حكاية المثل الشعبي / مـاتَ حـتف أنـفِـه
بقلم /سلام الراسي
في أثناء تحقيق تاريخي قمنا به مع بعض رواة الأخبار حول مصرع آل الحمرا، في رأس بيروت، في القرن الماضي، قال أحد الرواة في معرض الحديث: " وََضرَبه بالعصا على رأسهِ فما عَطَس ولا عطسه "، وهو يعني طبعاً أنه مات فوراً.
قُلنا: وما شأن العطسه بالموضوع؟ أجاب: لو أن الرجل مات موتاً طبيعياً لخرجت روحه من أنفه، وربما بعطسةٍ كما يحدث أحياناً، إلاّ أنه مات بضربة عصا على رأسه، فَتَح فمه على أثرها، فخرجت روحه من فمه، ولذلك يُقال في مثل هذه الحالة: " ما عطس ولا عطسه " أي أنه مات فوراً.
وهكذا نَقَلَنا الراوي، ببساطة، من موضوع إلى موضوعٍ آخر، وفي هذا المجال لا بُدّ من الإشارة إلى أن الشعوب السامية كانت قد خلطت بين مفهوم النَّفْس والنَّفَسْ، ولذلك ترادفت هاتان الكلمتان في جميع اللغات السّامية.
فقد اعتقدت الشعوب السامية أن النَّفَسْ هو أحد مظاهر النَّفْسْ التي تستقر في صدر الإنسان، فإذا خرجت النَّفْسْ انقطع النَّفَسْ، ولا يكون خروج النَّفَسْ إلاّ من الأنف أو الفَم، ولذلك يُقال، لغوياً، عَمّن مات موتاً طبيعياً، إنّه مات حتف أنفه، أي بواسطة أنفه...
وقد جاء في كتاب رياض الصالحين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله "صلعم" قال: حق المسلم على المسلم، خمسٌ: ردّ السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس.
وتشميت العاطس، لغوياً، يعني، طلب الرحمة له من قِبَلِ الحاضرين، إذا عَطَسَ أمامهم.
هذا مع الإشارة إلى أننا، في مجالسنا، إذا عطس أحد الحاضرين، فإنه يقول غالباً: " يا رب فرَجَكْ "، فيقول الحاضرون " نَشو " وهذه الكلمة تعني لغوياً، توقّع خبر سار.
ويحدث أحياناً أن يكون أحد الناس مُسترسلاً في حديثهِ فيعطس أحد الحاضرين، فيقول المُتحدّث " بشهادة إبن حلال "، أي أنه يَعدُ العطسة بمثابة شهادة على صدقِ كلامه، وقد تمّت لهذه الغاية بقدر الله تعالى.


























المفضلات