الشيخ درويش عبود المغربى
02-10-2012, 10:45 AM
> شذرات الذهب، الإصدار 1.75 - لابن العماد الحنبلي
الجزء الثامن.
(سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة)
(> -وفيها شمس الدين أبو عبد الله محمد بن علي ابن محمد بن إبراهيم بن محمد السودي - نسبة إلى قرية تسمى سودة شغب على ثلاث مراحل من صنعاء اليمن - الشهير بعبد الهادي اليمني الشافعي قطب العارفين وسلطان العاشقين قال في النور كان من العلماء الراسخين الأئمة المتبحرين درس وأفتى ثم طرأ عليه الجذب وذلك انه كان يقرأ في الفقه على بعض العلماء فلما وصل إلى هذه المسألة والعبد لا يملك شيئا مع سيده كرر هذا السؤال على شيخه كالمستفهم واعترته عند ذلك هيبة عظيمة وبهت وحصل له الجذب وبالجملة فانه كان آية من آيات الله تعالى وأقواله تدل على تفننه في العلوم الظاهرة واطلاعه على الأخبار السالفة [ص 189] والأمثال السائرة حتى كأن جميع العلوم ممثلة بين عينيه يختار منها الذي يريد ولا يعدل عن شيء إلا إلى ما هو خير منه وكان مولعا بشرب القهوة ليلا ونهارا وكان يطبخها بيده و لا يزال قدرها بين يديه وقد يجعل رجله تحتها في النار مكان الحطب وكان كلما أتى إليه من النذور إن كان من المأكولات طرحه فيها وان كان من غيرها قذفه تحتها من ثوب نفيس أو عود أو غير ذلك وقيل أن عامر بن عبد الوهاب السلطان بعث إليه بخلعه نفيسة فألقاها تحتها فاحترقت فبلغ ذلك السلطان فغضب وأرسل يطلبها منه فأدخل يده في النار وأخرجها كما كانت ودفعها إليهم وقد أشار إلى هذا الشيخ عبد المعطى ابن حسن باكثير في موشحته التي عارض فيها شيخ الإسلام أبا الفتح المالكي وكلاهما قد مدح القهوة فقال:
قهوة البن جل مقصودى * في الخفا العلن
هام فيها أمامنا السودى * قطب أهل اليمن
وطبخها بالند والعود * وبغالي الثمن
من ثياب حرير مع قطن * فاخر الملبس
وبذاكم خوارق تثني * عليه لم تدرس
ولما طرأ عليه الجذب صدرت عنه أمور وكرامات تدل على أنه من العارفين بالله تعالى وأخذ ينظم فانه ما وقع له نظم إلا بعد الجذبحتى حكى أنه ما كان يقوله إلا في حال الوارد مثل ابن الفاوض فكان يكتب بالفحم على الجدران فإذا أفاق محي ما كان كتبه من ذلك فكان فقراؤه بعد أن علموا منه ذلك - يبادرون بكتب ما وجدوه من نظمه على الجدران فيجمعونه وحكى أن بعض المنشدين أنشد بين يديه قصيدة من نظمه فطرب لها وتمايل عليها ثم سأل عن قائلها فقيل أنها من نظمك فأنكر ذلك وقال حاشا ما قلت شيئا حاشا ما قلت ومن شعره الرائق: [ص 190]
يا راحة الروح يا من * هواه أشرف مذهب
واصل فديتك صبا * أنسيته كل مذهب
وباين الكل إلا * من بالهوى قد تمذهب
مشارب القوم شتى * من كلها صار يشرب
قد شرق الناس طرا * وللغريب غرب
فه الغريب ولكن * محبوبه من أغرب
تعجب الخلق منه * وباطن الأمر أعجب
يا موجبين لصحوى * إلا بليد معذب
بين الغوير ونجد * طول الزمان مذبذب
وطالعوا إن شككتم * تهذيبكم المهذب
ياما ألذ استماعي * قول الندامى لي اشرب
في حضرة ليس فيها * إلا مراد مقرب
ومطرب الحي يشدو * لا عاش من ليس يطرب
ومنه:
بالله كرر أيها المطرب تذكار قوم ذكرهم يعجب
ما زمزم الحادي بذكراهم * في الشرق إلا رقص المغرب
ومنه:
ومهفهف قبلت أشنب ثغره * وبلوغ ذلك الثغر مالا يحسب
قال احسب القبل التي قبلتني * فأجبت أنا أمة لا نحسب
وبالجملة فشعره كثيرا جدا فيه تأثيرا غريب فانه السهل الممتنع يفهمه كل أحد مع متانة عبارته وتتأثر به النفوس غالبا ويكثر عليه وجد المتواجدين وتوفى رحمه الله تعالى يوم الأربعاء سابع صفر بتعز وقبره بها مشهور يزار [ص 191] وعليه قبة عظيمة. وكان للشيخ ولدان أحدهما عبد القادر والآخر محمد مات عبد القادر في حياة أبيه وخلف بنتا ولم يبق للشيخ عبد الهادي نسل إلا منها وأما محمد فعاش بعد والده وصار قاضيا بتعز ولما استولت الأورام على تعز لزموه وبعثوه إلى مصر فمات هناك في حدود الستين وتسعمائة)
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
الجزء الثامن.
(سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة)
(> -وفيها شمس الدين أبو عبد الله محمد بن علي ابن محمد بن إبراهيم بن محمد السودي - نسبة إلى قرية تسمى سودة شغب على ثلاث مراحل من صنعاء اليمن - الشهير بعبد الهادي اليمني الشافعي قطب العارفين وسلطان العاشقين قال في النور كان من العلماء الراسخين الأئمة المتبحرين درس وأفتى ثم طرأ عليه الجذب وذلك انه كان يقرأ في الفقه على بعض العلماء فلما وصل إلى هذه المسألة والعبد لا يملك شيئا مع سيده كرر هذا السؤال على شيخه كالمستفهم واعترته عند ذلك هيبة عظيمة وبهت وحصل له الجذب وبالجملة فانه كان آية من آيات الله تعالى وأقواله تدل على تفننه في العلوم الظاهرة واطلاعه على الأخبار السالفة [ص 189] والأمثال السائرة حتى كأن جميع العلوم ممثلة بين عينيه يختار منها الذي يريد ولا يعدل عن شيء إلا إلى ما هو خير منه وكان مولعا بشرب القهوة ليلا ونهارا وكان يطبخها بيده و لا يزال قدرها بين يديه وقد يجعل رجله تحتها في النار مكان الحطب وكان كلما أتى إليه من النذور إن كان من المأكولات طرحه فيها وان كان من غيرها قذفه تحتها من ثوب نفيس أو عود أو غير ذلك وقيل أن عامر بن عبد الوهاب السلطان بعث إليه بخلعه نفيسة فألقاها تحتها فاحترقت فبلغ ذلك السلطان فغضب وأرسل يطلبها منه فأدخل يده في النار وأخرجها كما كانت ودفعها إليهم وقد أشار إلى هذا الشيخ عبد المعطى ابن حسن باكثير في موشحته التي عارض فيها شيخ الإسلام أبا الفتح المالكي وكلاهما قد مدح القهوة فقال:
قهوة البن جل مقصودى * في الخفا العلن
هام فيها أمامنا السودى * قطب أهل اليمن
وطبخها بالند والعود * وبغالي الثمن
من ثياب حرير مع قطن * فاخر الملبس
وبذاكم خوارق تثني * عليه لم تدرس
ولما طرأ عليه الجذب صدرت عنه أمور وكرامات تدل على أنه من العارفين بالله تعالى وأخذ ينظم فانه ما وقع له نظم إلا بعد الجذبحتى حكى أنه ما كان يقوله إلا في حال الوارد مثل ابن الفاوض فكان يكتب بالفحم على الجدران فإذا أفاق محي ما كان كتبه من ذلك فكان فقراؤه بعد أن علموا منه ذلك - يبادرون بكتب ما وجدوه من نظمه على الجدران فيجمعونه وحكى أن بعض المنشدين أنشد بين يديه قصيدة من نظمه فطرب لها وتمايل عليها ثم سأل عن قائلها فقيل أنها من نظمك فأنكر ذلك وقال حاشا ما قلت شيئا حاشا ما قلت ومن شعره الرائق: [ص 190]
يا راحة الروح يا من * هواه أشرف مذهب
واصل فديتك صبا * أنسيته كل مذهب
وباين الكل إلا * من بالهوى قد تمذهب
مشارب القوم شتى * من كلها صار يشرب
قد شرق الناس طرا * وللغريب غرب
فه الغريب ولكن * محبوبه من أغرب
تعجب الخلق منه * وباطن الأمر أعجب
يا موجبين لصحوى * إلا بليد معذب
بين الغوير ونجد * طول الزمان مذبذب
وطالعوا إن شككتم * تهذيبكم المهذب
ياما ألذ استماعي * قول الندامى لي اشرب
في حضرة ليس فيها * إلا مراد مقرب
ومطرب الحي يشدو * لا عاش من ليس يطرب
ومنه:
بالله كرر أيها المطرب تذكار قوم ذكرهم يعجب
ما زمزم الحادي بذكراهم * في الشرق إلا رقص المغرب
ومنه:
ومهفهف قبلت أشنب ثغره * وبلوغ ذلك الثغر مالا يحسب
قال احسب القبل التي قبلتني * فأجبت أنا أمة لا نحسب
وبالجملة فشعره كثيرا جدا فيه تأثيرا غريب فانه السهل الممتنع يفهمه كل أحد مع متانة عبارته وتتأثر به النفوس غالبا ويكثر عليه وجد المتواجدين وتوفى رحمه الله تعالى يوم الأربعاء سابع صفر بتعز وقبره بها مشهور يزار [ص 191] وعليه قبة عظيمة. وكان للشيخ ولدان أحدهما عبد القادر والآخر محمد مات عبد القادر في حياة أبيه وخلف بنتا ولم يبق للشيخ عبد الهادي نسل إلا منها وأما محمد فعاش بعد والده وصار قاضيا بتعز ولما استولت الأورام على تعز لزموه وبعثوه إلى مصر فمات هناك في حدود الستين وتسعمائة)
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم