛ قلت: من؟ قال: عمر بن عبد العزيز؛ قال: ثم قال ملك الروم: لأحسب أنه، لو كان أحد يحيي الموتى بعد عيسى بن مريم عليه السلام، لأحياهم عمر بن عبد العزيز؛ ثم قال: لست أعجب من الراهب: أغلق بابه، ورفض الدنيا، وترهب، وتعبد؛ ولكن أتعجب: ممن كانت الدنيا تحت قدميه، فرفضها، ثم ذهب. حلية الأولياء(5/ 290 - 291)

عن أحمد بن أبي الحواري قال: قلت لسفيان - بن عيينة -: يا أبا محمد، أي شئ الزهد في الدنيا؟ قال: من إذا أنعم الله عليه نعمة، فشكرها؛ وابتلي ببلية، فصبر؛ فذلك الزاهد. حلية الأولياء(7/ 273)

عن سفيان الثوري قال: إذا زهد العبد في الدنيا: أنبت الله الحكمة في قلبه، وأطلق بها لسانه وبصره: عيوب الدنيا، وداءها، ودواءها. حلية الأولياء(6/ 389)

غزا إبراهيم - بن إدهم - في البحر، فأتى بثلاثة دنانير ـ سهمه ـ؛ فقال للرسول: ضعها على هذا الحصير، فوضعها؛ ثم قال لي: خذ هذه الدنانير، فاذهب بها إلى أبي محمد الخياط، فقل له: إني سمعتك تذكر أن عليك ديناً، فاقض بها دينك؛ قال: فأتيته بها، فقلت: إن إبراهيم أرسلني بها إليك، لتقضي بها دينك؛ فقال: ردها إليه، فإني قد رحمته من القمل الذي قد أكله في ثيابه، آخذ دنانير ليس تبقى علي؛ قال: فجئت بها، فقلت: إنه أبى أن يقبلها، قال: فقال: ضعها على الحصير؛ فقال شيخ من رفقاء إبراهيم: فأنا يا أبا إسحاق لي عيال ـ أو قال: أحتاج إليها ـ؛ قال: دونكها هناك، قال: فأخذها الشيخ. حلية الأولياء(7/ 386)

عن سفيان الثوري قال: عليك بالزهد، يبصرك الله عورات الدنيا؛ وعليك بالورع، يخفف الله عنك حسابك؛ ودع ما يريبك إلى مالا يريبك، وادفع الشك باليقين: يسلم لك دينك. حلية الأولياء(7/ 20)

عن الحسن - بن أبي الحسن - قال: والله، لقد أدركنا أقواماً، وصحبنا طوائف: إن كان الرجل منهم ليمسي، وعنده من الطعام ما يكفيه، ولو شاء لأكله؛ فيقول: والله، لا أجعل هذا كله في بطني، حتى أجعل بعضه لله، فيتصدق ببعضه؛ والله، لقد أدركنا أقوماً، وصحبنا طوائف: ما كانوا يبالون: أشرقت الدنيا، أم غربت؛ والله الذي لا إله غيره، لهي أهون عليهم من التراب الذي يمشون عليه. حلية الأولياء(6/ 271)

عن الربيع بن خيثم، أنه لبس قميصاً سنبلانياً، أراه ثمن ثلاثة دراهم، أو أربعة؛ فإذا به كمه بلغ أظفاره، وإذا أرسله، بلغ ساعده، وإذا رأى بياض القميص؛ قال: أي عبيد، تواضع لربك؛ ثم يقول: أي لحيمة، أي دمية، كيف تصنعان إذا سيرت الجبال، ودكت الأرض دكا دكا، وجاء ربك والملك صفا صفا، وجئ يومئذ بجهنم؟ حلية الأولياء(2/ 113)

قال سلام- بن أبي مطيع -: الزاهد على ثلاثة وجوه: واحد: أن تخلص العمل لله، والقول، ولا يراد بشيء منه الدنيا؛ والثاني: ترك مالا يصلح، والعمل بما يصلح؛ والثالث: الحلال، وهو أن يزهد فيه وهو تطوع، وهو أدناها. حلية الأولياء(6/ 188)

عن سعيد بن عبد العزيز: أن أبا عبد رب خرج من عشرة آلاف ديناراً ـ أو من: مائة ألف ـ؛ فكان يقول: لو سالت برداً أمثال الذهب، ما كنت بأول الناس يقوم إليها؛ ولو قيل: إن الموت في هذا العود، ما سبقني إليه أحد، إلا بفضل قوة. حلية الأولياء(5/ 160)

عن شقيق بن إبراهيم البلخي قال: سبعة أبواب يسلك بها طريق الزهاد: الصبر على الجوع: بالسرور، لا بالفتور، بالرضا، لا بالجزع؛ والصبر على العرى: بالفرح، لا بالحزن؛ والصبر على طول الصيام: بالتفضل، لا بالتعسف، كأنه طاعم ناعم؛ والصبر على الذل: بطيب نفسه، لا بالتكره؛ والصبر على البؤس: بالرضا، لا بالسخط، وطول الفكرة فيما يودع بطنه من المطعم والمشرب، ويكسو به ظهره: من أين، وكيف، ولعل، وعسى؛ فإذا كان في هذه الأبواب السبعة: فقد سلك صدراً من طريق الزهاد، وذلك الفضل العظيم. حلية الأولياء(8/ 60)

عن شقيق بن إبراهيم قال: ثلاث خصال هي تاج الزاهد: الأولى: أن يميل على الهوى، ولا يميل مع الهوى؛ والثانية: ينقطع الزاهد إلى الزهد بقلبه؛ والثالثة: أن يذكر كلما خلا بنفسه: كيف مدخله في قبره؟ وكيف مخرجه؟ ويذكر الجوع، والعطش، والعرى، وطول القيامة، والحساب، والصراط، وطول الحساب، والفضيحة البادية؛ فإذا ذكر ذلك، شغله عن ذكر دار الغرور؛ فإذا كان ذلك: كان من محبي الزهاد، ومن أحبهم، كان معهم. حلية الأولياء(8/ 62)

سئل سفيان بن عيينة عن الزهد، ما هو؟ قال: الزهد فيما حرم الله، فأما ما أحل الله: فقد أباحكه الله، فإن النبيين قد نكحوا، وركبوا، وأكلوا؛ ولكن الله نهاهم عن شئ، فانتهوا عنه، وكانوا به زهاداً. حلية الأولياء(7/ 297)

عن أيوب السختياني قال: الزهد في الدنيا ثلاثة أشياء: أحبها إلى الله، وأعلاها عند الله، وأعظمها ثواباً عند الله تعالى: الزهد في عبادة من عبد دون الله، من كل ملك، وصنم، وحجر، ووثن؛ ثم الزهد فيما حرم الله تعالى: من الأخذ، والعطاء؛ ثم يقبل علينا، فيقول: زهدكم هذا ـ يا معشر القراء ـ فهو والله، أخسه عند الله: الزهد في حلال الله عز وجل. حلية الأولياء(3/ 7)

عن أبي سليمان الداراني قال: اختلفوا علينا في الزهد بالعراق، فمنهم من قال: الزهد في ترك لقاء الناس، ومنهم من قال: في ترك الشهوات، ومنهم من قال: في ترك الشبع؛ وكلامهم قريب بعضه من بعض؛ وأنا أذهب، إلى أن الزهد: في ترك ما يشغلك عن الله. حلية الأولياء(9/ 258)

قيل للفضيل بن عياض: ما الزهد في الدنيا؟ قال: القنع، وهو الغنى؛ وقيل: ما الورع؟ قال: اجتناب المحارم؛ وسئل: ما العبادة؟ قال: أداء الفرائض؛ وسئل عن التواضع؟ قال: أن تخضع للحق؛ وقال: أشد الورع: في اللسان، وقال: التعبير كله باللسان، لا بالعمل؛ وقال: جعل الخير كله في بيت، وجعل مفتاحه: الزهد في الدنيا؛ وقال: قال الله عز وجل: إذا عصاني من يعرفني، سلطت عليه من لا يعرفني. حلية الأولياء(8/ 91)

عن حاتم الأصم، أنه قال: من دخل في مذهبنا هذا، فليجعل في نفسه أربع خصال من الموت: موتاً أبيض، وموتاً أسود، وموتاً أحمر، وموتاً أخضر؛ فالموت الأبيض: الجوع؛ والموت الأسود: احتمال أذى الناس؛ والموت الأحمر: مخالفة النفس؛ والموت الأخضر: طرح الرقاع بعضها على بعض. حلية الأولياء(8/ 78)

عن جعفر قال: سمعت مالكاً - بن دينار - يقول: والله، لقد أصبحت ما أملك ديناراً، ولا درهما، ولا دانقا؛ ولئن لم يكن لي عند الله خير، ما كانت لي دنيا، ولا آخرة. حلية الأولياء(2/ 367)

عن أبي سليمان الداراني قال: أهل الزهد في الدنيا على طبقتين: منهم من يزهد في الدنيا، فلا يفتح له فيها روح الآخرة؛ ومنهم من إذا زهد في الدنيا، فتح له فيها روح الآخرة؛ فليس شيء أحب إليه من البقاء ليطيع. حلية الأولياء(9/ 247)

عن عبد الله بن المبارك، قال: جاء رجل إلى وهيب، فجعل كأنه يذكر الزهد؛ قال: فأقبل عليه وهيب، فقال: لا تحمل سمة الإسلام على ضيقة صدرك. حلية الأولياء(8/ 154)

عن عمارة بن غزية قال: سمعت رجل سأل ربيعة، فقال: يا أبى عثمان: ما رأس الزهادة؟ قال: جمع الأشياء من حلها، ووضعها في حقها. حلية الأولياء(3/ 259)

قال إبراهيم بن أدهم: الزهد ثلاثة أصناف: فزهد فرض، وزهد فضل، وزهد سلامة؛ فالفرض: الزهد في الحرام، والفضل: الزهد في الحلال، والسلامة: الزهد في الشبهات. حلية الأولياء(8/ 26)

قالت حفصة بنت عمر لعمر - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين، لو لبست ثوباً هو ألين من ثوبك، وأكلت طعاماً هو أطيب من طعامك؛ فقد وسع الله عز وجل من الرزق، وأكثر من الخير، فقال: إني سأخصمك إلى نفسك، أما تذكرين ما كان يلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شدة العيش؛ فما زال يذكرها، حتى أبكاها، فقال لها: والله إن قلت ذلك، أما والله لئن استطعت، لأشاركنهما بمثل عيشهما الشديد، لعلي أدرك معهما عيشهما الرخي. حلية الأولياء(1/ 48 - 49)

عن أبي يحيى الزهري قال: قال عبد الله بن عبد العزيز العمري عند موته: نعمة ربي أحدث: أني لم أصبح أملك على الناس إلا سبعة دراهم ملكتها يدي، ونعمة ربي أحدث: لو أن الدنيا أصبحت تحت قدمي، لا يمنعني من أخذها، إلا أن أزيل قدمي ما أزلتها. حلية الأولياء(8/ 283)

عن مسلمة قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز في اليوم الذي مات فيه، وفاطمة بنت عبد الملك جالسة عند رأسه، فلما رأتني تحولت وجلست عند رجليه، وجلست أنا عند رأسه، فإذا عليه قميص وسخ مخرق الجيب، فقلت لها: لو أبدلتم هذا القميص، فسكتت، ثم أعدت القول عليها مراراً، حتى غلظت، فقالت: والله ما له قميص غيره. حلية الأولياء(5/ 258)

عن أحمد بن بكار قال: غزا معنا إبراهيم بن أدهم غزاتين، كل واحدة أشد من الأخرى: غزاة عباس الأنطاكي، وغزاة محكاف، فلم يأخذ سهماً، ولا نفلاً؛ وكان لا يأكل من متاع الروم، نجيء بالطرائف، والعسل، والدجاج، فلا يأكل منه؛ ويقول: هو حلال، ولكني أزهد فيه؛ كان يأكل مما حمل معه، وكان يصوم. قال: وغزا على برذون ثمنه دينار، وكان له حمار، فعارض به ذلك البرذون؛ وكان: لو أعطيته فرساً من ذهب أو من فضة، ما كان قبله، ولا يقبل شربة من ماء؛ وغزا في البحر غزاتين، لم يأخذ سهمه، ولا يفترض. حلية الأولياء(7/ 388)

عن زمعة بن صالح قال: كتب بعض بني أمية إلى أبي حازم، يعزم عليه إلا رفع حوائجه إليه؛ فكتب إليه: أما بعد: جاءني كتابك، تعزم علي إلا رفعت إليك حوائجي؛ وهيهات، رفعت حوائجي إلى من لا يختزم الحوائج، وهو ربي عز وجل؛ وما أعطاني منها قبلت، وما أمسك عني قنعت. حلية الأولياء(3/ 237)

عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ما شبعت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من طعام، إلا وشئت أن أبكي لبكيت؛ ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى قبض. حلية الأولياء(2/ 46)

عن أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: لا للرضى حد، ولا للورع حد، ولا للزهد حد؛ وما أعرف إلا طرفاً من كل شيء؛ قال أسد: حدثت به سليمان، فقال: من رضي بكل شيء، فقد بلغ حد الرضى؛ ومن تورع في كل شيء، فقد بلغ حد الورع؛ ومن زهد في كل شيء، فقد بلغ حد الزهد. حلية الأولياء(9/ 258)

عن ميمون بن مهران قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: حدثني يا ميمون؛ قال: فحدثته حديثاً بكى منه بكاء شديداً؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، لو علمت أنك تبكي هذا البكاء، لحدثتك حديثاً ألين من هذا؛ فقال: يا ميمون، إنا نأكل هذه الشجرة العدس، وهي ـ ما علمت ـ مرقة للقلب، مغزرة للدمعة، مذلة للجسد. حلية الأولياء(5/ 271ـ272)

ابو بكر
10-03-2017, 07:37 AM
مشكور وجزاكم الله كل خير

الفرغل ابو الرجال
14-03-2017, 12:32 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير

خالد الطيب
15-03-2017, 09:21 PM
بارك الله فيكم