الفصل الرابع المتضمن للسؤال الرابع عن اعرابها , و هو سؤال السائل المتقدم ذكره في النظم . قلت و قد غفل السائل عن بنائها , فان الكلمة المشرفة محتوية على بناء و اعراب . فان اله مبني مع لا على المشهور , و الا الله معرب بلا . خلاف , فليست منحصرة في الاعراب فقط و يمكن أن يجاب عليه . أما في النظم فظاهر لاحتمال تضمنه ذلك لضيق النظم , و أما في النثر , أي في سؤال السائل الذي كان النظم لأجله , فهو محتمل أن يكون على حذف معطوف , أي وما اعرابها و بنائها . قال الشيخ عيسى السكتاني , عند قول السنوسي في الفصول السبعة : " الفصل الثاني في اعرابها و لفظه المراد اعرابها و بنائها . أطلق الاعراب عليها تغليبا , و يحتمل أن يكون على حذف العاطف و المعطوف . و يحتمل أن يكون على ما اصطلح عليه من أن الكلام في الاسم من حيث ذاته تصريف , ومن حيث اجتماعه مع غيره اعراب , و ان كانت الكلمة مبنية فهو في مقابلة التصريف , و هذا أحسن , قاله الشيخ يحيى الشاوي رحمه الله تعالى . قوله في النظم اعرابها , أي ما اعراب لا اله الا الله . الجواب , قال في الجوهر الخاص : " لا نافية , و اله مبني معها على الفتح لتضمنه معنى من , اذ التقدير لا من اله , و لهذا كانت نصا في العموم , أي من , لأن من معاني من التنصيص على العموم , كما قاله ابن السبكي في جمع الجوامع , و معناه كما قال العراقي هي الداخلة على نكرة لا تختص بالنفي نحو ما جائني من رجل , فانه قبل دخولها محتمل نفي الوحدة . و لهذا يصح معه بل رجلان , فاذادخلت من تعينت لنفي الجنس . أما الداخلة على نكرة تختص بالنفي نحو ما جائني من أحد , فهي للتأكيد . قال كأنه نفي كل اله غيره عز و جل من مبتدا ما يقدر منها الى ما لا نهاية له . قال الشيخ عيسى السكتاني : " أقول , هذا التقدير يؤذن بأن معنى من التي لابتداء الغاية , ملحوظ في من هذه المقدرة , و ان كانت زائدة باعتبار عمل العامل فانظر هل ثم مساعد للمصنف " . و قال السنوسي : " و قيل بني الاسم معها للتركيب , كخمسة عشر " . و ذهب الزجاجي الى أن اسم لا معرب منصوب بها و حذف تنوينه تخفيفا , و اذا فرعنا على المشهور من البناء , فموضع الاسم نصب بلا العاملة عمل ان , و المجموع من لا اله في موضع رفع بالابتداء و الخبر المقدر بنحو موجود , أو مقصود , أو معبود , هو لهذا المبتدا , و لم تعمل فيه لا عند سيبويه , بل هو مرفوع بما كان مرفوعا به قبل , أعني بالمبتدا الذي هو لا و مدخولها . قلت , و لسيبويه في الاسم مذهبان , أحدهما لا عمل للا و هو المشهور من قوليه , و حجته بما يطول ذكره . و الثاني أنها تعمل في الاسم و لا عمل لها في الخبر كما سبق . و قال الأخفش : " لا هي العاملة فيه أي في الخبر المقدر , و عملها في الاسم كسيبويه . فتلخص في اسم لا الذي هو اله قولان , الاعراب والبناء . وعلى المشهور من البناء قولان , هل بني للتركيب أو لتضمنه معنى من كما تقدم . قلت و التركيب الذي يوجب البناء اما مزجي كسيبويه , و اما على نية العاطف كخمسة عشر , و هو الذي ذكره الشيخ السنوسي , و حجة ذلك في المطولات و ضعفا معا . و هو قولان أيضا , و ان عددت اسما و خبرا لها خرجت لك أربعة أقوال . قيل عاملة في الاسم و الخبر و اسمها معرب و هو للزجاج . و قيل في الاسم و الخبر و اسمها مبني و هو للأخفش . و قيل عاملة في الاسم دون الخبر و هو أحد قولي سيبويه . و قيل لا عمل لها في الاسم و لا في الخبر و هو قوله الآخر و و الاسم عليها مبني . و الا , اما حرف استثناء و اما بمعنى غير , الاسم المعظم بعده مرفوع , و هو الأكثر و لم يأت في القرآن غيره . و رفعه اما على الخبرية أو البدلية و هذا هو المشهور الجاري على السنة المعربين , و هو رأي ابن مالك . فانه لما تكلم على حذف خبر لا العاملة عمل ان , قال : " و أكثر ما يحذفونه الحجازيون مع الا , نحو لا اله الا الله , و هذا يتعين أن يكون رفعه على البدلية لا على الاخبرية . ثم الأقرب أن يكون البدل من الضمير المستتر في الخبر المقدر المتقدم ذكره , و يجوز أيضا نصبه على وجه . قيل مرجوح و هو على الاستثناء من الضمير في الخبر المقدر و العامل فيه النصب . خلاف فيه . قيل الا و قيل العامل فيما قبلها , الخ , ما ذكر من الأقوال الثمانية , و عندهم أن البدلية في باب النفي أرجح من النصب , للمشاكلة نحو ما قام أحد الا زيد بالرفع , الخ . واستشكل الاستثناء من وجوه مذكورة في المطولات , أو على أنه صفة اذا كان الا بمعنى غير , أي صفة للفظ اسم لا , اعرابا و بناء لأن حركة البناء الطارء يصح اتباعها لشبه ما قارنته بمعمول عامل اعراب كلا هنا و يا في النداء . ولا يصح الاتباع في الضمير في موجود , لأن الضمير لا ينعت . و قوله اذا كان الا بمعنى غير , يعني يعطي ما تيتحقه من الاعراب لما بعدها لأنها حرف لا تحتمل اعرابا و هي نعت على نحو البدل و العطف , الا في وجه الضمير في موجود , فانه لا يأتي هنا لأن الضمير لا ينعت كما تقدم قبله و وجه ضعفه معلوم في المطولات . قال في الجوهر الخاص , و قال بعض المعربين لها , أن رفع الا الله على البدل من اسم لا على المحل , لأن البدل اذا تعذر على اللفظ أبدل على الموضع و الخبر محذوف , لأن ما بعد الاستثناء يجب أن يكون ما قبله كلاما تاما , فلا بد من تقدير خبر أي لا اله موجود الا الله . قال , و ذكر في الكتاب أن أصل هذا التركيب الله اله , قدم الخبر لبطلان زعم المنكر فقيل اله الله , ثم أدخل حرف النفي في أولها و الا في وسطها للحصر , فصار لا اله الا الله , فحينئذ الله مبتدأ و اله خبره , و وفي المكمل لا اله خبر و الا الله مبتدأ , كقولك لا منطلق الا زيد . و قال الجاجي يجوزان , تنصب الا الله على الأصل في الاستثناء , ثم اعلم أن لفظة اله نكرة لأنه وضع لشيء لا بعينه , و أما لفظة الله فهو علم لأنه دال على شيء بعينه غير متناول غيره . و قال الكواشي في تفسير الله لا اله الا هو , أن محل الا هو بدل من محل لا اله الذي هو مبتدأ في محل رفع . و قال في قوله تعالى , " و هو الذي في السماء اله و في الأرض اله " , أي معبود , و قرىء " و هو الذي في السماء الله و في الأرض الله " , لأن معنى الله المعبود , انتهى كلامه و الله أعلم . تلخص من ك لامه في اعراب الا الله خمسة وجوه . ثلاثة في الرفع , و اثنان في النصب . أما الرفع فعلى الخبر و على البدل و على الابتداء . و أما النصب فعلى الاستثناء و على أنه صفة اسم لا كما تقدم , و الا بمعنى غير . و قد ذكر الشيخ السنوسي و غيره سبعة وجوه , خمسة في الرفع و واثنان في النصب . الخمسة المتقدمة و زاد وجهين في الرفع . أحدهما أن الا الله معطوف , و الا عاطفة و لا يضر عدم التشريك في المعنى , اذ هي في هذا كبل و لكن تتبع ما قبلها لفظا فحسب , و هذا مذهب الكوفيين . و ضعف كما ذلك في المطولات , و الآخر الله نائب فاعل اله , و اله بمعنى مألوه فهو كمضروب في نحو لا مضروبا الا عبده , فيكون نائب فاعل أغنى عن الخبر , و المسوغ النفي و ضعف بما يطول ذكره . و معنى مألوه معبود من اله اذا عبد , و قد نظم بعضهم أقوالا للرفع و النصب في بيتين فقال :
مبتدأ و خبر و بدل عطف و نعت ثابت لا يجهل
في الله رفعا و انتصابا جعلا ثنيا و نعتا هكذا قد حصلا
فائدة : قيل الكلمة المشرفة انشائية , و قيل خبرية , و الكل محتمل كما ذكره ابن عرفة و حكاه الرصاع في الآيات البينات له . فائدة : قال في السر المصون تنبيه كلمة لا اله الا الله , الاستثناء فيها لا يقال فيه متصلل أو منفصل . قلت , و عليه فالمنفي بها كل اله غيره تعالى , من مبدا ما يقدر منها الى ما لا نهاية له مما يقدر, أي ما تقدر ألوهيته , و يزعم مدعيها أنها حق , فيشمل اللأصنام و الشمس و الكواكب و ما لم نعلم مما ادعي , اذ الكل ألوهيته تقديرا حتى لو قدر المثل و النظير و هو نهاية و غاية ما ينفى . فلو كان الاستثناء متصلا لامتنع نفي أحد الطرفين . اما أن تقول المنفي بها جنس الاله , أي واجب الوجود لو قدر فيخرج عنك مطلق المعبود , و الكلمة نزلت في الرد على مطلق المعبود غير الله تعالى باجماع أهل التحقيق . أو منفصلا فيخرج المثل و النظير , فصح لا متصل و لا منفصل و الله أعلم . (تنبيه) ذكر في مفتاح الفلاح مباحث تتعلق بكلمة لا اله الا الله أردت ذكرها على سبيل الاختصار تتميما للفائدة . البحث الأول : قال النحات , اذا دخلت لا على نكرة تكون للنفي العام . فاذا قلت لا رجل في الدار نفيت القليل من الرجال و الكثير , و لهذا لا يصح أن تقول بعد ذلك بل رجل أو رجلان . البحث الثاني : قالت جماعة النحاة أن كلمة لا اله الا الله فيها حذف و اضمار و التقدير لا اله لنا , أو لا اله في الوجود الا الله , و فيه نظر لأنه لو كان التقدير هذا في لا اله لنا الا الله لم تكن لا اله الا الله مفيدة للتوحيد الحق , اذ يحتمل أن يقال هب أنه لا اله لنا الا الله , فلم قلتم أنه لا اله لجميع المحدثات و الممكنات الا الله تعالى , و الهكم اله واحد , و قال بعده لا اله الا هو الرحمان الرحيم و تمامه فيه . البحث الثالث : قولنا الله من لا اله الا الله ارتفع لأنه بدل من موضع لا مع اسمها , لأنك اذا قلت ما جائني رجل الا زيد , فقولك الا زيد مرفوع بالبدلية , لأن الابدال هو الاعراض عن الأول و الأخذ بالثاني , فصار التقدير ما جائني الا زيد , و هذا معقول لأنه يفيد نفي المجيء عن الكل الا عن زيد . و قولك جائني القوم الا زيد , البدلية فيه غير ممكنة لأن التقدير حينئذ جائني الا زيد , فيقتضي أنه جاء كل أحد الا زيدا و هذا محال . البحث الرابع : اتفق النحاة على أن محل الا في هذه الكلمة محل غير , فالتقدير لا اله غير الله . قال الشاعر :
و كل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك الا الفرقدان
المعنى , كل أخ مفارق الا الفرقدان , فانه لا يفارقه أخوه . قال تعالى : " لو كان فيهما آلهة الا الله " , التقدير , لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا , أو حملنا الا الله على الاستثناء لم يكن في لا اله الا الله توحيد محض , لأنه يصير التقدير لا اله , يستثنى منهم الله فنكون نفينا الآلهة و استثنينا منهم الله , بل عند من يقول بدليل الخطاب اثباتا لذلك , و هو كفر . فثبت أنه لو كانت كلمة الا محمولة على الاستثناء , لم يكن قولنا لا اله الا الله توحيدا محضا . و قد أجمعت العقلاء على أنه يفيد التوحيد المحض , فوجب حمل الا على معنى غير , حتى يكون معنى الكلام لا اله غير الله . البحث الخامس : قالت جماعة من الأصوليين , الاستثناء من النفي لا يكون اثباتا . و احتجوا بأن الاستثناء من قولك نفيت الشيء عن جهته , اذا صرفته عنها و اذا قلت لا عالم , ففيه الحكم بهذا العدم نفس هذا العدم . ثم اذا قلت عقبه الا زيد , فهذا الاستثناء يحتمل أن يكون الى الحكم , و عند زوال الحكم يبقى المستثنى مسكوتا عنه غير محكوم عليه , لا بالنفي و لا بالاثبات . فلا يلزم الثبوت . أما ان كان تأثير الاستثناء في صرف العدم و منعه , فيلزم تحقيق الثبوت , لأنه لما ارتفع العدم وجب حصول الوجود ضرورة . اذ لا واسطة بين النقيضين اذا ثبت ذلك , فعود الاستثناء بالحكم الى العدم الى من عوده الى نفس العدم , لأن الألفاظ و ضعت دالة على الأحكام الذهنية لا الموجودات الخارجية , فصرف ذلك الاستثناء الى الحكم بالعدم أواى من صرفه الى نفس ذلك العدم و تمامه فيه . البحث السادس : في بيان الاستثناء من النفي ليس باثبات , و قد جاء في الحديث و في العرف صور كثيرة في الاستثناء من النفي مع أنه لا يقتضي الثبوت , كقوله صلى الله عليه و سلم : " لا نكاح الا بولي " , و قوله صلى الله عليه و سلم : " لا صلاة الا بطهور " . و يقال في العرف " لا عز الا بالمال و لا مال الا بالرجال " . و المراد بالكل الاشتراط و ان ورد في صور أخرى , فالمراد بالاستثناء من النفي اثبات . فتقول لا بد أن يكون مجازا في أحد القسمين , فانظر تمامه فيه . البحث السابع : يجوز أن يقال لا رجل في الدار , و لا رجل الا في الدار . أما الأول , فانه يوجب نفي الرجال بالكلية , فان لا دخلت على النكرة فأفادت النفي العام . فلا يصح بعد ذلك أن تقول بل رجل أو رجلان . و انه نفي للماهية , و نفي الماهية يقتضي نفي جميع أفرادها . و أما قولنا لا رجل الا في الدار , يفيد ثبوت رجل واحد , فاذا قولنا لا رجل في الدار أقوى في الدلالة على عموم النفي من قولنا لا رجل في الدار , مع أن كل واحد منهما يفيد عموم النفي . و لما كان البناء على الفتح أقوى في الدلالة على العموم , اتفقوا عليه في قول لا اله الا الله . البحث الثامن : قيل تصور الاثبات مقدم على تصور النفي , لامكان تصور الثبات و ان لم يخطر معنى النفي و العدم على البال . و يمتنع تصور الاثبات لأن العدم غير معقول الا بالاضافة الى أمر معين . و اذا كان تصور الاثبات مقدما على تصور النفي , فلم جعل الذي هو الفرع مقدما , و أجيب عليه بأمور مذكورة في الأصل . البحث التاسع : لقائل أن يقول من عرف أن للعالم صانعا قادرا عالما موصوفا بصفات الألوهية الثابتة و السلبية , عرف الله تعلى معرفة تامة . فعدم الاله الثاني لا يزيده علما بحقيقة الاله و صفاته , لأن عدم الالهالثاني ليس عبارة عن وجود الاله الأول و لا صفة من صفاته , و العلم بذات الله تعالى و صفاته لا يكفي في تحقيق النجاة , بل ما لا يعلم عدم الاله الثاني , فلا يحصل العلم المعتبر في النجاة . فان قلت لم كانت معرفة ذات الله تعالى و صفاته غير كافية في تحقيق النجاة , و كان العلم بعدم الاله الثاني معتبرا في تحقيق النجاة . فالجواب مذكور في الأصل , و تلخيصه أن معرفة الذات و الصفات المتقدم ذكرها لا يلزم من معرفتها معرفة الوحدانية بخلاف معرفة عدم الشريك , والله أعلم . البحث العاشر : في قوله هذه الكلمة على أحوال أدناها التلفظ بها , فتحقن دم قائلها و تحرز ماله . قال عليه السلام : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله , فاذا قالوها عصموا مني دمائهم و أموالهم الا بحقها و حسابهم على الله " . و يشترك المخلصون و المنافقون , فكل من تعلق بهذه الكلمة نال من بركتها و أحرز حضا من فوائدها . فمن طلب بها الدنيا نال الأمن فيها و السلامة , ومن طلب الآخرة فقد جمع بينه و بين الحظين و حاز السعادة في الدارين , و ليس بينها و بين الاقرار باللسان سوى درجة واحدة . و الحال الثاني أن يضم القول الى الاعتقاد بالقلب على سبيل التقليد . فالمقلد ليس بعالم و لا عارف , بل اختلفوا أن يكون مسلما ام لا . و للاعتقاد بالقلب درجات بحسب قوة الاعتقاد و ضعفه , و كثرة الاعتقاد و قلته . و الحال الثالث أن يثبت اعتقاده بالبراهين القطعية , كأصحاب البراهين الى عوام الخلق . و اعلم أن علوم الكاشفات ليس لها نهاية لأنها عبارة عن سفر العقل في مقام الجلال و الجمال و العظمة و الكبرياء و القدس . تنبيه : من انكشف له أسرار لا اله الا الله , أقبل على الله تعالى و أخلص عبادته اليه و لم يلتفت الى أحد سواه . فلا يرجو و لا يخاف غيره سواه , و لا يرى الضر و لا النفع الا منه و ترك من سواه , و تبرأ من الشرك الباطن و الظاهر , انتهى و الله أعلم . قوله تلاوة , أي و ما تلاوتها . الفصل الخامس : المتضمن للسؤال الخامس في تلاوة الكلمة المشرفة . قال في القاموس , تلوته كدعوته و رميته , تلوا كسموا , تبعته و تركته ضد . و القرآن و الكلام تلوته تلاوة ككتابة قرأته , و عبر عنها , أي التلاوة , الشيخ السنوسي بالضبط فقال : " الفصل الأول في ضبط هذه الكلمة و هو لغة الحفظ بحزم , و اصطلاحا تصحيح لفظ يتعلق بأوائل الكلم و أواسطها , بخلاف الاعراب فانه يتعلق بأواخر الكلم " . قلت , و من هذا يرد على السائل تقديم غيرها عليها من المعنى و الشرط و الأدب و الاعراب لتوقف الكل على الضبط الذي عبر عنه بالتلاوة , و هو كما قال في الجوهر الخاص . قال النووي رحمه الله تعالى في الأذكار , الصحيح المختار استحباب مد الذاكر كلمة لا اله الا الله ليتدبر معنى الذكر , اذ المقصود منه ذلك مع حضور القلب , و تقدم الكلام عليه . و قال الأستاذ العارف بالله تعالى سهل بن عبد الله : " اذا قلت لا اله الا الله مد الكلمة و انظر الى قدم الحق , فأثبته و انف ما سواه " . و يأيد هذا ما روي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم , أنه قال : " من قال لا اله الا الله و مدها بالتعظيم , غفر الله له أربعة آلاف ذنب " , الحديث . و قال بعض الصوفية لا بأس أن لا يطيل الذاكر المد على حرف النفي جدا , خشية أن تدركه المنية في النفي دون الاثبات , و لهذا اختار بعضهم قصر الكلمة دون مدها لما ذكر . و ينبغي أن تحقق الهمزة من اله , لئلا تصير ياء , و كذا يفصح بالهمزة من الا و يشدد اللام بعدها , اذ كثيرا ما يلحن بعضهم فيرد الهمزة أيضا ياء و يخفف اللام . و أما لفظ الله فلا يخلو اما أن يقف عليها الذاكر أم لا . فان وقف عليها تعين السكون , و ان وصلها بشيء آخر , بأن يقول لا اله الا الله وحده لا شريك له , فله فيها وجهان : الرفع وهو الأرجح , و النصب و هو المرجوح , انتهى كلامه . قلت , و من قوله و ينبغي الخ , كلام الشيخ السنوسي في شرح عقيدته الصغرى في الفصل الأول من الفصول السبعة في ضبطها ليت شعري من الناقل عن الآخر , و الله أعلم .