المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما الفرق بين الكرامة والمعجزة والسحر ؟



الشيخ درويش عبود المغربى
12-10-2012, 02:00 PM
ما الفرق بين الكرامة والمعجزة والسحر ؟

تختلف الكرامة عن المعجزة في أن المعجزة أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد نبي من أنبيائه لتقوم به الحجة على من كذَّبه.
يقول الدكتور محمد البوطي في كتاب فقه السيرة (466-477) :المعجزة التي تحصل على يد النبي إنما تكون مقترنة بدعوى النبوة والتحدي بها على صدق دعواه ، وليس السحر كذلك فلا يمكن أن يتم من يد الساحر مع دعوى أنه نبي ، هذا إلى أن سلطان السحر محدود فهو وإن كان له حقيقة غير أن حقيقته لا تتجاوز حدودا معينة ولا يمكن أن يتوصل به إلى قلب الحقائق وتبديل جواهر الأشياء ، ولذلك عبر الله سبحانه وتعالى عن السحر الذي صنعه سحرة فرعون بقوله ( فَإذَا حِبالُهُمْ وَعِصِيِّهم يُخَيَّلُ إلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أنَّـهَا تَسْعَى( (طه 66). إذن الأعين هي التي سحرت وليست الحبال والعصي ، وهذا يؤكد أن مناط السحر دائما هو جسم الإنسان أو حواسه أو جوارحه تظهر بسببه بعض المرئيات على غير حقيقتها".
ويقول الإمام النووي في صحيح مسلم بشرح النووي (14، 175-176): "العادة تنخرق على يد النبي والولي والساحر ، لكن النبي يتحدى بها الخلق ويستعجزهم عن مثلها ويخبر عن الله بخرق العادة بها لتصديقه ، فلو كان كاذبا لم تنخرق العادة على يديه ، ولو خرقها الله على يد كاذب لخرقها عل يد المعارضين للأنبياء ، وأما الولي والساحر فلا يتحديان الخلق ولا يستدلان على نبوة ، ولو ادعيا شيئا من ذلك لم تنخرق العادة لهما ، وأما الفرق بين الولي والساحر فمن وجهين: أحدهما وهو المشهور ، إجماع المسلمين على أن السحر لا يظهر إلا على فاسق ، والكرامة لا تظهر على فاسق ، وإنما تظهر على ولي .. وبهذا جزم إمام الحرمين وأبو سعد المتولي وغيرهما. والثاني: أن السحر بفعل وبمزج وبمعاناة ، والكرامة لا تفتقر إلى ذلك وفي كثير من الأوقات يقع ذلك (أي الكرامة) اتفاقا من غير أن يستدعيه أو يشعر به والله أعلم".
وفي كتاب "الغلو في الدين ـ غلو التطرف وغلو التصوف" للشيخ الصادق عبد الرحمن الغرياني - أستاذ الشريعة بالجامعات الليبية يقول :ـ
ولا تكون الكرامة إلا لما كان له أصل في معجزات الرسول صلى الله عليه و سلم فإن لم يكن للكرامة أصل في المعجزة فهي غير صحيحة وإن بدت للناظر كرامة. من ذلك ما يظهر على من يستعمل الأدعية التي روعيت فيها طبائع الحروف ، والتصريف بالهمم بتسليطها على الأشياء حتى تنفعل ، فليس لهذا أصل في النبوة وإنما أصله عند الفلاسفة. وما ظهر منه فليس بكرامة وإنما هو باطل محض قد يتوصل إليه بالسحر أو بالعين.
والكرامة لا يعتد بها ولا نسمى كرامة إلا إذا كانت وفق الشرع ، فإن أتت بما حرمه الشرع أو نهى عنه فهي ليست بحق ولا كرامة. فالكرامة برؤيا أو غيرها هي أمر خارق للعادة وليست أمرا خارقا للشرع ، لأن الكرامات منح من الله تعالى تنتجها الأعمال الصالحة والتقوى. فأهل العلم لا يعتبرون بأي كشف أوخطاب أو رؤيا تخالف الشرع ، بل يعدون ما يخالف الشرع من الشيطان ، وكل كرامة أو رؤيا تصدر عن غير الأنبياء، لا تقبل إلا بعد عرضها على أحكام الشريعة ، فإن وافقت أحكام الشريعة فهي صحيحة ، وإلا فهي مردودة لقول النبي e: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدُّ"، أي مردود (البخاري 2697).
يقول الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" (142-141): "وكرامات أولياء الله إنما حصلت ببركة اتباع رسوله e فهي في الحقيقة تدْخل في معجزات الرسول صلى الله عليه و سلم .. وبين كرامات الأولياء وما يشبهها من الأحوال الشيطانية فرؤق متعددة منها أن كرامات الأولياء سببها الإيـمان والتقوى .. والأحوال الشيطانية سببها ما نهى الله عنه ورسوله.
والحكمة من وقوع الكرامة تقوية إيمان الولي ورفع درجته ، لحاجته إليها ، تعظيما لأمر الله ، وإحقاقا للحق ، لتكون حجة في الدين ومصلحة للمسلمين ، وإرهابا ودحرا للفجرة والظالمين ، فتزداد بذلك هيبة الدين ، وتقوى الله في نفوس الخلق . وليس من أغراض الكرامة أن يتحدث بها الولي عن نفسه ، لتعظم منزلته عند الناس.
والكرامة أمر جائز الوقوع للمؤمنين المتقين ، والأخبار عن صحتها ووقوعها لأولياء الله تعالى الصالحين من الصحابة ومن بعدهم ثابت بالنقل الصحيح ، وبعضه متواتر مستفيض.
ومن أمثلته:ـ
* كان أبو بكررضي الله عنه من أهل الكرامات فقد نزلت البركة في طعام ضيوف آل أبي بكر، ففي رواية ابنه عبد الرحمن للحديث ، قال: "وايم الله ما كنا نأخذ من اللقمة ربا من أسفلها أكثر منها ، حتى شبعوا، وصارت أكثر مما كانت قبل". حتى قالت له امرأته عندما نظرت إلى بقية الطعام بعد إن شبع الضيوف: "لهي الآن أكثر من ذي قبل بثلاث مرات". وفي سنن الترمذي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" (الترمذي 3682) .
* وفي الصحيح عن أسيد بن حضير: "بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة ، وفرسه مربوط عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، فقرأ فجالت الفرس، فسكت فسكنت الفرس ، ثم قرأ فجالت. وكان ابنه يحيى قريبا منه فأشفق أن تصيبه ، فأخذه من مكانه خشية أن تصيبه ، قال: فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظُّـلَّة فيها أمثال المصابيح ، فخرجَت حتى لا أراها. فلما أصبح حدَّث النبي صلى الله عليه و سلم فقال له: وتدري ما ذاك؟ قال: لا ، قال: تلك الملائكة دنت لصوتك ، ولو قرأتَ لأصبحت ينظر الناس إليها ، لا تتوارى منهم (البخاري مع فتح الباري 10/349).
* وفي الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه "أن أُسَيد بن حُضير وعبَّاد بن بشر خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه و سلم في ليلة مظلمة ، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا ، فتفرق النور معهما" (البخاري مع فتح الباري 7/407).
* وكان أنس بن النضر ممن لو أقسم على الله لأبره كما جاء في حديث البخاري (البخاري مع فتح الباري 6/234). وكذلك كان البراء بن مالك إذا اشتد الكرب على المسلمين في الجهاد ، قالوا: يا براء أقسم على ربك. فلما كان يوم "تُستَر" من بلاد فارس، انكشف الناس (أي كادوا ينهزمون) فقال المسلمون: يا براء، أقسم على ربك، فقال: أُقسم عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم،.......
* وذكر في سير أعلام النبلاء (4/7) أن أبو مسلم الخولاني (ت 62 هـ) دعاه الأسود العنسي الكذاب ، وقال له: أتشهد أني رسول الله؟ قال ما أسمع ، قال أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال نعم ، فألقاه في النار، فتحولت عليه بردا وسلاما ، فوجدوه فيها قائما يصلي. قدم عمر رضي الله عنه فأكرمه وفرح به ، وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيت من أمة محمد صلى الله عليه و سلم من فُعل به كما فُعل بإبراهيم خليل الله.
* وأمر الحجاج جنده أن يأتوا بالحسن البصري ، فدخلوا عليه مرارا وهو يدعو الله عز وجل ، فلم يبصروه.
* وكان لأبي الصهباء (صلة بن أشيم ، ت 62 هـ) فرس مات وهو في الغزو فقال: اللهم لا تجعل لمخلوق عليّ منّة ، فأحيا الله له فرسه حتى وصل بيته، ثم قال لإبنه: يا بني خذ سرج الفرس فإنه عارية، فأخذه ومات الفرس.
* وكان مطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير (ت 86 هـ) إذا دخل بيته سبحت معه آنيته.
* وكان إبراهيم بن يزيد التيمي (ت 92 هـ) يقيم الشهر والشهرين لا يأكل شيئا.
* وفي الصحيحين أن عمران بن حصين كانت به بواسير ، فكان يصبر على ألمها فكانت الملائكة تسلم عليه ، قال : "حتى اكتويت ، فتُركْتُ ، ثم تركت الكي فعاد" (مسلم 2/899).
* وكان عامر بن عبد الله بن قيس ممن تخرج على أبي موسى الأشعري في النسك والعبادة ، ومنه تلقن القرآن. فكان يأخذ عطائه ألفي درهم ، وما يلقاه سائل في الطريق إلا أعطاه من غير عد ولا حساب ، فإذا رجع إلى بيته وجدها لم تنقص شيئا.
* ومر عامر بقافلة كان قد حبسهم الأسد ، فلم يقدروا على المرور ، فجاء إلى الأسد حتى وضع رجله على عنقه وقال له: إنما أنت كلب من كلاب الرحمن. وكان يقول والله إنني لأستحي من الله تعالى أن أخاف شيئا غيره. منقول

زخارى
12-10-2012, 04:30 PM
الف مبروك شيخنا الكريم المغربى على افتتاح هذه المملكة الجديدة فى المنتدى والذى يعود على الاعضاء بالنفع الكبير من حيث انشطتهم ومشاركتهم فى المواضيع وبارك الله فيك على الطرح الطيب والى الامام دوما ولمزيد من الرقى والتقدم للمنتدى بمشيئة الله

جنة
12-10-2012, 06:25 PM
مشكور شيخنا الكريم على الطرح الطيب والف مبروك افتتاح المملكة الجديدة والى الامام دائما لتطوير ورقى منتدانا ان شاء الله

هاشم
12-10-2012, 07:01 PM
ما شاء الله شيخنا ربنا يزيد ويبارك وكل يوم تزود النا مملكة (ابتسامة)
وشكرا على الطرح الطيب امد الله لنا فى عمرك شيخنا بكل خير وصحة وعافية

شكرى
12-10-2012, 09:43 PM
مبارك شيخنا افتتاح المملكة الجديدة نسأل الله عز وجل ان تكون فى نفع الاعضاء ورقى المنتدى وبارك الله فيك على الموضوع والطرح

ظفار العدوى
12-10-2012, 10:18 PM
جزاك الله عنا خير الجزاء شيخنا وشكرا على الطرح الطيب

نسائم الرحمن
13-10-2012, 08:47 AM
مبارك علينا شيخنا افتتاح المملكة الجديدة وبمشيئة الله تكون فاتحة خير علينا جميعا وشكرا على الطرح الطيب والممتع

مركوش
19-10-2012, 05:48 PM
جزيل الشكر للمواضيع المميزة وبارك الله فيكم جميعا وشكرا للقائمين على المنتدى وشيخنا الفاضل عبود المغربى كل عام وانتم جميعا بخير

وعد المحبة
20-10-2012, 02:39 PM
شكرا وبارك الله فيكم جميعا على المواضيع المفيدة والرائعة وعيدكم مبارك ان شاء الله

ساجدة لله
25-09-2014, 01:08 PM
جزاكم الله خيرا

داليا
27-09-2014, 02:28 AM
جزاك الله عنا خير الجزاء شيخنا وشكرا على الطرح الطيب

غالية
09-10-2014, 12:34 PM
جزاك الله عنا خير الجزاء شيخنا وشكرا على الطرح الطيب

نور الهدى
17-10-2014, 08:37 AM
جزاك الله عنا خير الجزاء شيخنا وشكرا على الطرح الطيب

Shaimaa youssef
27-10-2014, 04:16 PM
موضوع اكثر من رائع يا شيخنا مشكور وجزاك الله خيرا.

ماشى فى نور الله
29-08-2020, 11:19 AM
نفع الله بكم يا شيخ

ابو على
02-09-2020, 05:42 PM
شكـــــــ وجزاك الله خيرا ـــــــــــــــرا ...........

الدمشقي
05-09-2020, 12:59 PM
بارك الله فيكم ونفع بكم يا شيخ

البراء
11-09-2020, 11:23 PM
احسنت يا شيخ بارك الله فيك

محسن على
13-09-2020, 11:10 AM
شكرا وجزاكم الله كل خير على الطرح القيم يا شيخ عبود

باسل عبد الهادى
15-09-2020, 05:45 PM
شكـــــــ وجزاك الله خيرا ـــــــــــــــرا ...........

ابو يمان
16-09-2020, 12:19 PM
جزاك الله خيرا يا شيخ عبود

عمر الوزاني
14-03-2021, 01:40 PM
شكرًا بارك الله فيكم

الجاسم
17-03-2021, 06:05 PM
شكرا وبارك الله فيكم يا شيخ

ريحانة
23-03-2021, 10:38 PM
جزاكم الله خيرا

ماهر الزين
28-03-2021, 08:06 PM
بارك الله فيك يا شيخ

ابو ياسر
29-03-2021, 01:59 PM
مشكور يا شيخ بارك الله فيك

ادهم
04-04-2021, 01:09 PM
بارك الله فيك

محفوظ
30-04-2021, 05:31 PM
جزاكم الله خيرا

ام عقيلة
02-05-2021, 10:14 PM
شكرا وبارك الله فيكم

خلود العنزى
08-05-2021, 03:54 PM
مشكور شيخنا الكريم على الطرح الطيب

احمد طنطاوي
10-05-2021, 11:32 AM
جزاك الله خيرا

tarek
12-05-2021, 06:31 PM
جزاك الله كل خير

لاشين العامرى
22-05-2021, 12:53 PM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

ناهدة بركات
23-07-2021, 06:30 PM
بارك الله فيكم