جاء رجل من أهل بغداد وذكر للشيخ أن بنتا له قد اختطفت من سطح داره وهي بكر فقال له الشيخ عبد القادر رضي الله عنه : اذهب هذه الليلة إلى خراب الكرخ واجلس عند التل الخامس وخط عليك دائرة في الأرض وقل وأنت تخطها : بسم الله على نية الشيخ عبد القادر ، فإذا كانت فحمة العشاء مرت بك طوائف الجن على صور شتى فلا يرعك منظرهم فإذا كان السَّحر مر بك ملكهم في جحفل منهم فيسألك عن حاجتك فقل له : بعثني إليك الشيخ عبد القادر ، واذكر له شأن ابنتك . قال : فذهبت وفعلتُ ما أمرني به الشيخ عبد القادر رضي الله عنه ، فمرت بي صور مزعجة المنظر ولم يقدر أحد منهم أن يمر على الدائرة التي أنا فيها وما زالوا يمرون زمرا ، زمرا إلى أن جاء ملكهم راكبا فرسا وبين يديه أمم منهم فوقف بإزاء الدائرة وقال يا إنسي ما حاجتك فقلت له : قد بعثني إليك الشيخ عبد القادر، فنزل عن فرسه وقبَّل الأرض وجلس خارج الدائرة وجلس من معه ثم قال : ما شأنك فذكرتُ له قصة ابنتي فقال لمن حوله عليَّ بمن فعل ذلك ، فأتاني بمارد ومعه ابنتي فقيل له إن هذا مارد شيطان من مردة الصين فقال له : ما حملك على أن اختطفتً هذه من تحت ركاب القطب ، فقال : إنها وقعت في نفسي ، فأمر به فضربت عنقه ، وأعطاني ابنتي فقلتُ : ما رأيتُ مثل الليلة من امتثالك أمر الشيخ عبد القادر . فقال : نعم إنه في داره ينظر إلى مردة الجن وهم بأقصى الأرض فيفرون من هيبته ، وإن الله تعالى إذا أقام قطبا مكنه من الجن والإنس .