الكيمياء وأصولها التاريخية.

تعريف الكيمياء:

يقصد بالكيمياء الدراسة العلمية لخصائص المادة وتركيبها وبنيتها، والتغيرات التي تحدث في بنية المادة وتكوينها، والتغيرات المصاحبة في الطاقة. ( )

أصل كلمة (كيمياء)

اختلف مؤرخو العلم حول أصل كلمة كيمياء. فمنهم من ردها إلى الفعل اليوناني chio الذي يفيد السبك والصهر، ومنهم من أرجعها إلى أصول عبرية من اللفظة العبرية "شامان" وتعني الغموض والسر، أو أنها مأخوذة من كلمة شم أو (chem) ويقصد بها الأرض السوداء أو الحرق.
ويقال أن قدماء المصريين كانوا يسمون بلادهم "كمت" ومعناها الأرض السوداء، وهي كلمة مأخوذة من الفعل "كم" بمعنى يسود لونه، وفي الكلمة إشارة إلى أن تربة مصر خصبة وغنية في عطائها، وقد حورت في عهد البطالمة فأصبحت (chemis) وكان مدلولها على الصنعة أو السيمياء التي اشتهر بها المصريون. ( )
ومنهم من يعزي اشتقاقها إلى كلمة مصرية قديمة (سيميا) معناها السواد، وقد أولها مؤرخو الكيمياء شتى التآويل، فمنهم من قال إن معناها الأرض السوداء إشارة إلى الخصب والبركة، ومنهم من جعل السواد رمزاً إلى السر والخفاء.( )

"ومنهم من يرى أنها مشتقة من كلمة كمى العربية أي ستر وخفى. ويقال، كمى الشهادة يكميها، إذا كتمها."( )

مرادفات كلمة كيمياء في المراجع القديمة:

اذا تتبعنا مختلف المراجع القديمة نجد أن هذا العلم كانت تطلق عليه أسماء كثيرة منها: الكيمياء، السيمياء، الخيمياء، الصنعة، علم الصنعة، علم الحجر، علم التدبير، علم الميزان، صنعة الكيمياء، صنعة الأكسير، الصنعة الالهية، الحجر المكتوم، السر المكتوم، السر الأعظم، وحجر الفلاسفة.
وتدلنا كثرة الأسماء التى كانت تطلق على هذا العلم قديما على عدم نضجه قبل الإسلام.
أما علماء الكيمياء المسلمون فقد أطلقوا على هذا العلم أسماء كثيرة منها: علم الصنعة- صنعة الكيمياء- صنعة الأكسير- الحكمة- علم الحجر- علم التدبير- وعلم الميزان. ( )

بدايات علم الكيمياء أو ما يعرف ب(الخيمياء) أو (السيمياء):

الخيمياء أو السيمياء مزيج من الزَّيف والسحر والفلسفة الباطنية. اكتسبت شعبيتها منذ بداية النصرانية حتى القرن الثامن عشر الميلادي. حاول الخيميائيون تحويل المعادن الخسيسة إلى فضة وذهب، كما حاولوا إيجاد إكسير الحياة وهي مادة تشفي الأمراض، لكنهم انتهوا إلى الفشل. غير أن جهودهم في تحضير ودراسة المواد الكيميائية ساعد في تطوير علم الكيمياء.
كان بعض هؤلاء الخيميائيين دجَّالين، لكن بعضهم الآخر كانوا علماء. وكانت وجهتهم فلسفية أكثر منها كيميائية. فقد شعروا أنهم إذا تعلموا كيف يتحصلون على الذهب من المعادن الخسيسة سيكون باستطاعتهم إتقان أشياء أخرى. واعتبروا أن الذهب هو المعدن الكامل لجمال بريقه ولمقاومته للصدأ.
دُرست الخيمياء في الصين والهند قبل ميلاد المسيح. لكنها تطورت كنظام رئيسي في مصر خلال الأعوام الثلاثمائة اللاحقة. فقد استخدمها العلماء الناطقون بالإغريقية في الإسكندرية في محاولة تفسير الكيفية التي تمكَّن بها الحرفيون المصريون من صنع الأشياء. انتشرت الخيمياء الإغريقية المصرية من سوريا وبلاد الفرس إلى العرب الذين كان لهم الفضل الأكبر في الانتقال من مرحلة الخيمياء إلى علم الكيمياء في نهاية القرن الثالث الهجري، بداية العاشر الميلادي، وانتقلت إلى أوروبا الغربية خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين.
استمد الخيميائيون نظرياتهم حول المادة من قدامى الإغريق. واعتقدوا أن المادة كلها مكونة من مادة وحيدة عديمة الشكل. كما اعتقدوا أن هذه المادة أساس العناصر الأربعة: الأرض والهواء والنار والماء عند اتحادها بالحرارة والبرودة، أو بفعل البلل أو الجفاف.

واعتقدوا أيضًا بإمكانية تغيير مادة ما إلى مادة أخرى بتغيير توازن هذه العناصر. سميت هذه العملية بالتحول، أدت بهم هذه النظرية إلى محاولة إنتاج الذهب من المعادن الأخرى. وفي بداية القرن السادس عشر الميلادي، حاول العالم السويسري باراسيلسس إحلال ثلاثة عناصر، الكبريت، الزئبق، الملح محل الأرض والنار والماء. وبحث الخيميائيون أيضًا عن حجر الفلاسفة، وهي مادة سحرية يُعتقد بقدرتها على تسهيل عملية التحول.

أدت ديمومة جودة الذهب إلى اعتقاد بعض الناس بإمكانية اكتشاف سر طول الحياة أو حتى الخلود، وذلك في حالة اكتشافهم كيفية صنع الذهب من المواد الخسيسة. وكان الصينيون يعتقدون أن تناول الطعام في أطباق ذهبية يطيل العمر.

ارتبطت الخيمياء بالعديد من المعتقدات الدينية. ويُعتقد أن طرق صنع الذهب كانت تتصل رمزيا بالموت والتحلُّل والتجدد والنشور. ارتبطت الخيمياء برباط وثيق مع التنجيم، بسبب الاعتقاد القائل إن كل جسم سماوي يمثل ويسيطر على معدن محدد.


ظن بعض الناس أن الشمس تمثل الذهب، والقمر يمثل الفضة، والمريخ يمثل الحديد، والزهرة يمثل النحاس، والمشتري يمثل القصدير، وزحل يمثل الرصاص، وعطارد يمثل الزئبق. ( )

داود الماجدي
منقول