المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان ضرورة الشيخ المربي



خالد الطيب
29-03-2017, 09:19 PM
بيان ضرورة الشيخ المربي


يقول الله تعالى }مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا{" "الكهف"، ويقول أيضا }وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} "لقمان" . وعلى ذلك فقد تبين لنا مما سلف ضرورة البحث عن شيخ مرشد يصحبه المرء مستعينا بعد الله به في علاج آفاته القلبية يدله على الله وعلى طاعته، ويذعن لنصحه وتوجيهه.

قال الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى: (الدخول مع الصوفية فرض عين، إذ لا يخلو أحد من عيب أو مرض إلا الأنبياء عليهم السلام)

وقال أيضاً: (مما يجب في حق سالكِ طريق الحق أن يكون له مرشد ومرب ليدله على الطريق، ويرفع عنه الأخلاق المذمومة، ويضع مكانهاا الأخلاق المحمودة، ومعنى التربية أن يكون المربي كالزارع الذي يربي الزرع، فكلما رأى حجراً أو نباتاً مضراً بالزرع قلعه وطرحه خارجاً، ويسقي الزرع مراراً إلى أن ينمو ويتربى، ليكون أحسن من غيره ؛ وإذا علمت أن الزرع محتاج للمربي، علمت أنه لا بد للسالك من مرشد البتة، لأن الله تعالى أرسل الرسل عليهم الصلاة والسلام للخلق ليكونو ا دليلا لهم، ويرشدوهم إلى الطريق المستقيم ؛ وقبل انتقال المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى الدار الآخرة قد جعل الخلفاء الراشدين نواباً عنه ليدلوا الخلق إلى طريق الله ؛ وهكذا إلى يوم القيامة، فالسالك لا يستغني عن المرشد البتة)
و يقول أيضا ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه: (وينبغي لمن عزم على الاسترشاد، وسلوك طريق الرشاد، أن يبحث عن شيخ من أهل التحقيق، سالك للطريق، تارك لهواه، راسخ القدم في خدمة مولاه فإذا وجده فليمتثل ما أمر، ولينتهِ عما نهى عنه وزجر) [مفتاح الفلاح" ص ٣٠ [

يقول الإمام الشعراني بعد أن بين أن من سلك من غير شيخ تاه: "من قال إن طريق القوم يوصَل إليه بالفهم من غير شيخ يسير بالطالب فيها، لما احتاج مثل حجة الإسلام الإمام الغزالي والشيخ عز الدين بن عبد السلام أخْذَ أدبهما عن الشيخ، مع أنهما كانا يقولان قبل دخولهما طريق القوم (كل من قال: إن ثم طريقةً للعلم غير ما بأيدينا فقد افترى على الله عز وجل) فلما دخلا طريق القوم كانا يقولان: قد ضيعنا عمرنا في البطالة والحجاب واثبتا طريق القوم ومدحاها".

وكان سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام يقول بعد ذلك: "ما عرفت الإسلام الكامل إلا بعد اجتماعي على الشيخ أبي الحسن الشاذلي رحمه الله" ثم يتابع الإمام الشعراني قائلا: "فإذا كان هذان الشيخان قد احتاجا إلى الشيخ مع سعة علمهما بالشريعة فغيرهما من أمثالنا من باب أولى".

إذن فلا بد للمرء أن يسعى لاتخاذ مرشد، قد ورث الإرشاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخاً بعد شيخ، يسمى وارثاً محمدياً أو شيخاً مرشداً، يصله برسول الله صلى الله عليه وسلم صلة روحية، من خلال سند واضح صحيح، لا يقل في أهميته عن سند الحديث النبوي. يأتمر بأمره ويسير معه ويتعلم منه ويأخذ عنه أمور دينه ودنياه، ويعرفه طريق الوصول إلى معرفة الله عز وجل، ويعرفه أحكام دينه، ويعرفه آفات نفسه ومعالجتها، ويحذره من مداخل الشيطان على قلبه. فلرسول الله وُرَّاثٌ ورثوا عنه بعض الوظائف التي اختص بها. فمنهم من ورث عنه علوم الفقه، ومنهم من ورث عنه علوم التلاوة، ومنهم من ورث عنه علوم السير وغيرها من العلوم، وقد ورث عنه أشياخنا رجالُ السند علومَ الشريعة والطريقة والحقيقة، إضافة إلى مناهج تزكية الأنفس وإصلاح القلوب، وقد عُرف عن ساداتنا أهل البيت الأطهار عبر السنين ميراثهم لهذه العلوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

و السلوك يكون على يد شيخ حيّ عارفٍ بالله، صادق ناصح، له علم صحيح، وذوق صريح، وهمة عالية، وحالة مرضية، سلك الطريق على يد المرشدين، وأخذ أدبه عن المتأدبين، عارف بالمسالك، ليقيك في طريقك المهالك ويدلك على الجمع على الله، ويعلمك الفرار من سوى الله، ويسايرك في طريقك حتى تصل إلى الله، يوقفك على إساءة نفسك، ويعرفك بإحسان الله إليك، فإذا عرفته أحببته،

وإذا أحببته جاهدت فيه، وإذا جاهدت فيه هداك لطريقه، واصطفاك لحضرته، قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا َلنهدِينهم سبلَنا} ..

وقال سيدي ميارة عند قول ابن عاشر:

يصحب شيخا عارف المسالك
يقيه في طريقه المهالك
يذكره الله إذا رآه
ويوصل العبد إلى مولاه

أما صحبة الشيخ العارف بالمسالك، أي بالطرق الموصلة إلى الله تعالى، الذي يقي صاحبه المهالك، ويذكره الله إذا رآه ويوصله إلى مولاه، فقال الشيخ الإمام العارف أبو عبد الله سيدي محمد بن عباد أثناء شرحه لقول السيد العارف ابن عطاء الله : لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين ما نصه: ولا بد للمريد في هذه الطريق من صحبة شيخ محقق مرشد، قد فرغ من تأديب نفسه، وتخلص من هواه، فليسلم نفسه إليه، ويلتزم طاعته والانقياد إليه في كل ما يشير به عليه، من غير ارتياب ولا تأويل ولا تردد، فقد قالوا: من لم يكن له شيخ فالشيطان شيخه.

وقال أبو علي الثقفي رضي الله عنه: لو ان رجلا جمع العلوم كلها، وصاحب طوائف الناس، لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من شيخ أو إمام أو مؤدب ناصح، ومن لم يأخذ أدبه من آمر له او ناه يريه عيوب أعماله، ورعونات نفسه، فلا يجوز الاقتداء به في تصحيح المقامات.
قال المحشي : "نحوه قول أبي الحسن لا يتم لعالم سلوك في طريق القوم ولو ارتفعت درجته في العلم إلا بصحبة شيخ ناصح ، وقول الجنيد: الله سبحانه سن سنة أزلية أن لا يجد السبيل إليه إلا من قيض الله له أستاذا عارفا بالله فبسوقه منها إلى عبوديته ومعارج روحه وقلبه إلى ان قال وهذا معنى قولهم: ما أفلح من أفلح إلا بصحبة من أفلح، وقول بعض المشايخ: من لم تمده المشايخ فهو كالشجر البري لا يطعم إلا طعاما قليلا ضعيفا"
قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره المشهور عند تفسيره سورة الفاتحة: (الباب الثالث في الأسرار العقلية المستنبطة من هذه السورة (الفاتحة) فيه مسائل... اللطيفة الثالثة: قال بعضهم: إنه لما قال: {اهدنا الصراط المستقيمَ} لم يقتصر عليه بل قال: {صراطَ الذينَ أنعمتَ عليهم} [الفاتحة:7 ] وهذا يدل على أن المريد لا سبيل له إلى الوصول إلى مقامات الهداية والمكاشفة إلا إذا اقتدى بشيخ يهديه إلى سواء السبيل، ويجنبه عن مواقع الأغاليط والأضاليل، وذلك لأن النقص غالب على أكثر الخلق، وعقولهم غير وافية بإدراك الحق وتمييز الصواب عن الغلط، فلا بد من كامل يقتدي به الناقص حتى يتقوى عقل ذلك الناقص بنور عقل الكامل، فحينئذ يصل إلى مدارج السعادات ومعارج الكمالات) ["تفسير مفاتيح الغيب" المشتهر بالتفسير الكبير للإمام فخر الدين الرازي ج1/ص142].

قال شيخ الإسلام إبراهيم الباجوري الشافعي عند شرحه كلام الشيخ إبراهيم اللقاني صاحب "جوهرة التوحيد":

وكنْ كما كان خيارُ الخلقِ

حليفَ حِلم تابعاً للحق

(أي كن متصفاً بأخلاقٍ مثل الأخلاق التي كان عليها خيار الخلق... إلى أن قال: وإذا كانت المجاهدة على يد شيخ من العارفين كانت أنفع، لقولهم: حال رجل في ألف رجل أنفع من وعظ ألف رجل في رجل. فينبغي للشخص أن يلزم شيخاً عارفاً على الكتاب والسنة، بأن يزنه قبل الأخذ عنه فإن وجده على الكتاب والسنة لازمه، وتأدب معه، فعساه يكتسب من حاله ما يكون به صفاء باطنه، والله يتولى هداه) ["شرح الجوهرة" للباجوري ص133. والشيخ إبراهيم الباجوري شيخ الأزهر في عصره وهو من العلماء الأعلام ومن المحققين في المذهب الشافعي توفي عام 1277هـ].

قال الطيبي صاحب "حاشية الكشاف": (لا ينبغي للعالم - ولو تَبَحَّر في العلم حتى صار واحدَ أهل زمانه - أن يقتنع بما عَلمه، وإنما الواجب عليه الاجتماع بأهل الطريق ليدلوه على الطريق المستقيم، حتى يكون ممن يحدثهم الحق في سرائرهم من شدة صفاء باطنهم، ويُخَلَّصَ من الأدناس، وأن يجتنب ما شاب علمه من كدورات الهوى وحظوظ نفسه الأمارة بالسوء، حتى يستعد لفيضان العلوم اللدنية على قلبه، والاقتباس من مشكاة أنوار النبوة ؛ ولا يتيسر ذلك عادة إلا على يد شيخ كامل عالم بعلاج أمراض النفوس، وتطهيرها من النجاسات المعنوية، وحكمة معاملاتها علماً وذوقاً، لِيُخرجه من رعونات نفسه الأمَّارة بالسوء ودسائسها الخفية. فقد أجمع أهل الطريق على وجوب اتخاذ الإنسان شيخاً له، يرشده إلى زوال تلك الصفات التي تمنعه من دخول حضرة الله بقلبه، ليصح حضوره وخشوعه في سائر العبادات، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولا شك أن علاج أمراض الباطن واجب، فيجب على كل من غلبت عليه الأمراض أن يطلب شيخاً يُخرِجه من كل ورطة، وإن لم يجد في بلده أو إقليمه وجب عليه السفر إليه) ["تنوير القلوب" للعلامة الشيخ أمين الكردي الشافعي ص44 - 45[

قال ابن القيم رحمه الله: وقد اتفق السالكون على اختلاف طرقهم وتباين سلوكهم على أن النفس قاطعة بين القلب وبين الوصول إلى الرب، وأنه لا يدخل عليه سبحانه ولا يوصل إليه إلا بعد إماتتها والظفر بها

وقال سيدي أبو مدين رضي الله عنه: من لم يأخذ الأدب من المتأدبين أفسد من يتبعه

وقال في لطائف المنن: إنما يكون الاقتداء بولي دلك الله عليه وأطلعك على ما أودعه من الخصوصية لديه فطوى عنك شهود بشريته في وجود خصوصيته، فألقيت إليه القياد، فسلك بك سبيل الرشاد، يعرفك برُعونات نفسك في كمائنها ودفائنها، ويدلك على الجمع على الله، ويعلمك الفرار عما سوى الله، ويسايرك في طريقك حتى تصل إلى أن يوقفك على إساءة نفسك، ويعرفك بإحسان الله إليك، فيفيدك معرفةُ إساءة نفسك الهربَ منها وعدمَ الركون إليها، ويفيدك العلمُ بإحسان اللهِ إليك الإقبالَ عليه والقيام بالشكر إليه، والدوامَ على ممر الساعات بين يديه.

قال: فإن قلت: فأين مَن هذا وصفه، لقد دللتني على أغرب من عنقاء مُغرِب؟

حين يشعر الطالب بحاجته إليه كشعور المريض بحاجته إلى الطبيب، عليه أن يصدق العزم، ويصحح النية، ويتجه إلى الله تعالى بقلب ضارع منكسر، يناديه في جوف الليل، ويدعوه في سجوده وأعقاب صلاته : (اللهم دلَّني على من يدلني عليك، وأوصلني إلى من يوصلني إليك).وعليه أن يبحث ويفتش ويسأل عن المرشد بدقة وانتباه غير ملتفت لما يشيعه بعضهم من فقد المرشد المربي في هذا الزمان
يقول ابن عجيبة: (والناس في إثبات الخصوصية ونفيها على ثلاثة أقسام: قسم أثبتوها للمتقدمين ونفوها عن المتأخرين ؛ وهم أقبح العوام.
وقسم أقروها قديماً وحديثاً، وقالوا: إنهم أخفياء في زمانهم، فحرمهم الله بركتهم.
وقوم أقروا الخصوصية في أهل زمانهم، مع إقرارهم بخصوصية السلف، وعرفوهم، وظفروا بهم، وعظموهم ؛ وهم السعداء الذين أراد الله أن يرحلهم إليه ويقربهم إلى حضرته، وفي الحكم: (سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ؛ ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه). وبهذا يُرَدُّ على من زعم أن شيخ التربية انقطع، فإن قدرة الله تعالى عامة، وملك الله قائم ؛ والأرض لا تخلو ممن يقوم بالحجة حتى يأتي أمر الله) "البحر المديد في تفسير القرآن المجيد" لابن عجيبة ج1/ ص77.

فاعلم أنه لا يعوزك وجدان الدالين، وإنما قد يعوزك وجود الصدق في طلبهم ( جد صدقا تجد مرشدا ) ويجد ذلك في آيتين من كتاب الله تعالى؛ قال سبحانه: { أمن يجيب المضطر إذا دعاه } [النمل: 62] وقال سبحانه: { فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم } [محمد:21] فلو اضطررت إلى من يوصلك إلى الله اضطرار الظمآن إلى الماء والخائفِ إلى الأمن لوجدت ذلك أقربَ إليك من وجود طلبك، ولو اضطررت إلى الله اضطرار الأم لولدها إذا فقدته لوجدت الحق منك قريبا ولك مجيبا، ولوجدت الوصول غيرَ متعذِّر عليك، ولتوجه الحق بتيسير ذلك عليك اهـ وفي كلامه رحمه الله تعالى تنبيه على أن الشيخ من مِنَحِ الله وهداياه للعبد المريد إذا صدق في إرادته، وبذل في مناصحة مولاه جهد استطاعته لا على ما يتوهمه من لا عنده، وعند ذلك يوفقه الله لاستعمال الآداب معه لما أرشده على مرتبته ورفيع درجته.

وقال ابن القيم الجوزي : [ فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر هل هو من أهل الذكر أو من الغافلين وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي ؟ فإذا كان الحاكم عليه هو الهوى وهو من أهل الغفلة كان آمره فُرطاً ... فينبغي للرجل أن ينظر في شيخه وقدوته فأن وَجده كذلك فليُبعِدْ منه وإن وجَدهُ من غلبَ عليه ذكرُ الله تعالى وإتباع السنة فليستمسك بغرزه ]

وقال سيدي أبو مدين رضي الله عنه: الشيخ من شهدت له ذاتك بالتقديم، وسرك بالتعظيم، الشيخ من هذبك بأخلاقه، وأدبك بإطراقه، وأنار باطنه باطنك بإشراقه الشيخ من جمعك في حضوره وحفظك في مغيبه قال في لطائف المنن: ليس شيخك من سمعت منه، وإنما شيخك من أخذت عنه، وليس شيخك من واجهتك عبارته، وإنما شيخك الذي سرت فيك إشارته، وليس شيخك من دعاك إلى الباب، وإنما شيخك الذي رفع بينك وبينه الحجاب، وليس شيخك من واجهك مقاله، إنما شيخك الذي نهض بك حاله.

شيخك هو الذي أخرجك من سجن الهوى، ودخل بك على المولى. شيخك هو الذي ما زال يجلو مرآة قلبك، حتى تجلَّت فيها أنوار ربك، أنهضك إلى الله فنهضت إليه، وسار بك حتى وصلت إليه، وما زال محاذياً لك حتى ألقاك بين يديه، فزج بك في نور الحضرة وقال: "ها أنت وربك"
وآداب المريد مع الشيخ والشيخ مع المريد كثيرة مذكورة في كتب أئمة الصوفية رضي الله عنهم ومن أبلغ ذلك وأوجزه ما ذكره الإمام أبو القاسم القشيري قال رضي الله عنه: فشرط المريد أن لا يتنفس نفساً إلا بإذن شيخه ومن خالف شيخه من نفس سراً أو جهراً فسيرى غيه من غي ما يحبه سريعاً ومخالفة الشيوخ فيما يسترونه منهم أشد مما يكابدونه بالجهد وأكثر لأن هذا يلتحق بالخيانة ومن خالف شيخه لا يشم رائحة الصدق فإن صدر منه شيء فعليه بسرعة الاعتذار والافصاح عما حصل منه من المخالفة والخيانة ليهديه شيخه إلى ما فيه كفارة جرمه ويلتزم في الغرامة ما يحكم به عليه فإذا رجع المريد إلى شيخه بالصدق وجب على شيخه جبران تقصيره بهمته فإن المريدين عيال على شيوخهم فرض عليهم أن ينفقوا من قوة أحوالهم ما يكون جبراناً لتقصيرهم اهـ، وقال الشيخ العارف محي الدين أبو العباس البوني رحمه الله: وإياك أن تحقر فعلاً يخطر لك إلا أن تلقيه للشيخ طاعة كان أو معصية على أي نوع برز لك ولو اختلف عليك ألف مرة في الساعة اختلف إليه ساعة في الخاطر ليعلمك الدواء الذي تزعجه به أو يحمل عنك بهمته ، فإذا جوهدت النفس بهذه المجاهدات وقوتلت بهذه المقاتلات رجعت عن جميع مألوفاتها الدينية وعاداتها الردية وزال عنها النفور والاستكبار ودانت لمولاها بالعبودية والافتقار وتركت أعمالها وصفت أحوالها وهذه هي خاصيتها التي خلقت لأجلها ومزيتها التي شرفت من قبلها وإنما ألفت سوى هذا لمرض أصابها من الركون لهذا العالم الأدنى والأنس بالشهوات التي تزول وتفنى حتى امتنع عليها ما خلقت لأجله من موجب سعادتها وغاية شرفها وإفادتها فلما تعالجت بما ذكرناه عادت إلى الصحة وإلى طبعها الأصلي فألفت العبودية والتزمتها وصارت بذلك مطمئنة صالحة لأن يقال لها{يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي} ثم قال وعلامة وصول المريد إلى هذا المقام الحميد أن تستوي عنده الأحوال ولا يتأثر باطنه بما يواجه به من قبيح الأفعال والأقوال لاستغراق قلبه في مطالعة حضرة الكمال

قال بعضهم حقيقة زوال الهوى من القلب حب لقاء الله تعالى في كل نفس من غير اختيار حالة يكون المرء عليها فإذا وجد المريد هذه العلامات في نفسه فقد خرج من عالم جنسه ووصل إلى حضرة قدسه وكان كما قال الشاعر

لك الدهر طوعاً والأنام عبيد

فعش كل يوم من زمانك عيد

وكما قال سيدي أبو العباس بن العريف رضي الله عنه في هذا المعنى

قولي لآمالي ألا فابعدي

وقد الأحباب لي موعدي
قد كنت قبل اليوم مستأنساً
منك بخل مشفق مسعدى
وإن نسيم الوصل قد هب نحوهم
رطيبا فلي عندك ظل ندى
وحيث لاحت لي أعلامهم
فليس لي فقر إلى مرشد

إن السير إلى الله تعالى تحت إشراف الشيخ المربي هو سير داخل النفس الإنسانية لطي مراحلها ، واختراق مسافاتها المعنوية ، والرجوع إلى مصدرها الأصلي . وهو سير محفوف بالمخاطر بالنسبة لمن يغامر فيه بدون خريطة أو دليل .

إذ أن خطر "الانزلاق الروحي" يتهدد السالك في كل لحظة ، وعند كل منعرج ومعه اختلال توازنه النفسي والعقلي . ذلك أن الروح التي تدبر هيكله الترابي الجسدي وتحافظ على توازن قواه ـ في حالة غياب الشيخ المربي والدليل إلى الله وغلبة أنوار الذكر عليهاـ تنصرف عن هذه المهمة لكي تستغرق في الأنوار الإلهية مما يؤدي إلى اختلال توازن الجسم والعقل (حالة جذب) .

إن المهمة الغيبية للشيخ المربي هي تكييف الأنوار مع " الطاقة الاستيعابية " الروحية للمريد مما يجعل هذا الأخير متوازنا عقليا واجتماعيا مع تحقيق سيره الروحي إلى الله تعالى .

ونجد على قمة هرم الولاية في الإسلام يتربع الوارث المحمدي الذي يؤدي التصديق في ولايته والخضوع لإرادته إلى توجيه القلب إلى الله تعالى بسرعة تتناسب مع درجة التصديق في ولايته ، وإخلاص المريد في طلبه للحق سبحانه.

"العلماء ورثتة الانبياء" والوارث يقوم مقام الموروث كما قا بن حجر العسقلاني. و تعريف العلماء الوارثين ، واضح في كتاب ربّ العالمين :[ثُمَّ أَوْرَثْتَا الكِتَابَ الذِّينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ.] فاطر .32.
فالاصطفاء قسمة أزليّة ،و هبة من ربّ البريّة . تشمل كلّ الأمّة المحمّديّة . فكلّ من شهد بوحدانيّة الله و أنّ محمّدا صلّى الله عليه و سلّم رسول الله ، منتسب محسوب:
فآخرهم ظالم لنفسه مغلوب ، حجبته نفسه عن المطلوب ، فهو بين إقبال و إدبار حتّى يخرج من هذه الدّار .
و أوسطهم كان نصيبه من ميراث الكتاب ، الوقوف عند ظاهر الخطاب. واعتقد أنّ الإقتداء والاهتداء يتجلّى بعشق الطّاعات.، وجمعها في كلّ الأماكن و الأوقات لذلك كان مقتصدا و على نفسه معتمدا . و أبرم مع مولاه فيما منحه و أعطاه ، عقد بيع و شراء ، فقدّم البضاعة و ينتظر الجزاء . و هذا لعمري هو عين الحجاب ، وهو عند أهل السّبق في فقههم يستتاب. إذ أنّ شرعهم يقول :" العبد و ما ملكت يداه لسيّده و مولاه."
فالعالم المقصود بميراث الأنبياء ، لا يكون إلّا من الأصفياء ، أهل السّبق بالخيرات ، و في أغلب الحالات ينطلق من أرض الغفلات ، بعد أن أشبع نفسه من حظوظها في الطّاعات ، و أخذ نصيبه من العلوم ، وما صاحبها من الفهوم ، على حدّ الظّاهر المعلوم . فإذا آن الأوان ، تتخطّفه عناية الرّحمان بسبب من الأسباب ، لم يحسب له حساب ، و تضعه على الطّريق ، بين يدي صاحب الوقت و الرّفيق . و يرى في مرآته ظلمة نفسه و صفاته ، فيخجل من ربّه إذ يشعر بقربه ، وقد قيل:"مع من تكن بحاله تكن" و يحسّ بأنّ مولاه يسمعه و يراه . فيدرك أنّ هذا الرّفيق ، له مع الحقّ سرّ وثيق ، فيبادر بالتّسليم ، و يسري فيه مدد الرّحيم . فيكون من الذّين جاؤوا الرّسول ، في سرّ الوارث الموصول ، يرجون من الله القبول . ويبثّوه لواعج الأشواق ، فيضمّهم بأذرع الحنان والإشفاق . ويأمرهم بالاستغفار فيستغفروا ، ويرفع السّتار فيندثروا . ويكون البقاء للأولى. ويتواصل سماع الاستغفار من تلك الدّار ، بلسان الحبيب المختار صلّى الله عليه و سلّم . حتّى يأتي الخطاب بصريح الجواب :[إنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لْيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمَا.] الفتح.12. فهو الرّفيق لطالب القرب بالتّحقيق ،وهو السّابق بالخيرات بإذن الله ، إذنا صريحا من شفيعه عن مولاه . بسرّ الحقّ يجير ، ومن فضله بالاستجابة جدير . يغترف من فيضه و يسقي من حوضه . جعلنا الله من أنصاره والنّاهلين من أسراره .آمين يا ربّ العالمين.

يقول ابن تيمية في الفتاوى : (فلا ريب أن الناس يحتاجون من يتلقون عنه الإيمان والقرآن كما تلقى الصحابة ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وتلقاه عنهم التابعون وبذلك يحصل اتباع السابقين الأولين بإحسان. فكما أن المرء له من يعلمه القرآن والنحو فكذلك له من يعلمه الدين الباطن والظاهر) ج11 ص510. -

والوارث المحمدي أهـل للإقتداءِ، وعليه وقار الله وبه يتأدب المريدونَ ظاهراً وباطناً. قـال تعـالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (90 الأنعام). وقال أيضاً: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (24 السجدة). وهكذا جعلَهم الله أئمةَ المتقين. قال صلى الله عليه وسلم حاكياً عن ربه (إذا كان الغالب على عبدي الاشتغال بي جعلت هِمَتَه في ذكري، عشقني وعشقته ورفعت الحجَاب فيما بيني وبينه لا يسهو إذا سها الناس، أولئك كلامهم كلام الأنبياء، أولئك الأبطال حقاً، أولئك الذين إذا أردت بأهل الأرض عقوبةً ذكرتهم فيها فصرفته بهم عنهم).

ومجالسة الناس للوارث المربي تزيد في إيمانهم، وتحيي أرواحَهم وقلوبهَم فلا يتكلم المربي إلاّ لله، ولا ينطق إلاّ بخير. ينتفع به من قربه كما ينتفع من بُعده، رؤيته تذكرك بالله أو كما قيل (تستفيد من لحظه كما تستفيد من لفظه) ويكون بينه وبين مريديه تآلفٌ مأخوذ عن وجه التآلف الإلهي{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ويكون في الشيخ معنى التخلق بأخلاق الله تعالى كما في الحديث القدسي: (ألا طالَ شوق الأبرار إلى لقائي وإني إلى لقائهم لأشد شوقاً). قال تعالى {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} (63 الأنفال).

فبتوفيق الله الذي يؤلف بين القلوب، وبما يكون من حسن التآلف بين الفاضل والمفضولِ، يصير السالك جزءَ الشيخ كما الولد جزء أبيه الصُلْبي، والولادة هنا ولادة معنوية. فالولادة الصُلْبية تربط الوَلد بعالم الملكِ (ظاهر الكون) والولادة المعنوية تربـط الولـد بعـالم الملكوت (باطن الكون) وهذه الولادة تصل المريد من خلال شيخه بميراث النبي صلى الله عليه وسلم فهو لها مستحق من خلال سنده المتصل عَبَر أشياخ شيخه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} (75 الأنعام).

يقول الشيخ ابن عطاء الله في هذا الصدد :

" سبحان ما من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه".

فهو رجل ورث الأنوار المحمدية ، وأصبح قلبه مستهلكا فيها . والأولياء المحمديون يتفاضلون في مقاماتهم بحسب نصيبهم من هذا الإرث المحمدي . فهناك الكامل والأكمل .

إن الوارث المحمدي المستهلَك قلبه في الأنوار يصبح "سلكا إنسانيا" ناقلا لها إلى قلوب مريديه والمعتقدين في ولايته الخاصة.

إن المريد الذي يفني إرادته في إرادة شيخه يكسر إرادة نفسه التي تعتبر رأس هذه النفس . وبقطع رأسها تموت النفس موتا معنويا ، وبموتها يحيا القلب.

أما بدون شيخ مربي واصل موصل يكون من يريد أن يخرج عن إرادة نفسه ، وبالتالي عن فعله كالغريق الذي يريد أن ينقذ نفسه بنفسه، أو كالذي يريد أن يتقاضى إلى قاض هو خصمه في نفس الوقت ، أو كمن يريد أن يوقظ نفسه وهو مستغرق في نوم عميق .

فالنفس لا يمكن أن تصدر حكما إلا لصالحها لتكريس هيمنتها وتعزيز قبضتها . لذلك كان تدخل الشيخ المربي أمرا ضروريا لا مناص منه , فهو طوق النجاة بالنسبة للغريق ، والقاضي المحايد العدل بالنسبة للمتخاصم ، والمستيقظ الذي يمكنه إيقاظ غيره . وفي غيابه فإن النفس هي التي تتولى تدبير شخصية العبد حيث تحرص على تحصيل حظوظها العاجلة التي تتنافى مع حقوق الربوبية و التي يعتبر الالتزام بها منفذا للقلب .

فالشيخ المربي يلعب دور المرآة الصافية التي يرصد فيها المريد اتجاه تطوره الروحي من خلال نظرته إلى شيخه . فإذا كان للمريد استعداد خاص للولاية والخصوصية فإن نظرة من شيخه تحيي رميم روحه ، وتفجر فيه محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم يسافر معها قلبه إلى آفاق جديدة لا محدودة .

ان من اخطر القدرات التي تملكها النفس الإنسانية انها تستطيع ان تسخر العقل لخلق المبررات لأفعالها، والعقل إذا سُخَر للنفس أخضع الإنسان بجمعيته لها . فكل ما يقوم به الإنسان يخيل إليه أن مصدره عقلاني مطابق للشريعة ، وهو في الواقع نفساني ، وهذه النقطة الخطرة نبه عليها مشايخ الطريقة وذهبوا إلى التحذير من هيمنة النفس التي تظهر على مستوى ( إرادتها ) فهي تريد كذا ، لذا تزين بالمبررات العقلية أهمية ما تريده وضرورته ، وتنفي بعقلانية واضحة كل أثر للنفس في هذه ( الإرادة ) بل قد تذهب إلى أبعد من ذلك فتظهر انتفاء الأنانية ووضوح الإيثار في هذه ( الإرادة ) بالذات . وهذا واضح ومعروف لمن خبر ( النفس ) وتلمس مداخلها . لذلك رأى مشايخ الطريقة أن أصوب الطرق في محاربة النفس هو تسليم هذه ( الإرادة) إلى ( غير ) ، فلا يكون للنفس في هذه الإرادة نصيب . فتضعف النفس تدريجياً على مستوى الشهوات وتبرز ( الروح ) في الإنسان . وهذا ( الغير ) الذي تسلمه الذات ( إرادتها ) هو المشار إليه عند أهل الطريقة ( بالشيخ ) فهو الدليل في سفر الإنسان إلى معرفة الحق ... وهو مربٍ يشذب شطحات النفس ... وهو مؤدب يُعدّ المريد للوقوف بين يدي الحضرة بما يليق بآدابها ...

يقول حضرة الشيخ عبد القادر الجيلاني في أسلوب التربية الذي يتبعه المشايخ الكاملين مع مريديهم ، ان الشيخ يقبل المريد لله عز وجل لا لنفسه ، فيعاشره بحكم النصيحة ويلاحظه بين الشفقة ويلاينه بالرفق عند عجزه عن احتمال الرياضة فيربيه تربية الوالدة لولدها والوالد الشفيق الحكيم اللبيب لولده وغلامه فيأخذه بالأسهل ولا يحمله ما لا طاقة له به ثم بالأشد فيأمره أولا بترك متابعة الطبع في جميع أموره وإتباع رخص الشرع حتى يخرج بذلك عن قيد الطبع وحكمه ويحصل في قيد الشرع ورقه ثم ينقله من الرخص إلى العزيمة شيئا بعد شيء فيمحو خصلة من الرخص ويثبت مكانها خصلة من العزيمة فان وجد ابتداء أمره فيه صدق المجاهدة والعزيمة وتفرس فيه ذلك بنور الله عز وجل ومكاشفة وعلم من قبل الله عز وجل على ما قد مضت سنّة الله في عباده المؤمنين من الأولياء والأحباب الأمناء العلماء به فحينئذ لا يسامحه في شيء من ذلك بل يأخذه بالأشد ... ويصغر في عينه أحواله وأعماله لئلا يهلك فإن العجب يسقط العبد من عين الله عز وجل (انظر : الغنية لطالبي طريق الحق عزّ وجل في معرفة الآداب الشرعية - الشيخ عبد القادر الجيلاني - دار الحرية - بغداد – 1988 – ج2 ص 571).

فهذا شيء لا يكاد يذكر مما يقول به أهل الطريقة من أهمية الشيخ وضرورته في تقويم الحياة الروحية للمريد . وما نبه عليه مشايخ الطريقة من أهمية ان يتحول الإنسان من طريقته الخاصة في العبادة إلى طريقة شيخ عارف كامل خبر الطريق ومسالكه وعرف مداخله ومخارجه ، استنبطوه من عدة نصوص قرآنية منها ، قوله تعالى : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )(آل عمران : 31)

فإتباع الرسول الأعظم في حياته كان متمثلا بإتباع شخصه الكريم وبعد انتقاله يكون بإتباع ورثته الروحيين -(الوارث الروحي المحمدي : هو من اخذ علوم الشريعة والطريقة على يد شيخ كامل وارث محمدي حياً عن حي إلى حضرة الرسول الأعظم ، وهو وحيد في زمانه وان تعدد المشايخ الكاملين)- . ومنها قوله تعالى : (الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا )الرحمن : 59- أي استعلم عنه من هو خبير به، عالم به، فاتبعه واقتد به ، كما يقول ابن كثير في تفسيره .

ومنها قوله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ )هود : 112 ، وقد جاء في التفسير الكبير لفخر الدين الرزاي ان هذه الكلمة ، كلمة جامعة في كل ما يتعلق بالعقائد والأعمال ، سواء كان مختصاً به أو كان متعلقاً بتبليغ الوحي وبيان الشرائع، ولا شك أن البقاء على الاستقامة الحقيقية عسير جدا .

عن ابن عباس: ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آية أشد ولا أشق عليه من هذه الآية ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : (شيبتني هود وأخواتها )مجمع الزوائد .

وعن بعضهم قال : رأيت النبي في النوم فقلت له : روي عنك أنك قلت شيبتني هود وأخواتها فقال: نعم.

فقلت : وبأي آية ؟

فقال بقوله : (فَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ )هود : 112 التفسير الكبير أو ( مفاتيح الغيب ) – الامام فخر الدين الرازي .

وغير ذلك من الآيات الكريمة الدالة على ضرورة ان يبحث الإنسان عن الخبير الذي وهبه الله تعالى علما لدنيا واختصاصا ربانيا ليرشد الناس إلى بابه ويهديهم إلى طريقه المستقيم (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) الشورى : 52 . ان البحث عن الشيخ المرشد لغرض أتباعه والاستفادة من علومه وأسراره لهو من المنازل التي يختص الله تعالى بها عباده المكرمين ، ولهذا يصف حضرة الشيخ عبد القادر الكيلاني المشايخ بأنهم « الطريق إلى الله ، والأدلاء عليه والباب الذي يُدخل منه إليه »- الغنية - الشيخ عبد القادر الكيلاني ، وانما كانوا طريقا إلى لله لأن كل حركاتهم وسكناتهم وأقوالهم وأفعالهم بأمر الله تعالى وأذنه كما اخبرنا الخضر حين قال : (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا الكهف : 82 .

وهكذا هم أولياء الله يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بأذن الله تعالى وأمره . واذا كان شيخ الطريقة كما يقول حضرة الشيخ عبد القادر الجيلاني : من اذا صحت صحبة المريد له ، لقمه ورقه من ما في قلبه من طعام المعرفة وشرابها، وكما يقول الشيخ احمد الرفاعي الكبير هو « من إذا نصحك أفهمك ، وإذا قادك دلك ، وإذا أخذك نهض بك .. هو من يلزمك الكتاب والسنة ، ويبعدك عن المحدثة والبدعة .. ظاهره الشرع ، وباطنه الشرع)- الحكم الرفاعية - الشيخ أحمد الرفاعي الكبير ..فالأولى التسليم له والسير على طريقته فهي الأسهل والأقصر للوصول إلى الله تعالى.

قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الثابت الذي رواه ابن ماجه وأبوداود والدارامي والدارقطني: " هلا سألوا، فإن دواء العي السؤال"

إذا فلا بد من هاد الى الطريق وقدوة، سؤول ذى ذكر، خبير بوسيلة العودة إلى الله، والفرار والهجرة إليه سبحانه وتعالى .وفى حياتنا العملية إذا كان لا بد لكل طالب يريد حفظ كتاب الله من مقرئ خبير بأحكام التجويد يقوم له لسانه، ويبين له أحكام التلاوة، وصحة الأداء ، ولو ترك هذا الطالب ونفسه لاستحال عليه الأمر وتعذر عليه أن يحصل حق التلاوة وصحة الأداء ، وبالتالى اضطربت معه مفاهيم الآيات ، وغابت الأحكام وقل مثل ذلك في كل علم من علوم الشريعة، واللغة ، وكل علم من علوم الدنيا سواء كانت عقلية، أم بدنية جسمانية عملية.

كما نلحظ هذا الأمر فى جميع الحرف والصناعات والمهن، وما شابهها،مهما علت أو دنت ، نلحظ أنه لا بد لمن يريد ممارستها وتعلمها من معلم متمرس ، خبير بتلك المهنة أو الصناعة، أو الحرفة، هو هنا بمقام " الشيخ" لتلك المهنة، وكم عرفنا فى بلادنا وغيرها من البلدان مصطلح: شيخ الصاغة وشيخ النجارين، وشيخ الحدادين،.... إلخ ذلك من أسماء المهن ، ما كان يسمح لأحد بممارسة تلك المهنة إلا إن إذن له "شيخ" تلك المهنة بممارستها بعد التدرب والتريض عليها عند معلم معترف به بين أهل تلك الصناعة. وهو عند ساداتنا الصوفية ما يسمى بـ"الإذن" سواء فى التلقين أو التربية، أو التزكية أو التعليم. فلماذا نقبل فى أعمال الدنيا وممارساتها " الرخصة" فى ممارسة المهنة ، و"الإذن" فى تعليمها، ولا نقبل فى الدين وسلوك الطريق إلى الله "الإذن" في التربية وتلقين الذكر ، وتعليم الشرع الشريف !.

وإذا كان في العلوم الدنيوية كالطب والهندسة والطيران والكيمياء وغيرها.. لا بد لطالبها من تعلمها على يد أستاذ مجاز من أعلى الهيئات والمراجع العملية يأذن له بتعليم تلك المهنة أو ذلك الاختصاص.

فإذا كان فى العلوم الدنيوية وضرر الجهل بها مؤقت ينتهي بانتهاء الدنيا مهما طالت، فما بالك بطب القلوب ، وهندسة الطريق إلى الله ، والطيران إلى حضرة الحق ، وكيمياء الروح وسائر علوم الآخرة التي تبقى بقاء الآخرة ؟!.

من هنا كان لا بد للمريد والسالك فى طريق الله تعالى من شيخ – تقي نقي صالح عارف بالله تعالى وبشرع الله – يربي المريد، وإمام يرشده ويوجهه، ويسدد خطاه، ويكشف له أحابيل الشيطان فى عباداته ومعاملاته ، وخطراته النفسية، وإراداته القلبية، والواردات التي قد تكون خطراً على صاحبها أكثر من الكفر الصريح.

وفي سائر كتب سلفنا الصلح المعتبرين من هذه الأمة نرى حرص كل واحد منهم على تسجيل أخذه وتلقيه عن كبار شيوخهم، كابراً عن كابر، بالإجازة الشريفة ، والثبت المحكم ، سواء كان ذلك فى العلوم، أو في تلقي البيعة الصوفية الشريفة ، واتصال السند .

وقديما قالوا : " لا تأخذ العلم من صحفي، ولا القرآن عن مصحفي".

فالصحفي: هو الذي يجمع محصوله من الصحف وحدها دون مرشد، والمصحفي: من قرأ القرآن وحده من غير شيخ ، وهذا مجرح عند أهل العلم .

وإن لالتقاء روح الطالب والاستاذ وتبادل الود وأنسجام الإرادة ، وأندماج الشخصيتين بالحب والتسامي والإخلاص لله في القصد ، كل ذلك له أكبر الأثر الروحي والنفسي كما هو مقرر عند أهل العلم فى القديم والحديث ، وعندما يكون السند متصلا يكون من ورائه سر مجرب ، يسميه ساداتنا الصوفية بـ " بركة السند "، ألا ترى قوله تعالى ( وداعيا إلى الله بإذنه) [ الأحزاب : 46] تأمل ، فمن هنا تبدأ البركة ثم تتسلسل لمن أتصل بها .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال . قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : (الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داوود والترمذي .

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ )التوبة 119، وقد نصت الآية الكريمة على الصحبة فلا بد للمريد من التأثير الروحي الذي لا يأتي إلا بواسطة الشيخ الكامل لأن الطريقة ليست عملاً علمياً ظاهرياً ولا بحثاً نظرياً ولا يتم تعلمها بواسطة الكتب على الطريقة المدرسية بل أن ما كتبه مشايخ الصوفية أنفسهم لا يستخدم إلا كحاضر مقو للتأمل ولا يفهمه إلا من كان أهلاً لفهمه ممارساً لسلوك الطريقة فلا يمكن التطهر من النجاسات المعنوية ( الكذب – الحسد – الرياء – الكبر . . الخ ) إلا بالسلوك على يد شيخ كامل عالم بعلاج أمراض النفوس ليخرجه من رعونات النفس الأمارة بالسوء ودسائسها الخفية).

قال أحدهم :
من يأخذ العلم من شيخ مشافهة
يكن عن الزيغ والتصحيف في حرم
ومن يكن آخذاً للعلم من صحف
فعلمه عند أهل العلــم كالعــدم

ونستنتج مما ذكرنا أن علم التزكية او التصوف او مقام الإحسان هو الهجرة إلى الله سبحانه ولا يؤخذ بالدراسة أو القيل والقال بل بالصبر والمجاهدة والإتباع بصدق وإخلاص للمربي الروحي الشيخ الكامل ليكون سنداً وراعياً للمريد السالك في سلوكه فالطريق وعرة وفيها الكثير الكثير من الترغيب والترهيب والباطن يتأثر بما يرد عليه من الأشياء وهنا تكمن ضرورة وجود الشيخ الكامل لتحصيل المريد السالك على نور العلم :(. . . يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ . . . ) النور : 35 .

يقول الشيخ مصطفى البكري في ورد السحر (إلهي دلني على من يدلني عليك وأوصلني يا مولاي إلى من يوصلني إليك).

فجميع المربين والمرشدين الكاملين قد نصحوا السالكين في سيرهم إلى الله وأبانوا لهم أن الطريق العملي الموصل إلى الله تعالى وإلى رضوانه هو الإكثار من ذكر الله في جميع الحالات، وصحبةُ الذاكرين، لأن أنفاس الذاكرين تقطع شهوات النفس الأمَّارة بالسوء.

فالذكر يثمر المقامات كلها من اليقظة إلى التوحيد، ويثمر المعارف والأحوال التي شمَّر إليها السالكون، فلا سبيل إلى نيل ثمارها إلا من شجرة الذكر، وكلما عظمت تلك الشجرة ورسخ أصلها، كان أعظم لثمرتها وفائدتها...

وذلك أن العبد إن لم يستيقظ من غفلته لم يمكنه قطع منازل السير الموصلة إلى معرفة الله تعالى التي خُلِقَ الإنسان لأجلها، قال تعالى: {وما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلا ليعبدونِ} [الذاريات: 56] [قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعبدون أي: يعرفون]. ولا يستيقظ المرء إلا بالذكر، فالغفلة نوم القلب أو موته.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:"مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربَّهُ مثل الحي والميت" [رواه البخاري في صحيحه في كتاب الدعوات].

وإن امتثال الصوفية لأمر مولاهم عز وجل بالإكثار من ذكره جعل حياتهم كحياة الملائكة، لا تخطر الدنيا على قلوبهم، ولا تشغلهم عن محبوبهم، نسوا أنفسهم بمجالستهم لربهم، وغابوا عن كل شيء سواه فتواجدوا عندما وجدوا.

وسمع أبو بكر الشبلي في مجلسه يقول :(الرسالة القشيرية )

ذَكرتـك لا أني نسيتكَ لمحـةً ......... وأيسرُ ما في الذكرِ ذكرُ لساني

وكدتُ بلا وجدٍ أموتُ من الهوى ......... وهامَ على القلبِ بالخفقانِ
فلما أراني الوجدُ انك حاضـري ......... شهدتُك موجوداً بكل مكانِ
فخاطبتُ موجوداً بغيرِ تكلمٍ ......... ولاحظتُ معلوماً بغير عنانِ

يذكر الصوفي ربه في كل أحيانه، فيجد بذلك انشراح الصدر، واطمئنان القلب، وسمو الروح ؛ لأنه حظي بمجالسة ربه عز وجل "أهل ذكري أهل مجالستي... الحديث" [من حديث قدسي أخرجه الإمام أحمد في مسنده].

وعن عبد الله بن بِسر أن رجلاً قال: (يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كَثُرَتْ عليَّ، فأخبرني بشيء أتشبث به). قال: "لا يزال لسانُك رَطْباً من ذكر الله" [رواه الترمذي في كتاب الدعوات وقال: حديث حسن].

فالذكر صقال القلوب، ومفتاح باب النفحات، وسبيل توجه التجليات على القلوب، وبه يحصل التخلق، لا بغيره. لذلك فالمريد لا يصيبه غم أو هم أو حزن إلا بسبب غفلته عن ذكر الله، ولو اشتغل بذكر الله لدام فرحه وقرت عينه، إذ الذكر مفتاح السرور والفرح، كما أن الغفلة مفتاح الحزن والكدر.

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: يا رسول الله وما رياضُ الجنة ؟ قال: حِلَق الذكر" [أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات وحسنه].

قال ابن قيم الجوزية: (ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء، فإذا تُرك صدىء، فإذا ذكر جلاه. وصدأ القلب بأمرين: بالغفلة، والذنب ؛ وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر. فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكماً على قلبه، وصدؤه بحسب غفلته. وإذا صدىء القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه ؛ فيرى الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل، لأنه لمَّا تراكم عليه الصدأ أظلم فلم تظهر فيه صور الحقائق كما هي عليه. فإذا تراكم عليه الصدأ، واسودَّ، وركبه الرانُ فَسَدَ تصورُه وإدراكه فلا يقبل حقاً، ولا ينكر باطلاً، وهذا أعظم عقوباتِ القلب. وأصل ذلك من الغفلة واتباع الهوى، فإنهما يطمسان نور القلب ويعميان بصره.

قال تعالى: {ولا تطعْ مَنْ أغفلْنا قلبَه عن ذكرِنا واتَّبَعَ هواه وكان أمرُهُ فُرُطاً} [الكهف: 28]) ["الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751هـ ص52].

قال العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره عند قوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى....} [الأعراف: 180]: (إن الموجب لدخول جهنم هو الغفلة عن ذكر الله تعالى، والمخلِّص من عذاب جهنم هو ذكر الله تعالى، وأصحاب الذوق والمشاهدة يجدون من أرواحهم أن الأمر كذلك، فإن القلب إذا غفل عن ذكر الله، وأقبل على الدنيا وشهواتها، وقع في باب الحرص وزمهرير الحرمان، ولا يزال ينتقل من رغبة إلى رغبة، ومن طلب إلى طلب، ومن ظلمة إلى ظلمة، فإذا انفتح على قلبه باب ذكر الله ومعرفة الله تخلِّص من نيران الآفات، ومن حسرات الخسارات، واستشعر بمعرفة رب الأرض والسموات) [تفسير الفخر الرازي ج4/ص472].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن لله ملائكةً يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم. قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا. قال: فيسألهم ربهم عز وجل ـ وهو أعلم بهم ـ: ما يقول عبادي ؟ قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك. قال: فيقول: هل رأوني ؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوْك ؛ قال: فيقول: وكيف لو رأوْني ؟ قال: يقولون: لو رأوْك كانوا أشد لك عبادةً وأشد لك تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً. قال: يقول: فما يسألونني ؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة. قال: يقول: هل رأوْها ؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوْها. قال: فيقول: فكيف لو أنهم رأوْها ؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوْها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلباً، وأعظم فيها رغبة. قال: يقول: فمِمَّ يتعوذون ؟ قال: يقولون: من النار، قال: يقول: وهل رأوْها ؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها ؟ قال: يقولون: لو رأوْها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة. قال: فيقول: أُشْهِدُكم أني قد غفرت لهم. قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة. قال: يقول: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم" [أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الدعوات].

ففي هذا الحديث فضل مجالس الذكر والذاكرين وفضل الاجتماع على ذلك، وإن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل عليهم ربهم إكراماً لهم ؛ وإن لم يشاركهم في أصل الذكر، وبمجالسته لهم صار سعيداً لأن من جالس جانس ؛ إن صحَّت النية.

قال الإمام الشعراني : ( الذكر سيف المريدين به يقاتلون أعداءهم من الجن والأنس وبه يدفعون الآفات التي تطرقهم (.

وقال : ( الذكر منشور الولاية ومرسوم من الله للعباد بالولاية كمراسيم ملوك الدنيا بالوظائف "ولله المثل الأعلى " فمن وفق لدوام ذكر الله فقد أعطي المرسوم بأنه ولي الله ومن يسلب من الذكر فقد عزل من الولاية (.ـ (الأنوار القدسية)

اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه



منقووول

وليد البلوشى
31-03-2017, 04:30 PM
شكرا وجزاكم الله كل خير

بهاء الدين
01-04-2017, 09:38 PM
مشكور وجزاكم الله كل خير

طلعت شكرى
06-04-2017, 09:06 AM
شكرا على الطرح العرفانى الجميل وجزاكم الله كل خير

على سليمان
15-04-2017, 05:37 PM
مشكور وجزاكم الله كل خير

شاهين
19-04-2017, 06:47 PM
شكرا على الافادات القيمة وجزاكم الله كل خير

تميم الشاوى
20-04-2017, 05:08 PM
شكرا على المواضيع العرفانية الجميلة وجزاكم الله كل خير

بلال
24-04-2017, 06:20 AM
بارك الله فيكم على الطرح الطيب