(1/180)

ص 131 أ للرديف وربما دل الدُبر في المنام على ما يباشره في اليقظة من مرحاض أو سراويل أو ما يجلس عليه من حصير أو يركب عليه من دابة أو مسرح وربما دل على ما يباشره من سقم أو ضرب وربما دل على إقباله في الأمور العظيمة أو إدباره عنها وربما دل الدُبر على طاعة صاحبه ومعصيته وربما دل على باب سره أو خادمه المباشر لأوساخه وربما دل على كير الحداد وبوق البُواق وعلى ما يبد وأمنه من الكلام الطيب أو الرديء ويدل على المزراب الذي يذهب بأوساخ الدار ويدل الدبُر على دار الوحشة التي لا يزورها أحد أو الأرض السبخة التي لا يزرعها أحد ولا يحصدها وتدل على الرجل المبعود لجهله أو مكان البدعة والفسق وربما دل الدبر على الفم الأنجر ويدل على الأفراح والسرور والدُبر عوده فإن رأي في المنام عودة إنسان أتى منكراً لقوله عليه السلام ( لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يَفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحده ولا المرأة إلى المرأة في ثوب واحده )
فإن ظهر من دُبره في المنام زيادة رديئة دل على إدباره عن الزحف أو على دبَرَه في رأيه وربما كان كثير الحرج أو الحجر عليه فيما يريد أن تتصرف فيه
ص 131 ب
وربما وجد سبيلاً لمصلحته فتعذر وصوله إليها عند الحاجة وربما قعد عن سفر وربما احتاج إلى إصلاح سُفرة سَفره وربما أردف وراءه رديفاً وإن رأى كأنه يحكُ دُبره بلحمة أو شيء مما يؤكل دل ذلك على البَغا تلحقه في دبره
(1/181)

وأما الفخذ فإنه يدل في التأويل على أحد أركان البيت أو أحد عَمدِه وربما دل على ما يعتمد عليه من مال أو سيد أو والد أو ولد أو زوجة أو زوج أو كسب أو دابة أو آلة تعينه على كسبه وربما دل الفخذ على العشيرة أو القبيلة التي هو منها فمن رأى فخذه في المنام قد حسُن دل على حسن حال من دل عليه وكذلك إن رأى فيه زيادة رديئة كان عكسه وربما دل تعذر نفع الفخذ على تعطيل نفع الزوجة أو كما المركوب كما ذكرنا ويدل على الصلاة وإتمامها والتورك فيها ويدل على ما يصونه من لباس أو عُدة أو ما يجلس عليه
وأما الركبة فيشتق منها الكُربة كما أن الأخذ من الفخذ وربما دلت الرُكبة على إتمام الركوع والسجود ثم على ما دلت الفخذ عليه وتدل على أخذ الإنسان وعطائه وحركته وسكونه وسفره ومقامه وتدل على ما يجمع من المال وما يصرفه وتدل على الصحبة والألفة والمحبة
فمن رأى أن ركبته قد كبُرت
ص 132 أ أو اشتد عظمها أو حسُن حالها فإن كان في كُربه فَرَج الله عنه وربما دل ذلك على ملازمته الصلاة والقيام بشروطها وإن رآها قد انفكت أو انكسرت أو حصل فيها قرح أو دماء سائلة دل على تعطيل حركته أو ثوران سكونه
وإن كان يقصد سفراً قعد عنه وربما تعذر عليه نفع ماله وإن كان بينه وبين أحد مودة انفصلت وربما دل على تعطيل المركب أو الدابة
فصل في الساق والقدم والكعب والعِقب والجلد
(1/182)

وأما الساق فهو من ساق يسوق كما أن القدم يقدم ومن الكعب كواعب ومن العقِب أعقاب فمن رأى في المنام ساقه حسناً سميناً دل على حُسن ما يسوقه أو يُساق إليه أو على ما ساقه من مال أو هدية وتكاثف الشعر على ساق المرأة ذلة وحيلة تعمل عليها في زوج أو ملِك وربما دل ذلك على ظهور الأسرار وعلى الهداية بعد الضلالة لقوله تعالى إخباراً عن من قالت ( فلما رأته حسبته لجة ً وكشفت عن ساقيها ) الآية والقصة غير خافية وربما دلت الساق على الشدة لأنه يقال ( قامت الحرب على ساق واحدة ) وإن رأى ساقان ملفوفان دل على الخوف والبلاء لقوله تعالى ( والتفت الساق
ص 132 ب بالساق إلى ربك يومئذ المساق ) وتغيّر حال الساق دليل على سوء حال ما يسوقه من مال وغيره أو تساق إليه وكشف الساق دليل على ترك الصلاة والذلة بعد العزّ لقوله تعالى ( يوم يُكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ) الآية
وأما القدم فحسنها دليل على حُسن حال الرأي في دينه ودنياه وإن حَسنت قدم الميت كان دليلاً على أنه في الجنة لقوله تعالى ( وبشر الذين آمنوا أن لهم قَدم صدق عند ربهم ) وإن رأى العاصي أن قدمه قد حسُنت دل على توبته ويدل ذلك للكافر على إسلامه وربما دل ذلك على الإقدام في الأمور وحُسن العاقبة فيما يرومه وربما دل حُسن القدم على إتمام الصلاة ثم تدل على من يعينه من سيد أو والد أو والدة أو دابة أو مركب أو صناعة أو مال وأما الكعب فهو مما يتفأل به ويتطير فيما يفعله الإنسان أو يرومه من ملكٍ أو دابة أو غيره فإن رأى كعبه حسناً مليحاً مناسبا لشكله كان ذلك فألاً حسناً وكعباً مباركاً فيما يرومه من زواج أو شراء ملك أو خادم أو دابة وإن رأى كعباً شنيعاً أو مسوداً أو مخدوشاً أو مكسوراً كان عاقبة ذلك يرجع إلى ندامة وخسران
ص 133 أ ومن رأى كعباً تزوج عدة من الأبكار لقوله تعالى ( وكواعب أترابا )
(1/183)

وأما العِقب فإنه دال على عاقبة الإنسان في دينه ودنياه قال الله تعالى ( تلك عقبى الذين اتقوا وعُقبى الكافرين النار ) وتدل العِقب على ما يتركه الإنسان من بعده من مال أو والد وحسُن العِقب في المنام دليل على الأعمال الصالحة وما يستقبله الإنسان منها وسوادها وتغير حالها دليل على الضلالة والرجوع عن الطاعة إلى المعصية لقوله تعالى ( قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضُرنا ونُرد على أعقابنا بعد أن هدانا الله ) وربما دل العقب على ما يسعد الإنسان من أهل أو جيران أو دَواب أو أصحاب وربما دلت الأعقاب على العقاب لمن لا يتم وضوئه ولا يعمُ بالماء أعضاؤه قال عليه السلام ( ويل للأعقاب من النار ) وأما مِشط الرِجل فإنه يدل على دار الإنسان الذي يجمع فيه أهله وماله أو صبيانه وأصابع الرجِل بالنسبة إلى أصابع اليد غلمان أو دواب يسعى عليها أو صبيان يؤدبهم أو أيتام يربيهم أو آلة يستعين بها الصانع على صنعته والرِجل القدم والرجَل القوم فمن اشتدت رجله أو كثرت أصابع رجله نال عزاً وبطشاً وسلطاناً وقوة قال الله تعالى ( وأجلب
ص 133 ب عليهم بخيلك ورَجلك )
(1/184)

وأما الجلد فإنه عباءة للأدمي وغيره وهو للأدمي دليل على والده أو والدته وماله وسلطانه وداره وثوبه وزوجته وأرضه وعافيته وسقمه وعبادته وإيمانه وشركه وربما دل الجلد للإنسان على عدوه أو صديقه النمام عليه فإنه يشهد على صاحبه يوم القيامة قال الله تعالى ( وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ) وربما دل الجلد على الصبر والتجلد في الأمور فمن رأى جلده قد حسُن في المنام دل على الخير والراحة وعلى البُرء من الأسقام وإن كان ميتاً ورئي جِلده حسناً دل على أنه في نعيم الجنة وإن رآه غليظاً أو أسود دل على أنه في العذاب لقوله تعالى ( إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب ) ويقال المَسَك الجلد بفتح الميم والمِسك بكسرها الطيب والله تعالى أعلم
الباب الرابع من المقدمة الثالثة في المحاسن وضدها والحَبَل والميلاد والصهارة
اعلم أن لما شَّبه الشعَر بالليل والجبين بالصبح والوجه بالهلال والبدر والشمس
(1/185)

ص 134 أ والحواجب بالعشي والعيون بالسهام والنرجس والشرَك والخدود بالورد والفم بالخاتم والشفاه بالعقيق والمرجان والأسنان باللؤلؤ والريق بالشهد والخَمر وشَبّه العذار بالزنجبيل والأس والريحان كما شُبه باللام في شكل الكتابة والحاجب بالنون والقِدّ بالألف والرمح وشُبّه المبسم بالبرق والهنود بالرمان والنَفَس بالمسك والمليح بالظبي وأمثال ذلك كثير ( 1 ) فإن صار ما يراه الإنسان من ذلك في المنام دليل على الفتنة والاشتغال بالهوى والأماني النفسانية فإن رأى الإنسان لنفسه شعراً أو رآه على غيره وهو يتغالى في سواده وطوله وكان في اليقظة يقصد أموراً مستورة دل على أنه يبلغ قصده مما يروم ستره وإن رأى أن له جبيناً مليحاً أو رآه لغيره ربما ظهر عليه سر يريد كتمانه وإن كان الرأي صائماً ربما أدركه الصُبح وهو يأكل ومن رأى الهلال في منامه ربما اجتمع بمن يحبه وكذلك إن رأى البدر أو الشمس ومن رأى في المنام أن معه قِسياً صادق كاتباً أو عاشر من يوصف بحُسن الحاجب ورؤية السهام والنرجس والشرَك في المنام ربما دلت على ذي العيون المليحة وإن كان
ص 134 ب أرمد أفاق مما يشكوه وحسُنت عيونه وربما خُشي على الرأي من مكيدة يقع فيها ورؤية الورد في المنام دليل على ذي الخدود الموردة وكذلك إن رأى معه عقيقاً أو مرجاناً عاشر من هو مشُهور بحُسن الشفاه كما أنه إذا رأى معه لؤلؤ فإنه يدل على من يوصف بحُسن نظم الأسنان وإن كان الرأي يشكو ضرراً في أسنانه سَلِم وعوفي مما يشكوه ومن أكل شُهداً أو شرب خمراً في منامه قَبّل من يوصف ريقه بذلك
(1/186)

والعِذار إقامة عذر ومن صار له عذار من أرباب اللحى خُشي عليه زنجيل في رقبته وربما دل العذار على الأس والريحان كما دل الأس والريحان عليه ومن رأى معه خاتماً قبّل فماً وعلى هذا فقس واعط كل إنسان ما يليق به واعتَبر الشامة في الخد والخال والوشام في الجسد واللعُوط وخرم الأذن وما أشبه ذلك عند من يستحسنه ثم ما يتعاطاه النساء من الزينة بالخضاب والنقش وتحمير الخد ثم ما يليق بالنساء أيضاً من الكلام وتحسُن بهن
فإن رأى في المنام بخده شامة لائقة به دل على زواجه إن كان أعزب أو رُزق ولداً جميلاً أو اشتهر بمعروف وإن رأى بخده خالاً ربما تخلى عن أمر رديء واتصف بخير وأما الوشام والرق الأخضر لمن يليق به من الرجال والنساء
ص 135 أ دليل على التزين بالعمل كالكتابة أو العلم أو التلفظ بالفصاحة واللعُوط على الوجه لمن يعتاده زيادة رفعة وسيرة حسنة وكذلك خرم الأذن
وأما ما يتعاطاه النساء لأنفسهن من الزينة فإن كُنّ أمواتاً دل على قبول أعمالهن وحُسن حالهن عند الله وإن كُن أحياءً ولا يباح لهن ذلك دل على التبرج وإتيان المناهي
وأما ما يشين الإنسان كالحدبات والعمش والعُور والعرج فكل ذلك دليل على زوال المنصب والميل إلى الهوى واللعب وظهور الأسرار إذا ظهر في المنام والله أعلم
وأما الحَبل والميلاد في المنام فيُعتَبر فيه حَبل الرجال وحبَل الأبكار وحبل المرأة العاقر وحبل الأموات وحمل الدواب
فإما حَبل الرجال في المنام فإنه دليل للعالم على زيادة علمه وللصانع على اقتراحه ما لا يدركه غيره وربما دل حَبل الرجل على همومه ونكده ومجاورة عدوه وربما دل على العشق والهَيام وربما دل على من يجمع بين الإناث والذكور في محل واحد أو يزرع الشيء في غير محله أو يكتم حاله فتظهر عليه أو يمرض بالاستسقاء أو يدخل داره لص أو في داره ضبية أو يسرق سرقة ويخفيها عن ربها
وربما دل
(1/187)

ص 135 ب حَبل الرجل على أنه يهلك نفسه بحبلٍ أو يتضرر ( 1 ) ودفن عنده من يعزّ عليه من الأموات الأجانب وربما كان كذاباً يتظاهر بالمحال وربما كتم إيمانه أو اعتقاده الفاسد والله أعلم وأما حَبل البكر فربما دل على نكد يصل إلى أهلها بسببها وربما دل على حادث شر يحدث في محلتها من سارق أو حريق وربما التبسها جان أو يعمل لها جهازاً يناسبها أو يُعقد لها على غير كفؤاً أو نزول بكارتها قبل زواجها وتطول مدتها وأما الحَبل فيقال فيه حَمل وأول مراتب الحَمل الإبط ثم الظِبن وهو أسفل الإبط ثم الحِضن وهو عند الجنب
وأما حَبل المرأة ( 2 ) العقيم العاقر أو الذكور من البهائم والأنعام فإن ذلك دليل على قحط السنة وقلة خيرها وكثرة فتنها وشرورها من قبل اللصوص أو الخوارج
فأما إن وضع أحد من هؤلاء المذكورين حيواناً مُفزعاً أو كاسراً كان شراً ونكداً يزول عنه وخوفاً وهماً في الموضع الذي وضع فيه والله أعلم
وأما الأصهار في المنام لمن ليس له صهر في اليقظة فإن ذلك دليل على النصرة على الأعداء وعلى الأمن من الخوف لقوله تعالى ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسباً
ص 136 أ وصهرا وكان بكم قديرا ) وأما من صار له في المنام حموٌ وكان في اليقظة مريضاً كان ذلك دليلاً على موته كما جاء عن النبى {صلى الله عليه وسلم} أنه قال ( الحمو الموت ) وسيُذكر الزواج وأسبابه وما يتعلق به في الباب الحادي عشر من هذه المقدمة إن شاء الله تعالى
الباب الخامس من المقدمة الثالثة فيما يبدو من ابن آدم من الفضلات ( 1 ) واختلاف الحركات
فالفضلات كالدمع والمخاط والعرق والرُعاف وأنواع الماء والقيء واللعاب ( 2 ) ( والبصاق ) والاستحاضة والغائط والبول والريح المنتنة والصوت ودخان الفم والعُطاس والصُنان ووسخ الأذن والقرقرة في الجوف ( 3 ) ( والشظا وما يعلق باللحية ) ودرن البدن ودم الأسنان وما أشبه ذلك
(1/188)

فالدمع إذا خرج من عين الإنسان من غير بكاء مثل خشية أو فكرة فإنه يدل على الفَرج والفَرح والسرور والدمع إذا خرج في المنام من العين فإن كان الدمع حاراً دل على فقد من يعزَّ عليه وإن كان بارداً دل على الفَرح والسرور والاجتماع بالغُيّاب وأما الدمع عند التثاؤب فإنه مغرم يسير من غير سبب
وأما الدمع عند رؤية الضوء
ص 136 ب أو الشمس أو النار فإن ذلك دليل على الخسارة من جهة من دل الضوء أو الشمس أو النار عليه
المُخاط وما يخرج من الأنف كالماء فإنه إنذار بمرض أو نزلة وإن كان مخاطاً فهو دال على المال فإن استدعاه كان عن أذنه يصّرفه حيث شاء وإن أكله احتاج إلى الدين أو إلى الشبهات وكذلك وسخ الأنف
العرق في المنام للمريض عافية إذا كان يرجوه وإلا فهو عَرق الموت وللسليم خدمة أو حرفة تتعبه ( 1 ) مُضنكة
الرُعاف في المنام دليل على الهم والنكد من حيث لا يحتسب فإن كان الرأي يجد به راحه فرُعافه في المنام دليل على الملاءة والكسوة أو الشهرة
والنازل من الإنسان من المنيّ أو الودى أو المذي فخروج ذلك من غير مَدعاة دليل على الراحة وربما دل خروج ذلك على التفريط في المال وإفشاء الأسرار أو موت الأولاد أو تعطيل الزوجات وإن كان الرأي ممن يعاني الزرع أحيا أرضاً ميتة وأجزى إليها والقيء في المنام دليل على ردّ الودائع إلى أربابها وعلى إفشاء الأسرار وعلى زوال ما في باطنه من الأذى وإن كان مريضاً مات
فإن أكل ما تقيأه عاد فيما وهبه وإن كانت امرأة حامل ولدت وألقت جنينها
واللعاب في المنام هو الإسراف في المال أو الهذَر في الكلام أو الاهتمام باللعب والبصاق هو
(1/189)

ص 137 أ الفضل من الكلام أو العلم أو المال وربما دل البُصاق عل استجلاب الراحة وطلبها من النكاح وربما دل على الصحة والسقم فإن رأى الإنسان بصاقه في المنام تغيراً دل على سوء مزاجه وانقطاع الريق وهو البصاق في المنام دليل على انقطاع اللذة وفقَد الأولاد وكثرته في المنام دليل على الهم والنكد ولفظ الريال دليل على العمل بالرياء
الاستحاضة إذا رأى ذلك امرأة أيسة من الحيض في المنام دل ذلك على الزوج للعزباء والنزف للسليمة وكذلك سلس البول إذا رآه الرجل في المنام وربما دل الحيض والاستحاضة على النكد والفرقة بين الزوجين لقوله تعالى ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ) وربما دل حيض العقيم على الحمل بالأولاد الذكور بعد الأياس من الحمل لقوله تعالى ( قال رب أنّى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء ) ولقوله تعالى ( فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم قالوا كذلك قال ربكِ إنه هو الحكيم العليم )
والغائط في المنام فإنه دليل على مال الرجل أو سرُه الذي لا يبيح به وربما دل الغائط على السفر لقوله تعالى ( أو جاء أحد منكم من الغائط )
ويدل على المبارزة والبراز ويدل على قضاء الحاجة ويدل على زوال
ص 137 ب الأمراض الباطنة ويدل على الأفكار والوساوس وعلى رد الودائع وعلى نهاية المطلب فإن ظهرت رائحته أو لوّث ثيابه أو خرج باستدعاء شديد دل ذلك على الهموم والأنكاد والشهرة الرديئة والتخلف والمغارم والإسقاط للحوامل
والرقيق من ذلك فرج من الضيق لمن يحتاجه فإن تلوت بغائط أدمي ارتكب دينه أو تقلد منته والغائط هو الحشر والقدر والبراز والعذرة
وجاء في الحديث النبوي عن النبى {صلى الله عليه وسلم} ( لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة ) فهذا اللفظ وما أشبهه يعود تأويله على من ذكر شيئاً منه عند التأويل وأما أفعال الأكل فسيأتي الكلام عليه فيما يستقبل إن شاء الله
(1/190)

البول وهي الإراقة إذا رأى كأنه أهريق الماء في مكان لا يليق به دل على أنه يبذل ماله فيما لا يحل له أوطئ ما لا يناسبه وتدل الإراقة على إثارة الفتنة لما يعقبها من الريح والصوت والبراز وإدرارها في المنام دليل على إدرار الرزق وزوال ما في الباطن وإمساكها أو تعرها ربما دل على استعجاله في الأمور وعدم الصواب لأن الحاقن أو الحاقب لا يستقر له قرار حتى يدفع عنه ما يجده من ذلك وربما انسدت مصارف مياهه وسيأتي في آخر الكتاب ما يدل على فساد النكاح بسبب
ص 138 أ ما يخرج من الذكر الريح المنتنة دالة على إفشاء الأسرار أو زوال ما في الباطن من الغل والحقد ويدل على الراحة بعد التعب وعلى قضاء الدين وربما دل شمها على الصداع في الرأس أو النزلات في الأنف أو الأخبار الرديئة
الضُراط كلام رديء أو نازلة تنزل بفاعلها وتدل على تفريق الجماعة والخبر المرجف وربما دلت على الحمق والاستقلال بالناس وربما دل على الكذب أو الكلام الفاحش والصوت الخارج عن الضرب
دخان الفم الذي يخرج في الشتاء إذا رأى الإنسان كأنه قد خرج من فمه دخان وكانت الرؤيا في زمن الصيف كان دليلاً على الأمراض الباطنة وظهور الأسرار المكتوفة فإن كان الرأي مهتدياً ضل عن هديه وإن كان عالماً ابتدع بدعة ظاهرة وربما دل ذلك على الكذب والكلام في ما ليس فيه فائدة
العُطاس في المنام دليل على موت المريض أو الهم والنكد الموجبان للانزعاج
والعياط وإن كان الرأي في شدة فرج عنه أو فقيراً أو وجد إعانه يسُمته الناس ويدعون له بالخير وإن كان الرأي ممن يليق به الخدم خُدم وخدمه الناس وإن كان مديوناً سعى في قضاء دينه يحمده الله تعالى على ذلك
وإن كان مريضاً بالزكام أفاق منه وربما دل العُطاس في المنام على حلول الزُكام
ص 138 ب وربما دل العُطاس على الغيظ وتقطيب الوجه
(1/191)

الصُنان في المنام إذا شمه الإنسان أو رآه عليه فإنه يدل على ما دل الريح المنتنة عليه وربما دل على الأرماد أو المباطنة الرديئة وإن رئي الطفل أنه يفوح منه صُنان ربما دل على مبلغه مبلغ من يفوح منه ذلك وربما دل على موته بقروح أو عاهة
وسخ الأذن إذا رآه الإنسان كثيراً في أذنه في المنام دل على كلام رديء يبلغه وربما دل ذلك على التحصن من الأعداء أو سدّ أبواب الشر عنه هذا إذا لم تطرش أذنه وإن صمّت أذنه في المنام كان دليلاً على الهموم والأنكاد والأمراض
دم الأسنان تفريط أهل البيت في مال صاحبه وربما دل ذلك على المرض في الدُبر بأفواه العروق أو ما أشبه ذلك
العُماش في العين في المنام دليل على غض البصر عن المحارم أو عدم النظر لأرباب الجرائم أو ضعف حال من دلت الجفون عليه وربما دل العمش في العين على اشتغال الرحم عن الحَمل
الرُماص كسب حقير أصله من العبرة وربما دل الرُماص على العيرة والشهرة وربما دل على أن صاحبه صارم مقدام أو ممن لا يستحيي فيما يقول ولا يقف عندما يفعل
الدرن من الاشتقاق دال على الندر أو النرد أو يرى بالنادر من كل فن وربما
ص 139 أ دل على الدَين أو المرض أو السفر الموجب للتقشف والوسخ على البدن
القرقرة في الجوف خِصام بين الأهل والتنافس بين الأقارب
الشظا في الأصابع في المنام دليل على النزيل النكد أو العدو الحقير أو البنت الخسيس بين الشجر أو التعبد بما لا يرد في كتاب ولا سُنة فهو مثاب بفعلها ولا يأثم بقطعها
وما يعلق باللحية من قش أو غيره كلام رديء غير مؤثر أو حمل الزوجة بما لا يتم خلقه وأما اختلاف الحركات كالنهاق والجشاءة والتثاوب والشتم والضحك والتبسم والفرح والبكاء والغيظ ( 1 ) والحصام وكلام الطفل والنوم والانتباه من النوم والنعاس والسِنه والتأويل في المنام
(1/192)

أما النهاق فهو للمريض موت ولغير المريض دليل على الرزق والجُشاء كلام لا حقيقة له وربما دل على الغني والفقير التثاوب في المنام يدل على الوثوب على الخصوم وعلى الثواب لأن الإنسان مأمور بالكظم إذا كان في الصلاة احترازاً من الشيطان وربما دل على كشف حال الإنسان أو على الأمراض فإنه ربما يصدر عن الامتلاء
والشتم ذلة للمشتوم وعز للشاتم إلا أن شتم الوضيع الرفيع فإنها نازلة تنزل بالشاتم من المشتوم
والضحك
ص 139 ب دال على الفرح والسرور إذا لم يكن بقهقهة ولا التقاء على القفا فإن كان كذلك كان دليلاً على البُكاء قال الله تعالى ( فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً )
ومما وصى به لقمان لولده ( يا بني لا تضحك من غير عجَب ولا تمش في غير أدب ولا تسأل عن مالا يعنيك ولا تضيع مالك لتصلح به مال غيرك فإن مالك ما قدّمت ومال غيرك ما تركت يا بُني إن من لا يَرحم لا يُرحم ومن يصمت يسلم ومن يقُل الخير يغنم ومن يقل الشر يأثم ومن لم يملك لسانه يندم يا بُني زاحم العلماء بركبتك ولا تجادلهم فيمقتوك وخذ من الدنيا بلاغك وانفق فضول كسبك ولا ترفض الدنيا كل الرفض فيكون عيالاً على أعناق الرجال وصُم صوماً يكسر شهوتك ولا تصم صوماً يضر بصلاتك ولا تجالس السنيّة ولا تخالط ذي الوجهين )
فإن كان الضحك من مُزاح وقع في المنام فإنه يدل على عدم مروءة المازح في اليقظة لما روى عن الحسن أنه قال ( المُزاح يذهب بالمروءة ) وكذلك الضحك من المحاكاة فإنه دليل على الورع في المحذور ولما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت ( حَكيت إنساناً فقال رسول الله ( ما يسرني إني حَكيت إنساناً وإن لي كذا وكذا )
التبسم دال على السرور واتباع السنة فإن
ص 140 أ ( 1 ) النبى {صلى الله عليه وسلم} كان ضحكه تبسماً الفَرح يدل على الحزن وربما كان نكداً أو معصية يأتيها قال الله تعالى ( لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين ) الآية
(1/193)

وربما كان الفرَح عمل صالح قال الله تعالى ( فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )
البكاء إذا كان بصراخ أو لطم أو سواد أو شق جيب ربما دل على ذلك وإن كان البكاء من خشية الله تعالى أو لسماع قرآن أو من ندم على ذنب سلف فإنه في المنام دليل على الفرح والسرور وزوال الهموم والأنكاد
الغيظ في المنام دليل للمريض على موته لقوله تعالى ( قل موتوا بغيظكم )
وللسليم دليل على فقره وتعطيل ربحه أو مرضه
الخصام في المنام بين المتخاصمين صُلح للمصطلحين شر وهم ونكد وفتنة وربما دل الخصام في المنام على إبطال العمل لما ورد في الحديث ( إن الأعمال تعرض على الله عز وجل يوم الخميس ويوم الاثنين فتوقف عمل المتخاصمين حتى يصطلحا )
كلام الطفل وأما كلام الطفل فما قاله في المنام فهو حق وربما دل سماع كلام الطفل على الوقوع في المحذور وإن كان الرأي من أرباب الخير اطلع الناس منه على اتفاقات غريبة أو تقف على أمر عجيب أو يراه أو يسمع به في مَصره لقوله تعالى ( فناداها من تحتها ألا تحزني ) الآية وعلى هذا فقس قصة صاحب يوسف وصاحب
ص 140 ب الأخدود والنومُ في النوم دليل على تعطيل الفوائد والغفلة عن ما أوجبه الله على الإنسان من فعل بر وربما دل النوم في النوم على السفر المبرور لأرباب الطاعة والاجتهاد وعن التخلي عن الدنيا والاحتفال بزينتها فإن رأى الناس نياماً في المنام دل على فناء عام أو غلاء أسعار لقوله عليه السلام ( الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ) وربما دل على أمور مُقلقة فإن كان الناس في شيء من ذلك ورآهم في المنام نياماً دل على أن الله تعالى يرفع ذلك عنهم لأن النوم راحة للتعبان وغير مؤاخذ بما عمل فيه قال ( 1 ) عليه السلام ( رُفع القلم عن ثلاث أحدُها النائم حتى يستيقظ )
الانتباه من النوم دليل على التوبة والإقلاع عن الذنوب والربح والفائدة والقدوم من السفر
(1/194)

النُعاس دال على الأمن للخائف وعلى التوبة للعاصي والهداية للكافر ويدل على الغنى بعد الفقر وإن كان الناس في جُهد من غلاء أو عدو رفع الله ذلك عنهم ونصرهم على عدوهم لقوله تعالى ( إذ ( 2 ) يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنك رجس الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام )
السِنة للمرأة الحامل دليل على الخلاص التأويل في المنام
ص 141 أ دال على الأخبار الواردة عن لسان من ليس بصادق فإن فسره له أحد في المنام صادق فهو كما قيل له قول على فيما يسعُه الإنسان من الكلام في المنام ( 1 ) سماع ما يصدر منه من لا يعقل أما نَهى من الله عز وجل ما الإنسان مرتكبه وأما الحكمة يتلقفها من غير عالم أو رزق يتجدد له بعد الأياس منه فكلام الجماد صُلح أو موعظة وكلام الحيوان ربما كان عذاباً ونقمة لقوله تعالى ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ) وكلام الشجر علو شأن وكلام الأموات فتنة لقوله تعالى ( ولو أنزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قُبلا ما كانوا ليؤمنوا ) وكلام الجوارح نكد من الأهل واقتراف ذنب لقوله تعالى ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم ) وبقية الكلام يأتي في حرف الكاف إن شاء الله تعالى
الباب السادس من المقدمة الثالثة في رؤية الخلفاء والملوك والوزراء والأمراء والحكام وغيرهم من ذوي الأقدار والمناصب وأفضل في المنام رؤية الخليفة في المنام اسم لمن يختلف الناس إليه لعلمه أو صناعته أو لمن يستخلفه الإمام أو لمن
ص 141 ب هو مخلوف بعزل أو موت أو لمن هو متخلف في فعله أو عمله ويرجع في ذلك إلى قدر الرأي وما يليق به من ذلك فإذا رأى أحد الخليفة في المنام على ما ينبغي أو رأى نفسه كذلك دل على حُسن حاله وحسن عاقبة أمره وإلا فلا
(1/195)

واعلم أن الخليفة قائم بأمر دينه وشريعة نبيه فما رُئي فيه من زيادة أو نقص عاد ذلك إلى ما هو قائم به ثم تدل رؤيته على كشف الأسرار وعلو الدرجات لقوله تعالى ( أمن يُجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض ) وإن كان الرأي موعوداً بوعد تنجز له ونال ما يرجوه فمن تأمر على الناس في المنام ممن ليس بأهل دل على فساد حال الرعية وخروجهم عن الحق وميلهم إلى الظلم لقوله عليه السلام ( كما تكونوا كما يولى عليكم ) وقال تبارك وتعالى ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون )
ومن مات في المنام من ولات الأمور الجائرين دل على الراحة والأمن لأهل بلده لأن النبى {صلى الله عليه وسلم} مرّ عليه بجنازة فقال ( مُستريح ومستراح منه ) قالوا يا رسول الله ما المستريح وما المستراح منه فقال
ص 142 أ ( العبد المؤمن يستريح من وصب الدنيا ومن أذاها إلى رحمة الله تعالى والعبد الفاجر يستريحُ منه العباد والبلاد والشجر والدواب )
ثم تدل رؤية الخليفة على الكلام في عِرض الرأي من غير اختيار لقوله تعالى ( وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ) الآية
ثم يدل الخليفة على الحاكم والإمام العالم والولي وعلى كل من له عُلو قدر وعلى غيره من نسبته ثم يدل على الوالد وربما دلت رؤيته على السُنة وقيامها كما ذكرنا وعلى الدين والورع والاعتزال عن الناس وعلى الاعتكاف وعلى الصدق في القول والتطوع وعمارة الباطن بالذكر والتوبة والإقلاع عن الذنوب وعلى إسلام الكافر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
(1/196)

فإن مات الخليفة في المنام أو تغيرت حليته دل على النقص فيمن دل عليه فإن رأى أنه صار خليفة في المنام فإن كان أهلاً للمُلك مَلك أو الحكم تحكّم أو الإمامة أو الولاية حصل له من ذلك ما يليق به وإلا سُجن أو مرض أو سافر سفراً بعيداً أو تخلف عن القيام بحق نفسه أو بحق الله تعالى وربما كان في أول عُمره ضعيفاً ثم يكون في آخر عُمره سعيداً
ص 142 ب لما روي أن رسول الله قال ( لا تسبّوا قريشاً فإن عالمها يملأ الأرض علماً اللهم أذقت أولها زكاءً فأذق آخرها نوالاً لا يعجبنك امرءاً أكسب مالاً حراماً فإنه إن أنفق منه لم يتقبل منه وإن أمسكه لم يُبارك له فيه وإن مات وتركه كان ذلك زاده إلى النار )
وأما الملوك الأموات فإن رؤيتهم في المنام دالة على ما رسموه وأثبتوه من بعدهم قال الله تعالى ( ونكتب ما قدموا وآثارهم ) ورؤية الأخيار منهم في البلد أو المكان المخصوص دليل على فساد الأخوان والذلة والحلف
قال الله تعالى ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ) ورؤية الملك إذا كلم الإنسان بخير كان دليلاً على الأمن من الخوف وعلو الشأن لقوله تعالى ( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ) وتدل رؤية الملك على النصر على الأعداء وعلى الفجور قال عليه السلام ( إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ) أي إذا كان كذلك
وتدل رؤيته على الأسد كما دلت رؤية الأمير على الذئب والتاجر على الثعلب والمؤمن على الشاة قال عليه السلام ( فيا لها من شاة بين أسد وثعلب
ص 143 أ وذئب وكلب ) وتدل رؤية السلطان المجهول على النار أو البحر أو اليوم الذي يقهر الإنسان فإن قال رأيت السلطان في المنام كان دليلاً على تسلطه على من دونه أو التسلط عليه لأمر من ذي سلطان ثم هو الوالد والوالدة والأستاذ والمؤدب والزوجة لسلاطتها وهواها الغالب على هوى الرجل غالباً
(1/197)

فمن رأى الملك في صفة حسنة كان دليلاً على حسن حال رعيته وأمنهم وإدرار معايشهم وإن رآه في صفة رديئة كان دليلاً على سوء تدبيره في الرعية وعلى تغلب العدو على بلاده وضعف جنده وأما الملك المجهول أو الحاكم أو المؤدب فربما دلوا على الحق سبحانه وتعالى وربما دلت رؤية الملك على المصكوك من دراهمه أو دنانيره فإن صار للملك في المنام من الجيش ( 1 ) ملك ما كان للنبي عام الفتح أو يوم حنين كان مؤيداً مظفراً منصوراً لما روي أن رسول الله خرج عام الفتح من أهل المدينة بثمانية آلاف ومن أهل مكة بعشرة آلاف بالغين وخرج بعشرة آلاف إلى حنين
ومن صار في المنام أميراً أو سلطاناً ربما تسلط على أعراض الناس وصنع الكيمياء أو ضرب الزغل وكذلك إن صار قاضياً زور على الحكام خطوطهم وربما كان يفتري الكذب فإن رأى أنه صار ملكاً
ص 143 ب ارتفع قدره على ما يليق به وإن كان فقيراً استغنى وإن كان عالماً قام بفعل ما يجب وإن كان أعزب تزوج وإن كان صاحب صنعة أشار الناس إليه لمعرفته وإن كان من عامة الناس تسلط لشره وظلمه على الناس
فإن مات السلطان ضعف دين الرأي واستهانه الناس أو فارق من كان يتسلط به على الناس وربما نزع يده من المبايعة وخان سلطانه والله تعالى أعلم
وأما رؤية الوزراء وحكم الوزراء الأموات كحكم الملوك الأموات لمشاركتهم الملوك في التدبير وربما دلت رؤية الوزير على العزّ والسلطان ونفاد الأمر وقضاء الحوائج عند ذوي الأقدار كالحكام والكُتاب فإن رأى أنه صار وزيراً تحكم على من دونه ونال عزاً ورفعة وسلطاناً واهتدى من بعد ضلالته ونال توبة مقبولة لقوله تعالى ( ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك )
(1/198)

وإن كان لا يليق به ذلك تحمل أوزاراً وذنوباً وتنكد من أهله وأقاربه أو قومه لقوله تعالى ( قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حُمّلنا أوزاراً من زينة القوم ) وإن كان يرجوا الوزارة فلعله لا يُدركها لقوله تعالى ( كلا لا وزر ) وربما أساء التدبير مع أحد أبويه أو أستاذه أو شريكه أو من يأمُر عليه
ص 144 أ
ولبعضهم في ذمها -
وزارة الحضرة الكبيرة
خطيئة بل هي الكبيرة
ولا تَردَها ولا ترُدها
فإنها المحنة المثيرة
وأما الأمير فإنه دال على من ميراثه بنيان ويسعفه وينامُر به
ويدل على زواج الأعزب حتى يصير في بيته كالأمير وربما دلت رؤيته على الخطوة فيما هو بصدده ومن تأمر في المنام خُشي عليه السجن والغل لأن الأمير يأتي يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه ذلاً يفكها الأعدل أقامه
وأما الحكام فهم القائمون بحقوق الله والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله فمن رآهم في صفة حسنة بلغ ما يرومه منهم من علم أو اهتدى إلى الرشد وربما دل الحاكم على المجبر والمهندس وعلى الفرقة والاجتماع ويدل على الخياط والمحام لما عنده من الشروط الشاقة المذلة للأعناق فإن سَمع الحاكم في المنام بينّة من معتوه أو مجنون أو مغفل وهو القليل الضبط أو كناس وهو الذي يكنس الطرقات أو نخال وهو الذي ينخل الدقيق أو قمَام وهو الوقاد في الحمام أو زبال أو القيم في الحمام وهو الذي يخدم الناس أو قوال وهو المُغني أو رقاص وهو
ص 144 ب الذي يرقص كان دليلاً على قبوله الرشا والميل إلى ذوي الأغراض الفاسدة وربما دل الحاكم على الوالد المتحكم في الدم والفرج والوالدة والأستاذ والمؤدب وعلى ما يرومه الإنسان من الانتصاف على ما يوجبونه من الحق
(1/199)

ومن تولى القضاء ممن لا يليق به ربما قُتل لقوله ( من ولي القضاء فقد ذُبح بغير سكين ) ومن ذُبح في المنام ممن يليق به القضاء صار قاضياً وربما دل القاضي على المصيبة أو القضاء وهو الموت ومن الرؤى عدّل عزّل فَصاد قُصاد ذلل ذُلل فاخش فاحش فغلّك فعلك بهِذا تهدأ
ومن تأمر في المنام من العبيد صار حراً أو صار عابداً لا يتقيد بالدنيا ويرجع أمير نفسه وكذلك الصبي المحجور عليه إذا رأى كأنه صار حاكماً رشد وجاز تصرفه والمحتسب تدل رؤيته على صلاح العامة لكثرة مباشرته إياهم فإذا رأى الإنسان في المنام المحتسب في حالة حسنة أو عليه رائحة طيبة دل على حسن سيرته في مباشرته وإن رآه في صفة رديئة أو كره الرائحة أو أن عيناه قد عُميتا دل على سوء تدبيره فيما هو مباشره وربما ظهر في أرباب الطبخ والودك ما تعافه الأنفس أو فشا المنكر والبخس في الكيل والميزان
ص 145 أ وربما دل المحتسب على الوالد والمؤدب والأستاذ والحاكم ومن صار مُحتسباً نزلت به آفة يحتسب فيها أجره على الله تعالى أو يكن الله حسبه فيما يتوكل عليه فيه قال الله تعالى ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره ) الوالي في المنام دال على الهموم والأنكاد وشرب الخمور واللهو واللعب والسرقة واللواط والزنا وغير ذلك فإنه لا يُرى إلا في مثل هذه الأمور وربما دلت رؤيته على الموالاة للناس والمحبة لهم وإن كان من المتقشفين انتقل إلى درجة الولاية إن صار والياً وربما دلت رؤية الوالي على ما دلت عليه رؤية المحتسب
ومن صار في المنام والياً نال منصباً على قدر ما يليق به وربما صار مؤدباً ومن كان مؤدباً ورأى أنه صار والياً ظهرت عنه أسرار رديئة وإن كان قاضياً حكم بالجور وتبرطل
المشد في المنام تدل رؤيته على تشديد الأمور وصعوبتها إلا أن يكون الرأي في أمر يحتاج فيه إلى معاضد فإنه يدل على بلوغ أمله وقضاء حاجته