المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسرار السحر والسحرة والتعاويذ والتمائم عند الفراعنة (بحث كامل) 2



زرقاء اليمامة
03-04-2017, 07:25 PM
أسرار السحر والسحرة والتعاويذ والتمائم عند الفراعنة (بحث كامل) 2


التنجيم :

لا نملك وثائق تشير الى الاستخدامات السحرية او التنجيمية على أساس علمي وعندما تسود المجتمعات موجات الظلم واليأس والاحتلال.

تعريف التنجيم:

التنجيم هو الاعتقاد فى تأثير مواقع النجوم على النفوس البشرية وصله ذلك بمصائرهم.(26)

انتشار التنجيم :

قد كان التنجيم معروف وذاع الاعتقاد ولقى كثرا من الرواج فى أوساط المصريين، وان كانت ظواهر الأمور تدل على أن هذا الموضوع دخيلاً على مصر، وغير أصيل فى تفكر أهلها ، وربما قد جاءهم من آسيا فى ركب الغزو الفارسي، وقد يؤدى هذا الظن ما تردد في أسلوب تلك الوثائق من شذوذ غير معهود فى اللغة المصرية، فأما المذنبات من النجوم والتى كان يعتبر ظهورها نذير شؤم ،فيبدو أن معرفة المصريين بها لم تكن كافية(27).

وليس بين أيدينا من النصوص ما يشير إلى ذكرها سوى واحد من عصر تحوتمس الثالث، يذكر بمرور واحد من تلك المذنبات يحتمل أن يكون ما أسموه "هالى"(28).

مظاهر التنجيم :

وقعت بعض حوادث الآلهة فى تواريخ معينة منها ما هو سعيد ومنها ما هو شقى، وكان من فائدة بنى البشر أن يعرفوا هذه الأوقات ولذلك ألف الكهنة والسحرة كتبا فى هذا الموضوع وأقدمها من عصر الدولة الوسطى وقد عدد فيها أيام الشهر ونعت بعضها بكلمة خير أو بكلمة شر أو خير وشر(29).

ومن مظاهر التنجيم اعتقاد المصريين إن النجوم آلهة وكان الكهان المنجمون يصوغون من شكلها ولونها وحركاتها ومواقعها تنبؤات تتعلق بطوابع الأحداث فى البلاد ، وأعمال المستقبل للملوك ولكن هذه الأيام تعكس ما حدث من خير وشر للآلهة أيضا ، وعلى هذا الأساس قسم الكهنة الأيام الى ثلاث أنوع :

1- يوم السعد :

ويوصف بأنه على شكل ثلاث ملاعق مقلوبة ذات أذرع بها نهايات محززه بخطين.

http://4.bp.blogspot.com/-ST9Szks_Esg/U5xzrPFbTQI/AAAAAAAAD2E/A-9hwCpUuOs/s200/%D8%B4%D9%83%D9%84+%D8%A3%D9%8A%D8%A7%D9%85+%D8%A7 %D9%84%D8%B3%D8%B9%D8%AF.png
شكل أيام السعد

2- يوم النحس :

ويوصف على أنه على شكل ثلاث كؤوس مترعة.

http://1.bp.blogspot.com/-5a-ww3ntWB4/U5x0I0pZPcI/AAAAAAAAD2M/RLb4b5xacZs/s200/%D8%B4%D9%83%D9%84+%D8%A3%D9%8A%D8%A7%D9%85+%D8%A7 %D9%84%D9%86%D8%AD%D8%B3.png

شكل يوم النحس

3-اليوم المزدوج :

وهو اليوم المزدوج بالنحس والسعد ويوصف على عدة أشكال حسب نسبة السعد والنحس من الملاعق والكؤوس.

http://3.bp.blogspot.com/-Qn8vTLftBMo/U5x0pEbescI/AAAAAAAAD2U/CrfnG2sZeVs/s200/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85+%D8%A7%D9%84%D9%85% D8%B2%D8%AF%D9%88%D8%AC.png

وهناك أيام نحس وسعد معينة فى السنة تتصل فى أغلب الأحيان بأحداث معينة متربية فى نفوسهم من جراء ذكريات أسطورية أو دينية مثل: (30)

- 27 من شهر حتحور : وهو يوم سعد لأنه يوم صلح بين حورس وست.

- أول يوم من شهر أمشير : يوم سعد لان السماء رفعت فيه.

- 14 طوية : يوم نحس لان "ايزيس" و"نفتيس" ندبتا "اوزريس".

- أيام موت اوزريس كانت أيام نحس.

المظاهر والعادات المتبعة فى أيام النحس عند المصريين :

وكان الناس يتمتعون عن إقامة الحفلات فى أيام النحس، ويتفادون الموسيقى والغناء مثل يوم الحداد على اوزريس 14 طوبة، وكان الغسيل محرما فى اليوم السادس عشر من طوبة، وكان يفضل الامتناع عن أكل السمك فى أيام معينة، واجتناب ذكر المعبود ست فى الربع والعشرين من شهر برمودة(31).

دور مصر فى علوم الفلك :

من أول العلماء الذين اهتموا بالحواس الخارقة والإدراك الخارق عند الإنسان وحللوها بأسلوب علمى كان العالم الفرنسى المعروف "كارل جوستاف يونج"، وعالم الحيوان "بول كاميرار" الذى امضي عشرة سنوات يبحث العلاقة بين الصدفة والموت. ورغم اهتمام البشر الكبير بهذا الموضوع على مدى التاريخ فما زالت بحوث العلماء حول موضوع الصدفة نظرية الاحتمالات فى أول الطريق ،مثل هذا الاهتمام يمكن أن نقتفى أثره عند الفلكيين فى مصر القديمة(32) وعند البابليين اكتشف هؤلاء الإيقاع الخاص بالنجوم والأجسام السماوية وحاولوا استنباط صلة بين حركات النجوم وحياة البشر على الأرض.(33)

الخمسة وخميسة والطلاسم السحرية :

من الطرق التي كانت متبعة عند الكهنة فى مصر القديمة لمعرفة الطالع بواسطة تحديدها أطلقوا عليه نجم الإنسان بالنسبة للبرج الذى ينتمي إليه ما كان يطلق عليه "كف الطالع"أو "كف الوقاية" الذى يطلق عليه العامة الآن "الخمسة وخميسة" كان يعلق على جبة المولود أو حول عنقه لحمايته من الحسد وطرد الأرواح الشريرة، وقد وجدت كفوف منها ترجع إلى الأسرات القديمة وهى مصنوعة من الخزف الأزرق ،رسمت على أصابعها الخمسة رموز وطلاسم سحرية(34).

وقد اكتشفت بترجمة أحداها أن الطلاسم ترمز إلى معبودات الزمن، فالإصبع الأول إله الساعة والثاني إله اليوم والثالث إله الشهر والرابع إله اليوم القمرى والخامس إله السنة ويرمز بطن الكف إلى البرج، وهى الطلاسم السحرية التى يسجلها الكاهن على كف الحفظ أو لوحات التنبؤ التى تعلق فوق الصدر أو أحجبة الرعاية ليرجع إليها الكاهن عند قراءة الطالع أو التنبؤ بالمستقبل أو لوحات لتحديد الأيام السعيدة والأيام غير السعيدة خلال الشهر(35). فتلك الآلهة والمعبودات التى ترسم على أصابع "الخمسة وخميسة"أو لوحات التنبؤ تعتبر بالنسبة للناس تعاويذ للحفظ وبالنسبة للكهنة مفتاحاً لقراءة الطالع ومعرفة الغيب.

التمائم والأحجبة فى السحر المصري القديم :

أولا التمائم :

تعتبر التمائم والأحجبة العنصر المادي فى فاعلية قوى السحر، أو الواسطة التى تنتقل التأثيرية الفعالة لحماية الإنسان فى حياته الدنيوية وفى رحلته فى العالم الأخر أو الحياة الأبدية. كانوا يحملونها وهم أحياء ويضعونها على أجساد الموتي اعتقادا منهم بأن لها القوى السحرية ما يدفع عنهم الأرواح الشريرة، بل وتجلب لحاملها الحظ السعيد والحياة الهادئة وتحمى مختلف أعضاء الجسم.

وكان للتمائم المقام الأول فى نفوسهم فوضعوها فوق أعتاب المنازل، وتحت عتبات الأبواب، أو داخل حجرات البيت، كانوا يضعونها تحت وسائد رؤوسهم ومساند مضاجعهم أو فى أماكن ممارسة حياتهم اليومية. صنعوا منها وسائل زينتهم فكانت المعلقات التى تتوسد الصدور أو تتدلى حول الأعناق أو تتوج غطاء الرأس.

والتمائم عبارة عن إشارات رمزية إصلاحية لكل منها تعبير خاص وتقوم كل منها بأداء دور معلوم، بعضها يمثل رموزا هيروغليفية تدل على صفات معنوية كالحياة و والقوة والسعادة والبقاء والثبات والاتزان والحكمة والجمال ،وهى النعوت التى كان يستحب التمتع بها بنوع خاص وبعضها يمثل تماثيل الآلهة لما تملكه من قوة سحرية تخصصية يستجيب كل منها لدعاء معين يلبى طلباً خاصاً مادياً كان أو روحياً.(36)

ثانيا الأحجبة :

أم الأحجبة فكانت تصنع من لوحتين صغيرتين من الخشب فى داخلهما صيغ تعاويذ خاصة أو تحفظ بينهما أوراق من البردى أو النسيج تحمل مجموعة من الرموز والطلاسم السحرية ،كما كانت تصنع بعض الأحجبة من جلود الحيوانات أو الحشرات، وكانت تكتب بالحبر الأسود رمز الخير، ويستعمل الحبر الأحمر لرموز السر.

السحر علم عند الفراعنة :

يعتبر السحر علما مستمد من الكتب، حيث يستعين الكاهن بكتب خاصة بالتعاويذ السحرية التى تتطابق مع كل حالة من الحالات، ويقوم بترتيل هذه التعويذ بنفسه، وهذا ما يعرف بالشعائر الشفهية، وعادة فان تلك التعاويذ الشفهية تتبعها أمور يجب أن تفعل، وهى الشعائر العملية(37). ويعتبر السحر علما مستمدا من الكتب، حيث يستعين الساحر بكتب خاصة بالتعاويذ السحرية التى تطابق مع كل حالة من الحالات(38).

ظن الشعب أن العلوم سحراً :

رغم ما توصل إليه العلماء كان غائما وغير يقيني إلى حد ما، إلا أن المصريين القدماء يستحقون أن يسجل لهم فضل ريادتهم فى تصنيف الأبراج أو وضع التقويم والجداول الفلكية ، والتى تبين موقع كل جسم سماوي فى وقت معين ،وهم الذين عرفوا أن الشعري اليماني إذا ظهرت فى السماء صباحا ، فان ذلك يعتبر إعلاناً عن فيضان النيل ، وهم بذلك قد توصلوا إلى القانون الذى اختفي وراءه ما ظنوه صدفة.

وكما قلنا أن بعض العلم اعتبره العامة أنه سحر وذلك لان عقولهم فى تلك الفترة لم تكن تتخيل ما يحدث أمامها من معجزات عن طريق العلم ، فالمواطن البسيط لا يعرف تراكيب وخواص المواد الكيميائية مثلا والتي تعمل فى بعض على تغيير اللون أو على إذابة الأحجار مما كان يدعوا العامة للعجب ويعتبرونه سحر وكذلك كما قلنا سابقا ظهور نجم الشعري اليماني دليل على دخول موسم الفيضان وغيرة من العلوم الأخرى ، والتى كانت قاصرة على الكهنة فقط لا يجوزا أن يفشى سرها أبدا وأن فعل يحاكم بالإعدام وذلك لإفشاء سر من أسرار الدولة ، فلجاء الكهنة لحفظ تلك العلوم أن يكتبوها عن طريق الرموز المعقدة ، وهذا السبب كان من أسباب ضياع العلم المصري القديم والذي انتهى بانتهاء طبقة الكهنة المسيطرين على العلوم فى المملكة المصرية القديمة.

ويقول الدكتور سيد عبد الكريم :

بدراسة برديات السحر المصرى القديم وجدناها ترمز وتعبر عن معادلات تكنولوجية عميقة ودقيقة وتؤكد أن قدماء المصريين منذ بدء الحضارة قد توصلوا إلى السيطرة على الكثير من القوى الكونية واستغلال طاقتها فى تحقيق الكثير من أغراضهم العلمية ، كالطاقة الشمسية ومختلف أنواع الإشعاعات والذبذبات ومجالاتها المستمدة من القوى الكونية والسيطرة عليها بدء باستعمال البندول والإبر الصينية والطي الروحاني(39).

وأكد الدكتور سيد عبد الكريم فى أكثر من موضوع بكتابه لغز الحضارة المصرية ولغز الهرم الأكبر أن الحضارة الفرعونية كانت حضارة تكنولوجية وان التكنولوجيا عندهم كانت تسمى "سحراً" وكانت وسائل علمية وتكنولوجية "سحرية"تزيد فعالية عما وصلنا إليه اليوم من علم الحضارة(40).

وأعترفت الكثير من المعاهد الحديثة بعد دراستها لبرديات الطب والسحر الفرعوني أن السحر عند القدماء المصريين ما هو إلا نظريات علمية ذات معادلات ثابتة احتفظ بأسرارها الكهنة بوصفها نوع من السحر(41).

السحر وسيطرة السحرة على العامة :

ليس كل ما يتصل ما وراء الطبيعة يمكن أن ينسب إلى السحر، وضع الطعام فى مقابر الأموات بمس من السحر في شئ، وكذلك الرسوم التى تصور وقائع الحياة اليومية على جدران المقبرة من الداخل، وأيضا تلاوة التراتيل ضمن مراسم الدفن، لكن السحرة هم الذين أساؤوا استغلال هذه المعتقدات الشعبية، حتي يكتسبوا بذلك موضعاً متفوقاً ، يوفر لهم المكانة والثراء.

ونحن نجد عالما من السحر فى كل منعطف من منعطفات الحياة المصرية القديمة، فقد كان السحرة يتحكمون فى الأمطار والرياح، ويحمون الناس من الأسد فى الصحراء أو التمساح فى النيل، كانت هناك رقية خاصة تقل كل صباح لحماية الفرعون من أعدائه(42).

ســــؤال؟؟؟؟

والسؤال الآن هل كان الكهنة الذين يمثلون الطبقة العليا المثقفة فى مصر، هل كانوا هم يؤمنون بالقوى السحرية لتلك التعاويذ ؟؟؟ام أنهم أكانوا يستخدمون معارفهم المتراكمة وعلمهم الغزير الذى يتفوقون به عن باقى مواطنيهم ،فى إعطاء هذه التعاويذ بعض التأثيرات الكيميائية أو الإشعاعية، مما يؤكد فاعليتها أمام الناس ؟

ومن المهم هنا أن نشير إلى حقيقة يجب أن ننتبه لها وهى أن اعتماد الكهنة على الطاقة الإشعاعية إحداث تأثير ما، لا يعنى بالضرورة أن يعرف الكهنة الأساس النظري لتأثير الإشعاع على البشر، أو لتوليد الإشعاع من عناصره كما أن استخدام الكهنة لبعض الفيروسات لحماية المقبرة لا يعنى أبداً معرفة الكهنة بنظرية الفيروسات، المعول هنا على معرفة الكهنة بتأثير الظاهرة فقط(43).

الكهنة ومكانتهم والسحر :

لقد اكتسب الكهنة مكانتهم واحترامهم الكبير فى المجتمع المصرى القديم ، نتيجة لمعرفتهم الغامضة وعلمهم السري، وقد كانوا الصفوة العقلية فى المجتمع، التى تتجمع لديها المعارف التى يحرم منها أفراد الشعب، فالمعرفة هى المصدر القوة حتى منذ خمسة آلف سنة.

وكان الكاهن بالنسبة للعامة ساحراً، يعلم كل شئ ويستطيع ان يعمل اى شئ، وهكذا شكل طبقة خاصة لا تشرك أحدا فى معارفها، كانوا هم الذين يبتدعون آلهة قدماء المصريين، يعلنون ميلاد الآلهة ووفاتها، يدمجون إلهين معا ويطلقون على الإله الجديد اسماً جديداً.

ذكاء الكهنة فى تطوير قدراتهم السحرية :

ولكي يدعم الكهنة مركزهم ، كانوا يسعون إلى مضاعفة معارفهم وتنميتها.. تلك المعرف التى لم تكن مصدر دهشة المصريين القدماء فقط، بل لازلت حتي اليوم تدهشنا، وقد وسلتنا المعلومات عن أواع الطب والسحر فى مصر القديمة من سبع أوراق بردى أساسية أكبرها وأشهرها بردية ايبيرز التى تعتبر مرجعاً طبياً كلاسيكياً كاملاً.(44)

الكهنة الصغار والسحر :

كانت المعرف السحرية تدرس لصغار الكهنة باعتبارها من الحقائق الثابتة، فأوراق البردي التى ترجع الى المملكة الحديثة، تقول للدارسين أن اليوم يكون سعيداً أو سيئاً، وفقاً لما حدث فى اليوم المماثل من السنوات السابقة للآلهة.

الكاهن المرتل :

هكذا كان المظهر الرسمي فى ممارسة أعمال السحر، على أن الآلهة لم تكن وحدها تفيد مفيد منها، فالكاهن المرتل كان معلما بارعا فى شئون السحر والرقى، وكان يمارس فى حياته المدنية مهنة طارد الجن، كما كان يحرر الرقاع الخاصة بالشفاء من الحمي ولدغ العقارب ومختلف الأمراض.

كما يقوم فى بعض الأحيان بأعمال السحر الخاصة بأمور الحب والتى تهدف فى الغالب إلى محو ما بقى من الوساوس فى قلب الغادة بصرف النظر عن اختيار العذب الرقيق من الألفاظ "اجعل فلانة تتبعني كما يتبع الثور علفه، وكما تتبع الخادمة أطفالها وكما يتبع الراعي قطيعه" فاما الحسناء فكانت لديها تميمة تضمن عملا غامضا "ها قيدى هذا الذى انظر اليه حتى يصير حبيبى"(45).

السحر والدين:

كان من الطبيعة أن يتقابل الدين والسحر فى أكثر من جانب من جوانب حياة المجتمع، لذا فقد تركز السحر فى المعابد واعتبر علماً من علوم الكهنوت الذى تخصص فيه الكهنة وحدهم ،كما أن الكثير من الطقوس الدينية ارتبطت بالسحر وتعاليمه، وتداخل السحر والدين معا فى كتب الموتي والمتون الدينية وعلاقة "الآلهة القديمة بالبشر"(46)

وقد توغل السحر فى الكهنوت ، كما ذكر عالم الآثار الكبير دكتور سليم حسن :

"انه من العبث ان نبحث إذا كان السحر وليد الدين أو الدين وليد السحر، فالاعتقادان قد ظهرا فى ميدان واحد أملاهما مظهر العالم والظواهر الطبيعية" فكانت نظرت الناس للسحر كنظراتهم الى رجال الدين كلا منهما يمثل قوة إلهية(47).

السحر والمعبودات المرتبطة به والأساطير :

وقد ارتبطت الكثير من المعبودات المصرية بالحماية والسحر، وكان ذلك من منطلق ارتباطهم العقائدي والفكري بالسحر ،وكان تقديس وعبادة العديد من الأرباب قائما على الصفات والقدرات السحرية لهؤلاء الأرباب، اى أن معظم الأرباب المصرية لعبت دوراً ما في السحر والحماية للميت والحي، إلا أن هناك بعض المعبودات التي تميزت بقدراتها السحرية عن غيرها من المعبودات الأخرى(48).

وقد كان السحر ممارسة قديمة نسج خيوطه داخل النسيج الدين المصرى، وبإمكاننا أن نلمح ذلك أولاً فى أساطير الآلهة حيث استطاعت إيزيس التسلط على رع بعد أن عرفت اسمه الخفي وكان ذلك نوعا من السحر الإلهي، وكان الإله تحوت هو الإله الذي علم العلوم المقدسة والسرية ومنها السحر ويجب أن لا ننسى محاولة ايزيس لعادة الحياة إلى أوزريس عن طريق السحر.

أما الإله ست فقد كان رمزا للسحر الأسود ،ونُظر إليه كناشر للأوبئة وكان للإلهتين باستت وسخمت بعض قوى السحر(49). وأيضا من وأشهر هذه المعبودات الحامية للسحر هما" نفتيس وايزيس"، واللتان لقبتا بلقب "rty-hk3w" بمعنى عظيمتا السحر، وقد لقبت المعبودة "واجيت" بهذا اللقب أيضا.(50) والى جانب ايزيس ونفتيس كان يوجد أيضا "سرقيت ونيت " كانت أيضا من الربات الحاميات(51).

وتعتبر أيضا المعبودة"حقات" أيضا من الربات الحاميات، وكانت تمثل وهى ممسك علامة عنخ، وتقوم بحماية الأم الحامل والمولود الصغير وشاركتها فى تلك الخاصية المعبود "تا ورت" وهى أنثى فرس النهر والتى كانت حامية للسيدات الحوامل والأطفال الرضع(52).

المعابد والسحر :

لقد تخصصت كل مدرسة من المدارس السحرية فى نوع معين من السحر وما يرتبط به من معجزات، يحتفظ بسرها الساحر الأعظم أو ريس الكهنة. ومن تلك المعابد على سبيل المثال ما يلى :

معبد زايس "صا الحجر" :

وقد أشتهر هذا المعبد بسحر الأفاعي، وفى مقدمته تحويل العصا أو حزام الوسط إلى أفعى بعد ألقاها على الأرض وقراءة التعويذ السحرية عليها، كما كانت لهم قوة السيطرة على الأفاعي بالتعزيم عليها حتى تأتمر بأمرهم فيخرجونها من جحورها ويبطلون فاعلية سمومها أو يوجهونها إلى أي مكان يريدون لتنتقم من أعداهم ،وكانوا يعتبرون الأفاعي نوعا من الجن، وكان بعضها يؤمر فيطير من بلد إلى أخر حيث أمر.

ومعبد زايس المذكور هو الذى تعلم فيه سيدنا موسى عليه السلام ودرس اللاهوت والحكمة وفاق بمعجزاته بقية السحرة أمام فرعون عندما ألقى بعصاه فتحولت إلى أفعي أكلت كل أفاعي بقية السحرة(53).

معبد حولس:

أشتهر الكاهن الأعظم فى معبد حولس القديم (دير المحرق بأسيوط) بمعجزة شفاء الأبرص وهو الذى قام بشفاء الأميرة "بتراشيد" بنت "بخانتو" أخت فرعون مصر بعد ما عجز كبار الأطباء من شفائها، كما ورد فى أحدى برديات تورين.

والجدير بالذكر هنا أن هذا المعبد هو الذى قام به سيدنا عيسى عليه السلام أثناء هروبه وإقامته فى مصر(54).

معبد أهناسيا :

اشتهر كهنة أهناسيا بمعجزات ما، أطلق عليه "سر الأحلام" الخاصة بتفسير الأحلام وقراءة الغيب والوساطة والاتصال الروحي عن طريق الأحلام وتمكين الرويا للاطلاع على المجهول ، وتحتوى بردية تورين على صفحات كتب سحر الأحلام وكتاب مفتاح الأحلام .

وفى المعبد درس سيدنا يوسف عليه السلام الرياضيات والفلك وعينه فرعون كاتباً بالقصر وأميناً على المخازن بعد نبوءته المشهورة فى تفسير الأحلام .(55)

معبد هليوبوليس :

وفى هذا المعبد كانت جامعة اون التى كانت تعتبر أقدم جامعات العالم وفيها تدرس كل العلوم بما فيها السحر والذى كان له مدرسة خاصة فى ذلك المعبد .

وقد حوت بردية وستكار التى ترجع إلى الأسرة الخامسة "المعجزات " التى كان يقوم بها الكاهن "جدى" أحد سحرة المعبد أمام الملك خوفو حيث كان يفصل رؤوس الطيور عن أجسامها ويضعها فى أركان القاعة الأربعة ثم يتلى عليها تعازيمه السحرية فتلتحم الرؤوس بالأجساد وتعود الطيور للتحليق وهى تصيح وتغرد.

وفى هذا المعبد أقام سيدنا إبراهيم عليه السلام فترة من الزمان ودرس الكثير من أسرار السحر .(56)

معبد بتاح :

اشتهر كهنة معبد بتاح فى منف بمعجزات الإخفاء والاختفاء حيث كان الكاهن الأعظم يحمل تميمة أطلق عليها عصا بتاح السحرية كان يقرأ عليها بعض التعاويذ فيختفي بجسمه من وسط المجلس أو يظهر فجأة فى وسط الغرفة المقفلة ليفاجئ الموجودين بحضوره كما كانت له القدرة على إحضار الأشياء الموجودة بالخزائن السرية وعرضها على الحاضرين أو إخفاء الأشياء الموجودة أمامهم بالقاعة(57).

معبد أمون فى سيوة :

اشتهر كهنة معبد آمون فى سيوة بمعجزة تحريك تمثال آمون من مكانة وإجابته على الأسئلة التى تتلى عليه وهى المعجزة التى قام بها التمثال عند زيارة الاسكندر الأكبر للمعبد(58).

السحر والملوك :

إن ملوك مصر هم أيضا آلهتها، وهم الآلهة لان لديهم عدد كبير من العلماء، والعلماء فى خدمة الملوك(59) ولذلك يظهر أمام الشعب يعرف مواعيد الفيضان والمطر ، ويعلن للناس عن ذلك ويكون صادقا ، ولا يقول الناس أن الملك عالم بل انه اله ، لأنه علام الغيوب وغارس الحبوب وكاشف الكروب وقاهر الحروب وكان الكهنة والأطباء والعلماء المصريين يعرفون كثيرا من العلم فى الطب والفلك والكيمياء، بل ان علمهم هذا الذى لا يزال يحير العالم الحديث، فليس عجبا أن يكتشف علماء مصر القديمة إلى أشياء لا نفهمها إلى اليوم، وليس اللعنة إلا شئ قليل جدا إذا ما قورن بما وصل إليه الفراعنة من الألوف السنين ولم نعرفها إلي الآن(60).

بالإضافة إلى هذا فان السحر الذى تؤدى شعائره فى المعبد كانت تعتبر أيضا ذات غرضا سياسيا، اى أن شعائر السحر تندرج تحت شعائر العبادة ، وتبح جزءا منها يساعد على استقرار النظام .(61)

وهذا ما كان يلجئ إليه بعض الملوك فى الحالات التى كانت تسود فيها الفوضى فى البلاد نتيجة مظاهرات أو حروب أو صراع داخلي بين الأسرة الحاكمة وهذا الصراع وما ترتب عليه من عمليات سحرية كان منتشر جدا فى القصور الملكية، بين الأمراء بعضهم البعض وبين الزوجات السنويات والملك والملكة.

السحر والملكات :

كما كان للملوك دورا فى السحر أيضا كان للملكات والأميرات دوراً هاماً فى السحر فى المملكة المصرية القديمة، مارست فيها الملكة الطقوس السحرية على العلن مثلها مثل الرجال تماما بل والأكثر من هذا أن بعض الملكات كان لهن دور فى العمل فى المعبد كساحرة.

وقد ذكر "ديودور الصقلى" أن بعض الملكات تعلمن السحر من الكهنة وتخصصن فيه، وأن الملكة كانت تجلس بجانب الملك على العرش وتلازمه فى زياراته للمعبد للمحافظة عليه من السحر المضاد، وهو ما يظهر فى بعض الرسومات والتماثيل عندما تظهر الملكة وهى تضع ذراعها على كتف الملك أو خلف ظهره لتحميه من أعداء الخفاء بينما تحميه الكوبرا أو الأفعى الناشرة التى تتصدر تاجه وجبهته لتحميه من العين الشريرة والأعداء المواجهين له(62).

السحر والطب :

كانت مهنة الطب والأطباء مهنة من المهن الرفيعة المستوى ، وكان الأطباء من الطبقة العاليا فى المجتمع المصرى وذلك لما ينالوه من تقدير واحترام من الشعب والحكومة وأيضا ما يناله من قيمة جراء علاجه لشخص ما ، ويا حبذه إن كان المريض من طبقة الأمراء والملوك أو الأثرياء عمتا فقد كانوا يجزون العطاء للأطباء بشكل كبير فمنهم من كان يعطى مجوهرات وذهب وقطع ارض وغيرة من العطايا النفيسة الغالية .

وقد كان الطبيب أو الساحر يستدعي إلى البيت ، فيدخله فى موكب خاص له مراسيمه الخاصة ، ذلك لان الطبيب كان ينظر إليه باعتباره صانع المعجزات القادر على كل شئ(63).

طرق العلاج فى مصر الفرعونية :

وقد عرف أطباء مصر القديمة ثلاث طرق للعلاج :

1- الجراحة

2- العقاقير

3- السحر

وكان الطب الجراحي بتضمن إجراء العمليات الجراحية والعقاقير كانت بالأعشاب وبعض الخواص الكيميائية للحجر الجيري أو الرخام الذى سحق واستخرج منه البنج المعروف حاليا، أما السحر وهذا ما يخصنا هنا فقد كان عنصرا أساسيا فى الممارسات الطبية فى مصر القديمة، حتى بالنسبة للعلاج بالجراحة والعقاقير.

الخدع السحرية فى العلاج :

وقد توصل بعض الدارسين ألي كشف جانب من الخدع إلى أرست فى وعى الناس الاعتقاد الراسخ فى السحر ،وعرفوا أساسها الطبي على سبيل المثال ، يرسم الطبيب القديم أو الساحر صورة أحد الآلهة على يد المريض الذى يعاني من الألم أو التسمم، ثم يطلب من المريض أن يلعق الرسم، صورة الإله هذه كانت فى الغالب ترسم بمحلول أحد العقاقير المناسبة للحالة المرضية، فإذا شفي المريض نتيجة لتعاطيه ذلك العقار، فالفضل يعود إلى الإله الذى رسمت صورته على اليد(64).

وقد تضمنت بعض النصوص العلاجية السحرية العديد من الصيغ الخاصة التى تقوم بحماية الأحياء، وقد تقترن هذه الشعائر ببعض التمايل الصغيرة أو الدهانات، وتذكر بردية برلين الطبية أن هناك دهان يساعد على شفاء إنسان يسيطر عليه احد الأموات، ودهان أخر يساعد على طرد شبح شخص ميت أو أمراه ميتة(65)


يتبع

سيدرا
03-04-2017, 11:15 PM
شكرا على الموضوع والمعلومات والافادة

ابو مصعب
04-04-2017, 05:44 PM
بارك الله فيكم

سلسبيل
05-04-2017, 03:17 AM
شكرا على المعلومات والافادة

زخارى
06-04-2017, 03:41 AM
شكرا على الافادات القيمة

غالية
07-04-2017, 01:10 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

عيوشة
08-04-2017, 03:04 PM
يعيشك اختي الفاضلة بارك الله فيك

كلثوم
10-04-2017, 10:13 AM
شكرا على المعلومات والافادة

ماهيتاب السويدى
11-04-2017, 01:36 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

جيهان
12-04-2017, 07:36 AM
شكرا على المعلومات والافادة

كوثر
13-04-2017, 11:42 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات القيمة

عايدة البكرى
14-04-2017, 04:47 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

صافى
14-04-2017, 11:02 PM
شكرا على الموضوع والافادة والمعلومات القيمة

بلبلة
16-04-2017, 06:15 AM
شكرا على المعلومات والافادة

حنين
17-04-2017, 09:54 AM
شكرا على الموضوع والافادة والمعلومات القيمة

الحسناء
18-04-2017, 01:44 AM
شكرا على المعلومات والافادة

عهود المالكى
19-04-2017, 11:21 AM
شكرا على المعلومات والافادة

ضحى
20-04-2017, 06:35 AM
يسلمووو على الطرح والافادة الحلوة

فايزة
21-04-2017, 03:12 AM
شكرا على المعلومات والافادة

ساندى
23-05-2017, 07:05 PM
شكرا على المعلومات والافادة

مايسة عبد الهادى
24-05-2017, 02:26 PM
شكرا على المعلومات والافادة

سوزان الشرقاوى
07-06-2017, 08:12 PM
شكرا على الموضوع والمعلومات القيمة

خلود العنزى
15-06-2017, 05:36 PM
شكرا على المعلومات والافادة

صافيناز العتيبي
23-06-2017, 10:34 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات القيمة

خديجة العلوى
25-06-2017, 05:40 AM
شكرا على المعلومات والافادة

nona
30-06-2017, 03:44 PM
شكرا على الموضوع والمعلومات المفيدة

tafouket
06-08-2017, 04:45 PM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

سمراء النيل
08-08-2017, 01:08 AM
شكرا على الموضوع والافادات القيمة

نجوى كريم
09-08-2017, 04:40 PM
شكرا على الموضوع والمعلومات القيمة

لطيفة الخالدى
13-08-2017, 01:50 AM
شكرا على الموضوع والمعلومات القيمة