حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ


محطة من محطات المحاسبة، قليل من وقف عندها! وأما غالب الناس فيمرون عليها، دون أن يتدبروها!
الدنيا! ذلك الطيف العابر! والظل الزائل! الدنيا دار الغرور ومنزل الأحزان! الدنيا! وفاؤها غدر! وحبها كذب! الدنيا جديدها بالي! وصفوها كدر! والناس فيا ضيوف عما قليل سيرحلون!

أخي: ألا ترى الناس في كل يوم يودعون حبيبا أو صديقا؟! فهل حرك ذلك منك قلبا؟! وهل كان ذلك لك عبرة؟!

إذا علمت أيها العاقل أن لك معادا ومرجعا إلى ربك -تعالى-،

فاحذر تلك الساعة... واعمل لها .. من قبل أن تكون من أهل الحسرات!
{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 99، 100].

فواحسرة عبد نزل به الموت ولم يقدم صالحا!

فانظر لنفسك أيها العاقل.. وتدبر أمرك.. بأي وجه تقدم على ربك -عز وجل- إذا كنت ممن بارزه بالمعاصي؟! بأي وجه تقدم على ملك الملوك، إذا كنت من الغافلين... المعرضين عن طاعة الله -تعالى-؟!

فأحذر أخي ساعة السكرات! فما أشدها على العصاة! وما أفظعها على أهل الغفلة! ماذا أعددت لهذه اللحظات؟! أتظنها بعيدة؟! فكم من رافل في ثياب الصحة نزلت به المنية بغتة! وكم من ناعم في العيش، دهمه الأجل بلا ميعاد! فتهيأ أيها العاقل ليوم المعاد.. فإنه يوم لا ينفعك فيه إلا صالح ما قدمته، وميعاد لا تنجو من شدائده إلا بصدق العمل!

أخي المسلم: إن سوق العمل الصالح اليوم ميسورة فسارع لأخذ نصيبك منها قبل أن يحل بينك وبنها! ولو نطق الأموات لأخبروك أن خير زاد رحلت به من الدنيا هو: فعل الطاعات...

فواحسرة من رحل من الدنيا بغير زاد من التقوى وواحسرة من أدرك الموت وهو خفيف الظهر من الحسنات!