قيادة المشاكل
" اتخذ المشاكل صديقاً لك "
أنتوني روبنز
الإنسان في حياته يعيشُ تحت وطأةِ قوانين كونية ، ليضمن عيشَه في حياته بسلامٍ و هناءٍ و راحة ، و على مدى التفاوت بين معاني تلك القوانين و نظراتِ الناسِ لها إلا أنها تأخذ مجرى أنَّ الإنسان هو الذي يكون في موقفِ الغلَبَةِ و خطِّ القائد .
لا يسلم الإنسان من مرورِ ما يُكدرُ صَفْوَ حياته ، و يُذهبُ جمالَ أُنسه و سعادته ، لأنَّ بقاءَ الحالِ من الأشياء التي قُضيَ أنها لن تكون ، فالزمانُ متقلِّبٌ بهيئته و حالِه ، و تقلباته ترجع بالأثرِ على الإنسان .
المشاكلُ في الحياة كثيرة ، و ليس لها حدٌّ تنتهي إليه ، فهي رحمٌ ولودٌ ، و الإنسان تعتريه من المشاكل الكثير مما يُفقده أحياناً حُسن التصرُّفِ ، و عند غلبةِ العاطفة غَيْبة العقل ، فبمجيء المشاكلِ و حضور عاطفة ردة الفعل تجاهها يكون العقل غائباً ، و العقلُ يَعْقِلُ تصرفات الإنسان و العاطفة تعصف به .
كم من المشاكل التي جرتْ في التاريخ كانت لها ثمارٌ و نتائج بنائية لوجود حضور العقل ، و تلك التي كانت أسباباً في السقوط و الفشل الحضاري كانت العقولُ في نومةٍ قهرية لجهالةِ أصحابها بمدى ما يجري به القدرُ .
المشاكل التي تمر بالإنسان في حياته ليست عبَثَاً تجيءُ ، و لا خاليةً من مقاصد ، تمرُّ على الإنسان لتكون مرقاةً له في درجِ الكمالِ ، و سُلَّماً في إلى سماء الإبداع و النجاح الذي يطمحُ إليه .
و لكن لن تكون هذه المقاصد الجميلة متحققة للإنسان في ظلِّ مشاكله ما بقيَ في مكانِ الضحية و الفريسة ، و ابتعد عن مقام السيطرة و التأثير ، لأنَّ الإنسان لا يكون في مكان الضحية و الفريسة للمشكلة إلا لما تكون نظرته للمشاكل بعين أنها حاكمة و متصرفة بالشخصِ ، و أنَّ الإنسان ليس في يده حلٌّ و لا عَقْدٌ ، و هذه النظرة إلى المشاكل بعينِ السلطة هي ذات المُشكلة ، فالمشاكل في ذاتها عَرَضٌ خام و حَدَثٌ حيادي ، نظرة الإنسان هي التي تحدد نوعَها ، و غالب الناسِ يعتبرونها مشاكل لأنهم أشكلَت عليهم مقاصدها ، و غيرهم يعتبرها أحداثاً لأنها أحدثَتْ فيهم أثراً .
و حينما ينظر الشخصُ إلى المشاكل بعينِ أنها مسيطرة و متسلطة عليه ، فليس له فيها يد فإنها تكمُن في جوفها حلولها ، ليستخرجها من كان راغباً في قَلْبِ المشكلةِ من حالِ الإشكالِ إلى حالِ الإحداثِ ، فبمعرفة الحلِّ يكون لها حدثٌ في حياة الإنسان و يتفهَّم مقاصدها .
لو كانت النظرة إلى المشاكل على أنها لتغيير الروتين ، أو أنها تنبيهٌ و استلفاتٌ للعقلِ نحو اكتشافِ جديدٍ في الحياة ، لكانت المسيرة الحياتية رائعة ، و كانت المشاكل ممتعةٌ و لذيذة في الحياة ، لأنَّ الإنسان سيكون في مقام المقتبِسِ درساً و الآخذِ تجربة ، و تكون المشكلةُ صوريةً و ليست جوهرية .
المشاكلُ تحتاجُ إلى أن يكون الإنسان هو القائد في ميدان النِّزال ، و هو الرائدُ في مُقدَّمةِ الحاضرين ، فيكون مُقلِّباً لها تجاه ما يريد و نحو ما يبتغيه ، و الناجحُ من يُوظِّفُ مشاكلَه في مركزِ نجاحه ، و يستعملها في تحقيق أهدافه .
و ليست تحتاج إلى شخصٍ يستسلم لضرباتها ، فهي تعرفُ من تضربُ ، و لكنها تبحثُ بين الناسِ عن الشخص الذي يُعريها من لباسِ السوءِ و يُظهر جمالها في البناءِ ، و قليلٌ هذا لأنَّ المشاكل مدرسةُ الخِبْرة و الخبراءُ نادرون .
ع . العُتَيِّق
المفضلات