المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة للشيخ الرئيس أبى على الحسن بن عبدالله بن سينا. في الحروف



الشيخ درويش عبود المغربى
07-10-2012, 12:30 PM
رسالةللشيخ الرئيس أبى على الحسن بن عبدالله بن سينا. في الحروف
سم الله الرحمن الرحيم الرسالة النَّوروزيّة:


للشيخ الرئيس أبى على الحسن بن عبدالله بن سينا.

خدم بها خِزانة السيد الأمير أبي بكر محمد بن عبدالله، وجعلها هديّـةً في يوم النَّوروز، وقد وسَمَها بالنَّوروزيّة.

كلٌّ تَنزِع به هِمّتُه إلى خدمة سيدنا ومولانا الشيخ الأمير [السيد أبي بكر محمد بن عبدالله، أدام الله عزّه] بتحفة تجود بها ذاتُ يدِه·

ولمّا رغبتُ في أن أكون واحدَ القوم ومتابعاً للسَّواد الأعظم في إقامة الرسوم النَّيروزية،

وكانت حالي تقعد بى عن إهدائه تحفة دُنياويَّة تشاكل خِزانته الكريمة، ورأيت الحكمةَ أفضلَ مرغوب فيه،

وأجلَّ مُتحَفٍ به لا سيَّما [الحِكمِة] الإلهيّة، وخصوصاً ما كان حُكماً مِلِّـيًّا، ث

م كان يكشف سِرٍّا هو [مِن] أغمضِ أسرار الحِكْمة والمِلَّة،

وهو الإنباءُ عن الغرض المضمَّن في الحروف الخاصة فواتحَ عِدّة من السّور الفُرقانية ـ اتَّخَذتُ فيه رسالةً،

وجعلتُها هديّتى النيروزيَّة إليه ـ فإن أفضل الهَدَايا الهِداية،

وأشرفَ التُّحَف الحكمة ـ ووثقت بلُطْف موقعها من نفس مولاى الشيخ الأمير السيد [أدام الله عزَّه].

وألّفت هذه الرسالة مقسومة إلى فصول ثلاثة:

الأوَّل: في ترتيب الموجودات والدَّلالة على خاصيّة كل مرتبة من مراتبها.

الثاني : في الدَّلالة على كيفية دَلالة الحروف عليها.

الثالث: في الغرض . ....... وبالله التوفيق.

*
الفصل الأول

في ترتيب الموجودات والدلالة على خاصية كل مرتبة من مراتبها

هو جلّ وعلا مُبدع المبدَعات، ومنشئ الكل. وهو ذاتٌ لا يمكن أن يكون متكثِّراً، أو متغيِّراً،

أو متحيِّزاً، أو متقوِّماً بسبب في ذاته، أو مباينٍ لذاته. ولا يمكن أن يكون وجودٌ في مرتبة وجوده،

فضلاً عن أن يكون فوقَه. ولا وجود غيره ليس هو المفيد إياه وقوامَه،

فضلاً عن أن يكون مُستفيداً عن وجود غيره وجوده، بل هو الحق المحض والجود المحض،

والخير المحض، والعلم المحض، والقدرة المحضة، والحياة المحضة،

من غير أن يدلَّ بكل واحدٍ من هذه الألفاظ على معنى مفردٍ على حدة

بل المفهوم منها عند الحكماء معنى واحد وذاتٌ واحدة،

ولا يمكن أن يكون في ذاتِه مادة أو يخالطه بالقوة، أو يتأخّر عنه شيء من أوصاف جلالته ذاتيا أو فعليّا.

وأوَّل ما يُبدَع عنه عالمَ العقل الأوَّل

وهو جملة تشتمل على عشر من الموجودات قائمة بلا موادّ، خالية عن القوة والاستعداد

عقول طاهرة، وصور باهرة، ليس في طباعها أن تتغير، أو تتكثر، أو تتحيَّز

كلها مشتاقٌ إلى الحق الأوَّل والاقتداء به، والإظهار لأمره

واقفٌ من قربه والالتذاذ بالقرب العقلىّ منه سَرمَدَ الدهر على نسبة واحدة.

ثم العالَم النفسىّ

وهو مشتمل على جملة كثيرة من ذوات معقولة ليست مفارقةً لمادة الموادّ كلَّ المفارقة

بل هي ملابِستُها نوعاً من المُلابسة، وموادُّها موادّ ثابتة سماوية، فلذلك هي أفضل الصوَر المادّية

وهي مدبّرات للأجرام الفلكية، وبوساطتها للعنصرية، ولها في طباعها نوع من التغير

ونوع من التكثُّر لا على الإطلاق، وكلها عُشَّاق للعالَم العقلى

ولكلِّ عدّةٍ مرتبطةٍ في جملةٍ منها ارتباطٌ بواحد من العقول العشرة

فهو عالم المثال الكُلىّ المرتسم في ذات مَبدئه المُفارق، مستفاداً عن ذات الأول الحق.

ثم عالم الطبيعة

وهو يشتمل على قوىً سارية في الأجسام، ملابسة للمادّة على التمام

تَفعل فيها الحركات والسُّكونات الذاتية، وترقى عليها الكمالات الجوهرية على سبيل التسخير.

فهذه القوَى كلُّها فعَّالة.

وبعدها العالم الجِسْمانىّ

وهو ينقسم إلى أثيرىّ وعُنصرىّ. وخاصية الأثيرى استدارة الشكل والحركة

واستغراق الصورة للمادة، وخلوّ الجوهر عن المادة المضادة.

وخاصيَّة العنصرىّ التهيُّؤ للأشكال المختلفة، والأحوال المتغايرة

وانقسام المادة بين الصورتين المتضادتين، أيتهما كانت بالفعل كانت الأخرى بالقوة

وليس وجود إحداهما لها وجوداً سَرمديٍّا، بل وجوداً زمانيٍّا.

ومبادئه الفعَّالة فيه من القوة السماوية بتوسُّط الحركات

وبسبق كماله الأخير أبداً بالقوة وبكون ما هو أول فيه بالطبعِ آخراً في الشرف والفضل

ولكل واحدٍ من القوى المذكورة اعتبار بذاته، واعتبار بالإضافة إلى تاليه الكائن عنه.

ونسبة الثوانى كلها إلى الأوّل بحسب الشركة نسبة الإبداع.

وأما على التفصيل فيخصّ العقل نسبة الإبداع،

ثم إذا قام متوسطاً بينه وبين الثوالث صار له نسبة الأمر واندرج فيه معه النفس

ثم كان بعده نسبة الخلق والأمور العنصرية، بما هى كائنة فاسدة

فنسبة التكوين والإبداع. والإبداع يختص بالعقل، والأمر يفيض منه إلى النفس

والخلق يختص بالموجودات الطبيعية، ويعم جميعها، والتكوين يختص بالكائنة الفاسدة منها.

وإذا كانت الموجودات بالقسمة الكلية، إما روحانية، وإما جسمانية

فالنسبة الكلية إلى المبدأ الحق إليها أنه الذي له الخلق والأمر.

فالأمر متعلق بكل ذي إدراك، والخلق بكل ذي تسخير.

وهذا هو غرضنا في هذا الفصل الأول.


الفصل الثانى

في الدلالة على كيفية دلالة الحروف عليها

من الضرورة أنه إذا أريد الدلالة على هذه المراتب من الحروف

أن يكون الأول منها في الترتيب القديم ـ وهو ترتيب أبْجد هوّز ـ

دالاً على الأول وما يتلوه على ما يتلوه.

وأن يكون الدالّ على هذه المعانى بما هو ذات من الحروف مقدَّماً على الدال عليها من جهة ما هي مضافة.

وأن يكون المعنى الذي يرتسم من إضافة بين اثنين منها مدلولاً عليه بالحرف الذي يرتسم من ضرب الحرفين الأولين

أحدهما في الآخر، أعنى مما يكون من ضرب عددى الحرفين أحدهما في الآخر.

وأن يكون ما يحصل من العدد الضربى مدلولا عليه بحرف واحد، مستعملاً في هذه الدلالة

مثل: (ى) الذي من ضرب (ب) في (هـ).

وما يصير مدلولاً عليه بحرفين، مثل : (بـ) الذي هو من ضرب (ج) في (هـ)

مُطَّرَحاً لأنه مشكِّك، يوهم دلالة كل من (ى) و (هـ) بنفسه.

ويقع هذا الاشتباه في كل حرفين مجتمعين لكل واحد منهما خاصُّ دلالةٍ في حدّ نفسه.

وأن يكون الحرف الدال على مرتبة من جهاتها بوساطة مرتبة قبلها

هو ما يكون من جمع حرفَى المرتبتين.

فإذا تقرَّر هذا فإنه ينبغى أن يدلَّ بالألف على البارى جلَّ وعلا، وبالباء على العقل

وبالجيم على النفس، وبالدال على الطبيعة. هذا إذا أُخِذت بما هي ذوات.

ثم بالهاء على البارى تعالى

وبالواو على العقل، وبالزاء على النفس، وبالحاء على الطبيعة.

هذا إذا أُخِذت بما هي مضافةٌ إلى ما دُونَها.

ويبقى الطاء للهَيولى وعالمه، ليس له وجود بالإضافة إلى شيء تحته.

وينفَد رتبة الآحاد.

ويكون (الإبداع) ـ وهو من إضافة الأول إلى العقل والعقل ذات لا يضاف ـ بَعدُ مدلولاً عليه بالياء

لأنه من ضرب (هـ) في (ب). ولا يصحّ لإضافة الباري إلى النفس

أو العقل إلى النفس عدد يُدَلُّ عليه بحرف واحد

لأن (هـ) في (ج) (بـ) و (و) في (ج) (بح)، ويكون (الأمر)

وهو من إضافة الأول إلى العقل مضافاً مدلولاً عليه باللام لأنه من ضرب (هـ) في (و).

ويكون (الخلق) ـ وهو من إضافة الأول إلى الطبيعة مضافةً ـ مدلولاً عليه بالميم

لأنه من ضرب (هـ) في (ح) لأن الحاء دلالة على الطبيعة مضافة.

ويكون (التكوين) ـ وهو من إضافة البارى إلى الطبيعة وهي ذات ـ مدلولاً عليه بالكاف

لأنه من ضرب (هـ) في (د).

ويكون جميع نسبتى (الأمر والخلق)

أعني ترتيب الخلق بواسطة الأمر ـ أعني اللام والميم ـ مدلولاً عليه بحرف (ع).

وجميع نسبتى (الخلق والتكوين) كذلك ـ أعنى الميم والكاف ـ مدلولا عليه بالسين.

ويكون جميع نسبتى طرفي الوجود ـ أعني اللام والكاف ـ مدلولاً عليه بالنون.

ويكون جميع نسب الأمر والخلق والتكوين ـ أعني: (ل ، م ، ك) ـ مدلولاً عليه بـ (ـص).

ويكون اشتمال الجملة في الإبداع ـ أعني (ى) في نفسه ـ (ق).

وهو أيضاً من جمع (ص) و (ي).

ويكون ردُّها إلى الأول الذي هو مبدأ الكل ومنتهاه على أنه أوّل وآخِر ـ أعني فاعل وغاية

كما بُيِّن في الإلهيَّات ـ مدلولاً عليه بالراء ضعف (ق).

وذلك غَرضَنا في هذا الفصل·

الفصل الثالث

في الغرض

فإذا تقرّر ذلك فأقول:

إن المدلول عليه بـ (ألم) هو القَسَم بالأوَّل ذي الأمر والخلْق.

وبـ (ألمر) القَسَم بالأول ذي الأمر والخلْق

الذي هو الأول والآخِر والأمر والخلق والمبدأ الفاعلىّ والمبدأ الغائىُّ جميعاً.

وبـ (ألمص) القسم بالأول ذي الأمر والخلق, ومنشئ الكلّ.

وبـ (ـص) القَسم بالعناية الكلّـيَّة.

وبـ (ق) القسم بالإبداع المشتمل على الكل بوساطة الإبداع المتناول للعقل.

و بـ (كهيعص) القسم بالنسبة التي للكاف ـ أعني عالم التكوين ـ إلى المبدأ الأول

فنسبةِ الإبداع الذي هو (ي)

ثم الخلقِ بوساطة الإبداع صائراً بوقوع الإضافة بسبب النسبة أمراً وهو (ع)

ثم التكوين بوساطة الخلق والأمر وهو (ص). فبين (ك) و (هـ) ضرورةً نسبةُ الإبداع

ثم نسبة الخلق والأمر، ثم نسبة التكوين والخلق والأمر.

و (يس) قسَمٌ بأوّلِ الفيض، وهو الإبداع، وآخِره، وهو التكوين.

و(حم) قسمٌ بالعالم الطبيعى الواقع في الخلق.

و (حم عسق) قسمٌ بمدلول وساطة الخلق في وجود العالم الطبيعى بالخلق

بالجمع بينه وبين الأمر، بنسبة الخلق إلى الأمر، ونسبة الخلق إلى التكوين

بأن يأخذ من هذا ويؤدي إلى ذلك فيتمَّ به الإبداع الكلّىّ المشتملُ على العوالم كلِّها

فإنها إذا أُخِذَت على الإجمال لم يكن لها نسبةٌ إلى الأوّلِ غيرُ الإبداع الكلىّ الذى يُدَلُّ عليه بـ (ق).

و (طس) يمينٌ بالعالم الهَيُولانىّ الواقع في التكوين.

[وطسم قسمٌ بالعالم الهيولانى الواقع فى الخلق المشتمل على التكوين، وبالأمر الواقع في الإبداع].

و (ن) قسم بعالم التكوين وعالم الأمر، أعني مجموع (ك، ل).

ولا يمكن أن يكون للحروف دلالة غيرُ هذا ألـبَتَّة.

ثُمَّ بعد هذا أسرارٌ تحتاج إلى المُشافهة.

والله تعالى يمدُّ في بقاء الشيخ الأمير السيِّد

ويبارك له في نِعَمه عِندَه، ويجعلنى ممن يوفَّق لقضاءِ أياديه بمنِّه وسَعَة رحمته.

والحمد للّه، والصلاة والسلام على رسول الله، والتوفيق من الله سبحانه وتعالى.

تمت الرسالة النيروزيّة، ولله الحمد والمنَّة.
ملحق شارح للرسالة النيروزية
أ = الباري = الأول

ب = العقل

ج = النفس

د = الطبيعة ....... ( أبجد ...... بما هي ذوات )


هـ = الباري = الأول

و = العقل

ز = النفس

ح = الطبيعة ......... ( هوز ...... بما هي مضافــــة )


ط = الهيولي ( وهي المادة المجردة من الصورة ) وهي لا تقع مضافة


ي = الإبداع من ضرب هـ x ب

ل = الأمر من ضرب هـ x و

م = الخلق من ضرب هـ x ح

ك = التكوين من ضرب هـ x د


ع = الأمر + الخلق = ل + م

س = الخلق + التكوين = م + ك

ن = طرفي الوجود = ل + ك

ص = الأمر + الخلق + التكوين = ل + م + ك

ق = ص + ي = الأمر + الخلق + التكوين + الإبداع

ر = ضعف ق = رد الجملة ( أي الإبداع ، والأمر ، والخلق ، والتكوين ) إلى الأول ، أي الباري .
والله اعلم

مشهور
08-10-2012, 05:57 AM
مشكور شيخنا الفاضل عبود المغربي على المواضيع القيمة التي تسطرها باناملك بارك الله فيك وعليك

طه حبيب
08-10-2012, 06:04 AM
مشكور شيخنا على الطرح الاكثر من رائع بارك الله فيك وفى انفاسك

هدى راضى
08-10-2012, 07:21 AM
مشكور شيخنا المغربى وبارك الله فيك وفى علمك ومجهودك وابقاك الله لنا ذخرا وعونا

اميرة القلوب
08-10-2012, 05:44 PM
شكـــــــ وبارك الله فيك وعليك ـــــــــــــــرا ...........

غالية
08-10-2012, 06:27 PM
بارك الله فيك شيخنا وزادك من فضله وعطاياه وجعلها لك ذخرا بميزان اعمالك الصالحة اللهم امين

ظفار العدوى
08-10-2012, 07:39 PM
مشكور شيخنا المغربى وبارك الله فيك وفى علمك ومجهودك وابقاك الله لنا ذخرا وعونا

زخارى
09-10-2012, 10:48 AM
مشكور وبارك الله فيك يا شيخنا وجعله فى ميزان حسناتك

جنة
09-10-2012, 06:33 PM
مشكور شيخنا الجليل على الطرح الطيب وبارك الله فيك وعليك وادامك لنا فى خير وصحة وعافية

ظفار العدوى
09-10-2012, 07:55 PM
مشكور شيخنا المغربى وبارك الله فيك وفى علمك ومجهودك وابقاك الله لنا ذخرا وعونا

شكرى
09-10-2012, 08:53 PM
مشكور وبارك الله فيك يا شيخنا وجعله فى ميزان حسناتك

نسائم الرحمن
09-10-2012, 10:49 PM
بارك الله فيك شيخنا وزادك من فضله وعطاياه وجعلها لك ذخرا بميزان اعمالك الصالحة اللهم امين

هاشم
12-10-2012, 07:39 PM
مشكورة استاذة نسائم على الطرح الممتع والمفيد بارك الله فيك وعليك

صالح
14-09-2014, 12:24 PM
مشكور وبارك الله فيك يا شيخنا وجعله فى ميزان حسناتك

Shaimaa youssef
28-11-2014, 05:47 PM
بارك الله فيك مشكور شيخنا جزاك الله كل خير