أوراد الطريقة التجانية العلية
________________________________________
أوراد الطريقة التجانية العلية

أما الورد فهو: أستغفر الله 100 مرة و صلاة الفاتح 100 مرة و هي: اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق و الهادي إلى صراطك المستقيم و على آله حق قدره و مقداره العظيم. و لا إله إلا الله 100 مرة. هذا هو الورد يقرأ مرتين في اليوم و الليلة، مرة في الصباح و مرة في المساء. و ورد الصباح يجوز تقديمه ليلا و لو بلا عذر لفضيلة ذكر الليل و أول وقت التقديم بعد العشاء بقدر ما يقرأ القارئ خمسة أحزاب من القرآن و ينام الناس و يستمر إلى الفجر فإن طلع عليه الفجر و لم يكمله فليكمله و ليعده في وقته المختار، و أما ورد المساء فلا يجوز تقديمه نهارا و لو لعذر و من كان له عذر في وقته و أراد تقديمه فليقدمه ليلا بعدما يقدم ورد الصباح من أجل الترتيب.

و طريقته أن تبدأ بقراءة "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الفاتحة، آمين، أستغفر الله... (100 مرة)، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق و الهادي إلى صراطك المستقيم و على آله حق قدره و مقداره العظيم... (100 مرة)، سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين، لا إله إلا الله... (100 مرة)، محمد رسول الله، عليه سلام الله، إن الله و ملائكته يصلون على النبيء، يأيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما، صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما، سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين. ثم الدعاء، ثم الفاتحة ثم صلاة الفاتح ثم سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.



و أما الوظيفة فهي: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ( 30 مرة) ، و الفاتح (50 مرة) و لا إله إلا الله (مائة مرة) و جوهرة الكمال (12 مرة)، و تتلى الوظيفة كل يوم مرة واحدة بعد صلاة العصر مع الجماعة إن أمكن و إن وجد هناك إخوة تجانيين إما قبل و إما بعد الورد حسب ما يسمح به وقت الذاكر وطريقة الوظيفة أن تبدأ بقراءة "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الفاتحة، آمين، أستغفرالله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم (30 مرة)، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق و الهادي إلى صراطك المستقيم و على آله حق قدره و مقداره العظيم... (50 مرة)، سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين، لا إله إلا الله... (100 مرة)، محمد رسول الله، عليه سلام الله، ثم جوهرة الكمال (12 مرة) و هي:
" اللهم صل و سلم على عين الرحمة الربانية و الياقوتة المتحققة الحائطة بمركز الفهوم و المعاني و نور الأكوان المتكونة الآدمي صاحب الحق الرباني البرق الأسطع بموزون الأرباح المالئة لكل متعرض من البحور و الأواني و نورك اللامع الذي ملأت به كونك الحائط بأمكنة المكاني اللهم صل و سلم على عين الحق التي تتجلى منها عروش الحقائق عين المعارف الأقوم صراطك التام الأسقم اللهم صل و سلم على طلعة الحق بالحق الكنز الأعظم إفاضتك منك إليك إحاطة النور المطلسم صلى الله عليه و على آله صلاة تعرفنا بها إياه"

ثم تقول "إن الله و ملائكته يصلون على النبيء، يأيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما، صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما، سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين" ثم الدعاء، ثم الفاتحة ثم صلاة الفاتح ثم سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.


و أما الهيللة فتذكر كل يوم جمعة بعد العصر و قبل المغرب إما قبل و إما بعد الورد أو الوظيفة بدون حرج في ترتيب الأوراد و هي أن تذكر لا إله إلا الله بلا عدد عشية اليوم المذكور إلى الغروب، أما إذا غربت الشمس فلا تذكر و لا تقضى إذا فات وقتها و يضيع فيها الذاكر و ليس له الحق أن يضيعها أكثر من مرتين متواليتين و إلا يعتبر غير مواظب و غير جدي. و هناك من المقدمين من يأذن في عدد 1000 مرة إلى 1600 مرة. و طريقتها هي أن تبدأ بقراءة "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الفاتحة، آمين، اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق و الهادي إلى صراطك المستقيم و على آله حق قدره و مقداره العظيم (مرة واحدة)، سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين، لا إله إلا الله ... (ألف إلى 1600 مرة)، محمد رسول الله، عليه سلام الله، إن الله و ملائكته يصلون على النبيء، يأيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما، صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما، سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين. ثم الدعاء، ثم الفاتحة ثم صلاة الفاتح ثم سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.



و أما شروط الورد فتدخل فيها شروط الطريقة و أهمها ترك زيارة الأولياء و ترك الأوراد الأخرى إن كان للمريد أوراد من شيوخ أخر و عدم الخوض في انتقاد الشيخ أو سبه أو كراهيته، ثم إن هناك شروطا خمسة، من ترك شرطا واحدا منها فلا بد له أن يعيد الورد مرة أخرى، وهي النية و الوضوء المائي إلا لضرورة كالمرض و عدم وجود الماء و طهارة البدن و الثياب و المكان من النجاسة و ستر العورة و ألا يتكلم المريد في حال قراءة الورد إلا لضرورة. أما إذا كان الذاكر متيمما و لم يتأتى له أن يتوضأ الوضوء المائي، فلا يقرأ جوهرة الكمال بل يقرأ بديلا عنها صلاة الفاتح عشرين مرة.

و يطلب في تلاوة الأوراد على وجه الكمال أن يتخيل نفسه أنه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فإن لم يقدر فليستحضر صورة الشيخ رضي الله عنه أو صورة المقدم إن لم ير الشيخ، وكذلك يستقبل القبلة إلا لعذر، و لا يجهر في قراءته للورد، و يجلس كهيئة الصلاة إلا لشغل، وهذه المطلوبات على وجه الكمال فقط. و تزيد الوظيفة وجوب الجلوس إلا لعذر و الجماعة لمن وجد إخوانا في الطريق، و التحليق و الجهر وعدم التخليط في الأصوات، و يستحب نشر ثوب طاهر عند قراءة جوهرة الكمال. و لا يكفي في الوظيفة إلا الفاتح فإن لم يحفظها سقطت عنه الوظيفة و أما الورد فيكفي عن الفاتح فيه غيرها من صيغ الصلوات عن النبي. فإن كنت على سفر فلك قراءة الورد و الوظيفة على ظهر الدابة إلا الجوهرة فيلزمك النزول و طهارة الأرض التي تمشي فيها حالة قراءتها فإن وصلت السابعة جلست حتى تختم إلا لعذر خوف أو نحوه، و تأدب في جلوسك لأن النبي صلى الله عليه و سلم و خلفاءه قد يحضرون قراءة الجوهرة معك إن كنت من أهل الله بصدق.

و أما شروط ذكر يوم الجمعة فهي الاجتماع مع الاخوان في الطريق، و الجهر، و التحليق إن وجد الاخوان و إلا فعل وحده، و من كان له شغل أخّر الهيللة إلى أن يبقى للمغرب ساعة و نصف. و إن شك الذاكر في نقص أو زيادة أو نكس فيبني على اليقين و إذا فرغ من ورده استغفر الله 100 مرة بصيغة الورد (أي أستغفر الله) بنية الجبر. و يجبر عدم الحضور في جميع العبادة قراءة جوهرة الكمال 3 مرات بحضور لمن قدر على ذلك و هذا خاص بمن هو في الطريق بنية الجبر. و في حالة التنكيس (أي قلب الترتيب)، فالمنكس يُلغى، كما إذا قدم صلاة الفاتح على الاستغفار فإنه يُلغى المقدّم و يأتي بالفاتح أيضا بعده و يستغفر بنية الجبر 100 بصيغة الورد أي "أستغفر الله"، و هذا إذا زاد أو نقص أو نكس نسيانا، و أما إذا تعمد فقد بطل الورد.

و أما الوظيفة فإن كانت مع الجماعة فالإمام يحمل ما وقع فيها سهوا فلا تحتاج لجبر، و أما إن كان منفردا فهي كالورد في جميع ذلك و تلزم مرة في اليوم. أما ما يلزم من أراد أخذ الورد فلا بد أن يكون مسلما ذكرا كان أو أنثى حرا أو عبدا كبيرا أو صغيرا طائعا أو عاصيا فيلزمه أن لا يزور أحدا من الأولياء لا حيا و لا ميتا و لا يستمد منه و لا يتعلق به و لا يتوسل به و لو بقلبه إلا بشيخه و من هو أخوه في طريقه و إلا الأنبياء و صحابة النبي عليه السلام، نعم يلزمه تعظيم جميع الأولياء و محبتهم لله، و إن أردت أن يحصل لك ثواب من زار جميع الأنبياء و الأولياء أحياء و أمواتا فاقرأ جوهرة الكمال 12 مرة بشروطها المتقدمة و انو بها زيارة النبي صلى الله عليه و سلم يحصل لك ذلك بفضل الله بوعد صادق منه عليه السلام، و يلزمه أيضا أن يترك جميع أوراد المشايخ إن كان له ورد، و أن يداوم على هذا الورد و يلتزم عدم تركه إلى الممات فإن زار أو اتخذ وردا آخر أو ترك هذا الورد اختياريا بعد أخذه و التزامه له حلت به العقوبة، و يخسر في الدنيا و الآخرة إلا أن يتوب و يجدد الأخذ عمن له الاذن.

كما يلزمه فعل جميع المأمورات و ترك جميع المنهيات الظاهرة و الباطنة فإن خالف في شيء منها وجبت عليه التوبة و لا يلزمه تجديد، و ليحافظ على الصلاة بجميع شروطها و لا ينقرها نقر الديكة و ليحافظ على الجماعة السنية و لا يصليها خلف مبغض للشيخ و لا يجالسه و ليتجنبه ما أمكنه فإن صحبته كالسم القاتل و لو كان أباه. و ليحذر كل الحذر من إذاية أخيه في الطريق فإنها إذاية لسيد الوجود صلى الله عليه و سلم و ليبالغ في حبهم و مودتهم و الرفق بهم بحسب طاقته و وسعه فإنهم أحباب رسول الله صلى الله عليه و سلم و تلاميذه كما أخبرنا بذلك شيخنا رضي الله عنه الذي أخبره سيد الوجود عليه السلام يقظة لا مناما. و أما المريض و الحائض و النفساء فهم مخيرون في قراءة الورد و تركه و لا شيء عليهم في تركه و لا يلزمهم قضاؤه و لو طال الزمن و تكرر فقد أخبر الشيخ رضي الله عنه أن الله يكلف ملكا يقضي عنهم (ج. أحمد بن العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب،

فقه الطريقة والسلوك:

مسئلة من أقيمت عليه الصلاة في الجماعة و هو في أثناء الورد؟ الجواب: يعد ما ذكره من ورده ثم يصلي جماعة فإذا سلم كمل ورده إلى ءاخره قبل ذكر الباقيات الصالحات (أحمد بن العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب،



شروط المريد:

(ج أحمد بن العياشي سكيرج

إن الارادة لا تكون إرادة = حتى تكون لها شروط أربع
العلم و التقوى و قول صادق = و تمامها قلب منيب يخشع



جواز زيارة الأنبياء و الصحابة و الاخوان في الطريق: فهي جائزة في حق المريد التجاني.
(ج أحمد بن العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب،

المريد لا تلزمه متابعة الشيخ في جميع أفعاله و أقواله و أحواله إلا إذا أمره به. لأن الأولياء غير معصومين، قال الجنيد رضي الله عنه لما قيل له أيزني العارف فقال "و كان أمر الله قدرا مقدورا و الحكم للسوابق لا للواحق". (ج أحمد بن العياشي سكيرج، طرق المنفعة في الأجوبة عن الأسئلة الأربعة ، ص 12 و 13).

مراعاة الأدب في حالة الذكر:

كان الشيخ رضي الله عنه يحث على مراعاة الأدب في حالة الذكر، فيمنع النغم و التلحين و التمطيط والسماع والاهتزاز والشطح، و لابد من الخشوع و الانكسار والخضوع وإذا كان الذاكرون في البيت يجب ألا يسمعهم من في فم البيت وإنما لهم ذوي كذوي النحل تعظيما لبيوت الله أن ترفع فيها الأصوات فضلا عن الزعقات. قال تعالى إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله الآية. و لا شك عندنا أنه صلى الله عليه و سلم و الخلفاء و القدوة رضي الله عنهم الرضى الأبدي و عنا بهم ءامين يحضرون هيللة يوم الجمعة إن سلمت من البدع و الفتن و اللهو و اللعب و إلا فلا، و قال النبي صلى الله عليه و سلم : جنبوا مساجدكم صبيانكم و رفع أصواتكم و خصوماتكم و بيعكم و شراءكم. و قال عليه السلام: الكلام في المسجد بغير ذكر الله يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب الرقيق. (ج أحمد بن العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، الربع 3، ص244 ، ص 246، ص247، ص 261).


شروط الخلوة:

سأل الحاج بو غرارة المكراري الفوقاني سيدنا رضي الله عنه عن شروط الخلوة، فأجابه رضي الله عنه: بسم الله الرحمن الرحيم إلى حبيبنا سيدي بو غرارة المكراري بعد السلام عليك و رحمة الله تعالى و بركاته فإنك كتبت تسألني عن شروط الرياضة و سلوك طريق المعرفة بالاسم الأعظم فاعلم أن شروط الرياضة التي لا بد منها و تفسد باختلال واحد منها الأول توبة نصوح عن كل منهي عنه. الثاني حصر القلب عن جميع الخواطر و الاشغال فإنك لا تقدر على الشرط الأول وهلة و لكن قم حارسا على قلبك، مهما أراد أن يذهب للتفكر في المحسوسات المعتادات رددته و هكذا حتى يعتاد الخلف عن صور المحسوسات. الثالث مكان تغيب فيه عن ملاقاة الخلق جملة و تفصيلا إلا شيخا واحدا يتكلف لك بالمؤونة. الرابع صمت دائم إلا بذكر.

الشرط الخامس جوع دائم تدريجا بأن تكون تأكل في ليلتك الأولى معتادك من الأكل ثم تنقص كل ليلة قدرا معلوما نحو درهم و ليكون أكلك في الليلة الأولى قدر رطل و ثلثين ثم في كل ليلة تنقص درهما دائما و قدر ميزان الرطل مائة و اثنان و تسعون درهما. السادس ترك أكل ما يخرج من الروح الحيواني جملة و تفصيلا. السابع دوام الصوم. الثامن دوام الطهارة حتى لا تجلس دون طهر ساعة واحدة و لا تنام دون طهر. التاسع تقليل المنام إلا لقدر الضرورة. العاشر اتخاذ أوقات للذكر و باقي ذلك للراحة بأن يتخذ بين الليل و النهار ستة أوقات للذكر يذكر في كل وقت عددا معلوما و هي بعد الصبح و وقت الضحى و بعد الظهر و العصر و المغرب و في جوف الليل بعد النوم و ليكن في اليوم الأول تجعل وردا من الذكر في كل وقت قدر ما لا يشق على النفس و لا تزال حتى تصل إلى استغراق الليل و النهار في الذكر و من أكيد الشروط في الرياضة دوام العطش و لا يشرب حتى يصبر كثيرا فإنهم اتفقوا على أن العطش شهوة كاذبة متى صبر الانسان عنها نسيت ووقع بها صفاء عظيم في القلب و متى أهملت قل أثر الصفاء في القلب.

و من شروطها كذلك ترك كل حاجة خارجة عن الرياضة مثل احتياج أهله إلى قوت و ما أشبه ذلك و من أكيد الشروط فيها معاملة الله عز و جل بالعبودية المحضة لوجهه و مجاهدة النفس لأجله و الاعراض عن كل ما سواه بأن يقصد بذلك إقامة حقوق الربوبية فلا بد للرياضة من هذه الشروط و من أكيد الشروط أيضا الحرص على استماع القلب إلى الذكر وقت الذكر مهما انصرف إلى غير ذلك رده بقدر طاقته حتى يعتاده فإن حافظت على هذه الشروط بتمامها حتى تبلغ أربعين يوما يقع في قلبك صفاء عظيم تتقوى به على قهر الروحانية إن أردت التصرف بهم و على جذب أسرار الأسماء إن أردت التصرف بها و يقع في قلبك حضور عظيم عند الذكر يسرع لك بانصباب أنوار الأذكار في قلبك و من هنا يصح لك ابتداء السلوك إلى حضرة مالك الملوك فعليك حينئذ بحفظ الشروط المتقدمة و دوام الخلوات و الاستغراق في الذكر أي ذكر كان فإنك حين تبلغ أربعين يوما أخرى تجد في قلبك نورا يجذبك إلى النهوض إلى الله بقطع كل عائق يعوقك عن النهوض إلى الله فإذا اختليت أربعين يوما أخرى على حفظ ما تقدم مع الاستغراق في الذكر تمكن الصفاء الروحاني في قلبك و قربت من الاتصاف بصفة الملائكة و سمعت الخطاب في قلبك من الغيب فإن زدت أربعين يوما أخرى طلعت لك ناصية التوحيد الفعلي و ترى أفعال الله السارية في الوجود و ترى الكون كله لا حركة له و ترى يد القدرة الأزلية تحركه عيانا لا اعتقادا و من هنا استعد للدخول لحضرة الله و حينئذ تحتاج للشيخ المربي الذي تدخل به إلى حضرة المعرفة بالله و لا مطمع لك إلى المعرفة بدونه لكثرة ما في هذا المقام و ما بعده من المهالك و القواطع و السباسب الملتفة.

أما من سلك إلى الحضرة الكبرى وحده دون الشيخ المربي بعد بلوغه إلى هذا المقام الذي وصفته لك و هو مقام تجلي أفعال القدرة الأزلية عيانا و استبد بعد ذلك بنظرة دون الشيخ فإنه يقع في الخسران العظيم و خسر الدنيا و الآخرة لكثرة المهالك و الأغاليط فإذا وصلت إلى هاهنا فائتني حينئذ و الق نفسك الي و قبل هذا لا عليك و لكن بقي شرط من شروط الرياضة لا بد منه و هو ترك الجماع في طول الأربعين لكن يتعلق به حق الزوجة فليؤده مرة واحدة بعد فراغه من اربعين أو مرتين و بعد سلوك التوحيد الفعلي إن أدمت السلوك و الخلوات مع مصاحبة الشيخ المربي تدخل حضرة مشاهدة الصفات الأزلية القائمة بالذات و بهذا الشهود تذهل عن جميع الأكوان لأنك تعلم من نفسك أنك غائب عن جميع الأكوان بما بان لك من شهود الصفات الأزلية فإن أدمت السلوك حتى تمكن الشهود الوصفي و صاحبت الشيخ المربي طلع لك شهود الذات العظيمة المقدسة و هذا الشهود يغنيك عن كل شيء حتى عن نفسك و حتى عن الشهود و حتى عن شهود بقيتك و من هاهنا أنت في يد الله عز و جل جلاله و في يد الشيخ المربي و بعده تنتقل إلى الصحو و الحضور مع هذا الشهود و هذا مقام المعرفة إن أراد الله انتقالك و الله الموفق و كتب على عجل أحمد بن محمد التجاني نسبا تاب الله عليه (ج أحمد بن العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، الربع 1، ص227-228-229-230).

الفصل الثاني
من أسرار و نفائس
عمنا العلامة المحقق
سيدي أحمد بن العياشي سكيرج
رحمه الله و نفعنا بعلمه الغزير

1- ترجمة سيدي أحمد بن العياشي سكيرج:
هو الشيخ الإمام الفقيه العالم العلامة الهمام المحقق المشارك الأفضل العارف بالله السيد الحاج أحمد بن الحاج العياشي بن الحاج عبدالرحمن سكيرج الانصاري الخزرجي الأندلسي المالكي مذهبا التجاني المخلص مشربا الفاسي أصلا السطاتي قضاء و مسكنا المراكشي مدفنا. ولد رحمه الله ورضي عنه بفاس في ربيع الثاني عام 1295هجرية. دخل إلى جامعة القرويين العامرة سنة 1309 هجرية. و في 1318 هجرية أصبح يدرس العلم و ينفع الطالبين له حتى تخرج على يده العدد الكثير من العلماء. حج عام 1334 هجرية. توفي رحمه الله تعالى يوم السبت 23 شعبان الأبرك عام 1363 هجرية بمراكش. (ج أحمد بن العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، الربع 3، تقديم بتصرف).

جده هو الحاج عبدالرحمن بن الحاج البرنوصي سكيرج الخزرجي الأنصاري الأندلسي أصلا الفاسي دارا و منشئا فكان معاصرا للشيخ رضي الله عنه وكان يذكر في كل يوم من صلاة الفاتح لما أغلق أزيد من 3000 مرة إلى أن توفي رحمه الله وفاة الصالحين بعد ما قرئت عليه الوظيفة الشريفة و هو يقرؤها و عند فراغها قال لأهله أين الكأس الذي أتاني من عند الإله و صار يبحث فوق الفراش عنه حتى أخذوا كأسا و دفعوه إليه، فقال لهم سبحان الله إنه سقط و لم يهرق، ثم شربه فبمجرد شربه اضطجع و تشهد و خرجت روحه رحمه الله تعالى في 7 ذي الحجة الحرام عام 1311 و عمره يناهز 90 سنة و دفن بأعلى يسار خارج باب عجيسة قرب سور البلد رحمه الله تعالى (ج أحمد بن الحاج العياشي سكيرج، كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، ص 240). و أما عم والدته سيدي ادريس التازي الفاسي فقد تلقى مع إخوته الطريقة عن سيدي أحمد التيجاني رضي الله عنه مباشرة. و أما سيدي حرازم التازي فهو سابع إخوته السبعة الذين أخذوا عن سيدنا رضي الله عنه الطريقة و هو أخو جد سيدي أحمد سكيرج لأمه، أي عم والدته (ج أحمد بن الحاج العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، الربع، ص 21).

و أما عن إذنه في الطريقة التجانية رحمه الله تعالى و أسكنه واسع جنانه: قال سيدي أحمد سكيرج رحمه الله تعالى: و قد أجازني سيدنا محمد الكبير رضي الله عنه (أي سيدي محمد الكبير بن سيدي محمد البشير بن سيدي محمد الحبيب بن سيدنا رضي الله عنه) إجازة تامة عامة و وضع طابعه الشريف على ما طلبته منه و قال لي بعد ذلك لك كمال التصرف طبق المرام و لك فوق ما تظنه في كل مقام و نص الإجازة الموضوع عليها الطابع الشريف:

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق و الهادي إلى صراطك المستقيم و على آله حق قدره و مقداره العظيم حمدا لمن وفق عباده إلى أقوم عبادة و جعل الواسطة في النعم سيدنا محمدا ينبوع الفضل و الكرم و جعل خليفته في الامداد و الارشاد خاتم الولاية و يتيمة عقد السادة الأمجاد سيدنا و مولانا أحمد التيجاني سقانا الله من بحر أسراره بأكبر الأواني و بعد فيقول الواضع طابعه عقبه رفع الله رتبه و بلغه في الدارين طلبه أن خديم الحضرة الأحمدية و مادح الحضرة المحمدية فقيه الطريقة التيجانية و عالمها الظافر بالحظ الأوفر من المواهب العرفانية في معالمها و عوالمها سمى الشيخ السيد أحمد بن الحاج العياشي سكيرج أسعده الله و بلغه ما تمناه هو منا و إلينا يعمه ما يعمنا من الضمان المسدول رواقه علينا و هو ملحوظ عندنا بعين الرضى و القبول في أقواله و أفعاله و في سائر أحواله سائلا من المولى بجاه سيدنا الجد أن يحفه برداء الرضى دنيا و أخرى و يقبل عليه في حضرات القدس بما تقر به عينه سرا و جهرا و يعامله باللطف الخفي و يجريه على عوائد بره الحفي هو و احبابه و من تنسل منه إلى يوم القيامة إنه رب ذلك و القادر عليه.

هذا و إني أقدم همة سيدنا الجد خاتم الأولياء قدس سره في الاذن لهذا الخديم الصادق و المحب الحبيب الفائق بطريقته الأحمدية المحمدية التجانية بما اشتملت عليه من أسرار و أذكار و فتوحات و أنوار و فضائل و مواهب و مراتب و مناقب و خواص و ترقيات و أسماء و مسميات و جميع ما فاض على قلب الشيخ رضي الله عنه و جرى على لسانه من الفيوضات الوهبية من الحضرة القدسية على يد الحضرة المحمدية عليها أفضل الصلاة و السلام سائلا من المولى أن يؤيده بالالطاف الخفية و أن يعمه بالنعمة الوافرة الوافية الوفية و يقويه على حمل ذلك مع السلامة و العافية و قد قدمناه لتلقين الطريقة و ما شاء من أذكارها و أسرارها لمن طلب ذلك منه تقديما تاما و إذنا عاما لما فيه من الأهلية لذلك و سلوكه على أقوم المسالك.

و أوصيه و إياي بتقوى الله و النظر بعين الاحترام لجميع أهل الله و الرفق بخلق الله و الاعتماد على الله في جميع أموره في وروده و صدوره و الدلالة على الله و ملاحظة سر الله في سائر خلق الله و أن لا يهمل المظاهر


التي أظهر الله فإنه ما ترك من الجهل شيئا من أراد أن يظهر في الوقت غير ما أظهره الله سائلا من المولى أن يفتح عليه و به و على يديه و يدخل به في حضرات التداني و ينعم عليه بقضاء ما يؤمله من المنى و الاماني محوطا بسور الامان في سائر الحركات و السكنات و أن يريه ما يسره في سائر الحضرات بجاه سيد السادات عليه أفضل الصلوات و أتم التحيات ءامين و الحمدلله رب العالمين. (ج أحمد بن الحاج العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، الربع 1، ص247).

كما أجازه في الطريقة الاجازة العامة عدد كثير من شيوخها كالعارف سيدي أحمد العبدلاوي قدس الله سره، و سلطان المقدمين سيدي محمد بن العربي العلوي الزرهوني و المقدم البركة الشريف سيدي الطيب بن احمد السفياني و الشريف الجليل سيدي محمد الكبير بن سيدي محمد البشير التجاني و أخيه الشريف النبيل سيدي محمد بن سيدي محمد البشير التجاني و خاتمة المحققين سيدي الحاج محمد فتحا بن عبد السلام كنون و غيرهم (ج أحمد بن الحاج العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، الربع 3، تقديم).


- من تفسيرات الشيخ سيدي أحمد بن العياشي سكيرج :

سؤال: كيف لا تصح قراءة جوهرة الكمال بدون طهارة مائية؟: الجواب: جاء سيدي أحمد الصغير الشنجيطي عالم من علماء قطره و سأل عن قراءة جوهرة الكمال كيف لا تصح إلا بالطهارة المائية فقال له إن المشايخ يشترطون على تلاميذتهم في طريقهم ما شاؤوا كيف شاؤوا فقال له يا سيدي لم يرد نص من الشارع بأن لا يقر ذكرا إلا بالطهارة المائية فقال له و لكن قلنا لك إن المشايخ يشترطون ما شاؤوا على مريدهم و هذه دعوة في مقام الخاصة و دعوة الشارع في مقام التبليغ العام فإن اشترط الأولياء شيئا فلا حرج عليهم فيه و حاصل الأمر عندنا فيها أن من أراد أن تحصل له الخواص المذكورة لها المنقولة عن الشيخ رضي الله عنه يشترط عليه أن لا يذكرها إلا بطهارة مائية و إن ظهر له ذكرها بغير المائية فلا يحصل له شيء من خواصها و لسنا نقول إنه يحرم ذكرها مثلا أو لا يحل إلا بالطهارة المائية ... و ها أنا ذا لست على وضوء و أذكرها لك ثم قرأها. (ج أحمد بن الحاج العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، الربع1، ص125)

سؤال: هل يعتبر من أخذ طريق شيخ كامل عمن نقلها إليه معرضا عن ولي عصره؟: الجواب: بالإذن تتمكن سراية السر الروحاني و المدد الرباني حسبما نص عليه أئمة الطريق رضي الله عنهم و على هذا الذي تقرر ممن أخذ طريق شيخ كامل عمن نقلها إليه و أجازه أيضا بالاذن الصحيح فإنه ليس مُعِرضا عن أولياء وقته لأن لذلك المقدم درجة في الولاية بها تأهل للتقديم بلا شك. و قال صلى الله عليه و سلم لسيدنا رضي الله عنه كل من أذنته و أعطى لغيره فكأنه أخذه عنك و أنا ضامن لهم (ج أحمد بن الحاج العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، الربع 2، ص 84 و ص86).

سؤال: هل يجوز لأحد من الأصحاب الذين لم يدركوا عصر الشيخ رضي الله عنه (سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه) إذا عثر على شيخ تربية من غير الاصحاب أن يلقي نفسه إليه؟ الجواب: لا ينبغي لمن أهله الله تعالى بفضله لاتباع هذا الشيخ الأعظم و الانحياش إلى جانبه الأفخم أن يستند إلى غيره أو يعتمد على من سواه من الأقطاب لا ظاهرا و لا باطنا في سره أو جهره و ذلك لأنه رضي الله عنه من خاصة خاصة الحضرة المحمدية صلوات الله و سلم عليه (ج أحمد بن الحاج العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، الربع 2، ص89، بتصرف).

سؤال: إن مدده صلى الله عليه و سلم لخواصه الآن من أمر و نهي هل يرد عليه من قبل الحق بواسطة سيدنا جبريل عليه السلام كالوحي المعلوم قبل انتقاله من الدنيا أو هو من الحق إليه و إن كان ذلك كذلك فما السر في كونه بواسطة جبريل في ذلك الزمان و بغير واسطة في الزمان بعده؟ الجواب للعلامة سيدي الحاج عبد الكريم بنيس: إن نزول جبريل عليه السلام بالوحي المتجدد قد انقطع بوفاته صلى الله عليه و سلم. ففي حديث أبي هريرة عند ابن الجوزي: "و هذا ءاخر عهدي بالدنيا بعدك". و في حديث جعفر بن محمد عن أبيه في الوفاة: قال جبريل يا رسول الله هذا آخر موطئي من الارض إنما كنت حاجتي من الدنيا. قال الزرقاوي: و المنفي نزوله بالوحي المتجدد فلا ينافي ما ورد في أحاديث أنه ينزل ليلة القدر و يحضر قتال المسلمين مع الكفار و يحضر من مات على طهارة من المسلمين و يأتي مكة و المدينة بعد خروج الدجال يمنعه من دخولهما و في زمن عيسى عليه السلام لا بشرع جديد. و تفصيل ذلك يطول. (ج أحمد بن الحاج العياشي سكيرج، رفع النقاب بعد كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الاصحاب، الربع 3، ص83).