5/ التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والأولياء الكرام...
ما فتئ المنكرون لعمل إشكال في مسألة التوسل لدى عامة المسلمين، فها هو إمام المنكرين ابن تيمية يقول: (لو كان السؤال به صلى الله عليه وسلم معروفاً عند الصحابة لقالوا إن السؤال والتوسل به أولى من السؤال والتوسل بالعباس وفي ذلك ترك السنة المشروعة وعدول عن اﻷفضل وسؤال الله تعالى بأضعف السببين مع القدرة على أعﻼهما ونحن مضطرون غاية اﻻضطرار في عام الرمادة)..
والمتأمل في كﻼم ابن تيمية يجده أنه يريد أن يشكل على أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فينفي التوسل بحضرة الرسول الأعظم والحبيب الأكرم صلى الله عليه وسلم مطلقاً ﻷن ساداتنا الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين تركوا التوسل به بعد وفاته ﻷنه مقصور على الدعاء فقط ودعاؤه بعد انتقاله غير ممكن في رأيه السقيم ، ولو كان توسلهم بذاته ممكناً لما تركوه مع قيام المقتضى وشدة الحاجة..
ولكن هذا اﻹشكال الذي سببه شيخ الضلال ابن تيمية يكون الكشف عنه بأن الترك بمفرده ﻻيدل على التحريم أو الكراهة، وإنما الترك يفيد أن المتروك جائز تركه أما التحريم والكراهة فيحتاجان إلى دليل أخر يفيدهما ولو كان الترك يفيد التحريم كما فهم ابن تيمية ومن شاكله فإن الصحابة رضي الله عنهم تركوا التوسل المتفق على أفضليته وهو التوسل بأسماء الحق تبارك وتعالى وصفاته وتوسلوا بسيدنا العباس رضي الله عنه وهم حينذاك مضطرون غاية اﻹضطرار لسوء الحال وشدة القحط..
ومما ﻻ ريب فيه أن فهم سادتنا الصحابة رضي الله عنهم أجمعين يخالف قول المنكرين ابن تيمية وأتباعه، فالصحابة البررة الكرام أفهم من غيرهم لكﻼم الله وكﻼم رسوله صلى الله عليه وسلم فكان التوسل عندهم ﻻ يقتصر على دعاء الحي فقط وإنما تعداه إلى التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم بعد إنتقاله..
ومن ثم نجد أن كبير فرقة الإنكار اﻷلباني اشتغل بتضعيف حديث التوسل بسيدنا العباس رضي الله عنه، ومن المعروف أن شأن الألباني هو تضعيف الأحاديث التي لا تتسق مع أهوائهم الدنيئة فقال: (إن في السند إضطراباً)..
وحُكم الألباني هذا ﻻ دعامة له إﻻ الهوى المتبع الذي أداه لمخالفة قواعد الحديث، فالمعروف في قواعد الحديث النبوي الشريف أن الحكم باﻹضطراب على السند ﻻ يكون إﻻ إذا تساوت الروايات وامتنع الجمع والترجيح..
فبالله إن لم يكن هناك هوى في نفس الألباني يحكم بالإضطراب في حديث ﻻ يجوز الحكم فيه بالإضطراب ؟!..
فحقاً قد صدق سيدي الإمام الشيخ محمد رضي الله عنه عندما قال: (فالهوى أهوى كثيراً‏)...
يتبع..