العارف بالله الشيخ ابراهيم الدسوقي ابو العاطي
العارف بالله الشيخ إبراهيم الدسوقى أبو المعاطى💚❤
ولد بطنطا يوم الثلاثاء 26 رمضان سنة 1322هـ، الموافق 15 ديسمبر سنة 1903م.
بينما كانت أمه حاملا به رأى والده فى منامه، وآخرون من الأقارب، ستنا السيدة السيدة زينب فبشرتهم بمولود ذكر، وأمرتهم أن يسموه إبراهيم الدسوقى، وكان والده قبل ذلك قد عزم -إن رُزق ولدا- أن يسميه "حسب الله" على اسم أخيه، لكنه استجاب لما جاء فى الرؤيا التى تكررت فى العائلة، وأُطلق على الطفل اسم القطب الكبير بدسوق لعله يسير على دربه وينال من بركاته.
* * *
نشأ منذ نعومة أظفاره محاطا بالعناية، مشغولا بالعبادة ليله ونهاره.. ولما شب أراد أهله أن يزوجوه، فكان يتملص منهم، لا يريد أن يشغله شىء عن ربه.. ولكنه تزوج أخيرا ورُزق بالذرية..
ولما شبَّ عُيِّن موظفا بمصلحة البريد، وكان عمله بمكتب بريد العتبة، وبعد بضعة أشهر جذبته العناية وهو فى عمله، وحدث له حال شديد مما يعترى أهل الجذب أحيانا، فحمله زملاؤه إلى بيته بقليوب وقد ظن الجميع أن مرضا قد ألمّ به.
وجاءه طبيبان من قِبل العمل ليوقعا عليه الكشف الطبى، ويصفا له العلاج، وكان أحد الطبيبين زوجته مريضة، فلما دخلا عليه سألهما لماذا حضرا إليه؟ ولم يكن بينه وبينهما معرفة سابقة..
قالا: للكشف عليك ووصف العلاج اللازم..
فقال للطبيب زوج المريضة: عالج زوجتك أولا!
فأدرك الطبيب أنه أمام واحد من رجال الله من أهل الكشف.. فكتبا له أجازة من العمل وانصرفا.
وكان الشيخ قد خوطب: إن الله سيستعملك..
فلم يعد إلى عمله بعد ذلك، وتفرغ للأمر الذى كُلف به.
* * *
لم يكن له شيخ معين سلك على يده، ولم يتبع طريقة صوفية معينة.. لكنه التقى بولى القليوبية الكبير الشيخ سلامة العزامى القضاعى النقشبندى المتوفى سنة 1376هـ - 1956م، ومقامه مشهور بـــ "جزيرة النجدى".. طلب منه الشيخ سلامة الذهاب إلى الشرق، فتوجَّه إلى منطقة خالية بين قريتى "نوى" و"الزهويين".. وأقام بها إلى قبيل وفاته بقليل، وهى المنطقة التى بها الآن مسجده ومقامه الشهيرين.
وكانت قبل ذهابه إليها أرضا مهجورة لا تصلح للزراعة يأوى إليها اللصوص وقطاع الطرق.. لما ذهب إليها توجه إلى مقام صغير بالخلاء لولى يُعرف بسيدى علم الدين وجلس عنده، فأقبل عليه ثلاثة من اللصوص، فلما هجموا عليه كاشفهم بحقيقة كل واحد منهم، فقال لأولهم: أنت تسرق الحمير وتقوم بصباغتها وبيعها فى السوق، وللثانى: أنت تقتل بالأجر، وقال للثالث: أنت تسرق مواشى الناس وتحرمهم من قوتها.
فلما سمعوا ذلك خروا بين يديه خاضعين، وتابوا وأصبحوا بعد ذلك من أصحابه.
وأصبح الناس يعرفونهم اليوم باسم سيدى فلان وسيدى فلان وسيدى فلان.
* * *
بنى الشيخ أبو المعاطى مسجده ومقامه فى حياته، وكانت تأتيه الأموال ممن خزائنه لا تنفد..
وكان إذا جاءه مكروب أو صاحب حاجة أمره أن يزور المقام –وهو لا يزال حيا والمقام خال- ويسأل حاجته..
وهذا من أعظم الشواهد على أن العارفين لا يفرقون قط بين الحياة والموت، فالأولى حياة على الأرض، والثانية حياة فى البرازخ، وعند العارفين هما متصلان.
* * *
اشتهر أمر الشيخ فى جميع أرجاء القليوبية وخارجها أيضا، وازدحم عليه أصحاب الحاجات والطالبين والمحبين، وذاعت كراماته..
منها إبراء مرضى، ومنها الكلام على الخاطر، وكان يخبر كل أحد بحاله، وربما فضح البعض، وربما أسر فى الأذن للبعض الآخر حسب ما تقتضى الحال.
* * *
من كراماته
- كان هناك رجل عنده فرس يرقص به فى الموالد والمناسبات، ويكسب رزقه من ذلك، وفى إحدى المناسبات كان الشيخ حاضرا، وكان الرجل على الفرس يضربه بعصا معه لكى يهدأ، فدعاه الشيخ إليه، ووضع يده على الفرس فهدأ فى الحال، وكان الرجل ممن يتعاطى الحشيش، وبجيبه قطعة منه، فمد الشيخ يده فى جيبه وأخرجها، وقال له: ما هذا؟ فقال الرجل: تبت يا سيدى!
فأمره الشيخ أن يلقى بها فى مكان معين ثم يرجع إليه.. لكن الرجل لم تطاوعه نفسه على إلقائها، فأخفاها فى ثنية قلنسوته، وعاد إلى الشيخ، فسأله: رميتها؟ قال: نعم يا سيدى. فمد الشيخ يده واستخرجها من قلنسوته.. فأعلن الرجل توبته بصدق ولزم الشيخ بعد ذلك.
- كان يقيم بمسجد سيدى عواض بقليوب البلد رجل صالح يقوم بإطعام الطعام للوافدين على المسجد والمقام، كان جنديا ممن حضر الحرب بين مصر وإسرائيل سنة 1973م، وممن عبروا قناة السويس.. اسمه سيد عمر، ولكنه أطلق على نفسه اسم سيد إبراهيم نسبة إلى الشيخ إبراهيم أبو المعاطى وذلك بسبب كرامة للشيخ شاهدها بنفسه فكانت سببا فى تغيير حياته كلها بعدها.. قال: ضُرب المعبر الذى كنا نعبر عليه فرأيت رجال بملابس بيضاء يشدون المعبر ورأيت من بينهم الشيخ أبو المعاطى ونادى علىَّ: اعبر يا سيد.
كان الشيخ مهتما بالشأن العام، و كان يُشترى يوميا جميع الجرائد فيقوم بقراءة العناوين ويتصفحها سريعا ليقف على آخر الأخبار.
وكان له مريدون فى أنحاء مصر، وبنى مساجد فى سيناء، فى رفح والشيخ زويد والقنطرة غرب والإسماعيلية..
* * *
من أخلاقه
كانت الحاجة زينب امرأة فقيرة، تربى أيتاما لها، وكانت تسكن "عزبة إبراهيم بك" فى المصانع.. وكانت تكسب رزقا متواضعا من بيع الطعمية..
فكان الشيخ يأتيها كل يوم صباحا، بعد صلاة الفجر، يساعدها فى عملها، هى تقلى الطعمية وهو يبيع لها، فحلت البركة بتجارتها، ووسع الله عليها، وربت أيتامها حتى كبروا..
وحكايات كثيرة تسمعها ممن عاصروا الشيخ وشاهدوا أحواله فى الجود والسخاء، ومساعدة المحتاجين، والوقوف بجانب الضعفاء والمساكين..
* * *
الساحة
الساحة كبيرة مترامية الأطراف، ، ويتوسط الساحة صارى شامخ، بأعلاه خمسة وعشرين مصباحا كبيرا، وترفرف فوقها راية خضراء، والصارى فى العادة يكون هو مركز حلقة الذكر..
وعلى يمين الساحة مبنى من طابقين، به خلوة الشيخ، وكذلك خلوة ابنته الشيخة سميحة التى لم تتزوج وانقطعت للعبادة حتى انتقلت إلى رحمة الله، ومقامها ظاهر يزار بنفس المكان.. وبالطابق الأسفل مكان الخدمة، وهو مطبخ الساحة حيث يقدم الطعام بسخاء كالعادة فى الساحات الصوفية..
* * *
وفاته
تُوفى الشيخ يوم الثلاثاء 6 جماد الآخرة سنة 1405هـ، الموافق 26 فبراير سنة 1985م.
ويوم وفاته سارت جنازته من قليوب إلى مقامه الذى دفن به، وهى مسافة تزيد على ثمانية كيلومترات، وكان الطريق وقتها ترابا غير مسفلت، والنعش رفض الدخول فى السيارة، وسار بالناس، وكان هو الذى يقود الجنازة، فلما وصلت على الطريق إلى محاذاة جزيرة النجدى توقف بالناس بعض الوقت فى مواجهة قبر شيخه الشيخ سلامة العزامى، ثم انطلق بالناس إلى مقام سيدى نجم الدين، وهو يبعد نحو كيلو من مسجده ومقامه، ثم انطلق إلى المقابر حيث يقيم الشيخ راشد بين المقابر.. ثم عاد بالجميع ليدفن بمكانه المعروف..
اليوم أصبح مقام الشيخ ومسجده نواة لمجتمع جديد تكون حولهما، وقرية جديدة نشأت، واحتلت مكانها على خريطة مصر لم تكن موجودة من قبل، اسمها على اسمه: "أبو المعاطى"..
ولا زال قبره بها ظاهر يُزار ويُتبرك به، ويُحتفل بمولده كل عام.
* * *
منقول علي ذمة الناشر
