قصة قصيدة شويخ من ارض مكناس

قصيدة شويخ من أرض مكناس من قصائد الزجل الأندلسي، والتي تم كتابتها منذ ما يزيد عن سبعمئة خمسة وثلاثين سنة، حيث كتبها الشاعر أبو الحسن الششتري الأندلسي وقت إقامته في مدينة مكناس بالمغرب، والتي قال بها: [1]
شَوَيخْ مِن أرْضِ مِكْناس وسْطَ الأسْواق يُغَنِّيأشْ عَلَيَّا مِن النَّاس وأشْ على النَّاسِ منِّي

أش عليّا يا صاحب مِن جمِيع الخَلايقْ
إِفْعَل الخيرَ تنْجُو واتبعْ أهلَ الحقائق
لا تقُلْ يا بني كِلْمَهْ إِلاَّ إِنْ كنتَ صادِق
خُذ كلاَمِي في قُرْطاس واكتُبُوا حِرْزَ عَنِّي
أشْ عَلَيَّا مِن الناس وأشْ على النَّاسِ منِّي
ثم قول مبين ولا يحتاج عبارة
أشَ عَلَى حَدْ مِن حَدْ إِفْهَمُوا ذِي الإشاره
وانْظُرُوا كِبْرَ سِنِّي والعصي والغَزَارَه
هكذا عِشْتُ في فاسْ وكَذاكْ هُونْ هُونِي
أشْ عَلَيَّا مِن الناس وأشْ على النَّاسِ منِّي
وما أحْسَنْ كَلامُوا إِذْ يَخْطُر في الأسْواق
وتَرَى أهْلَ الحوانتْ تلْتفِتْ لو بالأعناقْ
بغرارة في عنقوا وعكيكز وأقراق
شُوَيْخْ مَبْنِي عَلى أساس كما أنْشَا الله ُ مَبْنِي
أشْ عَلَيَّا مِن الناس وأشْ على النَّاسِ منِّي
لَرْ تَرَى ذا الشويَّخ مَا أرَقُّوا بمعنى
إِلتفتْ لِي وقالْ لِي أش نراكْ تَتْبَعْنا
أنَا نَنْصِبْ لِي زَنْبِيل يَرْحَمُوا من رَحِمْنا
وأقامُوا بَيْن أجناسْ ويقُول دَعْنِي دَعْنِي
أشْ عَلَيَّا مِن الناس وأشْ على النَّاسِ منِّي
مَنْ عَمِلْ يا بْنِي طَيِّبْ ما يُصِيب إِلاَّ طَيِّب
لِعُيوبُوا سَينْظُر وفِعالُوا يُعَيِّب
والْمُقارِبْ بِحالِي يَبْقَى بَرَّا مُسَيِّب
مَنْ مَعُوا طِيبَةَ أنفاس يدْرِي عُذْرَ المغنِّي
أشْ عَلَيَّا مِن الناس وأشْ على النَّاسِ منِّي
وكَذاكْ إِشْتِغالُوا بالصَّلاهْ على مُحَمَّد
والرِّضَا عَنْ وَزِيروا أبي بَكْرِ الْمُمَجَّدْ
وعُمَر قائِلَ الحقِّ وشَهِيد كُلِّ مَشْهَد
وعَلِي مُفْتِي الأرْجاس إِذا يَضْرِبْ مايْثِني
أشْ عَلَيَّا مِن الناس وأشْ على النَّاسِ منِّي
يا إِلهِي رَجَوْتُك جُدْ عَلَيَّا بِتَوْبَه
بالنَّبي قَد سألتُكْ والكرامِ الأحِبه
الرِّجِيم قد شَغَلْني وأنا مَعُوا في نُشْبَه
قد مَلاَ قلْبي وَسْوَاس مِمَّا هُ يَبْغِي مِنِّي
أشْ عَلَيَّا مِن الناس وأشْ على النَّاسِ منِّي
تَمَّ وَصْفُ الشُّوَيِّخْ في مَعانِي نِظامي
وإِنِّي خَوَّاص ونُقْرِي لأهْلِ فَنِّي سَلامِي
وإِذا جَوَّزُونِي نقُل أوَّلْ كَلامِي
شُوَيْخْ من أرضِ مِكْناس وسْطَ الأسْواق يُغَنِّي
أشْ عَلَيَّا مِن الناس وأشْ على النَّاسِ منِّي

قصة قصيدة شويخ من أرض مكناس

ولد كاتب القصيدة في غرناطة، وكانت عائلته ثرية وذات أصل وجاه، وحين التقى الشاعر أبو الحسن الششتري بالشيخ ابن سبعين وهو شيخ متصوف، وكان أبو الحسن اعتنق مذهب شعيب أبو مدين، فأخبره أبن سبعين أنه لو كان يرغب بالجنة يمكنه التوجه إليهم، أما لو كان يرغب في رضا الله فلتبقى معي.
وأخبره أن طريق الصوفية لا يمكن دخوله إلا أن تخلى عن الثياب ومتاع الدنيا، وارتداء الثياب البالية، وأن يحمل الدف، ودخلت إلى الأسواق تذكر الرسول الكريم، وقد فعل الششتري كما أخبره ابن سبعين وبقي يغني خواطر المتصوفة ثلاث أيام متتالية، وكان يسير على عكازه ويردد قصيدة شويخ من أرض مكناس.
شويخ من ارض مكناس لـ خالد الشيخ


الفنان خالد الشيخ ملحن بحريني الجنسية، وهو من قام بوضع ألحان الكثير من مسرحيات الأطفال في فترة الثمانينات بدولته، ولكن السبب الأبرز في بلوغه ذلك القدر من الشهرة في العالم العربي حينما لحن قصيدة شويخ من أرض مكناس، وكان ذلك عام 1982م.
وقام بغنائها الفنان أحمد الجميري وهو مطرب من البحرين ساهم غنائه للقصيدة في شهرته وإعجاب الناس بالقصيدة وكلماتها، ومن أهم أعمال الجيمري إلى جانب القصيدة (ما طاعني، مال قلبي، يعسعس الغلس، يخلف الله عليه، ماني من اللي يطردون، نفسي حداها، يكبر علينا العشق، حبيب بر الشمال).
من هو أبو الحسن الششتري

ولد أبو الحسن الششتري عام 610 هجرية، وتوفي عام668 ميلادية، وهو شاعر أندلسي كان معروف عنه الزهد والورع وقد ورد في وصفه بالإحاطة في قول لسان الدين ابن الخطيب “عروس الفقراء، وأمير المتجردين، وبركة الأندلس، لابس الخرقة، أبو الحسن. من أهل شستر، قرية من عمل وادي آش معروفة، وزقاق الشستري معروف بها. وكان مجوداً للقرآن، قائما عليه، عارفاً بمعانيه، من أهل العلم والعمل”.
ويعتبر الششتري أول من استخدم الزجل عند عرضه للمعاني والمقاصد الصوفية، في حين أن أول من استخدم الموشح بالتصوف كان محي الدين بن عربي، وكان أبو الحسن كثير التجوال بأنحاء الأندلس، ومنها اتجه للترحال بأقاليم المغرب، وقد اشتهرت قصيدته في جميع أقطار الوطن العربي.
اين تقع أرض مكناس


تقع مدينة مكناس وسط شمال المغرب على بعد حوالي سبعين ميلاً وهو ما يعادل (110 كم) من المحيط الأطلسي و(58 كم) جنوب غرب فاس، والتي تعد واحدة من بين أربع مدن إمبراطورية في دولة المغرب، ويعود تأسيسها إلى القرن العاشر وهو ما تم على يد قبيلة الزناطة من مكناسة الأمازيغ المعروفون بـ(البربر) باسم مكناس الزيتون، والتي تشكل مجموعة من القرى واقعة بين بساتين الزيتون، نمت حول تاكارارت، وهي قلعة مرابطية يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر.
وفي عام 1673م أصبحت مكناس عاصمة المغرب بعهد مولالي إسماعيل، والذي قام ببناء الجوامع والقصور التي منحت الفرصة لتحمل سم (فرساي المغرب)، وحتى الوقت الحالي بقي سور مدينة مكناس محصن بواسطة أبراج لها أربعة أركان، تخترقه بوابات تسع مزخرفة، ولكن التراجع والتدهور أصاب المدينة بعد وفاته.

حيث احتلها الفرنسيون في عام 1911م، وقاموا ببناء حي جديد ، يفصل بينه وبين الحي القديم نهربوفكران، كما ويوجد بمكناس مبانٍ عالية ضخمة تمتاز بالروعة في التصميم والبناء، ومن أشهرهذه الأبنية الروا وهي عبارة عن إسطبلات قيل عنها أنها تتسع لضم عدد يصل إلى اثني عشر ألف من الخيل)، وحدائق شهيرة خلابة تروى بالمياه من بحيرة صناعية تبلغ مساحتها حوالي عشر أفدنة.

وتعتبر مدينة مكناس مركز تجاري لمنطقة الهضبة الزراعية التي تحيط بها، كما وتعد سوق للسجاد الفاخر والتطريز، تيقوم بنسجها النساء الأمازيغيات بشكل رئيسي بجبال الأطلس المتوسط، ومن ناحية البر ترتبط المدينة بالرباط وبالسكك الحديدية مع الرباط وفاس وطنجة، والدار البيضاء، إذ تقع أطلال وليلي الرومانية ومدينة إدريس المقدسة، التي أسست الأسرة الإدريسية، في المناطق المحيطة بمكناس. [2]
ومن أهم المناطق السياحية في مدينة مكناس المغربية (الأبراج ومنها برج بلقاري، المدارس مثل مدرسة بو عنانية التي تم إنشائها منذ 1345م، الجوامع ومن أشهرها مسجد الزيتونة، ومسجد النجارين، قصر الدار البيضاء،باب بردعين، باب الخميس، قبة الخياطين، ضريح مولاي إسماعيل، حدائق لحبول، بوابة باب المنصور، وغيرها الكثير). [3]

منقول