الشيخ / خالد الجعفري
26-07-2019, 06:12 PM
مفهوم تكوين الإنسان من حيث علم أهل بيت النبوة ،
من هدى وإرشاد مولانا إمام الدين الشيخ محمد بن الإمام الشيخ إبراهيم بن سيدى الإمام فخر الدين مولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه
فيقول الشيخ رضى الله عنه :
إن مفهوم تكوين وحدة الإنسان وخلقه ودرجة إمتثاله لشرائع ربه لأمر شُغل به البشر منذ القدم ، فإن أردنا تبسيط معنى الدين فهو عبارة عن عبد ورب وصلة بينهما تسمى (الدين) وفى أمر خلق النفس البشرية من التراب والماء لما خلق سيدنا آدم حسب الأوامر الإلهية من الإسم (البارئ) ثم إلى ( المصور) ثم إلى ( الخالق) وكان آدم من أديم الأرض فسمى آدم ، وقد خُلق في العرش ، وفى السيرة عن سيدنا عمر بن الخطاب عن النبى ﷺ قال ( فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه ؟ قال : يارب لأنك لما خلقتنى بيدك ونفخت في من روحك ، رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فهو مخلوق في العرش ، وهو بدنيا مخلوق من تراب وماء ثم وضع فيه الأرواح الثلاث :
واحدة من الريح الصرف وتسمى بالروح (البهيمى ) ووظيفتها تدبير وظائف الجسد اللاإرادى كوظائف القلب والكلى وماشابه .
ثم الروح الثانية وهى روح ( التكريم) وهى من نور روح القدس (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ) أي وضعنا فيه روح التكريم وهى تنزل في مواطن الحواس ، كونه سميعاً بصيراً حياً مريداً قادراً عالماً ومتكلماً .
والروح الأخيرة هي روح ( الإيمان) وهى منحة من نور النبى ﷺ
أَمَّا عَنِ الإِيمَانِ فَهُوَ مُغَيَّبٌ *** فِي طَيِّ غَوْرِ الْقَلْبِ وَالْوِجْدَانِ
هُوَ مِنْحَةٌ مِنْ نُورِ أَحْمَدَ أَهْلُهَا *** رُزِقُوا بِهَا خَرُّوا إِلَى الأَذْقَانِ
وعندما يصل الآدمى إلى موطن التكليف تأتى ( الأنفس) ويبدأ الصراع بين الطبائع الأربعة الممتزجة فيه ، منها الرحمانى المتمثل في (التراب والماء) والشيطانى المتمثل في ( الهواء والنار) ويستمر الصراع حتى تنتصر أحد هذه الطبائع ، وعن الحبيب المصطفى ﷺ
أنه قال : خلق الإنسان من أربعة أشياء : من الماء والطين والنار والريح ، أما إذا كثر من الماء فيكون حافظاً او عالماً فقيهاً أو كريماً وأما إذا كثر من الطين فيكون سفاكاً خبيثاً مفلساً في الدنيا والآخرة ، وأما إذا كثر من النار فيكون عوّاناً أو ظالماً ، وأما إذا كثر من الريح فيكون كذاباً . الحافظ السيوطى
ثم أن الله وضع لإبن آدم ( العقل) وهو مثال (للبرزخ) وهو لغةٍ بمعنى ( الرباط) حيث ورد في الحديث قول الصحابى للنبى ﷺ متحدثاً عن ناقته : أأعقلها وأتوكل أم أتركها وأتوكل ؟ قال : بل إعقلها وتوكل ، أي إربطها ، أي أن العقل خلق لربط الأشياء ، فلايعمل الآدمى من تلقاء نفسه ووفق هواه بل هو مقيد بضوابط معينة وهى الأوامر الإلهية وشِرعة النبى ﷺ وهى ماتسمى بالمعقولات وهو مايتفق مع الربط، لذلك فإن الفقه في أول درجاته ، والإسلام في أول درجاته ، والدين في أول درجاته يحتاج لهذا الربط ، فتجد الأية تقول
(أَفَلا يَعْقِلُونَ ) أي ربط الأمر بتنفيذه ، والعقل يسكن موطن الحواس ، وهو موطن القلب لا الرأس ، قال تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ) وهذا العقل يرتقى فيصبح فؤاداً ، فعلى سبيل المثال في قصة سيدنا موسى وأمه ، فقد ظهرت نبوءة الولد من بنى إسرائيل الذى يهدد مُلك فرعون ، فكان فرعون يبعث بجنوده لقتل كل حامل من بنى إسرائيل ، فبعد ولادته عليه السلام دخل الجنود فجأة فرمته أخته في التنور وهو الفرن ، ولما خرج الجنود نظرت أخته في التنور فوجدته جالساً يرضع إصبعه ، وهذا هو الخارج عن المعقول ، فقررت حينها أمه أن تلقى به في اليم وإن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً ) أي إنه إستقر وأصبح فارغاً من كل شيئ سوى الله فقال لها تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ) وقال (أَنْ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ) وهذا هو الخارج عن المعقول وهو مايختص به الفؤاد ويتقبله ، ثم بعد الفؤاد يتطور الإيمان إلى اللُب وهو عقل الروح ، في قوله تعالى (وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ثم يترقى ليصبح عقل العقل ، وهو العقل الذاتي وهو مايتفكر في الله وكل مادونه يتفكر في آيات الله ، وصاحب العقل الذاتي يسمى
بـــــ(ذي النهى) :
أتحسب أنك جرم صغير وفيك إنطوى العالم الأكبر
فابن آدم هو مثال مصغر للأكوان .
أن يكون لك عقل هذا أمر ، وأن يكون هذا العقل مربوطاً بنور الفهم هذا أمر أخر .. لأن الجميع لهم عقل ولكن ليس لكلٍ نور الفهم ، ونور الفهم لا يتأتى إلا بمداومة الذكر، والفكر ياتى بعد الذكر .
نِلْنَا مُنَانَا وَمَا فَوْقَ الْمُنَى دُرَراً منقول
من هدى وإرشاد مولانا إمام الدين الشيخ محمد بن الإمام الشيخ إبراهيم بن سيدى الإمام فخر الدين مولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه
فيقول الشيخ رضى الله عنه :
إن مفهوم تكوين وحدة الإنسان وخلقه ودرجة إمتثاله لشرائع ربه لأمر شُغل به البشر منذ القدم ، فإن أردنا تبسيط معنى الدين فهو عبارة عن عبد ورب وصلة بينهما تسمى (الدين) وفى أمر خلق النفس البشرية من التراب والماء لما خلق سيدنا آدم حسب الأوامر الإلهية من الإسم (البارئ) ثم إلى ( المصور) ثم إلى ( الخالق) وكان آدم من أديم الأرض فسمى آدم ، وقد خُلق في العرش ، وفى السيرة عن سيدنا عمر بن الخطاب عن النبى ﷺ قال ( فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه ؟ قال : يارب لأنك لما خلقتنى بيدك ونفخت في من روحك ، رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فهو مخلوق في العرش ، وهو بدنيا مخلوق من تراب وماء ثم وضع فيه الأرواح الثلاث :
واحدة من الريح الصرف وتسمى بالروح (البهيمى ) ووظيفتها تدبير وظائف الجسد اللاإرادى كوظائف القلب والكلى وماشابه .
ثم الروح الثانية وهى روح ( التكريم) وهى من نور روح القدس (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ) أي وضعنا فيه روح التكريم وهى تنزل في مواطن الحواس ، كونه سميعاً بصيراً حياً مريداً قادراً عالماً ومتكلماً .
والروح الأخيرة هي روح ( الإيمان) وهى منحة من نور النبى ﷺ
أَمَّا عَنِ الإِيمَانِ فَهُوَ مُغَيَّبٌ *** فِي طَيِّ غَوْرِ الْقَلْبِ وَالْوِجْدَانِ
هُوَ مِنْحَةٌ مِنْ نُورِ أَحْمَدَ أَهْلُهَا *** رُزِقُوا بِهَا خَرُّوا إِلَى الأَذْقَانِ
وعندما يصل الآدمى إلى موطن التكليف تأتى ( الأنفس) ويبدأ الصراع بين الطبائع الأربعة الممتزجة فيه ، منها الرحمانى المتمثل في (التراب والماء) والشيطانى المتمثل في ( الهواء والنار) ويستمر الصراع حتى تنتصر أحد هذه الطبائع ، وعن الحبيب المصطفى ﷺ
أنه قال : خلق الإنسان من أربعة أشياء : من الماء والطين والنار والريح ، أما إذا كثر من الماء فيكون حافظاً او عالماً فقيهاً أو كريماً وأما إذا كثر من الطين فيكون سفاكاً خبيثاً مفلساً في الدنيا والآخرة ، وأما إذا كثر من النار فيكون عوّاناً أو ظالماً ، وأما إذا كثر من الريح فيكون كذاباً . الحافظ السيوطى
ثم أن الله وضع لإبن آدم ( العقل) وهو مثال (للبرزخ) وهو لغةٍ بمعنى ( الرباط) حيث ورد في الحديث قول الصحابى للنبى ﷺ متحدثاً عن ناقته : أأعقلها وأتوكل أم أتركها وأتوكل ؟ قال : بل إعقلها وتوكل ، أي إربطها ، أي أن العقل خلق لربط الأشياء ، فلايعمل الآدمى من تلقاء نفسه ووفق هواه بل هو مقيد بضوابط معينة وهى الأوامر الإلهية وشِرعة النبى ﷺ وهى ماتسمى بالمعقولات وهو مايتفق مع الربط، لذلك فإن الفقه في أول درجاته ، والإسلام في أول درجاته ، والدين في أول درجاته يحتاج لهذا الربط ، فتجد الأية تقول
(أَفَلا يَعْقِلُونَ ) أي ربط الأمر بتنفيذه ، والعقل يسكن موطن الحواس ، وهو موطن القلب لا الرأس ، قال تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ) وهذا العقل يرتقى فيصبح فؤاداً ، فعلى سبيل المثال في قصة سيدنا موسى وأمه ، فقد ظهرت نبوءة الولد من بنى إسرائيل الذى يهدد مُلك فرعون ، فكان فرعون يبعث بجنوده لقتل كل حامل من بنى إسرائيل ، فبعد ولادته عليه السلام دخل الجنود فجأة فرمته أخته في التنور وهو الفرن ، ولما خرج الجنود نظرت أخته في التنور فوجدته جالساً يرضع إصبعه ، وهذا هو الخارج عن المعقول ، فقررت حينها أمه أن تلقى به في اليم وإن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً ) أي إنه إستقر وأصبح فارغاً من كل شيئ سوى الله فقال لها تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ) وقال (أَنْ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ) وهذا هو الخارج عن المعقول وهو مايختص به الفؤاد ويتقبله ، ثم بعد الفؤاد يتطور الإيمان إلى اللُب وهو عقل الروح ، في قوله تعالى (وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ثم يترقى ليصبح عقل العقل ، وهو العقل الذاتي وهو مايتفكر في الله وكل مادونه يتفكر في آيات الله ، وصاحب العقل الذاتي يسمى
بـــــ(ذي النهى) :
أتحسب أنك جرم صغير وفيك إنطوى العالم الأكبر
فابن آدم هو مثال مصغر للأكوان .
أن يكون لك عقل هذا أمر ، وأن يكون هذا العقل مربوطاً بنور الفهم هذا أمر أخر .. لأن الجميع لهم عقل ولكن ليس لكلٍ نور الفهم ، ونور الفهم لا يتأتى إلا بمداومة الذكر، والفكر ياتى بعد الذكر .
نِلْنَا مُنَانَا وَمَا فَوْقَ الْمُنَى دُرَراً منقول